وتكالبت عليها الذئاب
رواية وتكالبت عليها الذئاب بقلم ميمى عوالى
الفصل الثاني والعشرين
ما ان قامت هاجر بفتح الباب .. حتى قالت الصبية بفرحة : جدو جه
هاجر : زمانها على وصول يا عابد بية .. اتفضل استريح

عابد و هو يتجه للجلوس على احد المقاعد و الصغيرة بين احضانه : هى متأخرة ليه كده النهاردة
هاجر : كلمتنى من ساعة كده و قالت لى انها هتعدى تشترى حاجات للبيت و هى جاية من السوير ماركيت ، و تلاقيها خلاص على وصول
عابد : طب اعمليلى فنجان قهوة
ثم نظر الى الصغيرة قائلا : و انتى يا ست خديجة .. اكلتى و اللا لسه مستنية ماما
خديجة : خوخة اكلت اكلها كله كله عشان ماما توديها باى .. هاجر قالتلى كده
عابد ضاحكا : كلتى مصلحة يعنى .. ماشى يا ستى
ليسمع صوت المفتاح و هو يدار بالباب لتجرى الصغيرة تجاه الصوت و تقابل امها بفرحة عارمة و هى تقول : ماما .. جدو جه
لتضع رنيم بعض المشتروات ارضا و هى تتقدم من عابد قائلة بترحاب : اهلا يا خالو .. حمدالله على السلامة
عابد : الله يسلمك .. ليه بتنزلى بنفسك تشترى الحاجة و تشيلى على قلبك .. مابتخليش هاجر ليه تنزل هي و تجيب اللى انتو محتاجينه
رنيم : الماركيت كده كده فى طريقى و كمان العربية معايا و بتسهل عليا ، انما حضرتك ماقلتليش انك جاى
عابد : الحقيقة ما كانش فى خطتى انى اجى النهاردة ، بس كان عندى مشوار شغل كده قريب من المنصورة و خلصت بدرى .. فقلت اعدى اشوفكم بالمرة
رنيم : خلاص نتغدى سوا
عابد : خليها مرة تانية عشان ما اتأخرش ، مابقيتش احب اسوق بالليل ، طمنينى عليكم
رنيم : احنا تمام الحمدلله .. مافيش جديد ، حضرتك عامل ايه
عابد : هلكان .. كنت فاكر انى هستريح شوية لما المنتجع يبتدى يكبر .. لكن كل ما دا و الشيلة بتتقل
رنيم : معلش .. ربنا يقويك
لتصمت برهة صغيرة قبل ان تقول : طمننى على الناس كلها عاملين ايه ، بتشوفهم
عابد : ابدا .. و لا حتى حد فيهم بيرفع سماعة التليفون يسال عليا
رنيم : ما بتحاولش تتطمن عليهم
عابد باهمال : يعنى .. لما بيجيلى كيف
لتصمت رنيم و هى تراقب الصغيرة اثناء لهوها بالقرب منها ، لتسمع عابد يقول : هو انتى مرتبك اللى بتاخديه مكفيكى فعلا
رنيم باستغراب : يعنى .. الحمدلله
عابد : انا عرفت انك ماسحبتيش و لا مليم من حسابك
رنيم : ما حضرتك قلتلى انى لو فكرت اعمل كده هيعرفوا مكانى فماهوبتش ناحيته
عابد : طب و هتسيبى فلوسك راكدة بالشكل ده على طول كده
رنيم : مش راكدة و لا حاجة ، رغدة بتنشطها كل فترة
عابد : مهما تنشطها هتعمل ايه يعنى
رنيم : يعنى .. سحب و ايداع و مراجعة ، بحيث ان الحساب يبقى فيه حركة و مايتقفلش
عابد : بس برضة .. الفلوس راكدة مابتتحركش و لا بتزيد
رنيم بقلة حيلة : ماعنديش حل
عابد : انا عندى
رنيم بفضول : سمعاك
عابد بخبث : ممكن تخلى رغدة تحوللى الفلوس و استثمرهالك عندنا فى المنتجع
رنيم بحزم : لأ
عابد بدهشة : لأ ليه
رنيم : مش عاوزة اى علاقة مابين فلوسى و فلوس بابا
عابد : ليه يعنى ، ثم هى فلوس بابا لوحده .. ماهى فلوسى انا كمان
رنيم : معلش يا خالو.. مش عاوزة
عابد : طب ما الفلوس دلوقتى مابقيتش بتاعة بابا خلاص
رنيم : مش فاهمة
عابد : سليم كتب نصيبه فى المنتجع باسم سالى
رنيم بذهول : بالسهولة دى .. ده امتى حصل الكلام ده
عابد : من حوالى سنتين و شوية .. قبل جواز سالى على طول
رنيم بدهشة : مقلتليش يعنى الحكاية دى قبل كده ، ثم هى سالى اتجوزت امتى و اتجوزت مين .. و ليه ماقلتليش
عابد و هو يربت على شعره ببعض الحرج : الصراحة اتكسفت منك
رنيم : اتكسفت منى انا .. طب ليه
عابد : اصلى انا العريس
رنيم بذهول : سالى اتجوزتك انت .. مش معقول
عابد : ايه .. شايفاها كتير عليا
رنيم بارتباك : ما اقصدش كده .. بس يعنى ..
