أخر الاخبار

ترويض ادم للكاتبة بتول طه الفصل الرابع


ترويض ادم للكاتبة بتول طه


 الفصل الرابع 

جميع حقوق الملكية والنشر تعود لي ولا احلل فكرة السرق او نشر الرواية دون الحصول على موافقتي.


الجزء الرابع


بسرعة البرق مسك يدها ليوقفها وقبضته تعتصر معصمها وزادت إبتسامته الماكرة التي لم تفهمها شيرين وتوسعت عسليتاها في صدمة من طريقته


"اه.. سيب ايدي.. أنت اتجننت ولا ايه؟" صاحت متألمه وحاولت الإفلات من قبضته ولكن دون جدوى.


قام يجذبها خلفه بشدة ليرغمها على السير خلفه وهي لا تعرف ما الذي يفعله وكيف يفعل بها ذلك دون التحلي بالرسمية أو حتى بالعملية كأي رجل في مكانه، فهو حتى لو اشتهر بجرأته الشديدة لا يحق له أن يفعل ما يفعله ولا حتى التصرف بتلك الطريقة التي تفتقر للإحترام!!


"يا نهار أسود!! لا يكون هيتحرش بيا زي ما سمعت عنه!! طب هاعمل ايه أنا دلوقتي؟ لو عليت صوتي وصرخت ممكن حد يسمعني أصلاً من مكتبه ده؟ هاقدر أصوت أصلاً؟ أنا مالي كده لساني مشلول ومش قادرة حتى أزعق فيه ولا أمنعه عن اللي بيعمله؟!"


انفجرت الأسئلة بعقلها وغضبها من نفسها أكبر من غضبها وتوترها من هذا البارد. فجأة وجدته يلقي بهاعلى أريكة جلدية سوداء ضخمة لتزحف هي لآخرها بإرتباك وعسليتاها تتابعه في تعب امتزج بالخوف والتوتر لتجده يبتعد وجلس أمامها بغرور على أريكة مماثلة وكاحله الأيم لامس ركبته اليسرى واضعاً قدماً فوق آخرى، وذراعاه ممدتان يميناً ويساراً بجانب رأسه. ثم رآته ينظر لها بعيناه الرماديتان تلك التي لم ترى مثلهما من قبل، لقد رآته بمئات الصور ولكن مواجهة تلك الرماديتان الثاقبتان بالحقيقة شيء مختلف تماماً عما تراه بالصور!!


لاحظت تلك الإبتسامة اللعوب المليئة بالمكر وكأنه يفكر بشيء ما أو يتخيل أمراً لم تعرف هي عنه شيء ولا حتى تستطيع توقع تفكير رجل مثله "أنتي بقا مش زيهم.. تمام.. يالا بينا!" تمتم بعقله ولكنها بالطبع لم تستمع لتفكيره


"أسمعني كويس كده وفوق لكلامي" عدلت من جلستها ونظرت له بأنفاس متلاحقة من إرتباكها الشديد وتوترها ولكنها تحلت بالشجاعة ثم صاحت به "أنا هنا عشان الشغل وبس!! ومعنديش وقت أنا ولا فاضية لمسلسل السكوت بتاعك ده! واياك تقرب مني ولا تلمسني تاني ده إذا أصلاً كنت هشتغل معاك! دي آخر فرصة قدامك عشان تكلمني بإحترام عن الشغل، ولو مش حابب مظنش حد فرض عليـ..."


"متخلقش اللي يفرض عليا حاجة!" قاطعها بمنتهى الهيمنة والغرور لتنظر هي له في غير تصديق وملامح وجهها التي تغيرت كانت كفيلة بجعا من يراها أن يدرك أنها قد قامت بسبه بداخل رأسها لآلاف المرات!


