أخر الاخبار

فى بيت العنكبوت الكاتبة عهد على الفصل الثاني

 الفصل السابق

فى بيت العنكبوت الكاتبة عهد على الفصل الثانى


(2)

**بدأت ((فرح)) تنظم ملابس ابنتيها التوأم ((بيان)) و ((بيسان)) في مكانهما فهي لا تستطيع النوم ليلتها هذه....من وسط الملابس سقط ((ألبوم صور))...التقطته فرح وجلست تتصفحه علي حافة السرير...ابتسمت...هاهي صورة ابنتيها وهي تحملهما مرتدية ملابس العمليات يوم ولادتهما....كانتا صغيرتان جدا...جميلتان جدا...تشابهانها تماما...تصفحت أكثر...هاهي صورة للبنتين مع أبيهما...أبيهما....و ركزت بصرها عليه و اجتاحت موجة عارمة من الحزن عقلها فراح يفكر في مرارة:: إلي متي يا إسماعيل ستظل ذكراك حائلا بيني و بين أخيك؟؟ إلي متي؟؟ أتمني أن يرحمك الله يا إسماعيل رحمة واسعة و أن يرحمنا كذلك...رباه.. أإثم هو أن أحب زوجي الثاني حبا لم أعشه مع زوجي الأول؟؟ هل خطيئة أن يدق قلبي لزوجي الثاني دقات لم يعرفها قط من قبل؟؟أم أن إثمي هو أنني تزوجت من شقيق زوجي المتوفى؟؟ عام كامل مر علي زواجي بأخيك مراد..عام كامل وهو يعاملني كأنني مازلت زوجة أخيه ولست زوجته هو...ينام في حجرة منفصلة...لا يتحدث معي إلا للضرورة و إذا تحدث فلا يكاد ينظر إليّ بل ويتحدث بأدب جمّ خانق بلا حتى مزاح و كأنه غريب عني.....كنت أظن أن الحياة معه ستكون صعبة بسبب اختلاف طبائعنا ولكن علي العكس....لم يطلب مني تغيير نمط حياتي و أقسم أن هذا مؤلم أكثر....فلقد كنت أتمني أن يتناقش معي نختلف احيانا ونتفق أحيانا حتي إن غضبنا بسبب اختلاف الخلفيات و الأفكار ولكن تركه لي هكذا لا يعني إلا شيئا واحدا......هو لا يحبني.....و لكن إن كان لا يحبني فلماذا أري الحب في عينيه تجاهي حين تقع عينه عليّ؟؟ إن كان لا يحبني فلماذا لم يتزوج من اخري ولن يلومه أحد ولا حتي انا ؟؟؟؟ إن كان لا يحبني فلماذا احتواني حين انهرت بعد مرض ((أمي)) الشديد المفاجئ ودخولها حجرة العمليات، حينها احتضنني بدفء صادق وعينين مليئتين بمشاعر صادقة، غمرني بلهفة كلهفة زوج حقيقي، أخبرني حينها أنه يبذل روحه فداءا لشعرة من رأسي و رأس ابنتاي،و أننا أغلى ما يملك،و أنه لا يحتمل أن يرى دموعا بعيناي،حينها تركت لدموعي العنان فوق صدره ،نجحت عملية

 والدتي الدقيقة،ظل بجانبنا إلى أن عدنا لمنزلها، وجدت دموعي تسيل فرحا لاجتياز والدتي تلك المرحلة الحرجة، ووجدته يمسح دموعي في حنان دفّاق راجيا إياي بألا أبكي،ظل أياما يعاملني بحنان يخفي حبا حقيقيا ،نعم لم يقل:أحبك لكن أعمى فقط هو من لم يكن يلاحظ ذاك الحب في أفعاله حينئذ

ثم خطرت لها فكرة مفاجئة.....ماذا لو كان كل ذاك الحنان و تلك الرقة مجرد محاولة منه

 لإجبار قلبه علي حبها والتعلق بها ولكن قلبه فشل في ذلك؟؟ و انهمرت دموعها عند تلك الفكرة.....ولكنها عقدت العزم.....إنها تحبه كما لم تحب أحدا من قبل ولن تتركه يضحي من أجلها و من أجل ابنتيها أكثر من ذلك....هو الآن في الثامنةوالعشرين من عمره وقد ضاع عام كامل منه في زواجه بها .....صحيح أنها تصغره بعامين و أن الجميع يشهد بجمالها و ذكائها لكنها جربت حظها في الزواج مرتين ويكفيها أن تعيش علي ذكرى حبها له....الان جاء دورها لتضحي تلك التضحية المُرة،لن تكون أنانية مثل زوجته السابقة،ستطلب منه

 الطلاق.....تَمزق قلبها لفكرة الفراق ،أحست أن روحها تفارق جسدها وتسيل تلك الروح دموعا تغرق وجنتيها ،في هذه اللحظة سمعت طرقا خفيفا مهذبا علي باب حجرتها فقالت دون وعي:: تفضل


دخل مراد و همّ بقول شئ ما لكنه صمت فجأة وهو يركز بصره علي الصورة التي مازالت في يدي فرح.....صورة أخيه إسماعيل مع الطفلتين ...رفع عينيه العسليتين إلي عيني فرح فوجد بعينيها بحر من الدموع.....مسحة ألم ارتسمت بعينيه ولكنه كتم مشاعره وقال بهدوء:: سأنزل لأتمشي قليلا

**فرح-متعجبة:: في هذا الوقت من الليل؟؟

**مراد:: نعم.....هل تريدين شيئا من الخارج؟؟

**فرح:: لا شكرا

**مراد:: حسنا....سلاماً

***ردت السلام وتركته يخرج مقررة أنه حين يعود فستتحدث معه بقرار الطلاق، قرارا لا رجعة فيه

**كان مراد ينزل السلم بخطوات واسعة كأنه ينفث فيها ما بقلبه من حزن ممزوج بالغضب ثم أدار سيارته بسرعة كبيرة حتي أنه كاد يصطدم بسيارة أمامه لكنه أوقف السيارة بسرعة فارتد جسمه بشدة الي عجلة القيادة التي كان متشبثا بها بقوة.....ظل منحنيا علي عجلة القيادة قليلا مغمضا عينيه ثم اعتدل وضرب العجلة بقبضته في قوة قائلا بصوت مرتفع غاضب:: لم أعد أفهمها....تنظر نحوي نظرات تفيض حباً و تبكي على صدري ثم أراها تبكي وهي تمسك بصورة أخي رحمه الله....كيف تحبني ومازالت تحن إليه؟؟


