أخر الاخبار

بيت العنكبوت الكاتبة عهد على الفصل الثالث

 الفصل السابق

بيت العنكبوت الكاتبة عهد على

**صدق حدس هاني، لم يستطع مراد النوم ليلته تلك أبدا ، ظل يتقلب على الجمر حتى اتخذ قراره، لن يترك نفسه للظنون و ل( فرح) تفعل بقلبه ما تشاء، إن كانت لا تريده فهو لا يريدها، سيحسم أمره هذا قريبا

 بلا شك، لكن ليهئ الظروف أولا


**كانا على مائدة الإفطار حين راحت فرح تتأمله في صمت عاشق حزين، لم ينظر إليها البتة لكنه قال في نبرة جافة إلى حد ما: هل أنت ِ متفرغة اليوم ؟


** أجفلت قليلا ثم قالت: نعم، لماذا؟


**مراد: وعدت الفتاتين أن  أنزههما في حديقة الأطفال اليوم ، فهل تأتين معهما إلى الشركة في تمام الثالثة ثم نذهب جميعا؟؟


**أحست فرح بسعادة كعادتها كلما خرجوا للتنزه معه لكنها سعادة مشبوبة بألم الفراق الوشيك لكنها قالت في بساطة: نعم بالطبع

**في الموعد المحدد وصلت فرح مع طفلتيها  ذاتا الثلاثة أعوام و دخلوا إلى الشركة فطلبت منها السكرتيرة أن تنتظر قليلا حتى ينهي م/ مراد اجتماعه الذي طال عن موعده بسبب تأخر أحد العملاء، جلست فرح و راحت الطفلتان تركضان ركضا خفيفا خلف بعضهما في غير إزعاج، فجأة ابتسمت السكرتيرة قائلة: تفضلي باشمهندس مراد بالانتظار


**التفتت فرح بهدوء تلقائيا فذبلت الابتسامة على شفتيها شيئا فشيئا ، إنه ليس عميلا، إنها عميلة ، و بمعنى أوضح عميلة تشبه عارضات 

الأزياء، شعرها مصبوغ بلون ذهبي فاقع ، ترتدي تنورة ضيقة قصيرة، ووجهها عبارة عن لوحة ملونة تسر الناظرين ، دق قلبها بعنفوان الغيرة الأنثوية العتيدة فقطبت جبينها رغما عنها

**مرت دقائق الاجتماع كأنها لا تمر، ثقيلة على نفس فرح ، لم تكن تعرف أنها غيورة إلى هذا الحد، كانت غيرتها على إسماعيل رحمه الله متوازنة و نادرة ، أما الآن فتكاد تهشم الباب على من داخله و على رأس العميلة و رأس مراد شخصيا، لولا بقية من عقل لفعلت دون تردد، فجأة انفتح الباب و خرجت ذات الصبغة الذهبية تمشي في دلال و تلتفت بنحرها الطويل الناصع إلى مراد الخارج خلفها بقليل ، وقعت عينه على عيني فرح الغاضبتين الصامتتين فارتبك تلقائيا و في لحظة سقطت العميلة على ذراعه مستندة بقوة، أسندها و رفع حاجبيه متفاجأً قائلا بتلقائية: ماذا حدث أستاذة ليلى؟؟


**تألمت ليلى في بعض الدلال قائلة: انكسر كعب حذائي آسفة جدا

** لم تستطع فرح الاحتمال أكثر فهبت واقفة ممسكة بيد الطفلتين مسرعة إلى الخارج ، اعتدلت العميلة في وقفتها فقال مراد بسرعة: عذرا لحظة واحدة

ثم أسرع في خطوات واسعة نحو الباب وهو ينادي على فرح التي ظلت سائرة بلا أدنى رد ، لحق بها أخيرا فأمسك ذراعها برفق قائلا: أين تذهبين بالبنتين؟؟ ألم أخبرك بأننا سنخرج للتنزه؟؟ ألم تأتي لهذا الغرض؟


**التفتت فرح إليه ومازالت ممسكة بطفلتيها و الغضب يستعر في عينيها قائلة في اندفاع: عندما تحترم مواعيدك فانتظرنا عندئذ، أمضينا قرن و نحن ننتظرك حتى مللت و ملت الطفلتان


**مراد _ في حنق و عجب: لم يكن الأمر بيدي، تأخرت العميلة رغما عني ثم إنك انتظرتِ حتى آخر الاجتماع ألا تستطيعين احتمال دقيقة إضافية حتى تذهب المرأة؟؟


**تصاعدت أنفاس فرح وكادت تصرخ به(( لم أحتمل لمسها ليدك و استنادها على ذراعك يا أحمق)) لكنها قالت في غضب: أنا لا أريد الذهاب إلى أي مكان يا مراد، لو سمحت أعدني إلى المنزل


**ضرب مراد كفيه ببعضهما قائلا في حنق: ماذا حدث لكل هذا؟ فرح ماذا أصابك اليوم؟ 


**تصاعدت بعض الدموع إلى عيني فرح رغما عنها واختنق صوتها وهي تقول: لو سمحت يا مراد أعدني لشقتنا، أنا متعبة قليلا


**نظر إليها مراد مقطبا جبينه واضعا يديه في خصره علامة على الحيرة والغضب لا يدري ماذا يقول ثم تكلم أخيرا مشيرا إلى الطفلتين: و هاتان؟؟ لقد وعدتهما بالنزهة اليوم


**نظرت فرح إلى الطفلتين ثم غلبها الإشفاق أن تكسر خاطريهما فأطرقت صامتة ثم ذهبت إلى السيارة معهما في صمت ، ضرب كفيه ببعضهما مرة أخرى ثم ذهب و فتح لها الباب و هم بالذهاب فالتفتت إليه في تلقائية قائلة: إلى أين أنت ذاهب؟


**رد متعجبا: لأودع العميلة التي تركناها خلفنا


**نظرت إليه ثم فتحت باب السيارة الخلفي، أمسك بالباب ليمنعها قائلا في عجب حانق: ماذا تفعلين؟


** فرح_ في غضب: أركب بالخلف مع البنتين


**مراد _ غاضبا: منذ متى؟


**فرح: منذ اليوم

**ثم اندفعت بجسدها إلى داخل السيارة 

جالسة في غضب في حين توجه مراد إلى الشركة من جديد هامسا في غضب: ما بالها تلك؟

**ظلت شاردة طوال النزهة، تقوم بالأعمال بروتينية و كأن عقلها غائب تماما ، كان مراد يلعب مع الطفلتين في مرح كالأطفال، بدل بدلته الرسمية بتي شيرت و بنطال من الجينز يليقان به كثيرا، لكن كلما اصطدمت نظراته بنظرات فرح لم يستطع تفسيرها، نظرات معاتبة، غاضبة، حزينة أحيانا، لايدري ماذا أصابها اليوم ولماذا ترمقه بتلك النظرات؟؟ ، كانت تسير بجواره وهو يحمل بيان على كتف و بيسان على الكتف الآخر حين صرخت ملتفتة خلفها حيث ضربتها كرة في رأسها، أسرعت نحو من ضربها وهي لا تميز من ضربها فأنزل مراد الطفلتين بسرعة و أمسك يدها قائلا: اهدئي إنه طفل


**نظرت إليه بنظرات تشتعل غضباثم قالت في هدوء غاضب: ألا نعود إلى منزلنا؟؟ أما كفاكم كل هذا الوقت؟؟

**نظر مراد اليها ثم رفع رأسه إلى السماء فاتحا ذراعيه و مغلقهما علامة الحيرة ثم نظر إلي الطفلتين قائلا: حسنا، هيا بنا يا بنات


**صعدت السلم في غضب فوجدت ميرال و معها ابتسام ، ابتسام أيضا؟؟ اكتمل اليوم هكذا ، لم يفت طبعا على ابتسام علامات الغضب على وجه فرح فبادرتها قائلة: كيف

 حالك يا فرح، ما بك غاضبة هكذا؟


**حاولت فرح إخفاء غضبها قائلة: لا أبدا خالة ابتسام أنا متعبة قليلا فقط و قد نامت بيسان على ذراعي كما ترين


**أسرعت ميرال قائلة: أسرعي نحو شقتك يا فرح حتى لا تتخدر ذراعك


**استأذنت فرح و فرّت نحو شقتها في اللحظة التى وصل فيها مراد يحمل بيان النائمة أيضا ففوجئ بابتسام في وجهه فبادرته قائلة: لماذا أغضبت زوجتك يا مراد؟


** تفاجأ مراد و نظر تلقائيا نحو ميرال التي أسرعت قائلة: لا يا أمي لقد قالت فرح إنها متعبة فقط


**ابتسام: لكنها كانت تبدو غاضبة جدا و عصبية،لعل الموعود قد حصل؟


**تفاجأ مراد قائلا: ماذا؟


**ابتسمت ابتسام قائلة في مكر: الحمل يا عريس، مر على زواجكما عام  ألن نرى أطفالكما إذن؟؟


**ارتفع حاجبا مراد و ارتج عليه القول فلم يدري بماذا يرد على تلك المرأة فنظر تلقائيا إلى ميرال التي أسرعت بالقول أيضا: أسرع يا مراد فالطفلة متعرقة و سيؤذيها الهواء هنا على السلم


**و كأنما ألقت إليه طوق النجاة فاستأذن ثم مضى إلى شقته، دخل ووضع الصغيرة في سريرها ثم أسرع نحو فرح قائلا في غضب: لم يهدأ لكِ بال حتى أوصلتي أخبار غضبك الغير مبرر  هذا إلى الخالة ابتسام، غدا سيكون هذا الخبر على ال B.B.C. 


