أخر الاخبار

رواية ايفلين بقلم اسماء ندا الفصل الاول

ايفلين 

رواية ايفلين بقلم  اسماء ندا الفصل الاول

رواية ايفلين بقلم  اسماء ندا
 الفصل الاول 

الساعة تلاتة ونص العصر وأغنية سومر تايم بتاعة لانا ديل راي هي الحاجة الوحيدة اللي بتعكنن عليا يوم شغلي اللي مش بيخلص نظريا الشغل كعاملة نظافة في فندق دصن رايز موتيل سهل جدا أحافظ على نظافة الأوض وترتيبها ومزعجش النزلاء وأخلص تنظيف كل أوضة في ربع ساعة بالظبط.
بس الواقع حاجة تانية خالص فيه سياسة سرية هنا الاوض الفاضية بتتملي في ثانية والنزلاء فاكرين إن عاملة النظافة هي اللي بتجيب المشروبات والأكل الخفيف ونتخانق ساعات على عربية التنضيف لما واحد فيهم الله أعلم يقرر إن المبيض بتاعي هيعمله حل أحسن.
الدهان بيقشر من على الحيطان عامل شقوق متقاطعة بين كل ماسورة صرف عليها صدى ولما الشمس بتكون عالية فندق صن رايز بيستوي زي الكيكة المقلوبة وريحة بول معفن وقئ قديم وريحة حمضية بتخنق بتملأ الجراج فندق صن رايز ده المفروض ميكونش مكان أي حد يعيش فيه أو يشتغل لو كان عندي اختيار تاني مكنتش جيت هنا أكيد.
رغم بشاعة المكان ده نادرا ما بيكون فاضي المدير بتاعي عنده سياسة الباب الدوار وأنا بحاول مدخلش نفسي في الموضوع ده لو معرفتش إيه اللي بيحصل في الأوض دي مش هكون مسؤولة لو اتقبض على حد بيعمل حاجة شمال وأعتقد إن ده السبب اللي خلى جيرالد يوظفني.
شكلها حلو وهادية كمان!
قالي كده بسخرية وهو بيمضي أوراق توظيفي أنا بحافظ على مسافة بيني وبينهم على قد ما أقدر بعصر آخر نقطة مية من المساحة في الجردل اللي بيلف وبسرح كام خصلة من شعري الأسود لورا وبنفخ خدي أنا خلصت أربعتاشر أوضة وباقي تمنية وبعدين أقدر أروح البيت على أمل إن مرتبي الجاي يكفيني بقية الشهر.
بدندن بهدوء وبزق العربية قدامي ناحية الأسانسير أوضي اللي جاية في الدور اللي فوق والمفروض إنها كلها فاضية إلا لو المدير بتاعي عزم ضيوف فجأة.
أعتقد إني هتوحشك للأبد بغني بهدوء وأنا غرقانة في عالم النغمات الكلاسيك اللي طالعة من السماعات اللي في وداني
زي ما النجوم بتوحشها الشمس
مفاجأ!
بخبطة من جزمتة وتصفيق إيده العالي ديلون ستيوارت نط من الممر الجانبي ونزل قدام عربيتي صړخت من الخضة وبالعافية متخبطش العربية في رجليه ونطيت لورا على طول قلبي كان بيدق بسرعة أوي لدرجة إن موجة حرارة غريبة نزلت في دراعي ورجلي.
صړخت واتل بقول ديلون!
وأنا بشد السماعات من السلك كملت إنت فاكر نفسك بتعمل إيه
ديلون حط إيده الاتنين على طرف العربية واتحنى لقدام مستخدم وزن جسمه عشان يمنعها من التدحرج أكترقالي وهو بيقلب عينيه وبيبتسم وكأنه حيوان مفترس
بفاجئك طبعا.
