أخر الاخبار

حكاية روح الكاتبة غادة الرابع والخامس والسادس

 الفصل السابق

حكاية روح الكاتبة غادة


الفصل الرابع 

صدمت مريم بما سمعته من نجود ،

_

-انتحل شخصية، أليست هذه جريمة ، و كيف ذلك ؟

- سأرتب كل شيء عزيزتي لا تخافي ، و كل شيء مضمون 

- سيدة نجود ، الموضوع خطير نوعا ما 

- ظننت أنك تردين مساعدتي 

لتنهار باكية ، لتضمها مريم 

- عزيزتي انا اسفة حقا ، الموضوع اني خائفة 

- لا تخافي من شيء ستسافرين إلى تونس ، هناك شخص محل ثقة سيقوم بإعطائك جواز سفر بإسم إبنتي، و الأوراق اللازمة من أجل دراستك 

سأقوم بنقلك إلى جامعة أخرى ، و سأتكفل بكل المصاريف 

لم تنتبه مريم إلى أن نجود قد خططت لكل شيء كأنها كانت تنتظر هذه اللحظة منذ زمن بعيد 

- أريد أن أفكر قليلا 

- فكري كما تريدين عزيزتي و تذكري أني لن اجبرك على فعل شيء لا تريدينه، أنا فقط أريد أن أعيش، 

لا أريد أن أموت في بلد غريبة ، يكفيني ما عشته من ألم هنا 

- سأخبرك بقراري غدا 

- سأنتظر إتصالك 

ودعت نجود مريم و عادت مريم إلى الإقامة الجامعية و في رأسها الف سؤال و سؤال 

..............

في إحدى الكافيهات 

جلست نجود قبالته و هي تحكي له ما حدث مع مريم 

- هل تعتقدين أنها إقتنعت ؟

- أظن ذلك يا عمر ، بدت جد متأثرة 

- يجب أن أعترف أنك قد وجدت فريسة مناسبة جدا لخطتنا 

- و المسكينة تظن أن لقائي بها كان محظ صدفة

- يجب علينا أن نتصرف بسرعة ، قبل أن تبدأ بإكتشاف كذبك عليها 

- ستتصل بي فالغد ، اذا وافقت و هذا إحتمال كبير، أريد تذكرة إلى تونس ، و لا لتخبر رجالنا هناك أن يهتموا بكل الأوراق المهمة 

- لك ما تريدينه، لكن انا خائف عليك نجود، لقد خسرت في الماضي كثيرا، لا أريد أن تخسري مجددا و الأهم لا أريد أن تخسري حياتك ، خالد ليس سهلا و لكن سأدعمك في أي قرار تريدينه، أنتي تعلمين معزتك في قلبي 

لتربت نجود على كتف عمر 

- أعلم كل هذا يا عمر ، لكن هذه فرصتي الوحيدة من أجل الانتقام لإبنتي التي عاشت و ماتت و هي يتيمة و والدها يعيش حياة رغدة مع عائلته ، والدها الذي تخلى عن أمها من أجل أموال عائلته، 

أريده أن يذوق من نفس الكأس الذي أذقني منه ،

أريده أن يفقد كل شيء مرة واحدة ، و لا تنسى انا لازلت زوجته قانونيا ، سنرى كيف ستقبل العائلة زوجة إبنهم و حفيدتهم

- حسنا ، كل شيء سيكون جاهزا ، إحرصي على موافقة مريم فقط 

- شكرا على كل شيء عمر ، لا أعلم ماذا كنت سأفعل بدونك ، لقد كنت صديقا حقيقيا و اخا لي طول هذه السنين ، و الأن انت تساعدني على أخد حقي و حق إبنتي 

ابتسم عمر 

- لا داعي للشكر ، لا تتصورين سعادتي حين إلتقيت بك قبل عشر سنوات في باريس مع روح ، و حين قصصت عليا ما حدث معك ، وعدتك اني لن اتخلى عنك ابدا 

(تعريف بسيط عن عمر 

عمر هو صديق نجود من أيام ما كنت موظفة في شركة خالد و والده و كان يحبها جدا لكن خالد سبقه و تزوجها ، لكن ظل عشقه لها خالدا في قلبه و حين إلتقاها في باريس، أحس أنه وجد ضالته ، و اقسم على البقاء بجانبها و منذ ذلك الحين و هو الصديق الوفي لها و الوالد الذي لطالما حرمت منه لروح ، هو رجل أعمال لكن لديه العديد من الأعمال غير القانونية )

 


.......