**فرح _ غاضبة: لم أقل أني غاضبة، أنا متعبة وقد أخبرتها بذلك 


**زفر مراد في غضب ثم توجه إلى الحمام ليستحم لكن فرح لم يهدأ غضبها، كأنها تريد استفزازه بأي شكل، انتظرته حتى خرج وارتدى ملابس أخرى للخروج مسرعا فوجهت كلامها إليه في غضب قائلة: ثم إن الخالة ابتسام تتدخل في كل شؤون من يقابلها فلمَ  غضبك هذا الآن؟


**راح يغلق أزرار قميصه دون أن يرد، قطبت فرح حاجبيها وقالت في غضب: مراد أجب سؤالي لو سمحت


**رد مراد في غضب: لأنها عادت إلى كلامها الفارغ مرة أخرى


**فرح_ في عجب: أي كلام فارغ؟


**خرج مراد من حجرته متوجها نحو المرآة الكبيرة قريبا من باب الشقة وراح يمشط شعره الغزير في غضب دون أن يجيب سؤالها، وقفت خلفه هاتفة: مراد


**التفت مراد إليها  في حنق قائلا وهو يقلد ابتسام بحركات سخرية مضحكة من فرط غضبه رغما عنه: لعل زوجتك حامل يا مراد، ألن نفرح بطفل من صلبك يا مراد؟ ، طفل منكما معا سيقرب المسافات بينكما جدا يا مراد، لقد مللت كل هذا فهي لا تعرف أن تلك المسافات ستُقطع تماما قريبا أصلا


**بُهتت فرح من جملته الأخيرة تلك التي جرحتها بشدة ، لا تدري كيف منعت دموعها من القفز من عينيها رغم أن تلك الدموع تغرق قلبها إلا أن كبريائها منعها من السيلان فقالت في اعتداد جريح: أريد الطلاق يا مراد


**كأنما أفاق الآن فقط، لكنه لا يعلم أن جملته هي ما نكأت الجرح من جديد ، كبرياؤه منعه من أن يبوح بمشاعره الحقيقية أيضا فقطب جبينه متشاغلا بتمشيط شعره الممشط أصلا قائلا في صوت يجاهد لجعله هادئا: ألسنا متفقين على هذا ؟ ما الجديد؟


**منعت فرح صوتها من أن يتهدج بصعوبة قائلة بصعوبة: ولماذا تؤجل ذاك إذن؟


**توجه نحو باب الشقة حتى لا تسترسل في هذا الحديث الذي يؤلمه قائلا: عندما أجد الوقت المناسب بعد حفل أختي إيلاف


**كانت فرح ستصمت كعادتها لكنها وجدت نفسها تتأمل ملامحه فيتصاعد غضبها الممزوج بالحزن إلى أقصاه، أسرعت نحوه وهي لا تكاد تكون في وعيها فعليا فأمسكت ذراعه بقوة غير لائقة وهي لا تشعر بما تفعل من فرط غضبها قائلة: لا شأن لي بظروفك العائلية تلك بعد الآن، هل فهمت؟


** صُدم مراد من فعلها هذا فهو يعلم أنها مهذبة جدا ولكن يبدو أن الغضب أعماها ،قطب جبينه قائلا في هدوء غاضب: فرح


** استمرت في الضغط بقوة على ذراعه وهي لا تشعر بما تفعل مستمرة في غضبها العارم قائلة: أنا لست جارية اشتريتها و تتحكم بها كما تشاء يا باشمهندس ، كما تراعي ظروفك راعي شعوري أيضا


**كرر مراد في غضب: فرح ، أفيقي


**استمرت فرح في ثورتها قائلة: إذا كنت لا تراعي كوني زوجتك فراعي أنني كنت زوجة أخيك في يوم من الأيام على الأقل


**هنا سحب مراد ذراعه من بين أصابعها في هدوء يخفي ثورة غضبه الجلية على قسمات وجهه بحكمة يُحسد عليها بعد جملتها الأخيرة التي أغضبته و أثارت غيرته الكامنة، هنا فقط أفاقت و انتبهت ليدها الممسكة بذراعه و لكلماتها و صوتها المرتفع للمرة الأولى، سحبت يدها بهدوء وتراجعت خطوة للخلف وهي تنظر إلى عينيه مباشرة في صدمة و خجل ثم استطاعت الكلام أخيرا قائلة في صدق: مراد أنا آسفة ، لم أعي ما أفعل


**ظل ينظر إليها مقطبا جبينه مسيطرا على غضبه إلى أقصى حد ثم قال في اقتضاب: لا تنتظروني على الغداء


**ثم خرج صافقا الباب بقوة فتهاوت هي على أقرب مقعد واضعة وجهها بين كفيها وراحت في بكاء مرير

    .  ***********************************

** كانت هيام غارقة في الكتاب الذي تقرأه حين فاجأها صغيرها إياد بقوله في حزن: ماما أنا أشعر بالملل


**انتبهت هيام فالتفتت إليه بكامل الانتباه قائلة: لماذا يا حبيبي؟ ، ما الذي يغضبك؟


**إياد_ في براءة: لماذا ليس لديّ إخوة؟


**حملقت هيام فيه متفاجأة ثم نطقت أخيرا قائلة: ومن قال ذلك؟ بيان و بيسان وعصام و سنا، كلهم إخوتك


**إياد: نعم ولكنني أريد أن يكون لي أخ صغير ألعب معه في أي وقت أريد و ليس في أوقات محددة مثل أولاد أعمامي، كل أصدقائي لهم إخوة يلعبون معهم، حتى أولاد اعمامي،بيان لديها بيسان، و عصام لديه سنا ، و أنا من لدي؟ حتى بابا لا يأتي إلا قليلا جدا 


**كانت كلماته تمزق قلبها بسكين حاد، يا الله من أين خرج ذاك الطفل بهذه الكلمات الآن؟ لم تعرف ماذا تفعل إلا أن احتضنته في قوة وهي تكتم دموعها ، فلطالما آلمها هذا حتى قبل أن يؤلم صغيرها، و هاهو قد بدأ يكبر و يعي الفرق بينه و بين أقرانه ، تكلمت بصوت متهدج رغما عن ابتسامتها التي رسمتها على وجهها قائلة: هل تريد أن تلعب مع بيان و بيسان الآن؟


**تهلل وجه الصغير قائلا: وهل هذا ممكن؟


**ابتسمت هيام رغم نزف قلبها قائلة: طبعا ممكن، هيا بنا


** هاتفت هيام فرح مستأذنة منها للصعود إلى شقتها ليلعب الأطفال قليلا فرحبت فرح بذلك، صعدت هيام و طفلها إلى شقة فرح و ما إن 

فتحت فرح الباب وتلاقت عينيها مع عيني هيام حتى انكمشت ملامح تلك الأخيرة

 بالبكاء رغما عنها وارتمت بين ذراعي فرح باكية، تفاجأت فرح لكنها تمنت البكاء هي أيضا بين يدي صديقة عمرها إلا أنها تماسكت و دخلت مع هيام إلى داخل الشقة رابتة على رأسها لعلها تهدأ قليلا، جلست الفتاتان وهيام تمسح دموعها، تركتها فرح حتى تهدأ تماما


**فرح: هل تريدين أن تروي سبب بكائك؟


**هيام _ في صوت متهدج: عصام يريد أن يكون له إخوة، يفتقد ذلك، يقارن بينه و بين أصدقائه،يشعر بالوحدة و الملل، بدأ يفهم الفرق بين الإخوة و أبناء العمومة


**أطرقت فرح متنهدة قائلة في مسحة حزن: يا الله


** بدأت الدموع تتجمع في عيني هيام من جديد قائلة: كنت موقنة بأن هذا اليوم سيأتي، و لكنني لم أتوقع أن يأتي باكرا هكذا ، ماذا أفعل يا فرح؟ كيف أتصرف بعد الآن؟ بماذا سأجيب على أسئلة عصام؟


**نظرت إليها فرح و الحزن بعينيها ثم ربتت على يدها قائلة في حنان: تكلمي معه يا هيام، هو زوجك بالنهاية، و ابن عمك قبل أي شئ، حسين رجل حنون حسن الخلق سليم النية، و ستة سنوات فترة كافية جدا ، لقد كنتِ صغيرة السن و طائشة وقتئذ ، تحدثي معه مرة أخرى، اطلبي منه السماح و فتح صفحة جديدة  من أجل عصام على الأقل


**مسحت هيام دموعها وهي تقول: لن يفعل، هو ابن عمي كما تقولين، ولقد تربى في بيتنا بعد موت والديه ر حمهما الله، أنا أحفظه عن ظهر قلب، لن يسامح و لن يلين، هو أرق من المطر وقت الرضا، لكنه أقسى من الحجر وقت الغضب _ثم أضافت وهي تضحك فجأة ضحكة صغيرة من بين دموعها التي مازالت تمسحها_ احذري لأن هذا طبع أخي مراد أيضا، هما ابنا عم و صديقا العمر و طبعهما واحد

**تنهدت فرح شاردة ببصرها هامسة: لم يكن إسماعيل رحمه الله هكذا


**تنهدت هيام قائلة في حزن: أخي إسماعيل رحمه الله كان إنسانا ذي عقلية ناضجة جدا، تحمل مسؤولياتنا جميعا بعد وفاة أبي رحمه 

الله بل ومن قبل ذلك بسنوات كثيرة حين أقعد المرض أبي لسنوات، لا أنكر أن مراد شاب مهذب و دمث الخلق ولكن عامل السن يبرز الفرق، أعتقد أن مراد سيمتلك حكمة أخي إسماعيل إن شاء الله عندما يصل إلى مثل عمره


