أخر الاخبار

حكاية روح الكاتبة غادة الفصل الاول و الثاني و الثالث

 

حكاية روح الكاتبة غادة


الفصل الاول 

لا اصدق اني وصلت الي أرض الوطن قطعة واحدة 

لا اصدق اني لا أزال على قيد الحياة 

هذا ما همست به لنفسها و هي تترجل من سيارة الأجرة بعد أن دفعت ثمن الرحلة إلى سائقها 

مرت العديد من الذكريات برأسها و هي تتوجه إلى باب المنزل .

لقد غادرت و هي متحمسة و مملوءة بالحياة و اليوم تعود و هي مملوءة بالخوف، الخيبة و الرعب من أن يعرف مكانها، 

تذكرت يوم حط قدماها في تلك البلاد ، كانت سعيدة جدا و فخورة بنفسها لأنها تمردت على الأعراف و التقاليد و سافرت من أجل استكمال دراستها و تحقيق حلم الطفولة ، كبحت دموعها بقوة و هي تتذكر كلماتها اللاذعة التي دمرت ما بقي منها و هم على الطائرة 

لتلاحظ أنها واقفة على عتبة منزلها من فترة ليست بالقليلة ،لتشرع في طرق الباب 

في بلد آخر، و توقيت متأخر قليل عن توقيت عزيزتنا مريم 

كان يجلس في ظلام دامس يدخن بشراهة، لا يصدق أنها هربت بعد كل شيء ، لا يصدق أنها تركت كل شيء منحها إياه لتعود لوطنها لكنها تحلم، اتعقد تلك الساذجة أنها بمجرد أن تسافر لن يستطيع الوصول إليها ، لقد نسيت من هو حقا ،

لتبادر الي ذهن هشام 

"هل نسيتني حقا، هل قامت بتزييف كل تلك المشاعر ، لكني كنت أرى الصدق في عينها أم انني كنت ثمل من مشروب عشقها " يمسك رأسه بقوة 

" ستجن يا هشام من كثرة التفكير ، عليا إعادتها و سؤالها و اذا كذبت عليك فتلك نهايتها ، نهايتها ها " 

قال تلك الكلمة الأخيرة بمنتهى السخرية 

فهو يعلم جيدا انه لم يستطيع لمس شعرة منها او اذيتها ، فقد أحبها، لقد ملأت ذلك الفراغ الذي احس به لسنوات، ذلك القلب الذي اعتقد انه دفنه منذ عقود 

في وطن اخر 

كانت مريم قد إستلقت على فراشها بجانب أختها التي غطت في نوم عميق بعد أن سألتها عن سفرها و عودتها المفاجأة و ما كان منها سوى أن تبرر ذلك بإشتياقها الكبير للعائلة و عدم قدرتها على التأقلم هناك. 

و هو نفس تبريرها لوالديها اللذين لم يبدوا عليهم الاقتناع كثيرا لكن فضلوا عدم إزعاجها و تأجيل اي نقاش لما بعد 


ضلت روح تتقلب في فراشها ، و في رأسها يدور مليون سؤال لتغمض عينيها و و تعود بذاكرتها لأصل الحكاية فتتذكر لقائها معها فالطائرة، لم يكن تعلم أنها بمجرد جلوسها مع تلك السيدة ، قد كتبت فصلا جديدا في حياتها ، تلك السيدة التي بدت هادئة جدا و مسالمة 

كانت السيدة نجود متوجهة إلى القاهرة بعد خسارة إبنتها الوحيدة فلم يبقى لها ما تخسره ، كانت تفكر مرارا و تكرارا في ما ستفعله حين تلتقي بتلك العائلة التي رفضتها و ذلك الزوج الذي لم يدافع عنها و تركها ترحل ، لكنها عاقبته بإخفائها حملها بإبنتها روح 

قاطع حبل أفكارها الفتاة التي جلست بجانبها، لتتأمل وجهها 

لتشعر الفتاة بالقلق و تبدار بالسؤال : سيدتي هل انتي بخير ؟

- نعم عزيزتي انا بخير 

لكن ملامحك الجميلة ذكرتني بصغيرتي التي فقدتها منذ أيام 

شعرت مريم بالخجل من نفسها و ردت : 

الله يرحمها و يجعل مثواها الجنة 

تحجرت الدموع في مقليتي نجود لإستعادتها ذكرى روح 

التي كانت ستكمل أعوامها العشرين فالشهر القادم 

و كانت تخطط للسفر إلى لندن لإستكمال دراستها في الهندسة المعمارية 

كانت مليئة بالنشاط و الحيوية لكن قضاء الله كان نافذا 

لاحظت مريم شرود السيدة نجود ففهمت أنها حزينة على إبنتها بإرادت تلطيف الجو قليلا بقول:

كم اخاف الركوب في الطائرة لولا أنها الطريقة الوحيدة لما ركبتها في حياتي 

إبتسمت نجود و قالت: روح أيضا كانت تخاف من ركوب الطائرة ، روح هو إسم ابنتي ما إسمك انتي 

-اسمي هو مريم 

-اسمك جميل و انا اسمي نجود 

- تشرفنا سيدى نجود، هل انتي تعملين في مصر أم زيارة عائلية؟

تنهدت نجود و قالت بلهجة صارمة يتخللها الغضب :زيارة عائلية مهمة ، و تصفية حسابات 

و إنتبهت إلى نظرات مريم المبهمة و إستدركت و قالت و انتي عزيزتي هل انتي داهبة بغرض الدراسة أو العمل أو زيارة عائلية ؟

- حصلت على منحة دراسية لدراسة الهندسة 

- هذا كان تخصص ابنتي ، كانت تخطط للسفر لأستكمال دراستها ، أنا آسفة يا عزيزتي لكن فراقها عصب عليا لقد كانت كل ما أمتلكه فالدنيا ، تحملت كل شيء من أجلها 

- اين والدها ؟

- والدها مصري بالمناسبة لكن حكايتي معه غريبة لا أريد إزعاجك بيها 

- ارجوك إعتبرني صديقة لك 

كان الفضول قد أعترى مريم بشدة لتعرف قصة نجود لكنها الان قد تدفع عمرها من أجل العودة و إغلاق فمها و النوم طيلة تلك الرحلة

الفصل التاني 

لتبدأ نجود رواية حكايتها لمريم : منذ 21 سنة كانت زيارتي الأولى لمصر في بعثة لحضور مؤتمر ، كنت متحمسة جدا ، كانت أول سفرية لي خارج الجزائر، فإحدى الحفلات التابعة للمؤتمر، قابلته ، كان ساحرا في حديثه ، لبقا في المعاملة ، لم احس بالوقت كيف مر و هو يحدثني في مختلف المواضيع ، لن أنكر أنني أحسست بإنجداب عجيب اتجاه هذا الرجل ، دعاني إلى موعد معه في مساء الغد ، لم أرفض ، لم أكن أعلم لماذا لم أرفض 

إبتسمت بمرارة و هي تكمل : اعتقد انها لعنة الفراعنة يا عزيزتي ، كتب على الشرقيين كسر قلوب النساء دائما ، ذهبت إلى موعدي معه ، تحدث معي عن عمله كرجل أعمال، جذبني حديثه المنمق عن الحياة ، و العلاقات ، جاء في ذاكرتها حديثهم 

-تبدين فاتنة 

إبتسمت برقة و ردت: 

-و انت تبدو أنيق 

-سيكون من المبتذل أن أخبرك انك اول فتاة أقوم بدعوتها إلى موعد ، لكنك لفتي نظري بشكل كبير 

-و هل تلف نظرك الفتيات الأجنبيات دائما 

- في الواقع ، لا ، لقد سافرت كثيرا عزيزتي ، رأيت ما يكفي من عيون زرقاء و شعر أشقر و قوام منحوت 

لا انبهر بسهولة ، أنهى كلامه بإبتسامة ساحرة أظهرت مدى ثقته بنفسه 

اخدت نفسا طويلا و هي ترتب كلامها و قالت بثقة :

- لن أخبرك اني رأيت الكثير سيد خالد لكن رأيت ما يكفي لأن أعرف أنك تجيد إختيار فريستك جيدا 

ضحك ضحكة خفيفة و رد عليها 

- لنرى المعطيات فتاة في مقتبل العمر ، جميلة جدا ، وحيدة في بلد آخر، وافقت بسهولة على الخروج معي ، الآن انت تعقدين اني اريد استغلالك ، و لديك الحق فعلا لكن هذه ليست الحقيقة ، و الأيام سوف تثبت لك هذا 

أجبت بإقتضاب : سنرى

- هذا يعني انك سوف تمنحني فرصة 

سحبت حقيبتي و نهضت 

- لقد أخدتها بالفعل و سنرى إذا كنت تستحقها أو لا 

و الأن اسمح لي لقد تأخرت على إجتماعي 

أتعلمين عزيزتي ، عندما خرجت من ذلك المطعم ، كنت قد وقعت في حبه

.............

