أخر الاخبار

ترويض ادم للكاتبة بتول طه الفصل الخامس

 

ترويض ادم للكاتبة بتول

الفصل الخامس 

جميع حقوق الملكية والنشر تعود لي ولا احلل فكرة السرق او نشر الرواية دون الحصول على موافقتي.


وجدت آدم عار الصدر ومنشفة تحاوط خصره بالكاد تغطى أسفله، بخار المياه يتصاعد من جسده الرجولي مكوناً هالة حوله، رفع يده مخللاُ شعره الأسود بزهو وغرور لتتساقط قطرات المياة فتابعت بنظرها قطرة مياه تهبط من أعلى رقبته راسمة مجرى مائي ليهبط على صدره ثم جرت لتتلمس عضلات معدته البارزة مارة بذلك التجويف بمعدته وتتوقف في النهاية لتتصادم بمنشفته السوداء وأخذت تتخيل أين كانت ستذهب قطرة المياة تلك إذا لم تتواجد هذه المنشفة؟! بلت شفتيها بلسانها ثم عضت على شفتها السفلى بشدة ولكن ببطئ.. أخذت تتخيل ماذا إذا اقتربت منه؟ ماذا ستشعر إذا لمسته وتحسست جسده الساخن؟ بمَ تشعر النساء عندما يطوقهم بذراعيه القويتان تلك المفتولتان؟ لم تشعر بأي شيء من حولها وهي تنظر له تتفحص كل إنشاً منه ولا حتى تنتبه لأنفاسها الصاخبة التي تعالت ليسمعها هو بوضوح بالرغم من وجود مسافة بينهم...


"هو أنا هاكرر كلامي ولا أنتي طرشة ولا ايه؟" صرخ بها وقد استيقظت هي من أحلام اليقظة التي سيطرت عليها لتحاول تبين ما يقوله


"اايـ.. ايه؟!" بالكاد همست وهي مشتتة ضائعة في أرض الأحلام خاصتها


"مسمعتيش أنا قولت ايه؟!" نظر لها بخبث ومكرلتزداد تلك الرماديتان عتمة


"ايه.. أظن.. ليـ ..ممم.. أنا آسفة" همهمت بتلعثم من شدة إرتباكها فهي لم تواجه موقفاً مماثل من قبل حتى مع كريم


"دوريلي على فاطمة وخليها تحضرلي الأكل" آمرها بلهجته الجامدة


"مين؟!" سألته بعفوية وهي بالكاد استعادت سيطرتها على نفسها


توجه آدم نحوها وأقترب منها ولكن لم تستطع هي الحراك، نظر لها مطولاً ثم لعق شفته السفلى في مكر شديد ثم بعثر أنفاسه بالقرب من وجهها ليرسل رجفة إلي جسدها بفعل تاك الأنفاس المحمومة حتى يعمل على أن يثيرها أكثر ثم تبسم بخبث وهمس لها


"أنتي عايزة تشوفي ايه اللي موجود تحت الفوطة دي ولا عايزة تشوفيني وأنا بلبس هدومي؟! مديرة أعمالي بردو لازم تهتم بيا مش كده؟!" آتى صوته خافتاً وهو متأكداً من تأثيره عليها بنبرته المثيرة التي يثق أنها تطير عقل النساء


صُعقت مما سمعته لتتوسع عيناها العسليتان، ليعجب آدم بردة فعلها وتأكد الآن مما يفعله بها بألاعيبه وحدق بتلك الرماديتان بعيناها في جرأة وجسارة وتوسعت ضحكته ثم مد يده لينزع المنشفة ورفعها بيده لتلاحظها والقاها على الأرض.


"أنا هدور على فاطمة" غطت شيرين عيناها بيديها من صدمتها الشديدة بجرأته اللاذعة ثم جرت بسرعة مغادرة الغرفة لتسمع قهقهته مدوية خلفها بغرور.


"قليل الأدب وقليل الذوق حتة الحيوان ده.. مكملتش معاه أربعة وعشرين ساعة وشوفته من غير هدوم مرتين، ووقف ورايا عشان ألمسه، وفاكر نفسه بوساخته دي يقدر يلمسني كل شوية!! ده أنا لو واحدة من البنات اللي مش كويسة ولا واحدة من البنات اللي بيحبوه وبيريلوا عليه كان زمانه عمل معايا حاجات قذرة وكمان مكنش هيستنى لما نوصل هنا، لأ!! ده من ساعة ما شوفته في المكتب كمان.. صبرني يارب وقويني وخليني أعرف أتهامل مع القذر ده، أنت عالم إني ماليش في الحاجات القذرة دي، أنا لازم أوقف الإنسان ده عند حده ولازم يحترم نفسه معايا ويتعامل بإحترام!! هو البيت ده مبيخلصش أبداً.. يا ساتر!! وبعدين مين فاطمة وهي فين أصلاً؟"


تمتمت بحنق وضيق بالغان وسط بحثها عن المدعوة فاطمة فلم تجدها بالمنزل فقررت التوجه للخارج وهي لا تعلم من أين تبدأ البحث في تلك الحديقة العملاقة، اخذت تنظر ومشت تتجه بجانب المنزل فوجدت رجل يهتم ببعض الورود التي لم ترها من قبل ولكن لم تجد الوقت لتهتم وسألته مسرعة "تعرف فاطمة فين؟!"