عابد : لو تقصدى يعنى عشان فرق السن ، قهى شايفة انه مش فارق معاها
رنيم بفضول : طب و بابا .. وافق بالسهولة دى
عابد : اكيد مش بسهولة .. لكن المهم انه فى الاخر وافق
رنيم بسخرية : و كان معارض جواز سامر من سيلا
عابد بامتعاض : انتى هاتقارنينى باخو صاحبتك ده و اللا ايه
رنيم : مش حكاية مقارنة يا خالو .. بس ليه حار.بهم الحر.ب دى كلها رغم انه عارف انهم بيحبوا بعض
عابد : بيبقى فى موازين تانية للجواز غير الحب يا رنيم ، و انتى اكتر واحدة عارفة ده .. و اللا ايه
رنيم : عندك حق فى دى ، بس ياترى طنط ليلى وافقت على الوضع ده عادى كده
عابد : ليلى كل اللى كان فارق معاها الفلوس ، و لما اخدت كل اللى هى عاوزاها .. خلاص مشكلتها انتهت
رنيم : يعنى وافقت فى الاخر ان يبقى لها ضرة
عابد : لأ .. احنا اتطلقنا و سابت مصر كلها و سافرت برة
رنيم بصدمة : طب و يقين و .. و داوود
عابد : طالما كل واحد فيهم ممشى دنيته على مزاجه و مبسوط و عشرة على عشرة .. يبقى مالهمش حق يعكننوا عليا
رنيم بتردد : اتجوزوا
عابد : تقصدى مين
رنيم : حضرتك فاهم قصدى كويس
عابد بخبث : مش لازم كل اتنين سوا حكايتهم تخلص بالجواز يا رنيم ، فى طرق تانية كتير بتخليهم برضة مبسوطين و متفقين
ثم انتى مهتمة و بتسالى ليه ، مش خدتى قرارك من وقتها و قلتيلى ان خلاص مافيش رجوع ، و لما اتاكدت من كلامك و ان فعلا عندك حق .. على الاساس ده ساعدتك و جيبتك هنا و ساعدتك تبتدى حياتك من جديد ، حتى شغلك .. جيبتلك شغل بمرتب محترم
رنيم بكبرياء : انا مش مهتمة و لا حاجة .. الكلام بس هو اللى جاب بعضه .. مش اكتر
عابد : طب خلينا فى المهم ، قلتى ايه ، هتسيبينى استثمرلك فلوسك
رنيم : لأ يا خالو
عابد بامتعاض : ما هو بعيد عن ابوكى خالص اهو
رنيم : بابا من سالى ماتفرقش .. مصدر الفلوس واحد ، و متهيالى انا قلت رايى فى الحكاية دى من زمان لحضرتك
ليقف عابد بجمود قائلا : حاولى تفكرى كويس و ابقى ردى عليا بعدين .. انا ماشى
و بعد انصراف عابد .. تذهب رنيم الى غرفتها كى تقوم بتبديل ثيابها و هى تعود بالذاكرة لاكثر من ثلاث سنوات مضت .. عندما كانت تستعد لحفل زفاف سيلا ، عندما تلقت مكالمة من عابد طلب منها لقائه بمنزله على انفراد دون علم من احد
و عندما حاولت الاعتذار حتى لا تلتقى بليلى .. اعلمها بان ليلى بالمنتجع و انها ليست بصحبته لتذهب اليه حتى تستطلع الأمر ، و ما ان جلست امام عابد قال لها
فلاش باك
عابد : ايه اللى حصل بينك و بين ليلى
رنيم بتردد : مين اللى قاللك
عابد : هيفرق معاكى انا عرفت منين ، قوليلى ايه اللى حصل .. و اوعاكى تنسى انك وصية جدك ، يعنى عمرى ما هسمح لحد ابدا انه يهينك او يضايقك حتى لو كانت ليلى او حتى داوود نفسه ، و عشان كده حبيت اسمع منك لوحدنا و بعيد عن الكل عشان ماتتكسفيش تحكى على كل اللى جواكى
رنيم : المشكلة مش فى اللى طنط ليلى قالته بس با خالو ، المشكلة فى اللى داوود عمله
عابد : احكيلى كل حاجة و اوعاكى تخبى حاجة