مرت الايام، و تعددت اللقاءات و قمت بتمديد فترة إقامتي في مصر من أجله ، ثم طلب مني العمل في شركة والده، وافقت يا مريم ، كنت أريد اي سبب للبقاء معه ، عشقته لحد النخاع ، بعدها أخبرني انه يريد طلب يدي للزواج ، فرحت جدا أحسست أني قد حققت كل ما أريد او هكذا إعتقدت، أنا يتيمة يا صغيرتي لم يكن لي أم توجهني و تخبرني كيف اتصرف و لا اب يحرص على أماني و سعادتي ، توفت والدتي و هي تضعني ليلحقها والدي بعدها بسنتين، لتهتم بي جدتي، أذكر اني إتصلت بجدتي و أخبرتها لكنها لم تكن راضية و إعترضت ، و بحماس الشباب و غبائه أخبرتها أنها حياتي و انا من تقرر من اتزوج ، و اغلقت الخط 

ضحكت نجود قليلا : كم كنت غبية يا عزيزتي ، كنت اغرق في الوحل و في مخيلتي أني اطير فوق السحاب 

كانت مريم تبتسم إبتسامة مقتضبة و داخلها مشاعر مختلطة ، فهي نادمة على تذكيرها بماضيها و في نفس الوقت فضولها الكبير يقتلها من أجل أن تعرف 

تنهدت نجود قليلا و قالت : في ذلك المساء إتصل بي خالي و اخبرني انه غير مرحب بي مجددا في تلك العائلة اذا تزوجت من المصري و بعنفوان الشباب و غروره أخبرته اني لا أريد أن أكون فردا في عائلة لا تحترم قرارتي ، كان كلام خالد عن المستقبل و الأولاد و السعادة و العائلة ، العائلة التي لم أعرفها يوما كل هذا جعلني فريسة سهلة، أقنعني أن عائلته أيضا غير موافقة لكنه متمسك بي ، فرحت جدا، أحسست أني في قصة حب حقيقية كلانا نضحي من أجل البقاء معا ، لكن تضحيته لم تدم كثيرا ، تزوجنا انا و خالد في المحكمة و كان زواجا قانونيا ، و سافرنا إلي إحدى المدن السياحية من اجر شهر العسل، و عند عودتنا إلى العاصمة و إلى العمل 

وجدت أنه قد وصلني رسالة تفيد أنه قد تم طردي من الشركة ، و حرم عباس والد خالد ، إبنه من منصبه فالشركة و أمواله و كل شيء ، حاولت التخفيف عنه ، بأنه رجل اعمال ناجح و اكيد أنه سيجد عملا ، مع الوقت أصبح خالد عصبيا جدا ، و لا يتحمل أي كلمة مني ، كنت أبكي ليلا و نهارا على حالتنا ، و في يوم إكتشفت أني حامل ، كنت سعيدة جدا، إنني احمل قطعة من الرجل الذي عشقته ، ظننت أن معاملته لي ستتحسن لكن ذلك اليوم كان أسوء يوم في حياتي ، عاد خالد إلى البيت و جلس في غرفتنا و أومأ لي بالجلوس بجانبه 

-أنتي تعلمين اني أحبك جدا يا نجود لكن حالتنا هذه غير مقبولة 

-حبيبي انت تعلم أني مستعدة للعيش في أي ظرف معك 

-أعلم هذا لكنني غير سعيد ، لا أطيق العيش في هذه الشقة الصغيرة ، لا استطيع تحمل هذا الوضع المزري لذلك قد قررت قرارا

كنت أعلم أنه قد قرر التخلي عني منذ زمن لكن داخلي تمنيت أنه لن ينطقها 

- أنا آسف نجود لكن علاقتنا لا يمكن أن تستمر ، انتي تستحقين حياة كريمة 

- لما لا تقول أنك أنت من يريد الحياة الكريمة و الأموال الكثيرة ، البيوت الفخمة و السيارات الغالية 

إياك أن تلعب دور الضحية و انك تريد سعادتي أنك إنسان أناني لا يهمك سوى نفسك 

قلت كل هذا و خرجت من الغرفة ، ليقوم هو بمغادرة البيت 


قمت بتوضيب كل أغراضي ، و بعت أحد اساوري و على أول طائرة متجهة إلى الجزائر، لم اتجرأ حتى على الاقتراب من بيت جدتي التي توفيت دون أن أراها ، تلك المرأة التي افنت عمرا في تربيتي ، 

وضعت إبنتي الجميلة روح أسميتها روح لأنها كانت روحي، السبب الوحيد الذي عشت من أجلها، أخبرتها أن والدها توفي قبل أن تولد هي ، و كبرت روح و أصبحت شابة جميلة مثلك ، ليأخدها القدر مني في حادث سيارة ، و الأن لم يبقى لي ما اعيش من أجله، ذهبت روحي إلى خالقها و تركتني وحيدة ، ليغلبها البكاء ، قامت مريم بإحتضانها و هي متأثرة و داخلها تعلن خالد على تخليه عن نجود و بقيت مريم محتضنة إياها إلى نهاية الرحلة 

.......

