أخر الاخبار

ترويض ادم للكاتبة بتول طه الفصل ١٥

 الفصل السابق

ترويض ادم للكاتبة بتول طه

الفصل الخامس عشر 

الجزء الخامس عشر

:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


"خير يا آدم فيه ايه؟" سألته ببراءة لينظر لها وهي لم تعلم ما تلك النظرة هل هذا غضب أم هو منزعج أم ماذا به


"أنا عمري ما عملت كده" تحدث بإقتضاب ليبدو الإنزعاج على ملامحه واضحاً، كان يريد قول شيئاً آخر، أراد أن يصرخ بأنه يعشقها ولكن لم تكن لديه القدرة ليخبرها.


"اللي هو ايه ده؟"


"محدش جه هنا غيرك" أخبرها بجفاء


"بجد؟" سألته مضيقة عيناها ليهز رأسه بالقبول "ويا ترى اشمعنى أنا؟"


"مش عارف.." همس كالعاجز وقد كره هذا السؤال فهو لا يعرف ما الذي يجعلها مميزة دوناً عن كل فتيات العالم


"شكراً" أخبرته مبتسمة لتلمس يده ليفآجأ هو من ردة فعلها "الأكل حلو أوي والمنظر كمان من هنا جميل، بجد كنت محتاجة إني أغير جو شوية، القعدة في البيت مملة فعلاً.. بس كمان في حاجة تانية" أخبرته ثم توجهت نحوه لينظر لها


"فيه ايه؟" سألها متعجبا


"هتاكل غصباً عنك يا آدم يا رأفت" صاحت به تطعمه بيديها


"ده واضح إنك بقيتي شبهي اوي!" سألها بإبتسامة مغرورة


"يالا بقا متضيعش الوقت.. القعدة هنا حلوة وعايزة اتبسط بيها شوية قبل ما نرجع" تجاهلت سؤاله لتطعمه بيدها مثل ما كان يفعل معها الأيام الماضية


"مش ممكن! ده أنتي فعلاً بقيتي شبهي" تمتم وقد سمعته جيداً ولم يقل شيئاً بعدها فقط تناول معها الطعام وتفحص ملامحها البريئة وتصرفاتها الطفولية التي أصبح يعشقها.


مرت ساعتان عليهما ولم يشعرا بالوقت.. تجولت باليخت فقد عجبها حقاً، نظرت له وهو يتفحصها لتفكر هي بما قاله أنها أول من يحضرها إلي هنا فلم تريد أن تصعب الأمر عليه فقط سمعته وتقبلت ما قاله بدون جدال..


تفقدت الساعة لتجدها قاربت الحادية عشرة "أوووف.. ايه الحظ ده أتأخرنا اوي!" زفرت في حنق "يالا نمشي بسرعة" صاحت بقلق


"أنا كلمتهم والدكتور قاعد لغاية الساعة اتنين.. لسه قدامنا وقت"


"طب ليه ماقولتليش؟" تنهدت بحزن


"عشان من الطبيعي إنك متحسيش إنك قلقانة وأنتي معايا" آخبرها بغضب وهي لم تدري لما غضب هكذا لتتعجب بداخلها لإنفعاله الذي آتى من اللا شيء.. "يالا" آمرها بهدوء مرعب لتتبعه للخارج


بعد قليل ذهبا للطبيب ثم أخبرها أنها أصبحت على ما يرام وفك الجص من يدها وقدمها وكتب لها بعض الأدوية لتساعدها على تمام الشفاء.. كادت أن تطير فرحاً بعد خروجها من غرفة الطبيب.. مشت بسرعة كمن يجري فكانت مثل الطفلة الصغيرة فتبسم آدم لتصرفتها تلك "أخيراً.. هم وانزاح، كنت حاسة إني متكتفة بالجبس ده" صاحت لتخبره بسعادة


"ابقي خدي بالك وأنتي سايقة عشان متتكسريش تاني"


لم تكترث شيرين بما سمعت ولم تكن في مزاج يسمح بأحدى مجادلاته فقط جرت حتى وصلت للسيارة ليتمتم خلفها بخفوت حتى لا تسمعه "أنا شكلي كده بحب عيلة صغيرة مجنونة"


دخلا السيارة ثم فجأة التفتت له وملامحها غريبة حتى قد ظن أنها جنت "عايزة آيس كريم.. والقهوة اللي بحبها.. وكمان ممم.. " سكتت لبرهة ثم أكملت "خليها بقا مفآجأة"


