أخر الاخبار

ترويض ادم للكاتبة بتول طه الفصل العاشر

 

ترويض ادم للكاتبة بتول طه

الفصل العاشر 

جميع حقوق الملكية والنشر تعود لي ولا احلل فكرة السرق او نشر الرواية دون الحصول على موافقتي.


================================


الجزء العاشر


"شيرين أنا.." همس لتحرق رماديتاه عيناها العسليتان وقد بعثت نظرته رجفة لجسدها ولكن ليست أثر خوفها من غضبه أو من أن ينفجر احتداداً بسبب شيء فقط شعرت أنها لا تريده أن يبتعد، تريد أنفاسه الدافئة لتخترقها، تريده بشعره الأسود الفوضوي ولحيته التي أصبحت نامية.. هي تريده بكل غضبه وبروده وغروره وتحكمه.. تلمست صدره ولحيته النامية ليسكت كالأبكم لا يقدر على قول شيء.. وأما هي لم تعد تدرك ما تفعله، هي تتعجب لتصرفاتها ولكن شعور اقترابه منها لم تشعر به مع أحد من قبل!


"ففـ.. فيه ايه يا آدم؟" سألته بتلعثم ناظرة لشفتاه وهو لايستطيع التحدث.. ثم تفقدت رماديتاه لتجده ينظر لها بألم كمن يحاول أحد اقتلاع خنجراً من قلبه.


"أنا.. أنا.. شيرين أنا" تلعثم مجدداً لتًلفح أنفاسه وجهها ثم دنا لرقبتها وهمس بجانب أذنها "أنتي بقيتي.. كل.." تلعثم بعد أن أرسل رجفة في جسدها ثانيةً ثم ابتعد فجأة ليصيح بغضب "يخربيت كده" ثم ركل الأرض بقدمه ليفجر عن غضبه وخلل شعره الأسود بيديه وذهب تاركاً أياها متوجهاً لمؤخرة السيارة ليدخن باعداً نظره عنها ليصمت وتنتظر هي مكانها.


مر الكثير من الوقت على هذا الوضع فهو ينفث دخانه غاضباً من نفسه وغاضباً مما فعله ولأول مرة بحياته يتلعثم أمام إمرأة ليزداد غضباً على غضب "أنت عملت ايه يا غبي أنت؟!" تسائل لنفسه مفكراً ليندم على فعلته.


لم يجد تفسيراً بداخله لما فعله سوى أنه تسرع للغاية عندما رآها وعندما رآى كريم معها، وآخذ يُفكر كيف سيواجهها وهو لم يخطط لأي مما حدث. لم يشعر كم مر من الوقت.. لم يكترث بأنها خلفه تنتظره بفارغ الصبر، لم يهتم ببرد الشتاء وهواءه الذي يخلل شعره الفوضوي.. فقط أستعشر قدومها لتنظر إليه متحاشية ببراءة وخجل النظر لعيناه مباشرةً وشعرها الأسود الفحمي المبعثر جعله يفقد عقله أكثر.


"الوقت أتأخر.. والساعة بقت أربعة الفجر و.. واحنا عندنا شغل بكرة بدري.. وكمان أنا.." تلعثمت لتتوقف لبرهة وترفع خصلة من خصلاتها الفحمية خلف أذنها لتكمل "أنا سقعت اوي ومكنتش أعرف إني هاخرج من البيت كده" قالت محاوطة جسدها بذراعيها كالطفلة الخائفة لينظر لها مطولاً واقفاً ليعكس قدماه ويده ببنطاله بغرور وهيبة بينما أمسك سيجارته يدخنها بيده الأخرى ليتفقدها مجدداً بتلك الرماديتان وهو لم يعد يدري ما الذي يحدث له كلما نظر لتلك الفتاة.


"تمام" همس ببرود ثم ألقى سيارته أرضاً بعد أن استنشق منها وعيناه لم ترمش ولو للحظة واحدة عن وجهها وآخذ يقترب منها حتى كادا يتلاصقا وخلع سترته ليلبسها اياها رغماً عنها ويغلقها بإحكام "كده أحسن؟" سألها ببرود وصوته العميق يكاد أن يدفئها لتومأ له هي ونظر لها ثانيةً من أعلى رأسها لأخمص قدماها ليراها حافية القدمين ليعيد يده بجيبيه في زهو وغرور ليتطلع لمظهرها مجدداً ليبتسم نصف ابتسامة كأنه ينتقم منها بما يفعله بها ليعوض جزءاً صغيراً من آلامه التي تسببها هي له ثم تركها عائداً للسيارة لتتبعه في صمت.


