أخر الاخبار

ترويض ادم للكاتبة بتول طه الفصل ١٧

 الفصل السابق

ترويض ادم للكاتبة بتول طه


الفصل السابع عشر 

الجزء السابع عشر


=================================


"يالا.. كان لازم أعمل كده من بدري.." فكرت ثم أطلقت زفرة براحة وتوجهت لتجمع أشيائها ثم تذكرت أن ليس لديها سيارة بعد الآن "الله يحرقه!" تذكرت ما حدث بسببه لتغضب ثم فكرت أن تتصل بحبيبة


"أفتكرتيني فجأة كده؟" صاحت حبيبة لتهز شيرين رأسها فهي لا تعلم ما تعانيه


"أنا آسفة حقك عليا" أجابتها بهدوء


"ها فيه ايه المرادي؟ ميتين ولا حادثة ولا قتل ولا دبح؟"


"لا، لا متقلقيش ومحصلش حاجة.. أنا بس عايزة أشوفك وحاسة بملل وزهق! ايه رأيك نروح نقعد سوا ونرغي شوية؟!" سألتها مخبأة أوجاعها خلف نبرة واثقة قوية


"أنا عندي مرافعة كمان نص ساعة.. ايه رأيك بليل؟"


"تمام هاكلمك قبلها.. باي"


:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::



"زيها زيهم ومفرقتش عنهم حاجة!! بمنتهى السهولة مفرقتش معاها.. وأنا بقا المرادي مش هاعمل حاجة وتغور مكان ما تغور.. حتى بعد كل اللي أعترفتلها بيه هي لسه مصممة تمشي ولا حتى عايزاني!! أنا هاخليها تندم على كل اللي عملته معايا وبكرة تجيني راكعة وتتمنى تشوفني تاني" فكر بهدوءه وقد لمعت عيناه بالشر الذي لم تراه شيرين ولم تواجهه من قبل!


لم يفكر بشيء آخر غير تصميمه على استعادتها ولكن بدون غضبه المعتاد فهي وإن كانت ذكية لم تدرك من تتعامل معه وماذا يستطيع أن يفعله بعد بمن يعصاه، فستتمنى غضبه بدلاً من صمته وهدوءه التام!


:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::



"ياربي بس هاعمل ايه دلوقتي!! " تمتمت لترفع شعرها الفحمي بيديها!! "كده مقدميش غير إني أكلم ليوسف" فكرت ثم اتصلت به لتسمع الجرس لتتمتم مجدداً "رد بلاش تطلع شكلي وحش قدامه ارجوك.."


"شيرين بتكلمني أنا!! قوليلي إنك غلطانة في الرقم؟!" سألها مازحاً ثم سمعت قهقهته


"لا مش غلطانة يا سيدي" ضحكت هي الأخرى


"عاملة ايه؟ وحشتيني يا شيري أوي، رجليكي وايدك عاملين ايه؟" سألها بلهفة


"الحمد لله بقيت أحسن كتير، أنا فكيت الجبس خلاص"


"أنا مش فاهم ليه مقدرش اجي اشوفك وازورك.. ماليش فيه بقا أنا عايز تعويض" أخبرها بتحدي ثم سكت


"أنا آسفة بجد، هتعرف كل حاجة متقلقش واختار يا سيدي التعويض اللي أنت عايزه"


"مممم.. طيب!! أنا هاجيلك دلوقتي اهو، ولا مشغولة ووراكي حاجة؟"


"لا أنا فاضيىة اوي وفاضية لمدة كبيرة كمان.. بس أنا.." فرحت عند سماعها ما أخبرها لتوه ولكن سكتت عندما تذكرت أنها بمنزل آدم


"فيه ايه يا شيري؟" سألها متعجباً


"ممكن تجيلي الأول على.. بيت .. آدم؟" سألته متوترة بتلعثم


"وأنتي ضامنة دلوقتي إنه مش هيتعرضلي تاني؟"


"ممم.. أنا آسفة بس.."


"متتأسفيش يا حبيبتي.. وحتى لو قتلني كمان هاجيلك" قاطعها ليحد من توترها وندمها


"يوسف.."


"نعم"


"أنا محتجاك بلاش تتأخر أرجوك" همست بقليل من الخوف


"أنا مش هقولك فيه ايه غير لما اجيلك وأشوفك وساعتها نتكلم في كل حاجة.. خدي بالك من نفسك على ما اجيلك.. اتفقنا؟"


"اتفقنا.. متتأخرش بقا.. باي"


تنهدت شيرين لتغلق عيناها تعتصرهما وقد أطمئنت قليلاً ثم أرتدت ملابسها وجمعت أشيائها ثم توجهت للخارج، مشت وهي تنظر لغرفته ولكن لن تسمح للخوف أن يتسللها هذه المرة فأشاحت بنظرها بعيداً حتى تُكمل بطريقها وكل ما تمنته أن تمر الدقائق القادمة بدون جدال جديد. توجهت للدرج ثم حملت حقائبها بصعوبة وما إن وصلت آخره حتى سمعت صوته الرخيم