الفصل الثالث 

هبطت الطائرة في مطار القاهرة الدولي، ودعت نجود مريم بعد تبادل أرقام الهواتف ، وصلت مريم إلى الجامعة و أنهت كل الاوراق المتعلقة بمتابعتها الدراسة في الجامعة الكندية ، و ذهبت إلى غرفتها لترتاح لكن قصة نجود ظلت تحوم في رأسها، احست بتعاطف غريب مع هذه السيدة مع أنها تلقيها لأول مرة ، ثم إعتدلت في جلستها و إتصلت بعائلتها لتطمنهم أنها قد وصلت بخير ، و بينما هي تقوم بإفراغ محتويات حقيبة سفرها، رن هاتفها معلنا إتصالا واردا من السيدة 

-الو ، مرحبا عزيرتي 

- أهلا سيدة نجود 

- أردت الإطمئنان عليك فقط 

- انا بخير ، لا تقلقي فأنا أجيد التعامل جيدا 

قالتها مريم بمرح كبير 

- كيف هو مكان إقامتك أهو مناسب ؟

- نعم هو جيدا 

- لن اعطلك أكثر من هذا اذا إحتجت إلى شيء فقد اتصلي ، لا تشعري بالحرج ، أنا مثل والدتك 

شكرتها في إمتنان كبير و توالت الأيام و توطدت علاقة نجود و مريم فصارتا تخرجان معا ، و تقضيان وقتا كبيرا مع بعض،

في غرفة الفندق 

- هل فاتحتي تلك الفتاة فالموضوع ؟

- ألا تظن أن الوقت مبكر نوعا ما على هذه الخطوة 

- هناك أخبار عن ترك خالد للبلاد و انتي تقولين مبكر ثم أنها تثق فيكي على حسب قولك 

- هي تثق في لكنها مخاطرة كبيرة ، لقد خسرت كل شيء لا أريد أن اخسر فرصتي في الانتقام أيضا 

- نجود انا هنا ، معك و ادعمك، حاولي مع الفتاة إن لم توافق سيكون لدينا وقت لإيجاد حل اخر 

هزت نجود رأسها بإقتضاب و غاصت في بحر من التفكير حول كيفية مصارحة مريم بما تريده منها 

.............

في إحدى القصور في القاهرة 

كان الجد عباس يترأس طاولة الطعام و على يمينه زوجته ماجدة، و يجلس على الطاولة خالد و زوجته سوزان و أولادهما نرمين و ادهم 

ليسأل عباس : أين هشام و يوسف 

لتجيبه سوزان دون أن ترفع رأسها من صحنها: لقد باتوا في بيت والدهم القديم 

إمتعضت ملامح عباس و لتهمس له ماجدة : ذلك البيت فيه رائحة والديهما ، يكفي أنهما حرما منهم ، دعنا لا نحرمهم هذا أيضا

- حسنا لكن تكفي ليلة واحدة ليعودا اليوم 

-سأتصل بيهما بنفسي و أخبرهما 

أنهى خالد طبقه و نهض ،بعد أن قبل جبين والده و والدته للخروج و تبعه التوأم ادهم و نرمين

ثم نهضت سوزان لتعود إلى جناحها .

............

في الفندق 

طرقت مريم باب الغرفة لتفتح لها نجود مرحبة بها أشد الترحيب ،فلقد أصبحتا مقربتين جدا ، و إزداد تعاطف مريم معها 

- أهلا بعزيزتي الجميلة ، كيف حالك ؟

- أهلا سيدة نجود ، أنا بخير و الحمد لله، طمنيني على حالك 

- أنا ليس بخير يا مريم ، أنا في ورطة ، لقد علم خالد أنني متواجدة هنا ، و هو يطالب برؤية إبنته 

- لم تخبريه بأنها ماتت ؟

- لم أستطع يا مريم ، لقد أخبرني أنه إذا حصل لها شيء فلن أرى نور الشمس طيلة حياتي ، فهو غاضب جدا لأني أخفتها عنه طول هذه السنين فأخبرته أنها لا تزال في الجزائر و ستأتي بعد عشرة أيام، لكنني في ورطة 