" يا سلام!!، أنت فاكر نفسك ايه أنت ولا مين؟!" صاحت به بنبرة مليئة بالتقزز


"كملي.. كملي " أجاب ساخراً بإبتسامة مليئة إستهزاء


"وريني العقد ده إذا كنت هاشتغل معاك أصلاً" آمرته بكبرياء


"ده أنتي هتعرفيني أعمل ايه ومعملش ايه بقا! أنتي هتتشرطي يا شاطرة؟!" نظر لها بغضب شديد وشراسه


"أرجوك.. بطل تضيع في وقتي وقتك" همست بصوت منخفض عاقدة ذراعيها وتملكها الرعب من نظرته المخيفة وحاولت أن تنقل عسليتاها حتى تتوقف تلك الرماديتان عن تفرسها بتلك الطريقة


"اسمعي اللي هقوله ده كويس عشان أنا كلمتي مبكررهاش مرتين.. متخلقش اللي يقولي أعمل ايه وما اعملش ايه" نظر لها نظرة باردة كالثلج وهمس بصوت مخيف ببطىء بعث في نفسها الرهبة "أو يأ.. مر.. ني.." سكت متفحصاً رد فعل كلامه عليها وهو يعلم جيداً ماذا يفعل وابتسم زهواً لخوفها الظاهرعليها وإرتباكها فكبرت إبتسامته ورآها تريد التحدث فأكمل مسرعاً "مبحبش الفركشة والأسئلة الكتيرة، كل حاجة تعمليها بأذني، لازم أكون عارف الفكرة قبل حتى ما تخطر على بالك، أنا ليا القرار الأول والأخير في كل حاجة، أنتي بس مجرد حاجة بتبلغني بمواعيدي وتنظميها مع مراعيدي في الشركة، ولعلمك أنتي هنا بسبب مراد، أنا لا أختارتك ولا شايف واحدة ست ممكن تنجح في شغلها و.."


"نعم؟؟!!" صرخت به في إستنكار شديد للذاعته ثم عقدت حاجبيها


"مش أنا قولتلك مبكررش كلمتي؟! أنتي طرشة ولا ايه؟" صاح بها والغضب يملؤه كمن سيقتل أحداً والشراسة تعتلي ملامحة ودنا منها لتفزع أكثر من تلك النبرة التي أرتجف لها جسدها خوفاً


"آسفة.." همست برعب


"قفي.." آمرها في هيمنة شديدة بعد أن شعر بخوفها الظاهر على ملامحها


فعلت ما أمرها به بسرعة خوفاً منه وأغمضت عسليتاها تعتصرهما لمحاولتها محو احساس الخوف هذا وكل ما يجول ببالها أن تغادر وليحدث ما يحدث ولكن هي تعلم جيداً أنه فرصتها الوحيدة للعمل، فوجئت بأنامله الدافئة تلمس أسفل ذقنها ليجبرها لفتح عينيها فنظرت له لتجد رماديتاه باردتان خاليتان من التعبير، لاحظت أنه أصبح قريباً منها ونفسه مليء برائحة دخانه ولكنه بنفس الوقت ممزوجاً برائحة النعناع ورائحته الرجولية، جعله هذا كله مزيجاً من الجاذبية فلم تقوى على التحرك، عضت على شفتاها السفلى وحاولت السيطرة على نَفَسِها الذي اخذ بالتسارع، وهي تصرخ بنفسها لتزجرها عن التأثر به، لم تعلم أين ذهب ذاك الرعب الذي يتملكها منذ قليل لتفكر به الآن بمثل هذه الطريقة.. "سرقتيه؟!" سألها بهدوء يتفحصها.


"لا" أجابت بحزن وهي تعرف ماذا يقصد جيداً


"سيبتيه ليه؟!" سألها ولكنها لم تجب وأبتعدت عنه موجهه ظهرها له


"أياكِ ابقا بكلمك وتسيبيني كده" جذبها من خصرها بعنف لتنظر له متفاجئة بغضبه وعيناه التي كادت تطلق رصاصاً في وجهها، ولكنه لم يدعها وظل ممسكاً بها.


"لو سمحت ألزم حدودك ومنلمسنيش كده تاني" صاحت وهي تنظر له والغضب ينهال من عسليتاها المنزعجتان من تصرفاته وأخذت يده لتجذبها من على خصرها ثم ألقتها بجانبه


"طيب.." حك شفته السفلى أفقيا بسبابته واضعاً الأخرى بغرور في جيب بنطاله موجهاً ظهره لها وبداخله يتوعد لها "في أوضة على شمالك.. روحي استنيني فيها"


"ليه؟!" سألت بعفوية ولكن كل ما حصلت عليه من إجابة هي التفاته لها ليرمقها بنظرة غاضبة محذرة فتذكرت كرهه للأسئلة الكثيرة وتوجهت فوراً للغرفة مثل ما أخبرها.


