أخر الاخبار

ترويض ادم للكاتبة بتول طه الفصل ١٨

 الفصل السابق

ترويض ادم للكاتبة بتول طه


الفصل الثامن عشر 


شردت تماماً في وجهه ولم تشعر بما حولها ولا حتى لاحظت أن دكتور أسامة يتواجد معهما بنفس الغرفة، افتقدت رائحته المنعشة الممتزجة بالنعناع وقد أشتاقت لرماديتاه التي عذبتها لليالِ.


"آنسة شيرين؟ سمعتيني؟" سألها بغروره المعتاد ليفيقها من شرودها وهو يمد يده لها كي يصافحها.


"ايه.. كنت.. أنت.. هنا.." تلعثمت وفقدت القدرة على أن تستجمع الكلام كي تكون جملة مفيدة لتراه يمسك يدها كي تصافحه


"آدم عرفني إنك كنتي بتشتغلي معاه! طبعاً الكل يعرف ده.. ولكن بيقول أنك ذكية وشغلك معاه مكنش فيه غلطة!" جاءها صوت دكتور أسامه كي تنبه على يدها بكفه كي تجذبها بعيداً


"آه، ايوة.. أنا كنت بشتغل معاه.. صح.. شكراً يا Mr آدم"


"هو بيقول الحقيقة عموماً" صاح دكتور أسامة "شيرين من أحسن تلاميذي هي ذكية ونبيهه جداً"


أومأ آدم برأسه بغروره المعتاد ثم لم يفعل شيئاً غير تفحصه الدائم لشيرين! لم يعجبها نظرته المتفحصة لها بالرغم من إشتياقها له ولكن ما يفعله لا يليق بالموقف فشعرت بالإحراج خاصةً عندما ساد الصمت


"ويا ترى الزيارة السعيدة المفاجأة دي ليه؟" سألت شيرين بإبتسامة مزيفة وقد علم آدم تماماً أنها تتهكم


"أنا اتفقت مع آدم أنه هيلقى ندوة هنا في الجامعة..."


"ندوة ايه؟! ملقتوش غير آدم رأفت؟ ده يعني اللي مثل أعلى عشان يكون قدوة مثلاً ويدي ندوة!!" صاحت شيرين لتقاطعه وقد تملكها الغضب


"شيرين!!" همس بغضب متفاجئاً من قولها ليدنو منها خافضاً صوته "الراجل ضيف في مكتبي ازاي تتكلمي قدامه كده؟" سألها وقد شعر بالحرج "أنا بعتذرلك يا آدم هي أكيد متقصدش.. هي بس.. مرهقة وتعبانة شوية اليومين دول ومش مركزة" حمحم بخجل محاولاً أن يُصلح الموقف


"بجد؟" سأل ببرود وجفاء ليتفحصها مجدداً ولكنه من داخله كاد أن يدفع عمره ليعلم عنها أي شيء بماذا تشعر؟ هل أثر غيابه بها؟ هل عانت مثله؟ هل أشتاقت له مثل ما كاد الاشتياق أن يقتله؟


"معلش بس تقصد ايه بسؤالك؟" تعجب دكتور أسامة


"مفيش مفيش" هز رأسه بإنكار كمن لا يكترث ولكنه على وشك الإنفجار من ما قالته


"أنا آسفة يا دكتور بس أنا ماليش دعوة بالندوة دي، ومش هاشرف عليها نهائي، ولو الموضوع مهم بالنسبة لحضرتك ممكن تشرف عليها بنفسك أو حد من المساعدين معاك، أنا بعتذر مرة تانية بس معلش أنا ماليش دعة بالموضوع ده.."


تحدثت بجدية وقد أرسلت خصلتها الفحمية خلف أذنها كأنها تريد ألا تختبأ خلفها مجدداً وتريد مواجهته، هي فقط تُريد أن تعلمه أن قرار بُعدها عنه كان وسيظل قائم


"بعد إذنكم.. أنا مُرهقة شوية وهاروح" أخبرتهما لتغادرهما وآدم لا يبدو عليه الإندهاش وظل بارداً كما كان دائماً.


"أنا آسف جداً على اللي حصل ده وبعتذرلك.. أنا عارف كويس أنت مين وكمان كونك رجل أعمال ناجح وفي نفس الوقت بتمثل وبتعمل اللي بتحبه ده هيحفز الطلبة بـ..."


