أخر الاخبار

رواية الحب التائه كاملة بقلم شيرين مصطفى

 

 

رواية الحب التائه كاملة بقلم شيرين مصطفي

رواية الحب التائه كاملة 

بقلم شيرين مصطفي 
الفصل الأول 

وقفت فريدة في النافذة شاردة الذهن وقالت في نفسها: "ما هذا الذي اشعر به، شعور غريب مازلت لا اعلم ماهيته، أهو الحب الذي أبحث عنه؟ أم هو الكره الذي يسيطر على نفسي؟ لا أدري، ولكنه شعور غريب ما بين الحنين إلى ماض حزين لا أجد فيه سوى شعاع بسيط من النور والحب لا ينير دربي وذكرى جميلة تحلق بي في سماء الحب، بعد مرور كل تلك السنوات التي قاربت على العشرين عام أو يزيد مازلت أتذكر ملامحه وطريقة كلامه وكيف كان يرتدي ملابسه وكيف كان يفكر. يا الله، ساعدني كي أتخلص من ذلك الشعور والرغبة في لقائه، أعتقد أنه نسى وجودي ولم يعد يتذكرني، فكيف السبيل إلى نسيان ذكرى تؤرق نومي وتقض عليّ مضجعي. أبحث عنه في وجوه المارة وفي مواقع التواصل الاجتماعي مازلت أبحث عنه بلا فائدة، ولكن تؤرقني فكرة أخرى، ماذا سيفعل عندما يراني؟ هل سيتذكر تلك الفتاة الذكية الماهرة في مادته، تلك الفتاة المتفوقة في صفها؟ هل كنت له مجرد تلك الفتاة المتفوقة التي تحتاج الدعم من مدرس رأى فيها نبوغ في مادته فأراد أن يدعمها ويترك بصمته في حياتها الدراسية؟ أم أنه أحبني كما أحببته؟ نعم لقد أحببته كما لم أحب أحدا في حياتي؟ ولكن مهلا، هل أنا فعلا أحببته أم أنه كان بصيص نور أنار لي جزء من حياتي؟ لقد كانت حياتي حزينة كئيبة مليئة بالكبت والحزن والانهيار وكان هو بصيص الأمل الذي أنار لي بعض دربي". 

تركت فريدة النافذة التي كانت تقف بها باحثة عنه في وجوه المارة وعاد بها الزمن إلى الوراء قبل أن تراه. هي فريدة محمود علي هكذا كتب اسمها في دار الايتام التي تربت بها، إن هذا الاسم هو كل ما تعرفه عن نفسها، لقد حولت من قسم الشرطة إلى دار الايتام وكان عمرها وقتئذ أيام بعدما وجدها أحد المارة تحت إطار احدى السيارات في الطريق، قالوا لها أن أحد المارة سمع صوت بكاء طفل صغير يأتي من تحت احدى السيارات فأبلغ الشرطة التي حررت محضرا بالواقعة وحولتها إلى دار الايتام. كم كانت تتمنى لو أنه لم يسمعها ودهستها إطارات تلك السيارة، لقد أخذت وصمتها التي مازالت تطالها حتى الآن "ابنة حرام"، لقد جاءت إلى تلك الحياة كثمرة محرمة نتيجة لقاء محرم وها هي تحمل ذنب لا ناقة لها فيه ولا جمل، تحمل خطأ سيدة عالجت خطيئة ارتكبتها بجريمة أقبح منها وحملت وزرها معها ليظل حيا ما حيت هي. مازالت تتذكر ماما عايدة كما كانت تناديها في دار الأيتام، كانت المسؤولة في دار الايتام كانت فريدة في ذلك الوقت في السنة الأولى من المرحلة الابتدائية، كانت ماما عايدة شخصية طيبة ومحبوبة وتحب جميع الأطفال في الدار وتعلم أن كونهم بلا أهل هي أخطاء غيرهم وقع عليهم وزرها وهم لا ناقة لهم ولا جمل في تلك الخطيئة، كانت تتعامل معهم كأنهم ملائكة، ولكن الوضع تغير بعد أن تركتهم وفريدة في السنة الثانية من المرحلة الابتدائية وجاءت ميس ولاء، لم تكن تعرف معنى الطيبة أو الحب وكانت تنعتهم دائما بفتيات الحرام. 

في السنة الثانية من المرحلة الابتدائية جاء لفريدة مدرس جديد، وأول شيء فعله عندما دخل الحصة سأل عنها وقال لها: "أنتِ التي جاءت من دار الايتام، أنتِ اللقيطة؟" لم تفهم فريدة وقتها معنى الكلمة ولا الاستهزاء الذي كان في مجمل السؤال وأجابته بمنتهى البراءة "نعم أنا المحولة من دار الايتام". وهنا بدأت معاناتها في المدرسة كان هذا المدرس اسمه محمد، كان طويل اسود الشعر، متوسط القامة، كان له دور مهم في حياة فريدة، نعم كان له دور البطولة. كانت فريدة في السابعة من عمرها، ذات شعر أشقر لونه بلون الذهب الخالص وعيون بنية اللون وجسد لا يوحي بأنها مازلت في السابعة، بل هو يوحي بأني فتاة في العاشرة أو أكبر قليلا.

في بداية الصف كان دائما أستاذ محمد ما يسألها أصعب الأسئلة التي لا يستطيع أي طالب حلها لكي تنال عقابها وتقف طوال الحصة مولية وجهها للحائط وهو يضربها بعصاة كلما مر من ناحيتها، ويجعلها أضحوكة الفصل كله، لقد ضايقها زملائها بعدما علموا من ذويهم أنها شيء مقيت لا يجب أن يقربوه أو أن يتقربوا منه، وهكذا ظلت وحيدة في الفصل، وأصبحت أضحوكة المدرسة جميعها، حتى جاء للصف مع فريدة طالب وطالبة من دار أيتام أخرى وهما ميساء وعلاء، حولوا من دار ايتام أخرى وانضموا لفريدة في العقاب فكانا هما أيضا أضحوكة الفصل، وفي يوم أسود وبعد أن ضرب جرس الفسحة وعندما همت فريدة بالنزول إلى فناء المدرسة طلب أستاذ محمد من فريدة الانتظار في الفصل وعدم مغادرته بينما نهر علاء وميساء وطلب منهما النزول وأغلق باب الفصل، لقد شعرت فريدة بالخوف والرهبة من نظرة في عيونه لم تفهمها وقتها وحركة من لسانه الذي مسح به شفاهه، ثم اقترب منها فخافت وجرت إلى آخر الفصل؛ فجرى ورائها وأمسك بها، وإذا بيده تتحسس جسمها وتلمس كل منحنى به، خافت وصرخت ولكن بلا جدوى، حتى اغتالها واغتال براءتها، لقد شعرت فريدة أنها ماتت منذ ذلك اليوم، وتكرر الأمر مرارا معها ومع ميساء وعلاء، لم يكن محمد يتركهم أبدا. حتى صادف في يوم أن مرت الأخصائية الاجتماعية في الفسحة على الفصول لترى من ينتظر في الفصل ولم ينزل وذلك لأن المدرسة في ذلك اليوم قررت إقامة حفل عيد الأم، وكأن المدرسة هي الأخرى تصر على عقابهم بأنهم بلا أهل، مرت الأخصائية وسمعت بكاء وصراخ فريدة في ذلك اليوم فاقتحمت الفصل لتفاجأ بمحمد وهو يعري فريدة ويغتالها لم تتحمل الأخصائية المنظر وخاف محمد وعدل ملابسه وجرى وراء الأخصائية التي نهرته وهددته بإبلاغ المديرة وترك فريدة وحدها تلملم شتات نفسها وبالفعل أبلغت الأخصائية مديرة المدرسة وتم الكشف على الفصل بالكامل وكذا الفصول الأخرى التي يدرس لها ذلك الوغد وكانت المفاجأة ليسوا وحدهم هناك العديد ممن تم انتهاكهم على يد ذلك المدرس من فتيات وفتيان، لم يكن لهم أحد، ومنذ ذلك الحين والجميع يتعامل مع فريدة على أنها عار وخاصة ميس ولاء التي كانت تقول لها دائما: "صحيح اكفي القدرة على فمها تطلع البنت لأمها، وأنتِ مثل والدتك عاهرة". 

أما في المدرسة لقد اكتفت المدرسة بلفت نظره، فهم ليسوا سوى لقطاء لا يوجد من يدافع عنهم، وعندما فعل فعلته مرة أخرى، ولكن مع فتاة لها أسرة وأب وأم يدافعان عنها تم ابلاغ النيابة عنه واتخذت ضده الإجراءات القانونية وترك المدرسة ولا يعرف عنه أحد شيء بعد ذلك. ولكن يبقى أن الأيتام الذين بلا أهل يسألون عنهم هم الفريسة دائما لذوي النفوس المريضة التي لا ترحم الضعفاء، حتى المجتمع لا يعاقب الجاني إلا إذا كانت الفريسة لها سند وعائلة تسأل عنها.

لم يتوقف الأمر عند محمد وما فعله ولكن تلك المحاولات للتحرش والاغتصاب ظلت تحاوط فريدة وعلاء وميساء حتى انتهت المرحلة الابتدائية وبدأت المرحلة الإعدادية، كان كل تركيز فريدة في ذلك الوقت على الاستذكار لكي تتفوق ولا تكون "حثالة" كما تقول لها ميس ولاء، أما ميساء فلم تعر الدراسة هماً وكانت تقول "ماذا ستفعل لي الدراسة وقد أصبحت عاهرة بسبب ذلك العاهر؟!"، أما علاء فكان مثل فريدة، أراد أن يتفوق وشجعها على التفوق وعدم الاستماع لميساء كانوا يتقابلون بعد المدرسة يمشون سويا حتى يفترق كل منهم في طريقه عند دور الايتام التي ينتمون لها. 


رواية  الحب التائه كاملة بقلم شيرين مصطفي الفصل الثاني حضر الموت ،وزارة السياحة السعودية ، safety ، مطعم حضرموت جدة ، اسطوانة غاز ، انبوبة الغاز ، أنبوبة



في المرحلة الثانوية قابلت فريدة مدرس جديد، إنه محمود، مدرس اللغة العربية، الوحيد الذي تعامل معها بلطف وكان يساعدها، رأى نبوغها ونباهتها في المدرسة وكان يجلس معها كثيرا في الفسحة ليشرح لها ما تحتاج إليه، كان يعلم أنها لقيطة ومع ذلك لم يجرح شعورها قط بتلك الكلمة التي علمت فريدة معناها وهي طفلة صغيرة، لم يحملها ذنب كونها بلا أهل، ساعدها كثيرا وكان يقول لها: "أنتِ نابهة وذكية، فحافظي على ذلك، سوف يكون لك شأن عظيم". كانت تذاكر وهي ترى صورته في خيالها وتجتهد قدر استطاعتها، لقد تولد داخلها شعور طيب ناحيته لم تدر كنه هذا الشعور، ولكنه شعور محبب لها، تشعر معه بالأمان الذي افتقدته منذ زمن بعيد. كانت تحكي عنه لميساء وعلاء، ولكن كلاهما حذرها من الوقوع في الحب لأنه قد يكون يتعامل معها بلطف باعتبارها طالبة نابهة ليس أكثر، ولكن ميساء طعنتها بكلامها حين قالت لها: "لا تنسِ لقد اغتالنا ذلك المدعو محمد وليس لنا الحق في الزواج أو الحب لقد أصبحنا عاهرات" كانت كلماتها كالخنجر يطعن قلب فريدة، لقد نسيت في غمرة حب نمى في قلبها لذلك المدرس ما حدث لها من قبل، وبدأت تحدث نفسها "ماذا سيقول إن عرف ما قد جرى، هل سيقول أني عاهرة ومومس كما كانت تصفني ميس ولاء ".

أكملت ميساء الثانوي التجاري بينما كانت فريدة وعلاء في الثانوي العام، كانوا يتجمعون بعد موعد المدرسة ويحكي كل منهم للآخرين ما حدث له في يومه ثم يفترق كل منهم في طريقه، وانتهت المرحلة الثانوية ودخلت فريدة الجامعة، لقد دخلت كلية التربية، ولكنها كانت تتمنى أن تدخل كلية سياسة واقتصاد لقد كان مجموعها يؤهلها لذلك، ولكن الدار رفضت ذلك وقالت أن كلية التربية مناسبة أكثر لها، وبالفعل دخلت فريدة كلية التربية وكان عزائها الوحيد أنها سوف تكون معلمة مثل محمود وربما تكون معه في ذات المدرسة، ودخل معها علاء كلية التربية كانا سويا في نفس المجموعة، أما ميساء فبعد أن انهت الثانوي التجاري عملت في كاشير في أحد المحلات الكبرى.

ثم كانت المفاجأة الكبرى، لقد أتموا الثامنة عشرة ولابد أن يتركوا دار الأيتام، ولكن ماذا يفعلون، لقد اضطرت فريدة للبحث عن عمل وهي مازالت في الكلية وعملت نادلة في أحد الكافيهات الجديدة وكذلك فعل علاء، ولكن كانت المشكلة أين يقضون ليلهم؟ 

علاء: مش عارف ح نبات فين؟ حد منكم عنده اقتراحات؟

ميساء: أنا لقيت شقة غرفين في عمارة بس البواب رفض اننا نبات هناك لوحدنا أنا وفريدة عشان العمارة مش عايزة تأجر غير لأسر فقط

فريدة: طب والحل ح نعمل ايه؟ احنا المفروض نسيب الدار خلال أسبوع بالكتير وكمان أنا لسه مقبضتش من الكافيه وبرضه علاء زيي؟

ميساء: مش مشكلة الفلوس المهم المكان، بصوا أنا عندي فكرة مجنونة شوية

علاء: فكرة ايه؟ اتحفينا

ميساء: بعد ما نخرج من دار الايتام تتجوزنا أنا وفريدة

فريدة: انتي مجنونة أكيد

علاء: مش بقولك انتي مجنونة وطقة كمان

ميساء: خلونا نتكلم بالعقل شوية، احنا التلاتة عارفين ظروف بعض كويس ومحتاجين مكان نكون فيه مع بعض نقوي بعضنا، وكمان حتى لو لقينا مكان ليا أنا وفريدة ح نكون مطمع لكل من هب ودب عشان لوحدنا ومالناش أهل وكلام الناس مش ح يسيبنا، وفيه مشكلة كمان لو واحدة فينا فكرت تتجوز ح تتجوز ازاي وهي ما اتجوزتش قبل كده وهي مش بكر، ما فكرتيش يا ست فريدة شكلنا ح يكون ايه؟ انتوا نسيتوا أستاذ محمد ولا ايه؟! فوقوا احنا ولا لينا أي لازمة احنا حثالة المجتمع كله. وبعدين احنا ح نتجوز على الورق بس يعني الشقة ح تكون لينا انا وفريدة اوضة وانت اوضه، منه نكون قصاد الناس معانا راجل نحتمي بيه ولو واحدة منا قابلت نصيبها يبقى كانت متجوزة واهو مطلقة أحسن من مغتصبة ولو انت حبيت تتجوز طلقنا واتجوز اللي بتحبها برضه ح نكون ساعتها في مكان يلمنا أنا وفريدة وكمان اسمنا مطلقات يعني مفيش مشكلة لما نتجوز ونكون مش بكر. فهمتوا؟

فريدة: انتي اكيد مجنونة أو شاربة حاجة

علاء: لا يا فريدة، ميساء بتتكلم صح. 

