أخر الاخبار

قصة ليلة غاب بها القمر كاملة



 ليلة غاب بها القمر

بقلم اسماء ندا 

صمت الليل يخفى الكثير من الأسرار داخل البيوت ،وقد اصبحنا فى زمن لا يسأل الجار عن أحوال جارة، بعض البيوت تمتلأ بالدفئ والحب والبعض الاخر يتسلل منه الدفء هربا من برودة المشاعر، حي بأكمله مع غروب الشمس تهرب منه الحياة وتغلق النوافذ وتسكر الأبواب باقفالها و يسود الصمت الى من صوت الرياح التى تلتف بين البيوت تداعب اوراق الاشجار فتصدر صرير هامس، لم يكن هذا الحي هكذا قبل تلك الليلة المظلمة .


ذات مساء كان ذلك الحي مليء بالضحكات، ومزين بالورود ، وتتجمع اهالى الحي قرب البحيرة لقضاء الليلة بين الاغاني واللعب ، وتبادل الأطعمة ، حيث لا يبات احدا دون عشاء، تتسلل الفتيات الاتى فى سن الشباب للعب باقدامهم العارية فى مياه البحيرة بينما يتسابق الصبية بقذف الاحجار الصغيرة لكن شرط ان لا تغرق الحجرة بل تقفز على سطح البحيرة .


قطع صوت ضحكات الجميع صراخ الفتيات الاتى يتراجعن مسرعين للخلف بعيد عن المياه، توقف الصبية عن لعبهم ، وتجمع الأهالى لمعرفة ما اخاف الفتيات ، فإذا بجسم منتفخ يطفوا فوق سطح البحيرة ، القى احد الشباب جسده فى الماء ثم سحب ذلك الجسم الطافي وأخرجه، انتشر الرعب بين الجميع وكل ام بدات تبحث عن ابنتها وتطمئن عليها.


الفتى الذي أخرج الجسم العائم ، اقترب ثم قلب الجسم حتى يظهر الوجه ، لكن لشدة بشاعة ،تشوه الوجه والجسم المنتفخ لم يتمكن أحد من معرفة هوية الفتاة صاحبة الجسم المشوه ، دقائق وجاءت الشرطة الى المكان تطلب من الجميع ان يذهبوا الى بيوتهم ومن يكتشف اختفاء ابنته ياتى ويبلغ الشرطة على الفور


قام رجال الإسعاف المختص بوضع جسم الفتاة فى كيس من البلاستيك الأسود ثم نقلها الى مشرحة مستشفى البلدة حتى يتم تشريح الجثمان لمعرفة أسباب الوفاة ، عند وضع الجثمان داخل عربة الإسعاف جاءت أمرأة تنادى على ابنتها 


" بنتى هند، حضرة الضابط ما شفتش بنتى، خرجت من البيت من اسبوع ، قالت هتبيع العطور وتروح لبيت خالتها ومرجعتش ولا راحت عند خالتها "


قال الضابط " ليه يا حجه مبلغتش عن غيابها من يوم ما اختفت"


قالت السيدة "روحت يا بنى، وقالوا هيدوروا عليها، بس يابنى مر اسبوع ، قلبى مش مستحمل ، و البيه الظابط طردني من مكتبه وقال لى انهم مش لقينها ولسه بيدوروا ولو عرفوا حاجه هيبعتوا لى ، قلبى مش مستحمل بعدها دى بنتى الوحيدة"


قال الضابط " هى كانت لابسه ايه وهى خارجه "


قالت السيدة " فستان ازرق طويل ومنفوش و حطه شال سماوى على كتفها وشعرها الذهبى الطويل كانت عملاه ضفيرة طويلة لحد اخر ظهرها" 


قال الضابط " طيب يا حجة تعالى معايا نشوف فى المستشفى حد جه بالوصف ده ولا لا "


سارت السيدة بجوار الضابط وهى تتمتم " روحت المستشفى بتاعة الحي وقالوا لا ، ورحت المستشفى بتاعة الحى اللى جنبنا،


قال الضابط" يا ستى نطمأن"


