أخر الاخبار

ترويض ادم للكاتبة بتول طه الفصل التاسع

 

ترويض ادم للكاتبة بتول طه

الفصل التاسع 

جميع حقوق الملكية والنشر تعود لي ولا احلل فكرة السرق او نشر الرواية دون الحصول على موافقتي.


===================================


الجزء التاسع


"أنت اتجننت؟" صرخت شيرين بفزع وهي تحاول أن تبعد آدم حتى يتوقف عن لكمه ليوسف، ولم تستطع إلا أن تقف بينهما لتنظر لآدم "ايه يالا كمل!! اضربني أنا كمان" صاحت متحدياه لتجده مثل الوحش يريد أن ينقض على فريسته، غضبه لم يكن مثل الليلة الماضية بل رأته كأنها تراه لأول مرة.. غضبه واحمرار عيناه يبعثا القشعريرة لجسد أي مخلوق على وجه الأرض لتدمع عيناها ثم حاولت أن تتفقد يوسف "أنت كويس؟ أنا آسفة حقك عليا أنا" سألته بقلق نادمة


"يا ستي.. متقلقيش.. بتحصل في احسن العائلات" ضحك يوسف وسط الآمه ليمسك فكه يتحسسه في آلم ويجفف بعض الدماء التي سالت من فمه لتنظر له هي بحب وندم لأنها هي السبب ليحدث كل ذلك.


"عارف يا قليل الذوق أنت؟ أنا مجنونة وربنا أروح أعملك محضر! فيه حد يعمل كده؟" نظرت لآدم بغضب تلهث ثم عادت ليوسف "مش أنا قولتلك يا يوسف بلاش أشتغل معاه وأنت اللي صممت وفضلت تقنع فيا؟، مبسوط كده بكل اللي حصل ده؟ البني آدم ده مجنون! مش طبيعي أبداً" تريثت قليلاً لتلاقط أنفاسها ثم نظرت لآدم مجدداً "أنا مش هاشتغل معاك تاني ولا يهمني عقد ولا زفت!! سامعني؟!" صاحت به بغضب لينظر لها وعيناه قد ظهر بها شيء لم تستطع أن تُفسره ليرفع يداه مخللاً شعره الأسود ثم تركهم مغادراً.


لم تكترث هي بما فعله لتخبر يوسف أن تذهب معه للمشفى ولكنه قد رفض هذا "لا لا ملوش لزوم.. أصلاً دي كدمة مش أكتر، وبعدين بقا الليل لسه في أوله وقدامنا السهرة طويلة وأنا مشوفتكيش من ساعة ما اشتغلتي معاه.. تعالي كده نتعشا ونفضل نرغي للصبح"


"أنت بتهزر وأنا قلقانة عليك؟! ماشي أنا غلطانة!" تعجبت وهي ليست مصدقة ما سمعته منه للتو وكأن لم يحدث له شيئاً


"فيه ايه؟" تعجب رافعاً حاجباه ليتوجع عندما شعر بآثار لكمات آدم له "آه.. دي بتوجع بجد" ثم مسك فكه مجدداً


"أنا بجد مش عارفة أقولك ايه، أنا آسفة بجد!"


"أعمل أنا ايه بآسفك ده دلوقتي؟!.. اديني اهو هقعدلي من غير مزز يجي شهر لغاية ما وشي يخف!! تجبيلي مزز بقا" قال مازحاً


"بقا هو ده كل اللي هامك؟ " صرخت سائلة بتهكم ثم نظرت له بغضب


"أكيد طبعاً وهو الواحد يقدر يتعايش من غير المُزز ازاي بس" نظر لها غامزاً بعينه التي سلمت من لكمات آدم