في فيلا عائلة عباس 

- إسمعا أنتوما الإثنان ، تركت لكما الحرية المطلقة في حياتكما ، لكن هذا ليس معناه أن تكسرا القوانين 

حاول يوسف التبرير 

- جدي نحن فقط أردنا الابتعاد قليلا 

لتتدخل ماجدة 

- عزيزي مكانكم هنا ، هذا بيتكم ، أنتم أولادنا حتى اذا توفي أبوكم هذا سيضل بيتكم 

لوى هشام شفتيه في سخرية 

- بعد كل هذا العمر ، و لازلت تكرهينها، و تحميلنها المسؤولية ، لدرجة لعدم ذكرك لها و إكتفائك الدائم بذكر والدي فقط 

- عزيزي ، أنا فقط......

- لا داعي للتبرير جدتي ، أما بالنسبة لموضوع المبيت في البيت الأخر فنحن نفكر في الانتقال إلى هناك 

تغيرت ملامح عباس إلى غضب شديد 

- أتتحداني يا إبن سيف ، مثل والدك تماما، دائما ما كان يعصي أوامري 

- انا لا أعصيك يا جدي، لكن ذلك بيت والدنا و والدتنا، و نريد السكن فيه و هذا حقنا 

- كبرت و أصبحت تقرر ، افنيت عمرا لتربيتك انت و أخيك، و حين بقي لي في الدنيا أيام معدودة تريد تركي 

غلبت الدموع عيون ماجدة و قالت بنحيب

- هل اهون عليك يا هشام أن تتركني انت و أخوك 

حضنها هشام 

- بالتأكيد لا يا نانا ، أنا لم أقرر بعد لكن تفكرنا في الموضوع انا دائما هنا من أجلك لتفترق عن حضنها و يتقدم يوسف و يحضنها 

- نحن اسفون يا نانا لن نتركك ابدا 

إقترب هشام من جده 

- لن نذهب ، حسنا 

لينظر له عباس نظرة شك 

- ثم أي أيام معدودة يا جدي ، صحتك أحسن من صحتي 

- ستحسدني يا غبي 

- إذن انت تتدلل على ماجدة حين تخبرها انك متعب و انت لازلت في ريعان شبابك 

ليضحك عباس و يحضن هشام و ينضم إليهم يوسف 

- أنتم سندي و ظهري، لا تكسروا هذا الظهر بعد هذا العمر 

شد يوسف على يد جده 

لا عاش و لا كان من يكسر ظهر عباس البحيري 

و خرج الأربعة من غرفة المكتب 

...........

كانت مريم في غرفتها ، تفكر مرارا و تكرارا في خطواتها التالية ، هل تساعد نجود و تخاطر بنفسها ، فعلى حسب كلام نجود فخالد شخص مؤذي و ممكن أن يقوم بأذيتها ، لكن ماذا عن نجود ممكن أن تموت لو لم تقدم لها المساعدة، رأسها ينفجر من التفكير ، قامت بالبحث عن خالد في مواقع التواصل الاجتماعي ، و ذهلت بالفخامة التي يعيش فيها، همست لنفسها اذا أصبحت روح هل سأعيش في نفس هذا المستوى ، ليتك عيشتي يا روح لتري ثراء والدك ، اذا قبلت هناك إحتمالان ، إحتمال أن يكشف أمري و سأذهب إلى السجن او لن يكشف أمري و سأعيش حياة رغدة، إضافة السيدة نجود اكيد ستقوم بحمايتي جيدا 

هكذا حاولت مريم إقناع نفسها ، لكنها لا تعلم أنها قد فتحت باب لن يقفل بسهولة 

إتصلت مريم بنجود و بدون مقدمات 

- انا موافقة 

- عزيزتي لا تعلمين مدى سعادتي لقد أنقذت حياتي 

- حسنا ماذا عليا أن أفعل ؟

سأخبرك 

.........

