أخر الاخبار

رواية وتكالبت عليها الذئاب بقلم ميمى عوالى الفصول ٢٤ و ٢٥

وتكالبت عليها الذئاب 

 
رواية وتكالبت عليها الذئاب بقلم ميمى عوالى الفصول  ٢٤ و ٢٥

رواية وتكالبت عليها الذئاب بقلم ميمى عوالى

الفصول ٢٤ و ٢٥

الفصل الرابع و العشرون

بعد انتهاء العزاء .. سادت بعض الاحاديث القصيرة بين الجميع تحت مراقبة رنيم التى شعرت و كانها دخيلة على الجميع ، و بان ليس لها الحق فى ابداء اى نصح او رأى و لو عابر .. لتسال نفسها سؤالا لم تجد له اجابة .. ما الذى ينتظرك يا رنيم ، اشفاء من جر.و.ح ملأها الصد.يد ، ام نكئ للجر.ا.ح القديمة ليكون ا.لما حتى المو.ت
😒
غادر الجميع كل الى وجهته .. ليجلس داوود بالسيارة و هو لا زال يحمل خديجة .. بعدما اجلس رنيم بالمقعد المجاور لمقعده ، لتقول خديجة بسعادة : انا اسوق تانى
داوود بمرح : انتى نمتى و انتى سايقه المرة اللى فاتت و الظابط خدك مخالفة
خديجة بمحايلة لطيفة : مش هنام تانى
داوود و هو يدير السيارة : طب ياللا سوقى
و ظلا على وضعهما المرح حتى وصلا الى فيلا المنشاوى ، ليفتح الحارس الباب بذهول عندما وجد رنيم تجلس الى جوار داوود ، و لكنه قال بترحاب : يا الف حمدالله بالسلامة يا ست رنيم
لتتوقف السيارة و يهبط منها داوود و هو لازال حاملا للصغيرة التى كانت تتلفت حولها بفضول شديد ليأمر داوود الحارس بمساعدة هاجر فى حمل الحقائب الى الداخل
و بعد ان انتهى الحارس مما امره به داوود .. قال له داوود بصوت واضح : مش عاوز دبانة تخرج من الفيلا من غير امرى .. واضح
الحارس بطاعة : واضح يا بية
داوود لهاجر : عم محمد قاعد فى اوضتك ، شوفى اى اوضة تانية اقعدى فيها لحد الصبح ، بس جهزيلنا عشا الاول ، و شوقى ممكن تعملى ايه لخديجة من اللى موجود .. و تكون بتحبه
هاجر و هى تتجه الى غرفة الطعام : حاضر .. عينيا
كانت رنيم تتلفت حولها لتجد ان الفيلا و كأن الخراب قد اصابها و عشش بين جدرانها
كان جميع ما كان مازال موجودا بمكانه تماما ، و لكن بلا روح و لا حياة ، حتى الشرفة .. كانت مظلمة و كان بابها مغلق باحكام و كأنها مهجورة منذ سنوات ، لتقع عيناها على النافورة فوجدتها مغلقة و حوضها جاف ممتلئ بأوراق الشجر الجافة
ليشير داوود بيده الى رنيم الشاردة باتجاه الاعلى و صوته يعيدها الى وعيها حين قال : اتفضلى
لتنظر اليه بتردد و هى قلقة من حمله الدائم للصغيرة ، و لا تستطيع التنبؤ بما ينتويه
فقررت طاعته و اتجهت الى الاعلى حتى وصلت الى ممر غرف النوم فقالت : عاوزة انام فى اوضة جدو
داوود بسخرية : و ده كلام برضة يا مدام .. ازاى تنامى فى اوضة مش اوضتك فى اول ليلة ترجعى فيها البيت بعد الغيبة دى كلها
رنيم برجاء : ارجوك يا داوود .. اليوم كان طويل اوى .. و انا فعلا تعبانة و محتاجة انام ، ياريت تاجل اى كلام ما بيننا لحد بكرة
داوود بجمود : مش همنعك تنامى براحتك .. بس فى اوضتك و على سريرك .. اتفضلى
رنيم : طب و البنت
داوود : هتنام فى حضنى
لتدخل رنيم الى الغرفة و هى تقدم قدما و تؤخر الأخرى و ما ان تقدمت من منتصف الحجرة حتى سمعت صوت اغلاق الباب و تتفاجئ بان داوود قد اغلق الباب بالمفتاح ، ثم انتزع المفتاح من الباب و وضعه بجيب بنطاله و هو يقول لها باحباط : مانا لازم اتعلم من اخطائى .. و اللا ايه
ليضع الصغيرة على الفراش و يقول : على ما اخد دش تكونى غيرتى هدومك ، و غيرتى للبنت كمان هدومها ، و يتركها و يتجه الى حافظة الملابس ليخرج منها ملابس بيتية و يذهب بها الى الحمام
رنيم بقلق : يا ترى ناوى على ايه يا داوود
اما بمنزل حبيب .. فما ان دست يقين نفسها بالفراش حتى قال لها حبيب بفضول : تعالى بقى و قوليلى مالك
يقين : هيكون مالى يعنى يا حبيب ، عاوزنى ابقى ازاى فى يوم كله موت و عزا و بكى
حبيب : بتتهربى من الاجابة و اللا انتى بجد مش فاهمة سؤالى
يقين بزفير حار : عاوز ايه يا حبيب
حبيب : مش عاوز يا حبيبتى ، كل الحكاية انى حابب افهم مش اكتر ، طول المدة اللى اختفت فيها رنيم كان فى جزء كبير جدا جواكى متعاطف معاها .. بس النهاردة مالقيتش جواكى غير موقف مامتك منها
يقين برفض : ايه اللى انت بتقوله ده
حبيب : طب تنكرى انك فى الفترة الاخيرة و خصوصا اخر زيارة عملناها لداوود كنتى بتها.جميها اوى و بتحاولى تخلى داوود ينساها
يقين : لا ما انكرش ، بس كنت عاوزنى اعمل ايه و انا شايفة اخويا بيضيع منى بسببها
حبيب : بس انتى نفسك وقت اختفائها كنتى مديالها العذر يا يقين
يقين باستياء : كنت فاكراها هتبعد لها شهر و اللا اتنين .. و اللا حتى سنة ، لكن دى بقالها اكتر من تلت سنين دلوقتى يا حبيب
حملت و ولدت و بنتها كبرت من غير ما تعرف ابوها و لا ابوها يعرفها
حبيب بتحذير : يقين .. المفروض تحاولى تدوبى المسافات اللى عملتيها بينك و بين رنيم عشان خاطر داوود يقدر يتخطى و ينسى