"ما تتلم بقا يا يوسف أنت كمان!" زجرته بلهجة غاضبة وعبست ملامحها


"ماشي يا شيري آسفين يا فندم!!.. بس زي بقا ما كنتي السبب لازم تعوضيني ونفضل سوا على ما أرجع يوسف الحلو بتاع زمان.. نخرج سوا كل يوم ماليش دعوة!!" ضحك لتنتهد هي معترضة على مزاحه "ما خلاص كفايا دراما بقا واحكيلي الفك المفترس ده عمل فيا كده ليه؟"


"مش عارفة بجد" همست بحيرة


"ممم، واضح إإن فيه ناس غيرانة بقا" أخبرها بإبتسامة تحمل المكر


"غيران إيه بس!! هو يا ابني خطيبي ولا جوزي! احنا مفيش ما بينا غير الشغل وبس"


"حاجة غريبة فعلاً.." تعجب ليستكمل "طب وهو ليه بقا مراد كلمني الصبح وكان عايز مني رقم حبيبة؟" سألها بالرغم من معرفته السبب الحقيقي ولكنه تصنع عدم إدراكه لشيء ونظر لها متظاهراً بالإستفسار!


"عليا أنا بردو؟! يعني هي حبيبة مدتكش التقرير!!" نظرت له بحقد


"مممـ.." همهم مجيباً ثم انفجر ضاحكاً "ما أنتي عارفة اللي فيها! بؤها ميتبلش فيه فولة"


"وما دام عرفت بتسأل ليه؟"


"لا ده احنا بايننا هنغني" سكت لبرهة ثم تابع "تعالي تعالي.. سيبك من اللي حصل ده واحكيلي بقا وغني للصبح زي ما أنتي عايزة" قال مشجعاً اياها لتدخل معه المطعم فقد أشتاقت لصديقها بالفعل.


سيبك من اللي حصل ده واحكيلي بقا وغني للصبح زي ما أنتي عايزة" قال مشجعاً اياها لتدخل معه المطعم فقد أشتاقت لصديقها بالفعل

بعد مرور أكثر من أسبوعان لم يظهر آدم ولم يستطيع أحد أن يجده، حتى مراد قد بحث عنه ولكن بلا فائدة. أستكملت شيرين بعده كل أعماله بالشركة بمساعدة مراد نظراً لمعرفته كل ما يخص الشركة وكذلك استعانت بحبيبة فيما يتعلق بالإجراءات القانونية حتى لا تقع في أي مشكلة وأعطت تصريحات بمرضه الشديد الذي يمنعه من مباشرة أعماله، عقدت صفقات جديدة وتعاملت بحزم وصرامة مع الجميع.. فقد أثبتت أنها تملك ما يؤهلها لتصبح أكثر من مجرد مديرة أعمال. كما أنها أضطرت للظهور حتى تتحدث لوسائل الإعلام مرة أخرى فكذبت ما وجهه كريم لطفي لها لتصرح تصريح واحد فقط قائلة


"أنا مسرقتش حاجة وكل الناس عارفة طريقة شغلي.. وعموماً لو كان عنده إثبات أو حتى شكوك ممكن يقاضيني وأنا مستعدة لأياً كان اللي هيعمله"


====================================


أصبح الأسبوعان المنصرمان في حياة شيرين ممتلئان بالعمل والروتين اليومي لتعود في نهاية اليوم لمنزلها لتشعر بالوحدة والآلام؛ لا تستطيع النوم إلا القليل، فقط تفكر بكل شيء مر عليها بالأيام الماضية، ماذا سيفعل كريم معها الآن؟ أين ذهب آدم؟ ولم فعل ذلك ثم اختفى؟ هذا الرجل الذي لم تعرفه سوى لأيام أصبح أكثر ما يُشغل عقلها وسيطر على تفكيرها فلم تعد تفكر سوى به!