"ايوة يا بنتي.. هتلاقيها في بيتنا، هتمشي كده على طول وبعدين هتلاقي بيت صغير على ايدك اليمين" أشار لها مبتسماً بطيبة وود


"شكراً" أخبرته بإبتسامة لطيفة وقد شعرت بأنها كانت فظة معه بلا سبب


"معلش يا بنتي.. هو حضرتك مين؟!" صاح الرجل سائلاً في تعجب


"أنا مديرة أعمال آدم رأفت.. شيرين عصام" اجابته ثم أنطلقت مسرعة وجرت حتى وصلت إلى منزل صغير مقارنة بهذا القصر الضخم ووجدت الباب مفتوحاً


"فاطمة..." نادت بصوت عالٍ


"أنا هنا" اجابها صوت أنثوي ولكن يبدو عليه الطيبة وكذلك التقدم في العمر


"فاطمة.. ممم.. أستاذ آدم عايز ياكل.." صاحت بحنق وهي لا تعرف بم تناديه أمام الناس وهي تُكمل في طريقها ونظرت لتجدها سيدة متقدمة في العمر فشعرت بالذنب لأسلوبها الصارم ثم هدأت من روعها "أنا آسفة.. معلش أنا مستعجلة شوية وندهت عليكي بطريقة مش كويسة" تآسفت لها وتبسمت بطيبة


"أنتي مين يا بنتي؟" سألتها وهي تتوجه معها للخارج


"أنا شيرين عصام" مدت يدها لتصافحها "مديرة أعمال آدم رأفت"


"هو بقا بيشتغل دلوقتي مع الستات.. غريبة!!" أطلقت فاطمة ضحكة خافتة "عموماً أهلاً بيكي يا بنتي.. أنا فاطمة، ممكت تعتبريني مديرة البيت بس على قدي شوية، أو ممكن تعتبريني والدته، أو ممكن بردو تعتبريني مرات إبراهيم الجنايني.. أنا حاجات كتيرة كده في بعض.. أصل أنا هنا بقالي زمن" حدثتها بلين وابتسامتها البشوشة لم تفارق وجهها


"أهلا بيكي.. وأنا آسفة حضرتك مكنتش أقـ.."


"لا يا بنتي آسفة على ايه.. وقوليلي يا فاطمة من غير حضرتك دي" قاطعتها في ود وابتسمت لها وهما في طريقهما للمطبخ بينما بادلتها شيرين الإبتسامة


"ياااه.. أخيراً.. حتة في البيت مش سودا.." صاحت شيرين وكأنها تتنفس الصعداء عندما وقعت عيناها على المطبخ وتفاصيله "هو ليه كده كل حاجة هنا سودا؟" تعجبت لفاطمة


"مش عارفة والله يا بنتي.. بس دايماً آدم بيحبه من أيام ما كان صغير"


"مش غريبة دي.. طفل وبيحب اللون الأسود؟! ايه الكآبة دي؟" تعجبت عاقدة حاجبيها


"يمكن عشان وهو صغير يا حبيبي مر عليه حاجات صعبة خلته كئيب كده.. يعني مامته انتحرت وهو عنده تلت سنين وباباه اتجـ.."


"أنتي يا طرشة مش سمعاني؟؟ بتعملي ايه؟" قاطعها ذلك الصوت البارد العميق بعد أن سمعَهما وبسرعة قرر أنها ليس عليها أن تعرف شيئاً عن ماضيه فأظهر الجفاء والقسوة ليبعث رجفة بجسدها بصوته الأجش.


"أنا كنت مستنية فاطـ.."


"وأنتي فاكرة بقا إن أنا هستناكي؟!" لم يدعها تُكمل وقاطعها


"أنت اللي قولتيلي" اجابت بصوت عالٍ نوعاً ما لكتلة الإستفزاز تلك التي أمامها


"قولتلك عشان تعرفيها مش عشان ترغي معاها، وإياكِ تاني مرة ترفعي صوتك عليا.. فاهمة!!" صرخ بها بصوتٍ جهوري ليبعث الدموع لعينيها ويذهل فاطمة بقسوته تلك "يالا عشان عندنا شغل" زجرها بنظرة مخيفة ثم وجه لها ظهره مغادراً.


توترت شيرين وتبسمت لفاطمة بخجل من طريقته تلك لزجرها امامها لتتبعته مهرولة. توجها لمكتب ضخم أيضاً وكالعادة كل شيء به أسود اللون، به مكتبة ضخمة تحتل جداران بأكملهما، وأكثر من مكان للجلوس، استلقى آدم على أريكة ضخمة جلدية حديثة الطراز، مدد قدماه الطويله أمامه ورأسه تستند على يد الأريكة.


"اقعدي" آمرها ببرود، غامض العينان، لتفعل ما أمرها به ولم تجد إلا كرسي ذو مسندان مماثل للأريكة بجانب قدميه فجلست عليه "قوليلي مواعيدي ايه وعرفتي ايه من مراد!"