"هتمشي؟" سألها بكلمة واحدة ولم تسمع بنبرته أي مشاعر.. لا برود.. لا خوف.. لا عنف أو حتى وقاحته المعهودة، لأول مرة آتاها صوته فارغاً من كل احساس


"ايوة" أجابته لتنظر له لتجده واقفاً ويديه بجيوبه ولكن ليس بغرور كعادته، هز رأسه ولكنه لم يظهر لها أي مشاعر! لأول مرة سيطر على غضبه وأعصابه أمامها.. أنتظرت شيرين مكالمة يوسف حتى يخبرها أنه قد آتى ومرت تلك الدقائق عليها كمن ينتظر موته، فهي تعلم أن بمجرد ملاحظة آدم ليوسف سيفقد أعصابه.


توجه آدم نحوها لتتوسع عسليتاها وتتسارع أهدابها "لو سمحت متـ.."


"خدي بالك من نفسك" قاطعها ليقترب ثم أمسك برأسها ليُقبلها على جبهتها.. لم يصدق أنها ستذهب الآن، لم يصدق كيف تحول كل شيء هكذا، والذي آلمه أكثر أنه تذكر كل شيء تفوه به الليلة الماضية ولكنها قد خذلته.. أنتبه بعد أن وجد نفسه يحدق بنظرتها المتسائلة على اهتزاز هاتفه بجيبه "سيبوه يعدي" صاح عاقداً حاجباه وقد عرفت هي نظرة الغضب هذه جيداً لتجد رماديتاه تتحول للسواد فخافت ولكن حاولت أن تتمالك نفسها حتى لا يؤثر عليها.. تجاهلته لتجيب هاتفها


"آه أنا خلاص جاهزة" همست ثم أغمضت عيناها وشيء بداخلها يتألم لمجرد فكرتها بأنها لن تراه مجدداً.. فجأة أدركت أنها النهاية، ستغادر غضبه وبروده وهمجيته وخوفها الذي يسببه بنظرة من عيناه، ستترك هاتان الرماديتان التي قتلتاها حيرة وتفكير لليالٍ، ستتخلى عن هذا الوحش الذي لا يُروض، فقط ستتركه هكذا بعرينه الأسود وليحيى كيفما شاء بعيداً عنها.. تعلم أنه مازال يشعر بالكثير، تعرف أنه يعاني منذ سنوات، ولكنه يصمم على تحكمه الزائد ليسبب لها الآلام والخوف يوماً بعد يوم..


"أنا عارفة إني هاشوف الموت بعنيا كل لما أشوفك بعنيا مع واحدة غيري، قلبي هيوجعني كل لما اسمع حاجة عنك، عارفة إني هاتمنى إني أشوفك حتى لو هتخانق معاك وتتعصب عليا، هفضل افكر وافكر فيك لكن في الآخر هحس إني في نار عشان مش هاتبقا جنبي"


تحدث عقلها حتى تألم قلبها وتعالت دقاته، حاولت ألا تبكي لأنها لا تريد أن تعطيه هذه الفرصة، لن يراها ضعيفة بعد الآن واستيقظت من غفلتها بدخول يوسف الذي شتتها


"ازيك يا آدم" صاح بود وتقدم حتى يصافحه لينظر له آدم نظرة قاتلة


"اهلاً" بادله بإقتضاب ليصافحه ولكن بغروره المعتاد!! فقد عاد آدم رأفت الذي يهابه الجميع


نظر لحقائبها وقد تعجب قليلاً ولكنه لا يريد أن يظهر أمام آدم كأنه لا يعلم شيئاً فأشار لحاقائبها "خلاص كده ولا لسه فيه شنط تاني؟" سألها


"فيه شنطتين فوق هاجيبهو وانزلك"


"حسناً فلتذهبي وأنا سأحمل ما أحضرتي للخارج"


زمت شفتاها لخوفها مما قد يفعلاه وحدهما ثم توجهت للأعلى كي لا تضيع الوقت وما إن غادرت توجه يوسف لحمل حقائبها ثم توقف عندما تحدث آدم له


"لو حصلها حاجة هموتك" أخبره بجفاء وقد عقد قبضتاه ليسيطر على غضبه ليجده ينظر له مستفهماً


"مش هيحصلها حاجة متخفش واطمن، بس ممكن افهم أنت مهتم بيها اوي كده ليه؟" سأله بود محاولاً ألا يتحول هذا الحديث لجدال


"مالكش فيه" أجابه ببرود لتتثاقل أنفاسه وقد احتدت ملامحه


"شيرين زي اختي.. أنا أخاف قبل الناس كلها أن يحصلها حاجة أو أن أي حد يتعرضلها، وعشان تكون عارف أنا اللي شجعتها تشتغل معاك وهي كانت رافضة تشتغل معاك بس أنا اللي أقنعتها، بس بردو واضح إن أنا السبب في كل اللي بيحصل ده.. لو كنت عايز حاجة متقلقش تقدر تعتمد عليا وأتأكد إني دايماً عايز أشوفها في أحسن حال، أنا راجل زيي زيك، وعارف لما شوفتني بحضنها أتعصبت ومعرفتش تسيطر على نفسك عشان بتغير عليها.. أنت.. أنت بتحبها؟!"