رجل غريب، حاد الطباع، شخصيته التي امتزجت بين الذكاء والوقاحة تعجبت لهما، تصرفاته معها التي تُعتبر عجيبة للغاية تتركها متسائلة مئات الأسئلة التي لا تجد لها إجابة! حتى ولو كان كل ما أخبرها به مراد عن آدم وما تعرض له بحياته صحيحاً فهذا لا يعطيه الحق لأن يتصرف معها هكذا ....


Flashback


"ازيك يا شيرين عاملة ايه؟"


"الحمد لله يا أستاذ مراد.. حضرتك عامل ايه"


" أنا تمام.. مشوفتيش آدم أو متعرفيش هو فين؟"


"لا.. آخر مرة شوفته كان امبارح"


"غريبة ده مبيردش على مكالمات حد من امبارح ولا حتى النهاردة والساعة بقت تمانية بليل!"


"مممم... أستاذ مراد.. أنا شايفة إننا محتاجين نتقابل، بعد إذن حضرتك طبعاً لو فاضي وعندك وقت"


"أكيد أكيد.. طيب بصي هبعتلك عنوان وتعاليلي عليه كمان ساعة أكون خلصت اجتماعاتي"


لم تدري شيرين بم تخبره.. هل لها أن تخبره بكل التفاصيل أم فقط تبلغه أنها لن تستطع استكمال العمل.. ولمّ لم تخبره كل شيء من خلال تلك المكالمة الهاتفية؟!


لربما أن مراد كان معها لائقاً بالإحترام منذ الوهلة الأولى فهو يستحق أن تجلس معه لمرة أخيرة حتى لا تترك العمل بطريقة فظة فالرجل كان عوناً لها منذ أن بدأت بعملها مع آدم!


"غريبة!! أنا سايبه امبارح الصبح في البيت.. ايه اللي حصل بعد كده؟" تحدث مراد سائلاً وغلف ملامحه التعجب


"ممحصلش حاجة.. كل حاجة كانت تمام بس.. بس" تريثت لبرهة قبل أن تكمل وهي تحاول التفكير هل عليها إخباره بكل ما حدث بينهما أم لا "روحنا الشركة وكملنا شغل وكان.. وكان " تلعثمت بصعوبة


"أهدي يا شرين ومتخفيش.. أتكلمي براحتك.. ملوش لازمة تترددي كده، أياً كان اللي حصل فأنا هقدره" ربت على يديها ليطمئنها


"ممم.. هو فجأة قالي.. نتعشا وبعدين هيكلمني عن دور في فيلم جديد وبعدين.. بالصدفة يعني.. شوفنا.. شوفنا.. ممـ.." سكتت ولم تستطع أن تكمل


"شيرين متقلقيش انتي زي بنتي وعارف آدم مجنون ازاي.. كملي متخفيش"


"شوفت يوسف صدفة وآدم فجأة واحدة قعد يضرب فيه زي المجنون" سكتت مجدداً ليندهش مراد ثم مسح بيديه على وجهه


"يا ساتر على غباءك يا آدم!! ليه بس عمل كده؟"صاح حانقاً


" أنا فعلاً مش عارفة.." أجابته ليزيغ بصرها عن ملاقاة عينا مراد ليسكت هو عن الكلام ولا يعلم ماذا عليه يقول.. هل له أن يصارحها بما لدى آدم من مشاعر وأن ما يفعله معها لم يفعله مع أي أحد قبلها؟ أم يترك كل شيء فآدم لن يغفر له إذا عرف بإبلاغه لشيرين وكشفه أمامها هكذا وسيكون حقاً من أصعب الأيام التي ستمر عليه هو اليوم الذي سيضطر فيه لمواجهة آدم. أو لربما هي لن تخبر آدم بأنها جلست وتحدثت له!! شرد بصمت لا يدري ماذا سيفعل وأين سيجده حتى أخرجته شيرين من شروده


"أستاذ مراد فيه حاجة كمان محتاجة أقولها لحضرتك"


"اتفضلي"


"أنا مش هاكمل شغل معاه"


"لأ أرجوكي بلاش الكلام ده دلوقتي.. احنا عندنا اجتماعات مهمة جداً بكرة، ومش هاقدر أعتمد على حد غيرك، وأنا بكرة أصلاً عندي معاد مهم بردو ومش هينفع ألغيه.. المفروض أصلاً أن آدم هو اللي كان هيروح بس..."