يقين بسخرية : داوود عمره ما هينسى يا حبيب انها عملت فيه كل ده
حبيب باعتراض : داوود لحد امبارح كان معترف بندمه على اللى حصل منه ، جاية انتى فى لحظة تطلعى رنيم هى بس اللى غلطت
يقين بحدة : هو انت فاكرنى زعلانة انها رجعت ، انا مقهورة عليها و عليه ، انت مش فاهم هى عملت ايه فى روحها قبل ما تعمل فيه
رنيم كانت واقفة وسطنا النهاردة زى الغريبة ، كانت خايفة تتكلم مع اى حد لا يعاتبها و اللا يسالها على حاجة
ولاد سيلا و رغدة لما بيشوفونى بيجروا عليا و يحضنونى و يقعدوا يتكلموا و يحكوا معايا ، و بنت اخويا الوحيد ماتعرفنيش يا حبيب
كان كل ما ييجى عيد و اللا مناسبة اقول هتظهر .. هتيجى .. هتسامح و تعاتب و تعدى ، لكن ما حصلش
فضلت انها تتكلم مع رغدة بس ، مافكرتش مرة واحدة تكلمنى و اللا حتى تكلم بابا
حبيب : و ماتنسيش انها برضة ما حاولتش تكلم سيلا اختها ، يعنى اختيارها لرغدة ماكانش اختيار تفضيلى لرغدة عن اى حد تانى يا يقين ، لكن …
يقين بترصد : لكن ايه
حبيب بتردد : مش عارف بالظبط ، بس ممكن مثلا تكون حبت انها ماتحرجكيش مع داوود بما انك اخته ، ماتنسيش ان داوود لاخر لحظة ما كانش مصدق ان رغدة ماتعرفش عنها حاجة ، تضمنى منين ان رنيم لو كانت اتصلت بيكى ان داوود ماكانش اتهمك نفس الاتهام
يقين بامتعاض : انت بتدافع عنها ليه
حبيب : حبيبتى انا بس مش عاوزك تتصرفى تصرف و انتى زعلانة كده و ترجعى تندمى عليه و تقولى ياريتنى ماكنت عملت كده
لتنظر له يقين وتقول بتردد : هو انا كنت بايخة اوى معاها
حبيب بمرح : الصراحة .. اوى اوى كمان
يقين : طب تفتكر اروحلها بكرة
حبيب : لا طبعا
يقين : ليه بقى
حبيب : لانهم يا حبيبتى بعاد عن بعض طول المدة دى ، و اعتقد ان بينهم و بين بعض حاجات كتير اوى محتاجين يتكلموا فيها على انفراد لفترة ربنا وحده اللى يعلم هتبقى اد ايه
كان سامر يجلس بغرفته بمنزل فاتن التى اعتاد على النوم بها و هو شارد بشدة و الحزن يكسو ملامحه ، لتفترب منه سيلا و تجلس الى جواره و تقول : حبيبى .. مش جعان .. انا عملتلك سندوتش عشان تاكله ، انت ما اكلتش حاجة من الصبح
سامر : لا يا حبيبتى شكرا .. ماليش نفس ، ياريت لو تحاولى تأكلى رغدة
سيلا : رافت اخد منى السندوتشات و قاللى انه هيأكلها ، و عشيت طنط علية .. اى نعم سندوتش صغير خالص ، بس اكلته منى ، مافاضلش غيرك انت اللى ما اكلتش ، خد كل السندوتش ده عشان خاطرى
سامر : هو داوود فين
سيلا : نايم فى حضن جدته
سامر : اكل
سيلا : الحمدلله .. ياللا كل انت كمان بقى
سامر : طب و انتى .. اكلتى
سيلا بخجل : ما انت عارف انى مش بعرف اكل حاجة من غيرك
سامر : طب هاتى السندوتشات و تعالى كلى ياللا
و اثناء الطعام قالت سيلا : تفتكر رنيم ممكن تمشى تانى
سامر : حتى لو حبت .. ما اعتقدش ان داوود ممكن يسمحلها انها تعملها مرة تانية
سيلا : تفتكر هيعرفوا يتصافوا
سامر : اتمنى يا سيلا .. ادعيلهم
اما رنيم فبعد ان بدلت للصغيرة ملابسها ، اخذها الفضول لفتح باب خزانتها و التى كانت قد تركت فيها الكثير من مقتنياتها و ملابسها الخاصة ، لتقف امام خزانتها المفتوحة و هى تتذكر يوم مغادرتها .. حيث انها تركتها بنفس الشكل و الترتيب و كأن احدا لم يمسها ابدا ، حتى هاتفها القديم وجدته بمكانه على المنضدة بجوار الفراش
كل شئ كما كان تماما عدا شيئا واحدا كان قد ترك مكانه المخصص على الجدار و احتل جزءا من الفراش ، الا و هى صورة زفافهما التى وجدتها ترقد مكان نومها لتترك الصغيرة و هى تلهو بالغرفة و ترضى فضولها بالتجول وسط المتعلقات الخاصة بداوود و ايضا متعلقات امها المهملة القديمة ، لتأخذها اقدامها الى الشرفة لتطل على الحديقة ، لتنقبض يديها على الحاجز و هى تنظر الى حوض اسماكها الفارغ من الاسماك و من المياة ايضا
و عندما ذهبت ببصرها الى ارجوحتها .. وجدت غطاءا كثيفا فوقها يغطيها و يخفيها ايضا عن العيون
و اثناء تساؤلاتها عما حدث سمغت صوت داوود من خلفها و هو يخاطب الصغيرة ضاحكا : بتعملى ايه فى تليفون ماما
الصغيرة : ده مش تاع ماما
داوود و هو ينظر الى رتيم بجانب عينيه : بتاعها ، بس سابته مع اللى اتساب و استغنت عنه و جابت واحد بداله ، و الله اعلم استغنت عن ايه تانى ، لتعود رنيم الى الغرفة و تنظر له بجمود فيقول لها : ماغيرتيش هدومك ليه
رنيم بعناد : مش عاوزة اغير
داوود بغير اهتمام : براحتك ، ثم جلس على الفراش و قال لخديجة : جوعتى
لتنظر الصغيرة الى امها و تقول بانتباه و كأنها لم تنتبه قبل الان : ماما .. خوخة جعانة
داوود : زمان هاجر هتجيبلنا الاكل دلوقتى .. و تاكلى و ننامى فى حضن بابا
الصغيرة : انام مع ماما
داوود : كلنا هننام هنا مع بعض ، انا و انتى و .. و ماما .. ايه رايك
الصغيرة : ماشى
ليسمع دقا على الباب ، ليخرج المفتاح من جيب بنطاله و يفتح الباب و يسمح لهاجر بالدخول ، لتضع الطعام على مائدة صغيرة و تقول : اى خدمة تانية يا بية