"طيب.." تنهدت وبدأت في الكلام "النهاردة الساعة تمانية بليل عندك إجتماع مع الوفد الياباني عشان اتفاقية استيراد شحنة جديدة عشان مشروع الـ computers الجديدة، أستاذ مراد عنده اجتماع الساعة تسعة وهيكلمك عشان يقابلك بعد ما تخلص اجتماعك، بكرة الساعة عشرة ونص فيه معاد مع شركة إنتاج .... عشان معاه عرض لمسلسل بس أنت كالعادة احتمال تلغي المعاد ده، حضرت ايميل في الـ Drafts (مسودات) عشان نلغيه في أي وقت، الساعة اتناشر ونص فيه توقيعات محتاجينها في الشركة وكمان أنت بتراجع اللي حصل كل أسبوع" توقفت لحظة لأخذ نفسها وفتح آدم عيناه ليتفقدها فوجدها لا تقرأ من شيء أمامها فأغلق عيناه مجدداً عاقداً حاجباه بإستغراب


"كان فيه معاد مع مجلة من المجلات في نفس الوقت بس لغاية دلوقتي أنت مأكدتش هيتلغي ولا لأ بس عموماً أنا جهزت ايميل تاني للإعتذار في الـ Drafts في حالة إنك هتلغيه بردو، وحضور عرض الفيلم الأخير أتأجل زي ما قولت بس شركة الإنتاج بعتت وعايزة تعرف هتحضر ولا لأ لأن الفيلم already أتعلن عنه ومش هينفع يتأخروا في عرضه في السينمات.. يوم الحد الصبح الساعة تمانية هتكمل تصوير فيلـ.."


"خلاص" قاطعها ببرود وذراعه فوق رأسه مُفكراً كيف علمت كل هذا بل وارادت أن تُكمل وهو حتى لم يعطيها الوقت الكافٍ لتنجز أي شيء.


أخذت في النظر إليه ممداً أمامها.. تأملت ملامح وجهه المشدودة كمن يتألم، عقدة حاجباه، أنفه الحاد، طريقة زمه لشفتاه، ذقنه البارزة، بروز تفاحة آدم بعنقه مما تزيده رجوله، علت أنفاسها قليلاً عندما رأته يبتلع لعابه عندما تحرك ذلك البروز في عنقه وقد سمع آدم أنفاسها المضطربة ولكنها لم تشعر بنفسها ليرفع جفناه كاشفاً عن تلك الرماديتان فجأة لتتقابل أعينهما، لاحظت تلك الرماديتان تخبرها بمنتهى الجرأة بل والوقاحة "أنا عارف إنك عايزاني" ابتسم لها بمكر لتفزع شيرين وأشاحت بنظرها ووقفت ناهضة بإرتباك.


"على فين؟!" رفع لها نظره ولم تعلم هي بمّ تجيبه ليقاطعهما صوت فاطمة


"أنا جهزتلكوا الأكل"


"شكراً" تمتم آدم مجيباً ونهض لمواجهتها وتفقدها بأحدى نظراته المتفحصة لثوان لتنظر له هي الأخرى بتلك العسليتان المرتبكتان ليبتسم لها بسخرية ثم تركها خلفه لتعتريها الدهشة مما تحدث به.


"شكراً!! وهو قليل الذوق ده بيعرف يشكر حد زي الناس الطبيعين؟!" تمتمت بداخلها متعجبه وتبعته لطاولة الطعام فهي بغرفة منفصلة وجلس على المقعد الرئيسي لتجلس هي على يمينه بعد أن أومأ لها بالجلوس.


"محتاج حاجة تانية يا ابني؟" سألته فاطمة في ود


"لا شكراً" اجابها بإبتسامة صغيرة لتتسع عيون شيرين مما سمعت مجدداً ومن رؤية تلك الإبتسامة الممتنة على شفتاه.


"شكراً!! ومرتين ورا بعض؟! لا أنا أكيد بحلم" فكرت ثم هزت رأسها بعفوية.


"كلي" آمرها ببرود بعد ملاحظته أنها لا تأكل


"مش عايزة" تمتمت له ووجهت نظرها بعيداً عنه


"هتاكلي ومش هاكرر كلامي" تحدث بنفاذ صبر


"وأنت مش هاتغصبني على حاجة" رمقته بغضب ليعقد قبضته وضرب الطاولة لتهتز أدوات الطعام


"أنتي بتجادليني؟! تاني؟!"


"وأنت بتتحكم في اللي بعمله ليه يعني؟!" تعجبت بعفوية على طريقة إملاءه للأوامر التي لا تنتهي


"اسمعي كويس.. أنا بتحكم في كل اللي حواليا، وأنتي شغالة عندي، وهتعملي أياً كان اللي أنا عايزه من غير نقاش، ومش هاقولك الكلام ده تاني" نظر لها بقسوة وعيناه كادت أن تخترق تلك العسليتان .


لم تدري ماذا تفعل هي مع طريقته اللاذعة تلك ولا كيف تفجر عن غضبها من إستفزازه المتواصل لها فنهضت مغادرة طاولة الطعام ولكن قبض يدها بشدة "رايحة فين؟!"


"آآه.. سيب ايدي" تأوهت وهو ممسكاً بيدها في قسوة بلا رحمة ولا مراعاة نهائياً أنها قد تشعر بالآلم


"دي مش اجابة سؤالي.."


"آفف.. ايه القرف ده بقا!"