"أنا مبحبش المفآجأت" همس محذراً


"مش مهم، أنا متأكدة إنها هتعجبك" صاحت بنبرة واثقة


"خلاص مبقاش فارق معاكي هتضايق ولا لأ.. أظنك عارفة كويس لما بتنرفزيني بيحصل ايه" سألها بحدة


"لا الموضوع مش كده، أنا بس واثقة إن المفاجأة هتعجبك" أجابته بنظرة طفولية ليهز رأسه بإنكار كمن سيجن


قاد آدم السيارة متجهاً ليحضر لها المثلجات والقهوة ولكن لم يعرف ما قصدت بالمفآجأة فهو لا يحب أن يدع شيئاً للحدوث دون علمه ولكن حاول السيطرة على نفسه ولم يرد أن يفسد اليوم عليها فهي بدت سعيدة حقاً وكان هو سعيد لسعادتها تلك وتمنى أن يراها هكذا دائماً..


مرّ الوقت ليعود لمنزله ولكن تركته كي يعمل وأقنعته أنها تريد التحدث لحبيبة وترتيب بعض الأشياء كما تريد أن تأخذ حماماً ساخناً وبعد ساعتان نظرت لنفسها بالمرآة وتنهدت "يا أنا يا أنت يا آدم يا رأفت!!" همست بقلق ولكنها كانت تبدو واثقة مما كانت تريد فعله.


أنتظرت حتى دخل غرفته وتريثت قليلاً ثم طرقت بخفة على الباب ودخلت حاملة صينية طعام لهما فهي تعلم أنهما لم يتناولا الغداء حتى الآن لتجده كالعادة عارِ الصدر ويرتدي بنطالاً أسود اللون، لم تدع فرصة ليؤثر عليها بجاذبيته الطاغية التي تفقدها عقلها دائماً وحاولت ألا تعطيه تركيزها لأنها تعلم جيداً إذا نظرت له ستفقد القدرة على الكلام.


"ويا ترى ده ليه؟" سألها مشيراً للطعام


"مجرد تغيير" اجابته بعدم أكتراث


"أنا عمري ما أكلت في اوضتي قبل كده"


"وماله.. اعتبرها أول مرة" دنت منه جالسة على الأريكة لتضع الصينية على طاولة صغيرة أمامهما "يالا.." بدأت بإطعامه وهي مبتسمة ثم أطعمت نفسها كذلك "ايه رأيك؟" سألته لينظر له مضيقاً عيناه


"كمان بتعرفي تعملي أكل؟"


"لما بكون فاضية بس" اجابته بإبتسامة


"مديرة أعمال ذكية وطباخة شاطرة وايه كمان؟؟" رفع حاجباه متعجباً


"ممم.. خاللي كل حاجة لغاية ما تعرفها بنفسك" اجابته ليهز رأسه ببروده المعتاد ولكن يشعر أن خلف كل ما تفعله هذا شيئاً وسيعلمه


"الأكل عجبك بجد؟" سألته بجدية


"لو الأكل ما مبيعجبنيش استحالة آكل منه، خليكي واثقة في ده، أنا مبجاملش في الأكل" اجابها بغروره المعتاد


"يا بارد يا قليل الذوق أنت عمرك ما هتتغير أبداً!!" صرخ عقلها ولكن حافظت على ابتسامتها وما أن فرغا حتى أبعدت الطاولة قليلاً لتقترب منه والتفت نحوه وتأكد الآن أن كل هذا الإهتمام كان وراءه شيئاً، كل ما تمناه لحظتها أن يُحافظ على هدوءه وألا يفقد أعصابه وسيطرته عندما تتفوه بشيء غبي!


"فاكر لما قولتلك إن فيه مفآجأة؟" سألته ليهمهم هاززاً رأسه ولكن لم ينظر لها وعبث بهاتفه منتظراً أن تتحدث بما تريده فهو يعلم جيداً أن هناك آمراً ما سيزعجه وراء كل ما تفعله " همست بقليل من الحزن وقد فقدت الأمل بتصرفاته وهي متأكدة من داخلها أنه لم يروقه طعامها وأنتظرت أن ينظر لها ولكن تحول مجدداً ليعاملها ببرود وكأنه القارة الجنوبية المتجمدة


"ومين قال كده؟" سألها غير مكترث


"طريقتك وأسلوبك ده"


"لا أنتي غلطانة" أخبرها ببرود ليجعلها تجن ولكن حاولت ألا تظهر هذا


"آدم.." نادته محمحمة ولكنه لم ينظر لها فقط همهم ببرود "الله يحرقك يا ديب فريزر الكلب" فكرت وكاد صبرها أن ينفذ ثم أكملت "بصلي"


