أخر الاخبار

قمر الدكان بقلم دكتور محمد مسافر

قمر الدكان بقلم دكتور محمد مسافر


قمر الدكان


في زقاق ضيق من أزقة القاهرة القديمة، حيث تندمج رائحة  الدخان مع رائحة طعام الفقراء، وحيث يجتمع الماضي الحزين والحاضر الغامض. كان يقف دكان صغير عتيق، لا يُلفت الانتباه، إلا لمن يعرف ما يخبئه وراء جدرانه. كان الدكان ملكًا لرجل عجوز اسمه حسن، وكان لديه ابنة تدعى قمر. كانت قمر فتاة جميلة كالورد البلدي ولطيفة كنسمة الصباح، وكانت تدير شؤون الدكان بعد القبض على والدها لعمله في تجارة البرشام المخدر الذي يسلب الأرواح.
يتهافت شباب الحي والأحياء المجاورة علي الدكان، لكي يستعيروا الكتب الكتب القديمة مقابل ريالات معدنية. وكان مصطفي الطالب النحيف الفقير يتعجب من ذلك.. هل تعلق الشباب فجأة بالقراءة أم أن أنهم افتتنوا بالقمر؟ 

وكان مصطفى يتيم الأبوين، ويعيش مع عمه وزوجته. كان يتحمل ظلمهما وسوء معاملتهما، ولا يجد عندهما رحمة أو حنان. 

وكان مصطفى مجتهدًا في دراسته، ويحب القراءة بشغف وعشق، وكان يهرب من بيت عمه البائس، إلى دكان الكتب الصغير لينير عقله.

كان مصطفى يأتي إلى دكان حسن كل يوم بعد المدرسة، وكان يقضي وقتًا طويلًا في التهام الكتب. كانت قمر تساعده في اختيار الكتب التي يريدها، وكانت تتحدث معه عن الروايات التي قرأتها.

في أحد الأيام، كانت قمر تتحدث مع مصطفى عن رواية قرأتها مؤخرًا.. عن عالم خيالي مليء بالمغامرات. كانت قمر تتحدث بشغف عن الرواية، مما أثار اهتمام مصطفى.

بعد أن انتهت قمر من الحديث عن الرواية، قال مصطفى: "أتمنى أن أعيش في عالم مثل عالم هذه الرواية."

قالت قمر: "أتمنى ذلك أيضًا."

ثم صمتا لبعض الوقت، وبدا عليهما رغبة حزينة.

قالت قمر: "أعرف مكانًا يمكننا أن نذهب إليه لنعيش في عالم مثل عالم هذه الرواية."

قال مصطفى: "أين هو؟"

قالت قمر: "في السندرة."

نظر مصطفي إلى أعلى في حيرة

قالت قمر: "لا تقلق، سأساعدك."

ثم أخذت قمر مصطفى إلى السندرة، وفتحتها له. كانت السندرة مظلمة ورطبة، لكن قمر كانت تعرف الطريق جيدًا.

قالت قمر: "اتبعني."

ثم بدأت قمر في الزحف داخل السندرة، وكان مصطفى يتبعها. كانت السندرة مليئة بالكتب القديمة والمستعملة، وكان مصطفى يشعر بالدهشة من كثرتها.

توقفت قمر أمام باب صغير. قالت: "هذا هو الباب."

ثم فتحت قمر الباب، وولجت. تبعها مصطفى، وكان قلبه يخفق بشدة.

كان الباب يؤدي إلى غرفة أخرى، وكانت هذه الغرفة مختلفة تمامًا عن السندرة. كانت الغرفة مضاءة كالنهار، مليئة بالزهور والنباتات كروضة غنّاء.

كان مصطفى في حالة ذهول، ولم يصدق ما كان يراه. كانت هذه الغرفة تشبه عالم الرواية التي قرأتها قمر.

قالت قمر: "أهلًا بك في عالم الروايات."

ثم ابتسمت قمر، وأخذت مصطفى من يده.

بدأ مصطفى السير مع قمر في عالم الروايات، يلتمس السعادة المفقودة والأماني الغائبة في عالم مليء بالمغامرات والتشويق.  شعر مصطفي كأنه في حلم لا يريد الاستيقاظ منه، 

ولكنه فجأة قرر أن يعود إلى عالمه الحقيقي. كان يريد أن يرى عائلته وأصدقائه مرة أخرى.

قالت قمر: "سأفتقدك كثيرًا."

قال مصطفى: "سأفتقدك أيضًا."

ثم قبلها، وعاد ادراجه، دخل الباب الذي كان يؤدي إلى السندرة.

عندما فتح مصطفى عينيه، كان ملقي في الشارع أمام الدكان،  رائحة التراب تسد أنفه.. كانت قمر قد اختفت، ولم يكن هناك أي أثر لها. 
كان يشعر بالحبور والحزن في نفس الوقت. كان سعيدًا لأنه عاد إلى عالمه الحقيقي، لكنه كان واجمًا لأنه ترك قمر في عالم الروايات، كان يري أشباه آدميين من حوله، ولم يقو علي رفع رأسه التي كانت ثقيلة كفيل إفريقي، فقط كان يستمع لهمهمات تلك الأجساد من حوله، بأن هذا آخر طريق المخدرات، ولابد من غلق ذلك الوكر فورًا.

#قصة_قمر_الدكان
#الكاتب_دكتور_محمد_مسافر
#قصة_قصيره
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-