"خدي بالك ومتعكيش في الكلام قدامي"


"وأنت مالك أنت أتكلم ولا أقول ايه.. أنا حرة"


"دي كمان مش اجابة سؤالي" تحدث بين أسنانه المُطبقة ليحكم قبضته على يديها أكثر


"آآآه... رايحة الحمام.." زفرت بضيق وآلم فهو لا زال ممسكاً بيدها


"خلصي أكلك وبعدين روحي" آمرها مرة أخرى ودفعها بعنف لتجلس في مقعدها


شعرت به يتفحصها في كل حركة تأخذها هي، تلك الرماديتان الثاقبتان لا ترأف بها، نظرت له بعسليتان متعجبتان لمتابعته اياها بتلك الطريقة لتملح نظرة رضاء وغرور برضوخها له وابتسامة زهو تتلاعب على شفتيه ولكن لا.. لن تدعه ينتصر عليها مجدداً.


"خلصت" همست شيرين في عناد


"روحي واستنيني في الجنينة"


ذهبت شيرين للحمام بعد أن بحثت عنه لدقيقتان، وبمجرد النظر في المرآة لم تتمالك نفسها ووجدت نفسها تبكي بشدة " كل ده بسببك يا حقير.. منك لله.. لو مكنتش خونتني بمنتهى القذارة مكنش زماني في الموقف الزفت اللي أنا فيه ده، وهو أنا مالي كده بوافقه على كل حاجة وساكتاله؟ ليه بسمع كلامه في كل حاجة؟ ليه كل ما بحاول أصده وأبان جامدة مبعرفش؟ الله يحرقكوا أنتو الأتنين!!" تمتمت لنفسها في غيظ شديد وبالكاد سيطرت على دموعها وغسلت وجهها لتزيل آثار تلك الدموع ثم خرجت متوجهة لتنتظره كما آمرها.


جلست أمام منضدة صغيرة بالحديقة ولاحظت أن الساعة قد أصبحت الثالثة والنصف ووجدت أن حبيبة أتصلت بها خمس مرات فقررت أن تكلمها


"أنتي بقيتي فين دلوقتي؟!" آتى صوت حبيبة السائل متلهفاً


"لسه في بيت الزفت ده ومعرفش هامشي امتى" أجابتها في حنق


"قوليلي بقا هو صحيح مز اوي كده زي ما بنشوفه في الأفلام؟!" سألت متلهفة بنبرة لعوب


"يا ساتر عليكي يا حبيبة، أنا مش في مزاج لكلامك ده دلوقتي.. أنا حبيت أطمن عليا عشان متضايقيش.. هكلمك تاني.. سلام!"


أنهت مكالمتها وتنهدت ثم رفعت عسليتاها لتنظر في السماء لدقائق واستمتعت بنسيم الشتاء، فاليوم مشمس وهي لم تجلس هكذا منذ زمن، شرد فكرها إلي آدم وكيف هو جذاب ومثيروتلك الرماديتان الغريبتان للغاية، لا تدري لمّ هو هكذا!


"مش ممكن الراجل ده، من فوقه لتحته مفيهوش غلطة، ازاي في حد شكله كامل كده؟ ده حتى صوته حلو اوي.. لكن أول ما الزبالة والوساخة دي بتطلع من بقه واعملي وما تعمليش والـ Over الزيادة عن اللزوم ده بنسى شكله وببقا عايزة أقتله!!"


تنهدت مجدداً وهي تفكر بكل ما مر عليها منذ أن وقعت عليه عيناها وهي تحاول تبيُن كيف ستتعامل معه بالأيام القادمة ثم أغلقت عيناها مستمتعة، لم ترد أن تفتح عينيها لتشعر بالاسترخاء والهدوء من حولها وتستمتع بهما، النسيم الخفيف ورائحة الحديقة والعشب المجذوذ حديثاً كل هذا يساعدها على الإستجمام.. مالت برأسها للخلف ومددت قدماها على المنضدة الصغيرة التي أمامها ولم تشعر بالوقت.


لا تدري كيف تسللت رائحة دخانه لأنفها، لقد كانت تجلس وحدها للتو! متى آتى إلي هنا، لقد تركته منذ دقيقتان يتناول طعامه.. فتحت تلك العسليتان لتتفقده


"أنت جيت امتى؟!" تعجبت ثم أخفضت قدميها بسرعة وما إن نظرت حولها حتى وجدت السماء مظلمة وهناك شرشف يحاوط جسدها والهواء بدأ في أن يشتد فأدركت أنها قد غشيت دون أن تدري بل ولبثت وقتاً لا بأس به!


نظر لها آدم ببرود ونفث دخانه ونظرته الباردة المبهمة تلك التي لا تفهم منها شيئاً لم تتحرك من عليها فابتلعت في ارتباك من عيناه وكأنهما لن يغادرا خاصتها أبداً ففكرت ربما لو حدثته سيجيبها وسيظهر عليه أية ملامح أو لربما يغضب ويشيح بنظره بعيداً عنها.


"مصحتنيش ليه؟!"