دلفت بجانبه وهي تفكر بكل ما حدث، لماذا قبلها؟ ولماذا سمحت هي له؟ كان عليها أن تنهاه وتبعده عنها بأي طريقة حتى لو وصل الأمر لصفعه!! لماذا تساهلت معه هكذا؟ لماذا تركت اشتياقها له يتحكم بها بل وجعلها تتقبل ما فعله؟ زفرت في حنق شديد ثم شعرت فجأة بالدفئ يحاوطها من كل مكانلتهز رأسها في سخرية على نفسها وعلى غباءها الشديد


"غبية!! ليه مشغلتش التكييف!! لأ وروحتله زي الهبلة واخدت الجاكيت بتاعه!! متخلفة فعلاً! لأ ومرمية كل ده وعمالة أفكر في لوح التلج ده!" صرخ عقلها وشعرت بالغضب لتجده يتوقف بالسيارة أمام منزله لتلوم نفسها مجدداً فهي حتى لم تلاحظ الطريق.


"يا سلام!! هتعيشني معاك بالعافية ولا ايه؟ هتفضل كده تتحكم في كل اللي يخصني لغاية امتى؟ وبعدين موصلتنيش بيتي زي ما جبتني منه ليه؟" صاحت به غاضبة ليغادر السيارة ويتوجه نحو باب مقعدها ليحملها لداخل منزله ووجهه خالٍ من أي تعابير"إلهي ايدك تتشل!! بتشلني ليه دلوقتي؟ اتفضل نزلني!" صاحت به ولكنه لم يكترث فقط ينظر امامه نظرة مبهمة لتنظر له هي بغيظ وعسليتاها الناريتان انهال منهما الغضب بإستفزازه الشديد لها "مسمعتنيش بقولك ايه؟" سألته بغضب ليكمل طريقه متوجهاً للأعلى.. "ما تبطل يا غبي أنـ.." صرخت ليقاطعها


"حتى وأنتي في بيتك ابقي البسي حاجة في رجلك، ولسانك ده لو ملمتيهوش هاقطعهولك" قالها ببرود وهو مازال يحملها ثم أجلسها على الأريكة بالغرفة ليتوجه خارجاً.


"لا لا لا.. أنا مش هاسمحلك بكل الهبل اللي أنت بتعمله ده.. أنا زهقت منك ومن برودك ومن تصرفاتك العجيبة دي وهنكد عليك عيشتك وهخليها أسود ليلة عيشتها في حياتك!" تمتمت غاضبة لتلاحقه لغرفته فتحت الباب بغضب لتراه عارِ الصدر جالس بهدوء ليشرب من كأسه لتبلع ريقها وتتعالى أنفاسها ولكن لم تترك هذا ليؤثر عليها


"بص يا قليل الذوق أنت.. أتلم كده وبطل الهبل اللي بتعمله ده.. لغاية امتى هتفضل تعمل حركاتك دي؟" صرخت به غاضبه ولكنه لم يجيبها ولم ينظر إليها حتى.


"ده أنت كمان بتتنك!! هترد ولا أقسم بالله هموتك بإيدي الاتنين دول؟!" صرخت به مجدداً ليبتسم هو بإستهزاء وغرور ناظراً لها سريعاً ثم نظر بعيداً ليشرب من كأسه مرة أخرى بدون أن يقول شيئاً.


"تمام أوي.. خليك كده متردش، ويكون في علمك أنا ماشية وراجعة بيتي وطظ في كل كلامك وحركاتك والتخلف بتاعك ده.. وأنا مش هاشتغل مع مجنون زيك" اتجهت لتغادر غرفته ثم ألتفتت لتخلع سترته فاتحة سحاب السترة "ومش عايزة منك حاجة" صاحت والغضب والحقد يملئا نبرتها لتلقي السترة بوجهه وفي لمح البصر قام هو ليواجهها ومنعها عن تخطي الباب


"عايزة ايه؟" همس لتخترق رماديتاه عسليتاها بمكر وغرور


"عايزة أمشي ومش عايزة أشوف وشك تاني" اجابته بحنق ممتزجاً بالتوتر من تلك الرماديتان


"مش هايحصل" قال ببرود


"لا هايحصل" عقدت ذراعاها لتنظر له بغضب


"أنا قولت اللي عندي ومفيش مناقشة في الموضوع ده"


