أخر الاخبار

وكر الابالسة للكاتبة بتول طه (المقدمة )

 

وكر الابالسة  للكاتبة بتول طه

مقدمة




وطأ بأقدامه في ثبات صوب هذا المنزل.. اعتصر قبضته على تلك الأوراق.. نظر يتفقد هذا البيت.. يبدو عظيمًا في نظر البعض بينما في عيناه هو ليس اكثر من ساحة للمعركة.. 


تقدم خطوة وبداخله ارتباكًا كاد أن يُفقده الثقة في نفسه، شيئًا يجعله يشعر بأنه ليس منزل ولا ليست مجرد أموال ونسب أخيرًا استطاع اثباته.. 


خطوة أخرى وتنهيدة طالت حتى ذهبت بآخر ذرات الهواء في صدره، اشعة الشمس تؤلم عينيه ولكنه يستطيع الرؤية خلالها.. يرى كل ما حُرم منه.. ولكن هذه مجرد الصورة الخارجية فقط..


اقترب اكثر.. استمع لصوت يُخبره بالعودة.. ربما كان عليه رؤيتهم بأي مكان سوى ذلك المنزل العتيق الذي كان يومًا ما مجرد بيت وأخذ يلتهم جميع من حوله.. حتى بات قصرًا..


ولكن هو اكثر من يعلم أن المظاهر خادعة.. حُلة ذات بضع اموال قام بتأجيرها وتصفيفه لشعره بات مثلهم، واحدًا منهم بتلك الوسامة التي ورثها من والده وبملامحه الاجنبية التي لسنوات جعلته يتحمل أسوأ المضايقات بسجن كئيب لا يصفه سوى بـ "المنكوبة"..


نفض مشاعره بعيدًا بصحبة ماضيه الذي قد تغير بالفعل بعد أن طُبع بجانب احرف اسمه "أنور الشهابي".. نعم لقد تم نسبه إلي والده قبل موته بيوم واحد.. ولكن لو مات الأسد فلا يزال هناك شبلًا سيزأر من بعده صباح كل غد.. 


خطوتان أقرب صوب هذا العرين، الذي بُني على يد الشيطان الأعظم.. يعلم أنه سيُلاقي الجحيم، فهذا نتيجة التعامل مع الشياطين.. ولكن لو كانا مثل ابيهم فهو البِكر.. لذا لربما عليه أن يرث اللقب.. سيكون إذن الشيطان الأعظم!


ابتلع وهو يحاول أن ينسى أنه "جاد عطا الله" المسجون ظلمًا.. يحاول أن ينسى والدته التي بالكاد يتذكر ملامحها وهي طريحة الفراش المُهترئ قبل موتها.. ابن الحارة الوسيم الذي تحاول الفتيات ملاطفته علّهن يحصلن على قُبلة مسروقة اسفل درج بمدخل احدى البيوت التي قاربت على الإنهيار.. 


تأكد من عِطره، لا تفوح منه تلك الرائحة المعبئة بالفقر ولا الجوع.. أيام وقد ولت ولن يعيدها، ولن يظل حبيس تلك الحياة بعد الآن..


عرينًا، جحيمًا، أم منزلًا وبيتًا.. سيكون له مكان هُنا شاء أم آبى الجميع.. سيحصل على كل شيء مثل أخته وأخيه.. يكفي معاناة حتى أمس، اليوم سيستعيد كل ما حُرم منه ومُنع عنه بظلم بيّن من والده.. 


وحتى لو انجب شيطانان فهو الأكبر والأحق بأن يرث صفاته.. وحتى لو يتقدم بخطواته ليُلقي بنفسه في براثن وكرًا للأبالسة.. 


لن يُغير هذا من إرادته المنيعة في حصوله على كل شيء.. ولو كان الثمن أن يكون شيطانًا مثل كل من بهذا الوكر..  


مرحبًا بالجحيم ووداعًا لحُلمٍ قديم.. 


"جاد الشهابي" ليس هو نفسه "جاد عطا الله" الفتى الصغير.. لقد علمته سنوات ظُلم بها أن يُصبح شيطانًا حتى يستطيع اللهو مع الشياطين..


##################################

يتبع


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-