"سواد تاني" تمتمت بصوت منخفض بمجرد فتحها للباب لترى غرفة كبيرة لا تحتوي إلا على طاولة مستطيلة عملاقة وحولها عدد لم تدركه من المقاعد ولكن مقعد واحد فقط يترأس الطاولة والباقي على الجانبين وشاشة عملاقة ومنضدة مرتفعة بالجانب. فجأة شعرت به خلفها، أنفاسه ورائحته تعلن عن وجوده ولكنها فزعت لأنها لا تضمن ما قد يفعله ونظرت له لتجده واضعاً يداه بجيبا بنطاله ورفع لها حاجبه بإماءة فهمت منها أن تتقدم أمامه للجلوس ولاحظت العقد وبجانبه قلم على جانب المنضدة، بلعت ريقها بصعوبة وتقدمته وهي تشعر بعيناه تتفحصان قوامها ومؤخرتها البارزة فلاحظت نظراته التي تخترقها لذا أسرعت وجلست على أحد المقاعد كمن تختبأ عن رماديتاه الجريئتان.. آتى بعدها وجلس على المقعد الرئيسي بجانبها وركبته تضغط فخذها اليمين بقوة لتحاول هي الإبتعاد عنه لطرف مقعدها


"يلا أمضي.." آمرها وزم شفتيه ببرود مبالغ


"ددلوقتي؟؟!" سألت مستفسرة فكانت تظن أن لديها وقت حتى تطلع حبيبة عليه


"اه" زفر بضيق


"مش على الأقل أقراه الأول" أخبرته وقد علمت أن ليس لديها فُرصة حتى تطلع حبيبة عليه ولم تحضرها معها فعليها أن تفهم كل شيء بالعقد وحدها وهذه هي الفرصة الوحيدة أمامها.


"طيب"


كان عقداً طويلاً بحق، دنت قليلاً من المنضدة وثدييها يلامسان الحافة و أخذت تقرأه شيرين بعناية وتركيز غير مكترثة لآدم ولا وجوده وهو يتفحصها بعينيه ينظر لثديها الذي يعلو ويهبط مع أنفاسها، تطلع لرموشها الغزيرة، وجنتيها الدائرتيان ولكن بتناسق، شفتاها الوردية المرسومتان بإمتلاء خلقا للتقبيل، لاحظها تعقد حاجباها وتزم شفتيها وعضت على شفتها السفلى ببطئ مما آثاره فقام بهمجيه باعداً مقعده للخلف بقدمه مخللاً خصلات شعره بنفاذ صبر لتفزع شيرين وترفع نظرها له بإستغراب لفعلته


"وأنتي بقا هتاخدي يومي كله عشان حتة عقد" صاح بغضب ثم نظر لعيناها البريئتان العسليتان وهو لا يدري ما الذي بعيناها، يرى خوف وأحياناً جرأة شديدة!


"أنا آسفة يعني بصراحة لحضرتك مش عارفة أقولك ايه!!" صاحت بتهكم وابتسامة ساخرة "بس بردو حقي إني أقرا العق وأفهم كل اللي فيه، لو معندكش وقت ممكن آخده ونبقا نتكلم فيه بعدين" أجابته بإستفزاز


"وأنتي فاكرة إن عندي وقت ليكي؟!" ضحك ساخراً بنظرة مستهزِءه


"تعرف؟!" نظرت بعيناها عالياً إلي جانب سقف الغرفة وكأنها تُفكر بشيء ما مما أضفى عليها براءة مثل الطفلة الصغيرة ثم توجهت له محدقة في عيناه بجرأة شديدة "العقد ده مدته تلت سنين، هاهتم بشغلك، وشكلي كده ممكن أسافر معاك، وهاحضر اجتماعات، وهاحضر صفقات وأتفق على حاجات بدالك و.."


