أخر الاخبار

ترويض ادم للكاتبة بتول طه الفصل ٢٤و٢٥

الفصل السابق اضغط هنا

ترويض ادم للكاتبة بتول طه


الفصل 24

الجزء الرابع والعشرون


:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


"بتعملي ايه بس يا غبية أنتي!!" تمتم آدم في ثم لحق بها حتى يساعدها فقام برص المراجع ثم ناولها أياها متحاشياً أن ينظر لها


" I really shouldn't carry all of these books by myself, Thank you" شكرته شيرين وهو متحاشياً أن تتعرف عليه أو أن ينظر لها وهو متشحاً ومحاولاً أن يخفي ملامحة


هز رأسه لها كإجابة على ثناءها عاقداً حاجبيه ولكن ما إن نظرت له وتقابلت أعينهما رأى الخوف والصدمة بعيناها كأنما تعرفت عليه على الفور وتوقف الزمن للحظة، وبالرغم من أنه لا يريد أن يكون أول لقاء لهما هكذا بعد كل تلك المدة لم يستطع الحراك ولا هي أيضاً، نظرت له بلهفة، افترقت شفتاها من الدهشة، اشتاقت رماديتاه لعسليتاها البريئتان، لم يقدر على أن يغادر، فكرت أن تنزع عنه ذلك الوشاح حتى تتبين هل هو آدم رأفت حقاً أم لا؟!، ظل متجمداً لثوانٍ ولكن بعدها شعر أن شيرين ستقول شيئاً لذا فر من أمامها مسرعاً وتركها فصعدت منزلها وكادت أن تفقد عقلها من كثرة التفكير بأنه الذي ساعدها للتو ربما يكون آدم!


"ازاي فيه حد في الدنيا دي عنيه زي عيونه بالظبط؟ أنا عارفة العيون دي اللي ياما فضلت متنحة فيهم!، أنا عمري ما هغلط فيهم أبداً، ده فعلاً زي ما يكون هو!! وبعدين هو ليه مشي كده بسرعة؟ ممكن يكون آدم فعلاً؟!" تسائلت بعقلها ولكنها فجأة ارتبكت ولم تستطع مجرد تخيل الأمر!


"هو ممكن يكون عرف أنا فين وعرف يوصلي؟! بس لأ، ده لو هو آدم مكنش هيستنى وكان هيتعصب وجنانه هيشتغل، وكان بقا فضل يقول هتلاجعي غصب عنك.. ولا يكونش أنا فاهمة غلط من كتر ما بفكر فيه؟! يمكن عشان اللي ساعدني ده عينيه شبه عيون آدم دماغي فضلت تودي وتجيب وأفتكرت إنه هو! أصلاً هو كمان صعب يتغير كده فجأة ويبقا بيساعد اي حد معدي في الشارع، أكيد واحد بجنانه ده مش هيتغير أبداً.. أكيد مكنش هو وأنا بس اللي مزوداها حبتين.. أكيد ده مجرد شخص عادي وحب يساعدني وعينيه بس شبه عين آدم.. أكيد كل اللي بيحصلي ده عشان بس بفكر فيه كتير وهو وحشني اوي.. يوووه بقا أنا مش عارفة أفكر في حاجة!"


ظلت هكذا طوال الليلة تفكر بما حدث وبالرغم من خططها لأن تنجز الكثير بعد أن تعود من الجامعة لم تستطع التركيز سوى في تلك الثوان، فغداً عطلتها الأسبوعية وبعد أن وضعت كل شيء ونظمته كي تبدأ به أمامها لم تستطع أن تنجز أياً من أشياءها وكان كل ما يدور بعقلها ماذا لو كان هو؟


"بقا كده يبقا بيني وبينك أقل من متر واحد ومقدرش أقولك كلمة، مقدرتش اخدك في حضني ومسيبكيش تمشي تاني، ابقا قريب اوي منك ومقدرش ابوسك، شعرك اللي بيجنني يبقى قدامي وكتفت ايدي عشان ملمسهوش وسيبتك ومشيت!!.. أنا ابقا عيل لو اتفقت تاني مع زينة على حاجة، ليه سيبتها تمشي؟ مش كفاية كل الوقت اللي استنيتها فيه وكنت بعيد عنها؟"


تذكر لما لم يتحدث لها بينما يخلل شعره بعصبية وغضب ولم يشعر بنفسه عندما نظر لثلاث زجاجات فارغة تماماً بجانبه على الأرض "غبي وحيوان!!" تمتم بينما تبسم بمرارة "عمرك ما هتتغير يا آدم يا رأفت إلا ليها وقدامها وبس!"


نظرت خارج نافذتها كالخائفة ولكن بالكاد تواجد ناس بالشارع فقد قاربت على الثالثة صباحاً، هل كانت تبحث عنه أم تخاف منه؟ هل تريده بجانبها أم ستفر وتهرب مرة أخرى؟ ذهبت بعدها لتتأكد أن الباب موصداً جيداً وبعدها لسريرها لتحاول النوم ولكن دون جدوى!


وقف تحت منزلها، قلبه بداخله مشتتاً لأشلاء، لا يعلم أين نافذتها؟ أين شُرفتها؟ بأي طابق تكون؟! أراد أن يصرخ اسمها حتى تسمعه وتواجهه ولكنه لم يستطع، بيده الكثير كي يفعله ولكن ليست شيرين من يفعل بها ذلك! هو علم جيداً أنها لو عادت معه بتلك الطريقة ستفر هاربة مجدداً ولن تتوقف عن هروبها ومحاولة البعد عنه، وقد أرهقته، لن يُعطي لها الفرصة مرة أُخرى كي تألمه بإبتعادها


"فين آدم رأفت دلوقتي؟ واقف زي المتشردين تحت شباك حبيبته زي المراهقين ومفيش بينه وبينها إلا كام دور ومش قادر يروحلها!! فين بقا الناس اللي مبتقدرش تفتح بوقها قدامي ولا تقولي لأ على حاجة؟! رجل الأعمال والممثل المشهور واقف هنا بيعيط زي العيال عشان بس يلمح خيالك وأنتي معدية صدفة من جنب الشباك.. طب قوليلي أعمل ايه عشان أسعدك وتحبيني وتفضلي جنبي؟ قوليلي اعمل ايه عشان ترجعي معايا؟ هاعملك كل اللي يخطر على بالك، بس ارجعي تاني معايا يا شيرين!!"


نحب كطفلاً في الثالثة من عمره وفكر بكل لحظة وذكرى جمعتهما سوياً وكل ما أصبح يتمناه أن يراها مرة أخرى ولو من بعيد وظل مُسلطاً نظره على نافذتها..


أشرق الصباح ورغماً عنه عاد للفندق وذهب مباشرة ليقف تحت المياه لتنساب على جسده حتى يفيق قليلاً وكم تمنى أن ينساب معها كل ما يشعر به من جرح وألم وتهبط مع تلك المياة إلي أن تنتهي وتختفي وألا يضطر لأن يشعر بأي شيء مجدداً، تمنى أن ينعدم به الشعور، تمنى لو لم يحتاجها، تمنى لو لم يقع بحبها..


تململت شيرين بمخدعها وهي لم تنم إلا بضع دقائق وشعرت بأوجاعاً في جميع جسدها فتوجهت ثم وقفت لتوصد عيناها تحت المياة الساخنة وحاولت جاهدة أن تعتبر ما رآته صدفة ليس إلا. أعدت قهوتها ثم ذهبت لتنظر من نافذتها وبالرغم من أنهم بأول شهر نوفمبر وبجو لندن الضبابي رأت شعاع بسيط للشمس ورآت قوس قزح لتفكر


"يمكن تكون مطرت تاني وأنا نايمة" تمتمت مبتسمة ثم فكرت أن تذهب إلي المقهي التي لطالما ذهبت له منذ أن أتيت إلي لندن لتقضي يومها هناك، أخذت ما تحتاجه ومعطفها وغادرت.


لم تراه، لم تحاول حتى البحث عنه، قررت أن تتناسى الفكرة لأنها علمت لن يصلها هذا الشوق إلا عنده، بمنزله، بجانبه، وهي لا تريد أن تتعرض لعذاب غضبه وغموضه الذي لا ينتهي، أرادت تعيش حياة طبيعية بعيداً عن بروده وتحكماته التي لا تنتهي، حتى ولو كان يعشقها سيظل كما هو وهي لن تدع أحد يتحكم بحياتها مجدداً، فجبروته الذي يتعامل به لن يؤدي إلا للدمار فقط .


سارت تنظر حولها واستمتعت كثيراً برغم من برودة الجو ولكنها أحبت تلك الشوارع بضبابها وبرودها، للحظة تذكرت كيف كان سيلائمه بلد كهذا فهو بارد مثله ولكنها هزت رأسها للفكرة وشبح ابتسامة ارتسم على شفتاها بينما تستكمل طريقها.


تابعها وحافظ على ألا يقترب منها فهو كان تحت منزلها منذ السابعة صباحاً، كم تمنى أن يذهب ويُمسك بيدها حتى لا تسير وحدها ولكنه تذكر أن هذا ليس الوقت المناسب. دخلت مقهى فعلم أنه لن يستطيع أن يذهب لنفس المقهى فتطلع حوله ووجد مقهاً آخر مقابل للذي دخلته فوقع اختياره عليه حتى يراقبها عندما تنتهي وتخرج منه.


ظن آدم أن من حسن حظه أنها جلست بالقرب من النافذة، ولكنه لم يعلم أنها دائماً تحب أن تجلس على نفس الطاولة وأحياناً تتفقد المارة. وما إن جلست حتى جاء شاب وفتاة يبدوان بمقتبل العشرينات ووقفت شيرين فعانقتهما ولكنه استغرب لما تفعل هذا مع من يرتديان زي العاملين بالمقهى وغضب من معانقتها لذاك الشاب..