"دكتور أسامة أنا مقدر كلامك، بس بردو أنا مجيتش هنا غير لما عرفت إن أن مديرة أعمالي هي مساعدتك وهي الوحيدة اللي هتقدر تنظم Event زي ده.. لو هي مش هتشرف على التنظيم لأنها عارفة كويس أنا بشتغل ازاي اعتبراتفاقنا لاغي.. دلوقتي عندي معاد مهم مش هينفع يتأخر.. سلام" مد آدم يده بكل غرور كي يصافحه ولم يتبسم حتى مودعاً اياه فقط أخبره هذا بملامح جامدة


"سلام" صافح يده أيضاً وهو يتعجب من كل ما حدث أمامه في ثوانٍ منهما ثم توجه آدم للخارج منتظراً المصعد وقد تبسم نصف ابتسامة بزهو ليفكر


"أنا مش عارف كل لما بشوفك ايه اللي بيحصلي" وسعت ابتسامته "يااه يا مراد لو تعرف جرالي ايه اول ما شوفتها النهاردة.. لو بس كنت شوفتني من شوية كنت هتوافق على موضوع الندوة ده من غير خناق معايا!"


تمتم ثم فتح باب المصعد ليجد شيرين بداخله واندهشت هي من ابتسامته التي لم تعهدها ثم اعتصرت عيناها لتغلقهما بحنق.


"ده ايه الصدفة الحلوة دي" همس آدم وهو يدخل المصعد ولكن لم تدري هي لماذا لم تغادر وتأخذ الدرج أو تنتظر المصعد الآخر


"صدفة زي الزفت بصراحة" تململت وأشاحت بنظرها بعيداً عنه عاقدة ذراعيها


"لا بجد، شكلك بتهزري؟" سألها بمكر


"وأنت مين أنت أصلاً عشان أهزر معاك.. ده كفاية إن يومي اتقفل أول ما شوفتك" اجابته ليخفق قلبها بجنون وهي تعلم أنها تكذب تماماً


"هنشوف" وسعت ابتسامته ليوقف المصعد ضاغطاً على زر بلوحة المصعد


"أنت بتعمل ايه، أنت اتجننت؟" صرخت به لينظر لها ويتفحصها وقد اسودت رماديتاه "أنت يا قليل الذوق بتعمل ايه؟" اخبرته بغضب لتحاول أن تتحرك وتمد يدها كي يستكمل المصعد الهبوط ولكنه قد مسكها من ذراعيها بقوة ليدفعها للحائط بكلتا يداه لينظر لعسليتاها واقترب منها حتى شعرت بدفئ جسده


"مضايقة اوي إنك شوفتيني؟" سألها وقد غابت عن نبرته كل المشاعر


"بتقول ايه أنت.. سيبني وسيب ايدي وخللي عندك شوية احترام!! اللي بتعمله ده مينفعش وميصحش وممكن أرفع عليك قضية أساساً! ده أسانسير الكلية وفيه Camera وده يعتبر دليل ضدك.. اعقل كده وابعد عني"


صاحت به ليشعر بإنفجار الغضب بدماءه ولكنه تمالك أعصابه بألا يصرخ بها حتى لا يتم ملاحظتهما من قبل أي أحد


"وآه صحيح أنا نسيت.. إجابة سؤالك هي آه اتضايقت لما شوفتك.. لأني مش طايقة أبص في وشك بصراحة" همست بإستفزاز كي تجد قبضتاه تقوى على ذراعيها ليتملك منها الألم وحاولت كتم توجعاتها حتى لا تظهر أمامه بأنها ضعيفة


"طب ايه رأيك بقا أفك الشعر الأسود اللي بيجنني ده وأجرجرك منه من أول الأسانسير لغاية عربيتي والكل يتفرج على الآنسة المحترمة المعيدة شيرين عصام وهي بتتعامل معاملة الستات الشمال، ولا أقولك فيه اقتراح تاني، تلمي نفسك ولسانك اللي عايز قاطعه ده وتخللي عندك شوية احترام ونمشي مع بعض زي أي اتنين كانوا بيشتغلوا سوا ونروح نتكلم في أي مكان!! تختاري ايه؟!"


