أخر الاخبار

ترويض ادم الفصل ٢٦ و ٢٧

 الفصل السابق اضغط هنا


ترويض ادم للكاتبة بتول طه



الفصل 26

الجزء السادس والعشرون


::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


فكر جيداً قبل أن يقول شيئاً، هل له أن يسألها أنها ستعود؟ هذه المرة هو لن يجبرها على فعل شيء، لن يطلب منها العودة ولن يعيدها معه رغماً عنها، بالرغم من حبه لها لقد قرر ألا تعيش معه مجبورة على شيء، أراد أن يكون هذا قرارها وحدها دون أية ضغوط أن تحكم منه حتى يستطيع ولو بنسبة صغيرة أن يُنهي الخوف بداخلها من أن يتحكم أحد بحياتها ويملك زمام أمورها ويُملي عليها ماذا تفعل..


ظلت تنظر له منتظرة أن يقل شيئاً ولكنه ظل صامتاً ولقد أدركت شيرين أنه ليس بروداً منه أو غموض، هي الآن ترى شخص مُغاير تماماً غير الذي عهدته وعرفته، لديه حب بعينه وشوق جياش لها، يتحكم ببعض الأشياء ولكن ليس مثل ذي قبل، لم تدري بما يُفكر وماذا سيقول؟ ولكن ما جعلها تعيد ترتيب أفكارها المشوشة أثر صدمة هدية مثل تلك هو سؤالها الذي سألته بعفوية


"طب ولو رجعت؟!"


تريثت قليلاً قبل أن تبدأ بالحديث ووجدته ينظر لها برماديتان رائقتان مليئة بالحب لها ولكن هناك نظرة المتألم تلك التي تقتلها، هناك سعادة غير مكتملة بعينه، بضحكاته وابتسامته.. شيء يُفكر به يقتله حياً ولكنها لن تستعجل الأمور.. أرادت أن ترى إلي أين سيأخذها تغيره الذي اعتراه فجأة، فبالرغم من كل هذا يراوضها الشك أنه لم يتغير وسيظل كما هو ما إن عادت له ولكنه فقط يتظاهر بهذا كي يعطيها سبب للعودة، "يا ترى بقا ده اختبار ولا هو اتغير بجد؟ يخربيت كده أنا مش عارفة أفكر!!" صرخ عقلها وتضاربت أفكارها، وبعد محاولة جاهدة لأن تخرس هذا الصوت بعقلها حمحمت وبدأت في الحديث


"آدم أنت عايـ.."


"هتلاقي هدوم في الدولاب اللي في اوضتك، يالا غيري هدومك وتعالي ساعديني عشان أنا ميت من الجوع" تجاهل أنها أرادت أن تخبره شيئاً بينما أخبرتها ملامحه المتظاهرة بأنه فقط يُريد أن يُكمل اليوم سعيداً ولكنها علمت أن هناك شيئاً ليس على ما يُرام فتغير نظرة عيناه جعلتها متأكدة أنه يتجنب شيئاً ما..


تركها وذهب كالذي يسير على قلبه، جزء منه يتصارع ليعرف ماذا أرادت أن تقول والجزء الآخر قد غلبه حتى يخرسه.. لم يستطع أن يدعها أن تفسد كل شيء الآن فهو ليس بواثقاً أنه سيتمالك أعصابه أمامها وقد يفقد سيطرته ويعود لذلك الشخص الذي قد أخذ عهداً على نفسه ألا يظهره لها مرة أخرى مهما كانت الأسباب.


توجهت لغرفتها فوجدته قد أحضر كل شيء قد تحتاجه وكل شيء جديد تماماً، هناك ما لا يقل عن خمس فساتين جديدة، أحذية وملابس وحتى ملابس النوم ومستحضرات التجميل فهو لم يغفل شيء


"ازاي كده بيفكر في كل حاجة وبيهتم بكل التفاصيل الصغيرة والكبيرة، ازاي معشقهوش بعد كل ده" تمتمت مبتسمة ثم توجهت للحمام كي تأخذ حماماً سريعاً ولكنه كان بمثابة أفضل مكان بالكوخ كله..


كان شاسعاً ولم تتصور أنه سيبدو بهذه الصورة من خلف ذلك الباب الخشبي الصغير.. مساحته تماثل مساحة الغرفة نفسها.. رائحته مليئة بالياسمين الممتزج برائحة الخشب المصنوع منه سقف الحمام نفسه وجدرانه صخرية بينما هناك جداراً مصنوع فقط من الزجاج العاكس لكي يستمتع من بالحوض بمشاهدة منظر البحيرة والتلال البعيدة بألوانها بينما لن يرى أحد من بالداخل..هناك شموعاً رائحتها خلابة


"بجد المكان رهيب، أنا مش عايزة امشي منه ابداً" ابتسمت بينما جاهدت نفسها ألا تملأ هذا المغطس وتوجهت كي تسرع وتأخذ حمامها بالصندوق الزجاجي المغلق بدلاً من استخدام حوض الاستحمام.


انتهت ثم توجهت كي ترى ماذا عليها أن ترتدي لتختر رداءاً رمادي اللون يغطي بعد الركبة بقليل وحذاء ذو رقبة مبطن بالفرو أبيض وكنزة طويلة بيضاء بها ثقوب متناسقة لتبدو كورود مُفرغة، ثم جففت شعرها ولم تضع غير ملمع الشفاه الوردي وتوجهت له كي تراه قد بدل ملابسه وأقترب على أن يُنهي إعداد الطعام!


"أنا تأخرت.. آسفة.. تحب أساعدك في ايه؟" اعتذرت وقد شعرت بالذنب لتركه يفعل كل شيء وحده


"مممم.." استدار كي يواجهها "اقعدي على الكرسي ده" اشاربيده لكرسي حول مائدة الطعام


"يا سلام! وده بقا هيساعدك في ايه؟" تعجبت


"وجودك كده جنبي وقدام عينيا بيسعدني" اخبرها بابتسامة ثم استدار كي يكمل اعاد الطعام لتعجز شيرين عن الرد على مثل تلك الكلمات التي لم تتوقعها ولم تعتاد على سماعها منه.