"مش شايفة إني مشغول شوية" همس ببرود مدعياً أنه يفعل شيئاً هاماً لتقترب شيرين منه فجأة تكاد أن تنام على صدره فقط لتنظر ماذا يشغله


"مشغول بلعبة!!" تعجبت وقد نفذ صبرها "تمام.. خليك للعبتك.. هابقى اجيلك بعدين" أخبرته وأرادت أن تنهض ليجذبها من يدها لتقترب منه ثم نظر لها متفحصاً عيناها لتفقد تركيزها تماماً وكادت أن تتحدث فأسرع هو


"عايزة ايه؟" سألها بصرامة


"أنا مش.. بصراحة.. كنت عايزة" تلعمت لتشعر بأنفاسه الساخنة تلفح وجهها


"أنا عارف إن فيه حاجة ورا كل ده، وفي الغالب هيعصبني.. فياريت تتكلمي عشان خلاص تكة ومش ضامن عصبيتي بعد كده"


"ممـ.. مفيش.. يعني.." أغمضت عيناها بعنف وعضت شفتاها بتوتر ليبتسم لثانية من فعلها الطفولي ثم أفتعل ملامح الغضب حتى لا تلاحظ هي


"شيرين!" ناداها بهدوء وصوته الأجش جعلها ترتعب


"نعم.."


"افتحي عينك وبصيلي" آمرها بنبرة مخيفة لترمش وتفتحما ببطء ليكمل "اتكلمي" آمرها مجدداً لتبتلع ريقها


"عايزاك توافق تخليني ادي تصريحات لكام جهة إعلامية، ارجوك يا آدم وافق، بلاش تتعصب وتتنرفز، صدقني هاخد موافقتك ورأيك في كل حرف قبل ما أعمل اي حاجة، كل حاجة هتم زي ما أنت عايز، التصريحات دي هتكون مهمة اوي الفترة الجاية.. لو سمحت مترفضش وأقبل ودي هتكون آخر حاجة أطلبها منك"


انفجرت بالكلام وسط أنفاسها المتعالية لتنظر له برعب في انتظار ردة فعله ليترك يدها ويعبث بسبابته على شفته السفلى ثم نهض ليتجول في غرفته واضعاً يداه في جيباه بغرور.


نظرت له شيرين وقد علمت أنه هذا الوحش بداخله قد عاد.. هدوءه المريب وتصرفه هكذا بعد ما سمعه منها لن يمر مر الكرام. فكرت أن تتحدث وكلما أرادت أن تقول شيئاً تسكت لخوفها من غضبه، بل وانعقد لسانها في تلقائية..


ظلا بصمت مرعب لدقائق ثم آتاها صوته الأجش الآمر ليبعث رجفة بجسدها "امشي على اوضتك"


"هار.."


قاطعها بنظرة محذراً اياها ألا تتكلم ولم ترى مثلها من قبل، شعرت أن غضبه هذه المرة تتضاعف ولأول مرة أن تقرر ألا تتحدث، نست كل شيء قد فكرت به، نست جرأتها أمامه وكلامها اللاذع وأما ترويضه الذي كانت تعمل عليه لأسابيع أدركت أنه مستحيل!


نهضت ذاهبة لغرفتها بدون أن تفعل شيئاً، فقط غادرت بصمت، شعرت بالفشل وكل ما فعلته ذهب هباء. جلست بغرفتها محاوطه جسدها بيداها لتفكر


"وهو أنا يعني كنت فاكرة ايه؟ فاكرة إني كنت هاعرف اقنعه كده بكل حاجة بين يوم وليلة؟ ولا حتى هاغير فكرته!! ماشي، أنا بعترف بفشلي معاه، فشل ذريع عمري ما فشلته مع حد، وعمره ما هيتغير مهماً كان.. وكل اللي اتكلمت فيه أنا وحبيبة ده كان مجرد أحلام وردية ولا هايحصل حاجة أبداً من اللي اتفقنا عليه.. واحد زي ده بالدماغ دي عمره ما يتغير، حتى لو كنت روحت ومت في الحادثة ده كان هيخليه يعند أكتر!!" تنهدت بحرقة


"هو أنت ليه كده؟ ليه بتعرف تبوظ كل حاجة حلوة؟ يعني أنا النهاردة كنت مبسوطة أوي وكنت حاسة إني طايرة ويمكن احسن يوم في حياتي.. عمر ما حد عمللي كده عشان يبسطني غيرك، ليه مصمم متبطلش عكننة ولا حتى فكرت في إنك تبطل تصرفاتك دي؟ أنا فعلاً تعبت وزهقت من عصبيتك وأسلوبك ده، أنت ليه بتعمل فيا كل ده؟" أنهالت الأسئلة على عقلها ولم تجد إجابة.


