أخر الاخبار

ترويض ادم الفصل ٣٧ والاخير


ترويض ادم للكاتبة بتول طه


الفصل 37

الجزء السابع والثلاثون


:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


لماذا حظهم عثر دائماً هكذا؟ وكأنما القدر يجبر كليهما على ألا يرى أحد منهما الآخر؟ إلي أين ذهب هو؟ ألم يكفيه كل تلك السنوات من الفراق والإبتعاد؟ لماذا لم تجده بمنزله؟


لم تعد تريد أن تتركه أو أن تبتعد عنه بعد الآن.. إذا لم يكن متواجداً اليوم ستأتي له بالغد، وإن لم يكن متواجداً غداً ستأتي له بعد الغد، ستأتي له كل يوم وستحاول مرة واثنان وآلف حتى تقص عليه كل ما حدث، لن تتركه مرة أخرى أبداً.


توجهت واستقلت سيارتها بعدما منعها الأمن بعدم الدخول لأنه ليس متواجداً بمنزله وبداخلها قد توهج شعاع أمل بسيط كي تعود له مرة أخرى وقررت ألا تستسلم مهما حدث فهي ستأتي غداً أيضاً.


::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


"مش كفايانا نوم لغاية كده؟.." همس آدم وهو لازال يتفقد ملامحها المحببة لقلبة وهي تتوسد صدره محاوطاً اياها بذراعه


"آدم!" همست بخفوت


"على قد ما أنا ما مضايق إني صحيتك وأنا كنت عمال أبص للجميلة دي اللي في حضني بس خلاص الطيارة هتنزل، اقعدي بقا كويس وجهزي نفسك" أخبرها ثم أقترب منها مقبلاً جبينها


"ايه ده بجد قربنا نوصل؟ أنا محستش بالوقت" صاحت بنعاس واضح


"من الواضح إن مراتي كسولة" اخبرها ليحاول العبث معها كي يستفزها قليلاً


"أنا مش كسولة.. أنا اللي اتجوزت راجل عنيد ومتحكم زيادة عن اللزوم ومسابليش فرصة أنام من يومين" تململت في كرسيها وأحكمت ربط الحزام أستعداداً للهبوط "وليه اصلاً كان لازم نرجع النهاردة؟" تعجبت شيرين لتحصل منه على صمت تام فشعرت أن هناك شيئاً ما خاصة وأنه أشاح بوجهه بعيداً وهناك لمحة من البرود ظهرت به.


"آدم هتقولي فيه ايه ولا لأ؟" تسائلت بقلق واضح


"هتعرفي كل حاجة لما نرجع" أجابها بإقتضاب ثم أطبق بيده على يدها بقوة فتعجبت لفعلته، تصرفاته الحادة بهذه الطريقة تدل على أن هناك أمراً هاماً وإلا لما عاد بتلك السرعة فأمتثلت الصمت فهي متأكدة أنها ستعلم عاجلاً أم آجلاً.


أنتهى كل شيء بسرعة بالرغم من عقل شيرين الذي أججه القلق والتفكير بسبب عودة آدم المفاجأة فهي لم تتوقع أنهما سيعودا بهذه السرعة، حتى تصرفاته ونظراته عادت للغموض والبرود مرة أخرى، لابد أن هناك شيئاً ما ولكنها لا تريد أن تتجادل الآن.


ما إن وصلا منزله وهنئهما كلاً من فاطمة وزوجها إبراهيم توجهت للأعلى لغرفتها القديمة التي اعتادت أن تمكث بها حتى تبدل ملابسها بعد أن تستحم وما إن أوشكت على الدخول حتى أوقفها صوته "رايحة فين يا شيرين؟!" صاح متسائلاً وغابت المشاعر بنبرته فابتلعت بصعوبة ثم التفتت له لتجد تلك الوقفة التي عهدتها دائماً، نفس الغرور، ذلك الزهو، وكأن لم يتغير شيئاً به.


"ممم.. رايحة اوضتي أظـ.." لم تستطع أن تُكمل كلماتها المتلعثمة


"أظن أنك بقيتي متجوزة خلاص، مش كده ولا ايه؟" قاطعها آدم وقد عاد لبروده المعهود


"تمام، ماشي، متجوزة، وبعدين؟!" تسائلت بتلقائية لتحصل منه على ابتسامة مليئة بالسخرية


"اوضتك هي اوضتي يا حبيبتي" أخبرها بغرور ثم اراح جسده على الحائط خلفه وادخل يداه بجيوبه


"أكـ ـيـ ـد.. ببس.."


"كفاية لخبطة كلام بقا، تعالي يا شيرين" قاطعها بنظرة فارغة من المشاعر أعادت التوتر الذي ظنت أنه أختفى بعد كل ذلك الوقت الذي عرفته به وظنها بأنها أعتادت على نظراته الباعثة للتوتر ولكنه مازال يملك تلك الهالة التي لن تغيب عنه أبداً، لا يزال آدم رأفت الغامض المعهود بشخصيته الغريبة.


ابتلعت ريقها في توتر ثم دنت بتلقائية وكأن ساقيها هما من استجابا لما تفوه به وكأنما شُل عقلها. ظلت تنظر له علها تجد أي تفسير لتحوله المفاجئ ولكنها لم ترى برماديتاه غير الفراغ، ذهبت في اتجاهه واقتربت منه لتتحدث معه "اديني اهو جـ.."


"أنا خلاص استحالة اسيبلك فرصة تبعدي عني يا شيرين، وحتى ولو كل اللي بيني وبينك حيطة.. سمعتيني؟!" قاطعها بعد أن جذب خصرها بقوة في لمح البصر ولم يفصل بينهما سوى أنفاسهما.


وجدت في عيناه الخوف الممزوج بالغضب، لم تدري لماذا هو غاضب الآن؟ ماذا فعلت حتى يغضب فجأة؟ تفحصت تلك الملامح التي تغيرت فلم تجد إجابة، عاد الخوف والتوتر إليها كالسابق، وكأنها لم تعرفه لسنوات.


"آدم.. أنا مش هابعد، كل حاجة خلاص اتغـ.." قاطعها بوضع سبابته على شفتاها لتمتثل الصمت ونظرت له بتعجب لكل ما يحدث منذ أن كانا بالطائرة وهناك أمراً ليس على ما يُرام.


جذب يدها بخفة فتبعته بعد أن دخلا الغرفة فشعرت بقليل من التوتر لوجودهما معاً وحدهما وخاصة وهو بتلك الحالة، هي زوجته وليست مديرة أعماله كما كانت في السابق، لن تستطيع أن تُغادر كلما تغير فجأة، كما أن أي كلمة ليست في محلها قد تدفعه للغضب.


شتت أفكارها صوت الباب عندما أغلقه آدم ثم وجدت عيناه تتفحصها وقد تحولتا للسواد ليزداد توترها، ولكن هناك شيء غريب به، شيء لم تعهده من قبل، هي حتى لا تعرف هل هذا شيء ايجابي أم سلبي، جيد أم سيء.


حاولت ألا تبادله تلك النظرات وتنظر في اي اتجاه آخر ولكنه لم يدع لها الفرصة "شيرين!!" نادها بنبرة لأول مرة تسمعها منه وكاد قلبها أن يتوقف أثر تلك الخفقات الشديدة.


بادلته النظرات رغماً عنها وكأن ليس هناك حل آخر.. ظل يقترب منها حتى كادت أن تنعدم المسافة بينهما وبدأت أن تشعر بأنفاسه الحارقة على وجهها، عيناه تريدان أن تخبرها بشيء ولكنها لم تستطع فهمه، تريد أن تتكلم، أن تسأله ماذا بك، تريد أن تعرف لماذا كل هذا الغضب الغير مبرر.