"لا يا آدم!! أنا مش بناقشك، أنا ببلغك.. فيه فرق كبير اوي بين الاتنين" صاحت بضحكة تهكمية خافتة بين حديثها له


"متستفزنيش!" همس ليقترب منها خطوتين لترجع هي للوراء


"أنت مجنون! إنسان مش طبيعي، ايه اللي يخـ.." صاحت به


"مجنون مجنون.. مش مهم!" قاطعها ثم توجه ناحيتها مجدداً لتخطو هي للخلف وهي لازالت تنظر له نظراتها النارية الغاضبة


"ده أنا مشوفتش كده أبداً!! وكمان بتتنك!! أنت أكيد مش طبيعي.. يا أخي غور في داهية بقا وحل عني"


"بجد؟" سألها ليدنو منها مرة أخرى لتلتصق هي بالجدار لا تدري أين تذهب بعد ذلك.. وضع يداه بجانبها ليحاوطها يميناً ويساراً


"ابعد عني لحسن والله هاخـ... "


"أنتي مش قولتيلي أغور في داهية؟" قاطعها لتسأله هي بسرعة رافعة احدى حاجباها في ثورة وانزعاج مما يخبرها به لتشعر بغليان الدماء داخل جسدها من كثرة استفزازه لها بأفعاله التي لا تنتهي


"وأنت شايفني داهية؟!" لم يجيبها، لن يستطيع أن يخبرها أنها أصبحت جحيمه التي تحرق قلبه كلما أقترب منها، تآخذه بتلك النظرات لتجعله يذهب لمكان لم يعرف به منذ أن ولد، يشعر دائماً أنه مشتت أمامها ولم يستطع أن يحدد ماذا تفعل تلك الصغيرة به؟


ظلت تنظر لعينيه اللتين تغيرتا وحلكتا بعد أن غابت تلك الرمادية الصافية بهما لتجده قد اقترب منها لدرجة أنها شعرت بأنفاسه تُلفح وجهها لتتأمل ملامحه الجامدة الباردة دائماً "هو أنت شكلك بيتغير كده ليه كل ما بتقرب مني؟" سألته بتلقائية وجرأة شديدة وكأنها تنطق كل ما تفكر به بمنتهى العفوية ولكنه لم يجيبها "بقا كده!! طب ابعد عني بقا لما أنت مش عارف ترد!" صرخت بعد صمت دام دقائق وتعالى غضبها من صمته فهو حتى لا يكترث لكلماتها ووقاحته بالصمت وعدم إجابتها تجعلها تفتك بها غيظاً


"ايه؟" سأل رافعاً حاجبه بغرور بعد أن فاق من شروده


"ابعد لو سمحت عني وكفاية بقا" همست مترجياه زافرة في حنق فهي لم تعد تستطيع الإستمرار بتصرفاته الغير مبررة تجاهها وقد أُرهقت من كثرة تفكيرها ومحاولتها أن تجد تفسيراً واضحاً لما يفعله.


"أيه؟! بتبقي مش على بعضك كل ما بقرب منك مش كده؟!" نظر لها ليزيغ بصرها بمكان آخر ولم تستطع أن تجيبه ليكمل هو بجرأة لاذعة "بتتكسفي بقا ولا مبتقدريش تمنعي نفسك عني عشان أنا حلو زيادة عن اللزوم؟" سألها بنصف ابتسامة خبيثة ماكرة لتتوسع عسليتاها من جرأته ووقاحته اللاذعتان ثم نظرت له بإحتقار لتصرخ به


"ابعد عني قولت!" صاحت بإصرار


"مش هبعد" أخبرها ببرود مبالغ فيه


"وده ليه إن شاء الله؟"


"أنا حر"


"ما تبطل تناكة بقا وقرف وبطل تعمل اللي في راسك وكل اللي يخطر على بالك! أنت ايه؟ معندكش دم؟"


"اللي في راسي؟!" تسائل بسخرية مكرراً كلماتها "لا في اوضتي يا حلوة"


"الصبر من عندك يارب" صاحت بين أسنانها في غيظ "وسع لما اعدي"


"لا!"


