أخر الاخبار

رواية عداء الدم بقلم ميرفت البلتاجي الفصل الرابع عشر

رواية عداء الدم 

رواية عداء الدم بقلم ميرفت البلتاجي

رواية عداء الدم بقلم ميرفت البلتاجي 
 الفصل الرابع عشر

وقف لوجان يحمل ابنته تناغي بقهقهة وهو يدغدغ بطنها، متجاهلاً تماماً ملامح ابنه العابسة وهو يرمقه بنظراته التي تشبه كثيراً نظرات أمه وقت الغضب:

ـ حسناً، أكمل كلامك، ماذا تعني أنها تشبه أمي كثيراً، 

أجلى لوجان صوته قبل أن يدغدغ ابنته المترقبة لحركته بلهفة طاغية:

ـ لا مزيد من الشرح، عندما تراها ستعرف قصدي، أخبرتك فقط حتى لا تتفاجأ وتظن أن، .

أخرج ألكسيس زفرة محبطة متمماً جملة والده باختناق:

ـ عادت من الموت. 

تجهم لوجان للحظات قبل أن يعيد الكرة لتتعالى قهقهات الصغيرة المشاغبة، فصرخ ألكسييس ضارباً بقدمه في الأرض:

ـ بابا دعك من تلك المحتالة فلن تنتهي منها أبداً. 

ناغشها لوجان مداعباً أنفها بأنفه:

ـ هل سمعت؟؟ أخاك الكبير الذي لا تنامين إلا بين أحضانه يسميكِ محتالة. 

نفخ ألكسيس عندما تعالت ضحكات الطفلة مرة أخرى، مغالباً رغبته في مشاركتهما فقد كان يشغله أمر هذه المربية التي استطاعت نيل رضا والده المستحيل بعد عشرات المربيات على مر الشهور الماضية.

 والأنكى أنها تشبه أمه لتلك الدرجة التي تحرك ذلك الجبل من المشاعر التي لا ترتج إلا بزلزال قوي ويخفيها بمناغشاته مع جمانا. 

ـ بابا هل أنت بخير؟؟

ارتبكت الضحكة التي كان يتظاهر بها ثم هز رأسه بثقة خاوية الجذور:

ـ سنكون بخير، أليس كذلك، ثلاثتنا، لن نفترق أبداً. 

أومأ ألكسيس بجدية أكبر مؤمناً على كلام والده:

ـ نعم بابا هل تلك المربية لها خبرة في التعامل مع الأطفال في عمر جمانا. 

ارتبك لوجان كما لو كان لم يفكر في هذا الأمر من قبل رغم أنه السؤال الأول والأهم الذي يطرحه على كل مربية. 

ـ على ما أعتقد أنها، حسناً، لقد أخذنا الكلام ولم.

ازدادت مخاوف ألكسيس، مع يقينه أن الأمر أكثر من تشابه في الشكل، لابد أن والده يشعر بشئ ما! 

ـ ألكسيس الباب، لابد أنها وصلت. 

*****

وقف زاك أمام السيد الغامض يتبادل مع التحديق نداً بند، وهذا لم يرق لليو على الإطلاق فقد قامر بورقته الأخيرة وخسرها بسبب هذا الأرعن، تمالك أعصابه وهو يعيد سؤاله مرة أخرى:

ـ أخبرني مرة أخرى، لماذا كنت حريصاً لهذا الحد على مساعدتها؟؟

فك زاك أزرار بدلته وهو يجلس على أحد المقعدين الوثيرين أمام مكتب ليو الفخم الضخم:

ـ لو تسمح لي بالجلوس أولاً سيد كوتشيانو. 

التمع بريق عينا ليو بتحدي أمام نظرات زاك المتهكمة ثم تابع زاك:

ـ لهذا السبب طلبت من مديري أن تلتقي بي شخصياً

تراجع ليو يدور نصف دورة في مقعده الدوار وهو يعبث بورقة بيده وكأنه لا يعطي أي اهتمام لمحدثه ، ولكن زاك لم يبالي وهو يقابل حركته بالمزيد من التهكم:

ـ لقد أخبرني مديرك المحاولات المستميتة لتقنع الفتاة بالرد على الإعلان. 