لتقص عليه رنيم ما حدث من ليلى و ما حدث بينها و بين داوود ، ليقول عابد بنبرة حادة : يعنى كل الكلام اللى سمعته صح و حصل فعلا ، بس انتى ازاى تسكتى على الكلام ده
رنيم : و حضرتك سمعت ايه بالظبط
عابد بحدة : ان البية جوزك عاوز يعمل شراكة مع مصطفى درويش ، و واخد بنته كوبرى عشان يوصل للى هو عاوزه
رنيم ببهوت : و ايه علاقة شغل مصطفى درويش بشغلنا
عابد : مصطقى له علاقات كتير برة ، و علاقاته دى ياما بتفتح سكك ، و اديكى اهو بتقولى ان خلال كام اسبوع كانت سهام جايباله عمليتين اكبر من بعض
لتصمت رنيم و هى تشعر بمرارة العلقم بقلبها ، ليقول عابد مرة اخرى باصرار : الولد ده لازم يتأدب
رنيم : انا ما يهمنيش ان كان يتأدب و اللا لا ، انا قررت انى بعد فرح سيلا .. هسافر و هسيب البلد كلها
عابد باسهزاء : و هتسافرى ازاى بقى من غير موافقته يا فالحة
رنيم باصرار : خلاص .. هسيب دمياط و اروح اى محافظة تانية مايقدرش يعرف فيها طريقى
عابد باستحسان : و انا هساعدك و هشوفلك من دلوقتى مكان مايخطرش ابدا على باله ، و هلاقيلك كمان شغل كويس تقدرى تدبرى حالك بيه
رنيم : بس انا مش محتاجة شغل و لا فلوس
عابد : اول ما هتفكرى تسحبى فلوس من حسابك هيعرف طريقك فورا زى تليفونك بالظبط ، هيجيبك من اول مكالمة ، ثم اكمل بمكر .. انتى تشوفى حد تكونى بتثقى فيه و تعمليله توكيل يصرفلك امورك المالية فى غيابك
خليه يتربى و يعرف اخرة تصرفاته مودياه فين
سيبينى انا اوضبلك كل حاجة ، و على ما اختك تتجوز .. هكون اتصرفت ، المهم .. حذارى حد يعرف كلمة من اللى حصل بيننا ده ، و لا حتى يقين و رغدة .. مفهوم
لتمر بضعة ايام ليهاتفها و يخبرها بانه قد دبر لها سكنا بالايجار بالمنصورة ، و وفر لها عملا ايضا لدى احد اصدقائه و نبه عليها تنبيها شديدا الا تخبر صاحب العمل بصلة قرابتها بعابد حتى لا يصل الامر الى داوود
و عندما قامت بالهروب بصحبة هاجر و وصلت الى المنصورة وجدت عابد بانتظارها .. و بعد ان استقرت بسكنها الجديد قالت بتردد : انا عاوزة اقول لحضرتك على حاجة
عابد : حاجة ايه .. قولى
رنيم : انا حامل
ليصاب عابد بالجمود لوهلة قبل ان يقول بذهول : حامل .. من امتى
رنيم : داخلة على التالت
عابد : و ازاى داوود ما قالليش
رنيم : داوود ماكاتش يعرف ، هيعرف بس وقت ما يشوف الجواب اللى سيبتهوله
عابد بحدة : و ليه قلتيله
رنيم : كان لازم يعرف
عابد بضيق : دلوقتى يعمل حملك ده حجة و يوقف كل حاجة مع مصطفى
رنيم بدهشة : هو حضرتك مش عاوزه يوقف
عابد باستدراك : عاوزه لما يوقف .. يوقف لانه حس بغلطه ، مش عشان عرف انك حامل
رنيم : مافكرتش كده .. بس حسيت انى محتاجاه بعرف انه ماخسرنيش لوحدى
عابد : اوعى تكونى قلتيله انى اعرف حاجة او انى انا اللى ساعدتك على الهرب
رنيم بنفى : ماتقلقش
عابد بتنهيدة : خلاص .. مش مشكلة ، انا كتبتلك فى النوتة اللى جنب التليفون عنوان الشركة اللى هتشتغلى فيها ، تقدرى تروحى تستلمى من بكرة و مش هوصيكى .. مش عاوز حد ابدا يعرف عنك اى حاجة .. اتفقتا