صوتي كان بيرتعش من كتر دقات قلبي اللي في صدري لدرجة إني أقسم إن لساني بيرف مع الدقةعلق ديلون وهو بيعقد حواجبه
إنتي كنتي بتتجاهلي مكالماتي أعمل إيه غير كده
يا
---
نهار أبيض! من كام أسبوع ضعفت تحت زن ديلون المستمر ووافقت على ميعاد واحد الميعاد ده كان عبارة عن كام مشروب في بار قريب وسكر أوي لدرجة إنه اټخانق مع الجرسون الأمن طرده بره وده كان يستاهله بس بدل ما يروح البيت مترنح قرر يتخانق مع الأمن لحد ما أنا كمان اتطردت. كان موقف مهين ومؤلم ومش مشونى إلا لما دفعت فاتورة ديلون وكأن مكنش عليا ديون كفاية الميعاد ده كان فظيع وميستاهلش ميعاد تاني.
مش عارفة أوضحلك أكتر من كده إزاي. 
فجأة حسيت بفرحة إن عربية التنضيف بينا وقلت 
أنا متبسطتش في الميعاد ومش عايزة أشوفك تاني مش مصدقة إنك حتى هنا إنت أصلا مش بتشتغل هنا.
عمل صوت سئ بفمه وبص لى بصه مستهترة اختفت من على وشه بسرعة وقال
مكنش صعب ألاقيكي خليني أخرج معاكي مرة كمان.
لأ.
ميعاد عدل المرة دي المرة اللي فاتت كنت متضايق عشان إنتي مشربتيش كفاية ولو الواد بتاع البار ده سمع كلامي مكنش حصلت مشكلة.
رفعت حاجبي لما افتكرت ديلون وهو بيطلب جرعات أفسنتين بعد أربع كاسات فودكا بالليمون الجرسون رفض عشان تركيز الأفسنتين عالي فديلون قرر إنه بيفهم أكتر. محاولته إنه يتسلق البار عشان يثبت وجهة نظره هي اللي ولعت الدنيا.
لأ
كررت بثقة أقل شوية فجأة حسيت إننا لوحدنا في الممر ده الست أوض اللي في الممر ده كلهم فاضيين ونضاف أوي لو صح التعبير كان سهل أتفادى ديلون في المغسلة ومحطة البنزين والسوبر ماركت بس هو دلوقتي هنا في شغلي الوضع مش مثالي خالص.
اتنرفز ديلونط وقال يا بنتي بقى 
لف حوالين العربية ومايل عليا زي نخلة عليها هوا خفيف. 
حركة التقيلة دي قدمت يا إيفلين.
يا ديلون إحنا مش متوافقين فاهم
سمعتك بتغني بتقولي إنك بتوحشيني...
لأ أنا
إيه اللي بيحصل هنا ده بالظبط
صوت رئيسي ظهر من الزاوية بوش مكشر وفي إيده حزمة ورق وعود خلة مضغوطة بتتدلى من شفايفه التخينة عمري ما فرحت بانى اشوف رئيسي البشع قد اللحظة دي قلت بسرعة وأنا بعدي من جنب ديلون
مفيش حاجة كنت بس
رفع جيرالد راسه لورا وعمل وهم إن رقبته التخينة منفوخة بس من حنية جسمه وسأل إنت مين بالظبط إنت مش نزيل هنا 
اتنهد ديلون وحط إيده في جيوب جاكته وقال لأ صاحبها
زعق جيرالد مش فارق معايا يا تشتري أوضة يا تطلع بره.
حسيت بديلون بيبص عليا يمكن عنده أمل إني أتكلم وأنقذه من ڠضب المدير بس أنا مش هساعده أنا مبسوطة أوي إن جيرالد طرده.
زعق جيرالد ثانى لما ديلون مردش وقال 
تمام نسيت الكلام يا شاطر اشتري أوضة أو اطلع من ملكي.
تمتم ديلون حاضر يا جدو متتعبش نفسك. 
مشي ببطء وساب جيرالد بيتذمر على الشباب قليل الأدب وإزاي لو كان أصغر بعشرين سنة كان علم الواد ده