أطال النظر لها وإلي برائتها المتناهيه وآثار النوم لا زالت تؤثر على ملامحها ليدرك أن مظهرها الآن أجمل من مظهرها صباحاًز عقد حاجبيه لإدراكه تأثره بها ثم زجر نفسه لتفكيره بها بتلك الطريقة


"يالا معاد الإجتماع قرب.. وأنتي هتيجي معايا" زجرها ثم تركها متوجهاً للداخل حتى تتبعه مهرولة في دهشة


"معلش هو مش المفروض الـ Personal Assistant (مساعد شخصي) بتاعك هو اللي يحضر الإجتماع مش أنا!!" سألته متعجبة ليلتفت لها وكادت هي أن تُكمل خطواتها المسرعة ولكنها وجدت نفسها ستصطدم به فتوقفت هي ليدنو هو منها


"أنا اللي أقول مين يجي ومين ميجيش.." همس بإستفزاز وبرود خالف أنفاسه تلك الدافئة التي شعرت هي بها لتومأ له كالمغلوب على أمره ونظر إلي شفتاها المقوستين كالطفلة الصغيرة ليشعر بتأثره بها مجدداً


"ممكن أطلب حاجة طيب؟" سألت بخفوت وهي تعض على شفتها السفلى في ارتباك من اقترابه الشديد منها لتآخذ هي خطوة للخلف ليهمهم هو لها عاقداً حاجبيه بشدة وكل ما يفكر به أن يقبلها حتى يُدمي تلك الشفتان اللتان أشعلا الإثارة بعروقه وآخذ يصر أسنانه ولم يستطع أن يشيح بتلك الرماديتان عن شفتاها


"ممكن.. يعني.. أشرب قهوة قبل ما نمشي" سألته وقد شعرت بالإحراج لما ستقوله وكذلك نظرته تلك لم تُعجبها بتاتاً


"أكيد" ابتسم بهدوء وقد لمعت عيناه ولانت جميع ملامحه الحادة فلم تستطع هي إلا أن تتأمله فهي لم تراه هكذا منذ الصباح، كان ابتسامته جديدة عليها تماماً ولم تظن أنه سيبدو بتلك الوسامة إذا ابتسم!.


وقفا يتأمل كل منهما الآخر غير مكترثين للوقت حولهما، ينظر آدم لشفتيها وملامحها التي لم يراها بإمرأة من قبل وقد غمقتا عيناه الرماديتان فحدقت شيرين بهما لا تقوى على الحراك، اقترب منها قليلاً حتى شعرت بالمزيد من أنفاسه الساخنة ورفع نظره لعيناها العسليتان فوجدها تتفحصه، أقترب أكثر بعد أن شعر بأنها تشجعه بتلك النظرة حتى كادت المسافة أن تنعدم بينهما ليسحق أسنانه ببعضهم البعض عندما شعر بأنفاسها الرقيقة وأدرك أنها تأثرت به لتسارع تلك الأنفاس ثم أقترب أكثر ليآخذ تلك الشفتان كي يتذوقهما ولكن..


"آدم يا حبيبي تحب أحضرلك العشا؟!" نادت فاطمة لتخطو شيرين للخلف مبتعده عنه بإرتباك وامتنت بداخلها لفاطمة


"لأ!! شكراً!" "لا... شكراً لكي" صاح آدم بغضب وغيظ شديد وخلل شعره بيده ونظر لها ليجد أن وجهها قد أصبح أحمر اللون بالكامل


"طيب يا ابني أنا ماشية.. تصبح على خير" صاحت فاطمة من بعيد ليتآفف آدم


"مممـ.. أنا اروح.. أنا هاعمل قهوة" قالت في خجل ثم تركته مسرعة.


تنفست الصعداء ما إن غادرته، تعجبت لنفسها كثيراً.. لماذا سمحت له بأن يقترب منها؟ صنعت القهوة وهي تفكر بكل مل حدث اليوم ولم يلهها عن التفكير سوى أنها تذكرت أنها لا تُحب طعم اللبن، بحثت عن مبيض القهوة فكرت أن تذهب لفاطمة ولكن لا تملك وقتاً لإضاعته، وفكرت أيضاً أن تذهب لآدم ولكنها لم تقتنع بالفكرة.


"لا مظنش قليل الذوق ده يقدر يجيب لنفسه كوباية مياة حتى!" تمتمت وظلت تبحث ولكن لم تجد شيئا، حاولت أن تصل إلي خزانة بالأعلى ولكن لم تستطع.. حاولت أن ترفع نفسها ولكن حذاءها ذو كعب لم يساعدها لتشعر بهالة جسده ورائحته تلك الممتزجة بالنعناع المنعش أعلنت عن وجوده ثم لاحظت يده تمتد من خلفها


"عايزة ايه؟" سألها ببرود ونبرته الرخيمة تلك تجعلها تشعر بعدم الراحة


"عايزة الـ creamer" همست وأغلقت عيناها وهي تستنشق رائحة النعناع المنعش ووجدت يده اليمين على الطاولة ويده اليسار على يسارها ليناولها إياه ولكنه لم يتحرك من خلفها لتفتح عيناها عند سماع ارتطام خفيف على الطاولة.


"شكراً.." شكرته وفرغت من تحضير القهوة ولكنها تشعر أنه لا يزال خلفها يراقبها..