كانت نيران الغضب تشتعل بعينيه و تحرق روحه ثم راح يهدئ من نفسه بالتفكير في موضوعات مختلفة وبعدما هدأ قليلا نزل من السيارة وراح يتمشي علي كورنيش النيل ثم توقف مواجها النيل مغمضا عينيه مالئا صدره بهواء الليل المنعش و النسمات تتلاعب بشعره البني الناعم ..أخذته أفكاره المتلاطمة إلي ذكرياته ذلك اليوم الذي وخزه فيه قلبه واكتشف أنه بدأ يحب فرح حيث كانا متزوجين من حوالي ستة أشهر...لقد كان إسماعيل هو الأخ الأكبر الذي يكبره بحوالي

 ثلاثةعشر سنة كاملة وكان أكبر أبناء الحاج أبو الجود صالح الجهيني رحمه الله وكان الحاج أبو الجود قد تزوج من ((صابرة)) و أنجب منها(إسماعيل و أسامة و هيام) و تزوج أيضا من ابتسام و أنجب منها(عابد و هاني و

 إيلاف) و سبب زواجه من ابتسام علي زوجته الأولي صابرة أنها بعد أن أنجبت إسماعيل ظلت حوالي ثلاث سنوات لا تنجب ولا يجدي معها علاج و رغم حب أبو الجود لزوجته صابرة إلا أنه صعيدي يحب الذرية و الأولاد فتزوج من ابتسام و انجب منها عابد ثم توالى إنجاب الاولاد والبنات من الزوجتين،ثم قرر الحاج أبو الجود الذي اصبحت شركته من أكبر شركات

 المقاولات....قرر أن يجمع أسرته الكبيرة تلك في بناية(عمارة) واحدة فجعل لكل واحد من أبنائه شقة حتي ابنتيه هيام و إيلاف و جعل لزوجته صابرة شقة تبعد قليلا عن شقة ضرتها ابتسام في نفس العمارة لأنه كان يعلم تماما أن صابرة طيبة القلب لا تحب المشاكل أما ابتسام فعلي النقيض تماما...وبعدما مات الحاج أبو الجود أصبح الإخوة شركاء في الشركة برئاسة إسماعيل، الابن البكر و الذي كانوا يكنون له كل الحب و الإحترام وكان يعاملهم جميعا بكل حنان و كان لهم نعم السند، لا يفرق بين إخوته 

الأشقاء و غير الأشقاء..وعند هذه النقطة تجمعت الدموع بعيني مراد الذي مازال شاردا بأفكاره أمام النيل....اتخذ كل من الإخوة طريقه في الحياة فأصبح عابد ضابطا في الجيش و هاني لم ينجح في التعليم أما إيلاف فهي طالبة بكلية الصيدلة...اما مراد فأصبح مهندسا معماريا واخته هيام تخرجت في كلية الفنون الجميلة وكانت ((فرح(( هي صديقتها 

بالجامعة....رآها إسماعيل في منزلهم مرة بعد مرة فوقع في حبها و تزوجها رغم أنها تصغره بحوالي 

خمسةعشر عاما حتي إنها تصغر مراد نفسه 

بعامين ... و توقفت أفكاره عند هذه النقطة فراح يمشي ببطء حذا النيل ثم شرد مجددا....عندما مات إسماعيل في حادث سيارة أليم عانت امه صابرة من ازمة نفسية حادة رغم إيمانها بقضاء الله وقدره وقرب انتهاء شهور عدة فرح أرملة إسماعيل طلبت صابرة من ابنها مراد أن يتكلما علي انفراد ،يومها طلبت منه طلبا لم يخطر علي باله أبدا....طلبت منه أن يتزوج أرملة أخيه لأنها تخشي أن تتزوج فرح من رجل آخر فيربي ابنتا أخيه رجل غريب....ألقت علي رأسه القنبلة و تركته في النيران....فهو إما يقبل من الزواج من فرح الفتاة الجميلة والصغيرة ولكنه لا يحبها بل يعتبرها أخته....او يرفض و تعود أمه لأزمتها النفسية الحادة حين تري حفيدتيها يربيهما رجل غريب والجميع يعلم ان والد فرح صعيدي كوالده ولا يرضي أن تظل ابنته بلا زوج وهي في شبابها هكذا حتي و إن كان لديها ابنتان...و تم ما أرادت امه فلقد وافقت فرح علي الزواج منه وبالفعل تزوجا بعد انتهاء العدة بعدة أشهر بلا أي مظهر من مظاهر 

الاحتفال وانتقلت فرح وبناتها من شقة إسماعيل بالطابق السادس إلي شقة مراد

 بالطابق الرابع حسب رغبة مراد..إلا أنه لم يستطع أبدا مجرد التفكير في إعطاء زوجته حقوقها الشرعية كزوجة ولا حتي أن يمس يدها .... وكيف يجرؤ علي هذا وهو لا ينسي أبدا اخاه الحبيب إسماعيل الذي كان متعلقا جدا به و محبا جدا له....اغرورقت عيناه 

بالدموع عند هذه الفكرة فمسحها بسرعة خجلا من المارين بالطريق....ولكنه بدأ يشعر بقلبه يتحرك نحو فرح رغما عنه...و كيف لا و أفعالها معه كلها تدل علي أنها تحبه بل ومتيمة به رغم محاولاتها في أن تخفي هذا... حاول جاهدا تحاشي تعلق قلبه بها لكنه أخفق، رغما عنه يضطرب قلبه كلما تلاقت أعينهما، يصرف عينيه عنها ليتجنب تلك الأحاسيس التي تجتاحه ، فيأتيه صوتها ليشق قلبه من جديد، لا ينام ليله و لا تبرح صورتها خاطره نهارا، أصبح كغريق يسبح ضد التيار ،يتجاذبه تياران...تيار يصرخ بداخله:: إنها الآن زوجتك ومن حقك أن تحبها وتعيشا معا في سعادة، 

بُح بحبك و انسَ ما مضى...و تيار آخر يتهمه بنسيان أخيه الراحل الذي كان بمقام أبيه.