أكمل متابعته لها فوجدها تضحك معهما ثم أخرجت شيئاً من حقيبتها وأعطته لهم مما زاد دهشته، ثم جلست وذهبا هما وأحضر الشاب القهوة وتكلم معها قليلاً ثم تركها وبدأت هي في مطالعة ما كان أمامها من المراجع ثم تكتب أشياء على حاسوبها وتعيد الكرة لمرات ومرات.


أخذ في متابعة كل حركاتها.. طريقة تركيزها فيما أمامها.. كيف تزيح خصلاتها بين الحين والآخر.. لم يكن لديه الفرصة من قبل لمشاهدتها تفعل ذلك.. تعجب لضحكاتها مع ذلك الشاب والفتاة وشعر بالحقد تجاهما مفكراً


"هما يشوفوها بتضحكلهم وأنا أتمنى عشر شهور اني أشوفها من بعيد بس! ماشي يا شيرين!"


ظل يطالع الساعة والوقت يمر ببطأ ولا يعلم آدم ماذا تفعل كل هذا، تارة يخلل شعره بيده وتارة يخلع معطفه فقد شعر بأنه سيقتل أي أحد الآن قد يمر بالقرب منه، عقله لا يكف عن التفكير، وغضبه يزداد كلما مر الوقت! لا يدري لما عليه أن يشاهدها من بُعد وأن كل ما عليه أن يذهب ويأخذها لتعود معه. لم يقاطع تفكيره إلا مكالمة من زينة


"عامل ايه دلوقتي؟!" سألته بقلق


"تمام يا زينة، أنا تمام" أجابها بضيق


"فيه ايه شكلك متضايق؟ هو حاجة حصلت؟"


"متضايق عشان هي قدامي وممكن بمنتهى السهولة اعدي الشارع وارجعها معايا غصب عنها.."


"آدم!! عشان خاطري، استنى شوية، أنا وأنت عارفين كويس أنها لو رجعت معاك غصب عنها مش هتحب ده وممكن تمشي مرة تانية و.."


"ورحمة أبويا هاسجنها المرادي ومش هسيبها حتى تدخل الحمام إلا بمزاجي" قاطعها بعصبية بينما ينفث دخان سجائرة بحنق


"طب لو عملت كده هيكون ده صح؟ ينفع اللي تحبها تشوفها كده مسجونة؟" سألته بمنطقية


"أنا هاجيبلها كل حاجة لغاية عندها ومش هتحتاج حاجة،وهنروح مع بعض كل حتة بـ.."


"آدم!!" صاحت مقاطعة أياه "اتكلم بمنطقية Please! مينفعش اللي بتقوله ده.. I know that you love her and I also know that you're afraid.."


"أنا مبخافش من حاجة! متخلقش اللي يخوف آدم رأفت!" قاطعها ببرود


"لا أنت خايف أنها تبعد عنك تاني" أخبرته وتريثت قليلاً فلم يقل شيئاً فأكملت "Adam you need to talk to her وتسيبها تعل اللي هي عايزاه، هي لازم تختار، شيرين مش هتقبل لو حد فرض عليها حاجة، أنا متأكدة أنها بتحبك وحتى ولو كان أنت اللي بيقولها تعمل ايه ومتعملش ايه هي عمرها ما هتقبل بده وكمان شايفة إنك لازم تـ.."


"هاكلمك تاني، سلام دلوقتي" قاطعها مودعاً اياها وأخرج من جيبه نقوداً ووضعها على الطاولة أمامه وتبعها عندما رآها تغادر المقهى.


"يخربيتك وبيت سنينك!! عشر ساعات بتعملي فيهم ايه؟!!" تمتم بينما تبعها حتى أطمئن أنها صعدت منزلها وتوجه بعدها للفندق الذي قد نزل به وظل يُفكر هو لن يستطيع أن يدخل الجامعة بنفسه فقرر أن يجد أحداً كي يراقبها من الداخل..


جلس قليلاً كي يعمل ويتابع ما تم مؤخراً وأجرى عدة إتصالات هاتفية بعلي ومراد الذي كاد أن يُجن من تصرفاته وكذلك قد وجد شخصاً كي ينقل له جميع ما يتم داخل عمل شيرين دون أن تلاحظ هي.


هو يدري أن شيرين قد غادرت بسبب سيطرته وتحكمه الزائد ولكنه لم يعرف حتى الوقت الحالي أنها اكتشفت أنه كان يراقبها بمنزلها وإذا علمت ما ينتوي فعله الآن لن يصبح الأمر هيناً وسيزيد هذا من تعقيد الأمور.


:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


منذ زمن بعيد...


أنتظرت حتى انشغلت والدتها تماماً بإعداد الحقائب وتظاهرت بأنها ستذهب للحمام وبداخلها تكاد تقترب من سعادتها التي لطالما تمنتها حتى تخلو لها الأجواء بجانب آدم وأخذت هاتفها لتهمس به


"إسراء.. وحشتيني اوي، عاملة ايه؟!" همست بهاتفها متحدثة وهي تدري أن إسراء هي الفتاة التي تستطيع أن تفعلها بسهولة فلطالما ظنت أنها عاهرة وغنجها الزائد سيفيد حتماً بما خططت له


"وأنتي وحشتيني أكتر، بس ايه يا تالا فينك مش باينة؟!" اجابتها إسراء سائلة


"أبداً ماجيستير وشغل ومسحولة اوي.. كنت عايزاكي في حاجة وعارفة إنك مش هتكسفيني"


"يا سلام!! بس كده.. عيوني ليكي.. احكيلي فيه ايه؟"


"بصي يا ستي.. تقى بقالها فترة كبيرة ملمومة على واحد شايفه إنه أحسن حاجة في الدنيا، وكذا مرة حذرتها بس هي مصدقة إنه ملاك نازل من السما، وهو أصلاً إنسان قليل الأدب ومش محترم وأنا خايفة عليها اوي، راسم نفسه عليها وبيخدعها وبيقولها إنه بيحبها بس أنا عارفة إنه بيتسلى وخلاص.. مش عايزاها تتخدع وقلبها يتكسر على واحد ميستاهلش زي ده، تقى لسه صغيرة ومش فاهمة حاجة وأنا قلبي عليها وخايفة عليها اوي.. أرجوكي تساعديني في الموضوع ده، لازم تقى تشوفه بعنيها وهو بيعمل حاجة مش كويسة!" همست لها في توسل وهي تتصنع الخوف الزائف على أختها


"يااه.. حاجة صعبة أوي.. بس أنا اساعد ازاي؟"


"أنا عارفة إن اللي هاقوله صعب، بس أنا عارفة إنك جريئة ومبتحبش الظلم عشان كده قولت انتي الوحيدة اللي ممكن تساعدني.."


"طب ما تقوليلي مستنية ايه؟!" تعجبت إسراء منها


"عارفة آدم رأفت؟!" سألتها تالا وبداخلها تتمنى أن تمر الأمور كما خططت لها


"لا مين ده!"


"فاكرة الولد الغني اللي كان معانا في الكلية؟ ابو عيون رمادي ده اللي كان كل شوية بيغير في عربية و..."


"آه آه افتكرته، بس ده مكنش بيكلم حد خالص في الدفعة كلها غيرك.. ماله ده؟!" تعجبت إسراء منها بينما لم تتوقع تالا أن إسراء لا تزال تتذكر تلك الأمور لتبتلع في إرتباك ولكنها تمالكت نفسها فهي لن تضيع تلك الفرصة التي انتظرتها منذ سنوات


"ده.. ده.. ده يا بنتي إنسان أصلاً مش كويس وأنا كنت بعامله على أساسا إننا زمايل وأصحاب، حتى، حتى هو كنت بحسه مش تمام ومش محترم فخليت علاقتي بيه سطحية اوي.. عشان كده خايفة اوي على أختي، وهو عرفها لما مرة شاف تقى معايا صدفة وهو كان جي الجامعة يخلص ورق ومن ساعتها وهو عمال يضحك عليها!"


"يعني كمان سافل!! ده ايه النيلة دي! بس بردو عايزاني اعمل ايه؟"


"هي تقى النهاردة آخر امتحان ليها وهتسافر مع ماما عشان بابا تعبان اوي والدكاترة قالوه إن مفيش قدامه وقت، وآدم مش بعيد ميوافقش على سفرها، هو عايزها تتنطط معاه وخلاص في الرايحة والجاية، وهي لو سابت بابا في الظروف دي ماما مش هتسكت.. عايزاكي أول ما تشوفيها طالعة تقربي من آدم وتتكلمي معاه بطريقة تفتكر إن بينكم حاجة فتصدق وتسيبكوا وتمشي.. يمكن هتتجرح بس دي أحسن طريقة.. يمكن لما تسافر وتبعد تنساه!"


تريثت تالا وهي بداخلها تتمنى أنها قد أقنعت إسراء بما تريده ومرت عليها ثوانٍ كانت كالأبد ولكن بالنهاية آتاها صوت إسراء بالإجابة


"ده أنا هخليها تكره بس تسمع إسمه.. سيبي الموضوع ده عليا! فاكر بنات الناس لعبة ولا ايه!!" أخبرتها بتحدي وتصميم لتزفر تالا في راحة شديدة


"متشكرة أوي يا إسراء وعمري ما هنسهالك.. بس أنتي عارفة أنا بحب تقى وبخاف عليها ازاي، دي أختي الوحيدة"


"إن شاء الله خير.. متخافيش عليها ومفيش حاجة وحشة هتحصلها وأنتي بردو بما إنك أختها الكبيرة متسيبيهاش تقرب من حد كده مش كويس تاني"


"والله حاولت أفهمها كذا مرة بس هو اكل دماغها.. عشان كده كان لازم أتصرف قبل ما تسافر، لازم تنساه وتعيش حياتها!"