**ابتسمت فرح حتى تغير مجرى الحديث قائلة: لكن حسين أيضا ذو عقلية ناضجة يا هيام لا ننكر هذا


**شردت هيام ببصرها قائلة في حزن: معكِ حق ، بعدما حدث ما حدث كنت موقنة أنه سيطلقني ، لكنه احترم حزني و حزن العائلة

 كلها على وفاة أبي وقتها ، احترم ذكرى عمه الذي رباه و آثر الانسحاب بهدوء، لكن هذا الهدوء يا فرح يزيد ضجيجه كلما مرت السنوات، لقد ظننت وقتها أني نجوت و لم أدرِ أنني لن أشعر بالغرق إلا بعد مرور سنوات_ثم التفتت إلى فرح والدموع تملأ عينيها قائلة بصوت متهدج_ أنتِ الوحيدة التي تعلم بمشكلتي هذه يا فرح فهل تظنين أن ابن عمي سيغفر حتى بعد مرور هذه السنوات؟ 


**جلست فرح بجوارها محتضنة إياها لتهدئ من روعها ومن بكائها الذي زادت وتيرته قائلة في حب صادق: اهدئي حبيبتي، اهدئي يا هيام و استهدي بالله


**انهارت هيام كأنما تخرج حزن السنين الآن قائلة بصوت يتمزق: أنا أخطأت، نعم، أعترف بذلك، و لكن الله يغفر، ألا يغفر البشر زلة وقعت منذ ست سنوات من فتاة كانت لا تتجاوز  التاسعة عشر من عمرها؟ كنت صغيرة، حمقاء و طائشة ،و كان هو صغيرا أيضا، ألم يخطئ أبدا؟ ألم يبكي ندما أبدا؟ إلى متى سيظل قلبه قاسيا تجاهي هكذا؟ أنا أموت كل يوم يا فرح، كل يوم


**أطرقت فرح في تأثر  ومازالت تربت على يدي صديقتها في إشفاق فيما راحت هيام تكمل في ألم من بين دموعها: 

لم يشفع لي عنده إلا حملي، آتوني بالطبيب فاكتشفنا أنني حامل في شهري الثاني، ظن الجميع أن الله يعوضنا عن أبي الذي مات منذ أيام فقط، لكنني ظننت أنني منتهية لا محالة، سأطلق بعد أربعة أشهر فقط من زواجي و يكون معي طفل أيضا في هذه السن المبكرة، فتاة مازالت تدرس بالفرقة الثانية بالجامعة،

يالمأساتي،لكن الله هو أرحم الراحمين، لا أعرف كيف تنازل حسين عن موضوع الطلاق لأجل ابنه الذي لم يرَ النور بعد ، لكنه آثر 

الاغتراب، ومن يومها ونحن نعيش أغرابا كما ترين، لا يأتي في العطلات السنوية الا كل عامين تقريبا ،  يأتي لأحتمل نظراته المتهمة دائما وكلماته المقتضبة و غضبه الذي و إن فارق لسانه فلا يفارق عينيه، ثم نتجرع كل هذا الألم في صمت و نرسم السعادة أمام الناس حتى لا يكشفوا مصيبتنا، ولكن إلى متى سيستمر ذاك العذاب؟ العمر يمضي ونحن ميتين في ثوب الأحياء، وابننا هو من سيملك النصيب الأكبر من العذاب


**نطقت فرح أخيرا في حماس مشبوب 

بالحزن: أعلم كل هذا حبيبتي ورغم ذلك لابد من الحوار ، تكلما، إما أن تكونا زوجين سعيدين أو أن....................و صمتت فلم تكمل

**تنهدت هيام: و إما أن أُطلق أليس كذلك ؟


**منعت فرح دموعها من الظهور إلى عينيها عند ذكر الطلاق فهو يذكرها بمصيبتها الوشيكة لكنها قالت: صدقيني لا أتمنى لكِ ذلك يا هيام، ولكن أليس هذا أفضل من هذه الحياة؟ أنت ِ صغيرة مازلتِ والحياة أمامك، لتجدي من تحبيه ويحبك وتعيشان معا على سنة الله ورسوله


**ابتسمت هيام رغم دموعها قائلة: مازلت صغيرة أليس كذلك ؟ تواسيني بهذا أم تثبتين ذلك لنفسك أيتها الفاتنة؟


**لم تفاجأ فرح بمزاح هيام رغم ألمها فهذه هي عادتها فابتسمت قائلة: ألن تكفي عن عادتك هذه أبدا؟ حتى في هذا الوقت تمزحين؟ لن تتغيري أبدا يا هيام ، أتذكرين حين ماتت جدة زميلتنا بالجامعة منى وذهبنا سويا إلى العزاء ثم انتابتك موجة ضحك لا مبرر لها و كدتِ أن تثيرين فضيحةيومئذ؟

**ابتسمت هيام وهي تمسح دموعها قائلة: نعم و كدتِ أن تتركين العزاء و تفرين هروبا من ضحكاتي


**ابتسمت فرح قائلة: ويوم فيلم الرعب في السينيما ، انتابتك موجة ضحك هيستيرية و الجميع يصرخون في الظلام حتى تعدى جنونك إلي ّ فصرنا نضحك سويا كالمجانين وقتها 


**ابتسمت هيام قائلة: كنا صغارا لا نحمل للدنيا هما


**ابتسمت فرح في مسحة حزن قائلة: كانت أجمل أيام


**ضحكت هيام قائلة: بصراحة كان الله في عون أزواجنا، تزوجوا فتاتين مجنونتين رسميا

** استمرت الفتاتان في الضحك لعلهما تسرقان لحظة سعيدة من بين كل هذه الهموم

*****************************************

**في المساء كانت ميرال ترتدي ملابس المنزل في غضب شديد بينما عابد يتأملها في 

صمت ثم تكلم أخيرا قائلا في هدوء: هل من الممكن أن أعرف لماذا أنت ِ غاضبة هكذا؟!


**استمرت ميرال في تمشيط شعرها بعصبية ولم ترد فزفر عابد ثم قال: ماذا حدث لكل هذا؟


**نطقت ميرال في غضب بصوت غير مرتفع: هل كنا في عرس أختي أم في مسرحية هزلية لتظل تمزح كل هذا المزاح؟


**عابد: و هل المزاح شئ سئ؟


**ميرال_في غضب: لا لكن السخرية من مشاعر الناس هو السوء بعينه


**عابد: وهل سخرت منه أمام أحد؟ لقد كنت أحدثك أنت ِ فما الضرر؟


**ميرال: الضرر أنك كنت تسخر من زوج أختي يا عابد


**عابد _في هدوء: ولكن ما فعله كان زائدا عن الحد فعلا فلم أستطع السكوت لكن لم أُسمع أحدا سخريتي


** ميرال _في غضب: بالعكس ما فعله كان رومانسيا جدا و أعجب جميع النساء


**عابد: نعم بالطبع أعجب النساء لكن أراهن إن كان رجلا واحدا أُعجب بما رأى


** دفنت ميرال جسدها تحت الغطاء السريري مقطبة جبينها قائلة: أنتم الرجال هكذا، تسخرون من الرومانسية دائما و يزعجكم أن يظهر بينكم رجلا يؤمن بالرومانسية


**عابد _مندهشا: أية رومانسية تلك؟؟ شاب طويل عريض يركع فجأة على ركبتيه هاتفا في وسط الزفة(( أحبببببببببببببببببببببببببك)) !! و في وقت الرقصة مع  عروسه يحتضنها فجأة و يروح في بكاء مرير كأنه طفل فقد أمه؟؟ 

** ميرال _ غاضبة: إنها دموع الفرح


**عابد: دموع الفرح عبارة عن دمعة، دمعتين، لكن هذا ظل يبكي على كتفها كالأم الثكلى مدة خمس دقائق كاملة والناس يناولونه المناديل ، لم أستطع أن اسيطر على ضحكاتي فخرجت من القاعة حتى لا تصيبني جلطة 


**ميرال: أنت لا تقدر المشاعر


** عابد: أية مشاعر تلك؟ أية مشاعر؟ لقد تمت خطبتهما لمدة شهر واحد ، هل عذبه ابوكِ في الرد عندما طلب يد أختك؟


**ميرال: لا 

** عابد: هل كانا يحبان بعضهما منذ سنوات منتظرين رحمة الأهل بهم ايوافقوا على تزويجهم؟


**ميرال: لا

**عابد: هل كان مسافرا ثم عاد من الغربة إلى أحبابه؟


**سكتت ميرال و لم ترد


**عابد: إذن فما كل هذه العواطف الزائفة ؟؟ لماذا يمثل دور عبد الحليم حافظ في فيلم الخطايا؟ أراهن أن أمه خاب أملها فيه عندما رأته هكذا، بئسا للرجولة المسفوحة على يدي مرهف الحِس هذا 


** ميرال _ في غضب: هل الرجولة معناها جمود العواطف إذن؟


** عابد : بالطبع لا و لكن العواطف الحقيقية تبدو بوضوح و العواطف الزائفة تبدو بوضوح كذلك، صدقيني، زوج أختك كان يقوم بالتمثيل هناك و مشاعره كانت مبالغ فيها وليست حقيقية ، الحب مواقف قبل اي كلمات و بعد اي كلمات، الحب الحقيقي ليس كما يبدو في المسلسلات و روايات الغرام ، الحب الحقيقي يظهر حينما تحتاجين إليه يا ميرال