مر الوقت عليها فأدركت أنها تجلس هكذا منذ ساعات، لم تشعر أنها غريبة بمنزله ولم تشعر أن لها الحق بأن تمكث معه ببيت واحد، ملئتها الحيرة ولا تجرأ على أن تذهب له الآن لتخبره أنها مغادرة خوفاً من أن يثور وترى به ذلك الوجه الذي تخشاه كثيراً.. تسائلت أين هو الآن وماذا سيفعل معها بعد ما أخبرته به ثم هزت رأسها بمجرد تخيلها لغضبه.


بعد قليل نهضت لتغير ثيابها لتنام ثم تكورت على نفسها أسفل الغطاء وكادت أن تطفأ النور بجانبها لتجد الباب ينطلق بعنف لتنهض مفزوعة على السرير


"اسمعيني كويس وحطي الكلام ده حلقة في ودنك بدل ما اخليكي تندمي!!" صرخ بها وهي تنظر له برعب ووجل قد رأت عيناه تحولت للسواد القاتم حولها احمرار من غضبه الشديد، شعره مبعثر بفوضوية على جبينه وقد أدركت أنه ثمل فأنفاسه تنبعث منها رائحة الخمر


"أنا مبتناقش مع حد في قراراتي ومش هاخلي عيلة صغيرة زيك تاخد قراراتي بدالي!! سامعاني؟!" جلس على السرير ليواجهها جاذباً ذراعيها بقبضتيه بعنف وقد نسى أنها بالكاد تتعافى من الحادث بينما هي تحولت ملامحها للفزع ولم تستطع الحديث


"سمعتيني يا طارشة انتي؟!" صرخ بعنف لتشعر بإرتجاج المنزل حولها..


"فاكرة إنك بسهولة هتغيريني؟ فاكرة أنك ذكية؟ أنتي غبية زيك زي أي واحدة ست تانية وإياكي بس تفكري أنك هتخدعيني بشوية الحركات التافهة بتاعتك دي.." نظرت له لتنهال دموعها من منظره المرعب


"سيبني لو سمحت" بالكاد همست حتى لا يزيد غضبه


"مش هاسيبك، ومش هتفرضي عليا حاجة، ولو متعدلتيش مش بعيد أموتك وأدفنك جنبهم ولا نسيتي" صرخ مجدداً لتتعالى شهقاتها "تحبي أفكرك كل واحدة فيهم عملت ايه؟ وحشك تزوريهم وتشوفي مصيرهم كان ايه؟ تحبي تروحي دلوقتي ولا نستنا للصبح؟" هزها بعنف ولكن لم تنطق فقط أستمرت في البكاء بهيستيرية


"أنا آسفة.. مش هاعملها تاني.. أرجوك أهدى" توسلت له وسط بكائها ليحدق بها بعينان كعيني الشيطان ثم ترك ذراعيها ليخلل يداه بشعره بغضب لتبعد نظرها عنه وارتجف جسدها لتجده صامتاً وظلا هكذا لدقائق حتى كادت أن تتحدث لكسر هذا الصمت فقاربت أن تهمس على حذر ولكنه سبقها


"اوعي تفتكري إنك عشان عجباني يبقا هتتحكمي فيا، أنا دراعي لو هيوجعني هاقطعه!! ولا هيفرق معايا! تتعدلي وتتلمي أحسن ورحمة أبويا أخلي عيشتك سودة!" نظر لها بمنتهى الغضب ليعود ذلك الوحش بداخله مرة ثانية لتنظر له هي بمزيد من الخوف لتتحدث مسرعة في همس


"أنا عايزة أنام، أرجوك أخرج بره!"


"أنتي ليه بتعملي كده؟ ليه عايزة تغيريني في كل حاجة؟ أنتي كل اللي بعمله معاكي ده مش عاجبك؟ مش عاجبك إني بموت من الخوف عليكي؟ مش عاجبك إني بقيت بتخنق لو بعدتي عني ثانية واحدة؟!" سألها وقد شعرت بإنكسار في صوته لتنظر له وقد هدأت ملامحه


"آدم أنا مشـ.."