"كلامك صح.. متقلقيش.. وأول ما اخلص الموضوع هكلمك اعرفك"


"تمام.. شكراً اوي يا إسراء"


"لا العفو يا حبيبتي على ايه!"


أنهت المكالمة وهي تبتسم في مكر وخبث بينما بدأت بداخلها تشعر بالإنتصار وأخذ أولى خطوات إقترابها من آدم الذي لطالما تمنته!


:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


مرت الأيام وكل ما يفعله هو متابعة أعماله ومراقبة شيرين وحتى الآن ينتظر اللحظة المناسبة حتى يواجهها ولكنه لم يستطع أن يفعلها بسهولة، بعد أن فكر جيداً بكل شيء لا يُريد أن يظهر ضعفه أمامها، لا يريدها أن تعلم كم تغير لأجلها، وقع في الحيرة، شعر بالعجز لأنه قريب منها ولا يستطيع التحدث لها أبداً، لم يعد يدري ما الذي عليه فعله وشعر وكأنه أقترب من أن يُجن!!


علم كم كانت جيدة بعملها وكل زُملاؤها يحترموها ويحبوها، علم أيضاً أن خالد زميلها لا يمر يوماً إلا ويحاول أن يبدي بها إعجابه وحاول مراراً أن يقنعها أن تذهب معه بموعد وهي لازالت ترفض، كم تمنى أن يذهب ويبرحه ضرباً ولكن كان سعيداً بأنها ترفضه، أعطى له ذلك القليل من الأمل وظن أنها لا زالت تتذكره وأنها ترفض بسبب حبها له.


عرف أن هناك إحتفالاً بخصوص نجاحها ببحث يخص إدارة الأعمال الذي عملت عليه وقد لاقى استحساناً من الجميع، وصلته أخباراً زملاؤها يريدون أن يحتفلوا بها، تبعها حتى رآها ترتدي رداءاً كحلى اللون، طويل بالكاد يظهر حذائها، وتلتف بشالاً يماثله، كم تمنى أن يكون معها الآن، تنهد بغضب بينما استقلت سيارة أجرة فتبعها حتى وصلت لمطعم يبدو عليه الفخامة، فدخل وحاول ألا يكون مرئياً لها وانزوى بإحدى الأركان حيث أن مقعدها لم يكن يلمح مقعده بينما هو رآها جيداً فقد جلس خلفها حتى يتابعها.


رأى كيف كانت سعيدة بإنجازها، فرح كثيراً بإطراء الجميع عليها ولكنه كاد أن يقتل ذلك الخالد الذي لا يكف عن ملاحقته إياها ولم يشيح بنظره عنها طوال الليلة، شعر بعدم الإرتياح لذلك الرجل وأراد أن يُفصل رأسه عن جسده، كم شعر بالغيرة عندما رأى أن فستانها يكشف ظهرها بالكامل، أراد لكل هذا أن ينتهي ولتعود معه "كفاية بقا كده يا شيرين تعبتيني!!" تمتم لنفسه وبعد أن لاحظ أن الجميع بدأ بالمغادرة فذهب كي ينتظر خروجها.


تفقد الوقت وبعد مرور نصف ساعة كاملة قد نفذ صبره وكاد على أن يخرج من السيارة والدخول مرة أخرى للمطعم ولكنه رآها تخرج برفقة خالد وانتظرا حتى آتى الحارس بسيارته ثم فتح لها الباب الأمامي كي تجلس بجانبه فتدفقت الدماء برأسه وأوشك على أن يذهب ويخرجها من السيارة رغماً عنها حتى لا تذهب معه ولكن انطلقت السيارة فتحرك هو الآخر خلفهم حتى وصلا تحت منزل شيرين وبقيا يتحدثا بشيء حتى فقد عقله تماماً.


لم يرمش ولو للحظة واستمر في مشاهدة ما يفعلاه بينما يخلل شعره الاسود بغضب بالغ وأصبح يلتهم السجائر كالمدمن تماماً، لم ينظر لوجهه بالمرآة وفجأة تجرد من بروده وهدوءه المعهود ثم رآه يفتح لها باب السيارة وأخذ يبتسم لها، فخرجت من السيارة ثم توجهت لبوابة منزلها فكادت شيرين أن تصعد ولكن ناداها خالد فالتفتت له مرة أخرى فاقترب منها كمن يريد أن يُقبلها ووجد شيرين ترفضه وتبتعد عنه وهو يحاول أن يقترب منها رغماً عنها فلم يُسيطر آدم على نفسه بينما ثقلت أنفاسه.


"خالد أرجوك.." همست ولم تتقبل فكرة أن يقترب أحد منها غير آدم الذي لا تدري لماذا تفكر به الآن! "تصبح على خير.." همت أن تذهب ولكن جذبها خالد


"أنتي ليه بترفضيني أوي يا شيرين وبتصديني؟ هو أنتي مرتبطة او.." ولم يكمل سؤاله حتى وجد رجل مخيف الشكل يقترب منه ولم يدري آدم متى وكيف عبر الشارع ليفرق بينهما وفقد عقله وأخذ في تسديد اللكمات له بينما صاح صارخاً به


"ايدك دي هاقطعهالك يا ابن ميتين الكلب!"


صُدمت شيرين مما رآت من أين جاء ومنذ متى وهو يعرف أين هي وماذا تفعل، لم تستطع التحرك من مكانها ولم تفيق إلا على وجه خالد الذي لم يظهر له ملامح من كثرة الدماء بسبب الضرب المبرح الذي تلقاه على يد آدم وبالكاد ذهبت كي تباعد بينهما


"كفاية يا آدم، ابعد عنه، سيبه يمشي" صرخت به وحاولت أن تجذبه بعيداً عنه فتوقف وهو يلتقط أنفاسه المتثاقلة فحاولت أن تتفقد خالد فوجدته بخير


"أنت كويس؟ هتقدر تمشي لوحدك؟" سألته بتوتر بينما ابتسم لها


"متقلقيش أنا كويس، بس ليه مقولتليش إنك مرتبطة؟ أنا مكنتش أقصد حاجة!" أجابها وزاد توترها فلم تدري ماذا تقول. ذهب آدم مرة أخرى وجذبه من ملابسه وأوقفه أمامها


"اعتذر لها يا كلب" صاح آمراً بغضب شديد وأصبح كالشيطان ووجلت هي من وجهه الذي تغير به الكثير منذ آخر مرة رآته


"أنا آسف وأوعدك مش هاجي جنبك تاني" أخبرها مسرعاً بعد أن ظن أنه سيلاقي حتفه الليلة إن لم يبتعد عن تلك المرأة، بينما شعرت هي بغصة في حلقها ونظرت حولها لترى بعض المارة يشاهدون ما يحدث بينما لم يشيح آدم ولو لثانية واحدة نظره من عليها فلم تدري ما عليها أن تفعل وبالرغم من توترها جذبته من يده وتوجها ليصعدا لمنزلها.


صعد معها بينما لم يتفوه اياً منهما بحرف وما إن دخلت منزلها أغلقت الباب ولم تشعل الأضواء حتى فدخل المنزل بعصبية وخلع معطفه وألقاه بعيداً


"يعني أنت ايه؟ مش مكفيك كنت عامل حصار وبتراقبني في بيتي وجاي كمان تراقبني هنا؟" سألته بتحفز ولكن لم يجيبها وظل صامتاً


"لا بجد جايلي بعد الوقت ده كله عشان تمثل على دور الساكت ده!! كفاياك برود بقا وفهمني ايه اللي جابك لندن؟!" سألته وقد علا صوتها نسبياً


فلم يجيبها مجدداً وظل يجول مثل الأسد السجين بقفصه وبعدها بمدة وجدته يقترب منها فخافت قليلا ورجعت للوراء ثم تقدم نحوها بغضب ووجدت نفسها ملتصقة بالحائط ويمسك بذراعيها والغضب يتطاير من رماديتاه


"كنتي فاكرة ايه اللي هيحصل وانتي مع واحد غريب وبمنظرك ده والوقت أتأخر؟!" صرخ بها


"وأنت مالك أنت؟" صرخت به هي الأخرى


"وأنا مالي؟!! صحيح، أنتي صح، ايه اللي يخليني اتدخل في حياة واحدة قالتلي بحبك وسابتني وهربت" فجأة عاد لبروده وبعد عنها وذهب بالقرب من النافذة وقد رأى أن خالد ذهب وسيارته لم تعد موجودة


"مش مكفيك كل اللي حصللي من تحت راسك وبسببك؟ جايلي ليه يا آدم؟ بتراقبني ليه؟ عايز مني ايه تاني؟" تبعته ثم صاحت سائلة ولكنه لم يجيبها وعاد له بروده وهدوءه مرة أخرى "آدم.. مش هاتفضل ساكت المرادي هتتكلم وإلا.."