بعد ما يقرب من ستة ساعات داخل المستشفى كانت السيدة تجلس بجوار باب المشرحة وهي منهارة من البكاء، جلس بجوارها الضابط اشرف ثم قال 


" احمدى ربنا ان الجثة اللى شوفتيها مش بتاعة بنتك ، ولسه ما نعرفش بتاعة مين ، وده معناه ان بنتك احتمال كبير تكون بخير وانا اوعدك ان انا بنفسي هدور عليها، يلا قومى اوصلك للبيت يمكن تكون بنتك رجعت " 


نهضت السيدة وهى تستند على ذراع الضابط وهي تدعى ربها ان تكون ابنتها الجملة عادت الى البيت ، لكن ما ان وصلت بيتها، حتى وجدت زوجها هو من عاد من سفره، وعند دخولها للمنزل صاح بها فى غضب


" انت كنتى فين يا وليه وسيبة البيت كده يضرب يقلب"


السيدة " كنت بدور على بنتى يا سيد، قلبى بيتقطع عليها ومفيش حد عارف يوصلها، والضابط خدنى المستشفى اشوف الجثة اللى لقوها مشوهة ومرمية فى البحيرة ، بس الحمد لله ما طلعتش هند بنتى "


قال سيد بصوت مهزوز " و حد عارف هى مين اللى كانت غرقانه دى "


قالت السيدة " محدش عرف هي مين غيرى انا ، بس مقولتش ليهم غير ان الخاتم اللى فى ايديها ده يبقى خاتمى اللى ضاع فى محل العطور بتاع جوزى من شهر "


تقطع صوت سيد وهو يقول " خاتم ، خاتم ايه ، و مدام انت عارفه هى مين يا مهديه ليه مقولتيش ليهم "


قالت مهديه وهى داخله غرفة النوم " ما هو لو قلت انها البت سعدات اللى كانت شغالة فى المحل وانت طردتها من شهرين لما انا عرفت اللى بينك وبنها هتروح انت فى داهيه، تصدق انا غلطانه ، خلاص اروح اقولهم "


قال سيد " تقولى ولا متقوليش وانا مالى ، روحى حطي لى الزفت عايز اكل وانام شويه "


قالت مهدية " تاكل ايه ولا تتسمم، انزل يا راجل دور على هند ورجعها لى، او هنزل انا وأقول للضابط انك كنت مسافر مع سعدات ورجعت انت سليم وهى جثة"


قال سيد " ايه التخريف اللى بتقوليه ده يا مهدية ، انا كنت مسافر بجيب بضاعة وحمولة عطور وكان معايه الواد سامح والواد مدحت وهيشهدوا ، وبعدين يا مهديه هيهون عليك جوزك اللى مستتتك وملبسك الدهب انت وبنتك "


تنهدت مهديه وقالت " اه ، لو ماكنتش بحبك بس اعمل ايه فى قلبى ده ، يلا بقى هحطلك تاكل بس بالله عليك تنزل تدور على البت "


قال سيد وهو يجلس على مقعد من مقاعد السفرة 


" حاضر ، هنزل ادور على المزغوده بنتك ، هتلاقيها هربت مع الواد شاهين اللي رفضتيه "


قالت مهديه " لا ، هى اللى رفضته، مش انا، يبقى هتهرب معاه ازاى" 


قالت ذلك الكلام وهى تضح صينية الطعام أمام زوجها ،ثم قالت  


" تفتكر مين اللى قتل البن سعدات "


قال سيد " وانا مالى ، فضينا من دى سيرة "