**ظلت تنظر إليه طويلا ثم قالت أخيرا: تصبح على خير يا عابد


** بدأ يبدل ملابسه قائلا: تصبحين على خير

***************************************٠

**أما مراد فقد ظل إلى هذا الوقت المتأخر في الشركة ، ضائق صدره كأنه يحمل جبلا، أمسك بهاتفه واتصل بمن يرتاح إليه راحة الأخ نحو أخيه، صديقه عيسى


**زفر مراد قائلا: عيسى هل أنت متفرغ الآن؟


** عيسى _بصوت نصف نائم: لماذا أنت ساهر حتى الآن؟


**مراد : صدري ضائق جدا


**اعتدل عيسى في جلسته قائلا: ما بك ؟


**زفر مراد قائلا: هل نتقابل في مكاننا المعتاد؟

**عيسى: حسنا كما تحب، أمري إلى الله


**و في مكانهما المعتاد على النيل راح مراد يروي إلى صديقه كل ما يجيش به صدره و آخر هذا موقف فرح في الشركة ثم في المنزل 


**أطرق عيسى قليلا ثم رفع رأسه نحو صديقه قائلا: هل أتحدث بحرية؟


**مراد: إذن لماذا استشرتك إن لم تتحدث بحرية؟


**سكت عيسى قليلا ثم قال : إنها تحبك


** أغمض مراد عينيه علامة على نفاذ صبره ثم قال: و من أين عرفت هذا ؟


**حرك عيسى كتفيه قائلا: واضح وضوح الشمس، إنها تغار عليك، كل غضبها ذلك بسبب الغيرة


**التفت مراد بجسده كله إليه على سور الكورنيش قائلا في عجب: غيرة؟ أية غيرة؟


**عيسى: لقد غارت من العميلة عندما ارتمت على ذراعك، والغيرة أقوى علامات الحب


**مراد : و كيف تأكدت من رأيك هذا؟


**نظر إليه عيسى نظرة ذات معنى ثم نظر إلى صفحة النيل دون أن يجيب  فأسرع مراد قائلا بتلقائية: لقد نسيت أنك كنت تستبدل كل شهر أو شهرين صديقة جديدة قبل أن تتوب و 

تتجه إلى دراسة الفقه و العلم الشرعي


**تحركت عينا عيسى بشكل متبرم ومازال وجهه ناحية صفحة النيل دون أن ينظر نحو مراد فهذه الذكريات تؤلمه جدا ولا يحب تذكرها أبدا، يوم كان شابا مستهترا بعيدا كل البعد عن طريق الصلاح 


**وضع مراد كفه على كتف صديقه قائلا في صدق: آسف ، لم أقصد أن أذكرك بما تكره ، لن يحدث هذا مرة أخرى


**ظل عيسى ناظرا إلى صفحة النيل دون كلمة 

**اعتدل مراد في جلسته فأصبح وجهه نحو النيل أيضا قائلا في هدوء: و كيف أتصرف 

الآن ؟


** أجاب عيسى في هدوء: تحدث معها بكل صراحة يا مراد ، اعترف لها بحبك


**نظر مراد إليه قليلا ثم أطرق و لم يجب


**تعجب عيسى قائلا: سبحان الله، إنها زوجتك ، هل كبرياؤك يمنعك من البوح لزوجتك بحبك لها؟ أتخجل من إظهار ضَعف الحب أمامها أم أنك لم تعد تحبها؟


** أسرع مراد يقول بتلقائية: بالطبع أحبها


**و كأنما أفاق بعد النطق بهذا الاعتراف فشعر ببعض الخجل فأدار وجهه نحو النيل من جديد في حين ابتسم عيسى ابتسامة رقيقة أنارت وجهه مع لحيته الكثة واضعا كفه على كتف صديقه قائلا في ود: مراد، أنت أخي، صديقي منذ الجامعة ، و المؤمن مرآة أخيه ، أنا 

أحفظك عن ظهر قلب، كبرياؤك كبير، و الكبرياء صفة جيدة وليست سيئة، لكنها حين تقف حائلا بين اثنين جمع الله بينهما على سنته و سنة رسوله الكريم فالكبرياء هنا يعني الغرور ، و الغرور من الشيطان، تكلم معها بكل وضوح قبل أن تندما وقت لا ينفع الندم، إنها زوجتك، سكنك ، و أنت تحبها حتى النخاع فلا تكابر


**ظل مراد يفكر في كل كلمة من كلمات صديقه وهو متجه بسيارته نحو منزله بعد أن ذهب عيسى، صعد إلى شقته، يود أن يبوح بمكنون صدره كما نصحه صديقه لكن مطرقة الكبرياء تقرع روحه بشدة، فكّر عقله في حيلة سريعة 


**عندما وصل إلى شقته توقع أن تكون فرح نائمة لكنه على العكس تماما وجدها أمامه تقرأ كتابا ، تلاقت أعينهما فوقفت هي بتلقائية ، ألقى السلام فأجابت سلامه ثم قالت: أضع لك العشاء؟


**لو تسمع الآذان فقد كانت دقات قلب كل منهما تدوي بعنف و لكلٍ أسبابه، هو يحمل اختبارا سيوضح له الكثير، و هي تحمل ثقل الحياء من شجارها معه عصرا، و للحياء سيف بتار

**نظر إليها نظرة ثاقبة ثم قال: لا شكرا ، هل نتحدث قليلا؟


** هبط قلبها إلى قدميها قائلة : نعم، طبعا


**جلس إلى رأس مائدة السفرة و جلست هي مقابله ، مُطرقة قليلا ، صامتة كجندي ينتظر 

الأوامر من ضابطه في وجل، راح يتأملها قليلا ثم استجمع شجاعته ليقول: بمناسبة الموضوع الذي تحدثنا فيه اليوم


**تباطأت نبضات قلبها انتظارا لما ستنطق به شفتاه الآن ، سكت هو قليلا ثم قال في هدوء: لقد فكرت كثيرا ووجدت أن الحق معك، لا يجب الانتظار أكثر من ذلك ، و لا ذنب لكِ في انتظار ما تسمح به ظروفنا


** رباه ماذا يقصد بذلك؟ هل سينطق تلك الكلمة البغيضة الآن؟ تلك الكلمة التي ستحكم بموت قلبها إلى الأبد؟ لم تجرؤ على النظر إليه بل تصاعدت أنفاسها رغما عنها كمن ينتظر سقوط قنبلة فوق رأسه، كانت في حالة لا تسمح لها بملاحظة كم كانت عيناه الواسعتين تتفرسان في كل ملمح من ملامح وجهها بإمعان حتى يسبر غور قلبها و يعرف من تعابير ذاك الوجه هل ستفرح فتاته بقرار 

الطلاق أم تحزن؟ بمعنى أوضح هل تحبه أم لا؟ 

**لم تنبس ببنت شفة فواصل هو في هدوء رجولي يُحسد عليه يخفي كل ما يموج به صدره من انفعالات ومازالت عيناه مثبتة عليها : أخبرتني إيلاف أن حفلتها ستقام الأسبوع القادم ، يعني أننا لو انفصلنا في أيامنا هذه فسيكون هذا هو الوقت المناسب تماما، سيثور أهلنا قليلا و يحزنون قليلا ثم يلتهون بشؤونهم، حفلة إيلاف و بعدها بوقت ليس بكثير حفل زواجها و بهذا ينسون أمرنا تماما و نصبح أحرارا

**كان يضغط عليها بأقصى ما يستطيع حتى يُخرِج منها انفعالا واحدا يقر قلبه مكانه لكن وجهها كان صامتا ، لا يعلم أن كلماته صدعت قلبها نصفين و جعلتها كمن يُساق إلى الموت، الصدمة خدرتها تماما كأنها توشك على الغشيان ، لم تتوقع أن يتخذ قراره بهذه السرعة ، لم يكن الموت أهون من انتظاره  كما يقول الناس ، فالموت السريع مؤلم و مفاجئ جدا، و قاسي جدا ، و موتها مرهون بكلمة من شفتيه الآن ، أما هو فقد تصاعد الغضب داخله، صمتها يثير حنقه حد الجنون ، من الواضح تماما له أنها راضية بقراره فوجهها الجميل لم يُظهر بادرة ألم أو اعتراض ، صمتها ذبح كرامته فراح يصر على أسنانه لحظة ثم تمالك نفسه فأكمل في هدوء: بالنسبة لابنت َي أخي فلابد بعد انفصالنا أن نراهما في عطلة كل اسبوع، سيبيتان معنا الخميس والجمعة


**سخر عقلها، لقد أصدر القائد أوامره وهاهو يوزع الأدوار يمنة ويسرة أيضا، ماذا يضر الشاة سلخها بعد ذبحها يا مراد ؟ ماذا سيضرها بعد انفصالها عنه ؟ الأبيض و الأسود سواء حينئذ ، كل ثانية تصمت فيها تثير غضبه أكثر ، يا صبر !

**توقف عن تفرس ملامحها و أطرق مستسلما ، الغضب يسري بعروقه كالنار في الهشيم لكن ماذا يفعل؟ هل سيجبرها على نفسه؟ فلتفعل ما يريحها ، أكمل في هدوء: أما عن حقوقك المادي فهي محفوظة و......