لكن مرض حماته المفاجئ قلب كل الموازين، حينما رأت عيناه ((فرح))بكل ذاك الضعف وهي ترى أمها على فراش المرض المبرح، عندما رأى دموعها الملتاعة للمرة الأولى منذ صارت زوجته،نعم رآها تبكي بشدة حين وفاة أخيه ولكن لم يكن بينهما من علاقة تشعره بما يشعر به الآن، وجد قلبه كأنه يريد أن يحتويها بين دفتيه ويحمل عنها كل ألم، مزق حزنها قلبه ذاك بسكين بارد، لا يفهم كيف شعر بأنها ليست فقط زوجته ولا حبيبته بل وابنته أيضا،احتضنها بكل ما في قلبه العاشق من حنان و لهفة وإشفاق و توق، لم يستطع حينئذ أن يخفي مشاعره تجاهها أكثر، لا يدري كيف كبح لسانه أن يعترف بحبها ، صمت لسانه رغما عنه لا يدري لماذا؟؟،عاش سعادة حبه أياما دون البوح بالكلمات لكنه ترك أفعاله تنبأها بذاك الحب إلى أن تشفى والدتها فيبوح لحبيبته بمكنون صدره، ولكن فجأة تمثلت أمامه صورة أخيه الراحل و طعنات سكين من الألم تعتصر قلبه... ، أخاه الأكبر، من رباه بعد وفاة والده، من احتضن خوفه و قوّى ساعده و جعل منه رجلا حقيقيا، من كان أبيه بعد أبيه،إسماعيل

.ساعتها أسرع خارجا كأنه يهرب من نفسه،

 أخبر فرح ألا تنتظره علي العشاء الذي كانت تعده....يعلم أنها لابد تعجبت و نزف قلبها حزنا صامتا كعادتها لأجل تحوله المفاجئ هذا،لكنه ظل في دوامة الندم هذه لأيام لا يستطيع أن يهرب منه،و اليوم عندما انهارت قوى روحه و تداعت أسوارها، لم يجد بدا من التماس القوة بمن ينبض قلبه باسمها، أوليست نصفه الآخر؟؟ قرر أن يرسو بسفينة قلقه على بر أمانها، أن يعترف لها بما يجيش به صدره، أن يتقوى بقلبها و حبها له على تلك الذكريات التي لا تفتأ تمزق نياط قلبه، لن يخجل من البكاء بين ذراعيها لعله يستريح مما يجيش به صدره الملتاع منذ مات إسماعيل، سيرجوها أن تصبر على تحولاته، ولاشك سيسمع قلبها العاشق صدى قلبه، دخل إلي حجرتها ليعتذر منها علي تحوله و جفائه وليعدها بأن يكون لها كما تحب لكنه قد فاجأه و آلمه ما رأى....فرح تبكي وفي يدها صورة إسماعيل....هو يحترق ذنبا لأجلها وهي تحترق حنينا لأخيه...لم يعد يدري ماذا يفعل....لا يدري حقا هل هي صادقة في مشاعرها نحوه أم كاذبة....لم يدر كيف يتصرف، أيهتف بها هل مازلتِ تشتاقين إليه؟؟ وكيف ذلك وهو أخاه؟؟ لو كان شخصا غريبا لفعل هذا، لهتف بها و أفرغ غيرته و غضبه، لسألها بقوة هل تحبه فعلا أم مازالت تحب زوجها الراحل وهو ينظر إلى داخل عينيها مباشرة و بثبات ، أما هو فموقفه لا يُحسد عليه، زوجها الراحل ذاك الذي يغار من شوقها إليه هو شقيقه،لذلك انسحب بهدوء يخفى بركانا.عند هذه النقطة زفر بقوة ثم أغمض عينيه في ألم، يا رب ماذا أفعل؟


** عاد مراد إلي سيارته بعد أن اكتشف أنه لم يتبق سوي ساعتين علي بزوغ الفجر وعندما كان يهم بفتح باب شقته إذ سمع صوتا غريبا أسفل السلم فنزل مسرعا حتي يطمئن و إذا به يري منظرا صعقه وجعل عينيه تتسعان دهشة...إنها نهلة زوجة أخيه هاني تترنح و يبدو عليها علامات السُكر الشديد و تضحك وتهزي بكلمات غيرمفهومة وهاني يحاول أن يسندها ويكاد يسقط بها وهما يصعدان السلم....عندما تلاقت عيني مراد بعيني هاني لم يستطع واحد منهما الكلام من هول الصدمة ثم استطاع هاني الكلام أخيرا ومازال محتضنا زوجته حتي لا تسقط

**هاني_بارتباك شديد:: مراد؟؟.... ما الذي 

أيقظك إلي الآن؟؟

**ضحكت نهلة ضحكة مخمورة غيرواعية وكادت تسقط علي الأرض فرفعها زوجها بسرعة من خصرها وهي ترتدي تنورة قصيرة ضيقة وفوقها معطف مفتوح من الجلد الأسود وشعرها مموج و زينة وجهها صارخة فيما كان هاني يرتدي بذلة كاملة من الجلد الأسود اللامع المناسب لركوب دراجته الهوائية((الموتوسيكل(( الذي كانا يركباه...بلا وعي قذف هاني بمفاتيح شقته إلي مراد قائلا بسرعة:: خذ واسبقني وافتح شقتي بسرعة حتي أسحبها إليها


**التقط مراد المفاتيح بسرعة و أسرع نحو الطابق الخامس حيث شقة أخيه هاني ففتحها و كان هاني قد وصل بنهلة التي مازالت تهذي الي باب الشقة الذي فتحه أخوه علي مصرعيه لتسهيل دخول هاني و زوجته