فريدة: انت ح تعوم على عومها؟!

علاء: لا هي صح، احنا اللي نسينا ظروفنا واخدنا حماس اننا في مجتمع جديد علينا في الجامعة محدش يعرف عنه حاجة ونسينا أصلنا افتكرنا إننا نقدر نعمل مستقبل جديد

فريدة: وايه يمنع المستقبل الجديد، إن شاء الله؟

علاء: اللي يمنعه إني مسؤول عنكم من ساعة ما عرفنا بعض وعشان أقدر اكمل دوري معاكم بعد ما نخرج من دار الايتام وكمان محدش يتكلم عنكم انتم الاتنين يكون الجواز على الورق بس ولما واحدة فيكم يجي نصيبها ح اطلقها واسيبها تشوف نصيبها مع راجل يكون مسؤول عنها

فريدة: ازاي يا علاء احنا اخوات

علاء: بس احنا مش اخوات فعلا يا فريدة احنا اخوات بحكم ظروفنا المهببة اللي زي بعضها وأنا مش ح اقبل ابدا حد يسيء لواحدة منكم أو يشوفها قليلة وكمان اللي عمله الزفت التاني ما ينفعش يستخبى ح يتعرف من اول لحظة، لازم يكون فيه علاقة شرعية موثقة على ورق تقول انكم كنتم متجوزين، ولأول مرة أوافق ميساء على كلامها، لما أكون واحد متجوز بيدور على شقة ونتلم فيها حتى لو جايب اكتر من زوجة محدش ح يتكلم عليكم لكن لو انتم الاتنين وحدكم وكمان شغلكم اللي بيرجعكم بالليل ح تعملوا ايه وح ابقى مطمن عليكم ازاي، وما تنسيش يا فريدة انهم في الجامعة فاكرين اننا بنحب بعض عشان ديما سوى محدش يعرف الحقيقة فلما يعرفوا اننا اتجوزنا مش ح تبقى غريبة ومحدش فيهم يعرف حقيقة علاقتنا ببعض

فريدة: طيب وبعدين

علاء: ولا قبلين، انا ح اكتب كتابي عليكم أنتم الاتنين، ودلوقتي

ميساء: وأنا موافقة، وانتي يا فريدة؟

فريدة: رغم إني شايفة دا جنان بس امري لله، ياله بينا على المأذون

وبالفعل عقد قران فريدة وميساء على علاء، وتركوا دار الايتام، كان مع ميساء بعض الأموال التي تكفي أن يبيتوا بها في أحد الفنادق حتى يجدوا السكن المناسب وبالفعل بقسيمة الزواج اخذوا غرفة ثلاثية في أحد الفنادق لمدة ثلاثة أيام حتى وجدوا الشقة المناسبة. كانت شقة من غرفتين وصالة ومطبخ وحمام في الجيزة بالقرب من عملهم هم الثلاثة، وبالفعل ذهبوا إلى الشقة ولم يختلطوا بالجيران كان الاستغراب من البواب أنهما زوجتين لرجل واحد وبلا أثاث يسكنوا به، وأرشدهم البواب إلى محل للأثاث المستعمل اشتروا منه أسرة وبعض المقاعد ونفدت أموالهم هم الثلاثة وانتظروا بداية الشهر الجديد لكي يكملوا ما ينقصنهم في شقتهم الجديدة. 

علاء: أخيرا العفش جه

ميساء: أنا تعبت من نومة الأرض، برضه السرير بيفرق

فريدة: أنا كمان عظمي اتكسر من نومة الأرض الحمد لله السراير والترابيزة والكام كرسي دول كويسين عشان نعرف ناكل ونذاكر كويس والحمد لله البوتاجاز كمان كان بسعر كويس، عايزين نركز بقى الأيام الجاية عشان الامتحانات 

علاء: فعلا الامتحانات على الأبواب لازم يا فريدة تركزي في مذاكرتك عشان التقدير

ميساء: فعلا يا علاء انت كمان محتاج تركز على المذاكرة عشان تجيبوا تقدير امتياز زي السنتين اللي فاتوا عايزة الاقي اصحابي دكاترة في الجامعة وامشي اتفاخر بيكم 

فريدة: حيلك حيلك مين دول اللي دكاترة مرة واحدة، أصلا كل اللي فاضل على الامتحان شهر واحنا التلاتة لازم نشتغل كويس عشان نعرف ندفع ايجار الشقة والمصاريف بتاعتنا

ميساء: ما تشيليش هم أنا لقيت شغل تاني بعد الظهر وبكده ابقى بشتغل فترتين وبالليل انضف الشقة واجهز لكم الاكل وانتم الاتنين تسيبوا الشغل وتركزوا على المذاكرة

علاء: أنا اسف يا ميساء بس ما ينفعش انتي اللي تصرفي علينا انا الراجل وأنا اللي لازم أكون مسؤول عنكم، فريدة مفيش شغل بعد الكلية تيجي على البيت تساعدي ميساء في التنضيف والاكل وتذاكري وأنتي يا ميساء مفيش فترتين شغل هو شغلك الأساسي بس وترجعي على البيت وأنا ح اشتغل بعد الكلية وبالليل ح اذاكر انتم دلوقتي مسؤولين مني مفهوم

ميساء وفريدة: بس كده كتير عليك يا علاء احنا تلاتة مش انت لوحدك ومصاريفنا كتير

فريدة: خلاص يا علاء انا كمان ح اشتغل بعد الكلية زي ما انا وميساء تفضل زي ما هي ولما نرجع من الشغل اساعد ميساء في التنضيف والاكل واقعد اذاكر ودا قرار نهائي

ميساء: فعلا يا علاء فريدة بتتكلم صح، لازم احنا التلاتة نظبط وقتنا وانا مساهمة ومساعدة مني ليكم ح ارجع من الشغل اجهز لكم المكان والاكل لغاية لما تخلصوا امتحانات وبعد كده في الاجازة نوزع شغل البيت علينا احنا التلاتة

ومرت الأيام وجاء موعد الامتحانات لنهاية العام الثالث في الجامعة وكان كل منهم يعمل ويتحمل جزء من مصاريف المعيشة وقامت ميساء بالعناية بالمنزل وإعداد الطعام كما وعدتهم لتوفر الوقت والمكان المناسب لهم للمذاكرة بعد العودة من العمل، لقد كانت تلك الحياة رغم قسوتها عليهم هم الثلاثة الا أنهم شعروا بالحرية والفرحة وعمل ما يرونه مناسبا دون تحكم الآخرين بهم، دون أن يسمعوا كلمة لقيط او مومس، وانتهت الامتحانات أخيرا وظهرت النتيجة وحصل علاء وفريدة على تقدير امتياز كالعادة وعلم الجميع في الجامعة أن علاء وفريدة تزوجا، لم تكن مفاجأة لزملائهما لتلازم فريدة وعلاء المستمر. وبدأ شعور الحب ينمو في قلب علاء تجاه فريدة، ولكنه لم يصارحها، خاف من ردة فعلها ان هو صارحها او ان تعتقد أنه يريد أن يجعلها زوجة فعلية دون إرادة منها وكان ذلك ينغص عليه حياته وشعرت ميساء بحب علاء لفريدة وانتهزت فرصة وجود علاء وحده في المنزل معها وعدم وجود فريدة وقررت مصارحته بالأمر:

 ميساء: بتحبها يا علاء صح

علاء: هي مين مش فاهم قصدك

ميساء: طالما اتلخبط كده ووشك جاب الوان يبقى صح انت بتحب فريدة، ليه بتنكر؟

علاء: لا خالص ليه بتقولي كده

ميساء: باين عليك من زمان وفريدة عارفة على فكرة ومنتظرة انك تتكلم 

علاء: انتي كلمتيها

ميساء: اه طبعا، كلام بنات بقى.

علاء: وهي موافقة؟

ميساء: طالما مستنية تكلمها يبقى موافقة عشان كده أنا كلمتك بس خلي بالك فريدة حساسة جدا وفاكرة انك بتشفق عليها عشان حالها

علاء: ابدا والله يا ميساء أنا بحبها فعلا بس خايف انها تفتكر اني بجبرها على الجواز منها

ميساء: يبقى يا بطل تعزمها بره وتتكلم معاها بصراحة وشوف رأيها وخلي بالك احنا التلاتة مالناش غير بعض

علاء: خلاص ح اطلب منها نتقابل بعد الشغل واتكلم معاها بصراحة 

ميساء: خير ما تعمل

علاء: مش عارف اشكرك ازاي يا ميساء انتي نورتي لي حياتي ودنيتي بموافقة فريدة على حبي ليها اطلبي كل اللي نفسك فيه وانا اعمله ليكي

ميساء: بص يا سيدي انا كل اللي عايزاه انك تسأل على زميل ليا في الشغل صارحني انه بيحبني وعايز يتجوزني وانا بحبه بس خايفة

علاء: من ايه

ميساء: من الماضي والحاضر 

علاء: مش فاهم

ميساء: الماضي اننا من غير أهل ولقطاء زي ما بيقولوا في الدار والحاضر إني متجوزة 

علاء: وانتي قولتي له ايه لما صارحك؟

ميساء: قلت له اني مطلقة وعايشة مع اختي وجوزها

علاء: كان لازم يعرف الحقيقة يا ميساء عموما هاتي بياناته وأنا ح أسأل عليه واشوف اذا كان مناسب ولا لأ وبعدين نشوف ح نقوله الحقيقة ازاي 

ميساء: لازم يعرف انكم اهلي لأني ما اقدرش ابعد عنكم احنا كبرنا سوا حتى الهم شيلناه سوا يبقى لازم نفضل كده على طول على الحلوة والمرة

 

الفصل الثاني

محمود علي، مدرس اللغة العربية في المدرسة الثانوية التي التحقت بها فريدة، يبلغ من العمر خمسة وعشرون عاما، طويل، خمري لون البشرة، له شعر أسود مجعد بعض الشيء وعيون سوداء، عندما تنظر في وجهه تقر أنه مصري من أول وهلة. محمود غير متزوج، يتيم الأب، حيث توفى والده وهو مازال في المرحلة الابتدائية وتولت والدته تربيته هو وأشقائه الذين لم يبلغ أكبرهم العاشرة في ذلك الوقت، محمود هو الابن الأوسط. كان يحب والديه جدا، ولما لا ووالديه عطوفين ومحبين له ولأشقائه، لم ير منهم سوء قط. 

عندما توفى والده حزن محمود وغضب جدا لأنه لن يراه مرة أخرى، لم يكن يفهم في ذلك الوقت أن الموت والحياة بيد الله وحده، ولا أحد له أن يتحكم في ساعته، رأى والدته وهي تسعى لتدبير لقمة العيش لهم، بعد أن كانت ربة منزل، مستريحة في بيتها لا ينغص أحد حياتها، اضطرت للخروج والعمل بعد وفاة زوجها. 

كم كان صعبا على أرملة في ذلك الزمن الموحش أن تعيش دون أن تكون مطمع لكل عابر سبيل، وكأن كونها أرملة هو جواز العبور لأي عابر سبيل منها، خاصة إن كانت جميلة وتظهر عليها جمال أصلها التركي، إن كاميليا والدة محمود تحمل الأصول التركية من جدتها لأمها، فورثت البياض البض والعيون الزرقاء التي تغوص فيها دون ملل، والشعر الأصفر الذهبي الذي يسحرك من أول وهلة تنظر إليه، لقد كانت فينوس التي سلبت عقل السيد عليّ وتزوجها بعد أن أحبها، كان هو مدرس لغة عربية وكانت هي طالبة لديه، أحبها وتزوجها فور حصولها على الثانوية التجارية، ومنذ لك الوقت وهي ملكة متوجة في بيتها لا تعرف كيف تتعامل مع العالم الخارجي. ولكن بعد أن توفى زوجها اضطرت إلى إيجار أحد المحلات وحولته إلى مكتبة لبيع الأدوات المدرسية، إنها الشيء الوحيد الذي تفهمه. 

كم كانت عرضة لبراثن الذئاب البشرية، كثيرا جدا، لم ترحمها أعين الرجال ولا ألسنة النساء. النساء تخاف منها على أزواجهن، والرجال يحلمون بها في سريرهم تفعل لهم ما أرادوه يوما ولم تحققه زوجاتهم. أصبحت كاميليا شرسة، واختفت براءتها التي كانت تتعامل بها مع الجميع، أصبحت قط شرس لا يسمح لأحد بالاقتراب منه، وقررت الاكتفاء بأولادها محمد ومحمود وعمر ومن خلال عملها في المكتبة وإرث أولادها من والدهم تربى الأبناء الثلاث. 

عندما وصل محمد إلى المرحلة الإعدادية أصبح يساعد والدته في عملها في المكتبة وكذا فعل باقي الأبناء عندما وصلوا المرحلة الإعدادية وكانت الورديات توزع بينهم هم الأربع وكذا عمل البيت، اشركتهم كاميليا في كل شيء كي يكونوا العون والسند لها، وكي يعرفوا أن الدنيا هي شقاء وتعب وعليهم الشقاء والتعب لحرث السعادة التي يشعرون بها بعد الأكل من تعبهم وشقائهم.

هكذا كبر محمود وتعلم أن الحياة تعب وشقاء، وأن الجميع مبتلى، وعندما رأى فريدة في المدرسة أحبها منذ وقعت عينيه عليها، وأحبها أكثر لتفوقها وصارح والدته بذلك:

- أمي أنا حبيت طالبة عندي في المدرسة

- من شابه اباه، هاه أخبارها ايه 

- بنت يتيمة ومتفوقة جدا وأخدت قلبي من اول ما شفتها 

- يتيمة أبوها وأمها ماتوا؟ مين بيربيها؟

- لا يا أمي، يتيمة من الملجأ

- لقيطة؟

- ليه بتقولي كده؟ مش ذنبها

- لقيطة يا ابن عمري، ليه؟

- يا امي بحبها مش ذنبها

- اقسم بالله ابدا ما يحصل 

- طب ليه؟

- عشان الأصل غلاب

- يا أمي أنا مستني تخلص السنة دي واتجوزها ويا ستي مش لازم تدخل جامعة اتجوزها وتقعد معاكي هنا مش ح اسيبك وهي بظروفها مش ح تفرق معاها شقة لوحدها ولا معاكي وتكوني ام ليها

- كلمتي واحدة لا يا محمود وانساها

لم يستطع محمود المجادلة أكثر مع والدته، إنه بالفعل يحب فريدة إلا أنه ضعيف أمام والدته، كتم حبها في قلبه وظل يساعدها في المدرسة ويشرح لها ما يصعب عليها، أراد مرارا الاعتراف لها بحبه، خاصة وهو يشعر بها تكن له ذات المشاعر، فحاول مع والدته مرارا وكان ردها في كل مرة حازم قاطع بالرفض.