مرت عدة ليالى لم تستطع الشرطة معرفة هوية القتيلة المشوهة،ولم تظهر هند ابنة السيدة مهدية، وانتشر الرعب فى قلوب اهالى الحي، حيث اختفت فتاة اخرى تليها عدة فتيات، وتم العثورعلى عدة جثث مشوهة تم القاءها داخل مياه البحيرة، لم يستطع أحد التعرف على تلك الجثث، ذلك الحي الذي كان كل ليلة احتفال بالسنة الجديدة ،كان الفرح يدب داخل كل البيوت، لكن هذه السنة اختفت معالم الاحتفال، وأصبحت الشوارع مع غروب الشمس فارغة وأبواب البيوت مغلقة، ما عدا بيت مهدية القلقة على ابنتها التى لا تعرف شئ عنها، لقد نسيها الجيران ولم يعد أحد يسأل عن اخبارها، خرجت مهديه مثل كل ليلة تدق أبواب الجيران وتسأل هل رأها احد، تجوب الشوارع تحمل صورة مرسومة لابنتها تسأل المارة بالنهار فى الطريق داخل الحي وفي الأحياء المجاورة، وليلا تردد بعقلها كلمات زوجها اللعين أن ابنتها هربت مع ذلك الشاب الذي كانت رفضته، لكن سرعان ما تنفي ان ابنتها فعلت ذلك، لكن خطر فى عقلها أن تذهب الى بيت الشاب وتسأله هل رآها بعد أن رفضت الزواج منه او لا .


كان الوقت تخطى منتصف الليل عندما وصلت إلى قرب بيت ذلك الشاب، توقفت بجوار أحد أعمدة الإنارة القريبة من المنزل،وقبل أن تتحرك من مكانها كي تدق الباب، سمعت أصوات صراخ آتية من داخل المنزل، ثم فتح الباب على مصراعيه وخرجت منه فتاة تجرى الى الخارج و وجهها مغطى بالدماء، تمسك فى يديها سكينة تتساقط منها دماء، جريت إلى الخارج ثم سقطت فوق الثلوج ، قتيلة جديده ام قاتله، هذا هو السؤال الذي دار في عقل مهدية، دقائق شلت حركت مهديه من الصدمه، ثم فوجئت بمجئ سيارات الشرطة التي اقتحمت البيت،ثم سيارة إسعاف، السيارة الاولى نقلت الفتاة التى كانت قد فارقت الحياة بالفعل، دقائق وخرج مسعفون اخرين يحملون شخص ما مغطى بملاءة ، وقبل أن يضعوا السرير النقال داخل سيارة الإسعاف تدلى من فوقه ضفيرة سمراء طويلة، ثم خرج الضباط بعد ان القوا القبض على جميع من كان بالبيت وكانت إصابة احدهم خطيرة جراء طعنه عدة طعنات متفرقة فى جسده وقد كان زوج مهديه من ضمن الذين تم القبض عليهم.


اسرعت مهدية الى سيارة الاسعاف ونزعت الغطاء من فوق وجه الفتاة التى كانت فوق الفراش فإذا بها تصرخ وتقول 


" دى سعدات اللى كانت شغالة فى محل العطور عند جوزى، بس ده شعر بنتى هند! "


جذبت الضفيرة بين يديها فإذا بها تنتزع من رأس الفتاة سعدات،كأنها كانت ترتدى الشعر مثل باروكة،صرخت مهديه بصوت عالي 


" اين ابنتي؟ كيف انتزعوا شعرها؟ "


سقطة مهدية أرضا فاقدة الوعى ، لينقلها المسعفون إلى المستشفى بجوار الجثة القتيلة ، بعد عدة ساعات أفاقت مهديه وهى تصرخ وتنادي على ابنتها، و كان الضابط رشيد يجلس بجوار الفراش ، وبعد أن هدأت قال 


" اهدئي يا مهديه ، بعتذر انى هقول كده ، لكن انت الوحيده اللى هتقدرى تساعدينا عشان نلاقى جوزك ونعرف منه فين بنتك ومين البنات اللى لقينا جثثهم مدفونة فى حديقة البيت"


قالت سعديه " تلاقوه، ليه ، هو كان مقبوض عليه، انا شفته مع الضباط كانوا مسكينه"


قال الضابط رشاد " قدر يهرب من الحجز بعد ما اعترف أنه اشترك فى قتل البنات دى ، هرب قبل ما نعرف منه هويتهم "




قالت مهديه وهى تبكى " لا، مش ممكن ، بنتى ، الحيوان قتل بنتى "