"وإلا ايه؟ هاتعملي ايه؟ هتهربي وتسبيني تاني؟.." قاطعها بينما رماديتاه قابلت عيناها في ذلك الضوء الخافت الآتي من النافذة


"اخرج بره بيتي حالاً!!" صاحت به وقد تملكتها الجرأة تماماً ولم تخف مثلما كانت تفعل من قبل


تبسم آدم بسخرية ثم بدأ يتجول بصالة منزلها بينما تتابعه هي بنظراتها مطبقة ذراعيها ومتحفزة لجدال معه


"ممم.. اعمل فيكي ايه؟ أعاقبك إنك كدبتي عليا؟ ولا أعاقبك إنك خلتيني نكتة قدام نفسي عشان وثقت فيكي وصدقت فعلاً إن عمرك ما هتسبيني؟؟" سائلها بصوته الرخيم وكانت نبرته مليئة بالشر كمن يوشك على قتل أحد


"ممم..وأنا أعمل فيك ايع؟ أعاقبك إنك كدبت عليا؟ولا أعاقبك إنك خلتني نكتة قدام نفسي مليون مرة لأ وقدام الناس كلها؟" واجهته بجرأة


"تعاقبيني؟!" ضحك بسخرية "أنتي اتجننتي ولا نسيتي أنا مين؟" سألها بهدوء مرعب


"لا منستش ومش هانسى أنت مين يا آدم يا رأفت، عشان كده بعدت عنك.. هربت بعيد عن كل الناس اللي بحبها واللي أعرفها عشان حالة الرعب اللي بتجيلي كل ما كنت معاك.


منستش إنك أنت آدم رأفت اللي بيتحكم في كل حاجة وأي حد وعايز يسيطر على الدنيا باللي فيها من غير ما يفرق معاك بتأذي مين وبتعمل كل حاجة على كيفك ومزاجك.


منستش إنك أنت آدم البارد اللي عامل زي جبل التلج، حتى لو شوفت حد بيموت قدامك مش هترمش بعينيك مين ميت ومين عايش.


أنت آدم رأفت اللي مش فارق معاه واحدة بتحبه اوي أكتر من روحها ويتحايل عليها متسيبهوش وتمشي وبعدها بيوم يقضي ليلة مع واحدة مش محترمة وكمان كنت بتتباهى إنها نازلة من اوضتك ومبسوط اوي ولا فارق معاك!


مش هنسى أبداً آدم رأفت اللي عايز يتملكني زي أي حاجة عنده، أنا إنسانة مش جماد، أنا عمري ما هاقبل ده.. كفاياك بقا تحكم فيا وفي حياتي! " انفجرت بكلامها وبالرغم من احتياجها الشديد لأن تهرع إليه وتنسى كل شيء، كبحت إرادتها بأن تحتضن هذا الجبل الجليدي وليذهب خوفها للجحيم


وقف منصتاً ثم تدفق الدم برأسه وتملك الغضب منه لما سمعه للتو وخلل شعره بعصبية حتى كاد أن يقتلعه وحاول ألا يفقد سيطرته قدر الإمكان وابتلع بصعوبة ثم نظر إليها بعيون يتطاير منها الشر "ارجعي معايا يا شيرين ومش عايز اسمع نقاش!" بالكاد همس


"أرجع معاك!" ضحكت ساخرة من قوله "وكمان مش عايز نقاش؟" ارتفعت ضحكاتها ثم توقفت "اخرج بره وابعد عني، أنا مش عايزة أشوفك تاني" صاحت رغماً عنها بكلمات معاكسة تماماً لكل ما تشعر به ونظرت له كمن تريده أن يبقى وبدأت عيناها تدمع


تفحصت رماديتاه كل أنمله بها بدئاً من رأسها وشعرها حتى أخمص قدميها، ظل ينظر لها كمن يراها لأول مرة بحياته، تذكر تلك الملامح التي رآها منذ ما يزيد عن عامين بمكتبه وكأنها البارحة بينما لم تدري هي ما تلك النظرات وماذا يريد


"سـ ..سمعـ تني؟" همست بالكاد بحروف متقطعة بينما هو أطال النظر لعسليتاها الدامعتان وقد سيطر توترها عليها مثلما كانت دائماً


تثاقلت أنفاسه وبدأ في الإقتراب منها بينما حاولت الابتعاد إلي أن التصقت بالجدار خلفها ونظرت لرماديتاه بخوف


"لأ.. آدم.. أرجــوك" تلعثمت ولكنها فوجئت بأنفاسه على رقبتها ساخنة كالجحيم وقد فقدت سيطرتها على يديها فلم تستطع أن تدفعه بعيداً عنها


"وحشتيني" همس بالقرب من أذنها وأنفاسه تكاد أن تفقدها عقلها "تعرفي كنتي وحشاني ازاي الشهور اللي فاتت دي كلها؟ كنت عامل زي التايه من غيرك.. كفاياكي بُعد عني، كفاية بقا عذاب لغاية كده.."


أخبرها وهو يشتم شعرها موصداً عيناه ثم احتضنها ودفن وجهه بعنقها "أرجوكي ارجعي معايا.. متسبينيش.. عارف إني بعمل حاجات كتيرة انتي مش موافقة عليها بس أرجوكي ارجعي أنا مش قادر أعيش من غيرك، مش عارف اعيش من غيرك، مش هاقدر يا شيرين" همس بتألم وقد شعرت به شيرين


"أنا خايفة يا آدم" همست باكية "أنا بخاف منك، وبخاف من أني أكون معاك.. بخاف من قراراتك وتحكماتك اللي بكتشفها، كفاياك أنت وسيبني في حالي أرجوك" أخبرته ورغماً عنها يداها تطوقان ظهره وتقربه لها


"متخافيش واديني فرصة أخيرة" أخبرها وحاول جذب خصرها أكثر


"أنت دايماً بتخوفني.." انفجرت الدموع من عيناها ولمست برقة أسفل ذقنه ثم نظرت بعيناه اللتان أصبحتا رائقتان "لعمرنا ما هنقدر نكون مع بعض.. احنا مختلفين اوي يا آدم" همست ولكنه لم يتوقف على النظر لها كمن لم يستمع لشيء مما قالته وتثاقلت أنفاسه المتحاربة بصدره ثم مسح وجنتيها من الدموع ولم يستطع أن يبتعد عنها أكثر من ذلك فالتهم شفتاها ولم يقوى على البعد عنها.


فجأة وجدته يزداد عنفاً وبدأت في الشعور بالإختناق وحاولت دفعه بعيداً وبالكاد ابتعد كي يلتقطا أنفاسهم


"امـ ـشـ ــي" همست بحروف متقطعة


"مش قادر" همس وأنفاسه المتسارعة تكاد أن توقف قلبه ثم أقترب منها مجدداً يُقبلها وهي فقدت القدرة على أن تفعل أي شيء، لا تريده أن يبتعد، تريده بجانبها حتى الموت، لم تكترث لشيئاً حولها وسيطر عليها شوقها له..


"أنا وحشتك يا شيرين زي ما أنتي وحشتيني؟" همس بجانب أذنها ثم نظر لوجهها فرآها تومأ بالموافقة على سؤاله وعيناها مزمومتان تعتصرهما ويديها مستندتان على ذراعيه بوهن فتبسم ثم اقترب منها مجدداً ولم تدري لماذا لا تقوى على الوقوف ولم تحملها قدماها لتجده يحملها ذاهباً لغرفتها ثم أراح جسدها ووجدته فوق منها بالكاد تدرك شيئاً، هل يلثم عنقها أم يتحسس جسدها أم يُقبلها..


أغلقت عيناها فهي في عالم آخر، أياً كان ما يفعله فهي لا تريده أن يتوقف، تذكرت رائحته الممزوجة بالنعناع.. تلمست ذقنه النامية وشفاهه لتجده يبتسم، لم تريد أن تنظر حولها، أرادت أن تشعر بكل شيء معه بتلك اللحظة..


كم تمنت قربه هكذا دائماً، شعرت وكأنها بحلم ما، ولم تدري إلا بيده الساخنة تعري جسدها ففتحت عيناها لتجده عارِ الصدر وتعجبت متى خلع قميصه ثم ابتلعت ريقها وهي تلهث لتتعدل في جلستها ولم تعرف كيف صفعته لتجد غضبه كما لم تراه من قبل فتملكها الخوف من عيناه الغاضبتين وهي تلهث بشدة لتحاول التقاط أنفاسها وتحاول البعد عنه فرجعت للوراء وضمت قدماها لصدرها


"بقا كده!! ماشي يا شيرين! أنا هاوريكي أنا مين عشان تبقي تكرريها تاني!" أخبرها لتجد نظرة قاسية مرعبة بعيناه تتدفق كي يفتك بمن أمامه وشعرت بالرعب الشديد منه وندمت على ما فعلته وتمنت الموت بدلاً من ذلك.


:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


© 2019 by Batoul

الفصل 25

الجزء الخامس والعشرون


:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


نظر لها لمدة وحدق بعسليتاها المرتعبتان كمن تنظر لوحش ضاري وسيطر الوجل والفزع عليها وهي مازالت تبتعد عنه وتزحف للوراء حتى التصقت برأس سريرها وما ان حاول الإقتراب منها وجدها تصرخ


"لا آدم أرجوك.. امشي بعد اذنك" صرخت مرتعدة ووجها تحول للشحوب فهو لا يدري ولا يتخيل كم يخيفها، لم ينظر لوجهه بالمرآة عندما يغضب، لن يكن بمثل وضعها أبداً ولا بوضع أيا كان من أمامه..


ثقلت أنفاسه من شدة الغضب ثم نهض مخللاً شعره بحنق كمن يحاول أن يستعيد رشده، تذكر ما قاله لها، شعر بالخزي، فهي ليست أحدى عاهراته أو إمرأة تحاول أن تستغله مثلما عهد، فرغ بكل ما بصدره من زفير ثم تجول حوله كمن يبحث عن شيء وقد استغربت شيرين لما يفعله ولكنها ما زالت خائفة بعد ما أخبرها به ولتلك النظرات الشيطانية.