لم يستطع محمود وأد حب فريدة من قلبه، فرفض كل عروس تجلبها له والدته على أمل أن يلتقي فريدة بعد تخرجها من المدرسة ويتزوجها، هو يعلم أنه لم يكون نفسه بعد وغير قادر على شراء شقة منفردة لذا هو مجبر على إطاعة والدته، ويعلم أن ظروف فريدة ستمنعها من رفضه بسبب الشقة، يعلم أن من في مثل ظروفها ليس له سوى الموافقة على أي شيء فهي معيوبة، إنها لقيطة وهو عريس أكثر من مناسب بالنسبة لها كما أنه يحبها.

هكذا تصور محمود أنه يحبها، لم يعرف أنها تفكر به حتى بعد أن تزوجت من علاء، وهو أيضا لا يعلم أنها تزوجت، ولكنه يعلم فقط أنه يحبها، لم يخطر بباله قط ما حدث لفريدة، ولو علم لرفض الزواج منها، فهو رجل شرقي يأبى أن يتزوج ضحية سبقه إليها شخص آخر، لا يأبه كونها ضحية، ولكن كل ما يأبه له هو أنها ليست عذراء.

بعد تخرج فريدة من المدرسة حاول محمود الوصول إليها، أو معرفة اية أخبار عنها، وبالفعل نجح أن يعرف أنها التحقت بكلية التربية، وأنها تحصل على درجة الامتياز في كل السنوات، كما علم أنها تعمل في أحد الكافيهات لكي تكسب لقمة عيشها بالحلال، لم يعلم أنها تزوجت.

وجد أن عليه الانتظار حتى يكون نفسه هو الآخر لكي يستطيع مواجهة والدته والتزوج بمن أحبها، وتوقف عن مراقبتها بعد أن علم مكان عملها ومكان كليتها، كان يرى معها علاء وبعض الزملاء، فظن أن علاء زميل لها، ولكن الغيرة كانت تكويه من مدى قرب علاء منها في المجلس والحركة في كل وقت حتى في العمل، ولكن لم يكن في يده ما يفعله لكي ينهاها عن ذلك، فهي ليست خطيبته أو زوجته، فآثر الصمت حتى تكون له وليأمرها وقتها بما شاء.




الفصل الثالث

جاءت الفترة التدريبية في الكلية لكل من علاء وفريدة، ومن حظ فريدة أنها التحقت بمدرسة بالقرب من العمل الخاص بها، أما علاء فكانت المدرسة التي التحق بها للتدرب بها بعيدة عن المنزل والعمل وبالتالي كانت فريدة تذهب بعد المدرسة إلى العمل وحدها واضطر علاء إلى العمل في وردية عمل أخرى بسبب تأخر وقت وصوله واضطرت فريدة إلى الذهاب وحدها بعد العمل إلى المنزل لمساعدة ميساء. 

- هاه يا فريدة، عملتي ايه مع علاء؟

- في ايه يا ميساء؟

- كلمك؟

- ابدا

- ليه كده بس؟ طب حاولي تمهدي ليه الطريق

- اعمل ايه يعني يا ميساء أوقله والنبي خليني مراتك بجد 

- لا يا فالحة قولي له بحبك

- لا مش ح اقولها، أنا كرامتي غالية عندي

- كرامتك ولا لسه بتحبي محمود

- محمود انتهى يا ميساء، عمرنا ما ح نبقى لبعض وأنا كنت ليه مجرد طالبة مجتهدة بيساعدها وصعبان عليه ظروفها، لو كان بيحبني كان أتكلم، وحتى لو أتكلم نسيتي محمد ولا ايه، احنا اتكتب علينا نعيش كده مجروحين من الدنيا وعمرنا ما ناخد اللي عايزينه

- مش بقولك لسه بتحبيه

- مش بحبه أنا تعبانة من الدنيا قوي يا ميساء ومخنوقة منها نفسي أحس اني انسانة وليها حقوق نفسي أعيش بجد 

- طيب ما تكلمي علاء وتقولي له الكلام دا

- علاء بيشفق عليا مش بيحبني

هنا دخل علاء وكانت فريدة ظهرها إلى الباب فلم تشعر بدخوله وهي تتكلم فأشار إلى ميساء ألا تقول شيئا عن دخوله وأكملت فريدة 

- علاء حاسس بالمسؤولية تجاهي أنا وانتي لكن مش بيحبني وأخاف لو عرف إني فعلا بحبه يشفق عليا ويسيبني مع اول واحدة قلبه ينبض ليها

- ومين قالك إني ح اعمل كده يا فريدة؟

- علاء! انت هنا من امتى؟

- هنا من أول بيشفق عليا، صدقيني يا فريدة أنا والله بحبك وكنت خايف أقولك تفتكري أني بجبرك على الجواز مني، والله العظيم بحبك من احنا صغيرين، شفت فيكي كل حاجة امي واختي وصحبتي وحبيبتي، أنتي كل حاجة ليا فريدة، تقبلي تتجوزيني

هنا اندهشت فريدة من كم المشاعر التي شعرت بها في كلام علاء، لقد استشعرت صدقه واستشعرت الحب في كلامه، الحب الذي طالما حلمت به مع محمود، الحب الذي تمنت أن تجده في يوم من الأيام لتعوضها به الدنيا عما أخذته منها، لتعوضها عن أحلامها التي تلاشت لمجرد كونها لقيطة، لم تشعر بنفسها إلا وهي ترمي بنفسها في حضنه وتقول له والدموع تملأ عينيها

- احلف انك مش ح تبعد عني ابدا وانك عوض الدنيا ليا، احلف عمرك ما ح تكسرني ولا تعايرني في يوم باللي كان 

- اعايرك بايه يا فريدة، حد يعاير نفسه، انتي نفسي، انتي أنا، واللي كان طالنا احنا التلاتة محدش فينا غلطان، الغلط غلط الدنيا فينا ومعانا، احنا اتظلمنا واللي اتظلم استحالة يظلم فهماني، احنا اتظلمنا وانا اوعدك اني عمري ما ح اظلمك يا قلبي ويا عمري

- احم احم أنا هنا

- اسف يا ميساء بس عمري وفي احلى احلامي ما كنت أتوقع ان فريدة فعلا تحبني 

- واديها حبتك يا سيدي، انتم ح تخلصوا امتى التدريب بتاعكم دا

- الأسبوع الجاي

- تمام، يبقى الأسبوع الجاي بعد ما تخلصوا تدريب تاخد فريدة يومين في أي فندق وتقضوا يومين عسل بس عارف لو نسيتني ونسيت عادل زميلي انت حر

- لا يا ستي والله ما نسيت تحبي اقولك رأيي ولا ح تزعلي

- قول

- ما ينفعش يا ميساء

- ليه بس

- عشان بتاع ستات وراح سأل عنك في دار الايتام اللي كنتي فيها واتأكد إنك يتيمة ومالكيش حد عايز يلعب بيكي شوية ويسيبك 

- اه الغبي، لو كان سألني كنت رديت عليه على طول، لكن طالما بيلعب من ورايا خلينا نلعب شوية. كويس انك عرفتني 

- ناوية على ايه يا مصيبة

- ابدا ناوية بس الاعبه زي ما بيلعب معايا 

- على فكرة هو متجوز

- يا نهار ابوه اسود

- وعنده ولد وبنت

- يا نهار ابوه اسود ومنيل بستين نيلة وعرف يخدعك يا ميساء

- تخيلي يا فريدة لكن على مين والله لاوريه النجوم في عز الضهر

- طب ياله يا اختي منك ليها نحضر الاكل ح اموت من الجوع

ودخل ثلاثتهم المطبخ لتحضير العشاء ولأول مرة ترى فريدة نظرات الحب في عين علاء وهو بجانبها على المنضدة يتناولون العشاء وفكرت لو أن الذي بجانبها كان محمود ولكن لا يهم بالنسبة لها الآن، ما كان يهمها هو أن تجد من يحبها لتخلص له قلبها وتحبه، تريد أن تحصل على الحب والحنان الذي حرمت منه، تريد أن تحيا، أن تجد طعم الحياة.

 

الفصل الرابع

انقضى التدريب العملي الخاص بكل من فريدة وعلاء، وطلب كل منهما أجازه من العمل لمدة ثلاثة أيام سافرا فيها إلى الإسكندرية لقضاء أيام العسل الخاصة بهما، ونزلا في أحد الفنادق المعقولة في عروس البحر.

في اول يوم لهما كزوجين بمجرد دخولهما غرفتهما

- مبروك يا فريدة 

- مبروك يا علاء

- بحبك جدا ونفسي اعوضك عن كل حاجة وحشة شوفتيها في حياتك 

- احنا الاتنين بنعوض بعض عن كل اللي شوفناه في حياتنا 

- اوعدك أكون سندك وضهرك وحماك من الدنيا وقسوتها

- وانا اوعدك ح احبك واكون عون ليك على قسوة الدنيا وغدرها وعمري ما اغدر بيك 

واحتضن كل منهما الآخر بمشاعر متباينة بين الحب والامتنان، حب ومشاعر امتزج فيها الحب بالأحضان التي بدأت كأنها لحظات يخطفانها من الزمن وتطورت الاحضان حتى انتهت على فراش الزوجية.

في صباح اليوم التالي

- صباح الخير يا عروسة 

- صباح الخير يا عمري

- يا ايه؟ قوليها تاني 

- ما تكسفنيش بقى يا علاء

- وحياتي عندك قوليها تاني مرة واحدة بس 

- صباح الخير 

- يا ايه؟

- يا عمري

- الله، اوعدك أكون احلى عُمر تعشيه يا قلبي، والله لأعوضك عن كل يوم وحش مر في حياتك وان كل يوم جاي ح يكون اسعد يوم في حياتك 

- بجد يا علاء

- بجد يا قلب علاء

إن علاء أحب فريدة منذ أول لحظة شاهدها بها في المدرسة وهم أطفال، شعر أنها هي من تكمل حياته لم يفهم ذلك حينها، كل ما كان يعرفه أنها كل ما له في هذه الدنيا، أنها حب عمره الضائع وتعويض الدنيا له. كم غضب عندما علم ما فعله محمد بها، كم كان يريد أن يقتله على كل لحظة اغتصب فيها براءتها، على كل دمعة فرت من عينها بعد كل مرة ينتهكها فيها، لم يشعر بذات المشاعر مع ميساء ولم يشعر بذات الكره عندما اغتصبه هو، شعر بكل ذلك الكره عندما اغتصب فريدة فقط، كره محمد وتمنى قتله، ولكن أنى له ذلك وهو مازال طفل صغير، خاف بعد أن انتهت المرحلة الابتدائية ألا يرى فريدة مرة أخرى، لذا كان يصر أن يذهب إلى حيث دار الايتام التي هي بها وينتظرها حتى تخرج في طريقها إلى المدرسة ليتحدث معها ويطمئن عليها. كم غضب من مشرفة الدار المدعوة ولاء لما أثارته من حزن في عين فريدة، كم كرهها وتمنى قتلها هي الأخرى لانها لم تكن السند الذي تحتاج إليه معشوقته. لقد علم أنه يحبها وهو في المرحلة الإعدادية، ولكنه لم يعلن عن تلك المشاعر خوفا من فقد فريدة، يعلم أن ما فعله محمد بها جعلها تكره الرجال، وهي لا تراه مثل الرجال تراه أخيها وسندها وقرر أن يظل سندها حتى يشاء الله أن يجمعهما في زواج يربطهما معا. 

وظلت علاقة الثلاثة معا حتى انتهت الثانوية العامة، كم فرح من فكرة ميساء بالزواج من فريدة، حتى لو كان زواجا صوريا، حتى لو كان مجرد حبر على ورق، كم فرح من اقتران اسمه بها، لقد قرر أن يدخل كلية التربية التي التحقت بها ليكون معها بالقرب منها، كم يحبها ويتمنى أن يصارحها بحبه لها ولكن يخاف، يخاف أن يخسرها إلى الابد فقرر الانتظار حتى يقضي الله امرا كان مفعولا.

وها هي الان في أحضانه، زوجة فعليه له، يحبها وتحبه، كم كانت كلماتها حلوة على مسامعه، لكنه مازال خائفا، لم تنم فريدة في تلك الليلة بعد أن قضى منها وطرا، لقد ظلت الكوابيس تطاردها ولم يعرف كيف يخفف ذلك عنها، لذا قرر إن استمرت الكوابيس معها أن يذهب إلى معالج نفسي كي يعالجها من آثار صدمة الاغتصاب، فهو رجل ناضج ويعلم أن ما مر كل منهما به صعب على بشر أن يمر به ويخرج سليما معافا كأن شيئا لم يكن، لذا قرر أن يذهب بكلا من ميساء وفريدة إلى معالجة نفسية لكي يتخطى ثلاثتهم آثار تلك الحادثة البشعة التي مروا بها.

وبالفعل في اليوم الثاني والثالث أيضا لم تنم فريدة من جراء الكوابيس التي تطاردها، لم تحك أي شيء عنها ولكنه يخاف عليها كثيرا لذا تكلم معها عن ضرورة الذهاب لمعالجة نفسية 

- فريدة احنا لازم نروح لدكتور نفسي 

- ليه احنا مش محتاجين دا 

- لا يا فريدة محتاجينه احنا التلاتة جدا، اللي حصل لنا مكانش قليل ولا سهل، انتي مش بتنامي من ساعة ما لمستك، رغم انك مش بتعترضي وانتي صاحية لكن صراخك وانتي نايمة بيقتلني، أنا خايف عليكي

- مفيش تلاقي شوية كوابيس عادي

- لا يا فريدة مش كوابيس، انتي بتصرخي وتضربي جامد، أنا بحبك وخايف تكرهيني

- عمري ما ح اكرهك يا علاء، لأنك حبيبي وحنين عليا وما أخدتش حاجة مني غصب

- بس دا ما يمنعش اننا ان شاء الله بكرة لما ننزل القاهرة ح ندور على دكتورة كويسة نروح لها احنا التلاتة مع بعض احنا التلاتة محتاجين دا

وبالفعل عندما سافرا إلى القاهرة مرة أخرى بحث علاء عن طبيبة نفسية لكي تتابع علاج ثلاثتهم، ولكن كانت المفاجأة عندما عادوا من السفر أن وجد علاء وفريدة غرفة علاء أصبحت غرفة مشتركة لهما وبها فراش كبير ودولاب كبير به ملابس كلاهما، ووجد عشاء كبير محضر على الطاولة وكانت ميساء لا تزال في غرفتها، تفكر في حالها وحال فريدة، كم تمنت ميساء أن يحبها علاء، لكنه لم يفعل سوى أن أحب فريدة، أرادت أن تنساه عندما أعلن لها عادل عن حبه لها، لكنها وجدته نذلا آخر يطمع في شرفها، لن تخون صديقة عمرها واختها التي لم تعرف من الدنيا غيرها، سوف تنسى علاء، لذا قامت بشراء سرير كبير ودولاب كبير ونقلت به ملابس فريدة وباعت السرير الثاني في غرفتها لم تعد بحاجة له، كم تمنت أن تظل زوجة لعلاء حتى لو على الورق فقط، إنها تعشق الثرى الذي يلمسه، ولكن لا مجال لذلك الآن، يجب وأد ذلك الحب. تبا لهذا الحب من طرف واحد، لقد أحب هو فريدة، التي أحبت مدرسها الذي لم يشعر بها. 

