ايفلين
رواية ايفلين بقلم اسماء ندا
الفصل العاشر
مفيش حاجة كانت ممكن تخلينى اتحمل منظر مجزرة اللى وضحها فى معالم الحمام دي، كنت عارف تفاصيل موته، لحد ما، بس لما شفت بقع الدم في الحمام، وعرفت إن أخويا مات هنا، قلبي اتقطع، مكنتش عارف أتنفس، وفي الآخر اديت التليفون لهانك عشان أوقف الدنيا اللي حواليا دي عن الدوران.
نزلت من العربية، وقعدت أروح وأجي على طولها، بحاول أرتب أفكاري، من كل الأماكن اللي ممكن يموت فيها، كان لازم يختار المكان الزفت ده، وإنه يموت بالطريقة دي؟ الحاجة الوحيدة اللي ليها معنى إنه كان حد يعرفه، حد قدر يقرب منه كفاية عشان يدبحه، أخويا كان مقاتل شرس، وأنا عارف من جوايا إنه يا حد يعرفه، يا حد عنده سند جامد أوي، ده ما حسنش من حالتي، عشان كده لما رجعت العربية وهانك اتأكد إن إيفلين ما لقتش حاجة، كنت رجعت لنقطة الصفر.
المكالمة خلصت وهانك حط إيده على دراعي بالراحة وقال "أنا آسف"
"مش مشكلة"
"يا صاحبي"
"فيه إيه؟"
"متكدبش عليا، محتاج دقيقة؟"
هزيت راسي جامد. "أنا كويس."
"شكلك عامل زي اللي هيفرقع، فاكر نفس النظرة اللي كانت على وش بريندن لما الروس خطفوك من الشارع؟"
"أيوة." اتنهدت بعمق. "كانوا فاشلين أوي."
"غلطوا غلطة عمرهم لما خدوا أخو بريندن المفضل." هانك سخر.
"دي كانت مذبحة لو شفت واحد"
"ليه كان هنا يا هانك؟" همست وأنا ببص من الشبابيك الضلمة على الدهان المقشر اللي مغطي حيطان المكان المتهالك ده. "إيه اللي ممكن يخليه يروح مكان زي ده؟"
"معرفش"، هانك رد. "بس اللي أعرفه إنه أكيد كان موضوع مهم."
تمتمت موافق وأنا سامع تليفوني بيرن، وجزء صغير مني، على غير العادة، كان بيتمنى أشوف رقم إيفلين، بس المتصل كان سيان، فرديت على طول، "فيه إيه؟"
"الأجهزة تمام"، سيان قال. "سمعنا كام مكالمة للمحققة جوجز، بس ما اتكلمتش في أي حاجة ليها معنى."
"وكمبيوترها؟"
"سورشا شغالة عليه دلوقتي، من أول وهلة، مش باين إن عندها أي خيوط، هي غالباً بتدور ورانا ووراك."
"أنا؟"
"أيوة. يمكن شاكة انك زهقت إنك الراجل التاني في القيادة، وعايز طريق سريع عشان توصل للقمه." سيان اخرج صوت سخريه. "على العموم، مفيش عندها غير كلام فاضي."
"تمام. خليك مركز معاها كويس."
"هعمل كده، فيه أي حاجة في الفندق؟" كان فيه أمل كبير في صوت سيان لدرجة إني كنت عايز أكذب وأقوله إننا لقينا حاجة عشان ما أكسرش بخاطره أكتر، بس معندناش أي حاجة.
"لأ"، رديت باختصار. "مفيش أي حاجة خالص."
"يا لهوي." سيان قفل التليفون.
دماغي بتنبط، غمضت عيني، وقرصت مناخيري من فوق ودلكتها بحركات دائرية صغيرة
"الشرطة غبية زينا بالظبط، وده مش مفاجئ، بس المفروض أعمل إيه دلوقتي؟"
"فيه حاجة"، هانك قال، بيحاول يكون مشجع على قد ما يقدر. "أنا عارف، إحنا بس لازم نلاقيها."
"أيوة، طيب، مستحيل نعرف إيه هي، أنا عايز حسابات بريندن، عايز أعرف كان فين وبيعمل إيه كل ثانية في الشهر اللي فات، مفهوم؟ كل دولار صرفه، كل ميل مشيه، عايز كل حاجة، خريطة كاملة لحياته."
"مفهوم." هانك انشغل بتليفونه، وأنا بصيت على الساعة.
كان المفروض إيفلين تكون رجعت دلوقتي، الفندق أهو،هربت؟ قررت أخيرًا إنها زهقت من ده كله وهربت من هنا؟
اتصلت بيها، بس مردتش، التليفون رن كتير لدرجة إن هانك رفع وشه من تليفونه وعقد حواجبه "إيفلين؟"
"أيوة " كنت برا العربية لما صوت الذكاء الاصطناعي الآلي طلب مني أسيب رسالة صوتية.