تحدث له بهدوء كي يستطيع أن يعلم أي شيء مما حدث ولكن أطال آدم صمته فهو لن يعترف بسهولة لشخص لا يعرفه ولن يدع الفرصة ليظر أمامه كالمبعثر بسبب إمرأة


"أياً كان اللي حاسه ليها مالكش دعوة بيه، ومش آدم رأفت اللي يغير من حد.." أجابه بغضب موجهاً ظهره له ببرود حتى لا يرى بعينه مشاعره ثم أكمل وقد لانت نبرته قليلاً "كل اللي عايزه بس إنك تاخد بالك منها.. وتبلغني لو احتاجت حاجة بس من غير ما تقولها ولا تعرفها.. وهاموتك بجد لو حصلها حاجة، أنا مش بهزر في الموضوع ده" تحدث بنبرته الآمره ليبتسم يوسف من خلفه بهدوء وحمل بعض الحقائب


"ده أنت بتعشقها!! وأنا هاعرفها ده كويس اوي!" أخبره ثم توجه للخارج بدون أن يعطيه الفرصة للإنكار


نزلت بعدها شيرين ولم تجد يوسف بالأسفل فقلقت قليلاً ثم تققدت الحقائب فلم تجدها وجدت آدم واقفاً بغروره المتعاد موجهاً ظهره إليها فلم ترى وجهه


"هابعتلك كل اللي خلصته في الشغل ومواعيدك هبعتها لأستاذ مراد، والشرط الجزائي هيوصـ.."


"مش عايزه" قاطعها ببرود


"وأنا اللي مضيت العقد وده حقك" احتدت نبرتها قليلاً


"لو كنتي عايزة تحضري عزا يوسف بتاعك ده وصاحبتك اللي عاملالي فيها السبع رجالة في بعض وتفضلي لابسه اسود عليهم فكري تجيبي سيرة الشرط الجزائي!! سمعاني؟!" صرخ ليتوجه لها ولكن صوته يحمل بروداً خالياً من المشاعر


"أنت بتهددني بأصحابي؟" ضيقت عسليتاها لتصرخ ثم دخل يوسف فلم يجيبها آدم ثم توجه ليغادرهما ثم صاح من بعيد


"افتكري كويس اللي قولته"


"قالك ايه؟" همس يوسف متعجباً


"مفيش.. مقالش حاجة مهمة، يالا من هنا عشان أنا مبقتش طايقة البيت ده!" أجابته بتوتر ليزداد تعجب يوسف هاززاً رأسه ثم حمل حقائبها ليتجها خارجاً


:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::



"اي مكان تروحه هاعرف في ساعتها.. هتبعت كل يوم واحد يراقبها بعربية مختلفة عشان متشكش في حاجة.. ولو بس لاحظت ولا اخدت بالها إن فيه حد مراقبها هاخليك تندم!! أنت عارفني كويس!!"


تحدث بهاتهفه ببرود وغموض ثم أكمل "هابعتلك عنوان بيتها وعند أول فرصة تسيب فيها البيت عايز اربع كاميرات في كل اوضة.. ومش عايز غلطات هبلة.. عايز حراسة على البيت اربعة وعشرين ساعة، ومنين ما راحت يكون معاها اربع حراس من غير ما تاخد بالها منهم ويتغيروا اول بأول ولبسهم وشكلهم يكون عادي عشان متكش في حاجة! فهمت اللي قولته؟؟!" سكت لبرهة حتى يستمع لتأكيد الطرف الآخر ثم أخبره


"عندها شقة في الأسكندرية وشاليه كمان هبعتلك عناوينهم وبردو حراسة وكاميرات وكمان فيه واحدة وواحد هبعتلك أساميهم وتعرفني كل تحركاتهم من غير ما يلاحظوا!! نفذ اللي قولتلك عليه ولو فيه حاجة تانية هقولك" أغلق هاتفه بغروره المعتاد ثم أتصل برقماً آخر


"هبعتلك اسم وتبعتلي تقرير أول بأول عن كل المبالغ اللي بتدخل وبتخرج من حسابها في البنك وكل المعاملات توصلني أول ما تحصل وإياك تفتح بوقك وتقول لحد وإلا أنت عارف أنا ممكن أعمل فيك ايه.."


أغلق هاتفه ثم تمتم بشر"يالا بقا يا حبيبتي انتي اللي جبتيه لنفسك.. بكرة تندمي إنك سيبتيني وهتجيلي بنفسك تتحايلي عليا إني ابطل اللي بعمله فيكي" توعد بهدوءه وغروره اللاذعان ليتجرع من أحدى زجاجاته ببار مكتبه ثم ابتسم بشر.


:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::



"ده بيموت فيكي.. أنتي ايه مش شايفة ده؟" صاح بدهشة


"بيموت فيا، وبعدين؟! هاخد ايه؟ تحكم زيادة عن اللزوم؟ خيانة؟ تملك بشع وكأني بيت ولا عربية ولا ساعة؟ غموض مالوش أول من آخر؟ أنت عارفني كويس يا يوسف، من أيام ما كنت عيلة عندي سبعتاشر سنة، أنا مبحبش حد يتحكم فيا وشخصيتي قوية، لما كل الدنيا رفضت ارتباطي بكريم.." سكتت لتعبس عند تذكرها ثم أكملت "أنا وقفت في وش الناس كلها، وعموماً مش هاسيب آدم أو غيره يعمل فيا كده تاني، أنا مش حتة حاجة يبعوا ويشتروا فيها وأنا مش صفقة من صفقات حضرة رجل الأعمال المشهور آدم رأفت.. جو السيطرة اللي عايش فيه ده مش هاطوعه فيه، يغور بقا في داهية شغله وكل حاجة وأنا مش هـ.."


"بتحبيه يا شيري؟" قاطعها سائلاً


"أنا.. مش.. آدم مجرد" ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة ولم تجد الهواء كي تتنفس "أنا مش بحب.. حد، ومش هاجرب العذاب والقرف ده تاني.. ومش بفكر في حاجة زي دي دلوقتي" زمت شفتاها وعبست لتدمع عسليتاها ولكن حبست دموعها بعيناها.


"لا ده أنتي شكلك بتومتي فيه بقا"


"لا بموت ولا يموت ولا زفت"


"لا بتحبيه" نفى ما قالته متحدياً


" لا مبحبش حد ولا هباب"


"بتعشقيه"


"قلت لك مفيش حاجة من كلامك ده"


"كفاية كدب بقا وعند.. أنتي بتحبيه وباين أوي عليكي"


"يووه بقا يا يوسف!! قلت لأ"


"بردو بتحبيه"


"أوووف!! أنا يمكن حاسه بمشاعر من ناحيته لكن ده لمجرد إني لسه خارجة من علاقة حب فاشلة والزفت التاني ده خانـ..."


"فاكرة العسولة الكيوت الشاطرة اللي طلعت الأولى على دفعتها تلت مرات ورا بعض اللي حاربت عشان خاطر الواطي اللي ميستحقكيش ده.. أنا عارف إنتي بتكوني ازاي جنب الراجل اللي بتحبيه، بتبقي متوترة اوي، بتنسي الكلام اللي عايزه تلاقيه وبتتلخبطي.. بتتنفسي بسرعة وبتحاولي تغطي عنيكي ورا شعرك من ناحية الشمال، بتعضي شفايفك في توتر وكسوف!!


أنا شوفت كل ده وأنتي جنبه، شوفت كل ده بعيني اللي مش هاكدبها، أنتي بتنسي نفسك وبتبقي ضعيفة شوية جنب اللي بتحبيه، مش عشان أنتي مش قوية، لأ، عشان خوفك واهتمامك باللي بتحبيه، وتفكيرك باللي حاسه ناحيتك ففجأة بتقلبي كده!!" همس لتفيضا عيناه حباً لصديقته وهو سعيد أنها أستطاعت أن تدخل قلبها شخصاً آخر بعد كريم


"تمام اوي كلامك.. " همسا لتتنهد بقوة "وأنا ميلزمنيش حب يضعفني"


" حبيبتي هو مش بيضعفك.. أشرح لك ازاي؟!" توقف لبرهة ثم رفع كتفيه "اللي بقوله أنك ممكن تكوني قوية وشديدة مع الكل بس بتبقي مسالمة مع الراجل اللي بتحبيه وهادية اوي جنبه"


"يوسف أرجوك أنا أخدت قراري بصعوبة على فكرة ومش هرجع فيه ومش عايزة أتكلم في الموضوع ده تاني" أخبرته بثقة وسط أنفاسها المتعالية


"مش هاتكلم تاني في الموضوع ده بس هاقولك حاجة أخيرة واضحة زي الشمس بعد كل اللي قولتيهولي، وده بردو واجبي إني أوضحلك كل حاجة وفكري براحتك وبهدوء عشان متجيش في يوم وتقولي إني مقولتلكيش" سكت قليلاً ليرى لهفتها التي تحاول أن تخبئها ثم أكمل حديثه "آدم بيحبك ومجنون بيكي"


"يولع بجاز!" صرخت بغضب بوجه يوسف حتى شعرت بأنها بالغت "أنا آسفة مقصدش بس متكلمنيش لو سمحت في الموضوع ده تاني، قولتلك ده قراري ومش هارجع فيه.. كفاية كمان إني لازم احكي لحبيبية كل حاجة تاني، وده معناه خناقة بقا وكمان بتفاصيل التفاصيل!!" تنهدت ليبتسم لها


"هو ليه صحيح البنات بيحبوا التفاصيل كده او؟ مبتحسوش بملل؟" سألها مازحاً محاولاً أن يشتتها عن حديثهم السابق


"مش عارفة بصراحة بس بنرتاح بدها كده وبنحس براحة نفسية" أجابته لتبتسم بإقتضاب


"مملين!!" هز رأسه بإبتسامة "يالا أنا هاسيبك وامشي عشان الوقت أتأخر وأدي مفاتيح الشقة الجديدة، ولو عوزتي حاجة في أي وقت كلميني"


"يوسف خد واحد معاك.."