داوود : شكرا .. روحى انتى نامى
ليغلق الباب من خلفها مرة اخرى بالمفتاح و يعيد دس المفتاح بجيبه و هو ينظر لرنيم بسخرية
ليجد خديجة تحاول التقاط بعض الطعام ليحملها الى جانبه و هو يقدم لها بعض الشطائر و يقول : ياللا كلى كويس عشان كمان تشربى اللبن اللى هاجر جابتهولك
ثم نظر الى رنيم و قال بحزم : اعتقد انك جعانة زينا ، فاقعدى كلى على طول ، مانتيش محتاجة عزومة
لتنظر له رنيم بغيظ ، و لكنها كانت بالفعل تشعر بالجوع الشديد فهى لم تأكل شيئا منذ الصباح الباكر ، فاقتربت من مكان الصغيرة و جلست الى جوارها ، و اثناء جلوسها ركنت عصاتها بجوار الاريكة لتسقط ارضا .. و قبل ان تحاول التقاطها .. وجدت داوود يسرع بالتقاطها و وضعها الى جوارها مثلما كان يفعل دائما ، و عندما التقت نظراتهما ، هرب داوود من عينيها و جعل كل اهتمامه بالصغيرة ، فكان اهتمامه الاول و الاخير ان يكتسب ثقة و حب ابنته كى يعوض ما فاتهما باسرع وقت ممكن
فظل يتحدث اليها واعدا اياها باشياء كثيرة علم بخبرته مع ابناء يقين و رأفت انها تثير اعجاب الاطفال ، فوعدها بزيارة مدينة الالعاب بعد ان قال لها انه سينشئ لها بالمنزل غرفة خاصة بلعبها ، و سيملأها لها بكل ما تحب من العاب تختارها بنفسها
لينجح فى اثارة فضولها و شغفها حتى نامت بين احضانه و هما يتحدثان معا ، ليربت داوود على شعر صغيرته و هو يقول بجمود : لو سامحتك على كل حاجة .. الا انى عمرى ما هسامحك ابدا انك حرمتينى منها طول الوقت ده
رنيم بتهكم : بلاش تتقمص دور الضحية اوى كده يا داوود ، انت عارف كويس اوى انت عملت ايه و كنت ناوى كمان على ايه
داوود : و مش هنكر ، بس لازم كل واحد يعترف بغلطه و يكفر عنه
رنيم بسخرية : و يا ترى بقى انت هتعرف تكفر عن اللى عملته
داوود : انا كفرت من زمان
رنيم : مش شايفة انك عملت اى حاجة تكفر بيها عن اللى عملته ، ده لو اللى انت عملته ممكن يتكفر عنه من اساسه
داوود : انتى ما كنتيش موجودة اصلا عشان تعرفى حاجة
رنيم : انت خيالك عمره هيوصل ابدا للى انا عارفاه ، فبلاش تحاول تنكر و لا تلبس توب الحمل الوديع
داوود : و مين قال لك انى انكرت حاجة ، و بعدين هنكر ازاى و كل حاجة كانت على ايديكى و قدامك
لتنظر رنيم الى الصغيرة التى تقلبت بضيق فى الفراش فقالت : ياريت ناجل اى كلام دلوقتى
داوود باذعان : ماشى .. اتفضلى نامى
لتدس رنيم نفسها بالفراش الى جانب الصغيرة ، و كادت ان تحتضنها و لكن عيتيها التقت بعينا داوود الذى كان يحتضن الصغيرة بتملك ، لتبعد نظرها عنه و تغمض عينيها بغضب كامن بداخلها و هى تتذكر كلمات عابد و هو يقص عليها خطط داوود تجاه سهام و ابيها مصطفى درويش
و لكنها سرعان ما غاصت فى نوم عميق ، فلم تظن ابدا انها ستستطيع النوم فى تلك الليلة ، و لكن على ما يبدو ان ارهاق يومها و احداثه السريعة المتلاحقة قد اثرت على قوتها و صمودها
و عندما استمع داوود لصوت انفاسها المنتظمة و علم انها غر.قت فى النوم .. اقترب بوجهه منها و هو يشبع عينيه من طلتها التى كاد يجن لها اشتياقا ، فكان ينظر اليها تارة ، و للصغيرة تارة و كأنه يقارن بينهما فى الشبه ، و برغم ان اصدقائه اجمعوا على ان الصغيرة نسخة مصغرة منه ، الا انه كان يعلم ان الصغيرة ماهى الا نسخة مصغرة من امها فى الصغر ، فكيف لا يعرفها او يتذكرها و قد شبت على يديه
لينهض من الفراش و يتجه الى الحمام ليتوضئ و يعود و يقف بين يدى الله ناويا صلاة شكر على جمعه بزوجته و صغيرته مرة اخرى
ثم يعود مرة اخرى الى الفراش لينام و هو قرير العين لاول مرة منذ افترق عن محبوبته ليمد ذراعه محتضنا الصغيرة ، لتعبث اصابعه بملابس رنيم ، ليقبض عليها و كأنه يخاف هروبها مرة اخرى
و ما ان حل الصباح .. كانت رنيم تحاول التقلب فى نومها عندما شعرت انها كالم/قيدة , لتفتح عينيها بعدم تركيز ، لتجد داوود يحيط خصرها بكفه و الصغيرة ما زالت نائمة بينهما ، لتمد يدها فى محاولة منها لفك اصابعه المتشبثة بملابسها ، لتجده هب من نومه فجأة و هو يقول بقلق حاد : رايحة فين
رنيم بذهول : مش رايحة فى حتة ، بس عاوزة اتعدل
لتجرى عينا داوود تجاه اصابعه ليعلم انه ما زال ممسكا بملابسها منذ ان غلبه النوم ، فيتركها و يربت على صغيرته و يقبلها و يغمض عينيه مرة اخرى و لكنه يشعر بان النوم قد جافاه ، و لكنه يظل على وضعيته ، ليشعر بها قد تركت الفراش ليراقبها من تحت اهدابه و هى تأخذ بعض الثياب و تدخل الى الحمام
ليعتدل هو الاخر و هو يفكر عن كيفية عودة حياتهما معا كما كانت من قبل ، كيف يحصلان معا على سلامهما الداخلى ، كيف يغفران ما مضى ، و كيف يقر كل منهما بخطأه تجاه الاخر
فقبل ان يلقاها كان يتمنى لو يجدها ليطلب منها الغفران و العفو ، و لكن .. بمجرد ان وجدها امامه لم يتذكر سوى قسوتها عليه ، و القائها لحبهما وراء ظهرها ، و كلما تبادر الى ذهنه انها ربما كانت تنتوى الاختفاء الى الابد ، كلما استعرت نير.ان الغضب بداخله