نظرت حولها لتجد المائدة قد أُعدت بالكامل ولم ينسى شيئاً، حتى وجود شموع وشراشف على السفرة لم يغفلها فوجدت شفتاها تبتسم دون إرادتها وغرقت بالخجل فهي لا تعلم ماذا تفعل.


بدأ في وضع الطعام وتعجبت شيرين كيف فعل هذا!! دجاج يبدو عليه مكونات لا تعرفها ورز بالجوز وسلاطة جانبية بها العديد من الألوان..


"آدم، أنت عملت كل ده امتى ومين علمك كل ده أصلاً.. السفرة تحفة وريحة الأكل حلوة اوي" أخبرته وقد أسرعت في الكلام من دهشتها


"يمكن نقول دي الفايدة الوحيدة إنك تفضلي لوحدك فترة طويلة" أجابها بإبتسامة


"بس أنت كان معاك فاطمة وبردو أنا متخيلتش أبداً أنك ممكن تكون بتعمل أكل كده"


"أنا مكنتش مع فاطمة طول الوقت، دوقي بس الأول، شوفي هيعجبك ولا لأ!"


بدأت في تذوق الطعام لتهمهم "Shit!! ده فعلاً احلى مرة أكلت فيها"


"شيرين!! لازم تبطلي شتيمة" آمرها ناهياً وقد عقد حاجباه وبدأ في تناول الطعام


"وأنت؟ هتبطل ولا هتفضل تشتم بردو؟" سألت مازحة


"أنتي غيري.."


"اشمعنى يعني؟!"


"أنتي أحسن مني لازم تبطلي بجد.." أجابها لتصمت عن الكلام ولم تدري ماذا تقول وماذا يعني هو بأنها أفضل منه.. تناولت طعامها في هدوء ولم تدرك أن آدم لم يرفع نظره من عليها طوال الوقت.


بعد الإنتهاء من الطعام وضعا كل شيء بمكانه مرة أخرى وكلاهما لا يصدق تلك السعادة التي شعروا بها بتواجدهم معاً بعيداً عن كل شيء، لم يكترث أياً منهما كم كانت الساعة ولكن خوف كل منهما أكبر من الآخر، يخاف آدم من وقت وداعه الذي يعلم أنه لم يتبقا عليه إلا سويعات قليلة وكذلك تخاف شيرين أن يتغير ويعود لذلك الوحش مجدداً، تذكرت للحظة كلمات حبيبة لها بأن تُروضه فجال عقلها بين التفكير بأنها نجحت بذلك وبين أنها مجرد فترة ومع أي موقف سيعود لآدم الذي عهدته سابقاً، لوهلة أطمئن عقلها أن كل ما يفعله معها الآن كان لمجرد الإشتياق لها ليس إلا.


جلسا على الأريكة وأمامهم المدفأة يشاهدون أحد الأفلام الكوميدية وقد ازدادت عين آدم في اللمعان كلما رآها تضحك كالطفلة الصغيرة وتمنى لو فعل كل ذلك مبكراً. لم يشاهد أي شيء وآخذ يتظاهر بينما شاهد كل تحركاتها ثم شعر بوخذٍ في قلبه عندما تذكر أنه سيغادرها غداً في المساء، كان هناك العديد من الأشياء التي تجول بخاطره، لا يُريد قتل فرحتها وإخماد سعادتها ولكن قد نفذ صبره، يعلم أنه ليس من السهل عليه أن يتحدث لها بشيء، كبرياءه الذي لم يتنازل عنه أمام أي أحد، لم يتصور أن عليه فعل مثل هذا مع إمرأة من قبل ولكن هي من أحبها قلبه رغماً عن كل شيء.


"هو أنتي لسه بتحبيني يا شيرين؟" سألها بنبرة تحمل أوجاع أمم بأكملها


"ايه؟ .. هو.. آدم" ظلت تتقطع كلماتها في تلعثم وقد شحب وجهها فجأة ولكنها لم تتوقعها منه


"جاوبي سؤالي أرجوكي" اقترب منها وأمسك يدها "أنا بس عايز اسمعها منك"


توترت كثيراً وما تدري هل عليها قولها مجدداً أم ماذا، هل عليها فقط أن تقول له أنها ما زالت تحبه وسينتهي الأمر، هل عليها البوح بمكنون صدرها وما يكنه قلبها له أم إجابة بسيطه ستكون كافية.


"أنا خسرت كل اللي حواليا من زمان لدرجة اني اتعودت أكون لوحدي وفجأة أنت دخلت حياتي في أكتر وقت صعب مر عليا وأنا بقيت عاملة زي التايهة، كنت ببص لنفسي في المراية مكنتش بعرف مين دي اللي واقفة قدامي.


أنت يا آدم شخصيتك بالنسبالي صعبة أوي، التحكمات بتاعتك اللي بتفرضها على اللي قدامك دي أنا أصلاً مبحبهاش وبعد اللي حصللي مع كريم بتحكماته اللي سيبته يفرضها عليا تحت مسمى الحب كان استحالة أقبل نفس الشخصية دي تاني سواء على مستوى الشغل أو على مستوى العلاقات وكمان كنت رافضة احب حد تاني وخايفة أوي أتعلق بحد.


بالرغم بقا من خناقنا اللي ممكن يكون مادة خام لكتابة روايات وتعمل منها أفلام، وبالرغم من سيطرتك وتحكماتك وعصبيتك اللي بتتحول بسببه لكائن مفترسة أسطوري، وبالرغم من إني سيبتك أكتر من مرة ومشيت، وبالرغم من الحوادث والإختفاءات والغيرة والعياط وحيرة عقلي وحرب قلبي معاه أنا استمديت قوتي منك.


