أخر الاخبار

ترويض ادم للكاتبة بتول طه الفصل السابع

 

ترويض ادم للكاتبة بتول طه

الفصل السابع 

جميع حقوق الملكية والنشر تعود لي ولا احلل فكرة السرق او نشر الرواية دون الحصول على موافقتي.

الجزء السابع

~ قد يخذلك البعض


تاركين ما فعلوا بنا


جروح لها ندبات


علامات لم ولن يمحوها الزمن ~


=======================================


قاد آدم السيارة بجنون وصوت بكائها يغضبه أكثر وأكثر وذعرها قد سيطر عليها بالكامل فهي قد خالفته ولم يستطع أحد قبلها أن يفعل ذلك، دخن سجائرة بشراهة وملامح شيطانية تكسوه، بل هو بالفعل الشيطان نفسه

قاد آدم السيارة بجنون وصوت بكائها يغضبه أكثر وأكثر وذعرها قد سيطر عليها بالكامل فهي قد خالفته ولم يستطع أحد قبلها أن يفعل ذلك، دخن سجائرة بشراهة وملامح شيطانية تكسوه، بل هو بالفعل الشيطان نفسه. لم تقوى شيرين على منع دموعها ولكنها لاحظت طول الطريق عن المعتاد ورعبها ازداد فهي بعمرها لم تكن تتصور أنها ستتعرض لموقف مشابه لمجرد أنها ستعمل مع آدم رأفت


"أنت واخدني على فين؟" همست مرتعبة وسط بكائها الشديد


لم يجيبها ولم ينظر إليها وكأنها لم تتكلم نهائياً وبعد حوالي عشرة دقائق قد توقف لتسمع هي صوت زئير مكابح السيارة لتفزعها أكثر ثم توجه خارج السيارة يؤججه الغضب ليندلع بعروقه ثم جذبها من ذراعها ليفتح بوابة مقبرة خاصة ثم القى بها على الأرض لتسقط هي وتتعالى شهقاتها ولكن لم يكترث بها ليأتي ثم يحكم قبضة يده على شعرها الفاحم المبعثر


"بصي كده كويس للقبر ده، دي أول واحدة خالفتني وسابتني ونفذت اللي في دماغها من ورايا" جذبها يميناً قليلاً ممسكاً بشعرها حول يده "وبصي كده دي تاني واحدة بردو نفذت اللي في دماغها وأنا حاطتها بإيدي هنا"صرخ بها جاذباً أياها مرة أخرى


"آه.. كفاية حرام عليك" صرخت لتتأوه وكادت أن يغشى عليها


"أما بقا ديه فدي أوسخ واحدة فيهم، أنا قتلتها بنفسي وحاطتها بإيدي هنا" ترك شعرها ثم نزل على ركبتاه ليواجهها ممسكاً بذراعيها بقوة لتنظر بعينيه التي قد رآت بهما لهيب جهنم نفسها "ورحمة أبويا لو ما اتعدلتي معايا لأدفنك هنا جنبهم بإيدي، أنا كنت فاكر إن الدور على ميار بس شكلك كده هتسبقيها، عارفة ليه؟ عشان كلكوا شبه بعض، كل واحدة واطية فيكو عايزة تعمل اللي في دماغها وبس، أنا مش لعبة فإيد شوية نسوان أنـ.." صرخ بها مدوياً بصوته الرخيم ولم يوقفه عن كلامه إلا جسدها يرتجف هيستيرياً لتفقد الوعي بعدها.


لم يصدق للحظة كل ما حدث، منذ جلوسه بمكتبه إلي أن نزل على ركبتاه وهو ممسك بها "يلعن أبو الستات على أبو معرفتهم!" صاح غاضباً ليحملها للسيارة ثم لمنزله واستدعى طبيباً ليتأكد أنها لم يحدث لها شيئاً.