غريبة هذه الدنيا، كل شخص تمنى شيء لم يحصل عليه، بل حصل على عذاب من نوع جديد، هي تعلم أن فريدة ما تزال تحب محمود، حتى وإن أنكرت ذلك، ترى في عينيها حب محمود، ولكنها تعرف أن علاء هو الحب الوحيد المتاح لها، لذا قررت أن تعطيه قلبها، أو على الأقل أن تحاول أن تعطيه قلبها، الوحيد الرابح من تلك الحالة هو علاء الذي أخيرا تزوج من حب حياته من فريدة التي لا طالما حلم بها.

كانت ميساء تبكي بصمت ودون دموع كما تعودت، كانت تنزف مشاعرها التي لا سبيل لخروجها، كم تمنت أن تصارح علاء بمشاعرها، ولكنها تعلم أنها إن هي فعلت ذلك خسرت كلا من علاء وفريدة، وهي تريد الاحتفاظ بكليهما.

عندما شعرت بدخول علاء وفريدة قررت رسم ابتسامة على وجهها، ابتسامة لا طالما نجحت في رسمها حتى وهي تبكي دما، وضعت ابتسامتها وخرجت لهما:

- اهلا بالعرسان 

- اهلا بيكي يا حبي، واحتضنتها فريدة

- كل دا عملتيه 

- طبعا دا اقل واجب للعرسان، وبعدين انتي يا ست فريدة خلاص مالكيش مكان معايا في الاوضة بتاعتي دي اوضتي لوحدي من هنا ورايح انتي مع جوزك 

- طب وجوزها مالهوش راي

- لا يا سيدي مالهوش راي معندناش رجالة يبقى لها راي انت تنفذ بس

وضحكوا جميعا، ولا احد منهما يدري ببكاء ميساء الصامت، ولا بجرحها الغائر الذي لا تريد اظهاره واكملت ميساء

- بص بقى أنا كده عايزة اتطلق بقى ما بحبش يبقى لي ضرة 

- علاء بغضب: انتي بتقولي ايه 

- فريدة بدهشة: انتي اتجننتي يا ميساء، ازاي تطلقي

- زي الناس، انتم الاتنين اتجوزتم خلاص، وأنا قاعدة على قلبكم برضه، الناس فاهمين اننا احنا الاتنين متجوزينك ودا كان المطلوب دلوقتي بقى من حقي اشوف حظي وادينا مع بعض

- انا اسف يا ميساء مش ح اطلقك الا إذا كان فيه حد مناسب ليكي غير كده انتي مراتي برضه ولا ايه يا فريدة 

- طبعا يا علاء، وبعدين الفكرة المجنونة دي مش كانت فكرتك انتي، ايه اللي حصل بقى غير دا

- اللي حصل انكم بتحبوا بعض واتجوزتم وخلاص اننا يبقى معانا راجل موجودة وكمان اني ابقى مطلقة وبالتالي عادي ما ابقاش عذراء برضه موجود ايه بقى هو تلاكيك ولا انتم مش قادرين تستغنوا عني

- نستغنى عنك؟ قصدك ايه

- قصدي اني ما ينفعش ابقى ضرتك يا فريدك ولا ابقى مراتك خلاص يا علاء

- ابدا مش ح يحصل يا ميساء غير لو لقيتي الشخص المناسب ليكي ولو دا ما حصلش ح اتجوزك بجد انتي كمان

- بطل هزار يا علاء فريدة تصدقك

- أنا كمان مع علاء يا ميساء

- بطلوا هزار انتم الاتنين ازاي دا؟

- زي الناس ولو تحبي ادخل بيكي دلوقتي كمان

- بطل هزار يا علاء مش عايزة اخسر حد منكم انتم الاتنين، انتم اخواتي ح تفضلوا اخواتي

- يبقى تبطلي هبل، وورينا عملة ايه للعشا احنا ح نموت من الجوع

 

الفصل الخامس

بحث علاء بالفعل عن طبيبة نفسية ووجدها خاصة أن سعرها كان مناسب لدخلهم البسيط وأقنع كل من فريدة وميساء بضرورة الالتزام بتعليمات الطبيبة وبالفعل بدأت الجلسات مع الثلاثة، لم يكن هو الآخر بمعزل عن الضرر النفسي الذي أصابه جراء الحياة غير الآدمية التي مر بها.

في عيادة الطبيبة النفسية:

- هاه يا علاء ايه الاخبار

- انا تعبان ومخنوق ومش عارف اعمل ايه

- ليه

- من ساعة ما وعيت على الدنيا وهي جاية عليا

- احكي لي

وبدأ علاء في الحديث عن نفسه:

أنا مش لقيط زي ما الكل يعرف عني خاصة ميساء وفريدة، بالعكس أنا مولود من أب وأم زي كل الأطفال ولكن لما اتولدت كان بابا مات اسمه عليّ كان مدرس للغة العربية، عرف أمي من المدرسة كانت مُدرسة زميلة ليه اتجوزها على مراته الأولى، اللي ما كانتش تعرف بجوازه، لما اتولدت كان بابا مات ووبالتالي أمي مما قدرتش تعلن جوازها منه وتطالب بنصيبها من ميراث والدي، ودا لإنه أخفى جوازه عن كل الناس حتى في المدرسة اللي بيشتغل فيها، طلبت أمي إجازة بدون مرتب بعد جوزاها منه عشان محدش ياخد خبر بجوزاهم، حتى أهله، ولما مات راحت أمي بقسيمة الزواج لأخوه اللي زعق فيها وبهدلها ووصفها بأفظع الصفات رغم أن الجواز كان رسمي وعلى يد مأذون لكن كتمان والدي لأمر الجواز خلاه ينهرها ويكتم على الموضوع تماما، بعدها أمي مرضت بعد لما رجعت لشغلها وكنت في الوقت دا عندي أربع سنين فراحت بيا لعمي وهي في مرض الموت وقالت له أني أمانة عنده، شفت هناك أسوأ معاملة خاصة بعد موت أمي، سرق عمي ميراثي منها وحطني في دار أيتام ووما فكرش حتى في زيارتي، وبعد كده روحت المدرسة والجميع عارف أني لقيط، ومحدش يعرف أني ليا أهل وعايشين على وش الدنيا، وأنا ما حاولتش تغيير الفكرة دي عني، وأغيرها ليه وايه الفرق ما النتيجة واحدة مفيش فرق بيني وبين اللقيط احنا الاتنين مالناش أهل، احنا الاتنين جينا الدنيا دي عشان نعاني فيها

- طب ليه ما حاولتش تعرف أي واحدة من زوجاتك ان ليك اهل وانهم عايشين أو على الأقل تعرفهم انت وتعرف اخواتك 

- مكانش ينفع، عمي رماني وقسيمة جواز امي اخدها واخد كل حاجة ومات بعد سنة من دخولي دار الايتام. كل شيء مات معاه

- اسمك ايه بالكامل

- اسمي علاء علي محمود الخازندار 

- طب واسم ميساء 

- ميساء علي محمود 

- ازاي دا 

- عادي دار الايتام بتحط أي أسماء على شهادة الميلاد الفرق ان دا اسمي أنا 

- الفرق في السن كان سنة بينك وبين ميساء؟

- الفرق سنتين، هي اكبر مني سنتين

- طب يا علاء كفاية كده النهاردة واشوفك ان شاء الله بعد أسبوع 

- ليا طلب

- ايه

- محدش منهم يعرف حقيقتي 

- حاضر 

وبالفعل خرج علاء ومعه بعض الادوية والارشادات التي عليه اتباعها ودخلت بعده ميساء إلى الطبيبة 

- ازيك يا ميساء 

- الحمد لله

- ايه الاخبار 

- انا تمام الحمد لله 

- طب جاية ليه 

- عشان علاء طلب مني دا 

- طب ممكن نتكلم شوية 

- اه طبعا 

- ممكن تكلميني عن نفسك شوية 

وبدأت ميساء في الحديث عن نفسها:

اسمي ميساء عليّ، مش لقيطة زي ما يعرف عني علاء وفريدة وبس هي حقيقة ما تغيرش في الأمر شيئ، والدي كان مدرس لغة العربية في مدرسة من المدارس التجارية الثانوية بس زي ما عرفت من والدتي كان مزواج، ماما كانت طالبة عنده في المدرسة، حبها واتجوزها على زوجته الأولى أم ولاده اللي كانت برضه طالبة عنده ولكن دا كان من فترة طويلة، لما اتجوز والدتي كان أكبر منها بخمسة عشرة سنة، ووافقت عليه لأنها حبته ولأنها كانت من اسرة فقيرة، رضيت بأنها تكون الزوجة الثانية وبعد سنة من جوزاهم عرفت أنه اتجوز زميلة ليه في المدرسة ولما واجهته بدا، ما أنكرش بل على العكس اعترف أنه اتجوزها لأنه حبها وأنه ما يقدرش يكتم حبه للستات عشان هو بيحب أي حاجة فيها تاء تأنيث، حبت أمي تطلق منه وفعلا اتطلقت منه اخيرا، وما عرفتش عنه شيء بعد كده، وتولت أمي تربيتي هي وجدتي لغاية ما مرضت أمي بدون سبب معروف وتوفت وتولت جدتي تربيتي لغاية ما توفت هي الأخرى فالجيران ودوني دار الايتام بأوراقي وشهادة ميلادي اللي اتولدت بها، ما صححتش لحد فكرة أنني لقيطة لأنه مش مهم، كل اللي يهم أني بلا أهل وبلا سند، لغاية ما اتعرفت في المدرسة على كل من فريدة وعلاء حبيتهم زي ما يكونوا أهلي وكان فيه سبب تاني، أنا حبيت فكرة أن يكون علاء أخويا أنا بحبه، وبعد ما اتجوز فريدة بقى أخويا ولكن أنا لسبب ما بحبه، ايوة يحبه واتمنيت لو أنه يحبني زي ما حبيته، بس هو حب فريدة وهي أختي ولا يمكن اخسر أي حد منهم عشان كده لما لقيته بيحبها واعترف هو لي بكده ما كانش قصادي حل غير اعرف شعور فريدة تجاهه وأحاول أقرب المسافات بينهم وطلبت منه الطلاق عشان يعيش بسعادة مع حب حياته وكنت بفكر اسيب لهم الشقة وادور على شقة تانية بس هو رفض الطلاق وكمان فريدة رفضته وأصر علاء على أنه ممكن يتجوزني فعليا بس أنا ما اقدرش أخذل فريدة صديقتي واختي. كان جوازي على الورق شيء لابد منه، بسبب أن المدرس في المدرسة اغتصبني في المرحلة الابتدائية عشان كده أن مش عذراء عشان اقدر اتجوز من غير ما أكون متجوزة قبل كده وبالتالي الجواز كان أمر مهم في حياتي.

- كلميني عن تجربة الاغتصاب يا ميساء

- عايزة تعرفي ايه

- كنتي في سنة كام

- كنت في تانية ابتدائي تقريبا 8 سنين

- ويا ترى حصل كام مرة 

- كتير جدا لغاية لما الاخصائية اكتشفت الموضوع 

- ايه اللي حصل بعدها

- ولا حاجة المدرس فضل زي ما هو بعد التحقيق معاه واتقفل الموضوع عشان سمعة المدرسة لغاية ما اغتصب واحدة ليها أهل اتحول الموضوع للنيابة وهو ساب المدرسة ومحدش يعرف عنه حاجة 

- وانتي ايه شعورك ناحية المدرس دا

- كرهته وكرهت معاه الرجالة كلهم، كلهم عايزين غريزة مش اكتر، كلهم عايزين حد ضعيف يكونوا أقوياء عليه وبس 

- وانتي ضعيفة

- اه ضعيفة جدا، كتير بعيط ببقى نفسي يكون ليا أهل عايشين ارمي نفسي في حضنهم وأكون قوية بيهم بس للأسف كلهم ماتوا

- طب وعلاء؟

- علاء يتيم زيينا ومالوش أهل، زيه زيينا 

- يعني مش شايفه انه راجل زي باقي الرجالة 

- ابدا علاء طيب وحنين، كفاية البصة في عنيه تخليكي تنسي الدنيا وقسوتها

- طيب يا ميساء كفاية كده النهارده وان شاء الله المرة الجاية نكمل كلامنا بس عايزة منك حاجة تعمليها

- ايه؟

- تعرفي اخواتك انك مش لقيطة وانك ليكي اهل وتحاولوا تعيشوا مع الموضوع دا 

- وح تفرق في ايه

- ح تفرق معاكي خصوصا لو حد كويس أتقدم ليكي

- مش عايزة اتجوز أصلا 

- ليه؟

- عشان كلهم حيوانات

- بس علاء مش حيوان 

- علاء اخويا ومتجوز اختي

- بس الحقيقة انه مش اخوكي

- لما تتربي في دار ايتام كل الموجودين اخواتك، واحساس حلو لما تقولي اخويا واختي إحساس ان ليكي عيلة وحد قريب منك 

- طيب فكري والمرة الجاية نشوف عملتي ايه

- حاضر 

خرجت ميساء من عند الطبيبة النفسية ودخلت إليها فريدة

- اهلا فريدة 

- اهلا يا دكتورة 

- اخبارك ايه

- عايشة 

- ليه الشعور دا 

- عشان انا لسه بتنفس 

- بتنامي كويس

- لا مش بنام خالص ودا خلاني عصبية جدا 

- ليه

- الكوابيس، بخاف منها

- بتشوفي ايه؟

- بشوف نفسي بجري في صحرا وكلاب سعرانة بتجري ورايا عايزة تنهش لحمي وأنا عايشة وأنا بهرب منهم بس برضه بيقدروا عليا

- وايه تاني

- بشوف نفسي لابسة لبس عريان قوي وفي بار وكل واحد من السكرانين هناك بيحط ايده عليا وانا مبسوطة بدا وكمان بعري نفسي زيادة 

- تمام، انتي متجوزة بقالك اد ايه 

- جواز على الورق سنتين، لكن جواز فعلي من أسبوعين تقريبا 

- ايه الفرق

- اتجوزت من علاء من سنتين بعد ما خرجنا من دار الايتام عشان نلاقي مكان نتلم فيه من غير ما حد يطمع فينا انا وميساء وكمان عشان لو واحدة مننا حبت تتجوز يبقى كانت متجوزة قبل كده ودا تبرير أنها مش عذراء

