هدوء الليل
قصة هدوء الليل بقلم ابو بكر محمد احمد
الفصل الأول
أسرة نصر عبد العزيز تتكون من زوجته ليلي علوان وابنه الأكبر حسن ، ثم أبناءه رفعت وبهجت وبناته أماني ونفيسة ولطيفة سرد القصة باللهجة المصرية شخصيات القصة كالاتي:
ليلي انسانة مكافحة ومناضلة ، كافحت ونافحت مع حسن ابنها من أجل تربية إخوانه ، تمتاز بطول البال ، كانت عطوفه جدا ، كانت بين الطول والقصر ، رغم كبر سنها إلا أنها كانت جميلة ، ومازالت جميلة لها بشرة بيضاء وجهها مدور ، وكانت ترتدي الثياب الواسعة والفضفاضة ، وكانت لاتحب أحد من ابنائها مثل حبها لحسن ، ولها حق في ذلك ، فهو ابنها الكبير الذي ترك مستقبله ودراسته من أجل مسؤلية البيت ، وعمل في كل المجالات المتاحة له من أجل أن يصون نفسه وأمه وإخوانه من التسوول أو طلب المعونة من أي إنسان ، أما حسن وما أدراك ماحسن زينة الشباب ، رجل التضحيات ، كان له طول حسن وله يشبه والده حتى في كل شئ في أخلاقه وفي خلقته وفي طيبته وتواضعه ، له وجه مهاب ولحية وقورة ، عيناه واسعتان وله أنف كبير وجميل وفمه كان كبير وجميلا ، كان وجهه ممتلئاً ، وكان قد التحق قديما في حياة والده بإحدى مراكز تدريب التايكوندو ونال الحزام الأسود ، كان إذا غضب يخاف منه الجميع ، وكان لايغضب لنفسه ، إنما يغضب لله.
وكانت لوالد نصر ممتلكات واراضي وبيوت وشقق عندما توفي نصر استحوز أخوه جابر على كل ممتلكات الوالد ولم يعطي أخوه
فلسا، فصدم نصر لذلك ولكنه رفض أن يرفع دعوة قضائية ضد أخوة ، فمرض بعد ذلك مرضا شديدا بسبب ظلم أخيه له ، وتوفي ، وحتى ان جابر لم يأتي ليقبل التعازي ، حزنت ليلي وحزن حسن لذلك ، وبعد مرور السنين مرض جابر وأصيب بشلل نصفي واقعد، فأخذ يفكر فيما فعل في أخيه نصر فأخذ يصيح ويبكي ويقول : انا اللى جبتو لنفسي ، آه يارب ظلمت نفسي وظلمت اخويا، قتلت اخوي قهر ، انا اعمل ايه يارب فأخذ يبكي ويبكي حتى اغشيا عليه ، زوجته كانت شرسة وفظة
اسمها نورة أخذت تقول له : انت ماظلمتش حد هو ده قدره كده ، وانت اللى كنت ماسك أعمال والدك وتعبت وسهرت اليالي مع والدك بطل عبط، غضب وقال لها : انتى السبب في كل اللى حصل ، ربنا ينتقم منك، خليتيني اخسر اخويا ، ياظالمة يامفترية، وكان له بنت وولد ، البنت وهي الكبري اسمها رغد والولد اسمه عبدالعزيز ، فاقسم أن يقسم التركة ويعطي لأولاد أخيه حقهم ، فغضبت لذلك زوجته وخلعته
بالمحكمة ، فغادر البيت ولم يأتي معه أحد من أبنائه.
طلب من أحد أصدقائه أن يبحث له عن بيت ليسكن فيه ، مع أن البيت باسمه لكنه لايريد أن يحرمها من أولادها ، ولأنها كما يقولون (مقطوعة من شجرة) فذهب برفقة صديقه خالد إلى بيت أخيه نصر وطلب منهم السماح وبكى حتى ابكى الجميع ، وأخبر حسن بأن يأتيه غدا في الشركة ليذهبا إلى المحامي حتى يأخذوا نصيبهم الشرعي
نورة : تمام حتاخد كل الانت عاوزو بس خليك حريف
الرجل: تمام يافندم ختى في بطنك بطيخه صيفي
عند المساء يعود حسن إلى البيت وهو مصاب في رأسه والدم ينزف ، وحكى لوالدته مافعلته العصابة وأنهم اخذو منه المال وضربوه على رأسه ، كانوا اربعة أشخاص قام أربعة يصارعونه فصرعهم وطرحهم أرضا ، فجأئه خامس من الخلف وضربه على رأسه وهرب ، فحزنت ليلي حزنا شديدا وبكت حتى كأن البكاء فالق كبدها، وتأثر حسن لبكاء أمه واسترجع
في بيت نورة المجرمة، نورة تصيح وتقول لهم : اذاي يهرب منكم وانتو اربعه ، بالله عليكم انتو رجالة انتو أخس عليكم ، غوروا من وشي وتمر السنين تلو السنين ، فإذا بالأمور تغيرت ، والأحوال تبدلت ، فصاروا أغنياء جدا بعد أن كانو فقراء ، وعندهم أكبر عمارة في المدينة ، وكبر الصغار ، رفعت أستاذ محاضر في احدي الجامعات المعروفة بالقاهرة، وبهجت يعمل مهندس معماري في إحدى الشركات ، نفيسة ربة منزل ومتزوجة من عبدالمنعم طاحب أكبر مطعم في المدينة ، أماني تعمل طبيبة في إحدى المراكز ومتزوجة من ابن خالتها مروان
أما لطيفة اللطيفة فقد كانت أجمل أخواتها ، وكانت تحترم أخوها احتراما شديدا وتقدره أكثر من باقي إخوته لأنه هو الذي رباها وربي جميع إخواته