"أنتي هتعديلي زي البغبغان العقد كله؟ اتزفتي انطقي عايزة توصلي لإيه؟!" سألها بنفاذ صبر


"هتلاقيلي وقت يا آدم ومش بمزاجك!! وعلى فكرة! عقدك هو اللي بيقول كده.." قالت مبتسمه ثم ادارت ظهرها له للتوجه لمقعدها وبداخلها تصرخ بالفرحة لإنتصارها عليه وشعرت باللذة وملامحه ووجه كساهما الصدمة "ودلوقتي بقا يا ريت تسيبني أكمل ده لو عايزني مضيعش وقتك" صاحت بإنتصار وارتسم على ثغرها ابتسامة أكبر.


سكت ولم يرد عليها فكيف من كانت خائفة منذ دقائق تتجرأ وتحدثه بمثل هذه اللهجة بل وتبتسم له كمن ظفر بشيء، لقد غيرت فكره تماماً عن خطته معها فهي من الواضح لا تخافه كالكثيرات ولا تتجاوب للمساته ومحاولاته معها كمن يسيل لعابهن عليه ويذبن من لمساته بل وتصده مرة بعد الأخرى، فأدرك أنها لن تستسلم بسهولة حتى بعد الشروط الخانقة التي عدلها بالعقد ولكن أمله كان معلقاً على آخر بند منه وهو الشرط الجزائي الضخم بالنسبة لفتاة في عمرها، فأنتظر حتى تصل له ليسمع رفضها وتغادره.


غادرالغرفة لإحتياجه لشيء يقتل الوقت فهو لا يتقبل الرفض نهائياً ويريد أن يشتت نفسه عنها فقد اثارته ولكن اعتقد أنه مجرد لإبتعاده مؤخراً عن النساء وعدم ممارسته أي علاقة منذ مدة، أشعل سيجارة ممداً قدماه الطويلتان على مكتبه، تفقد هاتفه ليرى رسالة من مراد نتيجتها مشادة جديدة معه بخصوص ما فعله أمام شيرين ولكنه لم يهتم، تفقد مواعيده لليوم الخاصة بالشركة ورأى أن ما زال لديه وقتاً رحباً فمراد يهتم بالكثير، ذهب لغرفة أخرى تحتاج لشفرة سرية وقرر أن يغير ملابسه، أخذ بنطالاً أسود وحذاء ذو رقبة قصيرة وقميصا غير رسمي قطني الملمس ذو فتحة من مقدمته على شكل V من الأمام أسود اللون وتوجه لشيرين.


فكر في أن يتفقدها فلقد أطالت كثيراً فتوجه لغرفة الإجتماعات ليدخل عليها ليجدها توقع العقد فتوسعت رماديتاه مندهشاً ولكنه سيطر على تعبيره وملامحه في لحظة واحدة ووقف على الباب ينظر لها بغيظ حتى شعرت بقدومه.


"آدم.. أنا لسه كن هـ..." وبمجرد رفعها رأسها لتنظر إليه قد غير ثيابه ولكن بيده قميصاً وصدره عاري وبنطاله ذو وسط قصير بالكاد يلامس أسفل خصره النحيف، عضلات معدته مثيرة تجعلها تريد النظر له للأبد، صدره العريض مشدوداً وخالٍ من الشعر يضفي عليه جاذبية ويناسبه، عضلات ذراعيه منحوته تجعل أي أنثى تتمنى أن تتلمسها ولو لثانية، نظرت لخصره النحيف مقارنة بمنكبيه العريضة لتبتلع ريقها وحاولت بكل ما أوتيت من سيطرة وتحكم بنفسها أن تشتت نظرها عنه وأكملت مسرعة "كنت هـ.. العقد.. امضي.. أممم.." تلعثمت ولكن تمالكت نفسها "كنت لسه هاجبلك العقد عشان تمضيه " زفرت نفس بصعوبة بعد استطاعتها قول جملة مفيدة.


توجه ناحيتها بثقة وغرور وهو يعلم جيداً تأثيره على النساء ولكنه فرح بتلعثمها فهذا دليل واضح على إعجابها به، اقترب إليها ودنا حتى يوقع العقد حتى كاد أن يلتصق بها وبالرغم من مفآجئتها له بقبول كل الشروط، لف ذراعه حولها حتى يأخذ القلم عوضاً من أن يأخذه من أمامها، يبدو وكأنه يحتضنها، أخذ الكثير من الوقت حتى لا يبتعد عنها، أغلقت شيرين عيناها حتى لا يستطيع أن يقرأ فيهم أي تعبير فهي لا تعرف كيف تداري ما تشعر به ودائما ما يظهر بعسليتاها كل شيء، شعرت برائحته الرجولية، برائحة النعناع تلك التي تنبعث منه، بأنفاسه الدافئة، بتلك الهالة حوله التي تبعث الإرتباك لخفقات قلبها، حاولت السيطرة على نفسها ولكن علت أنفاسها قليلاً فشعر بها ثم همس برقة "شيرين.."