رجعت أشوف نفسي انسانة تاني من أول وجديد، ليا حق الإختيار والقرار، شوفتك وعرفت أنت ازاي، كنت ايه وبقيت ايه، رأيتك وقت قوتك ووقت ضعفك ومقدرتش غير إني أحبك.


لما مشيت في نفس الليلة اللي قولتلك فيها إني بحبك كان نوع من المبالغة أنا عارفة، بس خوفي وقتها بقا أكبر من أي حاجة، وبقيت عاملة زي المقسومة نصين، نص خايف من أن حد يتحكم فيا وفي حياتي زي ما أنت ما بتعمل دايماً ونص خايف من كتر حبي ليك اللي ممكن أعمل أي حاجة وأوافق على أي حاجه عشان خاطره.


كنت خايفة من كتر حبي ليك مقدرش أقول لا، مقدرش أقول مش عايزة، مقدرش أرفض اللي مش متقبلاه، خايفة فجأة مقدرش أخد قراراتي، خوفي عليك نفسه، لما بتتعصب ولما أشوفك مش كويس، خوفي من أن حُب زي ده يحسسني بسعادة عمري ما أتخيلها ولا عمري حلمت بيها وفجأة تضيع كل حاجة، خوفي كان متحكم فيا!..


أنا طبعاً بحبك بس خوفي كان في محله، من ساعة ما شوفتك امبارح لغاية دلوقتي وأنت موجود قدامي وجنبي وبالسعادة دي اللي عايشة فيها، كل ده بيخليني أتأكد أني هموت بعيد عنك يا آدم لو بعدنا عن بعض تاني" بكت وسط حديثها معه ولكنه قد شد قبضته على يدها لم يدري لماذا! هل ليشجعها على ما تريد قوله أم يُطمئنها أنه لا بأس، وجد نفسه يحاوطها بذراعيه كالخائف على قلبه سيخرج من صدره.


"كفاية.. متعيطيش أرجوكي" همس وهو يضمها مغمضاً عيناه بينما لم تشعر إلا براحة هائلة لوجودها هكذا بحضنه بالقرب من دقات قلبه الذي خفق بسرعة جنونية وكأن تلك الخفقات تجيب سؤالاً أرادت أن تسأله ولكنها عرضت عن الفكرة تماماً وعلمت أنه يحبها هو الآخر..


لم يفترقا ولم تبتعد عنه ولم تهتم إلي أن النعاس قد تسلل لجفونها ليطبقا على عسليتاها رغماً عنها.


أخذ آدم بالمسح على ظهرها بخقة بينما أتكأ على الأريكة خلفه كي تستطيع النوم ومازال محتضنها وهي مازالت متشبثة به ولا تريد أن تتركه.. وبعد أن لاحظ أنتظام أنفاسها لتدل على نومها بدأ في الكلام بدون انقطاع هامساً متآلماً بوجع الكون بأكمله.


"تعرفي!! أنا مقدرش أسيبك ولا أبعد عنك لو حتى لحظة.. عايزك تكوني معايا وجنبي دايماً في كل وقت وكل مكان.. في البيت والشغل وحتى أحلامي عايزك تكوني موجودة معايا فيها.. أنا معرفش جيتي حياتي ازاي وامتى عشان تعملي فيا كل اللي بتعمليه ده، فيكي قوة عجيبة بتخليني أعمل حاجات كتيرة عمري ما اتخيلت إني أعملها في يوم من الأيام..


بتجنن ومبعرفش أسيطر على نفسي وفي الآخر برجع اجري عليكي عشان اترمي في حضنك عشان تداويلي جروحي اللي بحس بيها.. كل ما بتبعدي عني بحس إني مش قادر أتنفس وإن الحياة طول ما أنتي مش فيها جنبي مبيبقلهاش طعم..


لو بس تعرفي إنك بالنسبالي زي الهوا اللي بتنفسه ومن غيره ممكن أموت مكنتيش فكرتي تسيبيني ولو لثانية واحدة، لو بس تعرفي وانتي بعيد عني ببقا متعذب ازاي وعامل زي الميت مكنش خطر على بالك إنك تسيبيني بالسهولة دي كلها..


عارف أنه أختيارك وده حقك بس دي أنانية منك أنك تحرميني من إني اتنفس واعيش وانتي بعيدة عني.. ازاي أنتي كده قوية اوي واقوى مني وبتقدري تعملي كده؟


شكلك بريء زي الملايكة بس اللي بتعمليه فيا مش هايعمله ابليس نفسه.. أرجوكي كفاياكي عذاب فيا، سامحيني على كل حاجة عملتها وعلى كل غلطة غلطتها في حقك وأنا هاعملك كل اللي نفسك فيه بس ارجعي.. لو كان ليا خاطر عندك متسبينيش تاني يا شيرين، أنا ادمنتك خلاص وعمري ما هاعرف ابطل أعيش من غيرك.." تحشرجت همساته بالبكاء لتسقط دمعة على خد شيرين لتستيقظ وتنظر له مغمضاً عيناه بآلم


" آدم! " همست تناديه بينما كفكف عيناه مسرعاً كمن يريد الاختباء ولعن بخاطره كيف استيقظت فجأة" مالك فيه ايه؟ ... أنت كويس؟" تعجبت حائرة ليفلت ذراعه من أسفلها بلطف وينهض لكي لا تراه ووجه ظهره لها عاقداً حاجباه وقد قتله أن تراه بضعفه هكذا..


تبعته بإستغراب لتلامس ظهره برقة "مش هتقولي مالك؟" سألته على حذر والقلق عليه قد وترها بل أخافها فهي لم تراه ضعيفاً هكذا بوقظته، لم يكن ثملاً وليس هناك شيئاً أغضبه ولكنها تحرقت فضولاً لتعرف ما به!


