أخر الاخبار

نبوءة الغفران بقلم فهد محمود الفصل الثاني

 نبوءة الغفران 

نبوءة الغفران بقلم فهد محمود الفصل الثاني

نبوءة الغفران بقلم فهد محمود الفصل الثاني 
 دوامة النار 


كان الصمت يلف أرجاء السهل المُضاء بضوء القمر، حيث كانت نيران الخيام التي أشعلها رجال عشيرة "الصقور" لا تزال متوهجة في الأفق. وقف "راكان" ونورا في إحدى الزوايا المظلمة للغابة، يخططان لتحركاتهما المقبلة. 


"راكان" بصوت منخفض لكنه مليء بالعزم: 


"لازم نتحرك بسرعة. المعلومات اللي وصلتنا عن مكان احتجاز الشيخ عمران لازم نتحقق منها الليلة، قبل ما يفوت الأوان."


"نورا" وهي تراقب الطريق بقلق: 


"بس كيف هنقدر نوصل؟ الناس اللي بيشتغلوا للظل بيعرفوا المنطقة أكتر منا، وأي حركة غلط هتكون نهايتنا."


أشار راكان إلى ممر صغير بين الأشجار: 


"دي أقرب طريق للمخزن. لو قدرنا نوصل، ممكن نعرف معلومات أكتر عن شبكة الظل."


تسلل الاثنان بخطوات حذرة عبر الممر الضيق، حيث كان صوت الرياح يختلط بصوت حفيف الأشجار. عند الاقتراب من المخزن، ظهرت مجموعة من الرجال المسلحين يحملون أسلحة حديثة، تحيط بهم أجهزة مراقبة وكاميرات مثبتة على زوايا المباني. 


"نورا" بصوت مرتجف لكنه يحمل ثباتاً: 


"مش ممكن نعدي بدون خطة."


"راكان" بابتسامة ساخرة: 


"ما فيش خطة بتنجح غير الجنون. لو صرفنا انتباههم، ممكن نلاقي ثغرة."


أخذ راكان حجراً صغيراً وألقاه باتجاه منطقة أخرى، مما أثار انتباه الحراس. وفي تلك اللحظة، استغل الاثنان الفرصة للتسلل داخل المخزن.


في الداخل، كانت هناك غرفة مظلمة مليئة بالخرائط والمستندات المبعثرة. وقف راكان ونورا ينقبان بين الأوراق حتى عثرا على خريطة كبيرة تشير إلى مواقع العشيرتين ومناطق نفوذهما. 


"نورا" بصدمة وهي تشير إلى الخريطة: 


"شوف ده، التنظيم كان بيخطط لعملية أكبر بكتير من اللي متخيلينه. مش بس حرب بينا وبين الصقور، ده استيلاء كامل على المنطقة."


وفجأة، سُمِع صوت خطوات تقترب من الغرفة. تسارعت دقات قلبهما بينما انطفأ الضوء الخافت الذي كان ينبعث من المصباح الوحيد.


---


ظهر رجل طويل القامة، يرتدي قناعاً أسود يكاد يخفي ملامحه بالكامل. تحدث بصوت عميق وبارد: 


"كنتم تظنون أنكم تستطيعون التسلل إلى عرين الظل؟"


"راكان" وهو يضع يده على خنجره: 


"مين إنت؟ وإيه اللي بتخططوا له؟"


"العقاب" بابتسامة ساخرة: 


"أنا اليد التي تُحرك النار لتلتهم كل شيء. أما أنتما... فأحجار صغيرة في لعبة أكبر بكثير."


قبل أن يتمكن راكان من الرد، اقتحم مجموعة من الرجال الغرفة. اندلعت معركة حامية، حيث استخدم راكان خنجره ببراعة، بينما حاولت نورا التصدي لأحد الرجال باستخدام قطعة معدنية وجدت على الطاولة.


خلال الاشتباك، ظهر "سيف"، قريب راكان، فجأة بين الرجال. كانت نظراته تحمل مزيجاً من الندم والخيانة. 


"راكان" بصوت غاضب ومصدوم: 


"سيف؟! إنت بتشتغل مع الظل؟"


"سيف" بصوت مختنق: 


"ما كنتش عندي فرصة. الناس دي عندهم القوة والفلوس اللي ما حدش يقدر يقاومها."


استغل العقاب الفرصة ليهرب وسط الفوضى، بينما وجد راكان ونورا نفسيهما محاصرين.


---


تمكن الاثنان من الهرب بصعوبة بعد معركة شرسة، لكنهما فقدا أثر العقاب. كانت صدمة خيانة "سيف" تثقل كاهل راكان، بينما بدأت نورا تستوعب أن الصراع لم يعد مجرد ثأر بين عشيرتين، بل معركة وجودية ضد قوى أكبر تهدد الجميع. 


"نورا" وهي تلهث: 


"لازم نوقفهم بأي ثمن. المرة الجاية مش هنفلت منهم."


"راكان" وهو ينظر إلى الأفق بعيون غاضبة: 


"المرة الجاية... هنكون إحنا اللي بنحكم اللعبة."