"ابعد يا آدم بقولك" صرخت به لتحاول أن تدفعه بيدها بعيداً ولكنه لم يتحرك لتضربه في صدره موجهه لكمات سريعة له "أنت ايه يا قليل الذوق أنت؟ قولتلك اتحرك!" صرخت لتتعالى أنفاسها وأعادت الكرة حتى خارت قواها


"أيه تعبتي كده بسرعة؟" سألها بمكر لتومأ له ناظرة للأرض بسأم. "بصيلي" آمرها ولم تستجب هي ليمد أنامله متلمساً ذقنها ليرفع نظرها إليه وهو يتفقد تلك المقلتين العسليتين في شغف شديد "مش قولتلك تبصيلي؟ طرشة ولا مبتسمعيش؟"


"يا سلام!!" أخبرته لتتوسع عسليتاها في غيظ "وأنت كنت أطرش ولا مبتسمعش لما أسألك على حاجة ومبتردش؟ ولما قولتلك وسع وسيبني امشي كنت أطرش ولا مبتسمعش؟"


"مش نبهتك كذه مرة إنك متستفزينيش" همس ببرود رافعاً حاجبه


"أرجوك كفاية بقا شغل العيال ده" تنهدت بسأم


"شغل عيال!!" ابتسم بمكر ليقترب منها أكثر "تحبي أوريكي الكبار بيعملوا ايه؟!" نظر لها بخبث لتدرك هي ما يرمي إليه بكلماته


"ده بعدك!!" ابتسمت هي الأخرى بكبرياء لتهرب من محاولة إقترابه منها لتكمل "أنا مش هاسمحلك تاني تتصرف معايا التصرفات دي، تبوسني وقت ما تحب وتقرب مني وقت ما تحب وتكون محترم وقت ما يناسبك وتعمل كل اللي على مزاجك، لا يا آدم يا رأفت مش أنا اللي تقبل حركاتك دي"


"لا هاتقبلي!" صاح بها


"ده ليه إن شاء الله؟" تعجبت بدهشة "هو أنت فاكر نفسك مين؟ ولا فاكرني أنا مين؟ عيلة ملزقة بوستراتك في اوضتها ولا واحدة قذرة من اللي بتعرفهم نفسها في ليلة ولا حاجة من الوساخة بتاعتك؟ خد بالك كويس إني مش زيهم وعمري ما هاكون زيهم!!"


صاحت به هي الأخرى بغرور ليعقد هو حاجبيه ولم يتكلم، فقط ينظر لها ليتفحصها كمن يحفظ كل أنملة بها، تحولت ملامحه من الغضب والمكر والاستهزاء لشيء آخر، هو يتأملها برماديتاه الصافيتان كما لم تراها من قبل، لأول مرة ترى بعينه كلام وحديث لا تستطيع تفسيره هل هو حب؟ إعجاب؟ خوف عليها؟ لأول مرة تريد أن تحتضنه وتنهي هذا الصراع! هدوءه الآن يبعث شيئاً آخراً بها.. لأول مرة تشعر بالطمأنينة بجانبه.. كيف يستطيع أن يحول مشاعرها من الإستفزاز للغضب للحقد للخوف هكذا فقط ببضع نظرات منه؟ أهو حتى أصبح متحكماً للغاية دون أن يفعل شيء سوى النظر إليها؟!


"آدم.. أرجوك أنا عايزة أرجع بيتي" همست بهدوء "أنا تعبت بقا، سيبني أعمل اللي أنا عايزاه من غير ما نتخانق"


"مش هيحصل" قال بهدوء قاطع ليبتعد عنها موجهاً ظهره لها، واضعاً يداه بجيباه لترى آدم المتحكم ثانيةً "بيتك مش أمان دلوقتي"


"نعم؟ وده ليه حضرتك؟" سألته في سخرية


"عايزة تشوفيه تاني ولا ايه؟"


"مين اللي عايزة أشوفه.. أنت بتتكلم عن مين؟" سألت بإستغراب وقد نست ما حدث منذ ساعات


"اسكتي ويالا على اوضتك، خلاص بقينا وش الصبح"


"لامش هاسكت ولا هاروح في حتة غير بيتـ..."


"أنتي مبتتعلميش حاجة أبداً؟" صرخ بها ناظراً لها مجدداّ ليغضب وتحتد ملامحة "أنتي ايه مبتبطليش جدال؟ عاجبك اللي عمله القذرده فيكي؟ ما تبطلي عِند بقا؟"


"وأنت مالك؟ هتفرق معاك في ايه" سألته بتلقائية ليصمت هو موجهاً نظره بعيداً عنها "مبتردش عليا ليه؟ هتمثل بقا دور الأطرش تاني؟ هيفرق معاك في ايه كريم يعملي حاجة ولا ميعمليش؟ ما ترد!! وليه طلعتني الأوضة دي وسيبتني فيها لوحدي؟ كنت عايزني أفهم ايه؟ ليه قربت مني وبوستني؟ ليه ودتني المقابر يومها؟ ليه ضربت يوسف لما قرب مني؟ ما تجاوب وتبطل برودك ده اللي مـ.." صرخت به لتقترب هي منه في جرأة وانفعال لتحصل منه على تفسير لكل ما يفعله معها لتجد يخلل شعره بيداه الاثنان في ارتباك ثم صاح ليجيبها