حاول تفادي لمستها التي يتأجج بتأثيرها ولم يواجهها بينما أخبرها ببرود وقد عاد لذلك الشخص الذي عهدته من قبل"مفيش، تصبحي على خير" فقط هكذا وبكل بساطة قد تركها لتغرق بحيرتها فتكومت على الأريكة لتضم ركبتيها لصدرها وصاعقة من الأفكار والتساؤلات قد عصفت بعقلها..


"هو أنا ضايقته في حاجة من غير ما اخد بالي؟يعني ممكن مثلاً أكون اتكلمت وأنا نايمة وقولت حاجة عصبته؟ بس أنا متأكدة هو كان بيعيط، مكنش متعصب!! أووف عليك يا آدم!! هتفضل كده لغاية امتى تخلي عقلي يتجنن من عمايلك؟ ما احنا كنا من شوية كويسـ.."


ولم تُكمل تفكيرها حتى سمعت صوت تكسير لأشياء تأتي من الداخل لتذهب مسرعة ثم فتحت الباب لتجده كالوحش يهشم كل شيء حوله ولم يدري منذ متى وهي تراه وتشاهده هكذا لينظر لها بشر كمن يريد أن يقتلها ولكنها بالرغم من هول منظر الغرفة وملامحه المرعبة لم تخف وتقدمت نحوه بجرأة لم تدركها هي أيضاً


"ايه مضايق إني شوفتك بتعيط؟" سألته بشجاعة لتجده يلهث بثقل ليقترب منها ولكنها ثبتت مكانها ولم تخف مثلما تفعل"طب ما أنا عيطت قدامك بدل المرة ألف مرة.. ياما اخدتني في حضنك ده أكتر من مرة.." تلمست صدره بعنف لاكمة اياه لتجد قلبه يخفق بشدة بينما أكملت


"ايه اللي حصل لكل ده؟ مضايق إن يكون بينا صراحة؟ايه بيضايقك يكون فيه صراحة بينا؟ بتكره إني أقرب حد ليك يقدر يشوفك في قوتك وفي ضعفك؟بعصبيتك وهدوءك؟ كرهك وحبك؟ ليه كل ده يا آدم؟ليه مش شايف إن من حقي الثقة دي؟ ليه مش بتسبني أكون قريبة منك؟ أنت شوفتني وأنا في أسوأ حالاتي وكنت جنبي، ليه بتحرمني أن أكون قريبة منك؟"


"لأنك بتكدبي.. لأنك هتسبيني تاني.. لأني أديتك الثقة اللي بتسألي عنها وخذلتيني أكتر من مرة عشان أقف قدامك زي العاجز ومعرفش أعمل حاجة!! لأني دايماً بنسى كل حياتي وبجري عليكي عشان بس بتوحشيني.." صرخ بها وأصبحت عيناه حمراء كالجمر وتحولت رماديتاه للسواد القاتم بينما أعتصر يداه بجانبه مانعاً نفسه كي لا يمسها بضرر


"سيبتك عشان تصرفاتك المجنونة.. وإذا كنت خذلتك ببعدي عنك فأنت خذلتني أكتر من مرة بعصبيتك وجنانك اللي ملهومش مبرر وقلة أدبك معايا وسفالتك وسيطرتك اللي فاكر أنك هتحكم بيها العالم.


تنام في حضني ليلة وأنت سكران ومجروح والليلة اللي بعديها أشوفك مع واحدة مش محترمة في بيتك، تفضل تبصلي زي العاشق الولهان وبعدين تتحول للفك المفترس، تحتضني وتبوسني وتخليني أحس إن مفيش ست في الدنيا غيري وفجأة تتحول تحسسني إني عدوتك!..


ويكون في علمك إذا كنت جيتلي هنا بعد ما سبت كل اللي وراك وقدامك عشان بس أنا وحشتك، فأنا جريت زي العيلة الصغيرة من ساعة ما كنت أنا وأنت سوا في شقتي في ثانية واحدة بس عشان أفضل جنبك بعد ما رجعت!!


ولعلمك أنا كنت بتعذب كل يوم وأنا بحاول أعرف عنك أي حاجة بس ازاي وأنا عارفة أن مجنون زيك ممكن يموت أصحابي لو عرف إني كلمتهم عشان أطمن عليك منهم!!


أنا كنت ببات أعيط على سريري كل ليلة وأنا بتمنى بس اشم ريحتك اللي بتنرفزني دي اللي بالنعناع والدخان اللي طول عمري بكرهه واجي في الآخر أحب كل ده عشان بس دي حاجات تخصك!..


أنا دايماً يا آدم كنت معاك ودايماً كنت برجعلك ودايماً بسمع كلامك حتى هنا وأنا في لندن سمعت كلامك ورجعتلك في ثواني وغصب عن عيني هافضل معاك ديماً وهافضل أرجعلك مهما بعدت عنك لأني بحبك يا متخلف يا غبي يا سافل يا مجنون يا اللي عمرك ما حسيت بده أنت فعلاً نرفـ.."


جرت الدموع على وجنتيها صارخة بحرقة وتدفقت الكلمات تخرج من شفتاها التي قد التهمها فجأة بعنف لم تعهده منه مسبقاً ليثبت يدها خلف رأسها ثم توجه بها لينصدم ظهرها بالحائط بقوة وبدون أي مقدمات لم ترى ولم تلاحظ كيف فعلها حتى رأته يبتعد ملتقطاً أنفاسه وقد تغيرت ملامحه تماماً عن ذلك الوحش الذي كان يهشم كل شيء وأقلب المكان رأساً على عقب.. فقد تحول لوحش آخر بنظرة مليئة بالحقد والرغبة معاً!