وقفت نهلة فجأة عند عتبة الباب ووضعت كفها علي وجه هاني قائلة بصوت مخمور:: أمك كان معها حق يا هاني....أبي مات وهو غير راضٍ عني لذلك فحياتي كلها صعبة....لا أحد راض عني....و أنت أيضا غير راضٍ عني أيضا....أليس كذلك يا حبيبي؟؟؟ بالطبع فهذا واضح من ضربك لي بسبب غيرتك المجنونة دوما....أليس كذلك؟؟ لم يضربني أبي رحمه الله أبدا لكنك تضربني كثيرا بسبب غيرتك المجنونة، لكنني أعرف أنك تحبني، و أنا أيضا أحبك


ثم قربت شفتيها منه وأرادت تقبيله أطرق مراد ببصره إلى الأرض حتى حمل هاني زوجته بين ذراعيه ليضعها في سريرهما وعندما خرج وجد مراد قد وصل إلي أعلي السلم فأسرع خلفه وامسكه برفق من ذراعه

**هاني:: مراد اسمعني ولا تفهم الموضوع بطريقة خطأ


**مراد_مقطبا جبينه:: الموضوع لا يحتمل الخطأ يا هاني


**هاني_مقربا يده جدا من فم مراد:: ششش....مراد أرجوك تعال معي إلي الداخل لأشرح لك الأمر حتي لا يسمعنا أحد


**دخل مراد وجلس علي الأريكة في غضب ولم ينطق بكلمة و ظل محدقا في عيني هاني فازداد ارتباك هاني

**مراد_في صوت غاضب خفيض:: زوجتك تشرب يا هاني؟؟ فتاة أصبحت تنتسب إلى بيت الحاج أبو الجود رحمه الله تشرب الخمر؟؟و ماهذه الملابس التي ترتديها؟؟ ومن أين جئتما هذه الساعة بهذه الحالة؟؟!!


**هاني_في خجل ليس من عادته::: إننا....إننا اعتدنا شرب الخمر منذ كنا نعيش في النمسا


**مراد_مبهوتا من الصدمة:: ماذا؟؟ اعتدتما؟؟!! هل تعني أنك أيضا تشرب الخمر؟؟؟


**هاني__مرتبكا:: في الظروف الصعبة فقط


**مسح مراد بكفيه علي وجهه وهو يرجع رأسه للوراء كمن وقعت علي رأسه مصيبة ثم نظر إلي اخيه هاني قائلا بصوت خفيض حزين:: ماذا أقول لك يا هاني؟؟ ماذا أقول لك يا ابن الحاج أبو الجود الرجل الطيب ذي السمعة الطيبة رحمه الله؟؟؟

**هاني:: مراد ارجوك لا تخبر أحدا بهذا حتي أفهمك حقيقة الأمر غدا.......أرجوك


**وقف مراد قائلا في صوت يقطر حزنا:: لا أريد أن أفهم شيئا يا هاني ، لم أعد أريد أن أفهم شيئا أبدا

قالها ثم مضي مسرعا إلى شقته وهو لا يكاد يستوعب ما رأي أخيه و وزوجته عليه منذ قليل..دخل شقته فوجد فرح تجلس علي

 الأريكة بانتظاره....تذكر دموعها أمام صورة أخيه الراحل فعاوده الغضب رغما عنه

**فرح_في توتر كبير:::: مراد أريد أن أتحدث معك لوسمحت


**مراد_وهو لا ينظر إليها بسبب غضبه:: هل يمكنك تأجيل هذه المناقشة إلي الغد اذا سمحت؟؟ فأنا متعب الآن


**فرح:: حسنا كما تريد


**دخل مراد إلى حجرته المنفصلة وظلت فرح جالسة على فراشها مغمضة عينيها ترسم

 ملامح حبيبها بأدق تفاصيل وجهه الوسيم في عقلها، رغما عنها سالت دموعها من بين جفنيها المغلقين،.فكرت كيف لن تراه بعد الطلاق؟؟...لن تستمع لصوته ..لن تري عيناه..مسحت دموعها وهي تقول في نفسها:: لا لن أضعف...إذا كنت أحبه حقا

 فلأبتعد عنه حتي يواصل طريقه مع فتاة يحبها ويصبح سعيدا معها..لن

 احتكره لنفسي و أسجن قلبه بين يديّ و أسرق أجمل سنوات عمره...أنت لست كذلك يا فرح...لم تكوني أنانية ولن تكوني...اذا كنت تحبينه حقا فاتركيه..اتركيه وتمني له السعادة و ليعينك.الله علي آلامك ..ثم جلست تنتظر أذان الفجر يشق ليل السماء و ليل قلبها الآسف 


*****************. *********************************************** *.            

في الصباح لم تستطع فرح أن تنتظر حتي يعود مراد من الشركة عند المغرب فانتظرت حتي انتهي من فطوره و حين همّ بالقيام عن المائدة استوقفه صوتها

**فرح:: مراد

**التفت إليها متعجبا

**فرح_في تردد:: من فضلك أريد التحدث 

الآن فالأمر لا يحتمل التأجيل لما بعد عودتك


**جلس مراد مرة أخري ببطء وهو لا ينظر إليها

**فرح_محاولة أن تضفي القوة. و الثبات علي صوتها:: مراد أنا أريد الطلاق

**نظر إليها بسرعة وهو لا يكاد يصدق أذنيه ثم ضيّق عينيه قائلا في صدمة:: ماذا قلت؟؟


**تماسكت فرح و أعادت بصوت ثابت:: أريد الطلاق بعد إذنك....أظن أن عاما كاملا قد أوضح لكلينا أننا لسنا مناسبين لبعضنا


**أكملت كلاما كثيرا لكن مراد لم يسمع منه حرفا واحدا فلقد انطلقت شياطين عقله تصرخ به بلا صوت((أرأيت ؟؟ إحساسك كان صحيحا...كانت تتلاعب بك....كانت تتلاعب بكم جميعا....هي لا تحبك....تزوجتك فقط و صبرت عاما كاملا حتي تخبر الجميع أنكما غير مناسبين لبعضكما و عندئذ تطلق منك و تتزوج من تريد بدون أن يلومها أحد....كم كنت مغفلا يا مراد((

