نبوءة الغفران
نبوءة الغفران بقلم فهد محمود
الفصل الرابع
مع بزوغ فجر اليوم التالي، كان الجميع يشعر بثقل الليلة الماضية، ولكن لم يكن هناك وقت للراحة. الرسالة التي تركها "الظل" كانت واضحة: المواجهة الحقيقية لم تبدأ بعد.
---
عندما اجتمع الفريق في المخبأ لمناقشة الخطوة التالية، حدث ما لم يكن في الحسبان. اكتشف "عمار" جهازاً صغيراً مزروعاً في إحدى زوايا الغرفة، يعمل كجهاز تنصت.
"عمار":
"فيه حد بيننا عارف مكاننا وبلغ الظل. ده معناه إن الخيانة جاية من الداخل."
سادت لحظة من الصمت القاتل، كل شخص ينظر للآخر بشك.
"نورا" بنبرة حادة:
"الخيانة مش مجرد كلمة هنا، دي رصاصة ممكن تقتلنا كلنا. لازم نعرف مين اللي زرع الجهاز."
"راكان":
"مش هنعرف حاجة بالطريقة دي. لازم نحلها بالعقل. نبدأ نحقق في كل تحركاتنا من البداية."
---
بدأ "راكان" و"نورا" التحقيق في سجل تحركات الجميع خلال الأيام الماضية. في أثناء ذلك، ظهرت تناقضات في كلام "عمار"، ما جعله تحت دائرة الشك.
"نورا" ببرود:
"ليه كنت في الخارج ليلة اختفاء فارس؟ ما قلتش إنك كنت في أي مكان."
"عمار" بغضب:
"أنا مش محتاج أبرر لكم! لو عايزين تخونوا الثقة، يبقى كلنا هنموت أسرع."
لكن "راكان" كان يراقب بصمت. لم يكن مقتنعاً بكلام "عمار"، لكنه لم يكن واثقاً بما يكفي لاتهامه بشكل صريح.
---
بينما كان التحقيق مستمراً، عثرت "نورا" على دليل جديد: خريطة قديمة مدفونة بين أوراق الدفتر الذي وجدوه. الخريطة تشير إلى موقع سري، لكن كانت هناك كلمات محفورة أسفلها:
"من يصل إلى هذا المكان، يصل إلى الحقيقة."
"نورا":
"المكان ده ممكن يكون مفتاح كل حاجة. الظل مستحيل يتركه بدون حماية."
"راكان":
"يبقى لازم نكون مستعدين. أي حركة غلط ممكن تخلينا فريسة سهلة."
---
قرر الفريق الانقسام إلى مجموعتين: "راكان" و"نورا" يذهبان لاستكشاف الموقع، بينما يبقى "عمار" واثنان آخران في المخبأ لمراقبته.
في الطريق، بدأت "نورا" تشعر بتوتر "راكان"، الذي بدا أكثر صمتاً من المعتاد.
"نورا":
"بتفكر في إيه؟"
"راكان":
"لو فعلاً فيه خائن، يبقى عارف إحنا رايحين فين. واللي مستنينا مش هيكون مجرد كمين صغير."
"نورا":
"بس ده يعني إننا أقرب للحقيقة. لو الظل قلق، يبقى عندنا فرصة نهزم لعبته."
---
في الطريق إلى الموقع، تعرضت المجموعة لهجوم مفاجئ. مجموعة مسلحة مجهولة قطعت الطريق عليهم، لكن طريقة الهجوم كانت غريبة:
"راكان" أثناء الاشتباك:
"دول مش ناس عادية! دي حركات مدربة، كأنهم قوة خاصة."
مع تصاعد الاشتباك، تمكن "راكان" و"نورا" من الهرب بصعوبة، لكنهما أدركا أن العدو يعرف كل تحركاتهما.
---
بعد ساعات من التسلل والحذر، وصلا إلى الموقع المحدد في الخريطة: قلعة قديمة مهجورة محاطة بالأشجار الكثيفة. لكن ما وجداه في الداخل كان صادماً: غرفة مليئة بالشاشات تعرض تسجيلات لكل اجتماعاتهم السابقة، بما في ذلك لحظات لم يتوقعوا أن تكون مراقبة.
"نورا" بصوت مرتجف:
"ده معناه إن الظل كان بيتابعنا خطوة بخطوة. مفيش حاجة عدت عليه."
"راكان":
"وده يفسر الهجوم. كان عايز يبعدنا عن المكان ده بأي طريقة."
---
بينما كانا يحاولان تحليل ما رأوه، ظهر شخص يرتدي قناعاً واقياً. صوته كان غامضاً، لكنه حمل نبرة ساخرة:
"أهلاً بالمحققين الشجعان. أنتم أقرب للحقيقة، لكن هل تقدروا تتحملوها؟"
بدأ حوار مثير بين "راكان" والشخص المقنع، كشف خلاله الأخير عن تفاصيل مذهلة:
"الظل مش شخص واحد. الظل فكرة، والفكرة مستحيل تموت."
قبل أن يتمكن "راكان" و"نورا" من القبض عليه، أطلق الرجل قنبلة دخانية واختفى في الظلام، تاركاً وراءه قرصاً يحمل معلومات مشفرة.
---
عندما عادا إلى المخبأ، وجدا الفريق في حالة من الفوضى. "عمار" كان مصاباً، والجهاز الذي وجدوه قد دمر.