لم تلاحظ متى التصقت بباب الغرفة، متى لمست أنامله أسفل ذقنها لتجبر عسليتاها الهاربتان على مواجهته، هي تعلم جيداً أنها تود البقاء بالقرب منه ولكن شيئاً يخيفها..


"مالوش لازمة خوفك وتوترك ده" همس بخفوت ثم أقترب دافناً وجهه في عنقها ليرتجف جسدها فجأة عندما سمعت صوت هاتفه وهي لا تدري لما تصرفت هكذا.


"نعم يا مراد" أجاب آدم بضيق لتستغل شيرين الفرصة وتتسلل خارج الغرفة وهي تلتقط أنفاسها.


بدلت ملابسها بسرعة ثم أطفأت الأنوار وتصنعت النوم لتسمع صوت الباب مرة أخرى ولآدم..


"تمام.. هاجيلك تمانية بليل حاضر" تحدث آدم لتشعر بالقلق في نبرته ولكنها تتمنى أن يُصدق أنها نامت ويذهب لغرفته "أنا عارف إنك صاحية على فكرة" أخبرها آدم لتبتلع ما بحلقها ولكنها لم تجيبه. "حبيبتي الكدابة" همس لتبتسم شيرين رغماً عنها وهي تشعر بمن يرفع الغطاء عنها


"أنا اهو مش نايمة.. عايز ايه دلوقتي؟" صاحت وهي تحاول أن تستجمع كل ما أوتيت من جدية ونظرت له لتجده عار الصدروشعره مبعثر مما زاده جاذبية لتجد عيناه رائقتان وكأنما عاد آدم المسالم مرة أخرى.


لم يجيبها وظل ينظر إليها في صمت، هناك شيئاً ما في رماديتاه، ترى الحب يتدفق منهما، الكثير من الكلمات السجينة، ذهب ذلك الجبروت الذي طالما رافقه أينما ذهب، لمحت وكأنما شعاع من الخوف ينهال من عيناه ليبعث بحلقها غصة كلما أدركت أنه لا يزال يشك بل ويتوقع أنها ستغادره مرة أخرى، شعرت بأن عليها أن تطمئنه وألا تتركه لتلك الأفكار التي ليس لها أساس من الصحة، أوشكت أن تتحدث ولكن بادر هو "أنا عايز أنام شوية" أخبرها ثم توجه للناحية الأخرى من السرير واستلقى بجانبها لتتابعه شيرين بعيناها.


لم تعتاد تصرفاته تلك ولم تدري ماذا تفعل حتى تحدث لها مرة أخرى "نامي دلوقتي وابقي كملي تفكير لما تصحي" فاضت نبرته بحنان ولكنه أمر جديد من أوامره التي لن تنتهي أبداً وكادت مرة أخرى أن تتحدث ولكنه جذبها بسرعة لتجد رأسها يستريح على صدره "اعملي اللي بقولك عليه واسمعي كلامي ولو مرة واحدة في حياتك يا حبيبتي وكفاياكي عند" همس ثم قبلها على جبينها وسرعان ما استسلم للنوم فتبعته في سكون تام.


::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


"أخيراً، آدم رأفت بنفسه، لا بجد متوقعتش إنك تتنازل بالسهولة دي وتقابلني بنفسك" ابتسمت في عهر وسخرية وتبعته بعيناها بينما دلف مكتبها أو ما اعتادت أن يكن مكتبها من قبل فنظر لها في استهزاء


"عايزة ايه يا ميار؟!" سألها ثم وضع يداه بجانبي بنطاله


"وأنا يعني هاعوز منك ايه، أنا جاية اشتغل في شركتي زي ما هي شركتك" ابتسمت بانتصار ممزوجاً بإستهزاء كي تقابله هي الأخرى


"شكلك كده نسيتي إنك بعتيلي كل اسهمك" أخبرها ببرود ولم تظهر عليه أي مشاعر لتنهض ميار وتسير في عهر ثم جلست على كرسي أمام المكتب وعكست ساقاها


"بيع ايه ده يا آدم؟!" عقدت حاجباها في استفهام "حقيقي مش عارفة أنت بتتكلم عن ايه" ابتسمت في مكر فتوجه آدم نحوها


"تمام.. شكلك كده بتحرجمي على قضية وسجن، شكلك نسيتي أنتي بتتعاملي مع مين..."


"وريني بقا معاك ايه يثبت إن ماليش حاجة في الشركة دي" قاطعته مسرعة "شكلك كده مش معاك دليل"


"بجد؟!" سألها بإستهزاء لتقابله بإبتسامة استفزازية لتثير غضبه ولكنه تحكم في أعصابه ولقاها بالبرود المتناهي الذي طالما أظهره أمام الجميع، فهي ليست شيرين ليفقد أعصابه أمامها، ولن تستطيع أن تفعلها.


"قولتلك يا حبيبي.. وريني كده اللي يثبت كلامك.. وسلام بقا معطلكش علشان الوقت أتأخر" اخبرته بنبرة استفزازية وكادت أن تغادره ليوقفها ممسكاً بذراعها ثم همس ببروده المعهود


"تمام، أنا هاوريكي، بس مش هتنازل المرة دي عن أني ادمرك وادمر مستقبلك كله، حصل وحذرتك قبل كده وأنتي بردو لسه مصممة إنك تتعاملي معايا بالطريقة القذرة دي، بس أنا هاعلمك الأدب بقا عشان واحدة غبية زيك فاكرة نفسها تقدر على آدم رأفت" أخبرها ثم غادر وتوجه لمكتبه.


:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


"عملت معاها ايه يا آدم؟!" صاح مراد بلهفة عندما رآه يدلف مكتبه


"عملت.. لا أنا لسه هاعمل" اجابه بإبتسامة امتلئت سخرية


"هاتعمل ايه، انطق بقا وبطل برود" تحدث له مراد بنفاذ صبر بينما أقترب آدم من مكتبه ليجلس على كرسيه ثم أشعل حاسوبه


"أعرفلي آخر يوم ريم جت فيه المكتب هنا امتى دلوقتي حالاً.. اتصرف في حد يكون موجود من الـ HR او شوفلي على الـ System حالاً، أو راجعلي الـ Finger print، المهم تتصرف" أشعل احدى سجائره ثم عقد حاجباه وهو يتفقد سجل الكاميرات التي لا يعلم عنها أحد بمكتبه


"يا ساتر عليك يا آدم.. هاعملك اللي أنت عايزه بس فهمني فيه ايه؟" سأله مراد مجدداً بحنق ليزفر آدم في ضيق


"أنا حاطط كاميرات محدش يعرف عنها حاجة، ولا أنت كمان، وشكل ريم هي اللي ساعدتها.. بفكر كده في حاجة بس لو طلعت صح يبقا هي اللي جنت على نفسها.. شكلها فاكرة إن معاها نسختين العقد وإن كده مقدرش إني أثبت أنها سرقت نسخة العقد بتاعتي.."