لتومئ رنيم برأسها موافقة و هى تقول بشرود : اتفقتا
عودة من الفلاش باك
ليمر كل ذلك الوقت على رنيم و هى تعيش بالمنصورة بصحبة هاجر فقط حتى رزقها الله بخديجة لتؤنسهما معا ، و كانت ترى عابد مرة كل عدة اشهر بحجة بعد المسافة بين المنصورة و رأس البر
اما عابد .. فبعد ان جلس بداخل سيارته حتى كان الغضب حليفه و هو يسب و يلعن على رنيم و تسببها بفقدانه للكثير من اموال مصطفى درويش بسبب زواجها من ابنه اولا ، ثم ابلاغها لداوود بحملها قبل ان تختفى لتجعله يصر على قطع علاقته بمصطفى نهائيا ، و ها هى ترفض ان تجعله يستعين باموالها الراكدة بالبنك و الذى كان يظن ان رنيم ستترك له حرية التصرف فيها عند هروبها ، و لكنها صدمته بتوكيل ثقتها برغدة بدلا منه
و ظل على غضبه حتى وصل الى احد الفنادق الشهيرة بالمنصورة ، و اتجه الى غرفة قد حجزها من قبل باسمه ، ليدق الباب قبل ان تفتح له سالى بلهفة قائلة : ها .. طمننى ، سبع و اللا ضبع
عابد باستياء : نيلة
سالى باستياء مماثل : ليه .. ماعرفتش تقنعها
عابد : اللى طالع عليها مش عاوزة فلوسى يبقى ليها علاقة بفلوس بابا
سالى : مش اتفقنا تعرفها بجوازنا و بان خلاص بابا مابقالوش علاقة اصلا بالمنتجع
عابد : قلتلها
سالى : ها و بعدين
عابد بسخرية و هو يقوم بتقليد رنيم : قالتلى .. بابا من سالى ماتفرقش .. مصدر الفلوس واحد
سالى : يعنى خلاص كده .. طب هنعمل ايه فى الفلوس اللى محتاجينها للتوسعة دى ، هنجيبها منين
عابد : مش عارف يا سالى ، كنت عشمان اعرف اقنعها تدينى الفلوس
سالى : لو التوسعة ما تمتش هنبتدى نخسر يا عابد ، لازم تتصرف
عابد : ايدى على كتفك ، كل التوسعات اللى اتعملت فى السنتين اللى فاتوا .. صرفت عليها كل الفلوس اللى كانت معايا بعد ما ليلى خدت اكتر من نصهم ، و اللى كنت مقرر انها تبقى امان للزمن ، لكن خلاص .. مابقاش عندى فائض
سالى : طب ماتطلب قرض من البنك بضمان المنتجع
عابد : الفوايد هتبقى عالية اوى ، و اخاف ما اقدرش اسد و المنتجع يضيع مننا
سالى : طب ما هو مش لازم احنا الاتنين نقدم على القرض .. كفاية واحد بس
عابد : ازاى بقى
سالى : يعنى مثلا.. انت راجل ليك سمعتك و اسمك فى السوق .. ممكن تقدم على القرض بضمان نصيبك من المنتجع ، على الاقل لو فرضنا و حصل اى حاجة ، نبقى ضامنين ان لسه معانا النص التانى .. ايه رايك
عابد برفض : لا لا لا . انا طول عمرى لا بحب القروض و لا اللى بياخدوها
سالى بامتعاض : طب و الحل
عابد : هو ابوكى ما يرضاش يسلفك
سالى : و هو بابا هيجيب فلوس منين تانى بعد ما ادانى نصيبه فى المنتجع
عابد : ممكن يبيع حتة ارض
سالى بسخرية : يعنى ابقى واخدة منه نصيبه فى المنتجع و كمان اطلب منه يبيع ارض و يدينى تمنها .. كتير اوى كده .. و اللا ايه
ثم قالت بفضول : طب ماتطلب من داوود
عابد باستنكار : داوود من ساعة ما اختك بعدت عنه و هو كارهنى و كاره امه
سالى : امه يمكن عشان اتفاقها مع سهام ، لكن انت كمان ليه ، ماهو مايعرفش حاجة من اللى حصل