---


وسط ظلام الغابة الكثيف، جلس "راكان" و"نورا" بجانب نهر صغير يلتقطان أنفاسهما بعد الهروب العنيف. الصمت كان يخيم، لكنه لم يكن صمت راحة؛ بل كان محملاً بالتوتر والأسئلة التي لا إجابات لها. 


"نورا" بصوت خافت لكنها حازمة: 


"الخيانة كانت أقرب مما تخيلنا... سيف كان واحد منا."


"راكان" وهو يحاول كبح غضبه: 


"سيف مجرد ترس في آلة كبيرة. لازم نعرف مين اللي بيحرك كل ده."


---


في تلك اللحظة، ظهرت أمامهما شخصية غير متوقعة، "فارس"، أحد رجال عشيرة "الصقور"، المعروف بجرأته ولكن بسمعة مريبة بسبب خلافاته المستمرة مع زعيم عشيرته. 


"فارس" بابتسامة مائلة مليئة بالتحدي: 


"ما توقعتش أشوفكم هنا. شكل الأمور بقت أكبر من مجرد صراع عشائري."


"نورا" بحذر: 


"إنت بتتبعنا؟ ولا ليك مصلحة تانية؟"


"فارس" بنبرة ساخرة: 


"ما فيش مصلحة غير إنقاذ ما يمكن إنقاذه. سمعت عن المؤامرة اللي بتدور، وعرفت إن الظل بيحرك الكل زي أحجار الشطرنج. أنا هنا علشان أغير القواعد."


تردد راكان للحظة، لكنه أدرك أن الوضع يتطلب تحالفات غير تقليدية. 


"راكان" بجدية: 


"لو كنت صادق، هنحتاج كل المساعدة اللي نقدر نحصل عليها."


قاد فارس المجموعة إلى كهف مهجور في أطراف الغابة، حيث كان يحتفظ بمعلومات سرية حصل عليها أثناء مراقبته للظل. 


داخل الكهف، وجدوا خريطة أخرى، لكن هذه المرة كانت تحمل رموزاً وشفرات معقدة. 


"نورا" بدهشة: 


"دي مش مجرد خريطة. دي مخطط لكل عملياتهم المستقبلية."


"فارس" بنبرة جادة: 


"دي خطة الفوضى. لو نجحت، مش هيكون في لا رباح ولا صقور، بس رماد."


---


بمساعدة نورا التي كانت لديها خبرة بسيطة في فك الشفرات، بدأوا بتحليل الخريطة، ليكتشفوا موقعاً مهماً يُعرف باسم "وادي السكون". كان هذا المكان بمثابة مركز قيادة الظل. 


"راكان" بحماسة: 


"ده هو المكان اللي هنلاقي فيه إجاباتنا. لازم نتحرك فوراً."


لكن فارس قاطعه بتحذير: 


"الوصول لهناك مش هيكون سهل. المكان محمي بحراس ومليان فخاخ. دي رحلة يا ننتصر فيها يا نهلك."


---


تحرك الثلاثة ليلاً، مستغلين ظلام الغابة للتقدم نحو وادي السكون. الطريق كان مليئاً بالمخاطر؛ فخاخ أرضية، وأصوات غريبة تأتي من بين الأشجار، كأن الطبيعة نفسها تحاول إيقافهم. 


عندما وصلوا إلى مدخل الوادي، اكتشفوا أن المكان محصن بشدة. قرروا استخدام خطة جريئة: 


"راكان" بحزم: 


"نقسم نفسنا. فارس، أنت تلهي الحراس عند المدخل، وأنا ونورا هندخل من الجهة الخلفية."


"نورا" بقلق: 


"الخطة محفوفة بالمخاطر. إنت متأكد؟"


"راكان" بابتسامة مطمئنة: 


"الثقة هي اللي هتخليها تنجح."


---


داخل الوادي، تمكن راكان ونورا من التسلل إلى مقر القيادة، حيث وجدوا غرفة مظلمة مليئة بالشاشات والخرائط الإلكترونية. 


وفي وسط الغرفة، ظهر رجل طويل القامة، وجهه مختبئ خلف قناع فضي. كانت هيئته تنبض بالهيبة والغموض. 


"الزعيم" بصوت بارد: 


"كنت أعلم أنكم ستصلون هنا، لكنكم متأخرون جداً."


"راكان" بتحدٍ: 


"إحنا هنا علشان ننهي لعبتك القذرة."


"الزعيم" بضحكة مستفزة: 


"لعبة؟ أنتم ما زلتم بيادق في لعبتي. كل خطوة قمتم بها كانت ضمن خطتي. والآن... انتهى دوركم."


في تلك اللحظة، اشتعلت الغرفة بأضواء حمراء، وبدأت أصوات الإنذار تملأ المكان. اكتشف راكان ونورا أنهما وقعا في فخ محكم، حيث بدأ المبنى في الانهيار تدريجياً. 


"نورا" وهي تحاول الهرب: 


"لازم نخرج من هنا بسرعة!"


"راكان" بغضب: 


"ده مش نهاية القصة... دي مجرد بداية الحرب الحقيقية."


---

يتبع...

#بقلم_فهد_محمود

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-