جلس بجانبها وكأساً بيده يتجرع منه في نهم نافثاً دخانه بهدوء ليكون حوله هالة عظيمة تزداد وتزداد وكأنها لن تتوقف أبداً ثم حدث نفسه مُفكراً


"هو أنا عملت معاها كده ليه؟ ازاي في يومين بس قدرت تخليني اتعصب كد عليها؟ وهي ليه بردو صممت تخالفني وتعمل اللي في دماغها ولا كأني موجود؟ أنا كنت ممكن أعمل حاجات كتيرة اوي بس مش اخدها اوديها لأكتر تلاتة حبيتهم في حياتي وأكتر تلاتة اتوجعت لما سابوني، هي البنت دي فيها ايه عشان تخليني أتصرف معاها كده؟ طب وهو أنا ليه متعصبتش على ميار العصبية دي كلها مع إن اللي هي عملته معايا كان أسوأ؟!"


صرخت الأسئلة بعقله حتى كاد أن يجن ولكن ملامحه هادئة باردة وحولة هالة من الهيبة قد تسع العالم بأكمله، دنا منها ليرفع بعض الخصلات المتناثرة على وجهها برفق شاعراً بالندم لما فعله بها ونظر إليها مطولاً وقد لانت ملامحه ليدخل مراد عليهم متفاجئاً بجلوسه بجانبها


"ايه اللي حصـ..."


"برا" قاطعه هامساً بإماءة حتى لا يوقظها ثم تبعه للخارج


"أنت عملت فيها ايه؟ أنت اكيد أتجننت.. اللي سمعته في الشركة ده كان بجد ولا اللي سمعته غلط؟ ما ترد عليا يا ديب فريزر أنت بدل مـ.."


"أخدت سيناريو من غير موافقتي لمسلسل وأنا قولتيلها تلغي المعاد وحذرتها كذا مرة متعملش حاجة غير اللي أقول عليها " قاطعه بهدوء ليشرب من كأسه


"طب.. ازاي؟!. ما هو لو أنت كنت.." تلعثم مراد فهو نفسه لم يقدرعلى فعلتها طوال سنوات عمله معه فابتلع ثم أكمل "بس بردو يا آدم متوصلش للي أنت عملته فيها ده.. عشان كده كان لازم اقعد معاها قبل منك وافهمها ازاي تتعامل معاك، يا آدم حاول تفهمني ولو لمرة واحدة في حياتك، أنا كنـ.."


"هي هتشتغل عندي، وأنت سبت الشغل ده، مالكش بقا علاقة بالموضوع ده تاني بعد ما سبته" قاطعه ببرود وحزم


"معلش بس أنت قولت ايه؟" تعجب بصدمة ظاهرة على ملامحة من كلامه الجارح


"اللي سمعته" اجابه بإقتضاب وقسوة


"تعرف يا آدم يا ابن عمي!! أنا هانسى الكلام اللي أنا سمعته" أخبره بنبرة حزينة ثم مسح مراد على وجهه وحاول أن يغير الموضوع "أنت عملت فيها ايه؟ وفاطمة جابت دكتور ليه؟ والغريب واللي هيجنني إني جيت لقيتك قاعد جنبها.. من امتى آدم رأفت بيقعد جنب الستات وبياخد باله منهم؟"


"مالكش دعوة باللي بعمله"


"تمام.. براحتك" ربت مراد على ركبة آدم مصدوماً فهو لم يقل له هذا من قبل بل ولم يحدثه بتلك الطريقة من قبل أيضاً ونهض ليغادره لأنه تأكد أن هناك شيئاً ما ولكن هو يعرفه جيداً، عرف أنه غاضب للغاية ولن يتحدث أبداً بمثل هذا المزاج فتوجه للمغادرة ليوقفه صوت آدم


"أنت جبتها منين يا مراد؟" همس بهدوء ولكن لم يميز مراد ما سمعه.. هل هذا ضعف أم إنكسار بصوته؟ هل هذا اندهاش؟ هل هو خوف أم شكلاً جديداً من غضبه؟ أو هو فقط يسأل كيف عرفت بها؟ لم يعرف بما يجيبه وبعد سكوت طويل


"فيه واحد اعرفه اسمه يو..."