شعرت بإقترابه أكثر تكاد أنفاسه تحرق عنقها ثم شعرت به يرفع يده إلي خصرها المرسوم ليُمسك به وبالرغم من أن جسدها يصرخ لكي يقترب منها أكثر وجدت نفسها تلتفت لتواجهه وتصيح به بعسليتان متسعتان "لو سمحت ابعد عني والتزم بمسافة ما بينا.. آخر مرة أتكلم في الموضوع ده!!" صاحت بإصرار ونبرة قاطعة


"مش قولتلك اياكِ تعلي صوتك عليا؟" سألها محذراً بإبتسامه ماكرة


"ومش أنا قولتلك متلمسنيش ولا تقرب من؟!" اجابته سائلة بتحدي


تركها موجهاً لها ظهره لتتناول هي قهوتها وعندما التفت لها وجدها ترفع الكوب ليغطي الكثير من وجهها ولا يترك إلا عيناها العسليتان البريئتان ليفكرهو بنفاذ صبر "الله يحرقك يا مراد، جبتها منين؟!" ذهب ليشرب كوباً من الماء البارد ثم تمتم لها سائلاً بنفاذ صبر


"خلصتي؟!"


"تعالي" صاح آمراً لتمشي ورائه وتتبعه حتى خرجا من باب غير الذي دخلت منه هذا الصباح ثم نزلا درجاً ليفتح باباً بشفرة معينة وفُتحت الأنوار تلقائياً لترى شيرين أكثر من عشر سيارات وأبواب أخرى لا تدري إلي أين تؤدي.. سيارات رياضية وسيارات قد تليق برئيس دولة وسيارة دفع رباعي غريبة الشكل..


"ايه ده.. هو ممثل ورجل أعمال ولا تاجر مخدرات ولا سلاح؟!" فكرت متعجبة وهي تتبعه حتى وقع اختياره على احدى السيارات ثم جلست بجانبه "أنت معندكش سواق؟" سألت بعفوية


"مش عايز"اجابها باقتضاب وبرود جعلها تندم على سؤالها بل وقررت أنها لن تسأله عن أي شيء سوى ما يتعلق بالعمل فقط


شرع في القيادة ليفتح باباً آخر بشفرة من نافذة السيارة ثم أغلق من تلقاء نفسه بمجرد مغادرته، ولكن لم يغلق نافذة السيارة ولاحظ أنها تحاوط جسدها بذراعيها


"أنت مش سقعان؟" سألته وجسدها أوشك أن يرتعش من برودة الجو


"لا" نظر لها ببرود ثم أعاد نظره على الطريق ولم يغلق النافذة منتظراً أن تطلب هي منه ذلك


"ده لأنك بارد زي لوح التلج!!" صرخت بعقلها ولكنها لم تقو على أن تقولها بصوت مسموع وبالطبع لن تخبره هذا


"ممكن طيب تقفل الشباك؟" توسلته بهمس


أغلق النافذة بدون أن ينظر لها وبعد صمت دام لعشر دقائق "بكرة الغي معاد الساعة عشرة ونص، ابعتي الايميل الساعة عشرة وربع" تكلم فجأة آمراً إياها ببرود


"حاضر هالغيه.. بس ليه؟!" تعجبت بعفوية


نظر لها مطولاً بغضب غير منتبهاً للطريق وفزعت من نظرته ليدب الرعب بقلبها ولم تدري لم كل هذا الإرتباك ولماذا نظراته توترها دائماً وتلقائياً وضعت يدها على المقود لتبعد السيارة عن شاحنة متوقفة كادت أن تصطدم بهم "أنت اتجننت؟" صاحت بفزع وحاولت السيطرة على نفسها بصعوبة من ذلك الادرينالين الذي قد انفجر بجسدها.


نظر للطريق ثم نظر لها مجدداً بمكر لتتكلم هي "عايز تقتلنا المرادي؟!" زفرت بتوتر


"لا شكلك أنتي اللي عايزانا نعمل حادثة عشان ماسكة ايدي ومش عارف اسوق منك"


فزعت شيرين ولم تدري متى مسكت يداه وانتزعتها فوراً والخجل يملؤها لا تدري لم فعلت ذلك، لم ينقذها من الموقف إلا وصولهم الشركة ليدع آدم السيارة بموقفه الخاص ثم تبعته للمصعد ثم لغرفة الاجتماعات، كانت الساعة الثامنة إلا الربع ودخل سكرتيره الخاص هشام" ازي حضرتك يا Mr آدم" أومأ له آدم ببرود


"ازيك يا..." سكت هشام حتى تعرفه هي على نفسها


"ازيك.. أنا شيرين عصام مديرة أعمال Mr آدم" صافحته وابتسمت ابتسامة عذبة لم يرها آدم منذ أن رآها خاصةً وأنها أبتسمت لرجل آخر غيره، كم شعر بالغيرة لمنحها تلك الإبتسامة لأحد آخر!!