"طب لو فعلاً طلع معاها النسختين.. هتعمل ايه؟!" تسائل مراد بنبرة قلقة


"أولاً هي نسيت إني اخدت منها نسخة العقود القديمة اللي تثبت ملكيتها في الشراكة، يعني هي كده كده مش معاها حاجة تثبت إن ليها حق، ثانياً العقود الجديدة اللي معاها تبلها وتشرب ميتها، فيه شهود، وصورتها وهي بتمضي على كل حاجة، وفيه اثبات بنكي بالفلوس اللي حولتها ليها، ومحامي وقصة كبيرة.. كلملي كمان المحامي على ما أراجع التواريخ واحاول الاقي امتى ريم سرقت العقد.. وأنا هاعرف اجيبها ازاي كويس، وصدمتها إن شكلها نسيت انها مضت على تلت نسخ من العقد مش اتنين بس.. وكمان مفيش بند يوضح ده.. والنسخة التالتة عندي في البيت" ابتسم آدم ليهز مراد رأسه في إنكار وهو لا يصدق أنه قد احتاط للغاية هكذا


"طب لما أنت مطمن سايبني قلقان بقالي كام يوم ليه؟! مش كنت تفهمني؟"


"اديك عرفت.. روح أنت بس اعمل المكالمات دي وأنا هراجع كل حاجة هنا و.."


"ايوة يا حبيبتي" أجاب بهاتفه الذي قاطعهما ليجد أن شيرين هي المتصلة


"آدم أنت روحت فين؟" صاحت متسائلة في قلق


"أنا في الشركة مع مراد بمضي على شوية حاجات.. كلها ساعتين بالكتير وأكون عندك" اجابها ولكنها استطاعت أن تتبين كذبه بينما غادر مراد الذي توجه ليجري المكالمات التي اتفق عليها مع آدم


"يا سلام!! ما كان مراد بعتلك الورق يعني"


"شيرين فيه حاجات لازم أ.."


"آدم أنت فيه حاجة مخبيها عليا من ساعة ما رجعنا كده بسرعة" قاطعته مسرعة "مش هاتقولي فيه ايه؟"


"ميار فاكرة انها هترجع وهتاخد نصيب والدها تاني في الشركة" زفر في حنق وهو لم يعد يريد أن يخبأ عنها أي أمر بعد الآن


"طب ليه مقولتليش وفهمتني بدل ما.."


"مرضتش أشغلك وكنت عايز أشوفك مبسوطة" قاطعها "أنا آسف لو خبيت حاجة عليكي، بس الموضوع تافه أصلاً وهي غبية كالعادة.. أنا هاخلص الموضوع هنا بسرعة وهاجيلك"


"ماشي يا حبيبي.. خد بالك من نفسك.. أنا مش هنام تاني غير لما أنت تيجي"


"طيب كويس اوي.. مستني بقا ارجع عشان اتدلع.. مش عشان نتكلم في موضوع ميار، أنا دلوقتي بقيت راجل متجوز زمن حقي اتدلع" همس لها بنبرة لعوب وابتسم بينما لم يترك تفقد سجل الكاميرات المحفوظ أمامه


"تدلع!! تقصد ايه يعني؟!" توترت نبرتها وهي تعي جيداً ما يرمي إليه


"يعني آجي ابوس، احضن، أعمل حـ.."


"سلام يا سافل أنت!" أنهت المكالمة ليضحك في خفوت واستكمل ما يفعله حتى يجد دليلاً يدين به كلاً من ميار وريم بينما خطرت على باله فكرة أن يوكل من يبحث عن ميار فأمسك بهاتفه مجدداً حتى يعطي آوامره لإيجادها.


:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


بعد أن اطمئن بالأدلة التي يملكها من خلال المحامي وكذلك معرفته أن ميار غادرت خارج البلاد وصد حاسوبه ونهض حتى يذهب لتلك التي آسرت قلبه وبداخله قد اطمئن تجاه الشركة.


لا زال يرتاب من أن تفعل ميار أي شيء تجاه شيرين ولكنه أزاد أعداد الحراسة حتى ضاعفها، لا يدري كيف ستتقبل شيرين قراراته ولكن عليها تلك المرة أن تفعل ما يخبها به لأنه لن يستطيع أن يُفرط بأمانها أو أن يحدث لها شيئاً خاصة بسبب تلك العاهرة التي تظن أنها تستطيع أن تنتصر عليه بالنهاية.


وحتى لو ثبتت بطريقة أو بأخرى أن لديها الحق في الشراكة هو لا يكترث، ولكن أن تُصاب شيرين بمكروه بسببها هذا ما لن يتحمله أبداً.


استقل سيارته ليذهب بطريقه مسرعاً لتلك التي لم يعد يطيق الابتعاد عنها وابتسامة ارتسمت على شفتاه وهو يستعيد في مخيلته العديد من الذكريات التي جمعتهما معاً.


:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


تفقدت نفسها لبرهة أخيرة وهي ترتدي ذلك الرداء الأنثوي الذي لم يسبق لها إرتداء مثله من قبل، لقد صففت شعرها كما أحبه دائماً، هي تدري جيداً أن آدم قد أصبح زوجها، لقد فعل العديد من أجلها، لطالما انتظرها وصبر عليها..


الوحيد الذي بدد خوفها، بالرغم من غضبه المفرط ولكنه دائماً بطريقته ثبت لها أنه يعشقها، والآن لم يعد ما يفصل بينهم، لم يعد هناك داعٍ لذلك الخوف والتوتر، لقد أصبح لها وأصبحت هي له..


تدري رجل كآدم بوسامته وجاذبيته الشديدة التي تخلب عقول النساء لن تستطيع هي الأخرى أن تصمد أمام سحره وجاذبيته، إنه زوجها الآن وتبقى القليل فقط ليكتمل زواجهما..


أعدت له بنفسها العشاء وهو حتى لم يأتي بعد وقد بدأت ابتسامة الخجل تعتري ثغرها بين الفينة والأخرى، من تخيلها العديد والعديد من الأشياء التي قد يفعلها معها آدم وخاصةً أنها عهدت جرأته الشديدة بينما هي لم ولن تكون بمثل تلك الجرأة أبداً، وأذعنت بداخلها أن هذا هو الأمر الوحيد الذي ستترك له مطلق السيطرة والتحكم به دون تدخل منها، فقط إلي الآن وربما سيتغير كل شيء في المستقبل!!


استمعت لصوت البوابة الأمامية لمنزله التي صدح صوت ارتطام بابها فذهبت لتتفقده بينما تصلبت رماديتاه عليها وهو لا يُصدق أن تلك الفتاة تعمدت إثارته بما ترتديه!


تفقد ثوبها الأسود ذو القماش الرقيق الذي يظهر مقدمة نهديها ولكن على استحياء واحتضن انحناءتها جيداً ثم أنتهى فوق ركبتيها بكثير ليتوجه نحوها وأكمل تحديقة بكل أنملة بها لينتهي بعسليتيها ولاحظ تلك الإبتسامة الخجولة على شفتيها وقبل أن يفعل ما ود فعله همست بإسمه لتدفع إثارته لتعصف بعروقه


"آدم.. عملت ايه؟!"


"مش وقته خالص.. مش وقته باللي أنتي مهبباه ده.. عايزة تجنيني يا شيرين أكتر مش كده؟! أنا حالاً هوريي الجنان" حملها دون مقدمات ليصعد الدرج الداخلي بمنزله


"استنى بس يا آدم ده أنا حضرتلك العشا.. ايه مش عايز تاكل؟" تحدثت على استحياء ولكنها حاوطت عنقه بذراعيها وتلك الإبتسامة لم تفارق شفتيها


"ده أنا هاكلك دلوقتي حالاً!!" نظر لها بتلك الرماديتان بمنتهى الخبث لتتوسع ابتسامتها


"بس.. بس.. يعني كنت شايفة إن.."