"عمار" بصعوبة:
"كانوا هنا. حاولوا ياخدوا كل حاجة. لكن قدرت أخبي القرص قبل ما يلاقوه."
---
وقف "راكان" و"نورا" أمام شاشة الحاسوب، يحاولان فك تشفير القرص الذي تركه الظل. لكن الرسالة الأولى التي ظهرت كانت تهديداً مباشراً:
"لقد بدأ العد التنازلي. اللعبة لم تعد في أيديكم."
---
بعد رسالة التهديد، شعر الجميع بثقل المرحلة القادمة. كان "الظل" يعبث بهم، يجرّهم من خطوة إلى أخرى وكأنهم قطع على رقعة شطرنج مميتة. ومع ذلك، كان لدى "راكان" و"نورا" يقين بأن القرص المشفر يحمل المفتاح لكل شيء.
---
داخل غرفة مظلمة مضاءة فقط بشاشة الحاسوب، جلس "راكان" و"نورا" يحاولان فك تشفير القرص. ظهرت سلاسل معقدة من الرموز الرقمية، أشبه بشيفرة لا يمكن كسرها.
"نورا":
"القرص ده متأمن بطريقة متقدمة جداً. دي مش مجرد شيفرة، دي شبكة كاملة."
"راكان":
"لو قدرنا نكسرها، هنلاقي الإجابات اللي بندور عليها. لكننا محتاجين مساعدة."
هنا تدخل "عمار"، رغم إصابته، وقال بصوت متعب:
"فيه شخص ممكن يساعدنا... بس هنحتاج نخاطر كتير عشان نوصل له."
---
قاد "عمار" الفريق إلى شخص غامض يدعى "غسان"، كان خبيراً في التكنولوجيا وعمل سابقاً مع "الظل" قبل أن ينشق عنه.
"غسان":
"الظل مش مجرد شبكة، ده كيان كامل. قراره إنه يسيبكم القرص ده معناه إنه بيحضر لكم فخ أكبر."
"راكان":
"ما يهمناش الفخ. المهم نفك الشيفرة."
بدأ "غسان" العمل على فك الشيفرة، لكنه حذرهم قائلاً:
"لو فكيت ده، ممكن تطلع أسرار مش هتقدروا تتحملوها."
---
في الوقت ذاته، كان "الظل" يخطط لتحركاته التالية. وصلته معلومات عن مكان "غسان" والفريق. داخل مخبأ الظل، جلس شخص مقنع يتحدث مع فريقه:
"أدركوا مكانهم، لكن ما تهجموش دلوقتي. خلوا الخوف ينهشهم الأول."
---
بعد ساعات من العمل، تمكن "غسان" من فك جزء من الشيفرة. ظهرت على الشاشة قائمة بأسماء وأماكن لأشخاص مهمين، بينهم زعماء العشيرتين، وشخصيات غامضة كانت تمول الصراعات بينهما.
"نورا" بصدمة:
"ده معناه إن اللي بنواجهه مش بس مؤامرة داخلية. فيه قوى خارجية بتمول كل حاجة."
"راكان":
"وليه؟ ليه حد يهتم يزرع الفوضى بينا؟"
"غسان" بنبرة جادة:
"لأنكم نقطة استراتيجية. السيطرة على أرضكم معناها السيطرة على قوة أكبر."
---
قبل أن يتمكنوا من استيعاب المعلومات، تعرض المكان لهجوم عنيف. فرق مدربة اقتحمت المكان، وأطلقت قنابل دخانية لتعم الفوضى.
"راكان":
"لازم نحمي القرص بأي ثمن!"
"نورا":
"إحنا مكشوفين. ده مش هجوم عادي، ده رسالة واضحة إننا بنتحاصر."
---
أثناء الهجوم، واجه الفريق موقفاً صعباً: إما أن يهربوا مع القرص لإنقاذ ما تبقى، أو يواجهوا القوة المهاجمة لإفساح الوقت لتحميل باقي البيانات.
"عمار" بصوت جاد:
"أنا هبقى هنا. وفروا وقت لتحميل البيانات."
"نورا":
"ده انتحار يا عمار!"
"عمار" بابتسامة مؤلمة:
"أحياناً التضحية هي السبيل الوحيد للغفران."
---
تمكن "راكان" و"نورا" من الهروب بصعوبة بعدما ضحى "عمار" بنفسه لصد المهاجمين. لكن خسارته تركت أثراً عميقاً في نفوسهم.
داخل السيارة، جلست "نورا" تحدق في القرص المشفر، وقالت بصوت منخفض:
"مفيش رجوع بعد النهارده. اللي بنواجهه أكبر بكتير من ثأر أو عداوة بين عشيرتين."
"راكان" بنبرة حازمة:
"هنكمل للآخر. ولو الظل فاكر إنه كسب، يبقى ما يعرفش مين اللي بيواجهه."
---
في نهاية الجزء، يظهر مشهد للظل داخل غرفة مليئة بالشاشات، يراقب كل خطوة يقوم بها الفريق. صوت مقنعه الغامض يخترق الصمت:
"قريباً جداً، هيفهموا إن اللعبة دي مش مجرد حرب. دي نبوءة... ونهايتها الغفران أو الهلاك."
---
يتبع . .
#بقلم_فهد_محمود