تظاهر زاك أنه يتلقى مديحاً فهز رأسه برضى زائف:

ـ السيد بيدرو يبالغ، ربما لينال رضاك وهو يعتقد أن هذا ما تطلبه أنت بالضبط

توقف ليو عن الحركة وضرب المكتب براحة يده:

ـ كف عن التلاعب بالألفاظ ولا دخل لك بما تعتقده عني أو لا، أنت لا تعرفني ولا أحب أن تعرفني ما بيننا هو عقد عمل أنت مجبر على الالتزام به وفق حدودك التي أحددها بنفسي

شبك زاك أصابعه العشرة قائلاً ببرود:

ـ وهذا تماماً ما قمت به، وضعت الإعلان بطريقها، رأته وساورها الفضول. فساعدتها لتصل لسيرادور، وقد كان، انتفض ليو يغلي وهم بصب حمم غضبه عليه عندما توقف فجأة والتمعت عيناه بشيطانية:

ـ أحببتها أليس كذلك، ولا تثق بي، لذلك فضلت أن تجاري حدسها على أن تسلمها لي. 

وقف زاك أمامه متخلياً عن بعض بروده أخيراً:

ـ وأنت أيضاً، تحبها، وتريدها، ولكنك تريد أن ترضي ضميرك قبل أن تستحوذ عليها، فتركتها تهرب من المشفى وتابعت كل خطواتها على أمل أن تنهك قواها لتقع في شباكك بسهولة.

 وكي لا يسبب لك ضميرك أي منغصات قررت أن تخرسه بحركة الإعلان هذه، لو لم تلتقط الطعم، تقوم بدور الفارس الشهم الذي يحميها من ذئاب الشوارع، وكنت تدعو ألا تلتقط الطعم، وغالب ظني أن ذلك الرجل سيرادور صاحب الإعلان له علاقة بماضي الفتاة، أليس كذلك يا، سيد كوتشيانو، عمت مساءاً


ظل ليو واقفاً مكانه يحترق ببطئ بعد أن كشفه زاك أمام نفسه، ولم يحتمل ألم الفقد مرة أخرى، خاصة عندما تكون، .

التمعت عيناه بانتصار متمتماً:

ـ ما يزال البيدق الأخير في يدي يا سيرادور وأنا من سينهي اللعبة التي بدأها سيرادور

***************

بخطوات متباطئة وصل ألكسيس للباب، وبعد نظرة أخيرة على والده الذي أومأ له باطمئنان، فتح الباب.

وقفت طويلاً أمام الباب المغلق بعد أن تسلحت بكلمات زاك المشجعة، والتي لولاها لفرت هاربة منذ وقت طويل، ربما لو لم يتعرف عليها لوجان سيرادور كشبيهة لزوجته، ربما كانت كل الأمور ستسير بشكل طبيعي، أغمضت عيناها تلوم نفسها وتوبخها:

"هل ستكذبين على نفسك أيضاً، منذ قرأت ذلك الإعلان وأنت تنتابك موجات غريبة من الحنين، لماذا، ولم يغير الحال عندما وقفت أمام لوجان بنفسه، ولكن عندما هاجمك بجنون ثم أوضح السبب، بدأت الخيالات ترادوك، هل يمكن أن يحدث؟


انفتح الباب فجأة لتجد أمامها نسخة مصغرة من سيرادور يقف أمامها بنظرات متحدية ما لبثت أن توارت ليحل محلها الذهول، أدركت أن شيئاً من هذا سيحدث حتماً، بادرت بسرعة:

ـ مرحباً، أنا فيولا، أعتقد أن والدك ينتظرني. 

التفت ألكسيس ينظر لوالده بحدة وعيناه مغرورقتان بالدموع الحبيسة، أمسك لوجان جمانا بإحدى يديه ومد يده الأخرى لألكسيس ولكنه رفضها وتجاوزه بخطوات تكاد تخترق الأرض بدبيبها.