**كان الغضب يتصاعد داخله فلم يسمعها وهي تكرر:: مراد أريد أن اسمع رأيك....مراد....مراد


** كتم مراد غيظه لكنه لم يستطع ان يكتم وجومه فنظر إليها قائلا بصوت حاول أن يكون حياديا:: هذه الأمور لا يتخذ فيها رأى مفاجئ....القرار لن يؤثر علينا وحدنا بل سيؤثر علي عائلتي و عائلتك لذلك يجب أن نفكر في كيفية إخبار الجميع


**فرح_محاولة الثبات:: حسنا معك حق


**مراد::حسنا.. سأخبرك بالوضع قريبا..

..أنا ذاهب إلى الشركة الآن

**و لم ينتظر جوابها فخرج من الشقة سريعا ،قالت هي بصوت هادئ و دموعها تسيل تحدث نفسها بعد خروجه:: لم تتردد في الموافقة يا مراد....ترددت فقط في كيفية إخبار أهلينا...احساسي كان صحيحا...كان يحاول إجبار قلبه علي حبي و فشل...حتي عندما استأذننا اخوه عابد في أن يبيت الطفلتان عنده رفض .... رفضه كان لأنه لا يريد أن يجعل أي فرصة لنكون وحدنا في الشقة وهذا ما كان يفعله علي مدار زواجنا القصير....زواجنا المسكين....وردتنا التي ذبلت قبل أن تزهر

و عندئذ انهمرت دموعها فراحت تبكي بصوت مسموع لعل دموعها تطفئ احتراق قلبها


***عندما وصل مراد الي الشركة و دخل مكتبه وجد هاني ينتظره بالداخل


**هاني_بصوت منفعل:: لماذا تأخرت هكذا؟؟


**زفر مراد بقوة قائلا في نفاذ صبر::: افففف ...هاني اسمع....انا لست في

 حالة مزاجية تسمح بالشجار معك اليوم


**هاني_بضيق:: لم آتي للشجار يا باشمهندس جئت لأسألك فقط هل أخبرت عابد بشئ؟؟


**مراد_يزفر في غضب::أخبرتك بالأمس أنني لن أخبر احدا.... ثم إن خوفك هذا يدل تماما علي أنك تعرف فداحة ما أنت عليه أنت و نهلة فلماذا تفعلانه؟؟

**هاني_يزفر بغضب:: أخبرتك أنها عادة سيئة اعتدنا عليها و كفي..فقط أنا لا أريد ان يعرف أحد حتي لا يصل الأمر إلى عابد و أمي لأنك تعرف أنهما لم يكونا موافقين علي الطريقة التي تزوجت بها نهلة من البداية

**مراد_في غضب:: و من يرضي أن تهرب معك من بيت أبيها لتتزوجك بعد أن رفضك أهلها ؟؟ لقد مات أبوها من الحسرة غاضبا عليها بسببك و انت تعلم أن إسماعيل رحمه الله رفض زواجكما لكنك أصررت وعندما منعك إسماعيل من دخول البيت والشركة سافرت معها إلي النمسا ولم تعودا إلا بعد عامين من زواجكما يوم مات اسماعيل في الحادث.... ولولا أن والدتك توسلت إلي عابد ليقبلك بيننا أنت و زوجتك لكنتما طريدين مازلتما..و حتي بعد

 زواجكما المهين هذا فإنك تضربها يوميا بسبب غيرتك العمياء ، حياتك وقراراتك كلها خاطئة


**هاني_بصوت غاضب مرتفع:: لا تحدثني هكذا و كأنك لا تخطئ أبدا... ألا تري

 حالك؟؟ ..ترهن شبابك بامرأة لديها طفلين ،كانت زوجة أخيك و أنت لا تحبها ....ما الرابط بينكما؟؟ لا شئ..لا تظن أنها تحبك...لا تنسي المرأة والد أبنائها بهذه السهولة.هي تزوجتك حتي لا تخرج من نعيم أموال الحاج أبو الجود والدنا رحمه الله ولا ينقصها شئ و أنت تهدر حياتك معها كالأحمق


**مراد_هاتفا بغضب:: هاني...ابتعد عني 

الآن و عد إلي مكتبك


**هاني_هاتفا بغضب:: لا لن أخرج إلا بعد أن أفرغ ما في قلبي...لا تظن نفسك أفضل مني 

لأنك أصبحت مهندسا وساعد الشركة الأقوى و أنا فشلت في تعليمي، و لا تستمتع كثيرا بدور الفارس المضحي الذي تزوج أرملة أخيه الأكبر ليربي ابنتيه ولا 

بالامتنان الذي تراه في عيني أمك...فلا أمك الخالة صابرة ستدفع الثمن ولا حتي فرح ستدفع ثمن عمرك الذي يضيع هدرا أيها الغبي الذي يظن نفسه منقذ الغرقي... أنت مجرد شاب أحمق تستغله زوجته من أجل المال 

و تمّثل امامه دور المحبة المتفانية


**لم يشعر مراد بنفسه إلا وهو يلكم هاني في ذقنه بقبضة يده بقوة صارخا::قلت لك اخرس يا هاني


**التوي جسد هاني من شدة الألم وهو يمسك ذقنه بيده هاتفا:: تضربني يا حقير؟؟؟


**أفاق مراد من غضبه فأمسك ذراعي هاني الذي مازال يتلوي ألما قائلا برجاء:: هاني أنا آسف....لم أقصد هذا تعال لأضع لك ثلجا علي ذقنك

**دفعه هاني في صدره بقوة هاتفا بغضب:: ابتعد عني و إلا هشمت رأسك هذا 


**مراد:: حسنا....حسنا...اهدأ فقط...اجلس قليلا

**هاني_صارخا:: أقسم بالله إن لم تبتعد عني الآن........


**كان ألم اللكمة قد خف كثيرا حين فوجئ الجميع بعابد يقتحم المكتب و ملامحه غاضبة لأقصى حد:: ما هذا يا بشوات؟؟ ألم يكفيكم الشجار في المنزل؟؟؟ وصل تهوركم إلي حد أن تتشاجرا هنا في الشركة؟؟

**ثم نظر عابد بغضب شديد إلي هاني قائلا:: و انت؟؟ ما الذي جاء بك إلي مكتب أخيك؟؟....ثم لاحظ أثر اللكمة علي ذقنه الحليق فأشار إليها قائلا:: وما هذه اللكمة؟؟