اقتبس كلامها الذي تفوهت به منذ قليل ونظر له بنفاذ صبر وقد اسودت عيناه تماماً ولم يدري من أين جاء هذا الكلام فهو لم يخطط لأي من هذا ولكنها رفضت أن ترضخ له أو تخضع لأوامره


"ولو مخترتش ولا اختيار فيهم؟" سألته لترفع حاجبها اليسار لتتحداه


"تمام براحتك.. بس خليكي واثقة إني هاعمل اللي مش هيعجبك وعموماً أياً كان اللي هاعمله هيكون أصعب من إني أجرجرك من شعرك ده"


اجابها ثم عبث باحدى يداه على خصلة من شعرها وقبضته الأخرى مازالت تثبتها في مكانها حتى لا تتحرك بقوة ودنا منها حتى لاحظت ما يريد فعله فصاحت به


"خلاص هاروح معاك.. بس نص ساعة بس!"


"ذكية!" تنهد آدم ثم تبسم بغرور ثم تركها وضغط الزر حنى يستكملا طريقهما للأسفل.


مشت معه وقد نظر جميع من بالكلية والجامعة لهما فهم يعلمون جيداً من هو ولكن من يعلمها كان القليل، تعجبت الناس من هي حتى تمشي بجانبه كذلك بغرور وعاقدة ذراعاها غاضبة كمن ستقتل أحد فملامحها تصرخ بهذا.. وما أدهشم أكثر كان فتحه لباب السيارة لها ثم جلوسها بجانبه بسيارته الخاصة وأنه حتى ليس لديه سائقاً.


فكرت شيرين وهي متأكدة أنه فعل هذا من أجلها، هو لم يفعلها بحياته.. ندوة ماذا ولماذا دكتور أسامة بالذات دوناً عن باقي أساتذة الجامعة.. "وحتى لو وحشني وأنا كمان وحشته أنا مش هاسيبه يدمر حياتي أبداً!!" تحدث عقلها ليملئها ثقة وجرأة ومازالت عند قرارها الذي أخذته ولن تفرط في راحتها تلك بمجرد ظهوره بيوم ما.. فقط ستتحدث معه وستتركه وهذا سيكون كل الأمر! أو هكذا ظنت!!.


"اتكلم" آمرته بنفاذ صبر


"ده أنتي بتدي أوامر اهو.. لا حلوة دي" صاح متهكماً


"قلت من شوية إنك عايز تتكلم.. فانصحك تقول عايز ايه عشان عدا من النص ساعة خمس دقايق!" أخبرته بنبرة مليئة بالغرور بعد أن نظرت بهاتفها لتتفقد الساعة ثم أشاحت بنظرها عنه ليثبت هو رماديتاه عليها ووقف ليصف سيارته بجانب الطريق لتجده ينفجر بالضحك.


لم تريد أن تبادله شيرين النظرات فقط أشاحت بنظرها بعيداً ثم سمعت ضحكاته تتعالى وقهقهته تتزايد بدون توقف مما أزاد جنونها وفضولها فهي لم ترى ما يستدعي تصرفه هذا وقد نفذ صبرها لتتثاقل أنفاسها بغضب فهي لم ترد أن تفوت هذا المنظر فاستسلمت ثم نظرت له وقد دمعت رماديتاه الصافيتان قليلاً لتندهش ثم عقدت ذرعاها مجدداً


"وايه بقا سبب الضحك ده كله، واضح انها نكتة لذيذة اوي، ما تضحكني معاك بالمرة" صاحت بتهكم وقد احمر وجهها من الغضب


"لذيذة اوي" همس بين ضحكاته الهيستيرية ليغضبها أكثر ثم صمتت هي لتنتظر ما سيفعله ولمحت مقبض الباب لتنظر له وعلم بما تفكر جيداً ثم انطلق هو بالسيارة ليسود الصمت وقد توقف عن الضحك لتحل ابتسامة عريضة مكان ضحكاته المتعالية ليطول صمته وقد غادرها كل الصبر وكادت تشعر بالإختناق


"أنت بتضيع وقتي باللي بتعمله ده، جايبني معاك عشان تضحك وتسكت؟!! أنت شخص بارد صحيح! ما تتكلم زي ما قلت ولو معندكش حاجة تقولها سيبني اروح بيتي" صرخت به بغضب