"امشي امشي وسلملي على ليلى وزينة" قاطعه مغادراً إياه ليصعد لغرفته فلم يستطع الجلوس بها وشعر بالإختناق، ذهب خارجاً للغرفة التي تمكث بها شيرين ونظر لها بقلق عاقداً حاجباه يتأمل ملامحها الهادئة فلم يلبث أكثر من دقيقتان لتفتح هي عيناها وبمجرد إدراكها لوجوده ونظرة عيناه التي قد تحولت للبرود التام صرخت به


"ابعد عني" صاحت لتسند بيداها على السرير معدلة من جلستها


لم يجيبها بل أعطاها ظهره ليجلس على الأريكة وينظر شارداً وقد بدأ في عقد حاجباه مجدداً يحاول أن يلاحظها بجانب عيناه دون النظر لها، تحاملت هي على نفسها دون إكتراث لآلامها التي تكاد أن تهشم رأسها نصفين وذراعيها متورمتان تشعر بالآلم مع كل حركة تأخذها لتقوم وتترك السرير لتغادر ولكن أوقفها صوته


"رايحة فين؟"


"مالكش دعوة.. ومش هاشتغل معاك ولا عندك.. ومفيش حاجة تجبرني إني أ.."


"أقعدي" قاطعها ببرود


"لا مش هاقعد يا Mr آدم.. واياك تقاطعني تاني وهتسمعني لغاية ما أخلص كلامي كله" صاحت به برسمية تامة لتجده ينظر لها بهدوء فأكملت


"مفيش حاجة تجبرني إني أشتغل معاك، وكفاية بقا تهزيئ وقلة قيمة!! أنا فاكرة كل كلمة خرجت من لسانك من أول يوم ما جيتلك فيه المكتب وفضلت ادور عليك قد كده لغاية اما هددتني تموتني! أنت فاكر نفسك ايه يا قليل الذوق أنت؟ أنت عايز تتعصب وقت ما تحب على أي حد يدخل في مزاجك إنك تعكنن عليه وبعدها بشوية تيجي تلمسني بطريقة قذرة وشوية أشوفك من غير هدوم وفي الآخر كمان جايلي تهددني وبهدلتني بعلامات زي المضروبة!!


أنت مالك أنت مجنون ولا ايه بالظبط؟ أنت مين أنت أصلاً عشان تدي لنفسك الحق تعمل كده معايا ولا حتى مع غيري؟ مجرد ممثل مشهور بتفاهاته وشوية أفلام مليانين قذارة ومبسوط إنك حلو وسط الستات والبنات ووارث من أبوه وجده ثروة ملهاش آخر.. أقصى حاجة هتوصلها ايه؟ شوية نفوذ سياسي مثلاً بيوصلك للي أنت عايزه؟ طب وبعدين؟ كل ده بردو ميديش ليك ولا لغيرك الحق إنك تتصرف مع الناس بطريقتك الزبالة دي، ده أنا مشوفتش حد في قلة ذوقك!" تريثت لبرهة لتتنفس ثم أكملت


"الجرسون بتاع امبارح ذنبه ايه عشان تعمل فيه اللي عملته ده بمنتهى قلة الذوق؟ المخرجين والمنتجين ذنبهم ايه عشان في الآخر تلغي مواعيدهم كأنهم مالهومش لازمة ولا كأن مفيش ممثل غيرك في الدنيا ويبقا من كرم أخلاق سيادتك إنك تسمحلهم بمعاد زي ما يكونوا مقطوعينلك ومفيش وراهم غير آدم رأفت؟ ولا مراد اللي هو المفروض ابن عمك وحافظك وشريكك واللي شالك السنين اللي فاتت دي كلها، ازاي أنت قليل الذوق أي معاه كده؟