**هاني_في غضب شديدمشيرا نحو مراد:: إسأل أخاك المهذب المحترم


**التفت عابد إلي مراد في دهشة عارمة

 قائلا بصوت مصدوم:: أنت يا مراد؟؟ أنت لكمته ؟؟

**مراد_في ندم حقيقي:: أنا آسف يا عابد و أرجو أن يسامحني هاني والله لم أقصد وأنا مستعد أن أفعل أي شئ يرضيه


**عابد_في غضب:: و ما الذي جعل الشجار بينكما يتطور هكذا؟؟


** ارتبك هاني وخاف أن يفشي مراد سر ما حدث بالأمس فتلعثم قائلا:: إنني...أنا....أقصد


**فأنقذه مراد قائلا بسرعة:: أنا السبب يا عابد...أنا تدخلت في شؤون بينه وبين زوجته.وما كان ينبغي عليَّ فعل هذا...أعتذر مرة أخري

**أخذ عابد نفسا عميقا ليسيطر علي غضبه ثم قال:: هاني اذهب إلي مكتبك وضع ثلجا و دواءا علي ذقنك أم انك تريد أن تذهب للمنزل؟؟


**هاني::لا...سأستمر بالعمل...أنا بخير


**خرج هاني بسرعة ثم التفت عابد الي مراد 

مائلا نحوه قائلا بلهجة صارمة وبنظرة نارية:: اسمع.... انا أعرف أن بينكما ماهو أكبر من هذه الرواية الهزيلة التي رويتها لي... ولكنكما رجلين ناضجين ولن أتدخل أكثر من هذا ،تعاملكما في الشركة خط أحمر لكليكما يا مراد ، لن أتحدث مرة أخرى في هذا الأمر


**أومأ مراد برأسه موافقا ومقطبا جبينه


**خرج عابد من مكتب مراد إلي مكتب هاني فوقف هاني ترحيبا

**عابد:: اجلس يا هاني....كيف أنت الآن؟؟

**هاني_مرتبكا:: الحمد لله

**عابد_بنظرة صارمة::بماذا استفززته حتي اضطررته إلى أن يلكمك هكذا؟؟

**هاني_مرتبكا:: لقد أخبرك هو واعترف أنه المخطئ

**عابد_بنظرة صارمة:: مراد لا يفعل ذلك أبدا من أجل سبب تافه...مراد إنسان هادئ و متزن ومهذب طوال حياته والجميع يعرف ذلك


**هاني_غاضبا:: مراد مراد مراد....لماذا يشعرني الجميع و كأن مراد هذا ملاك لا يخطئ؟؟

**عابد_بهدوء:: لا أحد قال هذا ولكنه لا يخطئ خطئا كبيرا كهذا بسهولة 


**هاني_غاضبا:: كلكم هكذا....ترفعونه فوق الخطأ....لا أفهم كيف تنظرون له بهذه النظرة


**عابد_غاضبا:: لماذا تكرهه هكذا؟؟


**هاني_مندفعا في غضبه:: هل تريد ان تعرف لماذا؟؟... لأن أباك رحمه الله كان دائم المقارنة بيننا وكانت المقارنة دائما في صالحه... أنا اكبره بعام لكنني رسبت في الثانوية العامة فصرت أدرس معه في نفس السنة الدراسية... نجح بمجموع كبير و رسبت انا مرة أخري..أصبح هو مهندسا و ذراع الشركة الأيمن و انا لم أنجح في أي جامعة التحقت بها ولا حتي بأموال أبي...و في خلال هذا كان ابي دائم المقارنات بيننا...إنه الابن المثالي المتفوق دراسيا وعمليا، الذي يرفع رأس والده فخرا دوما..أما انا فصفر أمامه..صفر على الشمال...هل عرفت الآن لماذا أكرهه؟؟ 


**كان هاني يلهث من فرط الانفعال فيما كان عابد صامتا مصدوما ، ظلا ينظران لبعضهما فترة حتي أدار هاني وجهه وقد بدأ يشعر 

بالخجل من افتضاح موقفه أمام عابد،أما عابد فقد سكت قليلا ثم بدأ يتكلم فقال في رصانته المعهودة:: أرجو أن

 تتخلص قريبا من عقدك و أن تتذكر أنه أخوك قبل كل شئ فما تتحدث عنه قد فات منذ وقت طويل...أنتما الآن رجلين بالغين في أواخر العشرينات كل منكما مسؤول عن أسرة و لم تعودا طفلين أو مراهقين


**كان هاني يعلم أن عابد يضربه بالكلمات و يؤنبه بأسلوب خفي فأومأ برأسه موافقا دون كلمة

***عند المغرب كان مراد يمر علي شقتيّ امه صابرة ثم اخته هيام كعادته يوميا ولكنه لم يجد أمه في شقتها فاتجه إلي شقة هيام فوجد والدته و أخته إيلاف عند هيام فاستبشر وجهه

**مراد_يقبّل رأس أمه و يدها:: ست الكل حبيبتي

**صابرة_تربت علي رأسه بحنان::نور عيني مراد أهلا بك

**ثم احتضن هيام و قبّل وجنتها ثم احتضن إيلاف قائلا:: وحبيبتي الصغيرة ايضا هنا؟؟

**إيلاف_ضاحكة:: أصبحت في الفرقة الرابعة من الجامعة و تم عقد قراني ومازلت تلقبني بالصغيرة؟؟؟؟

**مراد ضاحكا:: طالما لم تصبحي في بيت زوجك رسميا فما زلت صغيرة في عيني....بالمناسبة كيف حاله مروان؟؟

**إيلاف_مبتسمة:: الحمد لله بخير

**مراد_ضاحكا:: إنه ماكر جدا....قبل عقد قرانكما كان يتصل دوما بي و بعابد و بهاني أما الآن فلم يعد له حاجة بنا....طبعا....و من يحتاج النجوم و هو يستعد للحياة مع القمر؟


**ضحكت صابرة و هيام وابتسمت إيلاف في حياء ولم ترد


**هيام_ضاحكة:: طبعا...يالحظك الرائع يا 

إيلاف أصبح أخوك مراد الآن شاعرا لكن وقت خطبتي و زواجي أنا لم يسمعني كلماته الجميلة تلك رغم أن زوجي هو ابن عمنا و أعز أصدقائه