- انتي مكونتيش عذراء؟

- لا المدرس في تانية ابتدائي اغتصبني، أعتقد ان ميساء كلمتك عنه

- نفس المدرس اللي عمل كده فيها؟

- عمل كده فيا وفيها وفي علاء للأسف 

- الكوابيس بدأت عندك من امتى؟

- من أسبوعين تقريبا بقت كل يوم

- وقبل كده؟

- كانت بتيجي على فترات متباعدة 

- انتي بتشتغلي ايه حاليا؟

- انا مدرسة لغة عربية في مدرسة ثانوي، نفس المدرسة اللي بيدرس فيها علاء التاريخ 

- بتحبي علاء؟

- انا اللي زيي ما ينفعش تحب أو تتحب

- ليه؟

- انا لقيطة ودا في حد ذاته عار شايلاه وماشية بيه، اتحب ازاي وأنا لا اصل ولا فصل ولا نسب، اللي زيي تحمد ربنا أنها لقت حد اتجوزها أصلا 

- ما حبتيش قبل كده؟

- ح تفرق؟

- طبعا عايزة اعرف

- حبيت مدرس كان في المدرسة الثانوي الوحيد اللي اتعامل معايا على اني انسانة مش مجرد لقيطة وكان مهتم بيا وبيشرح ليا كل حاجة عمره ما قالي كلمة تضايقني أو وصفني باللقيطة زي باقي المدرسين

- وبعدين؟

- ولا حاجة أنا كنت بالنسبة ليه طالبة مجتهدة ومضطهدة حاول يساعدها وبس، وأنا مكنتش اقدر اعبر عن حبي عشان أنا لقيطة ولو حد سمع أو عرف الموضوع دا ح اكد على اني كمان عاهرة وأنا مش كده والله أنا مش كده أنا حد كويس ومش وحش

- ومين قال ان الحب جريمة وإنك لما تحبي تبقى عاهرة أو حد مش كويس

- اللي قال كده اني مش عذراء ولقيطة ومعنى اني احب اني عايزة علاقة اخر حاجة فيها الجواز 

- مين اللي قال كده دا حقك انك تتجوزي؟

- احنا في مصر يا دكتورة يعني كوني لقيطة دا تصريح اني سهلة واي حد يقدر يعمل معايا علاقة لاني ماليش اهل ودايرة على حل شعري زي ما بيقولوا 

- بس انتي مش كده 

- بس الناس شايفين اني كده، بدليل المدرس اللي اغتصبني كان بيقولي انتي عايزة كده عشان لقيطة أنا كمان ح اريحك واعمل دا معاكي 

- ليه كان بيقول كده

- مش عارفة

- كنتي بتحسي انك مبسوطة لما يعمل كده 

- لا لا لا خالص، أنا كنت بتقطع من جوايا وخصوصا باحساس الألم اللي بيسيطر عليا

- مفيش ولا مرة حسيتي انك مبسوطة في نص اللقاء

- .......

- أنا مش بحاسبك يا فريدة، الاحصائيات بتقول إن معظم إحساس الذنب لدى المغتصبات انهم بيشعروا غصب عنهم في منتصف العلاقة بالنشوة ودا بيزود إحساس الألم عندهم واحساس الذنب وبيكبر إحساس الخزي والعار عندهم ودا مش غلط تشريحيا بعد مرحلة معينة من بدء العلاقة الانثى بتحس برغبة وبتبقى عايزة تكمل دا إحساس تشريحي طبيعي ربنا خلقه فينا مش عيب ولا ذنب عليكي

- بس أنا مش وحشة ولا كنت عايزة العلاقة 

- هو حيوان كونه يغتصب طفلة عندها تمن سنين يبقى حيوان لأنها لا هي بتلبس حاجة مغرية عشان يتلكك عليها ولا عندها مؤهلات أنثوية تغريه هو حيوان مش اكتر من كده

- هو فعلا حيوان

- وعلاء حيوان؟

- علاء جوزي دا حقه

- سؤالي مش كده، سؤالي انتي شايفة علاء بعد اما اتجوزك بجد حيوان؟

- علاء بيعمل اللي طبيعي يعمله أي زوج 

- برضه مش دي الإجابة 

- اه

- هو دا اللي عايزة اسمعه منك، وخلينا نتكلم باختصار المرة دي وان شاء الله نتكلم اكتر وباستفاضة المرة الجاية، بصي يا فريدة الجواز والعلاقة اثناء الجواز شيء حلال ربنا شرعه بس لما بيكون عندنا تجارب جنسية سيئة قبل الجواز هنا الجواز بيعزز التجارب السلبية دي وبيسقطها على التجربة الصح اللي احنا فيها

- يعني ايه؟

- يعني دلوقتي احساسك ان علاء حيوان دا سببه انه عقلك الباطن فكر بتجربة سلبية انتي مريتي بيها وكان لام قبل ما يبدأ العلاقة معاكي إنك تتعالجي من أثر الاغتصاب الأول 

- طب والحل؟

- الحل إني ح أتكلم مع علاء يوقف أي اتصال جسدي بينكم، لازم يبني علاقة حب بينكم الأول واتصال نفسي والعلاقة الجسدية ح تيجي لوحدها بعد كده بس مش قبل ما أقول أنا دا، دي الادوية اللي ح تمشي عليها لغاية اما اشوفك بعد أسبوعين

وبالفعل طلبت الطبيبة من علاء إيقاف أي علاقة جسدية مع فريدة حتى تسمح هي بها موضحة أن فريدة مازالت تعاني مت آثار تجربة الاغتصاب ولابد من التغلب عليها أولا. واستمع علاء إلى كلام الطبيبة فهو يحب فريدة ولا يتمنى ابدا أن يتسبب لها في أي ألم.


#شيرين_مصطفي


الفصول ٦&٧


#شيرين_مصطفي


الفصل السادس

مر على تخرج فريدة من المدرسة أربعة أعوام اضطر خلالها محمود لترك المدرسة والذهاب لمدرسة أخرى بسبب شكوى أولياء الأمور من صغر سنه وحب الطالبات له، وبالفعل ترك محمود المدرسة وذهب إلى مدرسة أخرى للذكور بالقرب من سكنه ونسى فريدة إلى حين أن يكون نفسه ولم يعرف عنها شيء، حتى تفاجأ بعد أربعة أعوام أنها تخرجت من الجامعة ولم يعد يعرف عنها شيئا خاصة بعد أن تركت عملها في الكافيه الذي كانت تعمل فيه. 

لم يعرف أن الصدفة وحدها جعلتها مدرسة في ذات المدرسة التي كان يعمل بها، بعد أن فرحت فريدة أنها ستكون معه في ذات المدرسة فوجئت أنه تركها ولا أحد يعلم إلى أي مدرسة ذهب، شعرت أن هذه هي الدنيا تلقيها في جانب واحد مع علاء زوجها، لقد تخرج كلاهما وعملا في ذات المدرسة هو مدرس للتاريخ وهي مدرسة للغة العربية، لم يعرف ابدا علاء عن حبها المكتوم لمحمود، حتى ميساء لم تخبر علاء ابدا عن ذلك، لأنها تعلم استحالة زواج كليهما وكانت تعتقد أن محمود فقط معجب بذكائها ونباهتها في المدرسة، لم تعرف ميساء ابدا أن محمود هو اخيها كما هو علاء، لأن أحدا لم يفكر أن يعرف اسم محمود الكامل.

بعد مرور ثلاث سنوات من انتقال محمود إلى مدرسة جديدة تعرفت والدته على جارة جديدة لهم ولها ابنة تصغر محمود بأربع سنوات، كانوا في ظروف متواضعة ولكن الابنة كانت طيبة واحبتها كاميليا لذا ضغطت على ولدها للزواج منها، وبالفعل تزوج محمود من دعاء جارتهم بعد مرور سنة واحدة من الخطبة، وانجب منها توأم فريدة وعلا، لم يستطع نسيان فريدة لذا اصر على تسمية الابنة الأولى فريدة والثانية علا كما كانت تحب دعاء، بالطبع لم تعرف دعاء أن فريدة هو اسم غريمتها في قلب زوجها، فقط أمه كانت تعلم، قد حاولت كثيرا اثنائه عن هذا الاسم دون ذكر السبب أمام دعاء ولكن كانت بينها وبين ولدها تذكره دائما أن عليه نسيان تلك اللقيطة التي لا تليق به وبعائلته الكبيرة ذات الحسب والنسب. 

مرت السنوات على محمود وفي كل يوم يتمنى أن يجد أي أثر لمعشوقته، حتى لو تزوجها سرا دون علم والدته، ولكن والدته كانت دائما تحاصره حتى لا يفعل ذلك، كانت دائما تحاول أن تجعله لا يرى سوى زوجته، لا تريده أن يكون مثل والده، نعم كانت تعلم أن والده مزواج، وأنه تزوج الكثيرات عليها، كان يتزوج لفترة ثم يترك زوجته، كثيرات منهن من كن يكلمنها ويصفن لها كم هو رومانسي وعظيم، وكن يردن منها صنع المشكلات معه حتى يظهرن إلى النور ويظهر زواجه بهن ولكنها كانت أعقل من ذلك، في كل مرة كانت تعرف أنه تزوج تتفنن في ارضائه دون أن تقول حرفا واحدا وتحاول أن تنجب له طفلا جديدا، وقد كرمها الله بثلاث ذكور منه، لذا قررت الاحتفاظ به لها وحدها مهما كلفها هذا الأمر من عناء ومشقة كتم غيرتها وغضبها من زواجه المتكرر ولكنها كانت تقول لنفسها أنه يخرج ويعود لها في نهاية اليوم ولا يبيت ليله بالخارج ولا يعلم عنه احد شيئا لذا، لن تكون هي السبب في أن يعرف أحدا بنزواته، كانت تعلم أنها مجرد نزوات له، وسوف تموت بمجرد أن يقضي وطره منهن، لذا تركته يفعل ما يحلو له بعيدا عنها وعن بيتها الذي حافظت عليه لمدة عشرة أعوام هي حياته التي قضاها معها.

أما عن دعاء فكنت تشتكي لوالدتها دوما من أن محمود يناديها بفريدة خاصة في الأوقات الحميمة التي يكون فيها جيدا معها، فنصحتها والدتها بعدم التكلم في هذا الأمر مرة أخرى وأن تحاول جذب محمود لها بمعاملتها الجيدة له وعدم مناقشته في الاسم الذي يناديها به، وزاد ألمها عندما أصر أن يسمي ابنته فريدة، كانت تعلم أنها محبوبته التي لم يتزوجها وخبت ألمها من ذلك وقبلت أن تكون ابنتها فريدة حتى يكون له سبب في مناداتها باسم ابنتها هكذا سيكون السبب أنه يحب ابنته كثيرا.

 

الفصل السابع

- اخبار الكوابيس ايه دلوقتي يا فريدة 

- الحمد لله يا علاء قلت شوية 

- عارفة تنامي؟

- الحمد لله

- طب ايه رأيك لو أخلي ميساء تنام معاكي وأنام أنا في أوضة ميساء 

- ليه بتقول كده 

- من رعشتك يا فريدة لو لمستك غصب عني، من نظرة عينك لو ايدي لمست ايدك بالغلط بحس بالعجز وأنا سبب ألمك وحزنك مش قادر استحمل دا

كان قد مر على زواجهما شهر ونصف الشهر وهي مازالت تتلقى علاجها، تركت الكافيه الذي تعمل فيه واكتفت بعملها في المدرسة وأصر علاء على ترك ميساء العمل وأن تظل في المنزل حتى لا يضايقها أحد في عملها خاصة بعد نشر عادل خبر كونها لقيطة في مكان عملها وبدأت بالفعل المضايقات لها في محل عملها. وافقت ميساء على ترك العمل فعلا، واضطرت إلى الاكتفاء بعملها في المنزل وتحضير الطعام لعلاء وفريدة عندما يأتون من العمل وبدأ علاء في إعطاء مجموعات ودروس التقوية للطالبات حتى يحسن من دخلهم ورفض أن تقوم فريدة بذلك واكتفى أنها تعمل معه في المدرسة وبعد إصرار من فريدة وافق أن تعطي مجموعات التقوية في المدرسة فقط، خاصة أن فريدة أشاد بها الجميع في مادتها وأنها بالفعل أستاذة في تلك المادة، ولم يعرف أحد السبب في ذلك، إنها تحاول أن تكون امتداد لحبها الأول، امتداد لمحمود.

في عيادة الطبيبة النفسية 

- أستاذ علاء ايه الاخبار؟

- من ناحية ايه؟

- كل حاجة، نبدأ مثلا بشغلك

- الشغل الحمد لله تمام كله تمام

- عملت ايه في الجيش

- عملت قيد عائلي، واكتشفت اني ليا ثلاث اخوات ذكور بس للأسف ما عرفتش هما مين أو فين وأخدت اعفاء من الجيش عشان متجوز وأنا عائل الزوجتين

- طب كويس انك عملت كده عشان ما تبقاش متهرب من الخدمة العسكرية، ما حاولتش تعرف مكان اخواتك؟

- لا

- ليه؟

- ح أقول لهم ايه، أنا اخوكم بس ابوكم خبا عليكم انه متجوز، محدش ح يصدق كلامي وبعدين لو كانوا عايزين يعرفوني كانوا هما كمان دوروا عليا، ما هما اكيد دخلوا الجيش وعملوا نفس القيد العائلي

- انت بتقول انهم تلاتة، يعني طبيعي عارفين ان ليهم جيش، اكيد مش ح يعرفوا ان ليهم اخ رابع؟

- ازاي؟ ما انا عرفت اني ليا تلت اخوات من القيد العائلي يعني اكيد هما كمان عارفين ان ليهم اخ رابع

- طيب مش مشكلة موضوع اخواتك دلوقتي، انت احساسك ايه لما عرفت ان ليك اهل ومش مقطوع من شجرة 

- ما تغيرش كتير انا مش ناسي عمي واللي عمله معايا ورفضه اني اورث من ابويا واكله ميراثي من امي

- بتكرهه؟

- جدا

- ليه؟

- لولا اللي عمله كان ممكن أكون مع اخواتي أو أعيش كويس ومستريح بفلوس والدتي، كان ممكن اتربى في بيت وسط عيلة ومكنتش اتبهدلت في حياتي زي ما حصل لي

- بس ساعتها ما كنتش ح تعرف ميساء ولا فريدة

- دول أفضل حاجة حصلت لي في حياتي

- بتحبهم ؟

- جدا

- وفريدة عاملة معاك ايه؟

- لسه بتخاف مني، مكنتش متوقع ان رعشتها في قربها مني خوف كنت فاكرها من الحب لغاية ما حضرتك لفتي نظري لدا، نفسي اقابل محمد واقتله على اللي عمله فينا

- للدرجة دي بتكرهه

- لأنه خلاني مش قادر أقرب من حب حياتي، دايما في حاجز بينا رغم حبي ليها بخاف عليها مني، بخاف إني ما اقدرش اسيطر على نفسي ورغبتي أنها تكون في حضني، بخاف إني اتسبب في أذيتها من غير ما اعرف بحبها جدا وخايف عليها 