"أنتي تسكتي خالص، عشان بجد المرادي مش هايحوشني عنك حد" قاطعها ثم أراح جسدها على سريره في رفق واعتلاها "ولا لابسه اللبس ده عشان مين؟! عشان فاطمة مثلاً؟" تفقد عسليتاها لتتوسع ابتسامتها


"لا أكيد مش عشان فاطمة يعني" همست وحاولت ألا تنظر لتلك الرماديتان اللتان لم تعد بمقدورها أن تواجهما أكثر من ذلك


"يبقا عشاني.. عايزة بقا توصلي لإيه باللي انتي عملاه ده؟" همس بأذنها ولكنه لم يحصل منها على إجابة ليوصد عيناه واستنشق رائحة شعرها الذي لطالما عشقه "بحبك يا سيرين" همس مجدداً لتجيبه هي الأخرى هامسة


"وأنا كمان بحبك أوي يا آدم"


تسللت أنامله لتتلمس عنقها في تريث بعثر الشبق بها وأشعل كل أنملة بجسدها بينما أقترب بشفتاه من شفتاها ليقبلها بتأني شديد وتبادلا ذلك الإحساس الذي لم يختبره أياً منهما من قبل سوى مع بعضهما البعض.


"ايوة يا فاطمة!!" اجاب بمنتهى الغضب بعد أن سمع تلك الطرقات على باب غرفته ولولا أنه يحترم تلك المرأة لكان قتلها بيده لينظر لشيرين متآففاً وضحكت هي بخفوت على غضبه ليعقد حاجباه في حنق لضحكتها تلك.


"معلش يا ابني بس فيه حد جه تحت ومصمم يشوفك.. أنا هاروح اشوف تشرب ايه على ما تنزل" لم تترك له فاطمة الفرصة لأنها لن تستطيع مواجهته بتلك الفجيعة فكل من بهذا المنزل يعلم أن تقى قد رحلت منذ زمن!


"أنا فقري أنا عارف.. ومين المقرف اللي جاي الساعادي ده!" تمتم بغضب ثم نهض ليرتب قميصه وتوجه للخارج ولكنه توقف ليلتفت لشيرين مجدداً "بس مش سايبك الليلادي يا شيرين، ولو في قمقم هاجيبك" أخبرها غاضباً ثم توجه على عجل للخارج ونزل على الدرج الداخلي لمنزله ليتفقد من ذلك الذي آتى وهو قد أفسد عليه للتو الشيء الذي لطالما حلم بأن يحصل عليه للكثير من الوقت.


"آدم" نادته في لهفة لتتصلب ساقاه وهو لا يُصدق أنها أمامه بالفعل


"تقى!!" توسعت رماديتاه في دهشة واضحة وازدرد في صعوبة وآخذت العديد من الأفكار تعصف برأسه كي يُفسر وجودها أمامه الآن!

الفصل 38

جميع حقوق الملكية والنشر تعود لي ولا احلل فكرة السرق او نشر الرواية دون الحصول على موافقتي.


الجزء الثامن والثلاثون - الأخير


:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


تبادلا النظرات وكل منهما عيناه بها العديد من المشاعر، هناك من يبدو مصدوماً، من يشعر أنه قد خُدع لسنوات، رآى كل تلك المرات التي جثا بجانب قبرها الذي علم الآن أنه كان مزيفاً، تذكر بكاءه بتلك الغرفة التي حملت ذكرياتهما العديدة معاً، تذكر ذلك الآلم الذي هشم قلبه لسنوات وامتناعه عن الإستجابة لأي نوع من الحب بسببها!


تذكر ذلك الشاب الطائش الذي تغير كثيراً كي يرثو فقدانها الذي ظن أنه أبدي، ولكنها قد خدعته طوال سنوات بل ولم تدري ما فعلت به! تلك الفوبيا التي تضاعفت بداخله لفقدان وابتعاد شخص يشعر تجاهه بالمشاعر، ذلك الخوف الأزلي الذي أصبح واحداً من مكونات شخصيته للإقتراب من إمرأة، كانت هي كل السبب بذلك وهي حية ترزق ولا تعي ما فعلته به!


لقد اشتاقت له، لتلك الرماديتان، لتلك النظرة بعيناه، لقد وقعا ضحية للعبة فتاة حقودة، هل سيصدقها؟ هل سيدرك أنها ليست لها يداً بكل ما حدث؟ لقد حاولت أن تصل له، لقد أرسلت إليه بذلك الجواب منذ علمها، لم تعرف وقتها أن تحصل على رقمه، لم تدري أن أختها التي ولدتها أمها كانت السبب بكل شيء..


ستحدثه، ستخبره بكل ما حدث، ستخبره بلوعة اشتياقها له التي لم تندثر بداخلها ولو للحظة، لقد ظنت أنه ظلمها مثل من صدق أنها ليست شريفة، ظنت أنه بمنتهى البساطة لا يريد أن يتحدث إليها وألا يراها، الحب الذي جمعهما كان قوياً، كان الأول في حياة كل منهما، روعة البدايات وشعور الحب الأول لا يندثر أبداً ولا ينطفأ ويتذكره الإنسان إلي الأبد! ولكن عندما تنكسر المرأة من الرجل الذي أحبته بل وينظر لها على أنها عديمة الشرف هذا الجرح الغائر لن يعوض بسهولة أبداً.


وبالرغم من كل ذلك تنازلت وحاولت أن تصل له ولكنه لم يتواجد ولم يجيبها أبداً!


"جاية ليه يا تُقى دلوقتي؟" همس بعد أن استعاد وعيه من تلك الصدمة الشديدة


"جاية عشان تعرف كل حاجة.. اديني فرصة وأنت تفهم إني أنا وأنت كنا مجرد ضحية للعبة قذرة" همست مجيبة ونبرتها تحمل الآسى والوهن


"مبقاش خلاص فيه حاجة نتكلم فيها! وبمجيتك دي، أظن إنك خدعتيني كفاية، أتفضلي امشي!" بالرغم من أنها الحب الأول بحياته ولكنها لن تستطيع مجابهة بروده الساحق الذي اعتاد أن يتحكم به أمام الجميع!


"وأنت مشكتش فيا؟ مصدقتش عليا كلام قذر؟ الصور اللي جاتلك دي عني صدقتها في ثواني وكأني فعلاً واحدة معندهاش شرف؟!" دمعت عيناها ليسحق أسنانه


"وأنتي يوم ما مشيتي وسيبتيني لما شوفتي البنت دي بتحضني كنتي عملتي ايه؟ صدقتي في لحظة إني بخونك ومشيتي! لأ وكمان نهيتي كل اللي بيني وبينك بمنتهى السهولة.. مجرد رسالة!! تعرفي الرسالة دي أنا حفظتها حرف حرف.. تحبي أكررهالك؟" ابتسم بسخرية لتنهمر الدموع من عيناها وكاد بكاءها أن يقارب الهيستيريا المحضة ولكنها تحدثت بين تلك الدموع فهي لن تتراجع قبل أن يتضح له كل شيء


"ما هي دي بداية اللعبة اللي اتلعبت علينا.. أنا مبعتش الرسالة.. مش أنا اللي بعتها ولا عمري كنت أقدر أعملها" حاولت تمالك نفسها من تلك الهيستيريا ثم تابعت


"أنا مصدقتش كل حاجة شوفتها يومها، أنا بس اتعصبت واضايقت زيي زي أي بنت صغيرة ممكن تغير وتضايق من اللي بتحبه، وكنت هكلمك، كنت هرجعلك في ثواني، أنا.. أنا.. أنا وأنت اتظلمنا يا آدم، تالا هي السبب في كل اللي حصل.. تالا بعدتنا عن بعض، هي اللي بعتت الرسالة وخبت موبايلي مني وأنا سافرت عشان بابا كان بيموت.. تالا هي اللي بعتتلك الصور وشوهتني في عينيك.. أرجوك اسمعني وافهم كل حاجة قبل ما تحكم عليا تاني وتظلمني"


عقد حاجباه مبتلعاً بصعوبة وشعر بالجفاف في حلقه وهو يستشعر الصدق في نبرتها وحديثها بل وملامحها ولكن لم يلاحظ أياً منهما تلك التي استمعت لحديثهما عن بعد وهي تحاول أن تتماسك أمام تلك المشاعر المتبادلة التي تراها بينهما!