**مراد_ضاحكا:: يالقلبك الأسود....كان هذا منذ خمسة أعوام كاملة ولم يكن لي خبرات بالكلام ولا بالناس

**هيام_ضاحكة::: إذن البركة في فرح فمن الواضح أن حبها هو ما جعلك شاعرا....هذا حتي تعلموا فقط أن صديقاتي لسن كأيةصديقات....بركاتك ياشيخة فرح

** و راحت هيام و إيلاف تضحكان و صابرة تضحك بوقار لكنها لاحظت أن مراد يتصنع الضحك ولا يضحك من قلبه

**حاول تغيير الموضوع فقال مازحا:: أين الحفلة التي وعدتنا بها يا آنسة إيلاف؟؟

**هيام_رافعة يدها في مرح:: نعم صحيح تذكرت....حفلة ختامك لحفظ القرآن الكريم.... أم أنك تكاسلت و لم تتمي الحفظ؟؟


**إيلاف_ضاحكة:: لا لم أتكاسل الحمد لله ولكن معلمتي وضعت طفلها للتو و هي في إجازة لذا أوقفت الحفظ حتي تعود إن شاء الله

**هيام_ضاحكة::حسنا ولكنني لا أفهم ما معني حفلة ختام حفظ القرآن....ماذا سنغني في هذا الحفل؟؟

**إيلاف_ضاحكة:: وهل لابد من الغناء؟؟ يكفي أن نجتمع معا ونقضي وقتا سعيدا

 كأسرة

**هيام_ضاحكة:: اممم حسنا.... اعطني ميعادا تقريبيا لهذا الحفل حتي أجهز قائمة الحلوي التي سأصنعها لك

**إيلاف تحتضن هيام:: لا حرمني الله منك يا هيام....لا أعرف كيف أشكرك

**هيام:: أنت أختي الوحيدة يا حبيبتي فلا تشكريني علي الواجب و أتمني ان نحتفل قريبا بزفافك يا أجمل عروس....هيا أخبريني بالموعد

** صابرة:: لا حرمكم الله من بعض أبدا


**إيلاف_ضاحكة:: امين يا خالة صابرة....عموما يا هيام الحفل لن يكون قبل شهر من الآن ان شاء الله


**شرد مراد قليلا رغما عنه مفكرا:: هل في هذا الوقت ستكون فرح لازالت زوجته أم أنها لن تكون جزءا من هذه العائلة بعد الآن


**إيلاف_تقف:: استأذن أنا الآن حتي أذهب

 لأمي حتي لا تغضب من تأخيري


**هيام:: انتظري وتناولي العشاء معنا


**إيلاف:: لا آكل بدون أمي كما تعملين...بالهناء والشفاء لكم

**هيام::حسنا حبيبتي بلغي سلامنا للخالة ابتسام


**ذهبت هيام لتوصيل اختها الي الباب فاتجهت صابرة الي ابنها ففاجأته قائلة:: مراد ما بك؟؟


**مراد_مرتبكا:: أنا؟؟....لا شئ الحمد لله


**رأت صابرة ابنتها هيام قادمة فقالت بصوت خفيض:: سنتحدث فيما بعد علي انفراد


**هيام_ضاحكة:: أحمد الله أن إيلاف طباعها ليست كطباع والدتها أبدا و إلا كنت سأعتبر انه لا أخت لي

**نظر مراد لها نظرة عتاب و أسرعت امها صابرة قائلة:: هيام لا تغتابيها يا ابنتي ستأخذ حسناتك

**هيام_في ندم:: حسنا أصلح الله حالنا و

 حالها

**صابرة:: سأقوم أنا لأتم صلاة سنة العشاء


**تركت الأم ابنها وابنتها و ذهبت لتصلي في حجرة مجاورة


**هيام_بصوت خفيض:: مراد ما بك؟؟


**مراد_متعجبا:: و ما بي؟؟


**هيام:: لا أعلم ولكنني أشعر أن هناك شيئا يحزنك


**مراد _يتنهد بحزن:: لكمت أخوك هاني


**شهقت هيام و وضعت يدها على فمها


**مراد :: أخفضي صوتك 


**هيام_بصوت هامس وعيناها تتسعان دهشة:: أنت تفعل ذلك؟؟ لماذا؟؟

**مراد _في حزن::تشاجرنا... لا يهم الآن.... ألن ينزل حسين في إجازة هذا العام أيضا؟؟


**هيام_مضطربة:: تقريبا لن ينزل


**مراد _عابسا:: ما زوجك هذا؟؟ لم ينزل العام الماضي فلماذا؟؟ أنا لا أفهم لماذا سافر الخليج أصلا رغم أن مكانه محفوظ بشركتنا؟؟ إنه ابن عمنا الوحيد و قد تربي بيننا منذ طفولته بعد موت عمك و زوجته ثم أصبح زوجك فلماذا تركنا؟؟


**هيام_مرتبكة:: لا أعلم...أنت تعرف تحقيق الذات وما إلي ذلك


**مراد _في وجوم:: ولكنك و ابنه تحتاجانه ... و أنا أيضا... أنت تعرفين أنه صديقي الأقرب في كل حياتنا...منذ الطفولة وحتي الجامعة...ليته ينزل هذا العام


**اقتربت هيام من أخيها وفي عينيها دموعا وهي تربت علي يديه قائلة بقلق كبير:: مراد...نبرة صوتك تقلقني...بالله أخبرني ما بك...أنت لست علي ما يرام


**تفاجأ مراد فربت علي رأسها قائلا:: حبيبتي انا بخير...لا داعي لكل هذا القلق....اهدئي


**احتضنته هيام في حنان ودموعها تسيل قائلة:: منذ مات إسماعيل لم يعد لي أخ من نفس الأب و الأم غيرك....أرجوك يا حبيبي لا تدع مكروها يصيبك....أنت الآن أبي و أخي