**أسرعت مقاطعة بتلقائية: أنا متنازلة عنها 


**رفع رأسه إليها بسرعة: ليس كما يحلو لك ((مش بمزاجك))


**رفعت عينيها إليه بسرعة متفاجأة من ردة فعله المستبدة الغاضبة رغم هدوء صوته  ، ظلت نظراتهما متشابكة دون كلمات ، لا تفهم سر الغضب البادي في عينيه و جمود باقي 

ملامح وجهه ، لم تعد تفهم فيم يفكر ، تدارك كلماته دون أن يلين غضب عينيه قائلا في نبرة أهدأ: آسف ، أعني أنه لا محالة لك من قبول تلك الحقوق المادية فأنا لن أتنازل عن ذلك

**أطرقت و لم تجب فالجدال الآن لن يجدي نفعا أمام تلك العينين الغاضبتين

**أكمل في هدوء: هل ستمهدين الأمر لوالديكِ أم أتولى أنا تلك المهمة؟ 


**أجابت بصعوبة حتى لا يخرج صوتها متهدجا: أنا أفعل


**مراد: حسنا، سأتحدث مع والدتي أيضا


**قفزت الكلمات من فمها رغما عنها: الآن؟


** تصاعد الغضب بداخله من جديد ، ظل ناظرا إليها في صمت حتى يسيطر على نبرة صوته، قال أخيرا: الساعة الآن الثانية صباحا

، هل هذا وقت مناسب لخبر مثل هذا؟


** ارتاح قلبها قليلا قائلة: بالطبع لا


**وصل مقصدها إليه بشكل خاطئ تماما، عندما سألته: الآن؟ ظن انها تتعجله 

لإتمام الأمر، في حين أنها كانت تستبقيه قليلا ، تكاد ترجوه ألا يتعجل الفراق،ألا يقتلها الآن، لكن من أين له أن يفهم هذا و قد كان الشيطان يعربد في عقل كل منهما، إنها لحظات الفراق، لحظات الشيطان الذهبية


**نهض مراد قائلا: سأذهب أنا للنوم الآن ، هل هناك ما تريدين قوله؟


**أومأت إليه بالنفي دون أن تنظر إليه، لقد كان هذا السؤال هو فرصته الأخيرة إليها ، و قد أجابت بالنفي، لا خط للرجعة الآن، فليذهب كل منهما في طريقه، دخل إلى حجرته البعيدة نسبيا عن حجرة فرح، بدل 

ملابسه بملامح غاضبة ، وضع جسده على الفراش و رأسه يغلي بالتفكير، ثم غلبته عيناه فنام كمدا، أما فرح فلا تسألوا عن حالها ، ظلت جالسة على فراشها محتضنة ركبتيها إلى صدرها، لا تبكي، لا تنام، فقط تجلس هكذا حتى الفجر

************************************

**داعبت أشعة الشمس عينا الجميلة إيلاف و وجنتيها الحمراوين ربانيا مرسلة أشعتها الذهبية على حجابها السماوي اللون، يتخلل النسيم ذاك الحجاب الفضفاض مع عباءتها البيضاء فكأنما هي قطعة زكية من سحب و سماء ، يمضي الوقت ببطء ففتحت مصحفها تنتهز بعض الحسنات ، بعد فترة رفعت رأسها عفوا فوقعت عيناها عليه، أخيرا ظهر فارسها من بعيد ، خفق قلبها بشدة كعادتها، وضعت المصحف في حقيبتها و ارتسمت ابتسامة جميلة على محياها، داعبها مومئا بعينه من بعيد فهربت بنظراتها في حياء ومازالت ابتسامتها تنير قسمات وجهها الرائع اللمحات، وصل أخيرا و جلس بجانبها و في لحظة أمسك بيدها فقبّلها قبلة طويلة، ارتبكت بشدة ناظرة حولها فشعر هو بذلك، رفع عينين متبرمتين إليها


**إيلاف: مروان أنا آسفة حبيبي، أنت تعرف أنني أستحي من هذا أمام الناس


**مروان _ في حنق: ولكنك زوجتي يا إيلاف


**لمست يده برفق قائلة في حب: عندما نكون في المنزل افعل ما تشاء


**ابتسم مروان بمكر قائلا: ما أشاء؟


**ابتسمت قائلة بلهجة محذرة: في حدود أننا معقود قراننا ولسنا متزوجين بعد يا دكتور


**ضحك مروان بشدة فاتسعت ابتسامتها وراحت تتأمل ملامحه في حب ، لم تكن وسامته الطاغية هي ما جذبها إليه، بل براءتها و نقاء قلبها، موقفين شهمين منه أمامها هي الفتاة الملتزمة عديمة التجارب، و دخوله من الباب لخطبتها، ومباركة أخيها الأكبر إسماعيل رحمه الله، ثم طلب فارسها عقد القران بعد فترة خطبة قصيرة، كان كل ذلك كفيلا بجعلها تهديه قلبها على طبق من ذهب


**عاد إلى التأمل في وجهها بابتسامة ، أطرقت في حياء ثم رفعت عينيها إليه قائلة على استحياء: إلامَ تنظر؟


**أجابها مبتسما وهو يتفرس في وجهها بجرأة: أملأ عيناي من بدر التمام هذا ، عيناك تلك ، ابتسامتك تلك، وجنتيك، شفتيك........


**بتلقائية وضعت كفها على فمه حتى لا يكمل ثم سحبتها بسرعة ناظرة حولها في حياء من جديد ، عاد إلى ضحكه قائلا: نعم أعلم أعلم، تستحين، لا تقلقي لن أشرح أكثر، كنت أمزح معك فقط حبيبتي


**نظرت إليه في عتاب محبب صادق قائلة: أنت دائما هكذا، تتعمد إخجالي لا أدري لمَ؟


**ابتسم قائلا: لأرى احمرار وجنتيك هذا الذي يأسرني ، ولكن ألا تتركيني أروي صحراء قلبي العاشق حتى بالكلمات؟؟ أما سمعتِ قصيدة نزار قباني(( أحبيني بلا عُقدِ؟؟))، (( بلا عُقدِ)) هل ترين؟


**ابتسمت في حياء مازح: بالطبع سأحبك بلا عُقدِ ولكن بعد زفافنا


**ابتسم قائلا: ليت زفافنا كان اليوم


** ابتسمت ثم انكمشت ابتسامتها كأنها تتذكر شيئا، رفع ذقنها برقة لتنظر بعينيه قائلا: قولي ما الذي يشغلك، هناك كلمة في فمك، قوليها


**ترددت قليلا ثم قالت برجاء: ألا تعيد تفكيرك في موضوعنا ذلك من جديد؟


**نظر إليها نظرة ثاقبة جدية قائلا: أيهما؟


**نظرت بعينيه ثم هربت بنظراتها و لم تجب


**حرك رأسه علامة الفهم قائلا بلهجة تقرير: 

كلاهما


*٠*عادت إيلاف تقول في رجاء محبب: مروان أرجوك و دون أن تغضب، فلنتناقش في هدوء ،من فضلك


**ابتسم ابتسامة الغضب و نفاذ الصبر قائلا: في هدوء نعم ، و كيف نتناقش في هدوء و زوجتي لا تفكر بما يسعدني بل بما يسعد أهلها فقط؟


**ردت إيلاف في رجاء: الأمر ليس كذلك يا حبيبي، أرجوك افهمني


**وضع يده فوق يدها بقوة قائلا في غضب: أفهم ماذا؟ ألا تثقين بي؟ تجعلين ورقة هي معيار ثقتك بي؟


**قالت في صدق:  أثق بك أكثر من روحي يا مروان

**مروان _و مازال يضغط علي يدها بلا وعي: إذن لماذا مؤخر و قائمة منقولات وكل هذه الترهات؟ لماذا يصر إخوتك عليها؟


**تأوهت إيلاف قائلة في رقتها المعهودة: مروان أنت تؤلمني


**سحب يده قائلا: أعتذر كثيرا، لم أعي ما أفعل

**دلكت يدها بالأخرى في صمت مقطبة جبينها


**لمس يدها في رقة قائلا في رجاء: إيلاف أنا آسف، لم أقصد إيلامك


** حركت رأسها قائلة في حزن: لا عليك مروان أنا بخير، لكنني أخشى أن يرفض إخوتي و خصوصا ((آبيي عابد)) ،المشكلة أنك وافقت على هذه الأشياء قبل الخطبة ثم ها أنت ترفضها وقد اقترب زواجنا يا مروان، هذه هي المشكلة


**مروان:أخبرتك حبيبتي أنني وافقت مرغما قبل خطبتنا حتى لا يحرمونني منك، لكنني لم أكن مقتنعا أبدا بكل هذا التعقيد ، وعدتهم أن أوقع على هذه الأوراق قبيل الزواج و لكنني أعتبر ذلك الآن عدم ثقة


**إيلاف_في صدق و رجاء: أنا أيضا لا أؤمن بكل هذا، أقسم لك

**مروان: إذن أريني ذلك


** إيلاف _ في إ شفاق: أشفق من مواجهتي 

لإخوتي و خصوصا (( آبيي عابد))، و أمي، لن ترضى أمي بذلك أبدا


**مروان: فاتحيهم، و إن رفضوا فأحادثهم أنا عندئذ


**إيلاف: و الموضوع الآخر؟


**مروان: لا ، هذا موضوع منتهٍ ، لن نسكن في بنايتكم بكل تأكيد ، أنا لا أقبل بالسكن في شقة زوجتي في حين أن شقتي في مكان راقٍ و تليق بك ،ثم إنني أقنعت أهلي بأن يكون زفافنا منفصلا كما تريدين رغم أنهم تعجبوا كيف تكون النساء في مكان والرجال في مكان آخر ، لكنني أقنعتهم برغبتك، ألا تقنعين أهلك برغبتي؟


**إيلاف: حسنا، كما تريد حبيبي، المكان الذي ترتضيه بيتا لنا أر تضيه أنا أيضا، أستأذنك الآن من أجل محاضرتي، ادعُ الله لي أن ييسر لي مواجهة إخوتي و أمي