"وبعدين مظنش إننا أصلاً فيه حاجة ما بيننا نتكلم فيها" همست بقليل من الحزن وقد قوت قبضته على مقود السيارة لينظر لها نظرة خاطفة ثم اسودت عيناه تماماً ورأته يزيد من سرعة السيارة لا تدرك لماذا يفعل هذا ولم تتعرف على الطريق الذي يسلكه مما أخافها ولكنها قررت ألا تبقى ساكته هكذا "أنا بقا قرفتني.. عايز ايه مني؟ ما تسبني في حالي!" صرخت بأعلى صوت لها


"قرفتك؟!" سألها بهذه النبرة المجردة من المشاعر التي أصبحت على علم ماذا تعنيه تلك النبرة جيداً


"ما تولع ولا تتحرق وتبطل تحكماتك دي.. أنت مش هتيجي تعلمني أتكلم ازاي" خفضت صوتها بإستفزاز حتى يغضب أكثر لتصبح السرعة جنونية وقد تملك منها الرعب في هذه اللحظة... تريثت قليلاً حتى يهدأ ولكن لم يتغير شيء


"آدم بطل السرعة دي لو سمحت.. وسيبني انزل واروح، أنت بقالك تلت ساعة عمال تسوق ومتكلمتش في حاجة، اركن على جنب واتكلم وخلصني" همست بهدوء حذِر


"قدامي دلوقتي عشر دقايق، مش كده؟" صاح بها بغموضه الذي كالعادة يخبأ خلفه غضب جم


"مقصدش.. سوق بالراحة بس شوية" أخبرته بخوف وعيناها تتأرجح بين وجهه لتطلع على ملامحه وبين الطريق "آدم.. اركن"


صاحت بخوف وقد شعرت برجفة بجسدها ولكنه لم يستجيب لها وأطال صمته "سمعتني؟ بقولك اركن على جنب!!" سألته كي تحصل منه على أي ردة فعل ولكنه لم يجيبها مجدداً


"أنت سكران ولا مسمعتش اللي قولته؟ بقولك اركن على جنب!" تعجبت منه وأخبرته ليشعر بالرعب يملئ نبرتها وأنفاسها المتعالية المتسارعة قد جعلتها بحالة هيستيرية


"يخربيتك بقولك أقف، أنت عايز تموتنا المرادي احنا الأتنين؟ مكفاكش اللي حصلي من كام شهر ولا نسيت؟ عايز المرادي تدخل المستشفى معايا عشان محدش فينا يطلع على رجله؟ كفاية بقا حرام عليك، أنا بترعب من السواقة بسرعة، أنت ليه بتعمل فيا كل ده؟"


صرخت به بحرقة كي تنفجر من البكاء الهيستيري وقد تكورت على نفسها لتدفن رأسها بيديها لتجده يتوقف وقد هدأ هدوءاً مريباً ولم ينظر حتى لها.. لم يتحدث كأنه يتلذذ بتألمها هكذا.. كمن يشعر بالراحة لأنها تعانِ.. رضاء طاغي أثلج صدره فقط لأنها ولو للحظة واجهت مقدار ضئيل مما واجهه الأيام الماضية.. أخرج سيجارة ثم بدأ بنفث دخانها ببطأ وهيمنة متناهية كمن يستمتع بحالتها هكذا.. سيقتل من يعرضها لمثل هذا ولكن إذا كان عذابها بسببه فقط فهو بالنسبة له قمة السعادة كمن يحيى بالجنة.. طال صمته وطال بكائها لمدة ولم يشعر أياً منهما بالوقت..


فكرت شيرين لماذا هي بجانبه الآن ولماذا تخضع لكل ما يريد؟ ألم تأخذ عهداً على نفسها ألا تضعف أمامه؟ ألا يرى آلامها؟ أليس هي من قالت أنها ستعتصر قلبها بيديها حتى لا تدعه ليعبث برأسها وحياتها مجدداً؟ لماذا يعطي نفسه الحق حتى يدمر كل شيء بحياتها هكذا؟ "هو ليه مبيسبنيش في حالي؟عايز ايه مني تاني؟ جاي ليه وعشان ايه؟ كل موقف وكل خناقة وكل مناقشة ما بيننا اخرتها بتبقا كارثة لواحد مننا!! يا هو يتعصب أوي ويسكر يا أنا افضل أعيط، وكفاية إن في مرة كنت هاموت فيها، عايز يوصلنا لإيه؟ عايز واحد فينا يموت عشان يرتاح؟!!"