"أنا يومها أول ما روحت ماما فاجئتني إن بابا قدامه سنتين بالكتير ويموت بسبب الخلايا السرطانية اللي عنده.. مكنش ليه علاج، كانت حاجزالي طيارة ومتأكدة إن من حبي في بابا مش هرفضلها طلب.. أنا اتجننت لما سمعت ده وحضرت شنطتي بسرعة البرق، وأنا ماشية خلاص ملقتش موبيلي وافتكرته تاه في وسط الشنط وللأسف وثقت في تالا وقولتلها تكلمك وتبعتلي رقمك" تهاوت دموعها وهي تقص عليه ما حدث لينظر لها آدم متفحصاً اياها في تعجب


"سافرت وكنت فاكرة سايبة ورايا أختي اللي بتحبني اللي المفروض تحصلني.. اعتمدت انها تبعتلي رقمك بس اللي عملته انها بعتتلك الرسالة دي.. ومش بس كده، لما شافتك متدمر بسببي هي اللي عملت الصور دي بنفسها عشان تنهي كل حاجة ما بيننا" ابتلعت في وهن لتزداد عقدة حاجباه


"وهي ليه عملت كل ده؟!" تعجب سائلاً


"عشان كانت بتحبك.. عشان كانت عايزاك ليها" همست وكأنما قلبها يتمزق بداخلها ليندهش آدم ثم اراح جسده على أقرب كرسي بينما تبعته تقى لتجلس أمامه بخطوات بطيئة


"حاولت كتير أكلمك، رقمك مكنتش حافظاه وكان على تليفوني، وقالتلي إنك مجتليش، كانت دايماً تتحجج إنها مش لاقية الموبيل، ولما لاقيته مرة تقولي انا برا البيت، أصلي هاشحنه، وفي الآخر بقا بعد فين وفين قالتلي على موضوع الصور.. ساعتها اتجننت وكل اللي قدرت عليه إني ابعتلك جواب على عنوان بيتك.." جففت دموعها التي باغتتها فجأة بينما نظر لها آدم بإندهاش امتزج بالحزن!


"يومها صدقت إنك ظلمتني، إنك شكيت في شرفي.. مكنش قدامي حل غير إني أنفذ وصية بابا الله يرحمه واتجوزت ابن شريكه" همست له بينما هو ضحك بخفوت على ما يسمعه


"خمس سنين.. خمس سنين بالظبط وجوزي مات في حادثة.. وكل اللي طلعت بيه من جوازتي هو الورث وآدم ومراد.. تفتكر لو مش بحبك وبفكر فيك حتى بعد جوازي هاروح اسمي ولادي آدم ومراد؟!" تفقدت رماديتاه لتحاول البحث بهما عن أية مشاعر


"جواز روتيني، كنت موجودة معاه بجسمي لكن تفكيري وقلبي كله كان معاك.. كنت مكسورة، كنت فاكراك شايفني مش محترمة، وعدم استجابتك وردك على اللي بعتهولك خلاني أفهم أنت شايفني ازاي!" تهاوت دموعها مجدداً في حسرة وآلم شديد ليتنهد آدم وخلل شعره في عدم تصديق


"أنتي عارفة أنا شوفت الجواب ده امتى؟! بعد ما بعتيهولي بسنين، مرات بابا خبته مني.. يومها أنا جريت على بيتكو وسألت تالا وقالتلي إنـ.."


"تاني تالا.." قاطعته لتبتسم له في آسى "قالتلك إني انتحرت وطلعتلك جثة من المدافن عندنا وخلاص مش كده؟!" شردت بنظرها في الأرضية وأردفت بوهن "عمري ما كنت أتصور إن أختي تعمل فيا كل ده، عمري ما كنت أتخيل إن الغيرة والحقد ممكن تفرق بين اخوات بالشكل ده أبداً" ابتسمت بتهكم ثم تابعت "وجاية دلوقتي بعد ما جالها نفس مرض بابا تعترفلي بكل اللي عملته ومستنياني اسامحها"


ازداد شرودها لتزداد عقدة لسانه بينما تزايدت خفقات قلب شيرين التي استمعت لكل ما حدث بينهما وهي لا تدري هل علاقتها بآدم ستتدمر مجدداً أم عليها أن تنسحب من حياته للأبد!


"تقى أنا.." زفر كل ما برئتيه من أنفاس "أنا.. فضلت سنين كتيرة متعذب، الحب والستات بالنسبالي كانوا ولا حاجة، سنين كتيرة، من ساعة ما بعدنا عن بعض لغاية.. لغاية ما قابلت شيرين!" نظرت له في صدمة بينما ارتسمت ابتسامة على شفتاه وشرد بالفراغ أمّا عن شيرين الواقفة على قرب منهما تمسكت بالجدار وهي تشعر وكأنما قدميها كالهلام وستفقد الوعي بأي لحظة الآن.


"الكلام اللي هقولهولك ده مش معناه إني محبتكيش.. بالعكس، أنا حبيتك اوي واتغيرت حياتي بعد ما بعدتي عني ولما عرفت موضوع انتحارك أنا اتجننت بعدها بس.. بس اللي حصللي من ساعة ما شوفت شيرين عمره ما حصللي في حياتي.." تريث لبرهة وشرد مجدداً بعد أن نظر لتقى لبرهة


"شيرين جاتلي في وقت أنا كنت وصلت لدرجة مش طبيعية، كان بابا لسه ميت ومعداش عليه سنة، كنت لسه سايب ميار اللي اتخطبتلها خطوبة مصلحة وتقدري تقولي كمان مجاملة وعملت ده عشان خاطر وصية بابا ليا، بس اكتشفت انها أسوأ من أي ست اتخلقت.. ده حتى فتيات الليل عندهم صراحة وممكن اثق فيهم عنها" ابتلع ثم تنهد ليستطرد


"شيرين غير كل اللي عرفتهم، مش هاكلمك عن جمالها اللي لفت نظري من اول ما عيني وقعت عليها، أنا هاكلمك عن شخصية غيرتني في كل حاجة، إنسانة مستقلة، محدش ممكن يفرض عليها حاجة، محترمة اوي غير الطبقة اللي أنا بتعامل معاها خالص، واحدة زيها كان يستحيل تحبني وتقبلني بالذات في الفترة دي اللي عرفتها فيها" ارتسمت ابتسامة على ثغره وبمخيلته العديد من الذكريات التي جمعتهما سوياً ثم تابع حديثه


"سابتني كذا مرة، بعدت عني، جدالنا وخناقنا مكنش بيبطل وفي نفس الوقت مهما حاولت أصد نفسي عنها كنت بفشل وبلاقي نفسي بحبها أكتر وأكتر.. تعرفي يا تقى؟!" تفحصها برماديتاه وأكمل