أنا!! أنا اللي معرفكش غير من يومين، عملتلك ايه؟ غلطت مثلاً فيك لما روحت عملت كده من وراك عشان بفكر إن احتمال فرصة زي دي تمون كويسة ليك؟ طب ما كل الناس بتغلط، ممكن تناقشني حتى لو بعصبية، تخصملي من مرتبي، تطردني حتى لو حبيت، لكن شغل الحيوانات والهمجية والشتايم القذرة ده مبينليش غير إنك إنسان متخلف أو يمكن مريض نفسي أو مجنون، وتبقى بتحلم يا Mr آدم لو فكرت إني ممكن أشتغل معاك ولو ثانية واحدة كمان!!" تنهدت لتشعر بهدوئها قليلاً بعد أن أخرجت قدراً لا بأس به مما كان يُثقل صدرها ويُشكل عبئاً على تفكيرها اليومان الماضيان وتفحصته لتجده عاقداً حاجباه وقد أغمقت رماديتاه وقابض كفيه كمن يحاول أن يحجم نفسه عن قتل أحد


"خلصتي؟" سألها ببرود، فلم يحصل منها على إجابة ليرها تنظر له في اندهاش لبرودته اللاذعة ولم تجيبه هي وتوجهت لتحاول مغادرة الغرفة "تمام" زفر بغرور وقام متوجهاً لها واضعاً يده بجيبا بنطاله "متنسيش إن فيه شرط جزائي في العقد و.."


"يا اخي ما تولع أنت والشرط الجزائي" قاطعته رافعة احدى حاجباها بشموخ وهي حقاً لا تُصدق وقاحته، فبعد ما فعله بها منذ ساعات يأتي ليتحدث عن ذلك العقد وبمنتهى الغرور وكأنه لم يخطأ!! حقاً لم تقابل مثله من قبل!


"هو أنا مش قولتلك متقاطعنيش أبداً؟" سألها بغضب


"أقولهالك تاني.. اولع أنت وقراراتك وتحكماتك دي يا Mr آدم!" اجابته لتترك له ظهرها وهمت أن تغادر ولكنها فوجئت بقبضته على يدها بعنف ليجذبها رغماً عنها لتصرخ به في غضب شديد "ها بقا هتعمل ايه المرادي؟ ما أنا خلاص بتعامل مع واحد مجنون، ورتني من شويا مقابر، المرادي هتوديني النار ولا هتحاسبني؟!"


لم يكترث بكل ما تقوله ليأخذها ووقفا أمام باب يؤدي لدرجاً ضيقاً وبعد مرورهما برواق منعزل لم تأتيه شيرين من قبل ليقف ويكتب شفرة على جهاز رقمي معلق بالحائط ليفتح باباً آخر وانتظر قبل الدخول لتضيق هي عسليتاها وتفحصته ليتزايد غضبها من قلة حديثه وعدم تفسير ما يفعله معها بل وتحكمه اللانهائي بكل من حوله فهو منذ أن رآته وهو ينهض هكذا فجأة بعد أن يقرر شيئاً ما برأسه ويتوجه لينفذه دون الآخذ في الإعتبار أياً كان من أمامه..


"ايه بقا!! هتسجني دلوقتي ولا هتقتلني عشان تدفني جنبهم؟ هتعمل ايـ.."


ماذا أستسجنني الآن؟ أتقتلني؟ ماذا ستفــ..." ولكنها سكتت عندما رأته يبلتع لعابه بصعوبه ووجهه قد كساه الآلم الممزوج بغضب، أضاء نور الغرفة لتجد ملامحه تغيرت وعيناه أصبحتا غريبتان للغاية بتلك النظرة المبهمة التي لم تتبين معناها ثم جذبها من يدها بعنف ثم أشاح بنظره بعيداً عنها وتركها بالغرفة وذهب.