فكرت لتهدأ عن البكاء ومجرد فكرة أن يحدث له شيئاً أخافتها، لم تدرك ما السبب حتى تشعر بمثل هذا الخوف عليه وهي خاصةً بتلك الحالة.. احست بآلم يعتصر قلبها وتذكرت عندما أختفى فجأة بدون سابق إنذار، تذكرت كيف كانت أوجاعها عندما غادر لتجلس وحدها كل ليلة كمن تشعر أنها عارية وليس هناك ما يغطيها أو يحميها..


"خلصتي؟" سألها ببرود مخيف لتنظر له بإستغراب فلم تلمح إلا جانب وجهه الذي فرغ من المشاعر كأنه يتحاشى آثار بكائها ودموعها ببرائتها التي يعلم جيداً أنها قد تجبر جبل على الانهيار


"ليه بتعمل كـ.."


"أنتي هترجعي تشتغلي معايا" همس بنبرة آمرة وسط دخان سجائره


"مش هايحصل.. مش هايحصل ولو بعد مليون سنة" أخبرته بتصميم


"هترجعي وهتسمعي الكلام ومش عايز نقاش" أكمل نفث دخانه بتصميم حطم تصميمها


"ولو مرجعتش؟!"


"أنا كنت فاكرك ذكية.. بس واضح إنك مش ذكية اوي" همس بمكر


"ايه اللي بتقوله ده؟ تقصد ايه بكلامك؟؟" استغربت وعقدت حاجباها


"احسنلك متعرفيش ده دلوقتي.." اجابها ببروده وغروره المعهودان


"بص.. أنا مش حمل حركاتك دي ولا عندي استعداد لألغازك ولا لبرودك دول، أتكلم بوضوح كده وخلصني ولا أضيع وقتك ولا تضيع وقتي" همست بإنكسار ثم أكملت "أنا تعبت بقا من تصرفاتك ومن كل حاجة معاك" أخبرته ليشعر بإعتصار قلبه ليبعث الغضب لسائر حواسه ولكنه لم يفقد سيطرته فقط القى سيجارته بعصبية وتوجه لها


"مفيش حاجة هتخلص.. ده احنا يادوب لسه بنبتدي" حدق بها بمكر


"نبتدي ايه؟ أحنا مش خلصنا من الموضوع ده وسبت الشغل معاك؟ ايه اللي فكرك بيا بعد شهور؟" سألته ليبتسم بإستنكار ورفض تام ليهز رأسه فليتها تعلم ما عاناه تلك الشهور بدونها "أنا عندي شغلي وحياتي ومبسوطة ومعنديش استعداد أرجع أشتغل معاك عشان اتعذب تاني.. أرجوك سيبـ.."


"هتتعدلي وتعقلي وترجعي الشغل وإلا ورحمة أبويا هاموتك" قاطعها صارخاً حتى يرسل رجفة لجسدها


"بس.. لأ.. أنا.. مش عايزة" همست بخوف لتنظر له وقد تسارعت حركة أهدابها، لم تدرك لماذا لم تتحدث لتحتج على قوله فليس هناك إنساناً لديه الحق بأن يقتل أحد من الأساس


"بصي أنتي لغاية دلوقتي متعرفيش أنا مين ومشوفتيش قلبتي.. خليكي ذكية وبطلي جدال معايا واسمعي الكلام"


"أرجوك كفاية بقا!! مفيش حاجة تخليك تعمل كل ده، محسسني إن يعني الدنيا هتتهد لو مرجعتش شغلي معاك، أنت ايه مش عايز تفهم إن كل اللي كان بينا كان مجرد شغل، وأنا مش زي أستاذ مراد، هو ابن عمك وكان بيستحملك وبيستحمل جنانك.. إنما أنا وأنت مفيش حاجة تربطنا ببعض عشان أقبل عمايلك السودة دي، أنا حاولت معاك كذا مرة بس أنا مش عارفة لا أتعامل ولا عارفة أستحمل طريقتك.. سيبني بقا في حالي وكفاية أوي اللي حصل لغاية كده.."