قال الضابط " مقدرش اقول انها ماتت او لا، لان أحنا لقينا مجموعة بنات مربوطة ومحبوسة في قبو البيت، لازم تقومى وتشفيهم يمكن تكون بنتك منهم "


قالت مهديه " بس ،الشعر اللي كان على راس البنت الميته ده شعر بنتى انا متاكده"


قال الضابط " برده ده مش كفاية. ان احنا نقول انها ماتت"


نهضت مهديه وقالت " خلاص اروح دلوقتى اشوف البنات اللى لقتوها ، بس ليه مسألتش البنات عن اساميهم "


قال الضابط بحزن " كل البنات مقطوع لسانهم وفى حروق فى أيديهم وكلهم دلوقتى بيتعالجوا ، لسه الدكتور يقرر امتى نخلى الاهالى اللى مبلغين عن اختفاء بنتهم يدخلوا يشوفوا البنات عشان يتعرفوا عليهم "


قالت مهديه " لا انا مش هستنى انا عايزة اعرف بنتى ماتت ولا عايشه "


قال الضابط " طيب اهدى هاخدك الاول تشوفى الجثث وتتاكدي ان بنتك مش فيهم وبعدين نشوف البنات اللى عايشه"


خرجت مهديه مع الضابط وتوجهت إلى قسم المشرحة الذي به ثلاجات الموتى ، ثم دخلت الى قسم الثلاجات وهى تضع يدها على قلبها وتدعى الله ان لا تجد ابنتها بينهم ، بدأ الطبيب بفتح إدراج الثلاجه واخراج جثة تليها جثة ومهديه مرة تتعرف على فتاة وتقول هى ابنة من، ومرة من شدة التشوه وتحلل الجثث لا تستطيع التعرف على هوية الجثة، حتى وصلوا إلى اول جثة تم ايجادها فى البحيرة وقد كانت التفت بالأكفان ولا يظهر اى شئ منها فقال الضابط 


 " هذا أول فتاة وجدناها ولقد رأيتها من قبل و لقد اخذنا امر قضائي باخراج الجثة بعد دفنها مرة اخرى لاعادة الفحص الجنائي، فصاحت مهديه 


" دى اللى كانت لابسه الخاتم بتاعى المسروق ، دى اللى كنت شكه انها سعدية ، بس خفت اقول متطلعش هي"


 ظلت تبكي وتقول " هعرف منين دلوقتى هى مين ،ليه محاولتش اعرفها واتأكد المرة اللى فاتت"


قال الطبيب " هقولك كل حاجة اتكتبت فى التقرير الطبى اول مرة تتشرح"


قالت مهديه " لا ، قولى بس كان فى وشم. على شكل فراولة فى وركها الشمال"


نظر الطبيب فى الاوراق ثم قال " ايوه ، والجانى حاول يقطعه و الفتاة كانت لسه عايشة لكن ما كملش قطع وفضلت قطعة الجلد لزقة فى الجسم "


 جلست مهديه على الأرض، وظلت تضرب رأسها ، وتصرخ 


 " اه يابنتى ، عملوا فيك ايه يا نور عينى "


ثم نظرة الى الطبيب وقالت 


" شعرها ، شالوا شعرها من رسها اذاى وهو سليم "


قال الطبيب " قصوا الجلد بتاع فروة الرأس"


قالت وهى تبكى " قصوا راسها بعد ما ماتت ولا وهى عايشه منهم لله "


نظر الطبيب الى الضابط ثم قال " هذا يكفى، لا يهم الامر فقد ماتت على اى حال ، فقط سوف اخبرك ان القلب توقف من الم التعذيب ولم تقتل مرة واحدة "


صمتت مهديه ثم نهضت وتحركت الى الجثمان وقبلت الكفن وهمست 


" مش هسيب حقك يا ضنايا ، هعذبه زى ما عذبك ، هخليه يتمنى الموت ومش هيموت"