"ايه؟؟ مش شايفة أنـ.."


"ده هيخليني اطمن.. أرجوك يا يوسف متضايقنيش"


"حاضر يا حبيبتي ما دام عايزة كده" هز كتفيه وتناول أحدى المفاتيح "هاكلمك الصبح وأشوف إذا كنتي محتاجة حاجة وكلميني في أي وقت لو عايزة.. تصبحي على خير" ربت على كتفها بود لتومأ له ثم توجه خارجاً وتركها.


تنهدت شيرين ثم توجهت لتغلق الباب خلفه وبعدها إلي حمام غرفتها لتترك المياه الساخنة تمحي كل ما مرت به مؤخراً، أغلقت عيناها لتتذكر كل شيء أول مقابلة لهما، أول مرة رأته عار الصدر، تحكمه وتملكه، غضبه وبروده، هدوءه وجفاءه، اختفاءه لأسابيع، ملامحه عندما وقعت عيناها عليه بجانب سريرها بالمشفى، عندما احتضناها وأخبرها بألا تتركه وشعرت بقليل من الآلم ثم تذكرت قبلته على جبهتها آخر مرة رأته وفي لحظة تذكرت تسلطه وسيطرته وعنفه معها، للحظة شعرت برماديتاه تحاوطها لتتحول لسواد عندما كانت تستفزه أو تغضبه ثم فتحت عيناها بدهشة وقد تسارعت أنفاسها ثم هدأت لتفكر


"حتى دلوقتي بحس بيك وأنت بعيد عني، بس أنا عارفة ازاي أنا هاخلص منك، يوسف معاه حق، أنا بكون ضعيفه جنب اللي بحبه ومش هضعف أبداً تاني، أنا هامحيك من حياتي وتفكيري وكأني عمري ما شوفتك.. أنا هوريك مين هي شيرين اللي ضاعت مني لما شوفتك!! أنت أستنفذت اللي باقيلي من روحي ومشاعري بعمايلك دي.. مرة مجنون ومرة وقليل الأدب ومرة عصبي ومرة تمثل أنك بتهتم بيا وبتخاف عليا ومرة توريني جنان غيرتك!! أنا ايه اللي يحوجني لحب يكتفني ويضايقني ، أنت مبتقونيش يا آدم بالعكس أنت بتضعفني، أنا هشيل قلبي ده وأعصره جوايا بس مش هاسيبك تقلل مني أبداً"


أغلقت المياه ثم اتجهت للمرآة لتمسح بخار الماء ثم تنظر لنفسها وابتسمت "ياااه.. حتة فكرة، أنا هاعملها أكيد!! ويولع بقا آدم وكريم وكل اللي زيهم!"


:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::



"لسه ماشي حالاً يا آدم بيه وهي لوحدها دلوقتي"


"تمام.. خد بالك أنا مش عايز أي غلطات"


أغلق آدم هاتفه ليتطلع لعيني مراد اللتان تتفحصاه "غلطات ايه اللي بتتكلم عليها دي؟" ضيق عيناه فهو لم يستمع للطرف الآخر


"مفيش" أجابه ببرود كالثلج


"آدمهتقولي أنت بتعمل ايه دلوقتي ولا هتقولي بس بعد ما المصايب تحصل؟" صاح مراد بنفاذ صبر ليواجهه آدم بصمت طويل وكاد أن يتحدث مجدداً ولكن سبقه


"هتعرف كل حاجة في وقتها"


"أرجوك سيبها في حالها بقا، ده اختيارها، سيبها براحتها! دي في الأول وفي الآخر إنسانة زيها زيك إحترم اللي مرت بيه من تحت راسك، أنت ضربت صاحبها وكمان أجبرتها أنها تعيش معاك في بيتك من غير أي داعي، ولما عملت حادثة بسببك كانـ.."


"بتقول ايه أنت!!" صرخ به وقد انفجر بوجهه غاضباً "لا أنت ولا صاحبتها ولا الكائن اللزج اللي اسمه يوسف ده ولا شيرين نفسها هتمنعوني من أني أحبها زي ما أنا عايز! كفاياكوا بقا قرفتوني.. روحوا اولعوا كلكوا بجاز وسخ!" صرخ مجدداً وقد أسودت عيناه وجرى ليهشم كل شيء بطريقه كالمجنون ليندهش مراد وما إن توقف ليلتقط أنفاسه توجه ليربت على كتفه ولكن حاول آدم أن يبعد يداه ليمسك مراد بكتفاه بقوة


"أنا عارف ومتأكد إنك بتحبها، بس مش كده يا آدم.. أنا شوفتها وعارفها كويس وهي بنت ذكية، ومن كلامك عنها واضح إنها بتحبب تاخد قرارات وبتحب تتناقش بمنطقية وشخصيتها مستقلة.. الحب يا آدم مبيجيش بالعافية، لازم تفهم ده كويس!"