و فى خضم المعر.كة الدائرة بداخله انتبه على عينين صغيرتين تراقبه بحيرة واجمة ، ليجد الصغيرة قد فاقت من نعاسها و نظرت اليه باستغراب و كأنها لا تعرفه ، لتقوس شفتيها الى الاسفل بعبوس شديد و كأنها تنوى البكاء ، فقال داوود بسرعة : ايه يا خوخة .. ماما فى الحمام .. تروحيلها
لتومئ الصغيرة برأسها و هى ما زالت معتلة المزاج .. فاشار لها داوود على باب الحمام و قال : لما ماما تخرج من الحمام و انتى كمان تغسلى وشك و نفطر سوا .. نروح تشترى اللعب انا و انتى بالعربية .. ايه رأيك
و كأن الذاكرة قد بدأت فى العودة للصغيرة ، فتخلت عن عبوسها و قالت : و ماما هتيجى معانا
داوود : انتى هتروحى مع بابا ، و لو عاوزة تاخدى ماما معاكى ماشى .. المهم اننا نفطر الاول .. ايه رأيك
الصغيرة : فين هاجر
داوود : تلاقيها بتعمل لنا الفطار ، اما نغسل وشنا و نلبس .. نروح عندها .. ماشى
ليسمعا باب الحمام و قد قتحته رنيم و خرجت منه و هى تنظر الى الصغيرة قائلة بحب : صباح الخير يا خوخة
الصغيرة : خوخة صحيت مش لقتك
رنيم و هى تقترب منها و تحملها بحنان مقبلة اياها : كنت بغير هدومى ، تعالى ياللا نغسل وشنا و نسرح شعرنا الحلو ده
الصغيرة بحماس : و نفطر و نروح مع بابا باى عشان نشترى لعب
ليبتسم داوود عند سماعه لكلمة بابا من شفتى الصغيرة و يظل بمكانه و هو يراقبهما باستمتاع شديد اثناء تحركهما من حوله
و عند هبوطهم الى الاسفل يجدوا ان الافطار قد اعد بالفعل و فى انتظارهم ، ليتناولوا الافطار بين تساؤلات الصغيرة التى لا تنتهى عن المنزل و عن الالعاب و كان داوود يجاوب جميع تساؤلاتها بكل صبر و حب و سعادة ايضا
و ما ان انتهوا من الطعام .. الا و اصطحب داوود الصغيرة الى حديقة الفيلا تحت مراقبة رنيم من الشرفة ، لتجده تقدم بها نحو ارجوحتها و سحب من فوقها الاغطية السميكة و الحبال ، و ما ان انكشفت معالمها حتى صفقت الصغيرة بسعادة ، ليجلسها داوود فوقها و هو يحركها بمرح و هدوء مراقبا سعادتها ، ثم وجدته ينادى الحارس ، و يأمره بتنظيف حوض النافورة و اعداده مرة اخرى لاستقبال الاسماك الجديدة ، و امره بان يجلب من يستطيع اصلاح الحديقة المهملة و رعايتها لتعود للحياة مرة اخرى
ثم عاد بالصغيرة الى الداخل و قال لهاجر بأمر : انا عاوز الفيلا ترجع زى ما كانت تمام ، و شوفى هتحتاجى ايه و اطلبيها من عم محمد و هو هيجيبلك اللى انتى محتاجاه ، و لو عاوزة حد يساعدك خليه يشوفلك حد كويس .. هو هيعرف يتصرف ، بس اهم حاجة .. عاوز الاوضة اللى جنب مكتبى تفضى تماما و تتنضف كويس اول حاجة خالص
هاجر : حاضر
ثم التفت الى رنيم قائلا : انا هخرج مع خديجة اشتريلها شوية حاجات … تحبى تيجى معانا
رنيم : ايوة طبعا .. مش هتعرف تتعامل معاها لوحدك
داوود : بلاش الثقة الزايدة دى ، لانى اقدر اتعامل معاها كويس اوى .. و اديكى شايفة اهو
رنيم بتحدى : طب لو طلبت منك الحمام .. هتعمل ايه ، هتدخل بيها حمام السيدات ، و اللا هتدخلها حمام الرجالة
داوود بامتعاض : يمكن عندك حق فى دى ، رغم انى كان ممكن اتصرف برضة
ليتجهوا الى الخارج معا .. ليقضوا يوما ممتعا جدا للصغيرة و هى تنتقى العابها ، بل الكثير و الكثير من الالعاب و المفروشات التى لم تظن يوما ان تمتلكها
اما داوود فكان يشعر بمتعة خاصة و هو يراقب فرحة الصغيرة و فضولها و بعض عنادها الذى لمسه ايضا بسرعة ، ليعلم انها قد ورثت قوة عناد امها
اما رنيم .. فكانت ترافقهما و تراقب تصرفاتهما معا و شغف ابنتها بداوود الذى لم تتخيل ابدا ان تراه يوما ، و كانت تراقب ذلك الشغف بذهول و هى تتسائل متى حدث ذلك ، و كيف نمى بتلك السرعة و البساطة
و كان ذهولها الاكبر عندما وجدت الصغيرة تتحامى باحضان والدها من احد الكلا.ب الضخمة الذى كان بصحبة مالكه اثناء تجولهما ، و احست الصغيرة بالخوف منه
و ما ان استغاثت الصغيرة بابيها و استكانت باحضانه و هو يطمأنها ، حتى تسائلت رنيم ايضا .. من اين اتت تلك الثقة بهذه السرعة
لتعود و تسال نفسها سؤالا ادق .. هل اجر.مت بحق الصغيرة عندما ابعدتها عن أبيها كل هذه المدة ، ام ان الجر.م كان بحق الصغيرة و بحق ابيها ايضا
و فى وسط تجوالهم .. دعاهم داوود للغداء بمطعمه المفضل و كأنه يدغدغ ذكريات رنيم و يستجلب حنينها الى الماضى ، و لكن غالبا ما تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن ، فقد تفاجئ داوود عندما سمع صوت سهام من خلفه و هى تقول بذهول : ايه ده .. معقولة .. رنيم .. و كمان داوود و مع بعض ، امتى ده حصل و رجعتى ازاى ، ده كان لسه عابد بية مع بابا من يومين بس و ما قاللهوش اى حاجة عن رجوعك
🤔
اللهم عالم الغيب و الشهادة ، فاطر السماوات و الأرض ، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اللهم اجعل لي من كل ضيق فرجاً ، و من كل هم مخرجاً ، وارزقني اللهم بالخيرات من حيث لا أحتسب