لم تدري لم فعل هو ذلك وآتى بها إلي تلك الغرفة الغريبة؟ فكرت أن تذهب خلفه ولكن استوقفها منظر الغرفة التي يكسوها الغبار فهي ليست كباقي أرجاء المنزل، من الواضح أن لا أحد يدخلها.. لاحظت الكثير من الصور، هذه لآدم وهو صغير وتلك له ومعه فتاة ويبدو أنه في أوائل العشرينيات من عمره، وله معها صور عديدة في بلاد مختلفة وبدا سعيداً بهم، هناك صورة من الصور يظهر بها رجل وامرأة لتعلم أنها لأمه وأبيه، العديد من الصحف القديمة وكل ما يظهر على الصفحات الأولى إنتحار زوجة رجل الأعمال أحمد رأفت.. حادث شنيع ذهب ضحيته زوجة رجل الأعمال أحمد رأفت.. أخذت شيرين تقرأ لتستنتج أن والدته أنتحرت وهو في الثالثة من عمره، وأن زوجة أبيه قد ماتت أثر حادث سيارة كانت تقودها، حدث هذا وآدم كان يبلغ ثلاثون عاماً وقتها، ولم تجد شيئاً عن أبيه إلا صحيفة واحدة فقط تحمل خبر وفاته بعد نوبة قلبية شديدة قد تعرض لها، لتتذكر كلامه هذا الصباح كوميض يومض بعقلها


"بصي كده كويس للقبر ده، دي أول واحدة خالفتني وسابتني ونفذت اللي في دماغها من ورايا"


"أما بقا ديه فدي أوسخ واحدة فيهم، أنا قتلتها بنفسي وحاطتها بإيدي هنا"


"طيب.. يعني اللي خالفته وسابته كان يقصد أمه" تمتمت وهي تفكر ثم حاولت التذكر جيداً التواريخ المكتوبة على المقابر فأحدث تاريخ بينهم هو منذ حوالي ستة سنوات ويوافق هذا تاريخ خبر زوجة والده، إذن فماذا عن الثالثة؟ ماذا عن الفتاة التي معه بالصور، تجولت بالغرفة لتستطيع أن تجد تفسيراً حتى وجدت صور أخرى لها مع شخص آخر، حاولت البحث عن تواريخ ولكن لم تجد أي شيء على الصور.


اتجهت لمكتب عليه الكثير من الأوراق لتجد قرص مدمج وحاسوب متنقل قديم الطراز، حاولت تشغيله ونفخت ما عليه من أتربة لتجده يعمل وما إن وضعت به القرص وجدت العديد من الصور لنفس الفتاة في أوضاع مُخِلة مع الكثير من الأشخاص، صُدمت مما رأت ورفعت شعرها بيديها محاولة استيعاب ما تراه، تجولت بالغرفة لتجد صندوقاً قد ظنته أحد صناديق المجوهرات لتفتحه لتجد به سلسلة فضية تحمل حرفان T & A ، وساعة رولكس قديمة، وسلسلة أخرى كُتب عليها Je vous adore ولكنها من الألماس، وأخيراً وجدت جواب قديم يُظهر عليه الحبر كأنه ابتل ثم جف!!


"آدم.. الناس دي افترت عليا كدب.. متصدقهمش أرجوك، أنا مش عارفة أوصلك خالص، أنا هستناك وأنت عارف فين.. حبيبي متتأخرش عليا أنا مبقتش قادرة أبعد عنك تاني.."


أغمضت عيناها قليلاً ثم عادت لتفتحهما وقد زفرت كل ما برأتيها من هواء عندما أدركت أن الورقة المكتوب بها قد ابتلت ربما من دموعه لتتعجب بداخلها "هو فعلاً آدم رأفت عيط علشان خاطر واحدة ست؟!!" تحدثت لنفسها ثم تذكرت ملامح غضبه وهو يخبرها


"عشان كلكوا شبه بعض، كل واحدة واطية فيكو عايزة تعمل اللي في دماغها وبس، أنا مش لعبة "


كان هذا آخر ما سمعته منه قبل أن تفقد وعيها.. ولكنها لم تدري لماذا يشبهها بهم ولماذا قد يربط شيء شخصي بما حدث له مع تلك النساء بالعمل الذي يجمعهما!