"أنا فضلت ادور عليها سنة بحالها لغاية ما وصلتلها، آدم رأفت رجل الأعمال المشهور والممثل اللي كتير يتمنوا يشتغلوا معاه، أنا كلي على بعضي بنفوذي وجبروتي لما شوفتها بعد السنة دي كنت اتمنالها الرضا ترضى ولقيت نفسي واحد تاني معاها، لمست الحب اللي عمري ما عرفته قبل كده، الحب وأنتي في سننا ده غير الحب بتاع زمان.. كل حاجة فيه مختلفة" ابتسم بإقتضاب ثم أردف


"أنا حبيتك آه مش هاقدر أنكر، لكن هي بالنسبالي مش مجرد حب، شيرين بقت الهوا اللي بتنفسه، لما ببعد عنها ساعة بحس إني مخنوق ومش هاكون كويس غير لما أشوفها وأكون جنبها تاني.. تقى أنا.. أنا وشيرين اتجوزنا امبارح" أخبرها لتتساقط الدموع على وجنتاها في صدمة بينما شيرين شعرت وكأنما خفقات قلبها كادت أن تقتلها الآن بأى لحظة


"أنا عمري ما هاقدر ابعد عنها ولو لثانية واحدة.. مش بقارن بينكوا بس، أنا حرفياً لفيت الدنيا علشانها، جريت وروحت وراها مكان ما كانت، سهرت ليالي وأنا بس بشوفها من بعيد على حتة شاشة.. شيرين بالنسبالي بقت حياتي وروحي.. وأنتي بالنسبالي حبي الأول اللي عمري ما هنساه بس احنا كبرنا يا تقى.." توسعت ابتسامته وأقترب منها ممسكاً بذراعها في رفق


"أنتي بتقوليلي إن عندك آدم ومراد!! عيشي علشانهم وافتحي قلبك.. مش هاقدر أقولك تسامحي تالا بس إنك تسامحي حد على اللي عمله دي اول خطوة إنك تتغيري.. عايزانا يا تقى نكون اصحاب او حتى نفضل نعز بعض ونتعامل بشكل كويس أنا معنديش مشكلة، إنما إني ابعد عن شيرين دي استحالة، أنا الموت اهونلي من إني ابعد عنها يوم واحد.. أنا بحبها.. بحب مراتي واستحالة ابعد عنها، أنتي كمان حبي أولادك وابتدي حياة جديدة.. آه احنا الاتنين اتعرضنا لموقف ميحصلش غير في رواية أو فيلم بس كل واحد فينا دلوقتي بقا ليه حياته"


ربت على كتفها بطريقة لائقة ثم أخفض يده لتتنفس شيرين الصعداء بعد ما سمعته منه وارتسمت على شفاهها ابتسامة امتلئت ثقة وفاضت عسليتاها عشقاً لذلك الرجل الذي أحبته وتزوجته ونوعاً ما تلك المواجهة بينه وبين تقى قد أزالت أي شكوك لديها قد ترتاب منها مستقبلاً..


ذلك الآلم الذي رآته بعيناه سابقاً لم يعد له مكاناً بل رآت الحب لها يفيض من تلك الرماديتان، رآت اعتزازه بها وبشخصيتها المستقلة ولم يحبها كمجرد فتاة أو إمرأة جميلة! شعرت بالراحة تغمرها وتفلتت تلك المخاوف خارج عقلها لتتوسع ابتسامتها ثم تركتهما بعدما امتلئت بالثقة الشديدة وتوجهت لتغادر للأعلى..


"آدم.. أنا لسه بحبك!" همست بخفوت ولكن التقتت أذان شيرين تلك الجملة ولكنها أكملت في طريقها دون إكتراث لثقتها الشديدة به


"وأنا حبيتك يا تقى.. بس خلاص مبقاش ينفع.. يمكن لو كان اللي حصل ده قبل ما اقابلها كنا رجعنا لبعض بس دلوقتي استحالة!" تنهد ثم تفحصها برماديتاه "لو احتاجتيلي في اي حاجة هتلاقيني جنبك، بس حبي وإخلاصي لشيرين عمرهم ما هيتغيروا، ممكن تفضل المَعزّة اللي في قلوبنا لبعض زي ما هي، إنما إني أكون موجود جنبك كراجل بيحبك أو كراجل يتجوزك دي استحالة يا تُقى!" جففت دموعها وآخر خيط من الأمل بيديها قد جذبه آدم بإصرار لتبتسم في هوان


"يعني استحالة تدينا فرصة تانية؟!" همست في حزن ليومأ لها في انكار ولكنه ابتسم


"إذا كنت أنا اتكافئت بشيرين فأنتي اتكافئتي بأولادك.. تقى احنا من سن بعض.. حياتي كلها مرت قدامي بين وجع وجرح وفضلت اخسر اللي بحبهم قدام عينيا واحد ورا التاني لغاية ما عملت على قلبي حصار وأخيراً بعد سنين ابتديت احس إني انسان تاني.. زي ما انا مبسوط دلوقتي بوجودي معاها انتي اكيد مبسوطة بأولادك.. ولو خيرتك ما بيني وبين اولادك تختاري مين؟!" تفقد عيناها لتتنهد


"أكيد أولادي يا آدم.. أنا فعلاً مبقاليش حد غيرهم"


"شوفتي.. أنتي في ايديكي نعمة يمكن واحد زيي معندوش زيها ويا عالم هيبقا عندي اولاد ولا لأ، بس أنا بردو في ايديا حاجة يمكن مش موجود زيها معاكي.. كل واحد ليه قدره ونصيبه.. عيشي عشانهم وأنا هاعيش عشان شيرين.. أنا حبيتك يا تقى ويمكن فهمت غلطت وندمت واخدت حق إني صدقت عليكي الكلام ده عذاب صبح وليل وخسرت مرات بابا في اخر ايامها بسبب إني صدقت عنك حاجة واتسرعت في إني اخدت قرار غلط عنك.. محدش فينا عاش مرتاح.. بس دلوقتي قدامنا فرصة جديدة عشان كل واحد فينا يعيش مرتاح" ابتسم لها في لين لتعتصر تقى عيناها في عدم تصديق لكل ما يحدث حولها وتنهدت لتتحدث


"عندك حق يا آدم.. أنا ولادي مقدرش اعيش من غيرهم ثانية"


"شوفتي.. وأنا كمان مقدرش اعيش من غيرها" نهض ثم نظر لها "لو احتاجتي اي حاجة في يوم كلميني او تعاليلي وصدقيني هتلاقيني واقف جنبك.. مع السلامة يا تقى.." ودعها ثم توجه للأعلى بخطوات متلهفة لرؤية زوجته!


####################


"شيرين" ناداها هامساً لتلتفت هي له بإبتسامة وتوجهت نحوه لتقترب منه ولا زالت الإبتسامة تعتلي شفتيها بل وتوسعت أكثر عندما أقترب منه وحاوطت عنقه بذراعيها


"نعم يا حبيبي" اجابته وتفحصت رماديتاه التي قرأت بهما تلك الكلمات الحبيسة التي يود أن يخبرها بها كما أنه حاول أن يبادلها الإبتسامة ولكنه لم يستطع


"أنا.. أنا كنت مع تقى.. تقى كانت تحت وطلعت عايشة" أخبرها بنبرة مهتزة لتنظر له بتلقائية دون أن تتغير ابتسامتها


"طيب وفيها ايه؟!"