أعطاها ظهره ثم توجه للحمام فابتلعت ريقها وأنارت ضوء بالقرب منها ثم قربت الغطاء من جسدها الضئيل ثم سمعت صوت مياه فتعجبت


"وده جاي ياخد شاور عندي ولا ايه؟ ولا كمان عايز يتجنن ويوريني عصبيته بعد ما ضربته؟!! مجنون!" فكرت ثم تجمدت مكانها منتظرة وهي لا تقوى على التحرك وبعد قليل خرج والمياه تنساب على جسده فأنعش هذا بعض الذكريات لديها مثلما رآته بغرفته أول مرة ولكنها لا زالت خائفة ولكن ما إن نظرت لوجهه علمت أن ذلك الوحش الشيطاني بداخله يأخذ غفوة الآن.


تطلعت باقي جسده فلم تجده إلا بسرواله الداخلي مما أخجلها وبعث الحمرة لوجنتيها ووجدته يجفف شعره والمتبقي من قطرات الماء على جسده بمنشفتها لتصيح قائلة


"أنت ازاي تستخدم حاجتي كده؟! أنت مجنون؟" سألته ثم لعنت مفكرة "يوووه!! هيتعصب تاني"


"معنديش مانع أستخدم حاجتك بالذات لما تكون فيها ريحتك اللي دايماً كان نفسي أشمها كل الشهور اللي فاتت" أخبرها بهدوء تام بعد أن أخذ نفس عميق ليجعلها تتعجب


"الله! ده بجد مجنون، مش كان بيتخانق ومتعصب دلوقتي؟ ولا كان بس بيلعب بأعصابي عشان يجنني!! الله يحرقك يا لوح التلج أنت"


فكرت قليلاً وتمنت صفعه مرة أخرى ولكنه قد يقتلها لذا لزمت الصمت وتطلعت فقط لما سيفعله..اقترب منها ثم نزع الغطاء عنها وهو يبدو متسلطاً للغاية ثم قدم يده لها فلم تفهم ما عليها فعله فنظرت له بأعين متسائلة فأومأ لها كي يطمئنها


"يالا.." آمرها بلطف فابتلعت ريقها وهي لا تدري ماذا سيفعل بها ولكن رماديتاه الرائقتان هكذا وملامح وجهه الهادئه قد شجعتها قليلاً فوضعت يدها بيده على حذر ثم جذبها برقة فنهضت معه والخجل يطغى عليها وهو هكذا بجانبها شبه عارٍ و ذهب معها ليقفا أمام خزانتها ونظر يبحث بين ملابسها ثم أختار لها رداء نوم


"البسي ده" آمرها مجدداً "ولما تخلصي قوليلي" أخبرها ثم ترك الغرفة وغادر للخارج


زفرت كمن كاد أن يُلقى حتفه مختنقاً ثم بدلت ملابسها ونظرت لنفسها بالمرآة فالرداء ليس بفاضحاً فتعجبت ماذا يريد أن يفعل بها.


توترت قليلاً ثم رفعت شعرها للأعلى وخرجت تبحث عنه فوجدته مستلقياً على الأريكة، أقتربت لتركع بجانبه لتدرك أنه نائم ويبدو عليه الإرهاق والتعب، لاحظت إنتظام أنفاسه فعلمت أنه لا يتظاهر بالنوم، تطلعت لوجهه النائم لازال كما عهدته من قبل ملامحه المشدودة كمن يتألم، عقدة حاجباه، أنفه الحاد، طريقة زمه لشفتاه، ذقنه البارزة، بروز تفاحة آدم بعنقه، ظلت تنظر لها ولم تدرك متى تحركت يدها لترفع بعض خصلات شعره المبتلة التي سقطت على جبينه بعفوية ففتح عينه عندما شعر بوجودها بجانبه ونظر لها فتوترت مجدداً،


"أنا.. مكنتـ.. أقصـ.. مكنتش أقصد أصحيك، شكلك تعبان اوي" بالكاد نطقت بجملة بعد تلعثم


"أنا تعبان اوي بسبب واحدة عنيدة جننتني ومش عايزة تكون معايا!" همس ثم تنهد ونهض من مكانه ومسك يدها ليجعلها تنهض هي الأخرى ثم جذبها للغرفة مجدداً فتوترت وارتعشت يداها


"متخافيش، هننام دلوقتي ونشوف موضوع القلم ده بكرة.. أظن بكرة أجازتك مش كده؟؟" سألها لتومأ له بالقبول فأكمل "تمام، الناحية اليمين ولا الشمال؟"


"أنت هتنام جنبي.. آدم.. أنت حرفياً يا دوبك لابس حاجة.. وأنا مش.."


"مش ايه؟ مش هتقدري تبعدي ايدك عني ولا..؟" سألها بإتسامة خبيثة لتحمر وجنتاها وبالكاد تسيطر على ابتسامتها وتجيبه بسرعة


"لا أكيد مقصدش كده بس.."


"أرجوكي يا شيرين أنا مُرهق اوي ومظنش إن هدومك هتدخل فيا اصلاً.." سكت لبرهة وتنهد "أنتي وحشتيني اوي، صدقيني مش هاعمل حاجة، أنا عايز بس أكون جنبك" أخبرها ثم نظر إليها كمن ينتظر موافقتها


"ماشي" تنهدت ثم قابلت عسليتاها رماديتاه ببراءة "أنا بحب الناحية الشمال"


"شمال!! وأنا كمان طول عمري بحب الشمال" أخبرها ونظر لها في خبث وفجأة اسدل شعرها ولم ينتظر لثانية حتى توجه واستلقى على السرير "بس النهاردة خلاص حبيت اليمين.. ايه مش هتنامي؟" سألها بينما سحب الغطاء وجهز الجزء خاصتها، ولكنها توجهت وامسكت بمجفف الشعر


"لازم تنشف شعرك بدل ما تاخد برد" أخبرته ليستجب إليها ثم وضعته بالقابس الكهربي وقدمته له


"نشفيه أنتي ما دام قلقانة وخايفة عليا اوي كده!" قال مقلداً اياها لتتنهد هي وتجفف له شعره ولأول مرة قد تأتي لها الفرصة كي تتلمس شعره الذي تحبه هكذا.


وما إن انتهت وضعت مجفف الشعر بمكانه وذهبت له ثم استلقت بجانبه بتوتر فدثرها بالغطاء وأطفئ الأنوار وجذبها كي تستلقي على صدره وأحاطها بذراعه وهي كاد أن يقتلها التوتر


"أنت جيت ليه يا آدم؟" همست سائلة


"عشان وحشتيني" اجابها بخفوت ثم قبل جبينها وراح في ثبات عميق


نظرت له ولملامحه التي اشتاقت لها كثيراً، استمعت لدقات قلبه، استنشقت تلك الرائحة التي لطالما اشتاقت لها الفترة الماضية لتفكر


"يا ريتني قابلتك وعرفتك من وأنا صغيرة، يا ريتك دايماً هادي كده، أوووف بقا، أنا شكلي مش هاقدر أبعد عنك تاني، ده أنا بالعافية اخدت القرار بعقلي وخرست قلبي اللي بيتمناك أكتر من أي حاجة في الدنيا، أنا هربت بعيد عشان مشوفاكش صدفة حتى!! بس دلوقتي استحالة أقدر ابعد ولو لثانية واحدة!!"


رُسمت على شفاها ابتسامة صغيرة وتمنت ألا تبتعد عنه أبداً، تمنت لو كان آتى مبكراً وأن يعيدها معه، لا تريد ولا تحتاج إلا هو.. وليذهب خوفها للجحيم!!


شعرت بالأمان ولم تريد أن تغلق عيناها وتحرم عسليتاها من مطالعة كل إنش بوجهه حتى غلبها النوم رغماً عنها. بعدها بما يقارب الساعة استيقظت لتجده يحاوط خصرها بكلتا ذراعيه كالمتشبث بطوق نجاته في الحياة، فتبسمت ثم نامت مجدداً مطمئنة كما لم تفعل من قبل.


أستيقظ قبل السادسة بقليل لينظر لتلك الملاك النائم بجابه ليُقبلها على جبينها على حذر حتى لا يوقظها وبهدوء حاول أن ينهض من جانبها ثم حدق بها وتمنى لو استيقظ على هذا الوجه البريء كل يوم، لأول مرة بحياته يشعر بمثل هذا العشق لشخص على وجه الأرض، حتى تذكر عندما وقع بالحب مرة سابقاً لم يشعر هكذا، هو أحب تُقى ولكن لم يُفكر بأن يتزوجها ظاناً أنهما مازالا صغيرين، لم يتمنى أن يكن لديه طفل أو طفلة تُشبه تقى مثلما يتمنى هذا مع شيرين، يريد ملامحها بكائن صغير يحمل كل ما بها حتى عنادها وإصرارها على كل ما تريده..


تذكر ما فعله بالأمس وكيف كان رده لاذعاً عندما صفعته بكل ما أوتيت من قوة ولكن عندما تذكر الرعب والفزع بعيناها ودموعها التي لم تتوقف ندم حتى كره نفسه وتمنى أن يُصبح ميتاً.. قرر ألا يغصبها على شيء مجدداً، قرر أيضاً أنها تستحق الكثير، وعد نفسه ألا يبالغ بسيطرته كما أنه سيحاول أن يُعاملها ببعض المنطقية والصبر.. فهو يعلم جيداً أنه ليس من السهل احتماله


"أنا جيت ليه الدنيا أصلاً؟! مين أنا عشان أجرح اللي بحبها وبيتمناها قلبي كل ثانية؟!" تمتم ثم اقترب منها يشتم رائحة شعرها الفحمي الذي عشقه حد الثمالة ثم نهض وأجرى بعض المكالمات الهاتفية لأنه يحتاج لملابس وكذلك طعام، فهو لم يجد أي شيئاً بمبردها، كما تحدث أيضاً إلي زينة قليلاً حتى يطمئن عليها ويخبرها كم هو سعيد الآن بمجرد رؤيتها ولكنه أبقى التفاصيل لنفسه.. فبالرغم من مدى قربها منه هو يغار من أي مخلوق كان ولا يريد أن يشارك أي شيء يتعلق بعلاقته مع شيرين لأي أحد.