"معرفش!! أنا مش عارف!!!! آدم رأفت بقا مش عارف هو بيعمل ايه!! أول مرة تحصلي في حياتي" صاح بغضب "مبسوطة؟ حلوة الإجابة دي؟ أقتنعتي كده أنا بعمل كل ده ليه؟" تعالى صوته الذي أخبأ العديد من المشاعر التي واجه نفسه بها ولكنه يستحيل أن يخبرها بأي منها.


صمتت شيرين لا تدري ماذا تقول! هو يفعلها ثانيةً.. إجابة ملتوية لا تفسر لها أي شيء.. يتحكم حتى بما ستقوله وبما ستفكر به.. إلى متى سيظل هكذا؟ بالرغم من أنها باتت تعرف الآن كل شيء عنه من مراد ولكن إلي متى سيظل هكذا؟ فكرت قليلاً ثم حسمت أمرها وهي قد قررت أن تحاول معه مجدداً لتدنو منه وتلمست ذراعه على حذر لأنها تعلم غضبه جيداً


"تمام.. أنا هاكمل الشغل معاك.. ولا هناقش ولا هجادل.. هأقبلكل اللي أنت عايزه" سكتت لينظر ليدها على ذراعه مستغرباً فعلتها وكلامها الذي يصعب عليه أن يصدقه "أنا مش عايزة أضايقك وأعصبك وخلاص ولا حتى عايزة خناقات لا معاك ولا مع أي حد" همست ثم رفعت خصلة من شعرها بيدها الأخرى ليستكمل النظر لها ليضيق عيناه وهو يتفحصا محاولاً أن يستشعر مدى جديتها بالحديث "أنا بس عايزة منك حاجة واحدة"


"اللي هو؟" عقد حاجباه في تعجب


"متخفش تاني يا آدم" اجابته بحذر ليزيد من عقد حاجباه بشدة ليبتعد عنها ليدوم الصمت فترة لتتحدث شيرين "تمام.. أنا هامشـ.."


"أنا مبخفش من حاجة" صاح بغرور مقاطعاً أياها ليجبر عقلها أن يزيح تفكيرها بأنه يملك مشاعر بداخله


"ليه؟ أنت مش إنسان زينا؟"


"أنا مش زي حد"


"كفاية بقا غرور!! أنت بقيت مبتذل بشكل يقرف" تنهدت بضيق


"بطلي أنتي عِند وما دام قولت حاجة يبقا متناقشنيش فيها"


"عِند؟! عندي أنا؟ ولا عِندك أنت؟"


"أنا أصلاً مبقبلش رأي حد عشان أعاند معاه" اجابها بغرور مجدداً


"شوفت؟ عرفت إنك قليل الذوق لدرجة إنك حتى مبتتقبلش رأي حد"


"ده أنتي بتشتميني بقا؟" همس بهدوء كالذي يُسبق العاصفة


"آه.. بشتمك.. ولا اعتبرها زي ما تعتبرها لأنك فعلاً قليل الذوق"


"ده أنتي بقا شكلك مصمم! تحبي أوريكي قلة الذوق بجد؟" سألها لتصمت هي وتجلس على الأريكة ممسكة رأسها بيدها وتسلل شعرها الفحمي بين يدها وأصابعها ليغطي أغلب وجهها وأغمضت عيناها في يأس من كل ذلك الجدال معه ولم تعد تعرف كيف عليها أن تحاول مع شخصية صعبة بتلك الطريقة وإلي متى سيظل يعاملها بتلك الكيفية. آخذت تحاول التفكير بعقلها الذي أُرهق من محاولاتها العديدة لتصلح الأمور ولم تشعر بوجوده حولها سوى من رائحة سجائره لتنفجر الأفكار برأسها وبكت هي بدون صوت مسموع فقط دموع تنهمر على وجنتاها في صمت بسبب وهنها وقلة حيلتها مع شخص مثله.