"ليه مصممة تضايقيني وتعصبيني؟ أنا مبحبش أتعصب عليكي.. بطلي تنفخي في قربة مقطوعة، مش هينفع أسلوبك ده معايا وعصبيتي هتقضي علينا احنا الأتنين.. بطلي يا شيرين أرجوكي!" قاطعها هامساً لتتوقف عن البكاء وتنظر له وكل ما تفكر به هو احتضانه ولكن لا تقبل ما يفعله بها


"أنتي فيكي ايه عشان تعملي فيا كل ده؟ أنا مبقتش بشوف غيرك في كل وقت وكل مكان سواء معايا أو مش معايا! أنا حاولت أجيب واحدة وأنام معاها ومشوفتش غيرك.. كل ما أقرب منها أشوفك قدامي، ازاي مسيطرة عليا كده؟" سألها لينعقد لسانها ولم تقوى على النطق بحرف


"عارفة.. عارفة التصريحات اللي أنتي عايزاني أوافق عليها دي ممكن تعمل ايه؟! كلام ودوشة وكلام كله غلط في غلط وزي ما يكونوا لقوا جنازة وهيشبعوا فيها لطيم!! كل الناس هينتهزوني ومش هاخلص، هيتدخلوا في كل كبيرة وصغيرة في حياتي مش هيبطلوا افترى ومليون تخمين ومليون سؤال.. هيصحوا جوايا كل حاجة من تاني، هيوجعوني لما يعرفوا كل حاجة عني.. هيحاولوا يعرفوا هما ماتوا ليه وازاي، أنا لغاية دلوقتي بعافر إني أكون كويس، بحاول ادفن الجرح ده جوايا ومش قادر، أنا تعبان أصلاً ومش ناقص تعب فوق تعبي" أخبرها بضعف متألماً وقد ظهر هذا عليه ولكنه لا يبدو أنه بوعيه فكلامه أصبح متضارباً


"تعرفي إنهم حتى ممكن يتعرضولك ويقولوا عليكي كلام وسخ، وأنا مجنون وممكن أموت اي حد يقول عليكي كلمة، أنا مش هاقدر أشوفك متضايقة بسبب كلب من الكلاب دول، مجرد زعلك من حاجة ده بيوجعني يا شيرين، بحس بوجع جوايا كل ما بعرف إنك مش كويسة.."


سكت لبرهة لتندهش من حديثه فهو لا يتحدث كثيراً هكذا فأدركت أنها آثار ثمالته ولكنها علمت أنه صادقاً بكل حرف، تفحصته جيداً وقد تخلى عن جلسته المغروره وكتفاه منحنيتان وعيناه مليئة بالخوف والإنكسار ليأتي صوته مجدداً ولكن بنبرة غريبة لم تعهدها من قبل


"أنا هاموت من غيرك يا شيرين.. هاقتل الدنيا دي كلها وهاموتك وهاموت نفسي وراكي.. متتعذبينيش أكتر من كده أرجوكي" همس كالطفل الصغير ثم نظر لها متوسلاً لتشعر بإعتصار قلبها بين ضلوعها وكم تمنت أن يكون مدركاً لما يقوله ولكنه أكمل


"أنتي جيتيلي منين عشان تغيري كل اللي عملته في سنين عشان تدمريه كده بين يوم وليلة.. غيرتي فيا كل حاجة ومبقتش قادر أكون جامد وقوي زي زمان!! أنا مبقتش قادر أتعامل مع كل ده، أنا تعبت من كل حاجة ومبقتش عارف أعمل ايه!"


اندهشت شيرين لما يقوله ولم تكن لتحلم أن تسمعه يتفوه بحرف كهذا، لانت ملامحه لينظر لها كالطفل "متسبينيش أرجوكي" همس بآلم لتجد نفسها تحتضنه وتنهمر دموعها بصمت


"مش هايحصل.. مش هاسيبك" همست لتجده يدفن وجهه بصدرها وشعرت بأنفاسه الثقيلة


"هتخليني احبك اوي وفي الآخر هتسبيني وتمشي زيهم.. كلهم سابوني لوحدي.."


"مش هامشي ولا هاسيبك متقلقش" أخبرته محاولة أن تطمئنه


"هتجنن.. مش.. هاقدر.. اعيش.. من غيرك.. أنا.. بحبـ.. " تلعثم وقد شعرت بإبتلال على صدرها من دموعه ثم لاحظت انتظام أنفاسه وقد أدركت أنه نام متشبساً بها بقوة.


"وأنا كمان" همست لتخلل شعره الأسود بين يداها وأحتضنته أكثر وظلا هكذا لمدة.. حاولت أن تفلت منه لتنهض فوجدته يزمجر ثم تمتم بنعاس


"متسبينيش.." تنهدت وظلت هكذا حتى شعرت بتثاقل جفونها ليغلبها النوم.


:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


2019 © by Batoulالفص التالى



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-