25
#وتكالبت عليهما الذئاب
الفصل الخامس و العشرون
تفاجئ داوود اثناء جلوسهم لتناول الغداء .. عندما سمع صوت سهام من خلفه و هى تقول بذهول : ايه ده .. معقولة .. رنيم .. و كمان داوود و مع بعض ، امتى ده حصل و رجعتى ازاى ، ده كان لسه عابد بية مع بابا من يومين بس و ما قاللهوش اى حاجة عن رجوعك
🤔
لتنظر رنيم الى داوود بتحدى و استنكار و هى تنتظر رده على سهام ، و لكنه قبل ان يحاول الرد .. كانت سهام اقتربت من مائدتهم وسمحت لنفسها بالجلوس معهم و هى تنظر الى الصغيرة بجمود ثم قالت : و يا ترى يا رنيم رجعتى من نفسك و اللا رجعتى ازاى
رنيم بجمود : و ياترى يفرق معاكى
سهام بوقاحة : الحقيقة رجوعك من الاساس مايفرقش معايا ، بس مجرد فضول ، اصل الحقيقة بالصدقة البحتة معتز كمان كان مختفى من دمياط كلها من فترة كبيرة و يا دوب بادئ يظهر من تانى النهاردة .. يا ترى صدقة فعلا و اللا انتو متفقين
رنيم : لو يهمك قوى تعرفى هو كان مختفى فين .. تقدرى تساليه ، اما لو بتسالى عنى انا .. فما اعتقدش ان الموضوع يخصك باى شكل من الاشكال
سهام و هى تنظر لداوود و كأنها تفكر بشئ ما : ابدا .. كل الحكاية ان الناس ممكن تربط مابين ظهوركم المفاجئ فى نفس التوقيت و يوصلوا لانكم كنتم سوا طول الوقت ده
كان داوود يجلس بصمت بارد و هو يراقب الحديث الدائر من حوله دون ان يتدخل ، حتى سمع الجملة الاخيرة من حديث سهام ، و قبل ان ترد رنيم التى بدا الانفعال على تعبيرات وجهها .. اعتدل بجلسته و اتكئ بجذعه على المائدة و قال : اتجرأتى بزيادة يا سهام هانم ، قعدتى وسطنا من غير دعوة و قلت ماشى ، احنا اهل كرم ، ابتديتى تتدخلى فى اللى مالكيش فيه ، و قلت منك لمراتى انتو ستات زى بعض ، لكن هتتخطى حدودك .. ردى مش هيعجبك
سهام باستخفاف : رد ايه ده بقى ، المفروض ردك ده كان يبقى على مراتك اللى اختفت طول الوقت ده و انت ماتعرفش عنها حاجة و اللى الله اعلم كانت فين و مع مين و بتعمل ايه
و ما ان انتهت من اخر كلمة حتى فوجئت برنيم تقذف بوجهها كوبا من الماء اغرقها بالكامل
لتشهق سهام بصدمة و هى تنظر لرنيم بحدة ، و التى قالت لها ببعض الإنفعال : الكلام اللى انتى بتلمحيله ده انتى و امثالك اللى تعرفوه مش انا
لتنظر سهام لداوود بتحدى قائلة : الكلام ده لو وصل لبابا و عرف انك ما اخدتليش حقى .. هتزعل اوى
داوود بسخرية : الحقيقة انتى اللى هتزعلى لو ما قمتيش قورا و مشيتى من قدامى ، و احمدى ربنا انك واحدة ست ، لانك لو كنتى راجل .. كان ردى على كلامك هيغيرلك معالم وشك ده
لتنهض من مكانها غاضبة و هى تقول هنشوف مين فينا اللى هيزعل يا اولاد المنشاوى ، لتلتفت منصرفة ، ليناديها داوود قائلا : من اكتر من تلت سنين منعتك من دخول المصنع ، دلوقتى بمنعك من الظهور فى حياتى باى شكل من الاشكال .. مفهوم
سهام بتوعد : بكرة تبوس ايدى عشان انسالك كلامك ده
كانت الصغيرة تراقب الاحداث ببعض الرهبة الظاهرة على ملامحها ، ليحملها داوود واضعا اياها على قدمه و هو يقول : نطلب بقى الاكل بسرعة عشان نلحق نروح الملاهى
لتنشغل الصغيرة بحديث ابيها و تنسى ما حدث منذ قليل ، و لكن رنيم كان ذهنها بالكامل مشغولا بحديث داوود لسهام ، عندما قال لها .. من اكتر من تلت سنين منعتك من دخول المصنع ، و اخذت تتسائل .. متى و كيف حدث ذلك ، فقد اكد لها عابد اكثر من مرة ان داوود يسعى وراء سهام طمعا فى شراكة ابيها ، و المح اليها أيضا انهما يتواصلان معا بطريقة غير شرعية ، ام انه جلبها الى هنا اليوم ليقوم هو وصديقته بتمثيل هذا المشهد امامها
كانت تشعر بالتيه و هى تتابع ملامح داوود و تجاهد لثبر اغواره ، لتنتبه على صوته و هو يقول لها بجمود : الاكل هيتلج .. كلى
لتجده يأكل و يساعد صغيرته ايضا على تناول طعامها ، لتمد يدها و تبدأ هى الاخرى فى تناول الطعام دون ان تعرف له مذاقا او لونا
و بعد مضى بعض الوقت قال داوود : نقوم و اللا محتاجين تقعدوا شوية كمان
رنيم : هتودينى لرغدة شوية
داوود : اما اخلص الحاجلت اللى عاوز اجيبها لخديجة
رنيم : خلاص .. خلينا نقوم
و عندما وقف داوود ، وجد الصغيرة تمد ذراعيها اليه قائلة : شيلنى يا بابا
ليلتقطها داوود بحب مقبلا اياها بمرح ، و يشير الى رنيم ان تتقدمه ، والتى قد بدأ شعورا بالغيرة فى النمو بقلبها من تعلق الصغيرة الشديد بداوود رغم عدم مرور سوى يوما واحدا منذ عرفته
اما سهام فقد خرجت مسرعة من المطعم ، و ما ان استقلت سيارتها حتى هاتفت ليلى و قالت بشئ من الحدة : انتى كنتى عارفة ان رنيم رجعت
ليلى بصدمة : رجعت ازاى و امتى
سهام غاضبة : انا اللى بسالك يا طنط
ليلى باستنكار : طب و انا هعرف منين و انا مش فى مصر اصلا
سهام : رجعت ببنتها ، و كمان عازمهم على الغدا فى ارقى مطاعم البلد و لا اكنها كانت مشحتفاه تلت سنين و اكتر