أقلقها رائحة سجائره لتحاول فتح عيناها ببطء فوجدته جالس في ظلام الغرفة


"صباح الخير" همس بصوته العميق


"صباح الخير"


"نمتي كويس؟"


"اوي.. عمري ما نمت وأنا مرتاحة كده" أجابته بينما غطت وجهها بكفيها الصغيرتان بسبب ما تفوهت به منذ قليل


"أنا كمان، ومفيش داعي لكسوفك ده على فكرة" أخبرها مبتسماً


"هي.. هي.. الساعة كام؟" تسائلت متلعثمة محاولة تناسي ما قالته للتو


"تمانية إلا.."


عدلت من جلستها لتنظر له وقد ارتدى ملابس مخالفة لما ارتداه الليلة الماضية ويبدو عليه الانتعاش، تعجبت من أين آتى بتلك الملابس ولكن بالطبع هو يفعل أي شيء!! تطلعت لملامحه الهادئة للغاية ويبدو عليه شيئاً يثير الريبة!! "هو فعلاً مبسوط؟!! آدم رأفت مبسوط!! أنا أكيد بحلم !!" لم تصدق عيناها


"عايزة تنامي تاني؟" استفسر منها لتومأ له بالرفض "ممم.. تعرفي.. شعرك كده حلو اوي وشكلك كمان حلو وهو كده"


هرعت للمرآة لتنظر لنفسها لتجد شعرها اشعث وغير مرتب لتتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعها وسمعت صوت ضحكاته تعلو من رد فعلها ثم نهض وتقدم نحوها


"مش قولتلك حلوة" مسك يدها الاثنتان ثم نظر لها بحب لم تعهده من قبل فتعجبت ثم ضمها لصدره في عناق تمنت لو دام طوال ما حييت ثم قبلها على جبينها "يالا عشان نفطر" جذبها بخفة وتبعته لتشاهده قد أعد الطعام والقهوة أيضاً


"أنت اللي عملته؟" صاحت متعجبة


"تقصدي الفطار؟!" سألها لتنومأ له "آه أنا اللي عملته"


بدأت في تناول الطعام لتجده رائعاً فلم تتذوق مثله من قبل "اوووف يخربيت الجمال!! ده حتى أحلى من أكل فاطمة! ازاي عرفت تعمله كده؟" سكتت قليلاً ثم تذكرت أنها لم تحضر طعاماً منذ مدة "لحظة واحدة!! أنت جيبت الأكل ده وبعدين عملته؟" تعجبت سائلة


"ايوة.. وعلى فكرة ده اللي مبيبطلش شتيمة لو مبطلتيش تشتمي" حذرها برقة بينما لمس شفتاها بسبابته بلطف مداعباً إياها


"ممم... آدم شكراً" شكرته وأومأ لها وظل ينظر لها بينما تناولت كوب قهوتها لتستنشق رائحته


"متقلقيش.. مفيهوش لبن، أنا فاكر أول مرة كنتي بتدوري على الـ Creamer ومبتحبيش طعم اللبن في القهوة!" نظر لها بينما عقد ذراعيه ووقفته الشامخة المعتادة تثير جنونها، فأخذت تصنع له شطيرة ثم توجهت نحوه


"يالا عشان تاكل انت كمان" قدمتها له بينما أومأ بالرفض فتركته وذهبت لغرفة الجلوس ليتبعها وجلس بجانبها على الأريكة


"شيرين.. مبحبش حد يقولي أعمل ايه.. وكمان مش عايز اكل"


"هتآكل يا آدم بمزاجك أو حتى غصب عنك" صاحت بتحفز ليجدها تجلس على ركبتيها وتقدم له الطعام رغماً عنه فاضطر أن يأكل بين ضحكاته وقد اعتلته حتى أصبحت تواجهه فنظر لها وهي تطعمه وقد انتهى من الشطيرة بأكملها ثم لم يدركا إلي متى ظلا يحدقا إلي بعضهما وتثاقلت أنفاسهما كما لم يدري أياً منهما متى حاوط خصرها بيداه الاثنتان، كم تمنيا لو توقف الوقت حولهما، كم عشقت تلك الإبتسامة التي لم يمهلها القدر أن تراها من قبل، وكم عشق هو قربها منه..


"مش هاتروحي تاخدي شاور ولا حابة تعيدي اللي حصل امبارح؟" سألها بقليل من الخبث والدعابة ليجدها تحمحم وتنهض لتبتعد عنه مسرعة وتسمعه يصيح خلفها "أنا على فكرة معنديش أي مانع نكررها ونزود عليها كمان" تفرقت شفتاها من دهشة ما سمعته ووسعت عيناها ثم فرت مسرعة للحمام لتتمتم


"سافل!!"


لم تتوقف عن الابتسام ولو لثانية واحدة، لا تعلم ولا تدري لما هي سعيدة هكذا، نست سبب مجيئها للندن من الأساس


"لو بس يبطل سيطرته الزايدة عن اللزوم ديه! طبع هباب، بس لو يبطله كل حاجة هتكون تمام" تمتمت بينما استمتعت بانسياب المياة الساخنة على جسدها وظلت تفكر بكل لحظة اقترب منها، كيف قبلها وكيف نام بالقرب منها طوال الليلة الماضية، تلك الابتسامة التي تكاد أن تفقدها عقلها، إعداده للطعام لها، ولأول مرة شعرت بأنها شخص مهم لدى أحد!


سمعت طرق على باب الحمام "ناوية تفضلي جوا طول اليوم ولا ايه؟!" صاح متسائلاً


"خلاص اهو قربت أخلص" أجابته ثم تمتمت لنفسها "وهو ماله خلصت ولا لأ!! متحكم بشكل بشع!!" أغلقت المياه ثم التفت بمنشفة


"يخربيتك يا شيخة.. مش معقولة وحشتيني كده وأنتي مبعدتيش عني إلا كام دقيقة بس!" تمتم نافثاً دخان سجائره ببطء فوجدها خرجت أمامه لتشاهده جالساً على الأريكة وهالة دخانه تحاوطه وينظر لها ولا يرمش له جفن وظلت رماديتاه تتفحصها فاقتربت منه


"عايزة.. عايزة البس هدومي!" أخبرته بخجل


"ما تلبسي.. ايه اللي مانعك" اجابها بخبث


"آدم!!" صاحت به


"ايه؟!" نظر لها متسائلا وتظاهر بالغباء


"استناني برا لو سمحت.. مش هاينفع البس كده قدامك" اخبرته وقد تحول وجهها للحمرة


"وليه مش هاينفع؟" ابتسم لها بخبث لتتحفز هي


"آآدم!!" صرخت به ثم ضربت الأرض بقدمها وغضبت منه


"خلاص، خلاص" قهقه لها ثم أكمل "حاولي بس تلبسي حاجة مريحه عشان قدامنا يوم طويل" أخبرها وكاد أن يذهب فأوقفته


"أيه ده اجنا رايحين فين؟" سألته بينما تلمست ذراعه


"مش هاقولك.." أجابها ثم نظر لها برماديتان تكاد نظرته أن تعريها من تلك المنشفة


"آدم أرجوك" ترجته بطفولة وحاوطت رقبته بيداها "قولي بقا!"


"حاولي متلمسينيش لغاية ما نمشي، أنا فعلاً مضمنش نفسي قدامك!! أنتي خطر عليا وعلى نفسك على فكرة، ده طبعاً في حالة لو مكنتيش عايزة تضربيني بالقلم تاني يعني" أخبرها بخبث وحنق لتتوسع عيناها وتبتلع بصعوبة، أخفضت يدها بسرعة


"خلاص، خلاص.. أنا هاخلص وأجيلك" أخبرته بينما غادرها ووصد الباب خلفه لتبتسم بخجل خلفه ثم توجهت مسرعة لخزانتها وأختارت بنطالاً أسود ضيقاً وكنزة صوفية بيضاء وحذاء برقبة طويلة، صففت شعرها لتجعله منسدلاً كما يحبه آدم ووضعت قليلاً من مستحضرات التجميل، وبعدها أخذت معطفها الأسود وخرجت لتجده جالساً بهدوء


"يالا بينا" صاحت لتجده ينظر لها بحب


"أنتي جميلة اوي يا شيرين" أخبرها ولم يدري كيف فعلها فهو ليس معتاداً على قول تلك الأشياء لتحمر خجلاً مما سمعته وتبتسم


"شكراً"


تبعته حتى رأته يتوجه لسيارة Porsche سوداء بالكامل وتظن أنها أحدث موديل قد صدر منها لتبتلع ريقها بصعوبة "مش العربية دي اوفر شوية؟" قابلت رماديتاه بنظرة متعجبة


"اوفر في ايه؟" سألها ببرود لتهز رأسها بإنكار ولم تغادر الإبتسامة شفتاها منذ الصباح ثم تقدمها وفته لها باب السيارة فدخلت ثم وصده وصعد بجانبها ثم انطلقا بطريقهما.