مرت دقائق على هذا الوضع وشعرت بأنفاسه ورائحته أقتربت منها أكثر لتفتح عسليتاها الممتلئتان بالدموع لتقل بآسى "أنت عايز ايه دلوقتي؟ أنا بجد تعبت وزهقت.. قولي أنت عايز ايه يا آدم عشان خلاص بجد مبقتش عارفة أتعامل معاك؟"


نظر لها مطولاً ليجثو على ركبتاه أمامها وقد شعر بقليل من الندم "متعيطيش.. ممكن؟!"


"طيب ما تقولي عايز ايه؟ أنا تعبت من أسلوبك ده" لم تتوقف هي عن البُكاء لترى ملامحه المتألمة مجدداً


"حاضر" همس ليبتلع بصعوبة وجفف وجنتاها ثم حاوطهما بكفيه لينظر لها "عايز.. عايزك أنتي يا شيرين" همس بصوت منخفض


اندهشت من تلك الإجابة، لم تدري ماذا تقول له، فقط تُفكر هل هو كاذب أم يقول الحقيقة؟ هل يريدها ليوم؟ لأسبوع؟ لشهر؟ لسنة؟ حسناً وماذا بعد ذلك؟ يريدها كيف وعلى أي أساس ولماذا يريدها؟ هل يريد التحكم والشعور بأن ليست هناك من خُلقت لترفض آدم رأفت؟ أيريدها فقط ليشعر بالإنتصار أمام نفسه وأمامها بأنه قد تملكها وحسب؟ تسائلت بداخلها ولم تفق من شرودها إلا عندما وجدت ذراعاه تحاوط جسدها دافنا وجهه برقبتها، ولكن ما فزعها بحق أنها وجدت نفسها تحتضنه هي الأخرى كمن لا تريد شيء بحياتها سواه هو ذلك الجاثي أمامها.


"متمشيش وتسبيني أرجوكي يا شيرين" همس متألماً لتصمت هي لتضمه أكثر لها، فقط تريده أن يشعر بالأمان، ووقعت بالحيرة من أمرها وهي لا تعرف ما الذي تفعله بل وكيف دفعها هو لتصبح هكذا مستسلمة بين ذراعاه!!


"مش هامشي" همست لتشعر خفقات قلبه السريعة تخترقها.


مرت دقائق وهو لم يحاول أن يبتعد، ظلا بنفس الوضع، هو أمامها على ركبتاه وهي جالسة على الأريكة معانقاً اياها ولا يريد أن يبتعد عنها أبداً "آدم!" همست بهدوء لينظر لها


"ايه؟" سألها لتنظر لرماديتاه يلمعان بشدة كمن يكتم دموعه


"تصبح على خير" همست لتُقبل جبهته ليندهش هو ثم تركته بمكانه عائدة لغرفتها.


======================================


مشت شيرين للغرفة التي تمكث بها وهي لا تعلم لماذا فعلت ذلك! ظلت الأفكار تتواتر على عقلها بلا تهاون ولا تريث وهي مندهشة من نفسها ومن كل ما فعلته معه

مشت شيرين للغرفة التي تمكث بها وهي لا تعلم لماذا فعلت ذلك! ظلت الأفكار تتواتر على عقلها بلا تهاون ولا تريث وهي مندهشة من نفسها ومن كل ما فعلته معه


"لا أكون أنا كمان حاسة من ناحيته بحاجة! وبعدين هو أنا ليه بطلت أخاف منه ومن تصرفاته كده فجأة؟ ليه بقيت عايزاه يفضل على طول جانبي أكتر من أي حاجة تانية؟يمكن عشان دافع عني قصاد كريم؟ وبعدين كان فين طول الإسبوعين اللي فاتوا عشان يجيلي كده فجأة في البيت؟ وازاي أصلاً عرف إن كريم عندي؟ صحيح.. أنا ازاي مغيرتش مفاتيح البيت لغاية دلوقتي؟! ممكن بكرة ابقا أغيرها.. بس ازاي بردو أقرب منه وأبوسه كده وأحضنه كمان وأنا اللي كنت بتعصب لما يقرب مني؟!"