"فيها ايه!!" كرر كلماتها هامساً "شيرين أنا عايزك تعرفي إني بحبك وعمر ما اي حاجة هتبعدني عنك.. أنا حاسس إني محبتش غيرك أصلاً وكل اللي عدا عليا في حياتي قبل كده كانت مجرد مشاعر مراهقين مش أكتر إنما أنتي، أنتي بالنسبالي أهم حاجة حصلتلي في حياتي، الحب اللي حسيته معاكي غير اي حاجة جربتها في حياتي، اوعي يا شيرين تفكري في يوم إني ممكن ابعد عنك او حد يـ..."


قاطعته لتقترب مقبلة اياه في جرأة أدهشته هو نفسه واقتربت منه بكامل جسدها حتى التصقت به تماماً وكأنها تؤكد له أنهما أصبحا كياناً واحداً ولن يفرقهما أي شيء أبداً حتى لو كانت علاقة سابقة، ولم تبتعد إلا بشعورها بأنهما يحتاجان ليلتقطا أنفاسهما.


"آدم.." همست بينما تنفست أنفاسه "أنا واثقة فيك من غير كلام كتير، وكنت عارفة إن تقى اللي موجودة تحت، أنا لما اخدت قرار إني ارجعلك كنت فكرت في كل حاجة، لما استحملت إنك بتحاول تخليني أغير وتزهقني ده كان بإختياري مكنش غصب عني وحتى في عز الوقت ده كنت واثقة فيك وواثقة في حبك ليا، أنا مش هخاف من اي حاجة هتحصل، أظن طول ما احنا مع بعض احنا مش ناقصنا حاجة ومظنش إن هيكون فيه حاجة مش هنقدر نحلها!"


أخبرته لتتعالى خفقات قلبه ولكن ليس من التوتر أو من الخوف ولكن تعالت لإزدياد عشقه الشديد لتلك الفتاة التي أحبها أكثر من أي شخص وأكثر من أي شيء بحياته.


أقترب ليقبل جبينها ووصد عيناه ثم احتضنها مرة أخرى لبعض الوقت ولم يرد أن يبتعد عنها أبداً ولكنه فجأة ابعدها قليلاً حتى يتفقد عيناها في جرأة


"بس ايه البوسة الجامدة دي؟!" همس لها ثم غمز بأحدى رماديتاه لتبتسم هي في خجل ولم تجيبه وحاولت بقدر ما استطاعت ألا تبادله النظرات ليتلمس اسفل ذقنها مرغماً اياها على النظر له


"بصراحة مكنتش اتوقعها منك!" ابتسم بخبث واقترب منها ببطىء ليشتعل وجهها باللون الأحمر ثم تلمس شفتاها بخاصتيه في قبلة ناعمة عبثت بمشاعر كلاً منهما.


"آدم" همست بعد أن دامت تلك القبلة لدقيقتان ليجيبها بهمهمة ثم انخفضت يداه لخصرها ليقربها أكثر منه ولم يعطي لها الفرصة للتحدث ليلتهم تلك الشفتان اللاتي لطالما ود تذوقهما ودفعها برفق حتى نجح في اعتلاءها على سريره لتندهش هي متى وصلا هنا وفتحت عيناها لتستيقظ من انهار عشقه التي فاضت على هيئة لمسات وقبلات لا نهائية لم تختبر مثلها سابقاً في حياتها حتى معه هو نفسه فلقد أختلف كل شيء الآن وأصبحا زوج وزوجة.


###################


تفقدها بجانبه لترتسم ابتسامة تلقائية على شفتاه ثم رفع الغطاء على جسدها العاري ثم نهض في حرص حتى لا يوقظها ذاهباً لشرفة غرفته ليقوم بمهاتفة مراد حتى يتفق معه على الذي عليه فعله مع ميار، فلقد قرر أنه سيترك كل شيء خلفه ليتفرغ لتلك الصغيرة التي عشقها حد الثمالة..


"يا ساتر.. خير يا آدم على الصبح، الساعة لسه مجتش ستة" صاح مراد بهاتفه متحدثاً لآدم بصوت نعس


"هريحك مني اهو شهرين قدام" حمحم ثم تحدث في جدية "أنا أظن بعتلك تسجيل ريم وهي بتسرق نسخة العقود، كده كده هي خرجت برا البلد، كفاية بقا الدليل ده عليها لما تبقا تشرف في المطار كده كده مش هتفيدنا بحاجة.. بالنسبة لميار تخلي المحامي يعمل فيها بلاغ وتنزل من الشركة متكلبشة ولو قلبت الدنيا على اللي يثبت إن الشركة من حقها او حتى شوية اسهم فيها مش هتلاقي.. وبعد كده عايز المحامي بتاعنا يخلص منها بقا بكام سنة محترمين في السجن عشان تتأدب وأظنه عارف شغله كويس"


"وأنت يا آدم هتكون فين طيب؟!" تحدث مراد بنبرة يقظة بعد ما سمعه


"مراد أنا أخيراً ببدأ حياتي على نضيف.. سيبني اتبسط مع شيرين شوية.. ولو رجعت هرجع بعد شهرين ولا حاجة"


"طب ومش هتقابل أهل يوسف معايا؟!"


"همّ هيجوا امتى؟" سأله بجدية


"كمان أسبوع كده او عشر أيام.. لسه محددناش بالظبط"


"هحاول اجي بس علشان خاطر زينة.. وهبقا احاول اكلمك كل يوم اطمن على الدنيا ماشية ازاي.. يالا سلام!"


انهى مكالمته مع مراد ثم عاد ليجلس شارداً بكل تلك التفاصيل التي ود منذ أن وقعت عيناه عليها أن ينظر وينهل منها كل صباح ومساء بل وطوال حياته لا يظن أنه قد يكتفي من تلك الملامح التي ما إن رآها شعر بالراحة النفسية والطمأنينة تتغله..


تململت في الفراش وفتحت عسليتاها الناعستان لتجده جالساً محدقاً بها وقد أدركت أنه يبدو متواجداً منذ فترة لتبتسم له بتلك الملامح التي لا زالت آثار النوم تكسوها وقبل أن تبادر بالحديث قبلها ناثراً أنفاسه الدافئة التي دائماً أحبتها فهي قد عشقت تلك الأنفاس الممتزجة برائحة النعناع المنعشة..


"صباح الخير" همست له بعد أن ابتعد مقدار إنشاً واحداً عنها ولا زالا يتبادلا أنفاس بعضهما البعض


"صباح الخير يا شيري يا حبيبتي" ابتسم لها وأخذ يحدق برماديتاه بتلك العسليتين


"اول مرة تقولي شيري على فكرة" همست له وهي تحاول أن تزيل أثار النوم عن نبرتها


"ما هو بعد امبارح بقا مش هاقول غير شيري.. شيرين دي كانت زمان"


"يا سلام!! اشمعنى يعني؟ ايه اللي اتغير؟!" نهضت وهي تحاوط جسدها بأحدى أغطية السرير


"يوووه!! ده اتغير كتير اوي.. تحبي اعيدلك اللي حصل امبارح؟ تحبيه نظري ولا عملي"


"آدم اتلم، مش علشان بتكسف منك هتعمل كده.. بطل سفالة بقا لغاية ما اخد على الموضوع" تحدثت بنبرة قاطعة كي تنهاه ولكنها لا تدري من أين لها أن تتفوه بهذا لتشتعل خجلاً وتوردت وجنتاها


"ايوة بقا.. يعني لما نتعود هنتغير جامد ولا ايه؟" غمز لها وتوسعت ابتسامته لخجلها


"بلا اتعود بلا زفت.." حاولت النهوض وهي تجذب الأغطية على جسدها ليوقفها


"استني بس رايحة فين.. لحقنا نزهق ولا ايه؟!" نظر لها بخبث بينما اقترب منها حيث كاد جسده بأكمله يعتليها


"حاسب يا آدم بقا وبطل سخافة" حاولت دفعه ولكنها لم تستطع


"طب أحاسب ازاي بس وأنتي بالحلاوة دي كلها" توسعت ابتسامتها ثم حاولت أن تسيطر على ملامحها وحدقت بعيناه في جدية


"عايز ايه يعني؟!"