"كفاية إني أنا عايز كده وهترجعي"


"آدم أنا مش حتة جماد عندك عشان تتحكم فيا كده.. وأنت أظن عرفت تشتغل من غيري، ايه بقا اللي جد فجأة كده؟ أنت قضيت شهور من غيري وأنا مجرد بنت صغيرة وهتلاقي اللي احسن مني في الشغل.. مفيش حاجة هتوقف عليا وأنا مش هانفعك في حاجة، ياريت لو سمحت كل واحد يبعد عن التاني ومن غير خناق بعد إذنك"


توسلت له وقد سيطرت عليها الحيرة حتى لا تعلم ما السبب وراء كل أفعاله تلك لتجده يخلل شعره بيداه بكل عصبية وليس لديه شيئاً كي يقوله، فللتو قد هدد بقتلها وكأنها لم تستمع أو بالأحرى لم تدرك أنه قادر على أن يفعلها


"بصي" جذب رسغ يدها بقوة وقد ألمها بشدة "أنتي يا غبية انتي هترجعي، وأنا مجنون ومتعرفيش جناني ممكن يعمل فيكي ايه، أنا ممكن أموتك لو وصلت لكده، ويكون في علمك أقدر أعملها ولا حاجة تفرق معايا" تكلم ببرود حتى يبعث لعقلها الجنون


"ليه.. ليه بتعمل فيا كل ده؟!! ما تسبني في حالي أنا زهقت" صاحت به


"هو كده بقا وإذا كان عاجبك!" اجابها بلهجة آمره


"لا مش عاجبني وأنت مالكش حق تـ.."


"ما تخرسي بقا! أنتي ليه عنيدة كده؟" قاطعها لينهيها عن الكلام


"عنيدة!!" كررت كلمته ثم تابعت "وأنت ليه بتعمل فيا كل ده؟"


"غبية!" صرخ بها


"ما تخللي عندك دم وتتكلم بإحترام وسيب ايدي يا قليل الذوق أنت" قابلته بصراخ مماثل لصراخ


"أنتي بتشتمي تاني؟" صاح بها بغضب


"وأنت عايزني أفسر تصرفاتك دي ازاي؟ أنت إنسان مغرور وعصبي ومبتعرفش تسيطر على جنانك وتصرفاتك زي الحيوانات المفترسة، وكمان معندكش احساس وبارد زي لوح التلج.. أنت بتعمل كل ده عشان ايه؟ بتحبني مثلاً أو جواك مشاعر ليا؟! حتى لو ده حصل هبقا عارفة إنك كداب.. التفسير الوحيد لكل اللي بتعمله هو إنك عايز تتحكم في كل حاجة بالغصب وتمشي كلمتك وخلاص.. أنت بس مغرور.. ومتحكم.. ومجنون.. وقليل الأدب!! وأنا مش عايزة أشوف وشك تاني!"


تحدثت بصراخ لتستفزه كي تعلم لماذا صمم على أن تذهب معه، تريده أن يقول أي شيئاً منطقياً حتى تستطيع أن تفكر فهي تحاول أن تعطيه الفرصة ولكنها وجدت عيناه تلمع بشر غريب وقد تذكرته في تلك الأوقات التي تحول بها تماماً كشيطان مفزع


"أنا بقا هوريكي الجنان وقلة الأدب والتحكم على حق عشان تبقي تقوليها تاني!!" همس بخبث ثم دفع يدها بعنف وأدار محرك سيارته ثم انطلق بجنون ليتضاعف فزعها.


:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


"ما هي شيرين دياللي قولتلك عليها، من ساعة ما جت وهو حاله اتقلب بين يوم وليلة وهي شكلها كده اللي كشفتله اللي حصل في الإجتماع بس مش عارف ازاي فهمت" صاح هشام متحدثاً لميار


"بقا كده!! ماشي يا آدم يا رأفت!! أنا هوريك حتة البت دي هاعملك فيها ايه عشان تفرح اوي بيها" تمتمت ميار متحدثة لنفسها


"ميار أنتي معايا؟!" لاحظ هشام شرودها


"آه معاك.. بص المحامي خلاص هيخلص كل حاجة الجلسة الجاية ومتقلقش.. هانت"


"أما نشوف آخرتها ايه"


شردت ميار مجدداً والحقد يسري بدمائها لتفكر ماذا لو كان آدم فجأة أحب تلك الفتاة وتركها لتتحكم بكل شيء بل ويستمع لها وينفذ ما تريده هي؟! لن تتركها ولو للحظة واحدة تتحكم في كل ما أرادته هي من الوهلة الأولى معه.. ستدمرها وستريه من هي حقاً حتى لا يستهين بها مرة أخرى..!


::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


© 2019 by Batoul

الفصل التالى


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-