لهثت هي الأخرى وحاولت أن تملئ صدرها الذي قد علا وأنخفض بسرعة شديدة بالهواء لتجد تلك الرماديتان مثبتتان عليها


"أنتي بتعملي فيا ايه يا شيرين!! أنتي ازاي كده؟!" تعجب غاضباً لشعوره المتأجج نحوها وأقترب منها مجدداً ظاناً أنها ستدعه يعاود الكَرة لتصفعه فنظر لها عاقداً حاجباه بغضب وأقترب منها ولم يكترث لتلك العسليتان البارقتان بالدموع ولم يهتم لبكائها ونحيبها!


::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::

الفصل 27


الجزء السابع والعشرون


:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::



عقد قبضتاه بقوة ممسكاً بذراعيها لدرجة أنها شعرت بالآلم ولكنها لم تكترث وحدقت بعيناه بجرأة لم تتعرف من أين لها بها، قد تخلت عن التوتر المُزري الذي يعتريها كلما أقترب منها، فهي لن تصمت بعد الآن، لقد أُرهقت من تفكيرها المستمر الذي لا ينقطع بسببه

"أنتي بتضربيني تاني عشان قربت منك؟ بتقولي أنك بتحبيني وبمجرد ما أبوسك بتضربيني؟ أنتي بتتصرفي كده ليه؟ كل ما أقرب منك بتصديني!! هتفضلي امتى لغاية كده؟"


صرخ بها ليبدو مُرعباً حقاً بتحول رماديتاه للسواد القاتم لتبعث نظرته الخوف في الجميع حتى في من لا قلب له وصوته الرخيم المُهيب قد يُخيف أياً من سمعه لتجيبه هي الأخرى ولم تخف منه أو من هذا الشيطان الماثل أمامها.


"أنت فاكرني ضربتك عشان بتبوسني؟!!" تعجبت مندهشة ثم ضحكت بسخرية "ياااه!! ده أنت غبي اوي! أنت فاكر إن كل مشكلة ممكن تتحل ببوسة ولا حضن؟ وبعدين كمان أنت ملكش حق أنك تعمل ده كل ما جالك مزاج، مش بالأسلوب ده يا آدم!" صرخت به هي الأخرى بدون إكتراث لتلك النظرات الكفيلة بقتلها


"أنت عمرك ما هتفهمني، عمرك ما هتحس بيا، عمرك ما هتكون واثق في إني بحبك وتسيبني أقرب منك عشان أساعدك تزيح الحمل عنك، ليه أنت بتصدني وبتقفل الباب في وشي كل ما جيت أقرب منك ومن مشاعرك واحساسك؟ عامل فيها غامض وصامت ودايماً مبتشاركنيش في أي حاجة حاسس بيها وفي الآخر ترجع وتقول هسيبك؟!


طبعاً هسيبك ما دام أنت مش عايزني قريبة منك وبتصدني، أنت مبتعوزنيش جنبك ومبتصارحنيش غير وأنت سكران، لكن في أي وقت أنت واعي فيه دايماً غموض رهيب وسكوت مبينتهيش!! ليه كل ده؟


عايزني أثبتلك ايه بعد كل ده؟ قولي ليه جيت لغاية عندي هنا لو كنت مش معتبرني شخص قريب منك وتكلمني بصراحة زي ما بكلمك بصراحة وبواجهك بكل اللي جوايا؟؟ ليه الكبرياء الفظيع ده ومش عايز تعترفلي زي ما بعترفلك؟ ليه بتعمل فيا كده؟


مش مكفيك كل اللي حصل لغاية دلوقتي؟ أنا خلاص حاسة إني اتجننت وجالي حالة نفسية من كل ده، الله يحرقك يا اخي!! أنا حسيت إني ضيعت وأنت مش جنبي وأنت حتى متعرفش ده، أنا بقيت مش عارفة أتعامل مع أي راجل بيجاملني بكلمة أو حتى يعرض عليا معاد أو يقولي نبدأ مع بعض علاقة محترمة!!


أنا مبقتش بشوف غيرك، ومظنش أني هاقدر أحب حد تاني غيرك لغاية ما أموت! وأنت هنا، قدامي، وبمنتهى الإستهتار بترفض تصارحني مالك وفيك ايه ومش عايز تشاركني مشاعرك واحساسك! رافض إني أكون قريبة منك..


خليك بقا زي ما أنت عايز بغموضك وبرودك اللي هيروحوا معاك قبرك وخليني أنا عمالة أعاني من حبك اللي بقا عامل جوايا زي المرض، مظنش إني هاعرف أتعالج منه أبداً.. أنت أستمر في أسلوبك وأنا أستمر في خوفي من مجرد تخيل حياتي معاك وعمرنا ما هنخلص يا آدم!"


أخبرته بإنفعال لينتهي حديثها بهمس لتجد قبضتاه يلينا تدريجياً ونظراته تحولت من غضب لإشفاق ثم لعتاب ومنها لغيرة ونظر لتلك الدموع بعيناها ثم ابتلع ريقه بصعوبة وازاد من انعقاد حاجباه


"لو بس راجل تاني غيري فكر يقرب منك هاقتله.. حتى ولو كان برضاكي" أخبرها بإقتضاب وتلك الخشونة بصوته قد بعثت رعشة بجسدها ولكنها لن تصمت ثانية أبداً


"وليه لأ؟ لو كان الشخص ده محترم وبيشاركـ.."


"شيرين!!" ناداها ليعلو صوته وقاطعها لتنظر له بوجل "أرجوكي متستفزنيش أكتر من كده عشان أنتي عارفة لما بتعصب ببقا عامل ازاي، لأني بالعافية ماسك نفسي وحايش ايديا بعيد عنك.. ده طبعاً لو موحشكيش خناقنا والبهدلة اللي أظن أنتي عارفاها كويس!"


"لا بجد؟!.. طب ما تجرب كده تعملي حاجة وأنا والله ها.."