**مس يدها في رقة ثم رفعها إلى فمه مقبلا و ناظرا بعيني إيلاف مباشرة نظرة أذابت قلبها ثم همس: قلبي معك 

** تخضبت وجنتيها بالحمرة و سحبت يدها ببطء في حياء ثم مضت نحو قاعة محاضراتها، بعد قليل حضر أحد أصدقاء مروان وهو معيد بالجامعة أيضا فجلس إلى مائدته


**الصديق: ها يا بطل، ماذا فعلت؟


**ضحك مروان بخفة في سخرية قائلا: و هل أنا ألعب يا بني؟ ستفاتحهم كما أمرتها تماما


**الصديق:  و إن رفضوا ؟


**مروان _بثقة كبيرة: وماذا بيدهم ليفعلوا؟ أمر أختهم بيدي


**الصديق: لكن هذا طريق يطول يا صديقي، هناك طريق أقصر و يضمن لك موافقتهم بلا مراء


**مروان: أفهم ماذا تقصد، أن أضعهم أمام 

الأمر الواقع أليس كذلك؟


**الصديق _متحمسا: نعم، كن أنت سيد الموقف، وقتها لاشك سيقبلون بكل ما تأمر 


**مروان: مع من؟ مع إيلاف؟ معذور فأنت لا تعرفها، إنها رغم رقتها الواضحة إلا إنها في موقف كهذا ستكون أقوى من الجبل، لن تسلم نفسها إلي ّ أبدا  ، لن تفعل هذا إلا بعد الفستان الأبيض ، نعم نحن معقود قراننا لكنها لن تقبل بهذا أبدا


**الصديق: و من قال أنك تحتاج إلى موافقتها؟

** رفع مروان حاجبيه قائلا: خرب الله بيتك، تريدني أن أفعل ذلك بها غصبا؟؟ وهل سأنجو من كتيبة الإعدام ((إخوتها)) حينئذ؟ لقد مات منهم واحد و تبقى ثلاثة أشرس منه، و أمها؟؟ حماتي المبجلة، و الله لتأكلنّ كبدي حياً إن مسست ابنتها بسوء، ثم إيلاف نفسها، أنا لا أريد أن أخيفها مني يا فصيح ، بل أغرقها بحبي أكثر فأكثر لأجل خطتي الكبرى ، لقد ملكتها دون أن أمسها، ملكت ماهو أغلى و أقوى من الجسد


**الصديق_ باستهزاء: حقا؟ وما هو ؟


**مروان _في مكر: قلبها، إيلاف ستفعل المستحيل من أجلي بلا شك، و ستواجه ليس فقط أمها و إخوتها بل العالم أجمع


**ابتسم الصديق قائلا في سخرية: حسنا يا روميو، عسى خطتك تنجح

*****************************************

** أغلق عابد باب الحجرة قائلا في غضب: اسمع يا هاني، أنا لن أرفع صوتي حتى لا تسمع ميرال و الأولاد، لكن ما وصلني عنك لن أسكت عنه أبدا هل فهمت؟


** ارتبك هاني قائلا : ماذا حدث يا عابد؟ أقلقتني، لماذا دعوتني إلى بيتك  في حين أننا يجب أن نكون في الشركة حالا؟


**عابد _في غضب: دعك من الشركة الآن ، مشاكلك أهم


**هاني: عن أية مشاكل تتحدث يا أخي؟


**عابد : ألا توجد مشاكل بينك و بين نهلة؟


**ازدرد هاني ريقه لكنه قال مدعيا عدم الفهم: لا، نحن بألف خير


**عابد: حقا؟ بألف خير ؟ إذن لماذا تضربها بشكل شبه يومي


**هبّ هاني واقفا في غضب قائلا: ابن صابرة هو الذي أخبرك بهذا أليس كذلك ؟


**ضرب عابد المكتب بقبضة يده هاتفا في غضب رغما عنه: عندما تتحدث عن أخيك و عن زوجة أبيك فلتتحدث بأدب يا هاني و الا أريك الوجه الآخر لي، وجها لم تره من قبل ولن تحب أن تراه أبدا


**نظر هاني إليه مصدوما ثم جلس في صمت


**عابد _في غضب: أخوك لم يخبرني بشئ يا أستاذ ، سمعتك بنفسي حين كنت أزور الخالة صابرة و عرفت من  أختك إيلاف نفسها أنك معتاد على هذا


**أطرق هاني و لم يتكلم


**عابد _في لهجة هادئة لكنها أقوى من ألف مدفع: لماذا تضربها؟


**سكت هاني طويلا ومازال مطرقا ثم نطق أخيرا في غضب مخفي: أغار


**قطب عابد جبينه قائلا: تغار؟ ممن؟


**رفع هاني عينيه إلى أخيه قائلا في حزن: من أي أحد، و من كل أحد ، سأفقد عقلي قريبا يا عابد


**ضرب عابد كفيه ببعضهما قائلا: لا إله إلا الله، وما علاقة الغيرة بالضرب؟ ألا يوجد حوار؟ تعرفها ما يغضبك؟ تعرفها ما يثير غيرتك فتبتعد هي عنه بلا ضرب ولا شجار؟


**أجاب هاني في ألم: عندما أفهم أنا نفسي أولا ً


**قطب عابد جبينه قائلا: ماذا تقصد؟

**كان الألم يملأ صوت هاني و كأنه على وشك البكاء وهو يقول: لا أعرف يا أخي، صدقني لم أعد أعرف، قديما كنت أغار من أفعال محددة، ثياب محددة، أناس محددين، لكن كلما مر الوقت كلما ازدادت حالتي سوءا ، اقتربت من الحد الذي أغار فيه عليها من النفس الذي تتنفسه، أضربها بمنتهى القسوة لأجل أشياء تافهة أحيانا، لعلني مريضا يا عابد ، قالتها لي ذات مرة، قالت أنت مريض، أنت سادي،تستمتع بإيلام الآخرين، لا أعرف، أخاف كل ثانية من أن أفقدها، أخاف أن تهجرني و تهرب، عندما يتعاظم لدي هذا الشعور أحتج بأي شئ ولو كان تافها و أبدأ في ضربها ، كأنني أعاقبها على هروب لم تفعله


**تنهد عابد قائلا: و أنت بهذا تمنعها من الهروب أم تحثها عليه يا هاني؟ ؟ ثم ما هذه الفكرة التي تملأ رأسك، لقد هربت الفتاة من أهلها من أجلك حتى مات أبوها كمداً فما الذي يجعلها تهرب منك أنت الآن؟


**نظر إليه هاني ثم أطرق ولم يجب، حرك عابد رأسه علامة الفهم ثم قال: نعم فهمت، تقول في نفسك كما هربت من والدها، ستهرب مني، أليس كذلك ؟


**لم يجب هاني بل تشاغل بالنظر إلى أصابع يديه المتشابكتين


**عابد : اسمع يا هاني، لم يكن أحد منا راضٍ عن الطريقة التي تزوجت بها هذه البنت، ولكن ليس معنى هذا أن نتركك تفعل بها ما تشاء ، لن تمد يدك إليها بسوء مرة أخرى ، و تلك

 الأوهام التي برأسك فلتتخلص منها، لأنه إذا سمعت أنك ضربتها مرة أخرى فلن أكون مسؤولا عن ردة فعلي حينئذ ، حسنا؟ 


**في هذه اللحظات سمعا طرقا على الباب فأذن عابد بالدخول فدخلت إيلاف 

**إيلاف _ مبتسمة: السلام عليكم ورحمة الله، 


**رد عابد في حب: وعليكم السلام ورحمة الله، أهلا بالصغيرة الجميلة


**ابتسمت قائلة:جيد أنك هنا يا هاني، هل أنت متفرغ يا ((آبيي عابد)) للحديث معك و مع هاني في أمر مهم بالنسبة لي؟

      *****************************

*****وصل الأمر مداه مع مراد ، لقد تأكد بنفسه، فرح لا تحبه،لا تريده ، لا حل سوى

 الطلاق،ولكن هل يبدأ بتفجير هذه القنبلة أمام والدته أولاً؟ ، رباه، المرأة مريضة و قد

 تتدهور حالتها، كما أن مراد لم يعد يستطيع أن يرى الحزن بعينيها مرة أخرى، لقد عانت ما يكفي من الأحزان ، ولا يحتمل فكرة أن يكون حزنها مرتبط به ، لقد رضي بالزواج ممن كانت زوجة أخيه حتى لا تحزن أمه، فهل يأتي بعد عامين من هذا الحدث ليمزق قلبها مرة أخرى؟ لا، الأمر يحتاج إلى التدرج، لا أحد سوى عابد إذن، أخاه الأكبر بعد إسماعيل رحمه الله، توجه نحو شقة أخيه ففتحت ميرال


** مراد _بابتسامة: صباح الخير يا ميرال، هل أخي موجود؟


**ميرال: نعم، تفضل، هاني و إيلاف أيضا هنا


**دخل مراد و عقله يقول عجبا ، في هذا الوقت من الصباح؟هل قامت الحرب أم أنه اجتماع على مستوى أبناء الخالة ابتسام ، توجهت ميرال نحو المطبخ فيما كان هو في طريقه نحو المكتب حين سمع صوت عابد يهتف: ماذا حدث لكِ و لأخيكِ؟ مصيبتان منذ الصباح؟ هل فقدتما عقلكما؟