عابد بسخرية : عشان عارف ان امه مابتعملش حاجة غير بمعرفتى
سالى : طب و يقين
عابد : اهى دى بالذات مش طايقانى من ساعة ما عرفت اننا اتجوزنا
سالى و هى تزفر بشدة : انت عمال تسددها فى وشى ليه كده
ثم قالت باقتراح : طب مانحاول تلاقى سكة مع مصطفى درويش ، اصلا انت كده كده مالكش دعوة باللى حصل من داوود ، و طول الوقت ليلى هى اللى كانت بتلعب مع سهام
و كمان الكل عارف ان علاقتك بداوود متوترة من زمان .. يعنى مش هيلومك على اللى حصل من داوود ناحية سهام ابدا
عابد بتفكير : مش عارف يا سالى
سالى بمحايلة : ايه رأيك .. احنا نطلع من هنا على دمياط ، و نروح لمصطفى سوا و نحاول نقنعه ، ثم انت لاخر لحظة كنت بتساعد سهام انها تاخد مكان رنيم .. و طبعا سهام ماتقدرش تنكر الكلام ده
عابد : انا اصلا ما اقدرش اتكلم فى الموضوع بتاع داوود و سهام ده مع مصطفى ، مصطقى عمره ما جابلى سيرة الموضوع ده من اساسه ، و كان الكلام دايما بين ليلى و سهام ، حتى انا ماحضرتش الكلام ده غير مرة واحدة بس قبل ما اسفر رنيم على المنصورة
سالى : الا هى هتفضل طول عمرها هنا فى المنصورة ، مابتفكرش ترجع دمياط ابدا
عابد باستنكار : دى لو فكرت تعمل كده تبقى كارثة ، داوود لو عرف انى كنت عارف مكانها طول الوقت ده و ان انا كمان اللى ساعدتها هيهد الدنيا فوق نافوخى
سالى ببعض المكر : يبقى خليها هنا احسن
كان سليم يجلس بسكنه فى المنتجع ببعض الوجوم و هو يفكر بشئ ما ، لتقول له نانسى بفضول : هو انت ما بتفكرش تعمل حاجة فى الارض بتاعتك
سليم بانتباه : حاجة زى ايه
نانسى : تبيعها .. تستغلها ، اى حاجة ، على الاقل تلاقى حاجة تشغلك شوية
سليم : هانت
نانسى : هانت على ايه
سليم بامتعاض : على ما بنتك الشملولة تعرف تمضى عابد على نصيبه
نانسى بسخرية : الا بقالها متجوزاه بقالها ييجى سنتين اهو و ما عملتش حاجة
سليم : ماهى مستنياه يتصرف فى تمويل التوسعة اللى عاوزين نعملها ، و بعدها هتشوفلها صرفة
نانسى بسخرية : انا نفسى افهم ايه علاقة انك كتبتلها نصيبك فى المنتجع باسمها بانك مابقيتش تتابع اى حاجة فى الشغل هنا
سليم بامتعاض : اتابع الشغل ازاى و انا كتبتلها نصيبى على اساس انى عاوز استريح و ما اشغلش دماغى
نانسى : ياسيدى اكنك بتتسلى
سليم : تؤ .. اعتبرينى واخد اجازة استجمام على ما اشوف هيعملوا ايه مع الغبية التانية اللى سايبة فلوسها لاخت المحتال اللى متجوز بنتك الصغيرة
نانسى : نفسى اسالك سؤال و مش عارفة هتجاوبنى عليه و اللا لا
سليم : سؤال ايه ده
نانسى : انت ليه لما عرفت من سالى ان عابد و مراته بيحاولوا يبعدوا بنتك من طريق داوود ما حاولتش حتى تتدخل و لا تدافع عنها
سليم بحقد : لتلت اسباب مش لسبب واحد
نانسى : و ايه هم بقى
سليم : السبب الاول انى لو كنت اتكلمت وقتها كنت هعمل مشكلة بين عابد و سالى اللى ماكانتش لسه عرفت تتمكن منه و تجيبه على بوزه
نانسى : طب و السبب التانى