"ما تخرسي بقا! اتفضلي روحي نامي" صاح بها وقد تملكه الغضب مجدداً ثم استدار لتتبعه


"بس أنا وأنت لازم نـ.."


"تصبحي على خير يا شيرين" صاح مجدداً دون أن ينظر لها وما أن سمعته حتى أدركت أن الاقتراب منه الآن يُعد انتحاراً رسمياً ثم ذهبت غاضبة لغرفتها على مضض وقد شعرت أنها أخطأت عندما فكرت إنه تغير..


غيرت ثيابها لرداء نوم قطني بالكاد يصل لركبتها أسود اللون ثم أشعلت المدفأة وجلست على سريرها عاقدة ذراعيها وتتنفس بسرعة من كثرة حنقها من أفعاله التي لن تتغير أبداً


"هو ليه صعب كده؟! ليه كل الطلاسم دي!! أقتل نفسي يعني عشان أريحه وأرتاح أنا من جنانه ده؟! بس.. بس هو النهاردة مكنش متعصب زي الأيام اللي قبل كده! ده كان بيهددني ويختفي ويشد شعري.. ماشي.. هنقول أنه أتغير شوية!!


بس ممم... الله يحرقك يا زفت أنت، دايماً بتخليني أفكر لغاية ما أتجنن، وبوسته كمان كانت عنيفة اوي كده ليه؟" تذكرت كيف قبلها لتلين ملامح وجهها ثم تبسمت بخجل


"بس كان شكله حلو اوي!" ضحكت بخفوت على حالها "هبلة أنا ولا ايه؟! بفكر أنا في ايه دلوقتي؟ بس مسكته دي وجعتني اوي" نظرت على ذراعيها لتجد مكان مسكته علامات تُشبه الكدمات لتفآجأ من فعلته فذهبت له على الفور وفتحت باب غرفته لتجد تغير ملحوظ لقد رتب كل شيء ليضعه بمكانه ولم يعد هناك بقايا تكسيرلتستغرب فعلته.. أين ذهب ذلك الآدم المغرور المتكبر؟! ثم وجدته للتو يخرج من الحمام مرتدياً بنطالاً قطنياً رمادي اللون بالكاد يغطي فوق خصره بقليل


"أووووف بقا!! شكله كده دلوقتي مش في صالحي خالص" تمتمت هاززة رأسها بإنكار


"بتقولي ايه؟" سألها متعجباً ليتوجه نحوها


"متقربش يا زفت أنت!! واياك تلمسني تاني!" صرخت به كالمجنونة تماماً فمنظرها قد بعث ضحكة ليحاول آدم أن يكتمها وألا يدع شفتاه أن تستسلم


"بجد؟" تعجب مندهشاً رافعاً حاجباه ليحاول التقرب منها ولم يكترث لتحذيرها بألا يقترب


"ايوة!! أنا بتكلم بمنتهى الجدية، إياك تعملها تاني، مسكتك دي اللي عملتلي كدمات والعلامات البشعة دي وأُقسم بالله أنا ما ها اسكت على حاجة زي دي مرة تانية" صرخت محذرة اياه لتشير بإصبعها


"لا بجد!! طب هتعملي ايه بقا لو كررتها مرة تانية؟" سألها مبتسماً ليعقد ذراعاه على صدره العاري لتتشتت شيرين أكثر


"هاعمـ.. هاضـ.." تلعثمت لتفقد القدرة على إيجاد كلمة مناسبة لتنظر له وهو يُفارقها طولاً وجسداً وتلك العضلات المستفزة المنحوتة بعناية وبنيته القوية!! "هاضـ.. " تلعثمت مجدداً وعلمت أنها لن تستطيع فعل المثل لتقول أخيراً


"هابقى أوريك أنا هاعمل ايه ساعتها، أديني حذرتك!!" صاحت بحنق ثم ضربت الأرض بقدمها لتذهب لتسمع ضحكاته ليتبعها مسرعاً ثم مسكها من ذراعها والابتسامة لم تفارق شفتاه لينظر لها بحب وقد تغير مزاجه تماماً ولكنها مازالت بنفس الحنق والغضب لتحمر وجنتاها، تطلع بها جيداً ليرى كدمات مكان قبضته


"أنا آسف.. مكنتش أقصد أعمل كده، بس أنتي اللي بتجنينيني" توقف عن الابتسام معتذراً لتنظر له وقد عقدت ذراعاها وقوست شفتاها


"طيب!" اخبرته بإقتضاب ليرى العبس على وجهها


"أنا آسف بجد" همس ليحتضنها ثم قبّل رأسها وربت على ظهرها ثم نظر للأسفل ليجدها حافية القدمان "مش قولتلك كذا مرة تلبسي حاجة في رجلك الحافية دي؟" قال متعجباً بعفوية


"مالكش دعوة، أنت مش ماما يا Mr آدم" ردت بحنق وعصبية ليزداد عبوس وجهها وهي لا تعلم كم تُصبح قابلة للأكل حينها ليبتعد عنها آدم ويتطلع لها محدقاً من شعرها وحتى أخمص قدميها


"اعمل فيكي ايه أنتي ولسانك اللي بينقط سم ده؟" سألها لتجده في لمح البصر يحملها رغماً عنها مثل الأطفال ثم وقف قليلاً لينظر لها


"نزلني يا متخلف أنت" صاحت به ليهز رأسه ويضحك


"بتشتمي! تاني! وبتقولي إني غبي ومتخلف وايه كمان؟" حدق بها وقد عقد حاجباه في تساؤل ولم تتوقف شفاهه عن الابتسام


وقليل الأدب، وحيوان، وسافل!! ومزاجك ده اللي بيتغير كل ثانية ملعون وزفت هو كمان، وهتنزلني يا آدم يا رأفت وإلا أقسم بالله أن.. أن.. أن.." لم تدري ماذا تقول بعد انفجارها ببضع الكلمات في البداية لتصمت فهي لا تستطيع فعل أي شيء له ولن تتجرأ على هذا ليتوجه بها لغرفتها ليزداد حنقها وتلكمه لكمات سريعة ولم تتوقف قهقهاته لترى وجهه قد تحول للإحمرار ليثير غضبها أكثر حتى أنزلها بسريرها وبالكاد توقف عن الضحك