"هشام منذر.. السكرتير الخاص" ابتسم لها ولم يترك يدها "أول يوم ليكي النهاردة؟" سألها وهو ينظر لها بإعجاب


"آه أول يوم" اجابته بود ولباقة


"آه أهلاً بيكي و Good Luck" ترك يدها أخيراً ثم توجه ليجهز بعض الأوراق أمام آدم الذي رمقهما بنظرة جافة مليئة بالبرود والإنزعاج


ارادت شيرين قتل الوقت قليلاً ولم تريد الجلوس مع تلك العيون الرمادية الباردة فتوجهت خارج غرفة الإجتماعات للتحدث مع هشام فسمع آدم صوتها تتضحك معه... خلل شعره بيده وقام فوراً ثم دخل عليهم "ايه اللي بيحصل هنا؟" سألهما بغضب


"أنا كنت بـ..." تحدثت لتجيبه ولكن لم تكمل جملتها


"انا معنديش وقت لتفاهتكوا دي.. ادخلوا جوا يالا" زجرهما بنبرة آمره فتبعاه بهدوء


لم تنتظر كثيراً حتى بدأ الاجتماع وسمعت جيداً مناقشة الوفد الياباني لبعضهم فهي تعلمت اليابانية بالإضافة للغات أخرى، لم تحتاج للمترجم مما جعلها تتريث في كل كلمة وتتمعن بها، أعجبت بآدم وطريقة حواره فهو رجل أعمال بحق، صارم بقرارته، كما أن طريقة تحاوره مهنية للغاية وتتسم بالتنظيم الشديد، فقد استطاع أن يغير فكرتها عنه قليلاً، تفقدت الوقت فقد قاربت على العاشرة فأقتربت من آدم قليلاً منتهزة فرصة ترجمة الكلام للوفد لتهمس بأذنه "قوم معايا فيه حاجة مهمة عايزة أقولهالك" فشعر بالغضب الشديد وطلب استراحة ثم ذهبا معاً لغرفة مكتبه.


"انتي اتجننــ...." نظر لها بمنتهى الغضب


"بص الوفد ده بيحاول يستغل إنك عايز جودة عالية في الحاجات اللي أنتوا هتتعاقدوا عليها، أنا مش عارفة هي ايه، بس همّ عايزينك تدفع لهم أعلى سعر ومش عايزين يتنازلوا عن السعر اللي طالبينه، وشكل كده فيه حد ساعدهم عشان يعمي عينك عن حاجات تانية احسن في السوق عشان تقبل تشتري منهم، أنا ده اللي شايفاه من أول الإجتماع عمالين يقولوا أنهم اتفقوا على كده وفيه حد بعتلهم إنك موافق على سعرهم، أنا مش فاهمة المحتوى بالظبط بس فيه حاجة من ورا ضهرك أنت أكيد مش عارفها" قاطعته غير آبهه لغضبه وتحدثت بجدية مسرعة.


"وأنتي عرفتي ده ازاي؟" سألها مستغرباً واضعاً يده في جيوبه ببرود.


"أنا بعرف ياباني كويس.. هاتعمل ايه دلوقتي؟" أجابته على عجل ثم سألته


"وأنا ايه اللي يخليني أثق فيكي؟!"


"أقولك حاجة!" ضيقت عينيها ناظرة له وعقدت ذراعيها "أدخل لهم وامضي العقود واتجاهل كلامي ولا كأني قولت حاجة.. يالا مستني ايه" أخبرته والغضب يعتريها من ردة فعله ثم ابتسمت بسخرية له وهمت على أن تغادر حتى أمسك ذراعها


"اياكِ تسبيني وتمشي كده تاني غير لما أخلص كلامي.. ولو أكتشفت إن كلامك اللي قولتيه ده غلط هندمك على عيشتك!!"


"آه.. سيب دراعي يا مجنون أنت.." همست بألم محاولة الهرب من قبضته


ذهب آدم والغضب ارتسم على ملامحه ولكنه لا زال يستطيع التحكم ببروده وهدوءه آخذاً خطوات مسرعة "الإجتماع ده هيتأجل.. " صاح بالجميع "هشام تعالالي" آمره لنهض فوراً لاحقاً به ليقف بجانبه منتظراً ليعرف ماذا جعله يلغي الاجتماع "مين قبل بعرض المصنع ده؟" سأل هشام بعصبية وتلك الرماديتان تتفحصه


"ممم.. ااا.. الآنسة ميار" جاوبه بتلعثم


"امتى؟"


"من اسبوعين"


تذكر آدم أنه لم يحضر للشركة منذ شهر وخلل شعره بيداه الاثنتان حتى كاد أن يقتلعه "يالا امشوا" آمرهما وكاد أن يجن ولم يستطع أحدهما ملاحظة هذا فهدوءه مخيف ليأخذا أشيائهما وتركا المكتب متوجهان للخارج وأغلقا الباب.


فكر آدم بما سيفعله وقرر الذهاب لمراد واقترب من الباب ليخرج ولكن سمع صوت كلاً من شيرين وهشام بالخارج يتحدثان سوياً.


"أنا عارف إن الوقت مش مناسب بس ممكن تتعشي معايا النهاردة؟!" سأل هشام وانتظر آدم لثوان ليسمع ردها


"مممم.. الوقت أتأخر و.. بس بكرة ممكـ.."


لم تكمل جملتها حتى فتح آدم الباب وكان وجهه كمن سيقتل أحد "ادخلي" زجرها بإقتضاب "وأنت امشي" آمر هشام ولم يدع له مجال لأن يكمل وأغلق الباب بوجهه بمجرد دخولها.