وكان يحبها جدا ويبوح لها بأسراره من دون باقي إخوته ، وكان دوما يجلسون بعد العشاء فيتسمامرون ويدردشون ، وتحكي لهم الحاجة ليلي حكاوي جدودها الماضية وقصصهم الغريبة ، ومع هدوء الليل وسكنه يستمعون بانصات ويتعجبون من هذه القصص الرائعة والشيقة ، ويتعجبون من مواقف الجدود المشرقة والمشرفة
الحاج حسن يرتدي ملابسه ، ولم يكن حسن يحب لبس القميص والبنطال
دخلت عليه غرفته أخته لطيفة وكانت أجمل أخواتها وبينما هو يقف أمام المرآءت وينظر إلى وجهه ويسرح لحيته ، نظرت إليه بابتسامة جميلة واتجهت
نحوه وهي تقول : صباح الخير يا احلى اخ في الدنيا
فأخذ ينظر إليها وهو يبتسم ثم قال : صباح الفل يا أحلى أخت صغنونة في الدنيا
فاتجهت نحوه ثم جلست بالقرب منه وأخذت تحملق في وجهه، فتعجب حسن ثم قال : ايه في ايه مالك
فقالت له : بصراحه نفسي افرح بيك قبال مامووت (فأخذ يضحك بصوت مرتفع ثم قال : بإذن الله ياست الحاجة ، بس انا مش حتجوز إلا بعد ما اشوفك في بيتك
فقالت له لطيفة: لا يا اخويا فقامت من على الكرسي ثم تقدمت خطوات نحو باب الغرفة ثم عادت مرة أخرى نحوه وهي تقول: كفاية انك ضحيت بسنين عمرك عشاني وعشان أخواتي، بعد كده نحن اللى مفروض نخدمك ، ونضحي ذي ما انت ضحيت عشانا حسن يستمع اليها ومقلتيه ممتلئة بالدموع ، ثم قال لها : انا بصحتي والحمد لله ، وذي ما انتى شايفاني فل الفل ، وأنا مش عاوز منكم حاجة غير انكم تعيشوا بسعادة وأمان ، وتكونوا متحابين ، على فكرة انا بعتبركم ولادي مش اخواني
تذهب لطيفة نحوة فتحتضنه وهو جالس وتضع خدها في حجرة فيمسح على شعرها بيده اليمني ، ثم رفعت رأسها لتنظر إليه فإذا به يمسح دموعه من وجهه ، ثم قام وقامت ومقلتيها ممتلئة بالدموع فقالت له : اتذكرت بابا مش كده فابتسم ثم قال : عمري مانسيتو ، بس اتذكرت انو مات مخنوق من عمايل أخوه ، ربنا يرحمهم وينتقم من اللى كان السبب
فقالت لطيفة: قصدك العقربة نورة ، يارب انتقم منها
حسن : تعرفي يالطيفة ، موت ابويا الله يرحمه قصم ظهري ، لقيت نفسي وحيد وسط عالم بشع ، المادة عندهم هي كل حاجة ، الواحد يبيع أبوه وأخوه وعيلتو كلها عشان الفلوس ، آه من طعنة الغدر لمن تجيك من أقرب الاقربين ، انا اللواجع قلبي انو مات مقهور مظلوم ومن مين من أخوه لحمو ودمو
يبكي حسن بصوت مرتفع حتى ابكي لطيفة ، فقالت له لطيفة والحزن يقطع قلبها ، والدموع تنزل من مقلتيها كذرات المطر المتتابعة
لطيفة : أرجوك ياخويا كفاية ، ماتزعلش نفسك (تمسح على صدره) اللى حصل يقطع القلب ، والله انا قلبي بيولع نار ، كلما أتذكر اللى حصل لأبويا ، نفسي اشرب من دمها الحقيرة الوسخة، أما عمي ربنا يسامحو بقي حنقول ايه، امي قالت لي انو كان بحبني اوي ويناديني يامي ، طبعا على اسم جدتي لطيفة
حسن يمسح الدموع عن وجهه وعن وجه أخته لطيفة ثم يأخذ بيديها ويجلسها بالقرب منه ، ثم يقول : ياسلاااااااام دي حدوتة لوحدها ، تعرفي يابت ، لما ابويا سماك على اسم جدتي ، الحرب العالمية قامت من جديد ههههه
لطيفة ابتسمت وهي متعجبة ثم قالت : ليه بقي ، ومالو اسمي؟!
حسن أقبل عليها بوجهه ثم قال : الحرب العالمية قامت بين الحاجة زينب والحاجة لطيفة
لطيفة تضحك بصوت عالي ثم تقول : شوقتني ياخويا قول حصل ايه ، اكيد جدتي زينب قالت لهم يسموني زينب
حسن يبتسم ويقول: لا ماحصلش .
لطيفة: آمال ايه
حسن : يابت اصبري شوية انتى مستعجلة على ايه
لطيفة تضع يدها اليمنى على فهما وتقول : هاديني سكت، احكي ياخويا
حسن : الحاجة زينب قالت يسموك لطيفة لأنك
بتشبهيها ، الله يرحمهم جميعا، الحاجة لطيفة قالت: مافيش حد من عيلتها يتسمى على اسمها طالما هي عايشة ، والحاجة زينب قالت لها فيها ايه يعني هو مافيش لطيفة غيرك في الدنيا ، وقالت كلمة خلتها تولع نار ، وهي ماقالتش كده إلا لما الحاجة لطيفة قالت لها
-ده رأيك انتى ، ومش لازم كل اللى تقوليه يتنفذ يوه
المهم قالت لها الحاجة زينب: روحي وانتى لطيفة ومش لطيفة ربنا يلطف
بينا منك .