خرجت مهديه من المشرحة لا تبكى اصبحت بلا مشاعر كما لو كانت قد قد تركت قلبها و فؤادها بالداخل، تحرك خلفها الضابط رشاد وعندما جلست على مقعد متواجد امام المستشفى قال لها 


" يا مهدية ، تقدرى تخمنى هو زوجك مكانه فين او ممكن يروح فين عشان يستخبى "


لم تجيب وفضلت الصمت فقال الضابط " فكرى يا مهديه فى باقى بنات الحى ، شوفى فيهم بنتك ، انت مقدرتيش تحمى هند بس فى ايدك تحمى باقى البنات "


قالت مهديه " مش لقيه بنتى ، فين هند ، اكيد زمانها راجعة من الكلية جعانه، هروح احضر لها تاكل "


ثم نهضت مهديه وسارت تحدث المارة وتسألهم ،هل رأى احد ابنتها ، أرسل الضابط احد العساكر يتبعها حتى وصلت إلى بيتها ودخلت البيت واغلقته خلفها ،بحثت بعينيها داخل الشقة فلمحت سيد يجلس اسفل الطاولة ، تصنعت عدم رؤيته وظلت تردد 


" البت زمانها جايه، انا لازم اعملها الاكل اللى بتحبه ، هقولها تروح تعيش مع خالتها عشان سيد يبطل يضيقها "


دخلت مهدية الى المطبخ للحظات فخرج سيد من اسفل الطاولة ظنا منه ان مهدية لم تعلم بموت ابنتها وانها مازالت تبحث عنها، ثم جلس على المقعد بجوار الطاولة وقال بصوت مرتفع نسبيا 


" مهديا ، اعمليلى اكل ، ولا اقولك انا هدخل انام شويه " 


خرجت مهديه من المطبخ ومعها كوب من العصير ثم توجهت الى غرفة النوم حيث كان ذهب اليها سيد منذ لحظات ، وقالت 


" يوه يا سيد هتنام من غير متاكل حاجه ده انا هعمل غدى النهاردة مأكلتش زيه قبل كده "


ثم وضعت مهدية كوب العصير فى يد سيد الذي ينظر لها بتعجب ثم قال


" مالك كده مبسوطه وانتى عرفتى حاجة عن البنت"


نظرت مهديه اليه ثم قالت " اه يا خويه ، واحده صحبتها قبلتها فى الشارع وقالت انها شفتها بتركب اتوبيس رايح المدينة الكبيرة وكان معاها واحد كده ، ولما وصفته عرفت انه الهباب ده اللى كانت بتحبه، قولت فى بالى هى هتفضل معاه كام يوم ولا شهر وتعرف انه حيوان مايستهلش وترجع "


قال سيد وهو يشرب العصير " كويس انك اطمأنتي عليها و.."


لم يكمل حديثه وسقط فاقد الوعى ، قالت مهديه 


" وعدتها وانا عمرى ما اكذب على بنتى ابدا" 


جذبت مهديه جسد سيد إلى أرض الحمام ثم احضرت مقعد حديد كان سيد يستخدمه فى الورشة وهو يصنع العطور، ثم قيدته من يده وقدمه فى المقعد بالحبال ثم وضعت فى فمه قطعة من القماش الغير نظيفة وتركته هكذا وخرجت ، ذهبت مهديه الى محل الحداد وسنت جميع السكاكين و الساطور ، لاحظت مهديه وجود العسكرى الذى يتبعها فذهبت واشترت بعض الخضار واللحم وظلت تسأل اي احد تمر عليه هل راى ابنتها فالجميع يجب برفض ، ثم ذهبت الى الجزار واشترت قطعة لحم كبيرة واخبرت الجزار ان لا يقطعها فهي تريدها كاملة قطعة واحدة، ثم عادت الى المنزل واغلقت الباب ثم النوافذ ، ودخلت الى الحمام وكان سيد قد فاق واستعاد وعيه وحاول أكثر من مرة ان يفك قيوده لكن لم يستطع، وقفت أمامه تنظم السكاكين وتختار منهم ، وهو يزوم محاولا الكلام لكن تلك القماشة والتى فى فمه تمنعه عن الحديث ، اختارت سكين رفيع واقتربت منه وقالت 