- الموضوع سهل قومي بالهرب إلى اي دولة 

إلى أن ينسى الموضوع 

- لن ينسى يا مريم سيضل يطاردني إلا أن يعرف الحقيقة أنها توفيت ، و يقوم بالانتقام على إخفائي لها لمدة 20 سنة و أنها توفت دون أن يراها 

و إنهارت نجود بالبكاء ، من يراها سيقول أنها فعلا منهارة ، تمثيلها كان بارعا لدرجة إقتناع مريم التي قالت : ليتني أستطيع المساعدة 

- في الواقع ، يوجد طريقة لكن لا أريد إقحامك في كل هذا 

- أرجوك أخبريني ما الطريقة ، أريد مساعدتك جدا 

- عزيزتي ، أنا أحبك مثل إبنتي لكن لا أريد تعريض حياتك لأي، لقد كتب عليا الألم أينما حللت ، و أينما ذهبت ، في هذه البلد فقدت كل شيء قبل 21 سنة و الأن سأفقد حياتي ثمنا لشيء اجبرتني الظروف عليه 

- أرجوك نجود ، أنا حقا أريد مساعدتك ، لن أتحمل فكرة أنك قد تتأذين و انا في يدي الحل 

تنهدت نجود بقلة حيلة مصطنعة 

- حسنا سأخبرك، الحل هو أن تصبحي أنتي إبنتي ، 

أن تكوني انتي روح

................

في إحدى الشركات الرائدة في مجال البناء 

- أين الملف اللعين ، اللعنة سيقتلني إن لم أجده 

هذا ما كانت تهمس به السكرتيرة و هي تبحث عن الملف الذي يريده السيد هشام 

رن هاتفها 

- أين الملف ؟

- أنا لا أجده سيدي 

- تعالي إلى مكتبي 

اقفل الخط ، و بقيت هي متجمدة في مكانها اي مصير ينتظرها 

دخلت بخطوات ثقيلة ، كان جالسا على كرسيه كأنه ملك على عرشه ، مرتديا تلك البدلة التي زادته أناقة و وسامة ، لكن ملامحه الباردة و المرعبة زرعت الخوف في قلبها ، 

رمى أمامها ورقة في وجهها 

- هذه ورقة نقلك إلى الإدارة ، لا أريد رؤية وجهك في مكتب السكرتيرة 

فتحت فمها لتبرير فعلتها 

- اذا حاولت التبرير ستجدين نفسك خارج هذه الشركة و سأحرص بنفسي على أن لا تقبلك أي شركة في هذا البلد 

إلتزمت الصمت ليأذن لها بالخروج، 

رف بكرسيه نحو النافذة 

بعد بضع دقائق دخل يوسف 

- ألا تعتقد انك كنت قاسيا قليلا عليها ؟

- هل انت ولي أمرها لتقوم بشكايتي لك ؟

-


هشام أنا أقدر خوفك على مصلحة الشركة لكن حاول السيطرة على غضبك قليلا 

- بل حاول انت السيطرة على عطفك و حنانك على الموظفين ، يجب أن يكون هناك عقاب قاسي لكل من يخطأ من أجل أن يتعلم الأخرون من خطأه و لا يكرره 

- الجدال معك عقيم ، عموما هذا هو الملف الذي نقلت بسببه و...

- و ستخبرني أنه كان معك و انك اخدته لمراجعته ، لن تنجح هذه الحيلة هذه المرة يا أخي، و إحتراما لك لن أعاقبك على محاولتك الكذب و التغطية عليها ، لكن آخر مرة يا يوسف، انت لن تكذب على أخيك من أجل اي احد ، و انت تعلم أن أكره الكاذبين 

إحمر وجه يوسف من الخجل ، فهو يعلم طبع أخيه جيدا ، قد يكون باردا و قاسيا ، لكنه معه حق بالتأكيد، فلا يجب عليه تفضيل غريبة عن أخيه 

- انا آسف أخي، أنا لم أقصد ذلك ، أنا فقط تعاطفت معها 

- انت أخي الصغير ، و لا أغضب منك ، لكن لا تكررها 

قالها و هو يربث على كتف أخيه ، ليحاول يوسف تلطيف الجو 

- اتسأل ماذا طبخت نانا للغداء؟

ضحك هشام 

-دائما ما تفكر في بطنك 

- تحبسني مع كمية كبيرة من المعاملات و تسخر من جوعي 

ابتسم هشام إبتسامة خلابة 

- أحضر معطفك و لنذهب ، لنرى ماذا طبخت جدتك 

خرجا الإثنان و هما يتبادلان أطراف الحديث عن مختلف المواضيع .

الفصل التالى

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-