حاوطهما الصمت لفترة وكل منهما يسرق النظرات للآخر، يحمر وجه شيرين بين الحين والآخر لا تدري لماذا كأنما تجلس معه بالسيارة لأول مرة بحياتها بينما هو لم يشعر أنه بحاجه لسجائره أو إلي أن يحتسي الخمر، يشعر براحة وهدوء لم يعهدهما من قبل، لم تطرق السعادة باب قلبه من قبل أمس، فقط البارحة بدأ كل شيء بالاختلاف، نومه اختلف، تفكيره اختلف، حتى طريقة معاملته مع الناس أختلفت، لم يُدرك قبل هذا أنه كان خاطئ طوال السنوات الماضية، بل تمنى لو أعطى نفسه مثل تلك الفرصة وتقبل شيرين كما هي، كانا سيكونا الآن بوضع أفضل.


"مش هتعرفني احنا رايحين فين؟" سألته لتحاول كسر الصمت


"خليها مفآجأة.. ساعتها هاعرف عجبتك ولا لأ" أجابها بنظرة لعوب ثم توقف عند محطة قطار وخرج من السيارة ثم توجه ناحية الباب الآخر وفتحه حتى تتبعه شيرين فتعجبت بينما تترجل من السيارة وتبعته حتى ركبا بالقطار


"ايه ده، اسكتلندا، احنا هنعمل ايه هناك؟!" تعجبت بدهشة


"هنقضي اجازتك هناك" اجابها ببروده


"لا بجد أنا متوقعتهاش دي.."


"عمرك ما روحتيها قبل كده؟" سألها لتهز رأسها بالنفي ثم دام الصمت بينهما بينما جلست بجانبه بغرفة في القطار وحدهم وبدا منشغلاً بشيء ما على هاتفه


"بتعمل ايه؟"


"بتابع شوية حاجات، السكرتير الجديد ده مبيعرفش يتصرف ولا يتزفت يعمل اي حاجة"


"عين حد غيره طيب" أخبرته بعفوية


"فاكراني محاولتش، صدقيني كلهم أسوأ من بعض" سألها ثم هز رأسه مستنكراً وأطفأ هاتفه ثم نظر لشيرين التي بدأت أن تطالع المناظر الخلابة على الطريق


"هنروح فين في اسكتلندا؟" استفهمت بينما مازالت تتابع الطريق


"Balloch وبعدين Loch Lomond"


"حلو اوي الكلام ده.. أنا بجد معرفش الأماكن دي ولا سمعت عنها، طب وبعدين هنعمل ايه في Loch Lomond؟"


"ممم.. هنشوف"


"أنت عنيد بشكل فظيع!!" أخبرته بحنق لتلتفت له لتراه قريباً منها وتكاد المسافة تنعدم بينهما، رماديتاه تكاد تكون شفافة وملامحه هادئة بشكل لم تعهده فنظرت له بحب ولم تستطع أن تقول شيئاً.


بعد دقيقتان شعرت بالإحراج والخجل من مدى قربه لها وتوترت فتبسم لخجلها ثم حاوطها بذراعه وأراحت رأسها على صدره


"أنت وحشتني اوي" همست وقد سمعها جيداً ليبتسم بقليل من المرارة ولم يقل شيئاً فقط زاد من قوة ضمه لها لتغمض عيناها قليلاً وتهمس سائلة


"أنت جيت عشان ترجعني معاك؟"


"لا" اجابها باقتضاب


"تقصد أنك هتسيبني وهترجع؟" تعجبت بقليل من الدهشة


"هنشوف"


ظلت تفكر شيرين بردوده المقتضبه وهدوءه الغامض الذي عاد فجأة مما شوش أفكارها، هو لا يُجبرها على شيء وبنفس الوقت يعاملها بلطافة لم تعهدها، لم تدري ماذا يفعل وما هي خطته.


فكر آدم هو الآخر بما سيفعله، لم يهتم ولم يكترث إلا أن يراها ويبقى بجانبها فقط ولكن لن يظل معها ويترك كل شيء


"لازم هي اللي تقرر ترجع ولا لأ.. أنا هاسيبها المرادي تختار وعمري ما هاجبرها على حاجة" استقر تفكيره بما سيفعله وأخذ قراره بأن يدعها وشأنها حتى تقرر هي بشأن العودة له، بالرغم من تسلطه وتحكمه وسيطرته ولكنه هذه المرة أراد أن يراها وهي تفعل شيئاً من أجله.


بعد مرور ما يزيد عن أربعة ساعات بالقطار وبعد استقلالهم قطار آخر من Balloch وصلا Loch Lomond ثم استقلا يخت ووجدت نفسها معه وحدها لا شيء يحيط بهم غير المياه وتلال خلابة المنظر


"المكان حلو اوي يا آدم" أخبرته بإبتسامة بينما هو يقود اليخت


"كويس" اجابها بإقتضاب بينما شعر بالسعادة لأنه يراها تبتسم بسببه


ظلا بطريقهما بينما تشاهد شيرين الطبيعة الساحرة من حولها واستمتعت بالهدوء وصوت البحيرة فهي لم تتوقع أن تمضي يوم مثل هذا لتجده أوقف اليخت واختفى قليلاً ثم عاد بغطاء في يديه وجلس على أريكة على سطح اليخت لتذهب إليه وتجلس بجانبه فحاوطها بالغطاء


"شكراً " شكرته ليومأ لها بإبتسامة ثم حدقت به قليلاً "بتفكر في ايه؟ شكلك كده بتفـ.."


"مفيش" اجابها وهز رأسه


"يالا بقا بلاش الحركات بتاعت هدوء ما قبل العاصفة دي وقولي بتفكر في ايه!" أخبرته ليبتسم


"بفكر ارجع امثل، بقالي وقت كبير مظهرتش في ولا فيلم، أو بفكر أعتزل خالص!"


"تعتزل!!" صاحت بدهشة "ليه؟ أنت ممثل شاطر يا آدم، لازم تكمل"


"أنا مليت يا شيرين، وفجأة هلاقي نفسي عندي اربعين سنة و.."


"أولاً شكلك أصلاً مجابش تلاتين سنة، فمتقلقش من موضوع الشكل لأنك أصلاً ملامحك جذابة اوي و.."


"بجد شايفة إني جذاب اوي؟" قاطعها سائلاً لتشعرهي بالخجل وتتورد وجنتاها


"ايه؟.. آآه.. شكلك صغير وعندك تلاتين سنة" حاولت أن تتناسى ما تفوهت به من قليل


"لأ.. متتذاكيش عليا! أنتي شايفاني جذاب، آه ولا لأ؟!" أخبرها بخبث وابتسامة تكاد تقتلها


"ممم.. أظن" لم تدري ماذا تقول وحمحمت "الكل شايف كده"


"الكل!! آآه!! وده بقا عِند ولا كسوف؟" تفحصها برماديتاه سائلاً


"ممم.. الثانية.." أجابت بتوتر لتتعالى ضحكاته


"وايه كمان؟" اقترب لها بخبث في عيناه


"ممم... متحكم" اجابته بعد أن نظرت عيناها للأعلى في براءة "وبتحب السيطرة، لا هو أنت مجنون بموضوع السيطرة ده بس تعرف ساعات بتكون رقيق أحياناً.. ممم.. عصبيتك كل مرة بتزيد عن اللي قبلها، وبتعرف كده تبص بطريقة مرعبة بتخلي اللي قدامك نفسه الأرض تنشق وتبلعه.. وبردو بتعرف تعمل أكل حلو اوي"


"أنا ورقيق؟ طب ازاي؟"عقد حاجباه متعجباً


"معرفش.. بس شوفت الموضوع ده منك كذا مرة" هزت كتفاها


"معاكي أنتي بس"أخبرها آدم بجدية بعد أن سكت قليلاً ثم غادرها لتتعجب لذهابه هكذا فجأة وحاولت أن تعرف ما يفعله فلم تستطع فهو يبدو بتلك الكابينة يفعل شيئاً ما فأخذت تتفقد هاتفها فلم تجد شيئاً به فأخذت تتطلع المكان حولها وقد شردت به تماماً بإبتسامة سعيدة


"أنا خلاص مبقتش هاقدر ابعد عنها!! مش ممكن اللي بيحصلي ده!! ازاي هاقدر امشي واسيبها بعد كل ده" خلل شعره بعصبية مُفكراً فقد آلمه كيف تتحكم به وتسيطر على عقله وعشقه لها لم يدعه لأن يلبث ثانية إلا ويقتله شوقاً لها حتى وهي بالقرب منه


أكمل صنع شراب الشوكولاته الساخن وعاد إليها مرة أخرى وبوجهه القليل من التجهم وقد ناولها الكوب الخاص بها


"شكراً.." شكرته بإبتسامة عذبة ليومأ لها بإقتضاب "مالك يا آدم، أنت كويس؟"


"كويس اه" اجابها بغموض وظل ينظر في اللا شيء بشرود


"لا!! أظن أن فيه حاجة، اتكلم وقولي مالك"


"انتي بقيتي رغاية اوي!!" اخبرها بجفاء لتعقد حاجبيها وقد حزنت لما قال فتنهد آدم ثم واجهها


"أنتي السبب يا شيرين، أنتي السبب إني مش كويس، عشان عمري ما اتصورت إن فيه واحدة ممكن تستحوذ عليا وعلى تفكيري وتخليني مفكرش غير فيها، محدش بيوحشني غيره، مقدرش ابعد عنها ولا أعيش من غيرها!..


تعرفي؟!! الفترة اللي فاتت دي كلها أنا مبشتغلش غير وأنا شايفك قاعدة جنبي، بتخيلك بكل تصرفاتك وحركاتك وملامحك اللي بتجنني، بفتكر الأوقات اللي كنتي بتعصبيني اوي فيها بكلمة واحدة بس منك والقرارات اللي اتعودتي تخديها.. عمري ما كنت كده يا شيرين مع أي حد في الدنيا غيرك أنتي وبس، كنت رافضك في البداية وبعدين معرفش ايه اللي حاصلي بعد كده..