"معلش يا أستاذ مراد بس أنا كده خلاص وصلت لحيطة سد مع الإنسان ده، أنا حتى لو خدامة مش هايعملني بالأسلوب البشع ده، إهانات صبح وليل وبسبب ومن غير سبب وتحكم بشع!! أنا آسفة بس مش هاقـ.."


"الله يحرقك يا آدم!" لعن متمتماً ثم أكمل " من الآخر كده يا شيرين أنا شايف إنه حاسس بمشاعر من ناحيتك" قاطعها غاضباً ليزفر بحنق كل ما برئتيه لتصمت هي لا تدري كيف يمكنها إجابته! ساد الصمت ليدفن مراد وجهه بيده ثم لانت ملامحه قليلاً لينظر بعيداً بشرود وابتلع ريقه وخفت صوته بحزن ليبدأ الكلام


"أنا مش عارف أقولك آدم ده بالنسبالي أخويا الصغير ولا ابني الكبير ولا ابن عمي ولا أقرب أصحابي، بس اللي أعرفه إن حافظ آدم أكتر من أي حد تاني في الدنيا" ارتسمت شفتاه في ابتسامة لا تُبشر بالسعادة بل كانت ابتسامة آسى خالصة!


"لما كان عنده حوالي تلت سنين كنت ساعتها عندي حوالي سبعتاشر سنة، شوفته وهو لسه طفل يادوب اتعلم المشي جديد وحتى مكنش بيعرف يتكلم جملتين على بعض كل ليلة يعيط ويسأل على مامته.. أنتحرت للآسف" ابتلع غصته في حُزن ثم تابع بصوته الخافت في حزن


"أنا فاكر وهو عنده تسع سنين، عمي أحمد الله يرحمه أتجوز واحدة تانية، كانت ست حنينة أوي وعمرها ما عملت آدم غير على أساس إنه ابنها وفعلاً حبته اوي وهو كمان بقا بيحبها جداً وبقت أهم حاجة في الدنيا بالنسباله، لدرجة لما جه يمثل عشان كان بيحب التمثيل أوي عمي الله يرحمه رفض وهي وقفت جنبه ومسابتهوش وحتى وقفتله قدام عمي" تنهد بصعوبة ثم تغيرت ملامحه ليتحكم بها الإِبْتِئَاس الشديد


"أنا فاكر لما آدم كان يادوب لسه مخلص جامعة وصدفة راح يخلص ورق هناك عشان شوية إجراءات، اليوم ده أنا شوفته وكنت أول مرة أحس إن آدم أتغير وبقا مختلف.. يومها قابل تقى، حبها من أول نظرة زي ما بيقولوا، البنت دي غيرته، خليته إنسان تاني مكناش نعرف عنه حاجة، حبها بجنون، كان بيقضي يومه كله معاها وبينام عشان يصحى يشوفها، أنا مكنتش اتصور ولا اتخيل إنه ممكن يحب حد أوي كده لغاية ما.." تريث لبرهة وهو يحاول السيطرة على تلك الغصة بحلقه ليُكمل


"لغاية اليوم اللي لسه فاكره زي ما يكون امبارح، اليوم ده عمري ما هنساه، حد بعت لآدم صور ليها مع حد غريب وللآسف الصور كانت ظاهرة فيها بطريقة مش كويسة.. ساعتها آدم اتجنن بجد، ومبقاش يثق فيها ومحاولش حتى يشوفها ولا يكلمها ولا يعرف ايه اللي حصل ومن ساعتها اتحول لآدم اللي أنتي عارفاه دلوقتي.." عقد حاجباه في تأثر بليغ وتابع