"مراد أمشي ومتتكلمش عنها قدامي" أخبره بعنف وعصبية محاولاً أن يلتقط أنفاسه المتسارعة "وحدش هيقولي ولا يفرض عليا أتعامل معاها ازاي!! شيرين هتكون ليا بمزاجها أو حتى غصب عنها ومش هاسمع كلمة تاني في الموضوع ده، سامعني؟!" صرخ بغضبه اللاذع وملامحه المخيفة عندما يغضب هكذا


"تمام.. أنا هاسيبك زي ما أنت عايز بس حاول متعقدش الأمور أكتر من كده، تصبح على خير وحاول متشربش كتير.. وفكر بس لو زينة حصلها كده ممكن تعمل أنت نفسك ايه!!" أخبره ثم توجه للخارج ليتركه وحده لأفكاره بينما كره أن تتعرض زينة لموقفاً مشابه ليتمتم بحرقة وآلم بين أسنانه المطبقة


"الواطية سابتني زي ما سابوني بالظبط!! ورحمة أبويا لا اندمك!" تمتم ثم تجرع من زجاجة الفودكا غاضباً بأنفاس متثاقلة "ياما نفسي دلوقتي تكوني قدامي واطلع روحك بإيدي دي واكسر راسك الناشفة بنفسي!" صرخ وضرب البار أمامه ثم لانت ملامحه قليلاً "أو حتى أتعصبي زيي أو عيطي وصوتي في وشي زي ما أنتي عايزة! قوليلي إني مجنون وعصبي وقليل الذوق وسافل وكل اللي نفسك فيه.. تعالي يا شيرين واعملي كل اللي أنتي عايزاه وأنا مش هاقولك لأ، أنا حاسس إني هاموت من غيرك، نفسي أشوفك اوي!" همس بإنكسار ثم تناول الزجاجة ثانية.. "الله يحرقك وحشتيني!"


:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


في الصباح الباكر توجهت شيرين حتى تحضر القهوة التي تعشقها لتحتسيها بالطريق ثم توجهت لتنفذ ما فكرت به ليلة أمس لتتمتم

في الصباح الباكر توجهت شيرين حتى تحضر القهوة التي تعشقها لتحتسيها بالطريق ثم توجهت لتنفذ ما فكرت به ليلة أمس لتتمتم


"أنت هايل والله يا يوسف عشان تفكرني بشيرين القديمة!" ابتسمت ثم أكملت طريقها ثم صفت سيارتها خارج الحرم الجامعي لتتوجه للداخل.


"شيرين عصام!! ياااه، إيه المفاجأة الحلوة دي؟" همس رجلاً يبدو أنه بالعقد الخامس من عمره يرتدي نظارة طبية، ملامحه مليئة بالطيبة لتتهلل أكثر عند رؤية شيرين


"دكتور أسامة وحشتني جداً ووحشتني محاضراتك اللي مكنش حد بيشبع منها" ابتسمت وهي تصافحه


"اقعدي اقعدي يا بنتي عاملة ايه؟"


"بخير.. الحمد لله"


"كده متسأليش عليا ولو لمرة واحدة؟ بقيتي مديرة الأعمال المشغولة دايماً ولا ايه؟" سألها مازحاً


"أنا آسفة متضايقش مني، واطمن مش هابقى مديرة أعمال بعد كده.. أنا قررت أدرس بالكلية ايه رأيك؟"


"وبتاخدي رأيي ولا عايزة مساعدتي؟" سألها بإبتسامة مضيقاً عيناه لها فقد فهم ما تريده منه


"ممم.. بصراحة.. أنا عايزاك تساعدني.. بعد موافقتك طبعاً" تلعثمت بخجل


"خلاص يا ستي.. بنوتي الشاطرة هتبقا مساعدتي!! أنا شخصياً أتشرف بوجودك معايا يا شيرين، طول عمرك شاطرة وذكية"


"مساعدتك؟! بجد!!" اندهشت شيرين بفرحة


"ايوة.. أنتي حظك حلو، يادوب لسه الـ Assistant بتاعي ماشي ولقى فرصة أحسن بره فخد مراته وسافر، كان معيد بردو، أنتي بقا جيتيلي في الوقت المناسب.. ومتأكد مش هلاقي أنبه وأشطر منك"


" اتطمن يا دكتور.. حضرتك عارفني وأنا مش هسافر ولا متجوزة ولا بفكر في الموضوع من الأصل..!" أخبرته ليقهقه ثم صمت لبرهة


"بصي.. أنا هاتكلم مع عميد الكلية وأنتي عارفة إنه صاحبي من زمان وبيعزي، وأول ما اخلص كل حاجة معاه هاقولك هنبدأ امتى"


"تمام.. شكراً أوي يا دكتور أسامة.. بجد مش عارفة أقولك ايه"


"متقوليش حاجة ولا تشكريني، أنا كمان مبسوط إني شوفتك تاني وعرفت إنك عندك استعداد تنزلي الجامعة.."