ليلى بامتعاض : طب و انا المطلوب منى ايه دلوقتى
سهام بحدة : تنزلى مصر حالا و تتصرفى و تمشيها من تانى
ليلى بسخرية : و انتى فاكرة ان داوود ممكن يسمحلى انى اتكلم معاها نص كلمة تانى ، ثم مش انتى قلتيلى انه بيعاملك وحش و منعك كمان من دخول المصنع و انك خلاص شيلتيه من دماغك
سهام بغل : اسمعى يا طنط ، انا لا بقى يهمنى داوود و لا غيره
ليلى باستنكار : اومال عاوزاها تمشى تانى ليه مش قاهماكى
سهام : لان مش سهام درويش اللى يتعمل معاها كده منها و منه .. اتصرفى قلت
ليلى بجمود : سورى يا سهام .. مش هقدر اعمل لك حاجة المرة دى
سهام بتهد.يد : بقى كده .. تمام ، و اعتبرى تسجيلات اتفاقاتنا بالكامل عند داوود و على تليفونه من دلوقتى ، من وقت اتفاقك مع معتز .. يا ترى لسه فاكراه و اللا نسيتيه
ليلى : ماتتعبيش نفسك .. معتز بنفسه اعترف لداوود على كل حاجة
سهام : و ياتري قال لداوود كمان على اتفاقك معاه على انه يصور رنيم معاه بعد ما اتجوزت داوود
ليلى بصدمة : انتى جيبتى الكلام ده منين
سهام بضحكة ساخرة : دايما بتنسى ان معتز لاعلى سعر
ليلى : اعقلى يا سهام .. احنا كنا ايد واحدة ، و كل اللى كنت بعمله ده كان عشان خاطرك
سهام : كل ده ما يهمنيش ، انا اللى يهمنى ان الزفتة دى ترجع لمكان ما جت و ما اعرفش عنها حاجة تانى ، و ابنك يتعلم ازاى يتعامل مع اللى اهم منه
ليلى بامتعاض : انا كده شغلى هنا هيتعطل و ماعنديش كمان سيولة مادية عشان انزل مصر
سهام بصلف : اتصرفى ، و انا هبعتلك التذكرة
ليلى : و هقعد فين .. داوود مانعنى انى اقعد عندة ، و يقين كمان زعلانة منى و مقاطعانى
سهام بامتعاض : اوووف .. هحجزلك فى اوتيل يا طنط و هديكى كمان فلوس ، بس المهم اشوف نتيجة ، و الا .. عليا و على اعدا.ئى
اما بالمنتجع .. فكانت سالى بمكتبها و الذى كان مكتب سليم سابقا ، و كانت تتابع بعض العمل عندما دخل عليها سليم بدون استئذان ، لتقول سالى بضيق : هو مش المفروض نخبط على الباب و اللا ايه
سليم بامتعاض : انتى هتصدقى نفسك و اللا ايه ، انا زهقت على فكرة
سالى بدون اهتمام : زهقت من ايه مش فاهمة
سليم : من انى مش شايف نتيجة لحد دلوقتى ، اديكى اتجوزتيه ، و كتبتلك نصيبى بيع و شرا ، و لا عرفتى تخليه يكتبلك نصيبه ، و لا عرفتى حتى تجيبى اى مصلحة من ناحيته غير شوية التوسعات الاخرانية
سالى : كل حاجة لازم تاخد وقتها
سليم : انا ابتديت اقتنع بكلام امك ، انتى مش هتعرفى تطلعى بحاجة من ورا عابد ، و انا شايف بقى انك تسيبيهولى و خلينا نرجع كل حاجة زى ما كانت
سالى : اسيبهولك ماشى ، اهو عندك .. اعمل معاه ما بدالك ، لكن ترجع كل حاجة زى ما كانت دى .. تؤ ، ما اقدرش اوعدك
سليم : مش فاهم .. تقصدى ايه بكلامك ده
سالى : اقصد ان المنتجع ده حقى انا و بس ، و اخدته و خلاص
سليم بذهول : انتى عاوزة تورثينى بالحيا
سالى بحقد ساخر : انت اللى عاوزنى اتعب و اشقى و اكبر فى المنتجع و بعد كده ييجى ولادك يشاركونى فيه على الجاهز
سليم : انتى اكيد اتجننتى
سالى : بص يا بابا يا حبيبى ، بهدوء كده عشان مانزعلش من بعض ، انا من البداية لما طلبت منك انى اشتغل معاك هنا ، و انا واخدة قرارى ان المنتجع ده يبقى كله بتاعى ، يعنى و لا انت و لا عابد هتشاركونى حتى فى رجل كرسى
سليم بصدمة : يعني من البداية و انتى بتمثلى عليا
سالى بسخرية : من شابه اباه ما ظلم يا بابا ، و الحقيقة انا متعلمة كل حاجة منك
سليم : انتى كده اخدتى كل اللى حيلتى
سالى بانكار : ما حصلش .. انا سيبتلك حتتين ارض يعيشوك ملك لو بيعتهم و استثمرت فلوسهم ، و لو تحب .. ممكن ادخلك شريك معايا بنسبة على حسب قيمتها
سليم بغضب : ماكنتش اتخيل ابدا ان انتى بالذات تعملى فيا كده
سالى : انا ما عملتش اكتر من انى اخدت حقى ، مش فاهمة انت مكبر الموضوع كده ليه
سليم : اعقلى يا سالى و ارجعى عن اللى فى دماغك ده ، و الا هبلغ عابد باتفاقنا ده من البداية
لتضحك سالى بشدة و تقول : تفتكر ان عبودى ممكن يصدقك برضة .. بعد ما انا قلتله ان شكلك ندمت و عاوز تسترد منى نصيبك فى المنتجع عشان تبيعه و ترجع اليونان تانى
سليم : ايه التخريف اللى انتى بتخرفيه ده
سالى : مش تخريف خالص ، بس بفهمك انا قلت ايه لعبودى ، اللى فهمته انى هرفض ارجعلك نصيبك ده عشان مايجيلهوش شريك غريب يضايقه
سليم بذهول : انتى ازاى بقيتى كده
سالى بابتسامة واسعة : طول عمرك بتقول انى شاطرة ، و انى اكتر واحدة طالعالك
سليم : ده اخر كلام عندك
سالى : ايوة ، و ياريت تفتكر انى سايباك انت و ماما عايشين فى السكن و بتتخدموا خدمة فايف استار من غير ما تدفعوا مليم واحد
سليم بتهكم : كمان عاوزة تدفعينا تمن قعادنا و لقمتنا
سالى : انا مش عاوزة حاجة ، انا بس بفهمك انا بعمل ايه معاك عشان تقدر
سليم بجمود : ماشى يا سالى .. هقدر ، هقدر اوى كمان