من أول يوم شوفتك في مكتبي وبعدين.. وبعدين.." تلعثم ولم يُكمل حديثه ليغضب وتتثاقل أنفاسه وينهض بعصبية مخللاً شعره لتتبعه شيرين وتلمس ذراعه حتى ينظر لها


"أنت شايف إني مستحقش ده؟!" سألته ببراءة وتوتر


"أنا وثقت فيكي اوي يا شيرين وأنتي.." تريث قليلاً "أنتي سيبتينيي! مرتين!!" اجابها بحنق


"مكنتش عارفة أتعامل معاك ازاي.. اللي أقصده أنك كنت.. أنت.. أنت كنت دايماً بتخوفني حتى ولو أنا واثقة فيك، تصرفاتك الغريبة دي ، وعصبيتك اللي ملهاش مبرر وطريقتك اللي بتكلمني بيها عمرها ما كانت هادية أو حتى بتحاول تفهمني حاجة، أنت بس كنت عايز تسيطر على كل حاجة ومكنتش عايزني أخالف أي حاجة تقول عليها حتى لو أنا رافضاها، وأنا كنت خلاص جبت أخري وصممت واخدت قرار إن عمر ما حد هيتحكم في حياتي تاني حتى ولو بحبه بجنون.. وكان واضح اوي أنك مش قابل شخصيتي عشان كده مشيت وسيبتك لأن عمر ما هيبقا فيه فايدة من حياة اتنين مش قابلين تصرفات بعض وشخصيات بعض، واحنا مكناش بنعمل حاجة غير الخناق والمجادلة طول الوقت"


"بس أنتي مشيتي في الليلة اللي قولتيلي فيها إنك بتحبيني!!" صاح بها بقليل من الحدة


"تعرف يا آدم، الليلة دي كنت خلاص هامشي بجد بس بعد اعترافي ليك رجعت بيتي وكنت بفكر إني اخدت قرار غلط وإني المفروض أفضل جنبك لأني فعلاً بحبك، وكنت خلاص هالغي السفر بس.." سكتت عن الكلام وقد نفذ صبره


"بس ايه يا آدم؟"


"أكتشفت أنك بتراقبنيفي بيتي.. مهما حاولت أثق فيك وأنك هتسبني أتحكم في حياتي بلاقي إن كل ده مجرد خيال"


"راقبتك بعد ما قررتي تسيبيني وتمشي.. مقدرتش أستحمل تكوني بعيدة" أجابها وقد بدأ غضبه يزيد


"لا بجد سبب مقنع عشان تراقبني لدرجة إنك تدخل في خصوصياتي!" اخبرته بسخرية


"يا شيرين ليه مش مصدقة إني مكنتش مستحمل إنك تبعدي عني وخايف تسيبيني؟"


"ويا آدم أنت ليه مش مصدق إني مكنتش مستحملة إنك تبعد عني وخايفة تحكماتك وتصرفاتك تزيد؟"


"لا بجد!!" تبسم ساخراً "تصدقي إني غبي.. أصل أنا اللي سيبتك ومشيت"


"لو سمحت بلاش أسلوب الإستهزاء ده وحاول تراعي اللي بحتاجه واللي مبقبلهوش" قالت لتتركه بغضب ثم جلست على الأريكة فتبعها ليخلع عنها ذلك الغطاء ويحاوطها بذراعه وفوقه الغطاء


"تعرفي!!" ضيق عيناه ثم نظر لها "أنا اتغيرت عشانك اوي يا شيرين، وهتتأكدي بنفسك، كل اللي حصل بقا ماضي خلاص! وإذا كنت جرحتك أو بالغت في عصبيتي عليكي أو أي حاجة عملتها فأنا بعتذرلك، أنا آسف" أخبرها لتفكر قليلاً بما سمعته للتو، ها هي قد حاولت إغضابه ولكنه لم يتظاهر بالبرود والعند وقد أهدأ من غضبه


"تمام" همست "وأنا بردو بعتذرلك على كل حاجة ضايقتك فيها.. أنا آسفة" أخبرته ثم نظرت له ببراءة


"ورحمة أبويا أنتي عنيكي دي هتموتني في يوم من الأيام" هز رأسه وتنهد بينما لم يستطع على مواجهة برائتها


"هاكون أنا اللي هموتك.. مادام مش حد تاني اتطمن" مزحت ثم رفعت حاجبها بتحفز ليضحك هو ثم أراحت رأسها على صدره وكادت أن تغيب الشمس فجلسا يشاهدا هذا المنظر الخلاب سوياً


"آدم.." نادته هامسة


"نعم يا حبيبتي"


"فاكر يوم الحادثة؟" سألته بهدوء


"آه اليوم المشؤوم!! ماله؟" اجابها بحدة وحنق


"اليوم ده الصبح كان فيه بنت ومشيت قدامي.. هو ممممـ.. أنت وهي يعني عمـ.."


"أنتي لسه غيرانة؟!" صاح متعجباً


"أنا مكنتش غيرانة.." سكتت لتجده مطأطئ رأسه لينظر لها بحضنه "مممـ.. بصراحة يومها حسيت بالغيرة وكان نفسي أموتك وحسيـ.."


"متقلقيش، مفيش حاجة حصلت يومها، هي كانت سكرانة وخليتها موجودة في البيت للصبح.. بس اللي متعرفيهوش إنك سيطرتي على تفكيري لما جيت أقرب منها، مشوفتش غير وشك قدامي، ومقدرتش أنام ليلتها على ما أفتكر، حتى يومها مسبتينيش أظبط نفسي مع إنك كنتي بعيد، وتاني يوم استخسرتي فيا بوسة بريئة" أخبرها الأخيرة بخبث


"يا سافل.. روح أعمل اللي أنت عايزه مع اللي تختارها.. روح بقا ظبط نفسك بعيد عني يا قليل الأدب يا حيوان" قالتها بشيء من العصبية وكادت أن تغادر بينما جذبها بذراعه فلم تستطع النهوض


"طب ايه رأيك في شيرين عصام؟" سألها متبسماً لتعقد هي حاجبيها وهي حقاً لا تفهم ما الذي يريده ولازالت منزعجة منه


"مالي؟ فيه ايه؟"


"عايز اظبط نفسي معاها؟ ايه رأيك؟" نظر لها بخبث وتلك النظرة التي تُعريها تخترقها


"يالا يا سافل! نجوم السما أقربلك" اجابته وضربته بخفة ليقهقه وقد أدركهما الظلام ليُخبرها


"طب يالا عشان تروحينا"


"ايه؟ اروحنا ازاي يعني؟.. أنت تقصد ايه؟ أنـ.."


ضحك بهيسترية عندما رأى خوفها وتوترها "تعالي تعالي هاعلمك"


"سخيف!" تنهدت مطمئنة بعد تأكدها أنه يمزح معها


"مش هتبطلي تشتمي بقا؟" سألها لتنظر له بغضب فجذبها من يدها ليوقفها أمامه "امسكي كده وثبتي ايدك هنا، وبعدين تـ.."


لم تستمع لحرفاً مما قاله ولم تستطع أن تفكر بقربه هكذا، تثاقلت أنفاسها كلما أقترب منها ليهمس بجانب أذنها فوضعت يدها على المقود حتى تستند به وحاولت أن تستعيد توازنها ثم التفت لتواجهه


"بص أنت مش عشان أنا شايفاك حلو أوي تفضل تعمل حركاتك دي أنا مبعرفش أركز" انفجرت بالكلام ثم وضعت كلتا يداها لتغطي وجهها الذي تحول للون الجمر مما تفوهت به فسمعته يضحك


"طب يالا يالا.. خلاص وصلنا"


نظرت شيرين حولها لتجد أنهما مازالا بالماء وبالقرب منهما كوخاً لتسيطر عليها الدهشة "احنا هنبيت هنا؟" سألت ليومأ لها


"مش ممكن! حلو أوي" صاحت ثم جرت حتى تذهب له فتمتم آدم خلفها


"مش هتبطل تسبني وتمشي أبداً" تمتم بيأس ثم صعد خلفها فرحاً لتحمسها وسعادتها وبمجرد دخولها أحبت المكان وصرخت كالطفلة الصغيرة..


"آدم.. المكان حلو اوي" أخبرته وظلت تتجول به ولاحظت أنه مكون من غرفتان ومطبخ وحمامان وغرفة جلوس بها مدفأة وكذلك شرفته الخارجية رائعة وتطل على الماء مباشرة، وعند دخولها آخر غرفة التي من الواضح أنها ستكون لها وجدت الغرفة بأكملها مزينة بالورود وهناك علبة تبدو فخمة على سريرها لتقترب منها بصدمة وتطالع ما فيها لتجد مفتاحا وعقداً وقلم، قرأت ما بالعقد لتجده حق امتلاك هذا الكوخ فتصلبت مكانها لدقائق لتجد آدم يدخل عليها الغرفة


"ايـ.. أنت.. ايه ده يا آدم؟"


"هديتي ليكي"


"ليه؟.. أقصد إنه.." تلعثمت وقد شوشت أفكارها فاقترب منها ليمسك بيدها ويُقبلها


"أنتي تستحقي أكتر من كده كمان.." ابتسم لها "ويمكن تيجي هنا كمان عشان تقضي فيه اجازاتك" أخبرها ثم تلاشت بسمته لمجرد التفكير أنها ستظل بلندن


"طب ولو رجعت؟؟!" سألته ليُصدم بما قالته ونظر إليها بتعجب غير مُصدقاً ما قالته للتو

 الفصل التالى إضغط هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-