أحترقت رأس شيرين لتفكر ولكن لم تستنتج سوى شيء واحد "تمام.. ده واحد معقد وعنده عقدة من الستات، مش عايز يسيب حاجة للصدفة واتعقد من اللي حصله زمان.. بيحب يتحكم زيادة عن اللزوم عشان مفيش حاجة تخرج عن سيطرته.. كل ده هايل!! إنما ليه بقا مشوفتش الثورة والعصبية البشعة دي مع ميار؟ اشمعنى عمل كده معايا أنا؟" خللت شيرين شعرها الفحمي بيدها لتسندها على أول عنقها ثم أغلقت الأنوار واتجهت لتبحث عنه.


تجولت في جميع أرجاء المنزل لم تجده وبحثت عنه بالحديقة وأيضاً لم تجده، "الوقت أتأخر وبقت حوالي الساعة واحدة.. المجنون ده راح فين؟؟" فكرت ثم تفقدت المسبح لتجد أربع زجاجات فودكا فارغين، ونظرت بداخل المسبح لتجده لا يتحرك، فقط جسده يطفو على المياه، مرتدياً ملابسه بالكامل..


"آدم.." نادته ولكن لم يجب! "آدم أنت سامعني؟؟" نادته مجدداً بدهشة ثم لم يتحرك "يخربيتك يا مجنون، حد ينزل الـ Pool في جو زي ده في عز الشتا؟؟" تمتمت لنفسها ثم قفزت بالمسبح ثم سبحت ناحيته "آدم.." حاولت أن تجذب جسده وما إن لمسته حتى نظر لها وعيناه قد أصبحتا حمراء بشكل مرعب


"أنت بتعمل ايه يا مجنون؟ أنت أتجننت؟ المياة تلج!! حد يعمل كده في الجو ده" صاحت به مرتجفة من برودة الماء "أنت كل ده مكنتش سامعني؟ مردتش عليا ليه؟" تركته والغضب يملؤها لتترك المسبح ولكنه تبعها فتوجهت هي في طريقها لداخل المنزل ليتصبب منها الماء فهرول خلفها واضعاً عيها رداء أسود ثقيل قد علمت أنه له من رائحته ولم يتحدثا فقط توجها للداخل بصمت تام.


نظر لها آدم يتفحصها وقد حاوطت جسدها بذراعيها محاولة أن تشعر بالدفئ ورآها ترتجف، مد لها يده فنظرت له غاضبة وأشاحت بنظرها ولم يستطع إلا أن يجذبها من معصمها بقوة لتتبعه رغماً عنها ثم دخل بها غرفة جلوس وأشعل مدفأة مثبتة بالحائط ولم ينير أي أضواء لتتوقف هي عن الإرتجاف بعد ثم خلعت ردائه عنها مغادرة اياه لتذهب.


"أنتي ايه اللي خلاكي تنزلي ورايا؟" سألها ليوقفها ببرود فتعجبت هي لسؤاله بل ولبروده التام معها


"مش عايزة يومي يقفل على تحقيق بسبب موت الممثل المشهور آدم رأفت" اجابته بسخرية


"أنا شربت كتير وكانوا هيعرفوا إني سكران.. مسبتنيش ليه؟"


"تصدق أنا غلطانة.. أتفضل الـ pool لسه عندك بره أهو ومش هامنعك.. أنا فعلاً آسفة يا Mr آدم" همست له مستفزة اياه وقد نجحت بفعلتها


"ده أنتي بتستفزيني؟!" صرخ متجهاً نحوها بغضب ليقترب منها


"أنت بتهزر معايا مش كده؟ جاي تقولي أنا اللي باستفزك؟"