أنهالت الأسئلة برأسها لا تستطيع أن تجد جواباً وتمددت على السرير لتتذكر كل شيء حدث بينهما مرة أخرى لتتلمس شفتاها وتغمض عيناها وابتسمت في خجل


"هو بوسته كان فيها ايه حلو اوي كده؟ ويا ترى بقا هو عنيف دايماً كده ولا عشان عصبته بكلامي؟ وبعدين هو ايه!! مبيبطلش يبقا حلو اوي.. أنا مشوفتش راجل في وسامته أبداً، وملامحه دي بتشدني أوي، يكونش عمل كل ده عشان يأثر عليا بس؟ بس بردو الحق يتقال أنا عمري ما شوفت في حياتي راجلكامل كده في كل حاجة زيه.. أنا فاكرة كريم، وفاكرة إنه باسني قبل كده بس محستش نفس اللي حسيته وأنا مع آدم!! لو بس كان حضني أكتر شوية والحضن طول!!!" تمنت أن تحتضنه ثانيةً لتبقى بين ذراعيه لتتنفس رائحته، وآخذت تفكر في قبلتهما وعناقهما حتى ذهبت في ثبات تام.


"أنا ايه اللي بيحصلي ده بسبب البنت دي؟ أنا ليه بقيت بحس كده من ناحيتها؟ يمكن عجباني عشان هي مش زيهم ولا شبههم؟ ايه اللي فيها مختلف مخليها غير الباقيين؟ وليه رجعت لما الأمن قالولي إن كريم في بيتها؟ ما أنا كان ممكن بسهولة أخليهم يقتلوه حتى، البنت دي...

"أنا ايه اللي بيحصلي ده بسبب البنت دي؟ أنا ليه بقيت بحس كده من ناحيتها؟ يمكن عجباني عشان هي مش زيهم ولا شبههم؟ ايه اللي فيها مختلف مخليها غير الباقيين؟ وليه رجعت لما الأمن قالولي إن كريم في بيتها؟ ما أنا كان ممكن بسهولة أخليهم يقتلوه حتى، البنت دي هتجنني باللي بقت تعمله فيا ده؟ خلتني معرفش أتحكم في أي حاجة قدامها.. أنا عمري ما حسيت بالغيرة دي على أي حد ولا حتى مع تقى! أنا بقيت ضعيف قدامها واستحالة أسيب ده يحصللي!! أنا مفيش ست تقدر تتحكم فيا ولا حتى في مشاعري!! وبعدين ديه جاية تقولي ما اخافش!! هواضح اوي عليا إني خايف؟!! وازاي ا ركع قدامها كده عشان بس شوفتها بتعيط؟ لا ده مش هايحصل أبداً تاني.. عمري ما هتنازل لست ولا حتى لو عجباني.. أنا بقا هوريها كويس أنا مين!" فكر آدم وقد اعتلته نظرات الغضب والغرور والبرود المهيب مقرراً ما سيفعله معها بالصباح


أنا بقا هوريها كويس أنا مين!" فكر آدم وقد اعتلته نظرات الغضب والغرور والبرود المهيب مقرراً ما سيفعله معها بالصباح


=======================================


"آدم.." همست برقة


"نعم يا شيري" نظر لها مبتسماً


"أنت مش هتبعد وتسيبني تاني مش كده؟" سألته متلمسه صدره المشدود


"متخافيش.. عمرها ما هتحصل تاني" أجابها مُقبلاً جبهتها لتغلق هي عيناها ثم أقترب منها أكثر لتشعر بأنفاسه الدافئة على وجهها، وتلمس وجنتاها برفق ثم قبلهما بلطف شديد لتشعر بحرارة وجهها تشتعل من الخجل..


تركها هكذا لتشعر به خلفها وهي مازالت غامضة العينان لا تريده أن يذهب "أنت فين؟" سألته بصوت يكاد أن يُسمع لتشعر بملمس حريري يحاوط عيناها ويُعقد من خلف رأسها حتى لا تستطيع أن تنظر من خلالهما "بتعمل ايه؟"همست متعجبة من فعلته


"أنتيمش هتشوفيني.. عايزك بس تحسي بكل حاجة" اجابها بنبرة مُهيبة لتتعالى أنفاسها لتشعر بدفئ جسده خلفها محاوطاً جسدها بذراعيه.. "عايزاني يا شيرين؟" سألها بمكر


"ايوة.. عايزاك.. أكتر من أي حاجة" اجابت لتعض على شفتها السفلى وتتعالى أنفاسها لتشعر بأنفاسه الساخنة على رقبتها


"حاضر يا حبيبتي.. " همس بجانب أذنها لتشعر به يُلثم رقبتها ولا تدري هي ماذا تقول.. فقط تتعالى أنفاسها مسرعة ولا تقوى قدماها على حملها لتشعر بذراعه يحاوط خصرها بشدة يجذبها نحوه بعنف لتلتصق هي به أكثر.