"وأنا كمان اتبسطت إني شوفت حضرتك.."


ودعته شيرين لتتوجه للخارج وهي سعيدة بأنها حققت شيئاً ولأول مرة لن تعمل لدى كريم أو آدم فقط لنفسها.


:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::



"جامعة .. جامعة ايه؟ أنت بتستهبل عليا ولا ايه؟"... "ماشي، تراقبها كويس والحرف اللي تقوله يبقا عندي"... " حطيت كاميرات المراقبة؟"...


رمى آدم هاتفه بحنق على الأرض وخلل يداه بشعره "ده أنتي بتلعبي معايا بقا!! أنا هاوريكي يا شيرين!"


توجه ليحمل هاتفه وقد وجده تهشم ليصرخ غاضباً "يلعن أبوك وعلى اليوم اللي شوفتها فيه وأبو التكنولوجيا التافهة دي!!"


ترك مكتبه ثم توجه لفاطمة "معلش يا فاطمة ممكن أعمل مكالمة من عندك.. أصل.. أصل تليفوني وقع من غير ما اخد بالي ومحتاج أكلم مراد ضروري"


"طبعاً يا ابني اتفضل.. ده أنت اللي جايبهولي" تبسمت له ثم ناولته اياه وما إن توجه خارجاً نظرت له وقد تعجبت لغضبه ولكنها لم تتجرأ أن تتحدث معه وهو بمثل هذه الحالة


"تبعتلي زفت موبيل جديد النهاردة!!" آمره بجفاء


"وهو ايه اللي حصل لموبيلك؟ خد دوره من التعذيب زي مكتبك امبارح مش كده؟" سأله ليستفزه فلا يعقل ما يفعله


"يوووه بقا متقرفنيش!!" صرخ به حتى كادت أذنه أن تصاب بالصمم


"طيب، طيب، خلاص.. هاجيبلك موبيل جديد وابعتهولك كمان شوية"


"هات حد يشاغل في الشركة بدل هشام وشيرين، واعمل أنت الـ Interview"


"حاضر!! تؤمرني بحاجة تانية يا آدم باشا؟؟" زفر بضيق


"لا!" اجابه ببرود


"بالحق!! هتعمل ايه في موضوع مدير أعمالك هتستـ.."


"الزفتة دي هترجع غصباً عن عينها وهتكمل معايا" قاطعه صارخاً مجدداً بغضب


"آدم أهدا ومتـ.." لم يكمل جملته وقد وجده أنهى المكالمة ليتعجب


"هي البنت دي عملت فيه ايه؟ ده حتى معملش ربع اللي بيعمله ده لما عرف ميار عملت ايه.. أنا بجد عمري ما شوفته كده، ولا حتى لما عمي مات!! الله يكون في عونها من اللي هايعمله فيها.. أنا بجد مش عارف المرادي ممكن يكون فيه ايه في دماغه!


تمتم ماسحاً على وجهه ليخبر سكرتيرة مكتبه أن تحضر هاتفاً وترسله مع سائقه الخاص لآدم.


:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::



"أنتي اتجننتي مش كده؟!" صاحت حبيبة بشيرين الجالسة أمامها


"لا قولي إني عقلت" أجابتها بهدوء لتحتسي بعض العصير


"ده بيحبك بجنون وأنتي سيبتيه كده بكل سهولة، ليه عملتي كل ده؟ ما اهو أعترفلك اهو بكل حاجة.. ده أنا لما شوفته في المستشفى كان هيتجـ.."


"أكيد كل ده مش سهل عليا!!" صاحت لتقاطعها "أنتي فاكراني طوبة معنديش احساس ولا مشاعر؟ ولا فاكراني بقيت لوح تلك زيه؟" سألتها وقد لانت نبرتها


"ما كنتي تحاولي شوية يا شيرين معاه.."


"أحاول مع آدم.. أحاول مع كريم.. أحاول انسى موت أهلي.. أحاول أعيش.. أحاول أتنفس.. أحاول أشتغل!! أنا خلاص بقا زهقت من حياتي وزهقت من تحكماته وعصبيته وقلة أدبه.. مش هاسيبه يعمل فيا اللي عايزه وكأني رهن إشارة منه عشان يرضي غروره.. ده أنا أدوس على قلبي برجليا ولا إني أرجعله تاني.. أنا خلاص مبقتش عايزة أشوف وشه" انفجرت بوجهها وقد دمعت عيناها


"أنتِ خايفة يا شيري مش كده؟" سألتها حبيبة لتتفحص عسليتاها اللتان أسرتا دموعها لتومأ لها "خلاص يا حبيبتي.. في النهاية ده قرارك وأنا معاكي فيه وجنبك.. ويا ستي كده كده هاشوفك أكتر وأنا المستفيدة" صاحت لتبهجها قليلاً وقد ابتسمت لها ثم حاولت أن تغير الحديث "قوليلي بقا فكرتي في شغل؟"