**احتضنها مراد محاولا السيطرة علي مشاعره حتي لا تدمع عيناه هو الآخر ثم 

أبعدها برفق قائلا بمرح:: إنني كالقرد أمامك ليس بي ضرر...__ثم أخذ يمسح دموعها بيده في حنان__ امسحي دموعك الغالية تلك ولا تهدريها مرة أخري فلا شئ يستحق إهدار هذا اللؤلؤ....ثم إنك ستتسببين لي في مشكلة مع الأمم المتحدة ووكالات 

الأنباء العالمية إذا خرجت أمك ووجدتك تبكين...ستظن أن مصيبة وقعت علي رأسي وتبدأ هي أيضا بالبكاء و التحري والتحقيق والتدقيق حتي الصباح


**ضحكت هيام وهي تمسح دموعها


**وقف مراد مبتسما:: سأذهب أنا الي شقتي


**هيام:: تعشي معنا


**مراد _مبتسما بحب:: و صديقتك تتعشي وحدها؟؟!!!!!!!!


**هيام_مبتسمة:: حسنا...أدام الله عليكما سعادتكما...أبلغ فرح سلامي


**مراد ::حسنا و أبلغي أمي السلام حين تنتهي من صلاتها


**نزل مراد علي السلم وهو يتمتم:: سعادتنا؟؟ سعادتنا المزيفة هذه ستنتهي قريبا


****و في حجرتها بعد نوم الجميع كانت هيام تحاول عبثا الاتصال بزوجها حسين عبر شبكة الانترنت ولكنه كالعادة لا يجيب علي

 الاتصالات أبدا و يرد عبر الرسائل الاليكترونية فقط و في الوقت الذي لا تكون هيام متواجدة مباشرة علي الخط معه فبعثت له رسالة ليكترونية من جملة واحدة(( حسين...أرجوك حاول نسيان الماضي و تعال إلينا....نحن جميعا نحتاجك...إن لم يكن من أجلي فمن أجل عصام و أخي مراد....مراد في اشد الحاجة إليك يا حسين...أرجوك))


**قفز قلبه خوفا عندما رأى كلماتها عن صديق عمره وابن عمه فهو يعرف تماما أن صديقه لا يشكو إلا عندما يبلغ به الألم منتهاه فبعث رسالة فورا ((ما به مراد؟؟ عساه بخير((


**فرحت هيام جدا فهذه أول مرة يراسلها وهو يعرف انها علي الخط مباشرة فكتبت بسرعة(( لديه مشكلة كبيرة ويرفض إخباري بها((

**مر وقت و كأنه يفكر ثم كتب(( حسنا...سأتصل به....سلامي لعصام(( ثم أغلق حسابه الشخصي و أغلق معه طاقة الأمل البسيطة التي لاحت في نفس هيام


**لم يستطع مراد التوجه إلي شقته دون أن يتوجه إلي شقة هاني فوجد نفسه أمام بابه

 يطرقه.... فتح هاني الباب و عندما وجد مراد تفاجأ

**هاني_عابسا:: ماذا تريد؟؟


**مراد::هل تسمح لي بالدخول؟؟


**تراجع هاني و أفسح له الطريق ثم أدخله الي حجرة المكتب وأغلق الباب


**هاني_عابسا:: ما الذي جاء بك؟؟


**مراد:: جئت أعتذر


**هاني:: اعتذارك غير مقبول

**مراد _في رجاء:: هاني نحن إخوة لأب واحد....أرجوك لا تجعل الشيطان يدخل بيننا أكثر من هذا...أعلم أنني أخطأت خطأ كبيرا بحقك ولكن ألا تري أنك أنت من دفعني لذلك؟؟

**هاني_في غضب:: أنا؟؟


**مراد:: نعم....أنت تكلمت بكلام غير صحيح


**هاني__ساخرا في غضب:: ماهو الغير صحيح بالضبط في كلامي؟؟


**ثم اقترب منه و راح يطرق صدر مراد بيده في رفق قائلا بغيظ و بطء ناظرا في عينيه مباشرة بنظرات شيطانية:: لو لم تكن في قرارة نفسك تعلم أن كلامي صوابا لما غضبت لدرجة أن تلكمني...اعترف لنفسك بأن كلامي هو الحقيقة يا ابن أبي...كفاك كذبا على نفسك


**طرقت كلماته وتر الشك المشدود في نفس مراد بقوة فظل ناظرا بعيني أخيه في صمت كأنه مسحور و رأسه يغلي من التفكير ثم استطاع أن 

يتكلم أخيرا قائل في صوت حاول إضفاء الهدوء عليه:: دعك مني و من فرح الآن يا هاني....أنا جئت كي تسامحني علي اللكمة


**هاني__بتشفي:: لا لن أفعل


**مراد __بغضب:: لا أفهمك....لماذا تصر علي إطالة أي شئ يفرق بيني و بينك...أنت لا تعاملني هكذا لأني ابن زوجة أبيك فلقد كنت تحب أخي إسماعيل رحمه الله ومازلت تحب أختي هيام أما أنا بالذات فتعاملني معاملة جافة جدا...لماذا؟؟


**هاني:: لو سمحت وقت نومي قد حان


**نظر إليه مراد وهو يكتم غيظه ثم خرج وهو يزفر في حنق


**دخلت نهلة فور خروج مراد من الشقة قائلة بتعجب:: لماذا لم تسامح أخاك ؟


**هاني__مبتسما ابتسامة يطل منها الغضب:: أنا أحفظ شخصيته ،سيظل يأكله الندم علي لكمته لي كلما تذكرها و أنا أحب أن أطيل عذابه، _ثم أضاف بلهجة استهزاء_ ابن الخالة صابرة المهذب مرهف الإحساس ، لن يستطيع النوم الليلة المسكين ليس فقط لإحساسه بالذنب تجاهي بل لهذه الأحجار التي قذفت بها على قلبه بخصوص فرح، ألا مرحى لك يا هاني يا صاحب الأفكار، الفتى ممزق داخليا و ها أنت تضغط أكثر حتى يصل إلى مرحلة الانهيار الذي تشتهي أن تراه عليها


**نهلة__في حزن:: أنت مريض


**اقترب منها و ربت علي شعرها ببطء هامسا 

بأذنها :: مريض بحبك

ثم حملها كطفلة صغيرة و أغلق باب الحجرة بقدمه في عنف

يتبع

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-