سليم بشماتة : هى مش جت هنا و رميتلى عقود باقى الارض و قعدت تأنبنى و تقوللى ان فلوسى مشبوهة ، و عملت داوود حاميها و سندها و هو بس اللى كويس و انا اللى وحش .. قلت اخليها بقى تعرف انها حما.رة و غبية كمان
نانسى : طب و السبب التالت
سليم بامتعاض : كنت فاكرها هتراجع اوراقها من تانى و تقوللى انت مكانى فى المصنع ، لقيتها على نفس غبائها و سايباه برضة للمحتالة اخت المحتال
اما بالمصنع بدمياط .. فكان رأفت يجلس امام الحاسوب المحمول الخاص بداوود بمكتبه و هو يقوم بعمل شئ ما عندما قال داوود : عرفت المشكلة جاية منين
رأفت و هو مازل يضر.ب على بعض ازرار الحاسوب : لسه .. بس ما تقلقش ، هى شكلها ايكونة اتمسحت او اندمجت بالغلط مع ايكونة تانية
داوود : لو اتأخرت على مراتك قوم روحلها و نبقى نكمل بكرة
رافت : رغدة بايتة عند مامتها بقالها يومين
داوود : ليه كده .. فى حاجة و اللا ايه .. اوعوا تكونوا زعلانين سوا
رافت : لا يا عم .. الحمدلله مافيش زعل و لا حاجة ، بس طنط فاتن تعبانة شوية ، حتى يقين واخدة الولاد عندها عشان رغدة ماتتشغلش بيهم و تقدر تاخد بالها من مامتها
داوود : هى تعبانة اوى كده
رافت : ايوة .. موضوع التعب بتاع الورم بتاعها بقى يتكرر كتير ، و الحقيقة الدكتور كمان مش مطمننا خالص
داوود : طب و ليه مانقلتوهاش المستشفى
رافت : الحقيقة هى رافضة بشدة و كمان الدكتور قال ان رعايتها فى البيت هتبقى افضل لها عشان نفسيتها
بس الحالة من سئ لاسوأ ، و اخر مرة وقعت من طولها و اغمى عليها ، و فضلت مرمية على الارض لولا رغدة كانت معدية عليها بالصدقة و لحقتها فى اخر لحظة ، و رافضة تماما تيجى تقعد معانا
داوود : و ليه ماقلتليش
رافت : يا عم هو انت ناقصنا
داوود : بس مايصحش .. على الاقل كنت زورتها و اتطمنت عليها
رافت : اعتبر نفسك زرتها ياعم ، ماتشغلش بالك
داوود ببعض التردد : هى برضة لسه ماتعرفش مكانها
ليتوقف رأفت عن ما يفعله فور ان سمع سؤال داوود و نظر اليه ببعض العتاب قائلا : تفتكر ان انا لو عرفت مكانها .. ممكن اخبى عنك لحظة واحدة
داوود ببعض الحدة : انا ما بسالش عنك انت يا رافت ، انا بسال عن مراتك
رافت بتنهيدة صغيرة : رغدة رغم انها الوحيدة اللى يمكن بتطمن على رنيم من وقت للتانى .. الا انى متاكد انها لو عرفت مكانها كانت لازم هتروحلها و تشوفها
ليومئ داوود برأسه بيأس قائلا : تفتكر ممكن اشوفها تانى
رأفت : ان شاء الله تشوفها و تشوف بنتك و تربيها بنفسك
داوود : نفسى يا رأفت .. نفسى
اما بمنزل فاتن .. فكانت رغدة تحاول اطعام امها بعض اللقيمات الصغيرة و هى تقول : عشان خاطرى يا ماما خلصى السندوتش .. عاوزة اديكى الدوا
فاتن باعياء : يا بنتى مش قادرة حتى امضغ اللقمة
رغدة : طب مانتى مارضيتيش تخلينى اجيبلك شوية شوربة
فاتن : زهقت من الشوربة .. كفاية اللقمة اللى كلتها ، هاتى الدوا بقى .. محتاجة المسكن
رغدة بعدم رضا : الدكتور منبه انك لازم تتغذى و الا هنضطر نعلقلك محاليل يا ماما ، و لو ده حصل لازم نروح المستشفى
فاتن باستجداء : لأ .. عشان خاطرى بلاش المستشفى ، خلينى هنا فى بيتى و فى سريرى
