أخر الاخبار

عيشة للكاتبة حكاوي مسائية مقدمة

 

موقع الفردوس للروايات


البيت كبير ،ذو طابقين ،رغم انه غادر القرية حيث ولد وكبر ،إلا ان إجحاف بني عمومته بعد يتمه جعله يأخذ أمه وأخته فاطمة ويهجر بلده ،ابتعد ما استطاع ،،الى مدينة تبعد عن قريته بمأتي ميل ،رضي بالأرض التي منحوه كنصيب لوالده ،أرض بور تعتمد على المطر .ولكنه عمل وكد وصار من كبار تجار الخضروات ،وبنى بيتا كبيرا ،جعل طابعه الارضي لأسرته ،والطابق العلوي مضافة.بعد ان ظهر ثراءه وصله ابناء عمومته ،فقد احتاجوه لتسويق غلة ارضهم ،واصبحت المضافة لا تخلو من مجموعة منهم .

عيشة اكبر بناته ،جاءت بعد ابنكه البكر احمد الذي وجهه للدراسة ،اما عيشة فأصبحت وهي في الخامسة عشرة ربة بيت ممتازة،زودتها أمهاحبها للخياطة والتطريز.

اصوات مرتفعة تأتي من المضافة ،يبدو ان اباها غاضب جدا ،لانه .مارفع صوته بوجه أحد من أهله بالمطبخ سلم إضافي لتسهيل خدمة الضيوف ،ويسمع جيدا ما يقال في المضافة ،تسحبت زهرة ام عيشة الى أعلاه لتسمع سبب كل هذا النقاش الحاد:-لن ازوج ابنتي رجلا سفيها، يضيع ماله على النساء ،كيف تطلبون مني ان اعطيه ابنتي التي في نصف عمره ،الم تجدوا له زوجة بدواركم؟

-نعرف انه لايساوي في سوق الرجال فرنكا، ولكننا نعرف تربية عيشة ،وقبلها أمها زهرة ،بنت أصل ،تقوم اعوجاجه.

-عن اي تقويم تتحدث يا عمي ،ابنتي صغيرة وهو تسوق من سوق النساء قنطارا، ما بقيت في ذمته زوجة ولا قبلت عشرته غازية.-ولهذا اخترت له عيشة اسنده على عتبة 

بابك،فأما تسنده وتكسب ثوابا في ابن عمك وإما نتركه هاما لا زوجة ولا أولاد.

-هو ليس ابن عمي ،وما لي به شأن إلا دم جدود مشترك ،وابنتي هي قرة عيني ،يا عمي ،اذا كانت عيشة هي سيدة بيتي ،كيف اضحي بها لأجله ؟ 

-لأنني عمك وقلت لك ان تفعل ،اقسمت عليك ألا تردنا ،وقد جئتك بكبار بلدتك،ما خطب فتاة يوما مثل هذا الجمع .

-وما خطبت فتاة لمثل هذا الرجل .-والله والله والله ،يمين الرجال ،لو رفضت ما دخلت لك بيتا ابدا ،لا انا ولا كل الحاضرين هنا .

-سأقبل ولكنني مطلقها منه لا محالة ،وأعلم يا عمي ان ذنب ابنتي برقابكم ،ضيعتم ابنتي لا سامحهم الله.

-انا كفيل به وبها ،اطمئن عيشة بعيوننا.

كان بركن من المضافة يجلس كثعلب متربص، يسمع كل السباب فيه ،وشهادة أعيان قريته بفسقه وسوء خلقه ،ولا يتحرك فيه ساكن ،وابوها ينظرىاليه بكره ،عرف كيف يلوي ذراعه ،حبه لأعمامه وحاجته لجذور ينتمي اليها ،وفوق هذا تربيته التي مازالت تحكمه رغم انه تعدى الاربعين ،فهو لا يرد طلبا لمن كبره سنا .

سمعت زهرة ما كان وضربت على صدرها :قلبي عندك يا بنتي ،أوضاعك والدك بطيبته. 

نادى عم زوجها :يازهرة تعالي يا ابنتي ،باركي لابن عمك ،قولي شروطك وانا موافق عليها .

-ماليالا شرط واحد يا عمي ،ابنتي كبرت في المدينة ،فلا تسكن بالبادية ،ولا بالبيت الكبير ،يسكنها بالمركز ولو بغرفة واحدة .

-لك ذلك وانا ضامن له.زغردي يا أم العروس .

قلبها مقبوض بيد الحزن فكيف تزغرد:-ما أجيد ذلك يا عمي ،اعفني. 

انسحبت قبل ان تنزل دموعها ،ما خالفت زوجها في أمر يوما ،ولن تحالفه اليوم ،وبين التربية والعادات ،ويمين تلقى جزافا،تمكن الثعلب من فريسته. 

عرس قلته زهرة باكية هي وابنتها ،ابنتيها الصغيرتين لاتفهمان لم تبكي العروس.

تلبس عباءة بيضاء ،وتحمل أمها حقيبتها ،لتركيب بسيارة ابيها تقصد بيت زوجها ،،جهازها وفراشها سبقها بشاحن ملك ابيها ،والعريس ينتظرها مع أخته الوحيدة ،فهو يتيم الأبوين، 

تحسرت أمها وهي ترى البيت الذي ستعيش فيه ابنتها ،غرقتان متجاورتان بجهة ،وبجهة مطبخ يفتقر لابسط مقومات المطبخ ،فعليها ان تطبخ جالسة او منحنية يجاوره مرحاض صغير لا صنبور ماء فيه ،وما بين الجهتين مساحة صغيرة لا سقف لهايتوسط احد جدرانها الباب.والادهى ان أرضه تراب ،لا بلاط ولا اسمنت ،بل الأمر انه غير موصول بشبكة الماء .

-فزع ابوها :اهذا بيتك؟

-بل استأجرت من عمي ،ريثما ابني بيتي .

يتبع

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-