"بقا شخص مرعب.. شخص بارد وقاسي محدش عارف يتعامل معاه.. يومها اختفى ودي كانت أول مرة يعملها، زي ما اختفى بردو اليومين دول وبعدها رجع وهو إنسان تاني.. ولا حتى كلمة إنسان دي مش لايقة، نقول وحش تليق أكتر عليه!!" ابتسم بآسى وأردف "كل يوم بقا بيشرب زي المجنون، الستات ملهومش اول من آخر واحدة خارجة والتانية داخلة، سنين وشهور وهو على الحال ده، الصبح رجل أعمال ليه مكانته وممثل وسيم ومشهور وناجح.. أما بقا بليل حياته مليانه بحاجتين، شرب وستات وبس.." زفر بآلم لحال ابن عمه وأكمل


"في مرة مرات عمي وقفتله وواجهته وقالتله إن اللي بيعمله ده غلط وإنها مربتهوش على كده وكانت خناقة كبيرة أوي ما بينهم، وبالرغم من أنه كان بيحبها وهي بالنسباله كانت خط أحمر فجئها تاني يوم الصبح بتلت ستات خارجين من أوضته وكمان في بيت عمي ويومها هي اتجننت وفضلت تتخانق معاه بس.. بس ساعتها كلنا أتأكدنا إن آدم خلاص وصل لدرجة استحالة يتغير بعدها أبداً" حك مؤخرة رأسه ثم ابتلع غصته مرة أخرى وتحولت نظرة عيناه لينهال منها الحسرة


"بعدها بخمس سنين أكتشف صدفة أن تقى بعتتله جواب، أنا حقيقي معرفش الجواب ده فيه ايه لغاية دلوقتي ولا عمري شوفته.. بس كل اللي أعرفة إن مرات عمي الله يرحمها مرديتش توريهوله وخبيته عنه عشان كانت شايفة انه اتعذب كتير بسبب البنت دي.. وأول ما عرف إن تقى بريئة وإن كل الصور دي مُزيفة راح لغاية أهلها وجابها بالعافية ودفنها جنب مرات عمي الأولانية.. مامته!!" ابتسم بتهكم ثم استطرد


"طبعاً استحاله آدم يسيب حاجة تعدي حتى لو من مين، كان بالنسباله أهم حاجة في الدنيا إنه ينتقم من مرات عمي.. أنا شاكك لغاية النهاردة إنه كان السبب في موتها"صمت مراد ليزفر بآسى و صُدمت شيرين مما سمعت وتذكرت كلامه بالمقبرة ولم تقوى على قول شيء


"آدم مشكلته إنه مش قادر ينسى، مش عارف ينسى، آدم لغاية النهاردة محمل نفسه ذنب انتحار تقى، عايش إنه السبب، شايف إنه السبب في كل اللي حصل ما بينهم اول ما صدق الصور دي.. من يومها وهو كاره الستات بطريقة مش طبيعية، كبيره يتعامل معاهم في الأفلام لكن غير كده الستات بقت بالنسباله متعة وبس!! مبيقدرش يثق في أي ست أياً كانت مين هي.. أنا عارف إن ميار حاولت معاه كتير وكان عينها عليه من زمان بس هو صدها بكل طاقته.. أمّا أنتي!!" أشار له وملامحه تحولت للحيرة والتعجب


"أنتي جيتي في يوم وليلة وفجأة آدم أتحول.. مبقتش فاهم تصرفاته، كنت فاكر إنه في الأول بيحاول يطفشك بس اللي شوفته وهو جنبك والخوف في عينيه عليكي مكنتش مصدق نفسي.. كان مرعوب ومكسور وهو بيقولي إنه طلعك الأوضة اللي لا أنا ولا عمي ولا فاطمة نعرف فيها ايه لغاية دلوقتي ولا بيسمح لأي مخلوق يدخلها، أنا عارف إن اللي بقوله مش منطقي بس فعلاً آدم شكله أُعجب بيكي من أول ما شافك.." سكت قليلاً ثم تبسم ليُكمل