"عايز كتيير اوي بقا، ما أهو اللي بيجرب خلاص بقا مبيعرفش يبطل خالص" نظر لها بجرأة ومكر وحاول أن يقترب منها أكثر


"آدم!! بجد بلاش سخافة"


"مش عايزة سخافة ولا مش عايزة سفالة؟!"


"الاتنين" أزادت محاولتها لتصنع الجدية ولكنها لا تستطيع منع تلك الإبتسامة


"طيب ماشي.. سماح المرادي" قبلها من جبينها ثم عاد ليجلس أمامها واحتوى احدى كفيها بكفه "فوقي كده وخدي شاور عشان احنا مسافرين النهاردة"


"مسافرين!!" كررت في إندهاش "رايحين فين المرادي؟" تفقدت ملامحه التي أصبحت هادئة دائماً مؤخراً


"ممم.. أماكن كتيرة بقا.. بس المرادي هاروح مع مراتي مش مديرة أعمالي.. يعني نلفلنا لفة حلوة.. اليونان، بورا بورا، موريشيوس.. ومش هاحرقلك الباقي.. محسوبك مجنون سفر" همس بجملته الأخيرة لتتعالى ضحكاتهما سوياً


"اما نشوف اخرتها معاك ايه يا مجنون!"


##################


"يا سلام!! يعني ايه يعني تعمل كل ده من غير ما تعرفني، ازاي أصلاً تاخد قرار بدالي.. ايه مش عجباك، ماليش رأي أبداً، مليش لازمة في حياتك؟" صاحت شيرين بغضب ارتسم على ملامحها


"بابا هي ماما مش هتبطل زعيق" صاح ذلك الصغير الذي اتم عامه السابع للتو


"ولا عمرها هتسكت" همس آدم حتى لا تسمعه شيرين لإبنه لؤي وهو لم يعد يدري كيف يوقف هذا الجموح بها "هو قرار واخدته يا شيرين خلاص.. مفيش نقاش تاني في الموضوع"


"تاني؟! عمرك ما هتتغير.. مالكش كلام معايا تاني" صاحت به في عصبية مبالغ بها ثم توجهت لتغادره لينظر للؤي الذي لوى شفتاه ورفع كلاً من كتفيه ثم انزلهما علامة على عدم معرفته اجابة ذلك السؤال الذي ظهر بعينا والده لينهض متآففاً ثم توجه ليلحقها.


" شيرين!" نادها بصوته الرخيم بينما لم تتوقف هي ليزيد من سرعة خطواته وجذب ذراعها لتلتفت إليه وتلك العسليتان ينهال منهما الغضب


"مش قولتلك متكلمنيش؟ عايز ايه دلوقتي؟ وبعدين مش كفاية اسلوبك ده اللي مبتغيرش؟ لغاية امتى هنفضل نتخانق قدام الولد؟"


"حقك عليا متزعليش" همس محاولاً أن يسترضيها ولكتها آبت


"تعمل بلاويك وتلغيني من كل القرارات في خياتك وترحع تقولي حقك عليا متزعليش.. لا يا آدم اسلوبك ده هيتغير... انا تعبت من جنانك "


" اسم الله! عاقلة اوي! "


" انا يا آدم مجنونة زيك؟ "


" اكتر مني يا حبيبتي"


" اتريق اوي.. ماشي يا آدم.. ابعد بقا ومتكلمنيش"


"ما تتلمي بقا وكفاياكي هري"


"بقا أنا هراية؟ أنا هاروح اقعد يومين عنـ.. " ولم تكمل ليقاطعها بقبلة عنيفة حنى شعر بجسدها وحدتها تستكين بين قبضتاه على ذزاعيها فابتعد ليلتقطا أنفسهما


"تعبتيني بقا يا شيخة.. حرام عليكي يا شيري بجد"


"انا اللي تعبتك ولا انت اللي مصمم تلغي شخصيتي"


" طب عايزة ايه دلوقتي؟ "


" مش عايزة حاجة غير انك لما تاخد قرارات تتعلق بلؤي تناقشني الأول"


"ده تدريب في نادي يا شيرين مش حوار يعني"


"لأ حوار.. انت دايماً متحكم زيادة عن اللزوم"


" بصي لا انا كده جبت اخري انتي اللي over"


" يا سلام، انا بردو over ولا انت اللي عاملي فيها الحاكم بأمره"


"بابي.. انت عايزني اروح تدريب الكورة هروحه.. وانتي يا مامي هروح عشان خاطرك تدريب السباحة.. كل واحد تلت ايام في الاسبوع.. ممكن بقا متزعلوش ويالا ناكل؟،" نظر لهما بأعين متوسلة


"ماشي عشان خاطرك يا لؤي يا حبيبي" اخبرته شيرين ثم اقتربت لتحمله في نفس الوقت الذي اقترب آدم ليحمله هو الاخر


"سيب أنا اللي مسكته الاول"


"انا اللي كنت عايز اشيله اصلاً"


" بردو يا آدم بتتحكم تاني"


" يووه! "


" اسكتوا بقا انتو الاتنين ومحدش فيكو هيشيلني.. انتو الاتنين فظاع.. انا هاروح اكل.. شوية وهلاقيكو جايين ورايا وبتضحكوا.. مش هاتدخل ما بينكو تاني" تركهما لؤي ثم ذهب هاززا رأسه في انكار لتصرفاتهما الطفولية التي لا يتصرف هو مثلها.


"عجبك كده.. اهو اللي المفروض ابننا بيعدل علينا.. عجبك اسلوبك؟ "


" اسلوبي ولا اسلوبك انتي؟ فرق ايه الكورة من السباحة"


" لا السباحة احسن طبعاً و.. "


" شيرين! " قاطعها بغضب لترفع احدى حاجبيها في تحفز وعقدت ذراعيها تنظر له بكبرياء


"افندم!"


"لمي الدور"


"لمه أنت"


" ما خلاص بقا.. "


" لا مش خلاص أنت اللي مصمم دايماً تنرفزني"


" انا ولا انتي اللي نرفزتيني"


" انت اللي ابتديت"


" لا انتي اللي... "


ظلا يتجادلان سوياً كعادتهما ولكنهما سأما الجدال بالنهاية لينظرا لبعضهما البعض للحظات وتنهد كلاً منهما ليحتوي آدم يدها بكفه رغماً عنها ثم قبلها من مقدمة رأسها وتوجها سوياً ليتناولا الطعام مع لؤي..


بالرغم من أنهما لا يزالا يتبادلان لعبة القط والفأر تلك ولكنهما مهما انتهت بهما الأحوال لا يقدر أي منهما على ترك الآخر حزين ولو لليلة واحدة..


"انا اسفة متزعلش"


"وانتي كمان حقك عليا متزعليش" همس لها لتبتسم هي وهي تجلس على احدى كراسي طاولة الطعام لينظر لؤي لكلاهما وقد حدث ما توقعه ذلك الصغير.. لقد انهيا عراكهما وتصالحا بثوانٍ كالعادة. 

تمت 


 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-