"نننعم.." صوته العميق أشعل كل أحاسيسها ولكنها جاوبته هامسة بعد ثواني بصعوبة بالغة


"أنا عايز.. امضتك تكون على كل صفحة من العقد مش الصفحة الأخيرة بس" همس مجدداً ولكن بخشونة ورجولة تلهب شعور أي إمرأة على وجه الأرض.


"ححــ.. حاضر.." تلعثمت بصعوبة ولا زالت مغلقة عيناها ولم تقوى هي على التحرك


"وأنتي هتمضي ازاي وأنتي مغمضة عنيكي؟" قرب لأذنها حتى شعرت أن رقبتها تكاد تحترق من أنفاسه الملتهبة ثم سأل بصوت يكاد يكون مسموع


"أكيد لأ.." فتحت عيناها بسرعة منتبهه أنها مازالت على وضعها وأنها يجب أن تتحرك وتبعده عنها بأي شكل فبحثت عن القلم فوجدته بيده فحاولت بأطراف أناملها اخذه دون أن تلامسه.


تناولته منه وبدأت في توقيع الصفحات، ثم نظرت نظرة خاطفة له لتجده يبتسم ابتسامة خبيثة بتعجرف، وبعد أن أنتهت ألقت القلم بصعوبة ثم صاحت


"خلصت.. ممكن بعد اذنك تعديني..."


"مين قال إنك خلصتي؟!" قاطعها ومد يده أسفل المنضدة ليآتي لها بنسخة أخرى "وده كمان.." ألقى العقد أمامها ليدوي صوت ارتطامه بالمنضدة لتفزع هي ويهتز كتفاها.


قرأت مسرعة فوجدت أنه هو تقريباً نفس العقد ولكن نسخة أخري فوقعته بأكمله "اتفضل.." همست برقة مناولاه القلم وأنفاسها تتصارع وبداخلها تتمنى أن تنتهي من هذا الكابوس سريعاً.


وقع آدم العقد وعدلّ وقفته وارتدى قميصه ومازالت الإبتسامة الخبيثة تعتلي شفتاه، أطلقت شيرين زفرة طويلة واغلقت عينيها للحظة ثم نهضت وهي تُصيح في إصرار


"أنا ماشية.. بعد اذنك" كادت أن تغادر الغرفة


"مين قال إنك هتمشي؟" آتاها صوته الأجش سائلاً ليوقف قدماها عن التحرك


"أنا اللي بقول..." أجابته بجرأة لم تتناسب نهائياً مع حالتها المشتتة تلك منذ ثوانٍ


"أنا اللي يقول امتى تمشي وامتى تقعدي"


"عايز ايه يا آدم؟" سألته بملل


"هتقابلي مراد وهيديكي كل المواعيد والمعلومات اللي محتاجة تعرفيها عشان تكملي مكان ما وقف هو، وبعدين هتجيلي عشان تعرفيني الشغل هيمشي ازاي الفترة الجاية ولازم توريني Chart وكمان Plan تكون واضحة كويس اوي"


"أوك، هو في الدور الخمستاشر مش كده؟!" سألت بعفوية


"أكتشفي بنفسك" اجابها باقتضاب موجهاً ظهره لها ليغادرها


"يا حتة حيوان يا قليل الذوق!!!" فكرت شيرين وحاولت تمالك نفسها من الغضب


"قدامك ساعة إلا تلت عشان تكوني في بيتي" صاح مبتُعدا وأغلق الباب ليتركها


"ايه؟! ساعة إلا تلت ايه دي إن شاء الله؟! أكيد بيهزر قليل الذوق ده؟!" فكرت ثم جرت إلي المصعد "يارب استرها معايا.. أنا لا أعرف عنوانه ولا أعرف هروحله ازاي ويا ترى بيته ده بعيد قد ايه عن هنا، هو أنا ليه أصلاً قبلت أشتغل مع واحد زيه؟! حتة إنسان سافل وقليل الذوق بشكل مش معقول!! والأسانسير الزفت الغبي ده مبيشتغلش ليه ولا بياخد قد ايه عشان يجي.. آففف.. الله يحرقك يا آدم يا رأفت أنت ويحرق الظروف اللي خلتني اتحوج ليك"