انتظرته ليقل أي شئ ولكن جلس على مكتبه ليجري اتصالاً "هو خلص؟" سأل ببرود .. "خليه يكلمني لما يخلص" تحدث ثم أنهى المكالمة وأمعن النظر بها وقد نظرت هي في مكان آخر حتى لا تقابل تلك الرماديتان ليعبث أفقياً بشفته السفلى ثم وقف أمامها ليجبرها على رفع رأسها إليه


"ايه؟" سألته بعفوية


نظر لها بتفحص وقد أزعجته براءة عسليتاها لم يدري ماذا يقول؟ ماذا يفعل بها؟ هل هي جيدة حقاً كما زعم مراد؟ كيف لها أن تنجح بكل اختبار يضعها به بهذه السهولة؟ لِمَ غضب عندما سمعها هي وهشام؟ لِمَ انزعج من ضحكاتها له؟ كيف له أن تواجهه بجرأة ثم في لحظة تتحول كطفلة صغيرة ببراءتها تلك؟ تحير آدم "يالا هنمشي" أخبرها ببرود لتتبعه.


بدأ في قيادة السيارة وتفقدت الوقت فقد بلغت الساعة الحادية عشرة والربع وقد أُرهقت منذ الصباح "أنت رايح فين؟" سألته ولم يجاوبها، نظر لها ببرود ثم أكمل لينظر للطريق فأنزعجت من رد فعله. بعدها بقليل توقف عند فندق ضخماً ثم ترجل من السيارة معطياً مفاتيحها لعامل كي يصفها له. دخل ليحييه العاملين به كمن يعرفونه جيداً فظنت أنه ربما يأتِ بكثرة للمكان فتوجها لقاعة ضخمة ثم جلس لتجلس معه شيرين على أحد الطاولات.


"أهلاً Mr آدم.. حضـ.. " رحب به النادل مبتسماً


"عشا و Red Wine " قاطعه ببرود ولم يرفع نظره من عليها


"حضرتك تحب حاجة معيــ.."


"روح روح" قاطعه آمراً


"حالاً يا فندم.. بعد إذنك" اجابه والخوف والإرتباك يكسيان وجهه


"ايه الإنسان قليل الذوق ده.. هو لازم يعامل الناس كلها كده" فكرت شيرين لتعقد حاجباها وقد بدأت من الانزعاج لتحديقه المستمر بها ولم يمر الكثير حتى أحضر النادل ما طلب، سكب النبيذ لآدم ثم شرع في سكبه لها "شكراً ولكن لا أريد" قاطعته ليومأ لها باحترام ثم غادر.


جلست لتفكر قليلاً بأسلوبه الجاف الذي لم يرق لها مع الجميع ولكنه قد آجل الإجتماع بناءاً على ما أخبرته به، أعطاها هذا أملاً بسيطاً في أنه ربما يكون شخص عملي للغاية فسارع عقلها بتذكر إقترابه منها لأكثر من مرة بطريقة غير مريحة فتشتت وظلت شاردة حتى آتاها صوته الرخيم ليفيقها مما أنشغل عقلها به.


"يالا كلي" آمرها ببرود


"مش عايزة.. مليش نفس" أجابته بعفوية


"مش عايز نقاش كتير" زفر بغضب ونظر لها لتغلق عيناها بنفاذ صبر ثم بدأت في تناول الطعام


"خلصت" همست لينظر في طبقها وقد أنهى هو ما قارب على منتصف زجاجة النبيذ ولاحظت إتصال مراد للمرة الثالثة به ولكن لم يجيبه "أظن أستاذ مراد بيتصل بيك أنت كنت مـ.."


"متقوليليش أعمل ايه ومعملش ايه" قاطعها ببرود وتفقد الساعة فقد عبرت الثانية عشر بقليل، أخرج نقوداً بدون أن يطلب الحساب وتركها بدون أن يقل شيئاً لتتبعه بنفاذ صبر ليتوجها إلي السيارة ثم آخذ آدم في القيادة بشرود بينما لم تعلم هي إلي أين هو ذاهب!


"آدم أنت بقالك كتير سايق والساعة عدت واحدة ونص، ممكن تفهمني أنت رايح فين؟" سألته والارهاق يبدو عليها


"فيه شوية شغل لسه مخلصش" أجابها بدون النظر إليها لتجد أنهما في الطريق لمنزله فأستغربت لإضاعته لكل هذا الوقت. دخلت خلفه لتتبعه بينما تحدث هو "أستنيني هنا" آمرها لتجلس بغرفة الجلوس


"أوك" اجابت ولم تزعج نفسها لملاحظة أي شيء فهي بالكاد تستطيع فتح عيناها


ذهب آدم لغرفته وغير ثيابه وأطال قدر المستطاع حتى يجعلها تنتظر لتمل هي وتخبره حتى يفتعل معها عراك لتقصيرها بالعمل ولكنه في النهاية ذهب هوعندما لم تأتي له ليجدها نائمة، ملامحها بريئة ومستسلمة، هناك خصلة قد هبطت على يسار جبينها ويبدو عليها الإرهاق، لم يستطع إكمال خطته، لم يدري لكم جلس يحدق بها، وفي النهاية ذهب يحملها ثم صعد بها الدرج فلم تشعر إلا عند اقترابهم من أحد الغرف "أأنت.. أنت بتعمل ايه؟" فتحت عيناها برعب وسألت خائفة بصوت نعس تحاول الهروب منه لتجده ينظر لها عاقداً حاجباه بملامح غريبة..

يتبع

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-