"أنتيشكلك حلو اوي وانتي متضايقة ومتعصبة كده" أخبرها بين صوت ضحكاته


"وأنت بتستفزني اوي وأنت بتضحك كده" قالت ثم نظرت في اتجاه آخر لتراه يجلس على سريرها ويتبسم


"خلاص هابطل ضحك اهو"


"أنت مجنون أنت؟! من شوية كنت متعصب وعينك شبه نار جهنم.. جي دلوقتي تضحك وكمان بتستفزني وبتقولي حلوة! مخبول!" نظرت له بعصبية


"ممم.. ده زي ما قولتي إنك بتحبيبي وبعدين تفتحي ماسورة الشتيمة بتاعتك في وشي.. جميل.. احنا شبه بعض اهو"


"لا أنا مش زيك أبداً" عقبت على كلامه لترى ملامحه تتغير وقد شعرت أنه قد حزن قليلاً لتبادر "أنا بقولك دايماً عن اللي حاسة بيه وبشاركك في كل حاجة!إنما أنت!! أنت الغامض الصامت القامط كل كلامك أوامر وتحذير وطول عمرك بتجنن اللي حواليك، وأستاذ مراد يشهد"


"لا فعلاً شخص مقرف وفظيع" أخبرها لينظر لها مازحاً


"جداً"


سكتا لينظر لها في صمت وقد بادلته النظرات ولانت ملامحها قليلاً وأدركت الآن أنه مازال أمامها عارِ الصدر وهي لا ترتدي إلا رداءاً ليجلسا على السرير وأصابع قدماها تكاد تلامس فخذه المثني وساقه اليسرى تلامس الأرض لتشعر بالخجل فضمت ركبتاها قليلاً لها لتبعد عن ملامسته بينما وجدته فجأة يحاوط ساقيها بذاراعه وكادت أن تتكلم وتنهاه عن فعله ولكن أسرع هو بالكلام


"تعرفي!! أنا مقدرش أسيبك ولا أبعد عنك لو حتى لحظة.. عايزك تكوني معايا وجنبي دايماً في كل وقت وكل مكان.. في البيت والشغل وحتى أحلامي عايزك تكوني موجودة معايا فيها.. أنا معرفش جيتي حياتي ازاي وامتى عشان تعملي فيا كل اللي بتعمليه ده، فيكي قوة عجيبة بتخليني أعمل حاجات كتيرة عمري ما اتخيلت إني أعملها في يوم من الأيام..


بتجنن ومبعرفش أسيطر على نفسي وفي الآخر برجع اجري عليكي عشان اترمي في حضنك عشان تداويلي جروحي اللي بحس بيها.. كل ما بتبعدي عني بحس إني مش قادر أتنفس وإن الحياة طول ما أنتي مش فيها جنبي مبيبقلهاش طعم..


لو بس تعرفي إنك بالنسبالي زي الهوا اللي بتنفسه ومن غيره ممكن أموت مكنتيش فكرتي تسيبيني ولو لثانية واحدة، لو بس تعرفي وانتي بعيد عني ببقا متعذب ازاي وعامل زي الميت مكنش خطر على بالك إنك تسيبيني بالسهولة دي كلها..


عارف أنه أختيارك وده حقك بس دي أنانية منك أنك تحرميني من إني اتنفس واعيش وانتي بعيدة عني.. ازاي أنتي كده قوية اوي واقوى مني وبتقدري تعملي كده؟


شكلك بريء زي الملايكة بس اللي بتعمليه فيا مش هايعمله ابليس نفسه.. أرجوكي كفاياكي عذاب فيا، سامحيني على كل حاجة عملتها وعلى كل غلطة غلطتها في حقك وأنا هاعملك كل اللي نفسك فيه بس ارجعي.. لو كان ليا خاطر عندك متسبينيش تاني يا شيرين، أنا ادمنتك خلاص وعمري ما هاعرف ابطل أعيش من غيرك..


ده اللي قولته وأنتي نايمة ومكنتش قادر أواجهك بيه" أخبرها هامساً ثم شرد بنظره بعيداً عن عيناها وقد علمت جيداً أنه قد خاض حرباً حتى يستطيع قول مثل تلك الكلمات نظرت له وهو يبدو كالمتألم بأنفاسه المتسارعة الثقيلة لتهرع إليه تعانقه بكل ما لديها من قوة..


"ليه يا آدم متبقاش كده على طول؟" همست لتزفر كمن كان بسباق طوال عمره ثم نظرت بوجهه وأراحت يديها على ذراعاه


"اللي قولتهولي دلوقتي عمره ما هيخليك ضعيف قدامي، ده هيخليني أعرف احساسك ناحيتي جواك، حاول تتأكد وتثق إني مش غريبة عنك، أنا يمكن عمري ما قولتلك قد ايه أنا بحس بالأمان معاك، استحالة أخاف من حاجة طول ما أنت جنبي، الحاجة الوحيدة بس اللي بخاف منها هو تحولاتك الغريبة وعصبيك وتصرفاتك اللي ملهاش مبرر.. خايفة كل شوية إني لو كنت جنبك تعمل حاجة تبوظ كل اللي ما بيننا، غير كده أنا عمري ما برتاح ولا شوفت الراحة غير وأنا جنبك.."


أخبرته لينظر باحثاً بوجهها وعيناها عن شيئاً ولكنها لم تدرك ماذا هو فعقدت حاجباها متعجبة وهي لم تدرك أيضاً أن آدم يضعها بإختبار، هو يُصدق كلامها ولن يُكذبها ولكن هل بعد ما رآت هذا الجانب به ستعود إليه أم لا!