"يا بنتي يالا.." سمعته وصوته قد تغير لصوت أنثوي


"متبعدش أرجوك" همست بنبرة ناعسة


"اصحي يا بنتي الساعة بقت عشرة"


"ايه!!" صاحت شيرين بفزع لتستيقظ وتجلس مسرعة وترى فاطمة بجانبها "عشرة!!" سألتها بدهشة لتمسح وجهها وهي تزيل آثار النوم عن عسليتاها ورفعت شعرها المبعثر


"ايوة يا حبيبتي.. يالا أنا جهزت الفطار، ألبسي هدومك دي" أشارت على الأريكة لتجد حقائب لا تتدري من أين أتت "فيه حد من الأمن جابها النهاردة الصبح" أخبرتها ثم غادرتها لتتعجب شيرين مما يحدث حولها.


"يادي النيلة! أنا محستش بالوقت خالص!" تمتمت لتغادر للحمام ناظرة بسرعة للحقائب على الأريكة "هو مبينساش حاجة أبداً!" تمتمت وهي تتعجب من مدى اهتمامه بكل التفاصي التي تخصها!


حاولت شيرين أن تسرع ولكن ما رأت وهي نائمة مازال ببالها ليترك بسمة على شفتاها والقليل من الحمرة على وجهها. ارتدت ملابسها وأعدت أشيائها لتنزل لغرفة الطعام لتجد آدم مرتدياً بدلة كحلية اللون.. حليق الذقن.. رائحة النعناع المنعش تتسلل لأنفاسها. نظرت له بشغف ولكنه كاد أن ينهي طعامه وأشرف على أن يغادر.


"صباح الخير" همست بإبتسامة ولكن لم ينظر لها ليومأ ببرود رهيب لتعقد حاجباها بإستغراب وجلست لتتناول الطعام. وقف آدم لتوقفه هي ممسكة بيديه برقة لتبتسم مجدداً بلطف "ألن تجلس معي؟"


لم يجيبها فقط أومأ بالرفض بهدوء مريب ثم نظر ليديها على يده ليعطاها نظرة جافة محذرة وقد فهمت أنه لا يريد أن تلمسه.


أندهشت شيرين لتقف لتواجهه محاولة التعرف على أي شيء قد يزعجه لتمسك ذراعة بخفة "آدم ماذا هناك؟" همست سائلة بنظرات مستفسرة.


"سيد آدم!!" قال بجفاء وغضب محذراً اياها لينزل يدها من على ذراعه بعنف ثم ساوى مكان مسكتها على ذراعه وأكمل "أمامك نصف ساعة لتحضري بالشركة" آمرها وأعطاها ظهره وهي لا تستطيع التحرك من مكانها لدقائق لتسمع صوت سيارته مغادرة.


حاولت شيرين أن تسرع ولكن ما رأت وهي نائمة مازال ببالها ليترك بسمة على شفاها والقليل من الحمرة على وجهها. ارتدت ملابسها وأعدت أشيائها لتنزل لغرفة الطعام لتجد آدم مرتدياً بدلة جملية اللون.. قد قصر ذقنه عن أمس.. رائحة النعناع المنعش تتسلل لأنفاسها. نظرت له بشغف ولكنه كاد أن ينهي طعامه وأشرف على أن يغادر.


"صباح الخير" همست بإبتسامة ولكن لم ينظر لها ليومأ ببرود رهيب لتعقد حاجباها بإستغراب لبروده الذي عاد مجدداً وجلست لتتناول الطعام. نهض آدم لتوقفه هي ممسكة بيده برقة لتبتسم مجدداً بلطف "ايه مش هاتفطر معايا؟"


لم يجيبها فقط أومأ بالرفض بهدوء مريب ثم نظر ليديها على يده ليرمقها بنظرة جافة محذرة وقد فهمت أنه لا يريد أن تتلمسه.


أندهشت شيرين لتنهض لتواجهه محاولة التعرف على أي شيء قد يزعجه لتمسك ذراعة بخفة "آدم مالك فيه ايه؟" همست سائلة بنظرات مستفسرة.


"من هنا ورايح متقوليليش غير Mr آدم!!" قال بجفاء وغضب محذراً اياها ليُنزل يدها من على ذراعه بعنف ثم ساوى مكان مسكتها على ذراعه وأكمل "قدامك نص ساعة والقيكي قدامي في الشركة" آمرها وأعطاها ظهره وهي لا تستطيع التحرك من مكانها لدهشتها من أسلوبه الجاف الذي تغير تماماً عن ليلة أمس لدقائق لتسمع صوت سيارته مغادرة.


الفصل التالى


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-