**ارتفع حاجبا مراد و تيبست يده على مقبض باب المكتب فوجد الباب يُفتح وحده، وقعت عينا عابد عليه فإذا به يقول في غضب: تعال يا مراد، تعال و انظر إلى مصائب إخوتك منذ الصباح الباكر ، تعال واستمع إلى تلك الدرر


**ازدرد مراد ريقه وهو يقول: حسنا، نعم، مصيبتان منذ الصباح، هذا واضح


**قطب هاني حاجبيه في غضب وهو يخرج من باب المكتب متجها نحو باب الشقة قائلا: أنا ذاهب إلى الشركة يا عابد ، ولابد لنا من حديث حول كارثة أختك تلك ، ما هذا الكلام الفارغ؟؟؟ ___ ثم مر بجانب مراد فقال بعفوية: ما الذي جاء بك الآن و البركان ثائر؟؟ إذا خرجت سليما فالحق بي إلي  الشركة__

ثم أكمل طريقه فخرج من باب الشقة


**خرجت إيلاف أيضا وهي تقبّل عابد قبلة سريعة على وجنته قائلة: سأذهب أنا إلى الجامعة الآن يا آبيي 


**عابد _في غضب: لنا لقاء ليلا يا هانم حتى نتناقش في موضوعك


**كانت قد اقتربت من مراد قائلة: حسنا إن شاء الله_ثم سلمت على مراد وقبلته قبلةصغيرة على وجنته هامسة بأذنه في رجاء: أرجوك كن معي الليلة ولا تكن عليّ، لم يعد لي بعد الله سواك


**نظر إليها مراد و هو لا يفهم شيئا في حين أكملت هي طريقها خارجة من باب الشقة، التفت مراد الذي يشعر الآن أن ماءا باردا يطرق رأسه كزخات المطر نحو عابد الغاضب بشدة، 

**التفت إليه عابد قائلا ومازال الغضب بعينيه: أهلا بك يا أخي، لماذا تقف عندك؟ تقدم


**تقدم نحوه مراد وهو لا يكاد يستطيع الوقوف من رهبة الموقف

**

**عابد: خيرا، ما الذي أتى بك في هذه الساعة؟

**رفع مراد كتفيه محركا رأسه دون أي كلمة، يبدو أنه قد فقد القدرة على النطق


**عابد_في لهفة: هل حدث شئ لفرح أو للبنتين؟


**ارتبك مراد قائلا: ها ، لا ، لا ، نحن جميعا بخير يا أخي، إنه فقط.........فقط.......


**عابد _في نفاذ صبر: فقط ماذا؟


**مراد: فقط جئت أسألك هل وصلت شحنة مصنع الأرز أم لا؟

**رفع عابد حاجبيه متعجبا قائلا: شحنة الأرز؟ و ما شأنك بها؟ إنها من اختصاص هاني


** ارتبك مراد قائلا: أوه ، نعم، لقد أحببت، أعني أنني أردت الاطمئنان عليها دون أن أسأل هاني فهو لا يحب أن أتدخل في عمله كما تعلم


**نظر عابد إليه نظرة شك وهو يقول: نعم وصلت بالأمس الحمد لله ، سأذهب لتبديل 

ملابسي و الذهاب إلى الشركة فهل ستأتي على طريقي؟


**مراد: نعم، حسنا، طبعا


**رمقه عابد بنظرة شك طويلة ثم عبر بجانبه قائلا: أرجوك كُن بخير، فأنا اليوم ممتلئ

 بالمشكلات __ثم خرج من باب المكتب تاركا مراد يشعر بأنه  قد قُذف في دوامة،بعد قليل

 دخل عابد المكتب وقد عدل من هندامه جدا وهو يركز بصره على مراد الذي يبدو الهم على وجهه ثم قال: مالوجهك متغير هكذا أنت أيضا؟

**حرك مراد رأسه حركة خفيفة بالنفي قائلا: لا شئ، فقط شغلتني مشاكل هاني و إيلاف، ماذا حدث بالضبط؟


**عابد: سأخبرك كل شئ في طريقنا إلى الشركة ، هيا بنا لقد تأخرنا


                **************************

***في المساء كان الاجتماع في منزل عابد مهيبا، عابد و مراد و هاني و الأكثر رهبة من هذا كله، ابتسام ، نظرت إيلاف إليهم جميعا وقلبها يتمتم بكل ما تحفظه من أدعية إلى الله عز وجل أن يلهمها القوة

**قطبت ابتسام جبينها قائلة: الأمر الذي تكلمتي فيه مع أخيك عابد مرفوض تماما يا 

إيلاف، هل تفهمين؟


** إيلاف _في ثبات:ولكن يا ماما مروان.......


**قاطعها هاني في حدة: مروان هذا ليس

 رجلا بما أنه لا يحترم اتفاقاته


**نظرت إليه في غضب لكنها أطرقت في حنق ولم تجب فهاني يكبرها بسنوات وبالتأكيد هي لن تجيبه إلى إساءته


**عابد _ في هدوء: هاني لا يصح هذا، أنت بهذا تجرح مشاعر أختك


**هاني _في غضب: و ماذا أسمّي إنسانا نقض عهده بعدما تمكن من تنفيذ ما يريد؟ أيعتقد أنه يلوي ذراعنا لأنه عقد قرانه عليها؟ أينقض اتفاقه بعدما مات من اتفق معه؟ أم أنه يظن أن إسماعيل رحمه الله لم يترك وراءه رجالا؟


** أطرقت إيلاف في ألم و لم تجب ، أما مراد فقد كان  يستمع إلى الحوار وهو يضم قبضته تلقائيا بسبب الغضب ، كانت كلمات هاني تضغط على رجولته بشدة فوجد نفسه يقول في غضب: فلنري هذا. الوغد إذاً إن كان إسماعيل رحمه الله ترك رجالا أم لا


**نظرت إيلاف نحوه في صدمة ثم في عتاب ممزوج بالحزن كأنها تقول له بعينيها((حتى أنت يا مراد؟ لقد كنت أعتمد عليك في تهدئتهما فأنت لست فقط أخي بل صديقي )) ، أما عابد فقد قطب جبينه قائلا في غضب: كفى ، لا أريد أن أسمع كلمة أخرى منكما ، لا تثيرا غضبي أكثر بكلماتكما الحمقاء هذه ، أنتما تسيئان إلينا جميعا بهذا ، اهدآ أو غادرا الجلسة حالا فأنا كفيل بحل مشكلة أختي بدونكم


**تمالك مراد نفسه وعاد إلى رشده سريعا كعادته فقال في أدب: إيلاف أنا آسف، اعذريني على اندفاعي لم أقصد إحزانك، فلنتحدث بهدوء إذن


**كتمت إيلاف دموعها و أومأت برأسها في امتنان ، لكنها أدركت كم أن مهمتها معهم شاقة


** عابد: الآن دعونا نعطي لأختكم فرصة للحديث عن رأيها


** ابتسام _غاضبة: أي رأي؟ إنها فتاة لا تعرف صالحها من طالحها


** نظرت إيلاف نحو عابد كأنها تستعطفه بعينيها فقال عابد في هدوء: أرجوكِ يا أمي ، دعيها تتكلم من فضلك


** ابتسام _في امتعاض: حسنا، لنرى إلى ماذا سيؤول ذاك الأمر

** بدأت إيلاف بالحديث قائلة: أنا لم أقتنع أبدا بالمؤخر و قائمة المنقولات و كل هذا ، في الدين للزوجة أن تطالب بمهرها ، و مروان دفع مهري و أسس بيتنا و...........


**قاطعت ابتسام في غضب: أي بيت هذا؟ ، لقد خرج علينا منذ شهر برفضه السكن في شقتك هنا، لماذا؟ أليس كل إخوتك هنا؟ أليست أختك هيام تسكن في شقتها هنا؟


**ردت إيلاف في أدب يحويه الرجاء::يا أمي إن حسين ابن عمي لا يسكن مع زوجته هنا كما تعلمين، رغم أن أبي رحمه الله هو من رباه، 

لكنه خجول جدا، منذ تزوج من أختي هيام وهو في سفر من أجل تحقيق ذاته، و إذا عاد و استقر هنا فبالتأكيد لن يعيشا في شقة هيام، و بالتأكيد لن يستطيع أحد تغيير قرارهما هذا


** مراد _ مقطبا جبينه: أنتِ قلتيها، حسين تربى معنا، نعرف كل شئ عنه، أبي و أمي هم من ربياه و في منزلنا ، نحن نعلمه وانتم تعلمونه حق العلم ، نعرف نواياه و أخلاقه، لو أراد أن يأخذ هيام إلى آخر العالم فلن نمانع 

بالتأكيد ، هو زوجخا ولا أحد من له حق

 الاعتراض إلا هيام نفسها، لكن مروان، أولاً لم يتزوجك زواجا كاملا بعد، معقود قرانكما فقط، لم تذهبي إلى بيته بعد ، ثانياً ما أدرانا بنواياه حتى نطمئن إليه إلى هذا الحد؟ ،لقد نقض أهم اتفاقين اتفق عليهما مع اخيكِ رحمه الله، وهذه بادرة سوء نية 


** قطبت ابتسام جبينها قائلة في حماس: سلم لسانك يا مراد ، سلم لسانك يا بني


**رد مراد في أدب ومازال جبينه مقطبا: سلمك الله خالة ابتسام


**شعر هاني ببعض الغيرة كالأطفال جراء مدح والدته لمراد لكنه صرف ذهنه عن هذا

 الآن في حين بدأت إيلاف تغضب إلا أن أدبها منعها من إبداء ذاك الغضب على ملامحها لكن الكلمات قفزت من فمها رغما عنها قائلة في هدوء يخفي حنقا باديا في عينيها: أي حسن نية من حسين وهو لا يقدر أختي ، لا يعنيه أن يأتي في العطلات إلا قليلا جدا، يظل بالعامين الكاملين بلا عطلة يرى فيها زوجته و ابنه،سامحني يا مراد لكن يبدو أنك مخدوع في ابن عمك