جذبها ليحتضنها مرة أخرى لتهمس هي "هو أنت لازم يعني متتكلمش غير وأنت حاضن رجليا كده؟" سألته لتحاول كسر هذا الصمت


"ممكن تعتبريه حافز إني أتكلم" أجابها وهو مازال يعانقها


"يا سلام!!وهتعمل ايه بقا لو حبيت تقولي حاجة أكبر من كده؟"


"مممـ.. هنشوف.. يعني مثلاً كل ما الكلام كان صعب عليا أشوفلي حتة تانية أحضنها، ممكن نطلع لفوق شوية، أو ممكن تقلعي الهدوم دي وتشجعيني بقا أني أتكلم براحتي وممكن ننـ.."


"سافل" صاحت لتقاطعه وقد فلتت من العناق ثم ضربته بخفة على ذراعه


"طب أحسنلك تبطلي حركاتك دي عشان عواقبها مش حلوة عليكي خالص!" رفع كتفاه ثم أنزلهما لتخجل شيرين من كلامه وتنهض لتبتعد عنه وتوجه له ظهرها ليتبعها "كمان شكلك Sexy اوي دلوقتي، فياريت تبطلي بجد!" حدق بعيناها التي حاولت أن تخفيهم قدر الإمكان خلف خصلاتها وحاول الإقتراب منها ولكنها أسرعت


"أتفضل على أوضتك حالاً" تبسمت من فرط خجلها دون النظر إليه بينما هو لم يكف على النظر لها


"ماشي.. بس لازم بكرة تصحي بدري اوي" أخبرها


"ليه؟ هنعمل ايه بكرة؟؟" تعجبت لترفع عيناها بعينه التي شردت بها


"هتشوفي .. يالا تصبحي على خير" همس لها وكادت أن ترد ولكنه فآجئها بقُبلة خاطفة هادئة لتخجل أكثر ثم ابتعدت عنه لتدفعه حتى باب غرفتها


"يخربيتك سافل وقليل الأدب بشكل مش ممكن!! أتفضل على أوضتك!" صاحت به وهي تدفعه خارجاً حتى خرج وأغلقت الباب


"طب يا شيرين لو مبطلتيش شتيمة هامسكك أنزل فيكي بوس ومش هاتقدري تبعديني عنك" صاح من خلف الباب لتضحك هي بخفوت ثم تنهدت ذاهبة لسريرها وأخذت تُفكر بكل ما حدث وعلمت أن بالرغم من عدم تغيره بالكامل ولكن هو يحاول ألا يكون مثل السابق معها..


"مش ممكن شكلها رهيب في اللون الأسود!! حاسس إني بقا جوايا نار بجد لما شوفتها لابسة قميص النوم ده!غبي!! ليه مشتريتش الكوخ ده بأوضة نوم واحدة بس.. كان زماني معاها دلوقتي"


فكر كصبي مراهق وهو يتذكر عبوسها وخجلها وحتى غضبها فلم يزيده إلا حباً وتعلقاً بها، ارتسمت على شفاهه ابتسامة عندما حاولت أن تلكمه وتنهاه عما يفعل ثم وضع ذراعه خلف رأسه ليفكر


"هاعمل أنا ايه من غيرها لما امشي وارجع! ويا ترى هترجع أصلاً ولا لأ؟.. استحالة أسألها ومش هاعرضها عليها أبداً غير لما تيجي منها هي.. بس لإمتى هستناكي يا شيرين!!" زفر بوجع ثم حاول النوم فلم يستطع، لم يرد أن ينظر لأي شيء غيرها، لا يحتاج إلا أن يكون بالقرب منها وحسب..


توجه لخزانته ثم ارتدى قميصاً قطنياً أبيض اللون ذو أكمام قصيرة وبعدها توجه لغرفتها ليطرق الباب وينتظر فلم تُجيبه فطرق الباب مجدداً ليسمع صوتها النعس "أدخل.." اعتدلت قليلاً لتجلس لتحاول الاستيقاظ "هل هناك شيئاً آدم؟" سألته بينما تثائبت


"ممكن أطلب منك حاجة ومترفضيهاش؟" سألها لتستغرب هي فأومأت له "ممكن أنام جنبك الليلة دي؟" سألها مرة ثانية وكانت ملامحه تدل على الجدية فلم تُجيبه بل ذهبت للخلف حتى تُفسح له مكاناً بجانبها وابعدت الغطاء ليستلقي هو بجانبها فجذبت الغطاء عليهما ليجدها قد توسدت صدره وعانقته وبصوت نعس همست


"لو بوستني غصب عني هموتك"


ضحك بخفوت ثم قبل رأسها وحاوطها بذراعه وأخذ ينظر لملامحها البريئة حتى انتظمت أنفاسها وتأكد أنها نامت بالفعل


"بلاش تكسيفيني قدام قلبي ونفسي يا شيرين.. أرجوكي ارجعي معايا.."


::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


منذ زمن بعيد...


"ياااه!! أخيراً، آخر امتحان في الدنيا كلها" همست تقى لنفسها والإبتسامة لم تفارق وجهها وهي تسرع للخارج حتى تذهب لآدم الذي تعلم أنه ينتظرها خارجاً مثلما أعتاد أن ينتظرها بعد كل اختبار لها وآخذت تعد للعديد من الخطط الكثيرة التي ستستمتع بها معه في اجازتها، فيكفي طوال الفترة الماضية كانت تبعدها عنه الدراسة وآخذت أغلب وقتها..


توجهت خارج بوابة الجامعة وما أن وقعت عيناها على آدم وجدت فتاة متعلقة بذراعاه وتعانقه لتتحول ملامحها للصدمة الشديدة وانهارت الدموع من عيناها لا إرادياً وشُل جسدها ولم تستطع الحراك!!


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-