 

وضعت يدها على قلبها تشعر بوجع شديد وجرح ينزف بلا هوادة وهي تشيع الطفل الغاضب بنظرات عاجزة:

ـ أنا آسف، توقعت تصرفاً من هذا القبيل، ألكسيس كان عاشقاً لأمه، كان أبوها أكثر منه ابنها. 

بدون أن تشيح عيناها عن الباب الذي توراى خلفه تمتمت:

ـ يا له من تعبير غريب، كيف يكون أبوها أكثر من ابنها. 

ـ لقد نضج ابني في سن مبكرة، ستلاحظين هذا بنفسك مع الوقت. 

الآن فقط بدأت بالانتباه لتسلخ عيناها نحوه:

ـ أتعني أنك ما زلت مصراً على استخدامي بعد ما حدث. 

أجابها باختصار:

ـ نعم، دعيني أعرفك على أميرتي الصغيرة جمانا.

وكأن ستاراً ما انزاح فجأة عن هذه الطفلة الصغيرة التي تتوسد ذراع والدها بأريحية وتملك، تأملتها بنظرات مشعة ولمست وجنتها المتوردة:

ـ ما أجملها هذه الصغيرة هل تسمح لي بحملها، سيد سيرادور

انتبه لوجان أنه كان شارداً في التحديق في ملامحها حتى توردت وجنتيها احراجاً، ناولها جمان بنبرة متعثرة الحروف:

ـ عفواً لم أقصد أن، أبدو وقحاً. 

ـ لا عليك، أعطني جمان واذهب خلف ألكس. 

توقفت ذراعاه قبل أن تناولها الصغيرة:

ـ لا يحب أن يناديه أحد بهذا الاسم، أمه دائماً كانت تفضل مناداته باسمه كاملاً بدون تدليل


شحب وجهها من جديته والتهديد في نبراته فهزت رأسها بارتباك:

ـ سوف أكون حذرة، هل يمكنك أن تجد بعض الوقت لتخبرني بكل ما يحبه ألكسيس ويكرهه، أظن أنني سأواجه مهمة صعبة في كسب ثقته

ـ مع الأسف، جانب مني توقع أن يحصل تآلف فوري بينكما، سوف أساعدك في هذا الأمر، وحتى تكسبي ثقة ذلك العنيد ، يمكنك كسب هذه المحتالة ببعض الدغدغة فهي لا تكتفي أبداً.

 

وضعها بين يديها بحرص تتنازعه رغبة هستيرية أن يتمسك بها ولا يتركها لامرأة غريبة أبداً، نظر لصغيرته بعشق خاص قائلاً لفيولا:

ـ أحد أسباب الموافقة على وجودك هنا، أن جمانا لم تشعر بعاطفة أمها أبداً، وفكرت أنه على الأقل تحظى بصورتها بك، 

أحاطتها بذراعيها ككنز ثمين ولم تستطع إشاحة عينيها عنها، والصغيرة تبادلها النظرات الحائرة وكأنها تتساءل عمن تكون هذه المرأة التي لم ترها من قبل، 

ـ فيولا. 

انتبهت لنداءه:

ـ عفواً سيد سيرادور، سأعتني بكنزك الغالي، أعدك بكل قطرة في دمي، تأملها وهي تتناول الصغيرة بحرص مبالغ فيه وارتاح ضمنياً أنها ستكون بين أيد أمينة.


دق قلب فيولا بلحن غريب وهي تحتضن جمان على صدرها، ولدهشتها وضعت الصغيرة رأسها على صدر مربيتها الجديدة وأخذت تنظر لها حتى ثقلت جفونها واستسلمت للنعاس واضعة إبهامها في فمها.


اقشعر جسدها ووقفت كل شعرة فيه ذعراً وذلك الصوت الخشن يصرخ فيها برعب:

ـ ماذا فعلتِ بها، ماذا فعلتِ بها، انطقى، أنها لا تتحرك، يا إلهي هل قتلتها؟ 

تبادلت النظرات المرتعبة معه تارة وعلى الصغيرة المرحبة بالبقاء بين ذراعيها تارة أخرى لا تدري ما يحدث وبأي شيء يتهمها.

الفصل التالى

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-