- وميساء؟

- ميساء زي اختي عمري ما قدرت أفكر فيها غير كده

- بس هي مش اختك هي مراتك برضه

- بس عمري ما حسيت أنها حاجة غير اختي طول فترة معرفتنا وأنا حاسس إنها زي اختي حتى خوفي عليها خوف الأخ ولما جابت فكرة الجواز وافقتها عليها عشان خايف عليها ولما جت قالت لي زميلي عايز يتقدملي فرحت ليها ما زعلتش أو حسيت حتى بغيرة بالعكس زعلت لما عرفت إنه طمعان فيها وإنه سأل عليها وعرف إنها يتيمة كان فاكر إنها سهلة من غير ارتباط ولولا خوفي عليها كنت روحت له الشغل ضربته كمان

- فهمت، طيب ليه احساسك مختلف مع فريدة؟

- مش عارف، من ساعة ما شفت فريدة أول مرة في المدرسة حسيت إنها مسؤولة مني، في عنيها طيبة وبراءة عمري ما شفتها في عيون حد، حسيت أد ايه الدنيا جاية عليها وظلمتها وتعبت جدا لما الحيوان دا اعتدى عليها كنت عايز اروح اقتله بس للأسف كنت بلا قوة ساعتها حتى أنا اغتصبني، تجربة مريعة جدا إنها تعدي على حد وحسيت وقتها ميساء وفريدة حسوا بايه وكانت فريدة صعبانة عليا جدا وكنت عايز اعوضها عن اللي بيحصل ومش عارف ازاي

- لو قلت لك عرف فريدة في كلمتين، تقول ايه

- حب عمري

- لو حب عمرك قالت لك مش بحبك أو مش قادرة أكون زوجة ليك ح تعمل ايه

- عمري ما ح اغصبها على حاجة حتى جوازنا ما اصبحش واقع غير لما قالت إنها موافقة وكانت فرحانة كمان، واستغربت اللي حصلها من بعد ما بقى الجواز فعلي

- اللي حصلها طبيعي لأنها رجعت بيه للحظة الصدمة ساعة الاغتصاب وكانت في دوامة بين إنك دا حقك وطبيعي يحصل لأنكم متجوزين ونفورها وصدمتها من الاغتصاب اللي حصل زمان، دخلت في صراع نفسي ودا سبب شرودها والكوابيس اللي مش بتسيبها دايما

- طب أنا اعمل ايه، أنا بموت وأنا حاسس أنها خايفة مني، بموت وهي تعبانة وأنا مش عارف اعملها حاجة

- الطبيعي إنها ح تفضل فترة على كده لغاية لما تتحل الصدمة مع العلاج طبعا المهم التزامك حسسها بحبك بافعالك دايما خليها دايما حاسة انك السند والأمان ليها، فريدة مفتقدة الأمان في حياتها خليك انت الأمان، وحسسها إنك واثق فيها ومستنيها مهما طال الوقت، هي بتتحسن بس محتاجين وقت شوية

- تمام يا دكتورة

- اشوفكم الأسبوع الجاي، وعايزة فريدة 

وبالفعل دخلت فريدة إلى حجرة الطبيبة 

- ازيك يا فريدة عاملة ايه النهاردة واخبار الكوابيس ايه

- لسه زي ما هي

- لسه خايفة من علاء؟

- لا، بالعكس علاء محتويني جدا، وحتى بيخاف يلمس ايدي رغم اني عارفة انه بيعبر عن حبه ليا بانه يمسك ايدي ويبوسها

- وانتي حاسة بايه ناحية دا

- حاسة بالذنب

- ليه؟

- مراته ومش قادر يلمسها، مراته اللي لوثها واحد تاني وسوق فرحتها ببيتها وزوجها، يمكن لو مكانش حصل كده ما مكنتش اتجوزت علاء

- ندمانة على جوازك منه؟

- لا خالص

- وضحي

- حاسة ان سبب جواز علاء مني انا وميساء مجرد شفقة وإن حالنا واحد، لو مكانش دا حصل كان ممكن يحب ويتجوز براحته واحدة لسه زي ما هي عذراء محدش لمسها، ماكانش شال مسؤولية بنتين في رقبته وهو في وقت المفروض فيه يشق طريقه وحياته

- حبيتي؟

- مش من حقي

- مش بسألك حقك ولا لأ، سؤالي حبيتي قبل كده؟

- أه، بس طبعا كان من طرف واحد

- ممكن تحكي لي وطبعا محدش ح يعرف حاجة عن الكلام اللي بيدور بينا، اللي بيعرفه علاء هو ازاي يتعامل معاكي بس مش أكتر من كده

- كنت في ثانوي، كان المدرس بتاعي شاب صغير لسه متعين جديد وعايز يثبت نفسه، ما فرقش معاه كوني لقيطة بل على العكس كان بيتعامل معايا على اني انسانة، وقف جنبي وساعدني في المذاكرة وكان بيشرح لي في الفسحة، عارفة كنت بالنسبة ليه نموذج البنت الشاطرة اللي واقف جنبها عشان تثبت نفسها وتنجح ويبقى ليه الفضل في دا، رغم ساعات عينه ونظرته كانت بتقول بحبك بس دا عشان أنا كنت بقولها ليه مع كل نظرة، بس طبعا حتى لو كان بيحبني عمره ما كان ح يعدي اني مغتصبة، احنا في مجتمع بيحاسب البنت دايما على أي غلط حتى لو مش غلطها أنا بتحاسب على كوني لقيطة وبتحاسب على كوني مغتصبة وبتحاسب على كوني بنت

- حاسة بايه

- حاسة بظلم وقهر كبير، نفسي اموت عشان ارتاح

- حاولتي تنتحري قبل كده 

- اه

- وايه حصل؟

- اول مرة كنت في دار الايتام بعد اللي حصل ومعرفة الدار بيه من المدرسة ومعايرة ابلة ولاء ليا اني لقيطة وبنت ليل قررت اخد السكينة واقطع شرياني وفعلا عملت كده بس للأسف اتلحقت، مشرفة الدار عدت بالليل وأخدت بالها من الدم الموجود جنبي على السرير وفوقت لقيت ايدي متخيطة وبتشتم وبيتقال عليا كافرة وأنا مش فاهمة فيه ايه، كل اللي كنت عايزاه اني اموت وارتاح والناس كمان ترتاح مني، بعدها بفترة حاولت تاني بس المرة دي اشتريت ادوية منومة من الصيدلية واخدت العلبة كلها، وبعدها ما حستش بحاجة غير وأنا في المستشفى متعلق لي محاليل وعرفت ان ابلة ولاء مشيت بسببي

- كنتي فرحانة أنها مشيت؟

- اكيد

- ليه؟

- عشان أنا ما ليش ذنب اني وحيدة في غابة عايشين فيها وفيها حيوانات شايفة اننا فريسة سهلة ليها، وحيوانات تانية بتتفرج علينا واحنا بنتاكل وبتسقف للصياد كمان وناسيين ان الدور جاي عليهم هما كمان، وولاء كانت من الناس اللي بتسقف مكانتش حاسة ولا عارفة اني مجني عليه مش جاني اني فريسة مش صياد واني محتاجة حد جنبي عشان كده أما مشيت أنا فرحت رغم ان كل اللي جم بعدها كانوا مش رحماء بس على الأقل محدش فيهم كا بيهيني ومن بعد ما مشيت ميس ولاء وأنا محاولتش انتحر تاني غير......

- غير ايه يا فريدة؟

- غير بعد ما اتجوزت علاء بس للأسف ما عرفتش ما قدرتش اعملها، كنت خايفة ان يبقى عذاب في الدنيا وعذاب في الاخرة وأنا مستنية الاخرة عشان أقدر افرح واعيش كويسة اروح للعدل يجيب لي حقي من اللي ظلمني واولهم ابويا وامي

- بتكرهيهم؟

- جدا

- ليه؟

- لأنهم جابوني غلطة ورموها في الشارع لكلاب السكك وفعلا كلاب السكك نهشتني وما شوفتش رحمة غير من علاء، الوحيد اللي كان رحيم معايا انا وميساء رغم ان معاملته لميساء مختلفة عن معاملته معايا، هو بيعامل ميساء على انها اخته بجد مش مراته، أنا بحس انه بيعاملني على اني حبيبته وحاسة انه ما يستاهلش مني اللي بعمله فيه واني اعذبه كده، كان يستاهل واحدة بنت ناس تحبه ويحبها ويكون اول بختها

- وليه ما تقوليش انه بيحبك انتي وعايزك انتي

- إذا كنت انا مش عايزاني، هو ح يعوزني ازاي

- بس هو عايزك وبيحبك فعلا يا فريدة، ركزي في كل التصرفات اللي بيعملها عشانك وخوفه عليكي ولهفته لما بتتعبي واصراره اني تيجي تتعالجي لما لقى الكوابيس تعباكي وبمناسبة الكوابيس بقى احكي لي اخر كابوس 

- حلمت اني في بيت في ابويا وامي وكانوا مش مهتمين بيا وكمان كان ليا اخت ح تتجوز وكنت نايمة وقتها وصحيت لقيت ناس كتير في اوضتي وانا بشعري وبهدوم البيت وكنت محرجة ومش عايزة حد يشوفني بشعري خصوصا ان كان فيه رجالة في الاوضة وبعد ما خرجوا قمت من تحت الغطا ادور على هدوم الخروج بتاعتي وطرحتي عشان اداري بيهم نفسي مالقيتش هدوم كل ما ادور على هدومي اللي كتير مش بلاقي منها حاجة واسال امي ما تردش عليا كأني هوا ادور على ابويا مش لاقياه والناس كتير ومنهم فاكريني بنت ليل وحاولوا يناموا معايا وانا رفضت وعمالة ادور على هدومي وادور على اكل عشان جعانة ومش لاقية اكل ولا هدوم ولا حد مهتم بيا غير اللي عايزين يناموا معايا لغاية لما الناس مشيت وجه تاني يوم ورحت الشغل شفت واحد من اللي كانوا عايزين يناموا معايا وقلت له لو عايز انا في وقت الشغل لكن امبارح مكنش وقت شغلي عشان كده ما نمتش معاك وصحيت مفزوعة وهو نايم معايا

- انتي حاسة بالذنب على اللي حصل معاكي من المدرس يا فريدة

- حاسة اني كنت السبب واني كان المفروض اقاوم بس انا استسلمت

- حاسة انك كنتي مستمتعة باللي حصل؟

- بالعكس انا كنت خايفة ومقهورة وحاسة بعجزي على اني ارد اللي حصل

- يبقى ليه بتلومي نفسك يا حبيبتي، اني اتظلمتي وربنا قادر يرد لك حقك، ومكنش في ايديك حاجة تعمليها انتي مش مومس ودي مش شغلتك بالعكس انتي انسانة فاضلة ومربية أجيال، لازم تثقي في نفسك يا فريدة، محتاجة تثقى في نفسك ومحتاجة تعرفيها انك كنتي عاجزة ومقهورة ومظلومة ودا مش ذنبك دا ذنب الحيوان اللي عمل كده واغتال طفولتك عشان هو حيوان مش عشان انتي وحشة. هاه اخبار الدوا ايه

- ماشية عليه

- واضح انك بتلغبطي في الدوا

- ليه بس

- عشان الكوابيس المفروض الدوا مش ح يخليكي تحلمي أو تفتكري احلامك واظبي على الدوا وانا ح اعدل لك الجرعات عشان تكون مناسبة ليكي ويا ريت تحاولي تخرجي تتفسحي مع علاء لوحدكم، اخرجي معاه واديه فرصة يعبر عن حبه مش مشكلة لو لمس ايديك وباسها لو هو بيحب كده عودي نفسك انه عادي دا جوزك يعني مش حرام انه يعمل كده اخرجي بره الشرنقة يا فريدة اخرجي واتنفسي وانسي الماضي بكل قسوته عارفة انه صعب بس احنا هنا عشان نخلي الماضي مجرد ذكرى وحشة بس مش مؤلمة، لازم تتخطي الماضي عشان حياتك الجاية، حياتك تستاهل يا فريدة صدقيني انتي محتاجة تعيشي، اشوفك الأسبوع الجاي. ومن فضلك عايزة ميساء

وبالفعل دخلت ميساء إلى الطبيبة وبدأ الحوار بينهما

- ازيك يا ميساء

- الحمد لله

- ايه اخبارك؟

- مفيش جديد زي ما أنا

- لسه ما قولتيش ليهم انك مش لقيطة؟

- مش قادرة

- ليه؟

- حاسة كأني كنت بخونهم أو يحسوا إني أحسن منهم

- مش ممكن يكون دا أفضل ليكم عشان تعرفي توصلي لأهلك وكمان تقدري تحبي وتتجوزي بعد كده

- ح أحاول

- دلوقتي بقى يا ميساء عايزة تغمضي عينك وتاخدي نفس عميق وترجعي لمرحلة الطفولة شايفة نفسك فين؟

- في المدرسة

- بتعملي ايه

- محمد بيغتصبني 

- اوصفي لي المكان

- الفصل كان صغير الدكك على صفين صف للبنات وصف للولاد، والسبورة في نص الحيطة اللي جنب الباب وقصادها الناحية فيه البلكونة 

- الوقت كان امتى؟

- كنا في الفسحة

- وانتي كنتي لابسة ايه؟

- مريلة المدرسة لونها أخضر

- وهو كان لابس ايه؟

- لابس تيشيرت أصفر وبنطلون جينز

- اوصفي لي ملامحه في الوقت دا

- بكاء 

- عارفة انه صعب بس لازم نتخطى الصدمة دي يا ميساء كملي وأنا معاكي وجنبك ما تخافيش قولي لطفلتك الداخلية ما تخافش انتي وأنا جنبها واللي حصل مش ممكن يتكرر تاني لأنها كبرت وبقت قوية وتقدر تدافع عن نفسها وكمان جنبها اللي يقدر يساعدها على دا

انهارت ميساء وانخرطت في بكاء عنيف تكاد تقسم من فرطه أن عيناها لونها بلون الدم، طمأنتها الطبيبة وأعطتها حقنة مهدئة مع الوعد باستكمال المشهد مرة أخرى في المرة التالية وطلبت منها اخبار كلا من علاء وفريدة أنها ليست لقيطة وأنا لها أهل.

ذهبت ميساء مع علاء وفريدة إلى المنزل واستلقت في سريرها لا تعرف كيف تخبرهم بحقيقة كونها يتيمة وليست لقيطة، ولكنها ذهبت في سبات عميق ورأت نفسها تحلم بوالدتها تحتضنها وتقول لها ألا تحزن:

- حبيبتي وحشتيني يا ماما

- وانتي كمان يا قلب ماما تعالي في حضني

- محتاجة لحضنك يا أمي جدا أنا تعبانة

- أنا جنبك ديما يا بنتي ومش بعيدة عنك وكمان اخوكي جنبك

- أخويا؟!