اما داوود .. فاصر على وجود الصغيرة بصحبته و عدم التواجد مع رنبم عند الصعود لرغدة حتى لا تفزع من الملابس السوداء و البكاء ، فامر رنيم بالصعود وحدها حتى يبعث لاستدعائها للرحيل ، و ظل هو بصحبة الصغيرة بالسيارة بعد ان حدث رأفت و شرح له الامر
اما بمنزل فاتن .. فكان يتجمع بعض الجيران و الاصدقاء للعزاء .. عندما دخلت رنيم و تقدمت من رغدة و علية ، و حيتهما و جلست بجانب رغدة و هى تتجنب النظر لاى من كان ، و قالت لرغدة و هى تربت على قدمها : عاملة ايه النهاردة حبيبتى
رغدة : هعمل ايه .. خلاص ، مابقاش فى حاجة تتعمل
رنيم : انا حاسة بيكى و بكل اللى جواكى ، بس عاوزاكى تحاولي تتماسكى شوية عشان خاطر ولادك .. هم فين
رغدة : فى بيت حبيب ، يقين سايباهم مع ولادها و مع الدادة بتاعتهم هناك
رنيم : كده افضل
ثم ترفع رنبم عينيها بحذر .. لتصطدم عينيها بعينا يقين التى كانت تجلس امامها هى و سيلا ، فاخفضت رنبم عينيها سريعا .. فهى لا زالت تتذكر حديث يقين بالامس و شعرت بجفائها و كلماتها الحا.دة ، ففضلت الصمت حتى وجدت بعض السيدات يتقدمن من رغدة و يواسونها مستأذنين بالانصراف حتى بات المكان لا يضم احدا من الغرباء ، فانضمت سيلا الى جوار رنيم و ربتت على كتفها و قالت : عاملة ايه يا رنيم .. وحشتينى ، انتى كويسة
رنيم : الحمدلله يا حبيبتى .. انا بخير ما تقلقيش
سيلا بحذر : و داوود .. اتصافيتو
رنيم بجمود : الحكاية اكبر من اللى انتو شايفينه و عارفينه ، و عشان كده مش سهل ابدا اننا نرجع زى ما كنا يا سيلا
سيلا : اى خلاف ممكن ينتهى بالتفاهم
رنيم : بس انا و داوود مش مختلفين يا سيلا ، و عموما مش وقته الكلام فى الحكاية دى
يقين بهدوء : اومال وقته امتى يا رنيم
لتنظر رنيم الى يقين و تقول : مش عارفة .. بس احنا فى ايه و اللا فى ايه دلوقتى
علية : اسمحيلى يا رنيم يا بنتى .. مافيس حاجة ابدا بتتعالج بالهروب .. و انتى هربتى
رنيم : انا ما هربتش .. انا حذرته قبل ما امشى
علية : التحذير اللى بيبقى قبل ضر.ب النا.ر يا بنتى ما بيمنعش الالم و لا الموت
يقين : طول التلت سنين دى .. ماحسيتيش و لا حتى مرة واحدة ان حد فينا وحشك ، مافكرتيش مرة واحدة احنا عاملين ايه ، ما فكرتيش جوزك ده عايش و اللا مات من قهرته على اللى عملتيه
ليفيض الكيل من رنبم و تقول بحدة : و انتى يا يقين ، مهما كان زعلك .. مافكرتيش انك اخر الليل بايتة فى حضن جوزك و ولادك
و ان اخوكى رغم انى بعدت عنه ، الا ان كلكم حواليه و انا اللى لوحدى
ده انتى اول واحدة عرفت بداية اللى حصل و زعلتى من اخوكى وقتها و اللا نسيتى ، و اللا عشان هو اللى اخوكى مش انا .. انا اللى كنتى دايما تقولى داوود اخويا و رنيم اختى
يقين بدموع : انتى عارفة ان ده مش حقيقى
رنيم : اللى انا شايفاه يقول انه حقيقى يا يقين ، اللى انا شايفاه بيقول انك زعلتى على زعل اخوكى و بس .. رغم ان بداية الغدر كانت من عنده هو ، كنت فاكرة انك اول ما هتشوفينى هتاخدينى فى حضنك و تطمنى عليا ، مش انك تترصديلى و تسمعينى الكلام اللى قلتيه امبارح
يقين : زعلى منك عشان مافكرتيش مرة واحدة تكلمينى تطمنينى عليكى ، و كمان زعلانة على داوود اللى كنت شايفاه بيموت كل يوم بسبب بعدك عنه ، كنت فاكراكى هتغيبى شوية و ترجعى ، ما اعتقدتش ابدا انك هتختفى بالشكل ده
علية : انتو كلكم اخوات مع بعض ، و محتاجين تقعدوا و تسمعوا لبعض ، الحكاية ما تتاخدش كده ابدا
يقين : انا عاوزاها بس تفهم ان زعلى منها بسبب ان بعد كل ده الا ان رجوعها ماكانش بارادتها ، رجوعها كان بالصدفة البحتة
رنيم : فى حاجات كتير اوى انتى ماتعرفيش عنها حاجة يا يقين
يقين : كل الحاجات خلصت وقت ما داوود اعترف بغلطته و فسخ العقود اللى كانت مزعلاكى و كمان منع الز.فتة اللى اسمعا سهام دى من دخول المصنع ، اى نعم مايمسحش زعلك وقت اللى حصل ، بس خلاص .. ماينفعش نعاقب بعض طول عمرنا على اخطائنا .. و خصوصا لو مش مقصود منها غدر و لا وجع .. احنا بشر مش آلهة
ليعتلى الوجوم ملامح رنيم .. فتلك هى المرة الثانية خلال ساعات قليلة تستمع الى تلك الكلمات عن فسخ العقود و منع دخول سهام الى المصنع .. لتشعر ان هناك هوة كبيرة بين ربط الاحداث و بعضها البعض
و عندما لاحظ الجميع صمت رنبم .. قالت رغدة و هى تربت على قدم رنيم : انا عارفة ان رجوعك كان عشان خاطر ماما الله يرحمها ، لكن رغم ان كلنا كنا زعلانين من بعدك عننا زى بقين كده ، الا ان ممكن كل ده ينتهى و يتحل عشان خاطر بنتك يا رنيم
حاولى تدى لنفسك و تديله فرصة تانية ، اتعاتبوا .. يمكن تقدروا تتصافوا
رنيم بتنهيدة شاردة : بعدين يا رغدة .. كل شئ باوان ، انا كل اللى يهمنى دلوقتى انى اتطمن عليكى
كان حبيب يجلس مع داوود بسيارته اسفل العقا.ر ، و هو يحاول التقرب من الصغيرة و المرح معها ، ثم قال لداوود : ماتجيبها عندى تشوف العيال و تلعب معاهم ، العيال كلهم عندى .. حتى ابن سامر و سيلا