"لما واجهته إنه يمكن يكون حاسس بحاجة ناحيتك قاللي إنك ذكية وعرفتي تتعاملي معاه، ده نفس البني آدم اللي كان رافض تشتغلي معاه من الأساس وأنا بس اللي كنت مصمم عليكي من الأول! أنا كمان بعد ما قولتله إني هاسيبه وشوفت نظرة عينيه ورد فعله ساعتها أتأكدت إنك استحالة تكملي معاه يوم واحد وهيخلص منك بسرعة بس اتفاجئت أنه بنفسه قاللي إنه عايزك تكملي معاه شغل! أنتي يا شيرين جيتي في تلت أيام شقلبتي حياة آدم، آدم اللي مبيكملش يوم مع ست آجي الاقيه جنبك على السرير وأنتي تعبانة وعامل حساب لا يقلقك، أنا عمري ما شوفته بيعامل حد كده!"


ساد الصمت قليلاً ليشعر مراد بأنه قد أزاح حملاً ثقيلاً من على صدره بإخبارها كل ذلك بينما هي وقعت في حيرة ولكن بالنهاية حسمت أمرها لتتحدث


"أستاذ مراد أنا.. أنا بجد مصدومة ومش عارفة أقولك ايه على كل اللي سمعته وعرفته منك وحتى لو افترضنا إن آدم حاسس بحاجة من ناحيتي ليه بيعاملني كده؟ دي مش معاملة إنسانية أصلاً، وحتى لو فيه مشاعر جواه ليا ده ميدهوش الحق إنه يعاملني بالأسلوب ده.. أنا آسفة مرة تانية بس أنا مش هاقدر أكمـ.."


"هو خايف.." قاطعها وأكمل "خايف من مشاعره ليكي، خايف إنك ممكن تسيبيه وتمشي، زي كل الستات اللي حبهم في حياته، خايف لا تكوني زيهم.. آدم ما هيعترف لنفسه ولا لغيره بسهولة إنه حاسس بحاجة، أنتي بتقدري في ثواني تعصبيه وتجننيه وده عمره ما حصل قبل كده معاه!"


"أنا؟!!" تعجبت سائلة لتعقد حاجبيها بإنكار


"أيوة أنتي.. أكيد لما شاف يوسف بيقرب منك وبيتكلم معاكي حس إنه غيران جداً وأكيد أتعصب، أنتي خلتيه مش عارف يتحكم في أعصابه، زي يوم ما دخلك الأوضة.. مبيقدرش يتحكم قدامك في أي حاجة، إنه يناقشك ده في حد ذاته كتير عليه، ده مش طبع آدم أنا عارفه أكتر من نفسه، أنتي شكلك بقيتي مهمة عنده أوي يا شيرين"


"أرجوك ده كله ميغرش من حاجة، أنا حتى لو هو حاسس بحاجة من ناحيتي، أنا مش هاقدر أدخل في اي حاجة دلوقتي.. حضرتك فاهمني يا أستاذ مراد؟؟"


"لغاية هنا بقا ومش هاقدر أقرر.. أنتي اللي بإيدك تقرري يا شيرين"


End of flashback


فاقت شيرين من شرودها بعد تفكيرها فيما تذكرته من حديث مراد لها وفجأة أرتبكت لسماعها صوت من يفتح باب بيتها ليتركه مفتوحاً ويبتسم لها لتُصعق هي بما رآت


"أنت بتعمل ايه هنا؟ أخرج برا بيتي حالاً " صاحت غاضبة لينظر هو لها مبتسماً إبتسامة لن ترتسم إلا على شفتي وغد مثله