- أه أخوكي

- أنا ماليش اخوات يا أمي

- لا ليكي أخ، دوري توصلي

- خايفة ما يرضاش يعترف بيا

- ما تخافيش وارمي حمولك على الله

استيقظت مساء وهي تهتف أمي، لا تتركيني يا أمي. هرع إليها علاء وفريدة واحتضنتها وميساء تبكي وتنادي على والدتها

- بتنادي على مين بس يا ميساء

- بنادي على أمي وحشتني قوي

- سلامة عقلك يا ميساء، ما احنا عارفين مالناش اهل 

- بس أنا ليا

- انتي بتقولي ايه

- بقول يا علاء أنا ليا أم وأب بس ماتوا والجيران جابوني هنا 

- انتي بتهرجي صح؟

- لا يا فريدة بتكلم صح وح احكي لكم حكايتي

وقصت عليهما ميساء قصتها وتدخل علاء

- اسمك ايه بالكامل يا ميساء 

- اسمي ميساء علي محمود الخازندار 

- يا دي المصيبة انتي عارفة دا معناه ايه

- مصيبة ليه يا علاء وايه المشكلة 

- المشكلة انك اختي يا هانم، أنا اتجوزت اختي 

- اختك ازاي مش انت لقيط يا ابني

- لا يا فريدة أنا ابن علي محمود الخازندار المدرس المزواج ودلوقتي المفروض نعمل ايه مش عارف وازاي عدى الاسم عليا من غير ما أخد بالي

- دي غلطتنا أنا وأنت يا علاء عشان محدش فينا فكر إنه يقول حقيقته فكرنا إننا مش فارق إننا لينا أهل أو لا المهم إنهم رمونا هنا زينا زي أي حد

- يعني دلوقتي أنا الوحيدة اللقيطة فيكم، أنا ......

- ما تكمليش يا فريدة، إنتي مش قليلة ومش أقل مننا ولا إحنا أحسن منك كلنا زي بعض وبعدين انتي مراتي يعني عيلتي كلها وقطع لسان اللي يقول عليكي كلمة وحشة

- فعلا يا فريدة إنتي اختي ومرات أخويا وعمر حالك ما كان نقص فيكي يا بنتي انتي فيكي طيبة تكفي الكرة الأرضية كلها وبعدين أهم حاجة إني مش ضرتك

- طب والحل يا بهوات دلوقتي

- مفيش حاجة يا علاء انت تطلق ميساء رسمي يبقى معاها قسيمة طلاق وتروح انت وهي تعملوا قيد عائلي وتطلع شهادة ميلاد ليك أنت وهي وتدورا على اخواتكم طالما الاب مزواج يبقى الاخوات كتير 

- أنا فعلا عملت قيد عائلي عشان الجيش بعد الكلية وعرفت إن ليا تلت اخوات رجالة كبار بس ما فكرتش اروح لهم، على فكرة يا ميساء احنا لينا ميراث من أبونا

- مش مهم الميراث الأهم هل اخواتنا فعلا ح يقبلوا وجودنا معاهم وفي حياتهم ولا ح يبعدونا عنهم وعن حياتهم

- أكيد ح يخافوا لنعيد تقسيم الميراث علينا تاني ما تنسيش لينا ميراث أمهاتنا كمان لأن بابا مات قبل ما أمهاتنا تموت يعني الميراث كله ح يتعاد تقسيمه تعتقدي كمان إن مرات بابا ح ترضى نصيبها يتقسم على تلاتة، ونصيب ولادها يتقسم علينا كلنا، الحرب مش سهلة وصعبة 

- بس دا حقكم ولازم يعترفوا بيكم مش ذنبكم إن أبوكم كان مزواج حاولوا يمكن تقدروا تقنوعهم يعترفوا بيكم

#sherry_mostafa

#شيرين_مصطفي



الفصل الثامن


في منزل محمود

هناك أحد ما يطرق الباب

- طيب حاضر جاية أهو، محمود شوف مين على الباب

- حاضر، مين حضرتك؟

- أنا علاء

- اهلا أستاذ علاء أقدر اساعدك بحاجة 

- ممكن أدخل ونتكلم جوة عشان الكلام ح يطول

- اتفضل

- ممكن حضرتك تقرأ الأوراق دي

- فيها ايه الأوراق دي 

- فيها كلام مهم جدا، ومنها اسمي أنا علاء علي محمود الخازندار 

- نعمممممممم!!!!!!!

- ايوة، زي ما سمعت كده، الورق فيه كل حاجة

قرأ محمود الأوراق ونادى على والدته، التي أتت من المطبخ مع زوجته دعاء لترى سبب ارتفاع صوته والدهشة التي تعلوه

- فيه ايه يا ابني

- ماما، انتي عارفة ان بابا كان متجوز عليكي

جلست مرة واحدة وهي تتنهد وتنظر للضيف الجالس في الصالون مع أوراقه ونظرت على الأوراق التي في يده وقالت له:

- أيوة يا ابني أبوك اتجوز كتير بس ما اعرفش اذا كان خلف ولا لأ، هو كان بيخبي عليا إنه اتجوز بس أنا كنت بعرف واسكت عشان احافظ على بيتي، ودلوقتي إنت يا ابني جاي ليه وعايز ايه؟

- أنا علاء ابن زوجك وأخو ولادك وليا أخت كمان من الأب برضه، كل اللي نفسنا فيه يكون لينا عيلة ونتلم كلنا

- بص يا ابني ليكم عندنا ورثكم من ابوكم الله يرحمه ودا حق ربنا ما اقدرش اني أخالفه، لكن يكون ليكم عيلة مع ولادي أنا أسفة مش ح استحمل انكم تيجوا هنا وافتكر خيانة جوزي ليا

- بس يا ماما من حقنا نعرف اخواتنا طالما إنك عارفة إن بابا كان متجوز والورق سليم يبقى لازم نعرف اخواتنا خصوصا بيقول فيه بنت كمان يبقى لازم نعرفهم ونكون ضهر ليهم كفاية إن عمي الله يرحموا سرق ورثه من أمه ومنعه عننا واتربى في دار ايتام، فاكرة يا ماما دار الايتام

صمتت الأم فهي تفهم ما يرمي إليه ولدها، إنه يذكرها بالفتاة التي طالما أراد الارتباط بها وهي رفضت ذلك وأصرت على زواجه من أخرى حتى تزوج دعاء، تعلم إنه إذا وجد فتاته فسوف يتزوجها على الفور ولكنه لا يعرف لها طريقا وهي تحمد الله على ذلك.

لم يخبرهم علاء عن اغتصاب ميساء ولا علاجها نفسيا، فهو لا يعرفهم وهم لا يعرفونه وقد لا يصدقوا أنها مغتصبة وليس لها يد في الأمر، أخفى عليهم ذلك ولكنه أخبرهم بزواجه من فتاته التي يحبها وأخبرهم أنها يتيمة ولم يخبرهم أنها لقيطة خاف عليها من نظرتهم إليها التي قد تضايقها لذا آثر السلامة وقال إنها يتيمة الأب والأم. 

اتفق محمود على زيارته مع اخوته ليتعرف على اخته وعلى زوجة أخيه وبدأت إجراءات إعادة توزيع الإرث مرة أخرى وحصل كل من علاء وميساء على انصبتهم الشرعية في الميراث. لم يكن أي منهما يتوقع ما حدث، بل توقعوا الرفض والادعاء عليهم بالكذب، ولكن السهولة التي تم بها الأمر كانت مفاجأة سارة بالنسبة لهم، وتحدد موعد زيارة محمود واخوته لعلاء وميساء. حتى تلك اللحظة لم تكن فريدة تعلم أن محمود حبيبها هو أخو زوجها، لم تعرف أن حبيب العمر أصبح القريب البعيد، لم تكن تعرف أنه بحث عنها وأنه أحبها، ولك يكن يعرف أنها ستكون بذلك القرب منه لأنها زوجة أخيه والبعد لأنه لا يمكن أن يطعن أخيه في ظهره وتم اللقاء. 

جاء محمود واخوته الاثنين إلى منزل علاء، استغربا أن المنزل في منطقة شعبية للغاية، ولكنهم وجدوا أن السبب يكمن في قلة الموارد المالية لأخيهم واختهم وصعدوا إلى الشقة وضربوا جرس الباب وفتحت فريدة الباب، وبمجرد رؤية محمود أصيبت بالاغماء 

- مين يا فريدة 

- انا محمود يا علاء تعالى الحق فريدة وقعت في الأرض

وحملها محمود حتى أقرب كرسي عندما أتى علاء وحاول أن يجعلها تفيق من الاغماء الذي أصابها

- أنا آسف يا جماعة ما اعرفش فريدة مالها

- أنا محمود واحنا اتعرفنا قبل كده ودول اخواتنا محمد وعمر

- اهلا وسهلا يا علاء، هي فريدة هي اختنا؟

- لا فريدة تبقى مراتي، أختنا اسمها ميساء. ميساء انتي فين تعالي

- حاضر يا علاء ثواني

- مالها فريدة؟

- مش عارف أول ما فتحت الباب اغمى عليها ووقعت على الأرض 

- علاء، هات البرفان من اوضة النوم جوة بسرعة 

وفاقت فريدة من الاغماء واعتذرت منهم جميعا

- فريدة حبيبتي مالك انتي كويسة؟

- أنا كويسة يا علاء ما تقلقش ما اعرفش ايه اللي حصل، أنا اسفة يا جماعة 

- مفيش اسف ولا حاجة 

- أستاذ محمود ازي حضرتك مش فاكرني ولا ايه 

- ازاي يا فريدة حد ينسى الطالبة المجتهدة اللي رفعت راسه بمجموعها، صحيح انتي فين دلوقتي

- اشتغلت في نفس المدرسة مُدرسة لغة عربية 

- ما شاء الله خليفتي في الملاعب

- معلش يا جماعة نسيت أقولكم إن فريدة كانت طالبة عندي ثانوي أما كنت في مدرسة البنات واتخرجت من المدرسة ودخلت الكلية قبل ما أنا أمشي وما عرفتش أخبارها بعد كده 

- اهلا بيكي يا فريدة 

- وانتي يا ميساء دخلتي كلية؟

- لا أنا دخلت ثانوي تجاري

- وانت يا محمد، محمد صح؟

- ايوة محمد ودا أخويا عمر احنا دخلنا كلية تجارة عشان نتابع الشغل مع الحاجة وفي نفس الوقت نقدر نكبر شغلنا

انقضى الوقت في التعارف، لم يكن محمود يظهر أي من مشاعره الدفينة التي تمنت أن تحتضن فريدة ويتركها في حضنه أبد الآبدين، وتمنى وهو يحملها بين يديه وهي في حالة الاغماء أن يقبل ثغرها الجذاب الصغير، أن يلمس وجهها بيديه، ولكنه خاف أن تكون أخته فهو نسي اسم اخته الذي قاله لهم علاء وكان يتمنى ألا تكون كذلك، وعندما علم أنها زوجة أخيه شعر وكأن دلوا من الماء البارد ألقي عليه، لقد حرمت عليه مؤقتا بزواجها من أخيه ومجتمعيا حتى لو طلقها علاء لن يستطيع الزواج منها بسبب المجتمع الذي رفضها سابقا كونها لقيطة والذي سيرفض ارتباطه بها لأنها زوجة أخيه، الحل الوحيد الذي يسمح له فيها المجتمع بالزواج منها أن تكون أرملة أخيه. جالت الكثير من الأفكار في خلده ولم يكن يدري ماذا يفعل.

على الجانب الآخر شعرت ميساء بالغضب عندما علمت أنه حبيب فريدة، الآن فقط يظهر والآن فقط بعد أن علمت أنها أخيها هي وعلاء، ظهور حبه لفريدة يعني قطيعة رحم مرة أخرى وحرمانها من أخوتها جميعا، وعلاء الذي كان حتى وقت قليل حبيبها سوف يكسر قلبه، كما خافت من رد فعل فريدة على ظهور محمود المفاجئ، لم تكن تعرف كيف سوف تتصرف فريدة، كانت خائفة ومرتعبة أن تكون فريدة لا تزال تحب محمود، الآن هذا الحب أصبح مستحيلا.

ومن جانب فريدة، لم تحتمل فكرة أن حب حياتها هو أخو زوجها الحالي، أن الشخص الوحيد الذي أحبته وتمنت أن تكون بالقرب منه يكون أقرب إليها لكونه أخو زوجها، أخو زوجها، ظلت تلك العبارة تتردد في ذهنها حتى فقدت الوعي في الفترة القليلة التي شاهدت فيها محمود، وعندما أفاقت وجدت محمود يلقي عليها دلوا من الماء البارد عندما اعتبر وجودها مجرد فتاة متفوقة في الدراسة وخليفة له في الملاعب كما يقول، لم يدر أنها تذوب في حبه وتتمنى لو أنها في حضنه، تتمنى لو أنه زوجها، وتخاف من هذا الوضع الذي وجدت نفسها فيه بين ليلة وضحاها.

لم يتكلم كثيرا كل من محمد وعمر، لم يستسغ أي منهما وجود اخوة لهم وهم في ذلك السن وأن تكون اختهم مطلقة، لم يحتملا تلك الفكرة ولكنهما لم يصرحا بها ووجدوا أن والدتهم معها الحق في رفض استقبال أولاد زوجها في بيتها، أما محمود فقرر وضع حدود في التعامل لا يريد أن يضع نفسه في مواجهة مع حب حياته وأخيه الذي تعرف عليه توا.

شعر علاء هو وميساء ببعد اخوتهما عنهما، ولكن دون أن يعلما السبب لذا اعتبرا أنها المفاجأة أن يكون لهم أخوة آخرون، ولكن ميساء لم يفتها النظرات التي كانت في عيون محمود كلما نظر إلى فريدة وتمنت من الله أن تكون على خطأ.

 

الفصل التاسع

قرر اخوة علاء عدم زيارته مرة أخرى وغلق باب القرابة أمامهما، لم يفهم علاء السبب وكذا ميساء ولكنهما لم يحزنا كثيرا لأن هناك خبرا آخر جعل علاء يطير فرحا وهو حمل فريدة، لقد اكتشفت فريدة حملها بعد زيارة محمود لهم في المنزل، وأعزى علاء الاغماء الذي حدث لها نتيجة الحمل، وكانت خبر الحمل بمثابة رباط وثيق بين فريدة وعلاء وسبب لبعد محمود ليبتعد عن حب حياته. 

شعرت دعاء بتغير محمود وخصوصا وهو يلعب مع فريدة، لاحظت الدموع في عينيه، لاحظت نظراته لفريدة الكبيرة عندما زارتهم مع زوجها، شعرت بالغيرة ولكنها كتمتها، أخيرا علمت من هي عدوتها اللدود ولكنها اعتبرت كونها زوجة اخو محمود سببا كاف لبعدها عن زوجها، لن تشن عليها حربا لسبب بسيط وهو أنها متزوجة ولا تحارب لاستعادة محمود وهو ما كان يهمها من البداية أن يظل محمود لها هي فقط.