"مترديش سؤالي بسؤال" صرخ بها مجدداً وعينه اصبحت معتمة بالكاد تراهما


"متعليش حسك!! أنا مبخفش منك ولا هخاف!" أخبرته في تحدي ونظرت له تتفحصه في جرأة ليدفعها ناحية الحائط ليؤلمها ظهرها قليلاً ولكنها أكملت قبل أن يستطيع هو الكلام "أنت دخلتني الأوضة دي ليه؟" لم يجيبها ثم ولاها ظهره كمن يتوارى ويفر من شيء فتبعته حتى توقفت أمام تلك الرماديتان الهاربتان لتجبره على النظر إليها لتجذبه من ذراعه "جاوبني!!" صاحت به ثم نظرت لتجد وجهه أصبح أحمر بالكامل من إنعكاس المدفأة فقد كان مخيفاً بحق ولكن قد عادت ملامحه للتألم مرة أخرى "آدم بصلي وجاوبني.. أنت ليه دخلتني الأوضة دي النهاردة؟" لمست وجهه بخفة لا تدري كيف فعلتها وكيف واتتها الجرأة ولكن ملامحه المتألمة بعثت الشفقة بشعورها تجاهه


"عشان تعرفي آخرة اللي يخالفني" قال ببرود وقد تحول تماماً لشخص آخر


"تصدق أنا غلطانة!" همست نادمة "أنا افتكرت إن عندك إحساس ومشاعر.. إنما أنت طلعت حجر!" قالت لتتركه ولكن صوته أوقفها


"مشاعر؟!" ضحك بهستيرية حتى ظنت أنه يضحك بالفعل ثم توقف "لا أنا الحجر نفسه"


سكتت شيرين ثم حاولت المغادرة ليتكلم هو مرة أخرى "احفظي اللي قولتلك عليه وحطيه حلقة في ودنك وافتكريه دايماً عشان أنتي مش هاتمشي!"


"يا سلام!! هي عافية ولا ايه" صاحت بتحدي


"اعتبريها زي ما تعتبريها.. حتى لو عافية فهخليكي تكملي معايا عافية!" أخبرها لتمتلئ نبرته بالتملك


"لا بجد.. فاكرني عربية ولا ساعة!! أنا حرة وأنت مالكش حكم عليا في حاجة، ولو أنت مجنون بقا وعايش ومكمل في جنانك ده فدي حاجة تخصك متخصنيش أنا"


"لو رفعتي صوتك تاني هوريكي الجنان على حق!"


"تصدق خوفت!! طب وريني بقا هاتعمل ايه!" تركته ذاهبة واستمرت بالمشي


"شيرين!!!" صرخ لتهتز أرجاء قصره بأكملها وتصنمت مكانها لم تستطع أن تتحرك، هذه المرة الأولى التي ينطق بها اسمها بتلك الطريقة ليجعلها تلعن اليوم التي ولدت به.


التفتت خلفها لتراه بنفس هيبته وبروده "اطلعي نامي دلوقتي واتقي شري!" زجرها بشدة


"لا تصدق هاترعب بجد" صاحت بإستفزاز لتبتسم له "طظ!"


"أنتي بتقوليلي أنا كده؟" سألها مبتسماً بمكر


"آه ومن هنا ورايح هاعمل اللي أنا عايزاه وهاقول اللي أنا عايزاه وقت ما أحب" أخبرته بجرأة


"بطلي جدال معايا واطلعي نامي احسنلك!" صرخ بها لتفزع هي ولكنها استمرت في جرأتها


"لا!! وحركاتك اللي بتعملها دي مش هاتخوفني!"


"بجد؟" سألها لينهال الغضب من رماديتاه


"ايوة!"


"والدموع المحبوسة في عينيكي دي من ايه يا ترى؟" ابتسم لها بشر وخبث


"مالكش دعوة؟"


"طب لآخر مرة هقولهالك.. اطلعي أوضتك ولو بس خطر على بالك إنك تسيبي الشغل معايا هوريكي فعلاً يعني ايه مستقبلك يتدمر.. متنسيش إن أنا أقدر أعمل أكتر بكتير، وأطلعك بمنتهى السهولة واحدة وسخة قدام كل الناس مش حرامية بس، متنسيش إن أنا مش كريم لطفـ.."