جرت إلي السلالم لأنها لا تستطيع الإنتظار حتى لا تضيع الوقت وبعد أن لاحظت نزولها ستة طوابق تذكرت أن آدم في الطابق الثلاثون بينما مراد مكتبه يتواجد بالطابق الخامس عشر "الله يحرقك يا آدم أنت واليوم اللي أضطرني اشتغل معاك فيه" سبته في عقلها مسرعة على الدرج وبمجرد وصولها لمكتب مراد بأنفاس لاهثة منعتها السكرتيرة فحاولت إقناعها " آــ دم بعــ تـ ني عــ ــشـ ان حاجـــة مهـ ـمة" صاحت بصوت متقطع لاهث من أنفاسها المتسارعة لنزولها خمسة عشر طابقاً بأكملهم!


"طب ممكن تستني ثواني أبلغه؟! لاحظت شيرين نظرة خوف التي طرأت عليها بمجرد سماعها لإسم آدم وأخذت الهاتف لإبلاغ مراد، "اتفضلي" أخبرتها سكرتيرته مراد بعد أن سمح لها بإمرار شيرين لمكتبه لتدخل مسرعة لأخذ المعلومات من مراد


"معلش يا أستاذ مراد بس آدم قاللي أعرف منك المعلومات والمواعيد.. وعايز كل ده في أقل من ساعة إلا تلت، ومعنديش وقت خالص، أنا آسفة لو بتكلم بسرعة بس ممكن تساعدني؟" أخبرته مسرعة ويبدو عليها القلق والاضطراب وكذلك لاحظ أنها تحاول التقاط أنفاسها في عنف


"اهدي يا حبيبتي متقلقيش الدنيا يعني مش هاتطير" حاول تهدئتها "يا ساتر عليك يا آدم!! مش معقول اللي بتعمله ده من أول يوم!" تمتم بحنق لمجرد رؤية شيرين أمامه بتلك الحالة وعلم أنه لن يتركها أن تبدأ عملها بسلام أبداً.


شعر حقاً بالآسى لأجلها فهي لا تعرف ماذا يمكن أن يفعل بها وهو بالطبع ابن عمه الصغير الذي يحفظه عن ظهر قلب فزفر في حنق من ذلك العنيد ثم ناولها مراد جهازاً لوحي وحدثها.


"هتلاقي هنا كل حاجة، اللي خلصناه الفترة اللي فاتت واللي لسه كمان هنبدأ فيه واللي أجلناه، عموماً مفيش حاجات كتير أوي.. وكمان هتـ.."


"شكراً يا أستاذ مراد.. أنا آسفة يادوب أمشي عشان متأخرش" قاطعته وجرت بسرعة متجهه إلي حبيبة التي تنتظرها ولمحت الساعة قد قاربت على الحادية عشر والنصف "يخربيت كده" تمتمت وبعد خروجها قد جرت مجدداً لتدخل مكتب مراد تلهث "ممكن تبعتلي عنوان بيته لو سمحت؟!" توسلت شيرين وهي تلتقط أنفاسها


"أكيد يا بنتي.." اجابها ثم لمحها تجري مرة أخرى "منك لله يا ديب فريزر أنت.. عملت ايه في البنت!! ده زي ما تكون اتجننت.. دي كانت هادية وعاقلة الصبح!" تحدث لنفسه بعدم رضاء


وصلت شيرين لحبيبة تلهث وأعطت لها عنواناً لا يبعد غير 20 دقيقة فقط عن الشركة وهي حتى لم تجد الوقت للنظر لعينا حبيبة وصبت كل تركيزها على الجهاز اللوحي بيدها