لو هربت، هطاردها وهجيبها هنا غصب عنها ولو الشرطة مسكتها، هخليهم يندموا إنهم اتدخلوا في شؤوني، لازم الخنازير دي تعرف مكانها، ولو معندهمش معلومات تفيدني، مش هيكون عندي صبر أتعامل معاهم
هانك لحقني بسرعة وإحنا بنجري في الفندق بندور على إيفلين، مش فارق معايا الكاميرات صورتني ولا حد شافني، كل اللي يهمني ألاقي إيفلين قلة معرفتي بالمكان ده مخلياني مش عارف أدور كويس، بس وأنا بجري في طرقة من الطرق، هانك صرخ، لقيته بيشاور من الشباك على جراج صغير على جنب، إيفلين، واقفة لازقة في عربية، وراجل طويل بيبص عليها بصه تخوف.
ماسكلها دراعاتها من الجنبين، وحاصرها بينه وبين العربية، وشكلهم قريبين أوي، دمي بيغلي، وبدأت أتخنق من الحرارة، هو غضب عشان مرجعتليش على طول، ولا غيرة عشان فيه حد مقرب منها زي ما أنا عايز اعمل؟
فجأة، الراجل الغريب ضرب بإيده، وادّى إيفلين قلم على وشها، راسها لفت الناحية التانية، ودمي اتحول للون الأحمر في ثانية.
"كورماك!" هانك صرخ وأنا باندفع برا الباب، بس ما سمعتلوش، الغضب سيطر عليا، بيجري زي الحمم البركانية في عروقي، إيفلين والغريب ما شافوش اللي عملته وهو ماسكها من رقبتها وبيكلمها.
إيد إيفلين امتدت وضربت الغريب قلم، بس ده ما أثرش فيه تقريباً،صرخت بصوت عالي وأنا باندفع ناحيتهم زي التور
"يا ابن …!".
إيفلين لفت وبصتلي بعينين واسعة مدمعة، الراجل الغريب واجهنى بس زي أي واحد مغرور واجهته بغضب، ما اتراجعش. واجهني على طول وهو بيهز كتفه.
"مين الواد الوسخ ده؟" الراجل قال "ديلون، لأ-" إيفلين شهقت، وده كان آخر حاجة سمعتها وأنا بخبط بكتفي في صدر ديلون وبوقعه على الأرض. مكانش أطول مني ولا أقوى، فانهار زي كيس ورق مبلول، خبطنا في الأرض جامد، وديلون هو اللي خد الخبطة الأكبر. قبضت إيدي وضربته جامد في وشه، وأول ما بدأت مبطلتش، الغضب سيطر عليا، لكمته تاني، وتالت،مناخيره اتكسرت تحت قبضتي، وفكه خبط في الجنب، ودم سخن طرطش على مفاصل إيدي، مسكت إيدي التانية في ياقة قميصه، وشديته لفوق عشان أوقعه على الأرض تاني وتالت.
أخيراً، اتحررت، كل الوجع والغضب اللي سيطروا عليا من ساعة ما وصلني تليفون بريندن أخيراً لقوا مكان يروحوه، وسيل الغضب ده مينفعش يتوصف، كام لكمة كمان بقبضتي الجامدة في وش ديلون، وعينيه ورمت، اتخنق وغرغر بالدم، بس أنا مكنتش سامع غير صوت دمي اللي بيدق بسرعة وعنف في وداني.
عايز أقتله، عايز أحس دماغه بتتكسر تحت قبضتي، عايز أسمع غراغره الأخيرة،
"إياك تحط إيدك عليها تاني، فاهم يا حيوان يا واطي؟"
صرخت، وبخفف لكماتي شوية عشان أشد ديلون ناحية صدري. " لو لمستها، حتى لو تنفست نفس هواها تاني، هقطعلك عمودك الفقري من اخره وألبسهولك سلسلة لحد ما تموت في الآخر!"
قعدت ألكمه تاني وتالت لحد ما كتفي وجعني من التكرار، ديلون مردش، ولما سحابة الغضب اللي كانت مسيطرة عليا اختفت أخيراً، الراجل كان اتحول لكتلة دم فاقدة الوعي، ومفاصل إيدي كانت بتوجعني من الخبط.
ظهر منديل أبيض عند طرف عيني من هانك، أخدته منه وأنا بقوم على رجلي بالراحة، بتنفس بالعافية، وبدأت أنضف الدم من قبضتي، رفعت راسي ولفيت بالراحة ناحية إيفلين، وادركت قد إيه خوفتها أكتر، معنديش أي تفسير - على الأقل مش عايز أقوله - بس لما عيني جت في عينيها البنيتين الدافين، مكنش الرعب هو اللي شايفه، ده حاجة تانية،فضول؟ لأ، امتنان؟ مش بالظبط.
"إيفلين، أنا-"
اعتذاري ليها، مهما كان ضعيف، بيختفي لأن إيفلين اندفعت لقدام وشفايفها الحمر الناعمة خبطت في شفايفي في بوسة طويلة.