"مش قولتي إنك تقدري تواجهيني؟ وريني بقا يا حبيبتي"


"إللي أقصده مواجهة قانونية.. مواجهة إعلامية.. مش بتقول إني سرقتك؟ " صاحت غاضبة بتوتر


"ممممـ مش بالظبط"


"بمعنى؟"


"أنا آه صحيح قولت إنك سرقتيني قدام الكل بس عشان خاطر أعرف كنتي فين"


"ومحاولتش توصلي ليه؟" سألته مستهزءة


"ما أنا اتصلت بيكي مليون مرة لغاية أما قفلتي تليفونك خالص"


"ويا ترى خطر على بالك أنا عملت كل ده ليه؟"


" أنتي بتسأليني أنا السؤال ده يا حبيبتي؟ طبعاً عارف.. أكيد شيرين عصام البنت الشاطرة الذكية اللي مفيش منها اتنين عايزة تحقق ذاتها مع حد تاني.. مش كده؟"


"بقا ده كل اللي وصلتله بدماغك ولا حد ساعدك؟!" ضحكت في تهكم "تصدق إنك غبي بجد!" ثم نظرت له بإحتقار


"ليه كده يا شيري يا حبيبتي.. ليه توصلي الأمور لكده.. كنت عملتلك أنا ايه عشان كل ده؟"


"يا حتة كداب يا حيوان!! أطلع برا بيتي حالاً.. وإياك تفكر تيجي هنا تاني" علا صوتها مجدداً


"كداب وحيوان؟ يا ترى اتعلمتي تقولي الكلام ده فين؟ أيه.. نسيتي كده فجأة كنت بتناديني ازاي؟"


"أخرس أنا مش عايزة اسمع صوتك تاني.. امشي أطلع برا بيتي" صاحت بغضب وقد نفذ صبرها


"ايه موحشتكيش؟ كريم موحشكيش؟ حتى لو قدرتي تسيبيني خالص إزاي تفضلي الفترة دي كلها متكلمنيش؟ ازاي نسيتي سبع سنين حب ما بيننا يا شيري؟ ازاي تضيعي حبنا ده كله؟ خونتيني وضربتيني في ضهري وضيعتي كل اللي استنيته طول سنين، وكل ده ليه، عشان تشتغلي مع حد تاني؟ ليه مقولتليش إن دي كانت إرادتك من الأول؟!.."


"بقا هو ده كل اللي هامك؟ إني ضيعت اللي مستنيه طول السنين دي كلها وجاي بتقوللي مقدمة طويلة عريضة عشان كده؟ أنا اللي أشتغلت ليل نهار عشانك وعشان اللي مستنيه طول سنين على رأيك هضيعه عشان بس عايزة أشتغل مع حد تاني؟" صاحت بإنكسار لتدمع عسليتاها وحرقة


"أنت اللي خنتني!! أخرج برا بيتي يا كريم وأديني المفاتيح أنا مبقتش عايزة أشوف وشك تاني" همست وهي على وشك الصراخ ليقترب كريم منها


"أوعي تكوني عملتي كده عشان غيرانة؟" قال ليقترب منها ممسكاً يدها


"متلمسنيش لو سمحت واطلع بره" أنهته مترجيه


"أناعمري ما خنتك ولا عمري هاخونك يا شيرين، أنا بحبـ.." نظر لها محاولاً إدعاء شيئاً آخر لتنفجر هي باكية


"ابعد عني يا كداب.. أنا شوفتك بعيني معــ...."