---
الأدب وشه احمر مع كل ثانية بتعدي وبعدين بص عليا بعينيه اللي بتخوف وقلبي اتقبض شكله أنا اللي هاخد الدرس ده.
زعق جيرالد أنا مبدفعلكيش عشان تقفي تعاكسي في وقت الشغل أنا بدفعلك عشان تنضفي الموضوع مش صعب يا إيفلين في الحقيقة الحاجة الوحيدة اللي أسهل من كده إني أدفعلك عشان تنامي مع كل نزيل أعمل كده أحسن هكسب منك فلوس أكتر ساعتها مش هضطر أسمع شكاوي على شغلك الۏحش ولا إزعاجك للنزلاء اللي عايزين يسبوهم في حالهم مش كده أقذر حاجة في الشغلانة دي هتبقى فرجنا بس محدش هيشتكي مش كده أضيف خدمة ذاتية لواجباتك يا إيفلين
معدتي اتقلبت أوي والقرف كان هيطلع من حلقي وإحنا بنبص لبعض وهو بيتكلم رزاز صغير من لعابه كان بيتطاير من شفايفه التخينة زي المطر عليا بالعافية مسكت نفسي عشان مرجعش وأنا مستغربة إزاي عود الخلة موقعش من شفايفه يمكن كان فيها من زمان لدرجة إنه بقى جزء منها عمري ما شفته من غيره.
لما جيرالد أخيرا خد نفسه وسكت قلت لأ يا فندم مكنتش أعرف إنه هنا عشان كده...
صړخ جيرالد مش فارق معايا خلاني نطيت من مكاني فيه ألف بنت مستعدين يموتوا عشان الشغلانة دي فاهمة إنتي عاملة قرف أكتر ما تستاهلي.
كلمة لأ! طلعت مني قبل ما أقدر أوقفها
أرجوك يا فندم. حضرتك عارف أنا محتاجة الشغلانة دي قد إيهأرجوك أوعدك مش هتتكرر تاني! 
شغلانة ژبالة في فندق رخيص زي وكر تجار متسترين هي كل اللي أملكه عملت كام قرار غلط في مراهقتي بدور على الحب والراحة في حاجات مادية مكنتش أقدر عليها غير ببطاقات الائتمان بطاقات ائتمان كتير أوي مع تاريخي المالي المدمر كان شبه مستحيل ألاقي شغلانة أسدد بيها الديون لحد ما لقيت المكان ده مش هقدر أخسره.
جيرالد قرب وبينما الڠضب كان مالي عينيه كان فيه حاجة تانية لمحة من حاجة ضلمة كأنه عارف بالظبط إزاي يضغط عليا وياخد اللي هو عايزه مني لبس الخدامة القليل كان كفاية عشان يوضح إنه مش عايز مني بس مهاراتي الفظيعة في التنضيف.
جيرالد قال بحزم مفيش عشاق تاني في فندقي فاهمة
قلت وأنا بحاول أخفي رعشة صوتي لما إيد جيرالد التخينة لمست دراعي
مش حبيبي صدقني. 
بالنسبة لراجل مليان قبضته كانت قوية بشكل مقلق حسيت إنه يقدر يكسر دراعي نصين بحركة واحدة من صوابعه.
جيرالد رد بلهفة كويس. 
ولما خد نفس عميق من بقه صوت غرغرة طلع من آخر حلقه. ممكن تعتذريلي بعدين ارجعي لشغلك يا شاطرة.
جلدي اتقبض من القرف وأنا بالعافية ابتسمت ومسكت عربية التنضيف وجريت ناحية الأسانسير نظراته فضلت عليا تقيلة ومستمرة وأنا مستنية الأبواب تفتح وتاخدني للدور اللي بعده.
قلت لنفسي أنا محتاجة الشغلانة دي
وأنا بالعافية بوحتله بإيدي وأنا بدخل الأسانسير