" بنتى اكتر حاجة كانت بتحبها شعرها، وانت قطعت جلد راسها ونزعت شعرها من راسها واديته لسعديه، انا بقى عارفه انت اكثر حاجه بتحبها ايه يا دنى " 


اقتربت من جسد سيد وهى تحرك السكين من عند رقبته الى أسفل الحزام ، ثم قالت 


"انا بقى هأكلك اكتر حاجه بتحبها"


قطعة مهديه جزء من جسد سيد تحت صراخه المكتوم حتى فقد الوعى ثم ذهبت واحضرت الكثير من البن وكتمت الدماء واحضرت البتوجاز المسطح واشعلته ووضعت سكينا على النار حتى احمر لونه ثم القت بالمياه فى وجه سيد كي يستيقظ ، وبعدها استخدمت السكين وقامت بكى الجرح حتى فقد سيد وعيه مرة اخرى ، ألقت عليه المياه مره اخرى حتى افاق ، ثم وقفت امامه وقالت 


"هتاكل اللى كان سبب سعادتك لسنين ، هتاكل اللى عشانه قتلت بنتى ، عارف لو فكرة بس تصرخ او ترفض تاكل هسلخك زى ما بنسلخ الخرفان يا خروف، وما حدش هينجدك من ايدى "


جذبت قطعة القماش من فمه فتحدث يرجوها ان ترحمه وقال 


" انا معملتش حاجة ، هى البت سعادات والواد شاهين ، انا .."


وضعت بفمه الجزء الذى كانت قد قطعته ثم وضعت لاصق فوق فمه حتى لا يخرجه واشارت له بالسكين الرفيع وقالت 


" امضغ و ابلع ولا استخدم دى ، اظن انت عارف انا باستخدمه في ايه يوم العيد "


مضغ وابتلع ما بفمه مرغما والدموع تتساقط من عينيه ، اقتربت بالسكين من احد الوشوم التى على جسده ثم قامت بغرز السكين على حدود الوشم حتى انقطه جزء كبير من الجلد وتركته يتدلى من ذراع وقالت 


"عملت كده فى بنتى ، كنت بتضحكوا وهى بتصرخ من الالم ، انا هخليك تدوق اللى هى حست بيه "


امسكت بزجاجات البنزين ثم ألقت بها عليه وهو يتلوى من الالم دون قدرة على إخراج صراخه المكتوم ، وقبل ان تشعل النيران كان الضابط رشاد ومعه فريق من الضباط استطاعوا كسر باب الشقة ودخلوا حتى باب الحمام


قال الضابط " مهديه ، كفايه كده ، ليه تتحسبي على كلب زى ده، انا سمعتك وانت بتقولى لبنتك هتخليه يتمنى الموت ومش هيموت، لو قتلتيه دلوقتى يبقى كذبتى على بنتك "


قالت مهديه " مش هيموت انت هتطفى النار قبل ما يموت، بس لازم يحس بنفس الم بنتى "


نزعت قطعت القماش من فمه ثم ألقت هود الكبريت على البنزين التى سرعان ما اشتعلت وعادت إلى الخلف ، تردد صراخه بالمكان ، واسرع الضابط بإلقاء بطانية فوق جسد سيد ثم استخدم احد العساكر أنبوب اطفاء الحرائق حتى همدت النار ولم تهمد صرخات سيد ، كانت مهديه تراجعت وجلست على الاريكة التى قرب باب الشقة و تسمرت نظراتها على رجال الإسعاف الذين ينقلون سيد الى السيارة، اقترب منها الضابط وجلس جوارها ثم قال 


" فاهم اللى عملتيه لانى اب وعارف يعنى ايه الالم ممكن يكون لو حصل حاجة لابنى ، لكن القانون، تعالى معايا وانا متأكد ان القاضى هيكون فى قلبه رح

مه وهيحكم بالعدل "


نهض الضابط وامسك يد مهديه كى يساعدها على النهوض لكنها سقطت وفارقت الحياة 





تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-