أما والدة محمود لم تشأ أن تتعرف على اخوة أولادها، ولكنها شعرت بتغير ابنها محمود بعد أن تعرف على اخوته وخاصة زوجة أخيه

- هي يا محمود اللقيطة اللي كلمتني عنها قبل كده

- هي يا أمي

- وبعدين؟

- ولا قبلين، ما بقاش ينفع أفكر حتى فيها ولا حتى في خيالي دي مرات أخويا

- وأنت ناوي على ايه؟

- مش عارف بس مش لازم اشوفها او أقابلها عشان خاطر رابط الدم اللي بيني وبين جوزها

- يبقى اقطع علاقتك بعلاء وميساء اعمل كأنك زي اخواتك مش متقبل وجودهم

- بس أنا مبسوط بوجودهم وصعبانة عليا ميساء اللي اتطلقت وهي لسه في عز شبابها عشان جوزها حس إنها يتيمة ومالهاش حد يقف لها، وعلاء اللي نظرة الحب في عنيه لوجودنا في حياته

- بس وجودك باستمرار قصاد مرات أخوك مش حلو عشانك وعشانها، النهاردة قدرت تتحكم في نفسك بكرة الله اعلم ايه ممكن يحصل وخصوصا انها حامل ما ينفعش يا ابني انك تكون سبب في خراب بيتها وتشريد طفل لسه ح يجي للدنيا كفاية عليها إنها كانت لوحدها بتواجه الدنيا ما ينفعش تسيبها تواجه لوحدها هي وابنها خصوصا انك متجوز انت كمان ولو فضلت مصمم على الجواز منها ممكن تخسر بيتك ومراتك، أنا ست يا ابني واحس بالست اللي زيي دعاء مش ح تستحمل يكون ليها ضرة وتسكت دعاء مش زي كاميليا، دعاء بتحبك وبتغير عليك، حبها يا ابني وخرج مرات اخوك من دماغك

- ح اعمل اللي بتقولي عليه يا امي ح اقطع مع علاء

- هو دا الصح يا ابني، حتى لو زعل النهاردة فزعله عشان أنتم بعاد عنه ومش قريبين اهون كتير من قهرته ان أخوه خانه في بيته ولف على مراته من وراه وخصوصا انك ما تعرفش شعور مرات اخوك ناحيتك ايه، زمان كانت مجرد طفلة جسمها كبر وعجبتك وظروفها تمنعها ترفضك بظروفك الوحشة دلوقتي هي زوجة وأم ما ينفعش حتى تمر على خيالك

- حاضر يا امي

وافق محمود على كلام والدته، هو يعلم أنه الصواب وأنه لابد ان يبتعد عن زوجة أخيه حتى لا يقتل أخيه بدم بارد، كم تمنى وفاة علاء حتى يتزوج من فريدة، ولكنه يعود وينفض تلك الأفكار عن عقله، فكيف يتمنى وفاة أخيه الذي يحبه، رغم ضآلة المعرفة بينهما، ولكنه أحب اخوته الجدد ويحاول الابتعاد عنهما في ذات الوقت حتى لا يلوث ذلك الحب بأشياء أخرى.

 

الفصل العاشر

عندما علمت فريدة بحملها فرحت كثيرا كونها ستصبح أمًا، وكذلك علاء الذي فرح أنه سيكون أبًا لأول مرة في حياته، مولود جديد سيوطد علاقته مع زوجته التي شعر بتغير بسيط فيها بعد زيارة محمود ومحمد وعلاء، ولكنه أعزى هذا التغير لعلمها بالحمل الذي سوف يغير حياتهما إنه حلم جميل يتمنى كل منهما أن يكتمل. ولكن ميساء عندما رأت محمود وشاهدت ما حدث لفريدة علمت على الفور أنه محمود الذي أحبته فريدة، علمت أن زوجة أخيها تحب أخيها الآخر ولم تعرف ماذا تفعل غير أن تواجه فريدة لتعلم ماذا تنوي أن تفعل:

- هو دا محمود اللي حبتيه يا فريدة 

- للأسف هو دا يا ميساء

- وناوية على ايه؟

- ولا حاجة، أنا حامل من علاء وهو بيحبني وأنا حسيت بقربي منه الفترة اللي فاتت، محمود أصبح مجرد ذكرى لمشاعر جميلة في وقتها لكن دلوقتي اللي حاسة بيه ناحية ابني وناحية علاء أقوى بكتير

- طب ولو فيه تعامل؟

- أنا ماليش لازمة أكون موجودة باستمرار أنا مجرد زوجة أخوكم لكن الزيارات ليكم وقليل ح أكون موجودة وح أكون مع مراة محمود يعني هو كمان ما ينفعش يفكر فيا دا لو كنت أساسا في دماغه

- طمنتيني يا فريدة كنت يا فريدة تكوني لسه بتحبيه

- حب ايه، اللي زيينا مالوش انه يحب اللي زيي تحمد ربنا إنه زوجة وأم دلوقتي مع واحد بيراعي ربنا فيها والحمد لله إن ظروفه غير ظروفي ابني أو بنتي ح يكون ليهم أهل مش زيي

- يعني مش بتحبي علاء؟

- علاء هو كل حياتي، قبلني زي ما أنا وهو عارف كل حاجة عني وبيحبني ودا يخليني اشيله فوق راسي

- بتحبيه؟

- بطلت اعرف احب، بس بشيل اللي قبلني بحالتي فوق راسي، هو حياتي حاليا بينافسه ابني اللي جاي في الطريق يا عمتو 

- الله، حلوة عمتو، ياه ليا حد صغير ح ينور حياتي

احتضنت كل منهما الأخرى، اطمأنت ميساء من مشاعر فريدة تجاه محمود، حيث كانت تخاف من مواجهة محتملة بين الأخوة ولكن الله سلم منها، ولم تعلم ميساء حتى ذلك الوقت رفض اخوتها وجود صلة بينهم، ولكن شعرت أنهم غير مرتاحين لوجود اخوة جدد عدا محمود الذي بدا مرحبا، ولكنها كانت تخشى من نظرات محمود العاشقة التي كانت موجهة صوب فريدة، تعلم أن فريدة لم تشعر بها، فقد كانت في مكان آخر تذكرت معه ذكرياتها معه ولكنها لم تركز معه خاصة عندما أتى مع زوجته كما فعل اخوته، كل منهم أحضر زوجته وأبنائه كي يتعرفوا على عمهم وعمتهم وزوجة عمهم، وفوجئ الجميع عندما أغشي على فريدة ولم يعلم أيهم وقتها أنها لم تصدق عينيها عندما وجدت حب حياتها أمامها وكونه أخي زوجها. رأت ميساء نظرات العشق والخوف في عين محمود وقت أغشي على فريدة ووجدت نظرات الغيرة في عيون زوجته وخاصة أن ابنته اسمها فريدة وقد ربطت ميساء كل ذلك لتعرف أن محمود هو الآخر يحب فريدة درجة الجنون ولكنها لا تعرف لماذا لم يصارح فريدة بذلك ويتزوجها، ففريدة لا تخفي شيئا عن ميساء ولو كان قد فعل لعلمت هي بذلك حتى لو رفضت فريدة الزواج بسبب ما حدث لها سابقا لكانت قد أخبرت ميساء عن اعتراف محمود، ولكن فريدة قد أغلقت الباب أمام هذا الموضوع بعقلها الذي أثنت عليه ميساء، تعلم عقل فريدة ورجاحته وتعلم أنها لن تخرب علاقة بين أخين وكذا لن تتسبب في الفصل بين أب وابنه أو ابنته.

تتذكر ميساء عندما أتت الطبيبة للمنزل للكشف على فريدة عند الاغماء عليها وطلب تحليل البول الذي طلبته وأجرته فريدة في المنزل الذي أثبت حمل فريدة وفرحة فريدة وعلاء بهذا الطفل الجديد الذي وثق العلاقة بينهما وجعل فريدة تشعر بشعور جديد عليها وهو أن تكون أمًا لطفل من دمها، أن تكون امًا في أسرة سوية طبيعية.

أما فريدة فرغم أنها فرحت كثيرا بحملها وكونها أمًا إلا أنها كانت تفكر في علاقتها حاليا بمحمود حب حياتها، حبها الذي وأد في بدايته، لم تعلم أنه يحبها فقد كانت في حيرة من أمرها أهو يحبها أم مجرد اشفاق عليها وعلى حالها، ولم تعلم كيف تتعامل معه في ظل الظروف الراهنة لقد رأت الغيرة في عين زوجته ولم تعلم سببها وتقر في نفسها أنها فوجئت أن ابنته اسمها فريدة وقد أعزت ذلك إلى الصدفة البحتة، ولكنها قررت البعد تماما عن اخوة زوجها حتى لا تجد نفسها في وضع لا تحسد عليه، قررت سوف تجد آلاف الحجج لعدم الذهاب لهم وعدم مقابلتهم حتى لو مصادفة ولم تعلم أنهم قد قرروا اغلاق هذه القرابة إلى أجل غير مسمى.

أما علاء، فقد احتار في نظرات محمود لفريدة عندما أغشي عليها لقد رأى لهفة عاشق في عينيه، لا يعلم علاء عن حب فريدة لمحمود أي شيء ولا يعلم أن محمود هو أستاذ اللغة العربية الذي درس لفريدة في الثانوية وأنها أرادت أن تكون مثله حتى تلقاه وتكون في مستوى مناسب له، احتار في تلك النظرات ولم يستطع أن يتحدث خاصة عندما وجد نظرات الغيرة الواضحة في عيني دعاء من فريدة ولم يفهم السبب ولكنه قرر لن يضع النار بجانب البنزين ولن يترك الغيرة تأكل قلبه لذا لن يأخذها في زيارة اخوته ولن يتسبب في لقاءات تسبب له شخصيا الغيرة من أخ له تمنى في السابق وجوده.

أما محمود فقد قرر قطع علاقته بعلاء وميساء الا من مكالمات هاتفية كل مناسبة حتى لا ينقطع الود كليا، وحتى يقطع كل سبيل له بلقاء فريدة التي عاد اشتعال حبها في قلبه كما كان في السابق عندما رآها ولكنه فوجئ عندما اتصل يطمئن عليها من علاء أنها حامل، لقد فوجئ أنه تعيش حياة طبيعية وأنها زوجة وزوجة لمن؟ّ! إنها زوجة أخيه، قرر الاكتفاء بالمكالمات الهاتفية على جوال علاء حتى لا ترد هي عليه، أراد قطع كل سبيل للتواصل حتى لا يخون أخيه ولا يخون زوجته، نعم يحبها وحبها يقض عليه مضجعه، ولكنه حب محكوم عليه بالإعدام، حب كتب عليه أن يموت قبل أن يبدأ، لم يعلم محمود أن فريدة كانت تحبه هي الأخرى وأنه أول حب في حياتها لم يعلم ذلك ولم تقل هي أي شيء لأنه لم يخبرها عن مشاعره.

لقد كتم كل منهما مشاعره عن الآخر، هو بسبب والدته ورفضها زواجه من لقيطة وهي لأنها لم تعرف أنه يحبها وظنت تصرفاته معها مجرد اشفاق على حالها كما أنها خافت لو علم بما حدث لها سابقا كيف سوف يتصرف ففضلت الصمت وكتم مشاعر كانت لها منفذ نور في طريق ساده الظلام.

 

الفصل الحادي عشر

الأخير

مرت الشهور وعلم الجميع بموقف كل واحد منهم تجاه الآخر وعلمت ميساء أن لا أخ حقيقي لها سوى علاء، وضعت فريدة توأما ولد وفتاة أسماهما علاء مازن وروفيدا وفرحت بهما ميساء كثيرا لقد أصبحت عمة لأطفال صغار، عمة حقيقية وليس كما هو الحال مع محمود ومحمد وعمر، إنها كانت عمة لأولادهم، ولكنهم قرروا الابتعاد والاكتفاء بمكالمات هاتفية في المناسبات وفقط وبالتالي أصبحت عمة حقيقية لمازن ورفيدا.

قابلت ميساء وحيد، جار لهم انتقل حديثا إلى البناية قابلته صدفة وهو يخرج من الشقة المقابلة لهم، شخص وحيد اسم على مسمى لا أهل معه هو وحده، متوسط الطول اسمر البشرة شاهدها كثيرا وهي تخرج مع علاء وسأل عنها البواب وعلم أنها أخت علاء حيث انتقل علاء من البناية التي كانوا فيها في بداية الزواج إلى بناية جديدة يعلم الجميع بها أن ميساء اخته وليست زوجته انتقل قبل ولادة فريدة ولم يخبر اخوته بالعنوان الجديد حتى يقطع أي فرصة قد تجمع بين محمود وفريدة ليطفئ نيران غيرته من أخيه وهناك انتقل وحيد إلى شقته بعد وصولهم بشهر واحد كانت فريدة قد وضعت فيه توأمها وأعجب بميساء وأخلاقها بعد راقبها كثيرا وتقدم لها وعلم أنها مطلقة، لم يعلم بما حدث لها سابقا، لقد أصبحت صفحة من الماضي طواها الزمان ولم يصبح لها أي صفة في الحاضر، فميساء مطلقة وبالتالي هذا تبرير لعدم عذريتها لا تحتاج معه إلى الكلام عن الماضي السحيق، وحيد هو الآخر تربى في دار الايتام ويعمل محاسبا ليس له أهل فهو لقيط ولم يبال علاء بذلك فهو قد ذاق طعم اليتم وعدم وجود الاهل وتزوجت ميساء من علاء وعاشت معه في الشقة المقابلة لشقتهم. 

مرت الأيام وحملت ميساء هي الأخرى في توأم أيضا وكأن القدر يكافئهم على صبرهم على ما أصابهم وأنجبت علاء وفريدة كم سعدت بذلك، بأن أصبحت أمًا هي الأخرى كم هو شعور رائع أن يكون لك أبناء هم جزء منك تهتم بهم وتراعاهم وتهتم بشؤونهم كلها. 

أنجبت فريدة توأما آخر هو ميساء وعمر لم تشأ أن تسمي أي من أبنائها محمودا لكي تأد أي مشاعر قد تكون منها له، ومرت الأيام والسنون وكبر الأبناء وتخرجوا جميعا من الجامعة وتزوج مازن من فريدة ابنه عمته وتزوج علاء من ميساء ابنة خاله أما باقي الأبناء فتزوجوا من زملاء لهم بالجامعة ومرت السنون وأنجب الأولاد وانقطعت أخبار اخوة علاء تماما خاصة بعد وفاة والدتهم التي ظن علاء أنها سبب انقطاعهم عنهم، ولكن بموتها تبين أنهم هم من أراد ذلك. لم يلتق أبناء العم سوى مصادفات في الجامعة والعمل، يعلمون أنهم أقارب ولكنهم يعلمون أنهم أقارب غير مرغوب بهم.

ظلت فريدة تبحث عن وجه محمود في وجوه المارة خاصة بعد وفاة علاء عقب زواج آخر أبنائهم، ظلت تبحث عن محمود ولا تعلم ماذا سيفعل إذا رآها وهل هو يحبها أم لا.

أما محمود فقد توفت دعاء بعد صراع طويل مع مرض السرطان أتى على كل ما ادخره محمود. تمنى محمود لو يرى فريدة ولو صدفة، ولكن القدر كان جادا معهما فلم تجمعهما أي صدف حتى توفى كل منهما وهو يحب الآخر ويتمنى لو يراه ويجتمع شمله به.


        ♥️♥️تمت♥️♥️

#sherry_mostafa




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-