"ممم.. دي كمان مفاجأة" اجابتها لتلمع عيناها


"كده بردو يا بنت سمية ومقولتليش لغاية دلوقتي؟! ده أنتي حلال فيكي الموت وابعتك كمان لسوسو تموتك كمان ملرة.. انطقي واحكيلي يالا بسرعة" أخبرتها بلهفة


"فاكرة.. كان عندي دكتور في الجامعة كان أسمه أسامة؟"


"ممم.. باين كده.. مش ده يوم تخرجك كان لابس نضارة والقطة أكلت شعر راسه وخلت بدالها الصلعازين؟"عقدت حاجباها وضيقت عيناها "ماله؟"


"هاشتغل مساعدته يا ستي وهبقا معيدة في الكلية!!" اجابت شيرين ضاحكة لما قالته حبيبة


"شيرين أنتي بتهزري!! أنا بجد سعيدة إنك عملتي كده! أيوة بقا يا شيري يا جامد ورينا اللعب" وسعت عيناها وابتسمت لما سمتع ما قالته صديقتها


"ولا آدم ولا كريم! أهو كده احسن"


"مين عارف!! مش بعيد أسامة بتاعك ده كمان يحبك"


"يا مجنونة.. ده عنده تلاتة وخمسين سنة" صاحت بها لتقهقه حبيبة


"بهزر معاكي ياختي متتعمليش فيها بقا"


"مجنونة!!" هزت رأسها بإنكار ثم أكملت "يالا بقا نروح لحسن الوقت أتأخر.." همست شيرين لتغادرا سوياً لمنزلها.


:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


مرت الأيام ليراقبها آدم بصمت ونوبات الجنون والغضب تتملك منه مرة بعد أخرى

مرت الأيام ليراقبها آدم بصمت ونوبات الجنون والغضب تتملك منه مرة بعد أخرى.. ونوبات الإشتياق تقتله كل ثانية وكل ما ينتظره بلهفة هو موعد رجوعها منزلها كي يراها أمامه على الشاشات بمنزله ويتجرع من زجاجاته حتى حطم رقماً قياسياً فلم يعاقرالشرب هكذا بحياته من قبل وأصبحا الخمر والدخان جليساه الجديدان. لم يعطي اهتمامه لأي شيء، حتى أهمل نفسه ولم يأكل إلا نادراً.


لم يستطع مراد أن يخرجه من منزله بالكاد يوقع بعض الأوراق وترك العمل ليقع على عاتق مراد وحده، لم تتوقف زوجة مراد عن الشكوى ولكنه لا يستطيع أن يواجهه بذلك فإن كان يخافه من قبل فقد تحول الآن لشخص آخر لا يستطيع التعرف عليه، فقد الكثير من الوزن وأطلق لحيته وأصبح عكر المزاج فبدا كالوحش حتى قد خاف مراد أن يذهب لمنزله أو أن يتحدث معه بأي أمر غير العمل، فتصرفاته أصبحت غريبة لا يستطيع أن يتنبأ بها.


تقدمت شيرين بعملها وقد أعجب الجميع بها وحتى الطلاب بالكلية قد أحبوها كثيراً وقد أعطت لهم كل وقتها وأصبحت تساعد الجميع وقتلت آلامها بقضاء يومها بأكمله تقريباً بالكلية.. فكلما مر الوقت تشتاق له، تتمنى أن تراه ولو صدفة.. أو تعلم عنه أي شيء.. فكرت أن تتحدث لمراد لتطمئن عليه ولكن لم تريد أن تضعف أو تظهر أمامه بأنها مازالت تفكر به..


لم يتركها يوسف أو حبيبة ليوم فكانا بجانبها حتى لا تشعر أنها وحدها.. ولكنها كانت تشعر بالوحدة عندما تغلق عليها باب منزلها كل ليلة لتتألم في صمت حتى يتسلل النوم لجفونها بصعوبة لينتشلها من أفكارها، ثم استيقظت كل يوم لتختبأ خلف ثقتها المزيفة وبراءة وجهها البشوش دائماً.. حاولت أن تفعل كل ما تحبه ولكن لا شيء يفيد.


مرت بهم الأيام وسط صمتهما ومشاعرهما التي تقتلهما ببطء حتى دخلت بيوم مكتب دكتور أسامة بعد أن أستدعاها لأمرٍ هام لتفتح عيناها بصدمة وينفرج ثغرها مِن مَن يجلس أمام مكتبه على الكرسي المقابل


"ازيك يا آنسة شيرين؟!" سألها ببروده المعتاد وابتسم بإقتضاب ليتفحص عسليتاها البريئتان اللتان قتلتاه شوقاً لأشهر وحدق بها بتلك الرماديتان اللاتي لم تتركا مخيلتها ولو لثانية واحدة..

الفصل التالي

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-