أخر الاخبار

نبوءة الغفران بقلم فهد محمود الخاتمة

نبوءة الغفران 


نبوءة الغفران بقلم فهد محمود الخاتمة 
  نور الغفران 


مرّت سنة على الأحداث العاصفة التي كادت أن تمزق عشيرتي "الرباح" و"الصقور". كان الدماء التي سُفكت والتضحيات التي قُدمت شاهداً على قسوة الصراع، ولكنها أيضاً مفتاحاً لبداية جديدة، رسمها شباب لم يرغبوا في أن يبقوا أسرى الماضي.


كان اسم "راكان" يتردد في كل زاوية من أراضي العشيرتين، ليس كشاب مغامر فقط، بل كرمز للوحدة والقوة. بعد وفاته، قررت عشيرة "الرباح" إنشاء نصب تذكاري يُخلد ذكرى "راكان" ومن سقطوا ضحيةً للصراع. 


في يوم افتتاح النصب، اجتمع رجال ونساء من العشيرتين، وكانت المرة الأولى منذ عقود التي يقفون فيها معاً بلا أسلحة ولا عداوات. 


"عواد" (زعيم الرباح): 


"راكان لم يكن فقط ابناً لعشيرة الرباح، بل كان ابناً لهذه الأرض التي تحتاج إلى أبنائها موحدين."


"صقر" (زعيم الصقور): 


"لقد تعلمنا درساً قاسياً، ولكننا الآن أقوى بفضل أولئك الذين قدموا أرواحهم من أجل مستقبل أفضل."


بعد الأحداث، اختارت "جمانة" أن تستمر في طريق "راكان". فتحت مركزاً طبياً مشتركاً لخدمة أبناء العشيرتين، وحرصت على تقديم الرعاية لكل من يحتاجها دون تفرقة. 


كانت "جمانة" تقف أمام المركز في يوم افتتاحه، وقد ارتدت زيّاً بسيطاً يعكس شخصيتها المتواضعة. اقترب منها شاب صغير من عشيرة "الصقور"، وقدم لها زهرة. 


"الشاب": 


"شكراً لأنك علمتِنا أن الكراهية ليست الحل."


ابتسمت "جمانة" بحنان، وشعرت بأن رسالتها قد وصلت.


بقي "الظل" تهديداً قائماً، لكن بعد سقوط "كامل"، فقد التنظيم قوته تدريجياً. تعاونت العشيرتان مع السلطات للكشف عن بقية الشبكة، ونجحوا في تفكيك أغلبها. 


أصبح "عمار"، شقيق "راكان"، أحد أبرز قادة الجهود المشتركة. ورغم أنه كان يحمل حزناً عميقاً لفقدان أخيه، إلا أنه وجد في الوحدة قوة لم يكن يتخيلها. 


"عمار": 


"لقد علمنا راكان أن النصر الحقيقي ليس في كسب المعارك، بل في كسب القلوب."


في ذكرى مرور عام على الوحدة، قررت العشيرتان تنظيم احتفال كبير يعكس بداية عهد جديد. 


في ساحة واسعة بين أراضي العشيرتين، نُصبت منصات للغناء والعروض التقليدية. تجمع الجميع، من الأطفال إلى الشيوخ، للاحتفال بهذا اليوم التاريخي. 


"جمانة": 


"هذا ليس فقط يوم السلام، بل يوم الحب الذي انتصر على الكراهية."


ظهرت مظاهر الفرح والبهجة، وكان الكل يشعر بأن الماضي الأليم أصبح جزءاً من التاريخ، وأن المستقبل يحمل وعداً أفضل.


في لحظة مؤثرة أثناء الاحتفال، وقفت "جمانة" على المنصة، وأخرجت رسالة وجدتها في دفتر "راكان" قبل رحيله. 


"جمانة" (بصوت مرتجف): 


"إلى كل من يحب هذه الأرض... أقول لكم إن الغفران هو السلاح الأقوى. الماضي لا يمكن تغييره، لكن المستقبل بأيدينا. اجعلوه مستقبلاً يستحق أن نعيش من أجله."


---


مع انتهاء الحفل، بدأت السماء تمطر برفق، وكأنها تمنح الأرض بركة جديدة. وقف "عمار" بجانب "جمانة"، ونظر إليها بابتسامة: 


"عمار": 


"أعتقد أن راكان سيكون فخوراً بنا."


ابتسمت "جمانة"، وشعرت لأول مرة منذ فترة طويلة بالسلام الداخلي. 


بينما تفرقت الجموع، بقيت كلمات "راكان" تتردد في الأذهان:

"ليس الغفران ضعفاً، بل هو الطريق الوحيد للحرية." 


وهكذا، بدأت العشيرتان فصلاً جديداً من تاريخهما، مليئاً بالأمل، الحب، والغفران.


---


في نهاية المطاف، لا يحدد ماضينا من نكون، بل تحدده اختياراتنا في الحاضر. "نبوءة الغفران" ليست فقط قصة عن العداوات القديمة، بل هي رسالة أمل وإيمان بقوة الغفران لتغيير العالم.


تمت 

#بقلم_فهد_محمود

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-