داوود : و سايبينهم لوحدهم فى البيت كده
حبيب : لأ طبعا ازاى بقى ، معاهم الدادة بتاعة عيالى و الدادة بتاعة عيال رأفت
داوود بسخرية : و مافيش دادة كمان لابن سامر و سيلا
حبيب : ما انت عارف ان مامة سامر عايشة معاهم ، و اللى فهمته انها شايلة عن سيلا كتير
ليومئ داوود رأسه ايجابا ، فيقول حبيب مرة اخرى : ها .. هتجيب خديجة نوديها للعيال يتعرفوا على بعض
داوود : مش دلوقتى .. ثم اكيد يعنى هعمللكم كلكم عزومة فى يوم نتجمع فيه كلنا سوا و الولاد كلهم يتعرفوا على بعض ، بس شوية كده
حبيب : الا صحيح .. باباك و مامتك عرفوا
داوود : تؤ .. مش وقتهم ، اما اشوف الاول هعمل ايه
حبيب : هو انا ليه حاسك مش مبسوط ، مش زى ما كنت متوقع
لينظر داوود الى حبيب و يقول : مش عارف
حبيب : عاوز تفهمنى ان رنيم لما رجعت لقيت انك بطلت تحبها مثلا
داوود بنفى : عمرى مابطلت احبها و لا لحظة حتى
حبيب : اومال ايه
داوود : مش عارف هتفهمنى و اللا لا ، لان انا نفسى مش فاهم
حبيب بسخرية : طب ما تتكلم .. يمكن افهم و افهمك
داوود و هو يحتضن الصغيرة التى داعب النعاس عيونها : طول ما كانت بعيدة .. ماكنتش بفكر و لا فاكر غير انها خيرتنى و انى خذلتها و ما اخترتهاش ، لكن اول ما لقيتها و حسيت انها رجعتلى من تانى بس غصب عنها و مش بارادتها .. بقى كل تفكيرى انى ازاى هنت عليها تبعد عنى كل ده
ازاى قدرت تخطط و تدبر لكده و هى كانت لسه فى حضنى و اصحى فى لحظة ما الاقيهاش
معظم تفكيرى دلوقتى بقى منصب على سؤال واحد مش لاقيله اجابة .. لو امنتلها من تانى او غفلت عنها و اديتها ضهرى .. هتسيبنى تانى
ثم نظر الى الصغيرة الساكنة بين احضانه و قال : هتقدر تاخد بنتى منى و تبعد و تحرمنى منها من تانى
حبيب بأسى : انت كده رايح على سكة يمكن ماتعرفش ترجع منها تانى يا داوود
بلاش تسلم دماغك لشيطانك ، و بلاش تخلى الشك يسكن جواك
داوود : غصب عنى يا حبيب ، صدقنى غصب عنى
حبيب : طب يعنى .. انت و هى اتصافيتوا و اللا لسه
دلوود بنفى : الحكاية مش سهلة كده عشان تصفى فى يوم و ليلة ، انا كل همى من امبارح انى اخلى خديجة تعرفنى و تتعود عليا
حبيب : و انا شايف انك ماشاء الله نجحت بتفوق
داوود : ادعيلى بقى انى اقدر انجخ فى اللى جاى كمان
اما بالمنتجع و بسكن سليم .. فكان سليم يشعر بغضب كامن بداخله و كأنه يحا.رب الاشباح ، و كانت نانسى تراقبه بحذر قبل ان تقول : انا نفسى افهم انت مالك عامل كده ليه من ساعة ما جيت من عند سالى بعد الضهر
سليم بحدة : مش عاوز اسمع اسم الابليسة دى مرة تانية
نانسى بذهول : ابليسة .. انت بتتكلم عن مين
سليم : عن السهنة اللى فضلت تتدحلب لحد ماخلتنى وثقت فيها و كتبتلها نصيبى فى المنتجع و بعد كده ضربت عليه العواف
نانسى : انا مش فاهمة حاجة
سليم بغضب : ايه اللى فى كلامى مش مفهوم ، الهانم بنتك لما طلبت منها تردلى نصيبى فى المنتجع رفضت ، و قالت لى ده حقى انا و مش هسيبه
نانسى بصدمة : اخص عليكى يا سالى ، بس ارجع اقولك انت اللى غلطان .. قلتلك بلاش و انت ماسمعتش كلامى
سليم : مش وقت تقطيم دلوقتى و قوليلى اعمل ايه معاها عشان ترجع اللى اخدته
نانسى باحباط : للاسف مافيش حاجة تتعمل
سليم : يعنى ايه .. خلاص كده
نانسى : انت اللى علمتنا كلنا اننا لما نعرف ناخد حاجة ما نرجعش نسيبها ابدا ، و الحقيقة سالى كانت اشطرنا كلنا بشهادتك انت نفسك
اما بسكن عابد .. فكانت سالى تقول : و بعدين يا عابد .. مصطقى درويش ماردش عليك لحد دلوقتى
عابد : لا ما هو مصطفى مابيطلعش قرش الا و هو عارف كويس اوى هيرجعله ازاى و اد ايه
سالى : كان نفسى نبدأ فى توسيعات المبانى الجديدة و نخلصها قبل بداية السيزون الجديد
عابد : انا بفكر نبتديها حاجة حاجة من الارباح
سالى برفض : لا طبعا .. مخاطرة كبيرة ، و بعدين هنبقى محتاجين سيولة للمرتبات و المستلزمات
و اثناء حديثهما يستمع الى رنبن هاتفه ، و يتفاجئ ان المتصل ما هو الا ليلى ، فيقول بدهشة .. دى ليلى
سالى : و ايه اللى فكرها بيك
عابد : مش عارف
سالى بتحذير : رد و شوف و اوعى تطلب منك فلوس و تديها ، اخدت بما فيه الكفاية
ليصمت الهاتف قبل ان يتمكن عابد من الرد ، و قبل ان يعيد الهاتف الى مكانه مرة اخرى .. سمع الرنين يعلو مرة اخرى ، فاجاب قائلا بايجاز : ايوة
ليلى : يا ترى عرفت ان بنت اختك رجعت دمياط من تانى
ليعتدل عابد و يقول بانتباه حذر : انتى جيبتى الكلام ده منين
ليلى : سهام كلمتنى و هد.دتنى انها هتعرف داوود كل حاجة لو بنت اختك ما اختفتش من تانى و المرة دى للابد
عابد بصدمة : تختقى تانى للابد ازاى يعنى .. تقصد ايه بكلامها ده
ليلى : انا هوصل على طيارة الفجر .. انزل من الطيارة الاقيك مستنينى فى المطار
🙄
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-