قاطعته بصفعة قوية ليدوي صوت ارتطام يدها بوجهه ارجاء القصر وعلت ملامحها القسوة ثم تحولت دموعها لشرار يكاد أن يحرقه ولم تكترث لردة فعله نهائياً


"اياك تجيب سيرته تاني على لسانك!!" نظرت له بكبرياء "والوسخة هي حبيبتك!" همست أمامه بإستفزاز وفي لمح البصر تعالى غضبه بشدة ليصبح وجهه أحمر كالدماء ليكسر ويهشم كل شيء تقع عليه عيناه حتى تحطمت غرفة الجلوس بأكملها في ثوان معدودة وأصبحت كحطام زلزال، ثم جذبها من شعرها بقسوة


"الوسخة اللي بتتكلمي عنها دي أشرف إنسانة في الدنيا!" أخبرها صارخاً بحرقة


"أحسن.. ولما هي أشرف إنسانة في الدنيا أكيد أحسن إنها بعدت عنك عشان شكلها متستحقش واحد سافل زيك" تحاملت على ذلك الآلم الذي تشعر به وصرخت به هي الأخرى فهو لتوه قد آلمها بمجرد التحدث عن كريم أمامها


"اخرسي أنتي متعرفيش حاجة، ولو ملمتيش لسانك ورحمة أبويا أموتك ولا تفرقي معايا" صرخ بها مرة ثانية


"موتني وماله، أنا لا خايفة منك ولا من كل الهبل اللي بتعمله ده" رمشت بخوف وتعالت أنفاسها


نظر لها بغضب يكاد أن يقتلع قلبها بين يداه.. عينيه قد اجتازا أن ترعباها.. فهي تنظر لشيطان آدم.. تنظر لحجر في قاع بركان.. لم يدع شعرها بل ظل ممسكاً به بقوة بل وجذبها أكثر ليتحول لمخلوق آخر لا يوجد إلا بالأساطير "بقا كل ده عملتيه عشان نطقت اسمه بس؟" همس لها ليرسل لها نظرة قد تنهي رجال وتجعلهم ينسون أساميهم "ردي عليا!".. ظل ناظراً لها ولكن لم تجيبه "أنتي يا طرشة مش سامعاني؟" صرخ بها وضرب بقبضته ليترك علامه بالحائط خلفها وتدفقت الدماء من يده..


"مش هاتكلم.." همست وقد نزلت دمعة حارقة لتكوي وجنتها اليسار


"ماشي أنا هاوريكي" عقد شعرها بقبضته أكثر ثم حاوط عنقها بيده لتتعالى شهقاتها ونحيبها "اتكلمي.. فيه ايه بينك وبينه خلاكي اضايقتي اوي كده؟" صرخ ليفزعها


" وأنت مالك؟" سألته متآوهه مما يفعله بها وقد آلمها شعرها من قسوة قبضته حوله


"بقا أنا آدم رأفت مفيش ست تقدر تكلمني بأسلوبك ده ولا تقدر تنطق حتى قدامي غير بحدود تيجي أنتي تضربيني عشان الواطي ده؟" صاح بعلو صوته تكاد ان تفقد سمعها كما كادت ان تلفظ أنفاسها بسبب قبضته "ما تخلصي وتتكلمي بينكو ايه؟!" صرخ مجدداً ليضرب الحائط خلفها وقد فرغ صبره وكرر ضرباته بهيستيرية بعد أن أزاح يده من على عنقها


"خانني.." صرخت بهستيرية أيضاً ليتوقف هو ثم أكملت "كريم خانني.. اربع سنين كان بيخوني.. خانني يا آدم.. كسر قلبي ببساطة.. خانني بمنتهى الدناءة ولا فرقت معاه وكنت بالنسباله مجرد سلم مش أكتر.. سبع سنين حب كان بيضحك وبيكدب عليا.. سبع سنين بيعتبرني عيلة صغيرة وهبلة.. بعد كل حبي ليه شوفته وسمعته وهو بيخونني بعيني.. عرفت ليه اضايقت لما جبت سيرته؟" بكت بهيسترية ولم يستطيع إلا أن يحاوطها بذراعيه بقوة.

يتبع

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-