أنا محتاجة

---
الشغلانة دي أنا محتاجة الشغلانة دي أنا محتاجة الشغلانة دي.
فضلت أكرر الكلام ده لحد ما الأبواب اتقفلت وحجبت عني النظرة الجعانة والمقرفة اللي في عيون مديري اتسندت على الحيطة وأنا بتأوه وقفلت عيني كنت هدفع كام عشان الأسانسير ده يفضل طالع وياخدني لحياة أحسن من دي.
ديوني غلطتي مع إني جوايا بلوم إهمال أمي اللي خلاني أدور على التقدير في الحاجات المادية كل اللي عليا أعمله إني أكون هادية وبعيدة عن أي نوع من الدراما واشتغل بس لحد ما رصيدي يرجع لمكان يسمحلي ألاقي شغلانة أحسن. 
شقتي الژبالة هي الشقة الوحيدة في نيويورك كلها اللي تخلي الفندق ده يبان فندق خمس نجوم رصيدك المحروق بيجيبلك علبة جزم مليانة مية أخدت كذا نفس عميق من الهوا الحمضي الملوث بالدخان عشان أهدي نفسي ورجعت السماعات في وداني تمن أوض كمان وبعدين أقدر أروح البيت تمن أوض كمان. 
أنا مكتئبة أصحابي في إجازة. أغنية الإسبريسو دخلت دماغي وطردت السلبية اللي باقية من مديري وديلون ركزت على كلمات الأغنية ورجعت لإيقاعي وبدندن بهدوء وأنا بغير الجوانتيات التنضيف كان علاج ليا بطريقة مش فاهمها أوي يمكن عشان حياتي فوضى ففيه إحساس بالرضا وأنا بمسح البقع وبنضف الفوضى وبرتب المكان كأنه دماغ الخروج من أوضة متنضفة جديد زي أول نفس هوا منعش وبارد في رئتيك لما تفتح شباك في صباح شتوي.
خلصت تنضيف الأوضتين اللي فاتوا بسرعة الصاروخ يا دوبك فضيت طفايات السجاير ورميت الژبالة ومليت الحمامات مية لما وصلت للأوضة التالتة كنت روقت خالص واندمجت مع المزيكا اللي في دماغي مفيش غيري أنا وأغاني الصيف وريحة الكلور النفاذة ومنظف البلاعات وقنابل الخوخ اللي برشها في كل أوضة قبل ما أخرج.
ريحة غريبة على مكان زي ده بس أنا شفت الناس اللي ساكنين هناأغلبهم شكلهم محتاجين ملاذ عشان كده بحب أفتكر إنهم بيقدروا روايح الفاكهة أو الورد اللي بسيبها.
الأوضة التالتة شكلها عامل زي حفلة أخدت وقت أطول في تنضيف علب البيرة الفاضية وأكياس الشيبسي رتبت السرير وظبطت التايمر وزغرطت بهدوء لما كسرت رقمي القياسي بتلات دقايق وتمنتاشر ثانية.
طعمها زي الفراولة في سهرة صيف بغني لنفسي وأنا بزق باب الحمام بخصري. وكأنها...
فجأة صوتي سكت ونفسي اتحبس في حلقي وصدري اتقبض جامد. وقعت سلة التنضيف من إيدي على الأرض وڠرقت في بركة ډم كبيرة وطرطشت نقط حمرا على الحيطان اللي أصلا متلطخة بدم تقيل غامق قلبي وقف ودمي اتجمد ومنظر مجزرة الحمام اتجسد قدام عيني.
صړخت. صړخة عالية وحادة زي لوحة فنية مشوهة جسم راجل غرقان في دمه رقبته متقطعة لدرجة إني شايف عضم رقبته الأبيض. فيه چثة في البانيو يا إلهي.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-