رغدة : يبقى تساعدينى يا ماما ، كملى السندوتش معلش عشان مايجلكيش هبوط و تتعبى منى بزيادة
فاتن باستسلام : حاضر .. بس بلاش المستشفى
رغدة : حاضر .. بس انتى خفى و ابقى كويسة و انا هعمل لك كل اللى انتى عاوزاه
كانت رغدة تتابع وضع امها و هى ترى تدهور حالتها يوما بعد الاخر ، و كان القلق يملؤها بشدة بعدما أخبرها الطبيب بانها قد تكون بايامها الاخيرة ، و عندما استفسرت عن امكانية لجوئها الى المشفى اخبرها الطبيب بانه قد لا يكون هناك اى فارق ، و ان الافضل ان تراعيها و تلبى رغباتها و تحافظ على ارتفاع معنوياتها
و اثناء انتظار رغدة ان تكمل فاتن طعامها سمعت رنين هاتفها لتجد الرقم الخاص لتعلم ان رنيم هى المتصلة فاجابت قائلا : الو
رنيم : ازيك يا رغدة .. وحشانى
رغدة : انتى اكتر ، عاملة ايه ، طمنينى عليكى ، انتى وحشتينى اوى
رنيم : مال صوتك
لتنهض رغدة و تتجه الى الخارج و هى تقول لامها : هروح الحمام على ما تخلصى اكلك يا ماما
و تبتعد بهاتفها قدر الامكان عن امها لتقول باختناق : انا محتاجالك اوى يا رنيم
رنيم بقلق : فيكى ايه رعبتينى
رغدة ببكاء خافت : ماما بتموت يا رنيم
رنيم بلهفة : ليه بتقولى كده .. مالها طنط الف سلامه غليها
لتقص عليها رغدة باختصار ما قاله الطبيب ، ثم تقول : مش عارفة اعمل ايه .. لوحدى و مش عارفة اتصرف .. و حاسة انى بمو.ت من الخوف و القلق
رنيم : و ليه لوحدك ، فين رافت و فين يقين و سامر
رغدة : رافت بييجى من الشغل عليا و بيبات معايا و يقين كتر خيرها واخدة الولاد عندها عشان اقدر اركز مع ماما ، و سامر بييجى يبص علينا كل كام يوم هو و خالتى ، بس مش ده قصدى يا رنيم
انا اقصد انى محتاجة اتكلم مع حد .. حد يقوللى الصح من الغلط .. حد يدعمنى يا رنيم .. انتى فاهمانى
رنيم بسخرية متوارية : الا فاهماكى .. انا فى نفس موقفك ده من يوم ما سيبت دمياط
رغدة : بس انتى مشيتى بمزاجك و برغبتك و من غير ماتشورى حد و لا تسمعى لحد ، لكن انا اتحطيت فى اللى انا فيه ده غصب عنى و رغم ارادتى
رنيم : عندك حق
رغدة : مش ناوية ترجعى بقى .. مش كفاية عقاب لحد كده
رنيم : خليكى فى طنط فاتن و ماتشغليش بالك بحاجة غيرها دلوقتى
رغدة : دى اول مرة من يوم ما سيبتينا بتسمحيلي انى حتى اتكلم معاكى يا رنيم ، من يوم ما مشيتى و انتى مابتدينيش حتى فرصة اتطمن عليكى عدل
ارجعى بقى .. كلنا محتاجينلك .. داوود بيموت كل يوم من غيرك .. عقابك كان قاسى اوى يا رنيم ، و ان الاوان انك تقولى كفاية كده
رنيم باستنكار : عقاب ايه اللى كان قاسى يا رغدة .. انتى اصلك ماتعرفيش حاجة
رغدة : انتى اللى ماتعرفيش جوزك بقى عامل ازاى من يوم ما اختفيتى
رنيم بتحذير : رغدة .. لو فضلتى تتكلمى فى الحكاية دى هنهى المكالمة
رغدة : هتنهى المكالمة عشان بقول لك انى محتاجالك جنبى
رنيم : لأ .. اوعى تزعلى منى ، انا اقصد كلامك عن داوود
و قبل ان ترد عليها رغدة سمعت صوت سقطة مكتومة لتقول برهبة .. ماما