** ازداد تقطيب جبهة مراد و تعالت نظرات الغضب بعينيه قائلا في غضب: حسين ليس فقط ابن عمي، هو صديق عمري أيضا ، نعم يكبرني بعدة سنوات لكنه صديق عمري،أعرفه جيدا و أعرف سلامة نيته و مدى حبه لأختي فلا تضعيه في مقارنات


** اندفع هاني قائلا في غضب: لقد تحول الحوار من مناقشة مشكلة أختك إلى جلسة للدفاع عن حسين ، مراد هذا ليس الوقت المناسب للانفعال من أجل صديق عمرك، كلنا يعرف حبك لحسين الذي يفوق حبك لإخوتك أحيانا ولكن هذا ليس الوقت لذلك


**غضب مراد قائلا: يفوق حبي لإخوتي؟ من قال هذا؟ متى أحسستكم بشئ كهذا ؟ أنا أعتبر حسين أخي ولكن لا يفوق حبي له أحدا منكم ، كفاك اتهامات لي بالباطل فأنت أصلا تكرهني

** هتف هاني في غضب: أنت تخرج عن الموضوع، طبعا، معك حق ، إيلاف نصف أخت بالنسبة لك وليست أخت كاملة من أب و أم مثل هيام ولا يهمك أمرها، ما الذي جعلك تحضر معنا أنا لا أفهم، عد إلى شقتك أفضل واتركنا نناقش مشكلة أختنا


**هتف عابد في غضب: هاني اجلس واصمت تماما، مراد كف عن انفعال الأطفال هذا أيضا


**وقف مراد مبهوتا يبدل نظره بين هاني و عابد ثم قال في هدوء غاضب: حسنا، إن كان

 الأمر  كذلك، فأنا آسف جدا لتطفلي و

 لانفعالاتي الطفولية


**ثم انسحب خارجا في غضب في حين ركضت إيلاف خلفه تنادي عليه لكنه أغلق باب الشقة في عنف و نزل السلالم مسرعا ثم ركب سيارته لا يلوي على شئ


**عادت إيلاف إلى حجرة المكتب قائلة في منتهى الحزن: لقد غادر مراد و لم أستطع أن ألحق به


*٠*قالت ابتسام في بعض الحزن: لماذا فعلت هذا يا هاني؟ لقد كان بصفنا و رأيه من رأينا


**أجاب عابد في هدوء غاضب: هل تعرفين لماذا يا أمي؟ لأنه عديم الأخلاق


**هاني _غاضبا: عابد

** هب عابد واقفا هاتفا في غضب: اخرس ، انت عديم الأخلاق فعلا، و تزداد رعونتك شيئا فشيئا، تطرد أخاك من بيتي؟ و بعد أن أسمعته هذا الكلام الفارغ؟ و أوقعتني أنا أيضا في الخطأ حينما اتهمته بعدم النضج وهو في بيتي وأمام أخته الصغرى وزوجة أبيه، كيف أخرج من هذا الآن؟


**هاني: أنا................


**عابد _غاضبا: أنت عديم الأخلاق و هو أحمق متسرع لأنه غادر هكذا دون أن يسمع ردي، اسمع، أنت لا تأتي إلى الشركة غدا 


**هاني _في غضب: هل تعاقبني يا عابد؟


**عابد _ في تحدي غاضب: فلتسمها ما شئت، غدا لا تأتي إلى الشركة

**ظل هاني ينظر نحو عابد و صدره يعلو ويهبط من الغضب ثم أسرع نحو باب المكتب ومنه إلى باب الشقة


**ابتسام _موجهة كلامها إلى إيلاف في غضب:حسنا ما فعلتِ يا هانم؟ تشاجر إخوتك بسببك


**تجمعت الدموع بعيني إيلاف قائلة: لم أكن أقصد كل هذا، أقسم ما كنت أحب أن يحدث هذا أبدا


**وقفت ابتسام قائلة: هيا إلى شقتنا إذن، كفى ما حدث الليلة جدا __ثم وجهت كلامها نحو عابد قائلة: متى ستأتي زوجتك من عند 

والدتها يا بني؟


**عابد: غدا ، والحمد لله أنها لم تكن موجودة اليوم في هذا الاحتفال الأسري الرائع


**تنهدت ابتسام قائلة: حسنا، لتأتي بالسلامة _ثم وضعت كفها على وجنتة عابد قائلة: و أنت يا حبيبي لا تغضب نفسك ، مشكلة و تمر إن شاء الله

    .       ************************

***أمسك مراد بهاتفه و وجد نفسه يتصل فورا ب((حسين)) ، فور أن أجاب ذاك الأخير تكلم مراد بغضب قائلا: اسمع يا حسين، إن لم تأتِ في عطلة هذا العام فلتنسَ أن لك صديقا يدعى مراد

**بُهت حسين قائلا: مراد ماذا حدث؟ هل أصيب أحد بمكروه؟


**أجاب مراد ومازال غاضبا: كلنا بخير لكن...............

و هنا انقطع الاتصال فاتصل حسين بزوجته

 لأول مرة منذ خمس سنوات، عندما رأت اسمه على هاتفها لم تصدق عيناها، التقطت الهاتف و أجابت بسرعة: حسين؟

**أجاب في غضب: هل أخبرتِ مراد بشئ عن مشاكلنا؟


**بهتت هيام قائلة: لا، لم أفعل، لماذا؟، ماذا حدث؟


**أجاب في جفاء: هل إياد بخير؟


**أجابت مندهشة: الحمد لله


**أجاب بجفاء: حسنا، سلام


ثم أغلق الهاتف تاركا هيام تسقط في بئر الحيرة، أما مراد فقد ظل يدور بسيارته في عدة أماكن إلى أن وجد نفسه يعود بعد ساعة إلى شقته ،دخل فوجد فرح واضعة العشاء ، قالت في آلية: تفضل،العشاء جاهز


**قطب مراد جبينه قائلا:شكرا، لا شهية لدي ّ ، سأستحم و أنام فورا

**خرج من الحمام وهو يمسح شعره المبلل 

بالمنشفة فإذا به يجد عابد أمامه، صُدم ثم أنزل المنشفة ببطء من على رأسه


**عابد _في صدق لكن بصوت ثابت: ضعها على رأسك فالجو بارد و شعرك مبلل


**أطرق مراد قليلا ثم رفع عينين بهما بحر من عتاب قائلا: لا تخف، لم أعد طفلا يحتاج إلى نصائح حول شعري المبلل


**عابد _في ثبات: لقد جئت إلى بيتك لأطيب خاطرك  كما أهنتك عن غير عمد في بيتي


**أطرق مراد بنظراته ولم يجب

**صمت عابد قليلا مترددا ثم استطاع الكلام أخيرا قائلا: أنا آسف يا أخي، سامحني، لا تغضب


** رفع مراد إليه عينيه مصدومتين فالجميع يعرف أن عابد رغم شهامته و طيبة قلبه وكل صفاته الحسنة إلا أنه لا يمكن أن يعتذر إلا لمن هو أكبر منه سنا، استثقلت نفس مراد المهذبة أن يعتذر أخوه الذي يكبره بعشرة أعوام كاملة إليه و في بيته أيضا فلم يشعر بنفسه إلا وهو يحتضن عابد هامسا: لا تعتذر يا أخي، أنت أخي الأكبر مهما حدث، أرجوك لا تعتذر 


**ضمه عابد إلى حضنه أكثر وهو يربت على كتفه قائلا: لا تهتم لكلام هاني، إنه طائش و كل كلامه خاطئ، و أنا لن أمرر الأمر مرور الكرام


**أومأ مراد برأسه موافقا دون كلمة، أرسل 

الأخوان بعضهما في هدوء في حين ظلت نظرات مراد خجولة من موقف عابد ، وضع هذا الأخير كفه على وجنة مراد قائلا بابتسامة: ولكن هذا لا يعني أنني لست غاضبا منك


**رفع مراد إليه عينين متسائلتين فأكمل عابد: لقد كان بيتي وليس بيت هاني، لم يكن لك أن تخرج حين قال هذا الأحمق كلمته، لا تجعله يستفزك بعد الآن، إنه يكبرك بعام لكن عقله أصغر من عقل ابنتيك بيان و بيسان


**وقعت كلمة((ابنتيك)) من نفس مراد وقع سعادة عارمة ، أما في الحجرة المجاورة فقد كانت فرح تستمع إلى الحوار في هدوء فهما يتحدثان في الردهة مما يعني أن حديثهما ليس سرا ، عندما سمعت كلمة((ابنتيك)) تأثرت كثيرا حتى وضعت كفيها على عينيها وراحت في بكاء بلا صوت


**ضحك مراد قائلا: ولكن كيف عرفت أني هنا؟

**عابد: اتصلت بفرح و طلبت منها أن تخبرني عندما تصل فأنا أعرفك جيدا حينما تكون غاضبا تدور بسيارتك قبل أن تعود إلى المنزل ، بارك الله لك في البنات و في زوجتك يا مراد

**اعتصر قلبي الشابين من جديد دون أن يدري أحد منهما ما يجيش به صدر الآخر، يسميهما عابد زوجين ولا يدري بوقوع انفصالهما وشيكا، يبدو أن قرار الفراق لن يكون سهلا على أي منهما

يتبع

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-