ولم تكمل جملتها لتسمع صوت الباب يُكسر ليظهر آدم صارخاً "ابعد عنها يا قذر" صرخ بغضب وإحتداد ناظراً لكريم كمن يريد قتله


"بقا هي كده؟! سيبتيني عشان آدم رأفت.. مين اللي خاين" تبسم كريم نصف ابتسامه


"أرجوك امشي.. كفاية لغاية كده" همست بهدوء محاولة جعله يغادر لأنها تعلم ما قد يؤول إليه الوضع فهي رآت هذا الوجهه سابقاً.. هي فقط خائفة مما يوشك آدم على فعله


"أنت يا ابن الكلاب مسمعتنيش؟" صاح ببرود مُهيب ناظراً ليده التي لازالت ممسكة بيد شيرين


"مالكش أنت دعوة.. واحد وبيكلم حبيبته.. امشي أنت يا..."


ولم يُكمل كريم ما أراد قوله حتى يجد نفسه أسفل آدم بالكاد يحاول أن يستوعب ما يحدث له، لم يتوقف عن ضربه وتسديد اللكمات له. نظرت شيرين لهما لتجد كريم ينزف من وجهه كمن أختفت ملامحه وقد فقد وعيه بالكامل، خافت من أن يقتله آدم فتوجهت ممسكه بذراعه "كفاية.. كفاية أرجوك سيبه يا آدم" صاحت به وسط أنفاسهما المتعالية لينظر لها برماديتاه اللتان أصبحتا سوداء ويرفع شعره مخللاً يداه به، ليقف موجهاً لها ظهره وفجأة ثلاث رجال دخلوا عليهم ولكنها فهمت أنهم من حراس آدم فقط ليشير لهم نحو كريم ليأخذوه خارجاً.


"أنت ازاي عرفت إني هنا؟ وكنت فين كل ده؟ وليـ..."


"اسكتي!" قاطعها ببرود وقد اختفى غضبه فجأة لتندهش هي


"لا بجد!! اسكت ايه أنت مش هتبطل أسلوبك ده، قولي أنـ.." حاولت أن تسأله بعد صمت قد دام لدقائق وهو لم يحاول النظر إليها مجدداً


"أسكتي" قاطعها مجدداً بنفس البرود كأن لم يحدث شيئاً منذ قليل


"ماشي هاسكت بس أنـ.." قاطعها آدم ليجذبها من يدها تاركاً منزلها لسيارته


"أنت يا مجنون أنت بتطلعني بره بيتي.. ده أنا حتى مش لابسه حاجة في رجلي! أنت يا لوح التلج أنت بتعمل ايه؟" فزعت شيرين مما يفعله ليحملها لسيارته ثم أدلف بجانبها ليقود بجنون.


سكتت كثيراً محاولة إستيعاب ما يحدث حولها ولكنه لا ينظر لها فقط يقود سيارته ودخن بشراهة كمن يأكل سجائره في نهم


"لأ بص أنا مش هاستحمل جنانك ده.. أنا عايزة تفسير لكل اللي بيحصل ولكل اللي بتعمله معايا ده" صرخت ليوقف سيارته لتزمجر مكابح سيارته عالياً


"عايزة تفسير؟ هو ده كل اللي أنتي عايزاه مش كده؟ حاضر أنا هفسرلك كل حاجة!" صاح بها غاضباً ليغادر سيارته وسط ذهولها وإندهاشها ثم توجه ناحية مقعدها ليخرجها خارج السيارة جاذبا ذراعها بشدة بمنتصف الطريق مخللاً يداه بشعره


"أنت أتجننت ازاي تنزلني كده وأنا مش.."


صاحت به مندهشه لما يفعله ليقاطعها ممسكاً بوجهها بين يديه بقوة ولم يعي حقاً ما تتفوه هي به لتنظر له شيرين بفزع ليُقبلها بعنف غامضاً رماديتاه ملتهماً أنفاسها بشراهة.


صاحت به مندهشه لما يفعله ليقاطعها ممسكاً بوجهها بين يديه بقوة ولم يعي حقاً ما تتفوه هي به لتنظر له شيرين بفزع ليُقبلها بعنف غامضاً رماديتاه ملتهماً أنفاسها بشراهة

=================================


2019 © by Batoul

يتبع

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-