"حبيبة ارجوك والني سوقي بسرعة عشان نوصل العنوان ده" صاحت بها بتعجل


"ايه يا بنتي مالك؟! اتهبلتي في عقلك ولا ايه؟" سألتها بحيرة وقلق لما تراه أمامها


"بعدين بعدين هابقا أقولك.. مش هاعرف أتكلم دلوقتي" أجابتها بسرعة ثم طالعت شيرين أكبر كم من المعلومات أستطاعت أن تصل لها، وراجعت بريده الإلكتروني الخاص بالعمل وما وصله مؤخراً، حاولت حفظ المواعيد على قدر المستطاع.. وكل ما يمر المزيد من الوقت توترها يزيد كذلك وتنفسها يعلو في ارتباك ملحوظ وهي لا تدري كيف تتحكم في حالة الهرجلة التي هي بها


"يا بنتي ما تتهدي شوية بقا خيلتيني.. ارحميني شوية.. الدنيا مش هتطير يعني " أخبرتها حبيبة وهي لم تعد تتحمل طريقتها تلك التي لم تجد لها أية تفسيرات وبداخلها قد قُتلت فضولاً آلف مرة لتعرف ما الذي دفعها لتكن بتلك الحالة وقد نفذ صبرها من تصرفات شيرين


" آسفة.. بس معلش عايزة أركز شوية" اجابتها ثم تمتمت "الله يحرقك يا قليل الذوق أنت"


"كريم بعتلك حاجة ولا ايه؟" صاحت حبيبة مستفسرة وهي لا تستطيع الانتظار ظناً أنها تتحدث عن كريم


"لا مش هو.. السافل التاني آدم"


"عملك ايه ده كمان؟! أنتي لحقتي يا بنتي؟" تعجبت بدهشة


"بعدين بعدين هقولك كل حاجة.. معلش يا حبيبة معنديش وقت"


"اففف.." تأففت ثم زفرت حبيبة منزعجة من صديقتها "أظننا وصلنا"


أخبرت حارسان على البوابة الخارجية أنها مديرة أعمال آدم الجديدة فبعد اجراء مكالمة ليتأكدوا من كلامها فُتحت البوابة الضخمة وأكملت حبيبة قيادة السيارة لتندهش مما تراه


"يا لهوي!! مين اللي عايش في بيت زي ده؟ استحالة ده بيت آدم.. ايه هو ممثل ولا ميلياردير؟!" صاحت بإندهاش وأعين تجول حولها لتتفقد كل شيء


"ايه؟" رفعت شيرين نظرها من الجهاز اللوحي لتنظر حولها فلا يسع نظرها الإتيان بأول المكان من آخره.


"أظن أن ده المدخل" تكلمت حبيبة "يالا يالا عشان متتأخريش"


"شكراً يا حبيبة تعبتك أوي معايا، ممم... أنا مش عارفة بصراحة هاخلص امتى بس هاكلمك أكيد أول ما أعرف"


"اوك.. Good luck يا حبيبتي"


غادرت حبيبة وتوجهت شيرين للباب الأمامي لتطرق ولكن ليس هناك من يجيب وفجأة فتح الباب تلقائياً وقد تعجبت لهذا الأمر كثيراً وسمعت صوته الرخيم الذي لا تعلم من أين آتى


"اطلعي السلم أول أوضة على الشمال"


لم تدرك من أين جاء صوته ودخلت غير مكترثه إلا أن تحافظ على موعدها ولكن ضخامة المنزل أدهشتها ولكن شيء وحيد أصابها بالملل "سواد هنا كمان" كل شيء أسود رخام الأرضيات، الديكور، الدرج نفسه، حتى أغلب اللوحات والتحف بها اللون الأسود بشكل كبير..


لقد أُرهقت من تلك التفاصيل الغريبة وقررت أنها لن تعير هذا كله اهتمام، بحثت عن أي أحد ولكنها لم تجد أي شيء يدل على الحياة بالمنزل وتفقدت الساعة وهي على الدرج ثم زفرت بارتياح


"الحمدلله متأخرتش" تمتمت لنفسها وهي تنظر حولها بعسليتاها لتحاول تبين طريقها


"ادخلي" جاءه صوتها ليفزعها مرسلاً رجفة لجسدها ولكنها اقتربت من الباب على كل حال لتفتحه لتتوسع عسليتاها من المنظر وشهقت فزعاً وتفرقت شفتاها من تأثير ما رآت..


© 2019 by Batoul


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-