الفصل الخامس 

بدأت نجود تشرح لمريم الخطة ، حيث أن مريم ستسافر إلى تونس كما أخبرتها سابقا ، و هناك ستضل لمدة أسبوع ، لحين تجهيز أوراقها المزيفة ، و كل يوم ستقوم نجود بالاتصال بها لتعليمها كيف تقوم بالتصرف عندما تلتقي بخالد و عائلته، 

- موعد طائرتك في الغد مساءا سأرسل لك التذكرة و تذكري أن لن يستطيع الاطلاع على هذا السر 

- لا تقلقي سيدة نجود ، أن أخبر أحدا 

-نامي جيدا صغيرتي أمامنا عمل كثير ، و لا يسعني شكرك كفاية على قمت به 

- لا تشكرني، لن استطيع العيش و انا أعلم أنك قد تموتين اذا لم أساعدك 

- انت طيبة القلب يا مريم أم يجب عليا منادتك روح 

- أعتقد أنني روح الأن 

..........

في إحدى شركات البحيري 

- نعم يا عمي ، هل هناك خطب ما 

قالها هشام بعد دلوف خالد إلى مكتبه 

- هل يجب أن تكون هناك مصيبة لكي أزورك يا ولد 

- الشيب سوف يظهر في شعري و لازلت تندهني بالولد 

- و ستضل ولدا بالنسبة لي ، أنت و يوسف مثل أولادي ، و إشتقت جدا لأولادي عندما قرروا المبيت خارج البيت 

- فتحت مع جدي و جدتي موضوع الانتقال إلى بيت والدينا ، و كاد جدي أن يصاب بنوبة قلبية و إنهارت جدتي ، فألغي المشروع 

- أتعتقد اني لم أحاول قبلك، السيد عباس لن يقبل أبدا لفكرة أن تتفكك عائلته 

- لذلك يكرهون والدتي يظنون أنها فككت العائلة ، مع أنها توفيت لكن يحملونها مسؤولية وفاة والدي مع أنها ماتت معه في نفس الحادث 

تنهد خالد بقوة 

-دعك من الماضي يا هشام ، لن تشفى جروحك و انت تقوم بلمسها، اتركها لتلتئم ، لدي إجتماع الأن 

أراك على الغداء

خرج خالد ليغرق هشام في بحر من الذكريات 

فلاش باك عندما كان عمره 7 سنوات و أخوه الصغير سنة واحدة ، يذكر تلك الليلة جيدا فقد أتت والدته إلى غرفته ، تلك السيدة الجميلة أمارا ، لازال يذكر ملامحها الملائكية ، خصلاتها الناعمة ، و ضحكتها الرائعة، كأي طفل كان متعلق بوالدته جدا ، أخبرته في تلك الليلة عن أن والدتها مريضة و يجب عليها السفر هي و والده من أجل رأيتها لكن هو لن يسافر معها، يتذكر أنه ترجاها كثيرا من أجل أخده معاها لكنها لم توافق ، عندما كبر فهم أن جدته أجبرتها على تركه هو و أخيه لأنها لم تكن تثق بها و خافت أن تأخده و أخيه و والده إلى اليونان و يبقون هناك و لا يعودوا ، كنا ورقة ضغط لحد عودتهم، لكنهم لم يعودوا ، منذ ذلك الوقت و هي تحملها مسؤولية موت والدي ، و كان قد سمعها في إحدى المرات تقول: لو تزوج بمصرية لعاش لكنه تزوج بتلك الساحرة اليونانية التي تسببت في موته 

تألم كثيرا من كره العائلة لها ، لقد كانت أطيب إنسانة ، ليس ذنبها إن عشقها والده و كلل عشقتهم بالزواج، أمسك برأسه و هو يحاول طرد كل هذه الأفكار من رأسه لكن هيهات فهذه الأفكار هي رفيقه الدائم و سر حزنه المستمر 


.........

سافرت مريم إلى تونس و لقيت ترحيبا عظيما ، حتى أحست أنها إتخدت القرار المناسب ، فنجود قد حجزت لها في أفخم الفنادق و جعلت الجميع في خدمتها، فهي تلعب على نقطة أن مريم من طبقة متوسطة، كانت نجود تدرب مريم جيدا على دورها لأنها كانت تريدها أن تبدو أنها روح تلك المسكينة التي حرمت من حنان والدها لمدة 20 سنة، 

حتى أنها توقفت عن منادتها مريم، و إستبدالها بروح ، كان على مريم أن تموت لترجع روح إلى الحياة و ها قد رجعت روح 

في هذه الأثناء عملت نجود على إثارة بعض البلبلة حول رجوعها إلى مصر، لتصل تلك البلبلة إلى أذن خالد ، و الذي بحث عن عنوان فندقها ليذهب له ، هل هو الاشتياق أم الفضول الذي يدفعانه إلى الذهاب إليها، ماذا سيقول ؟ هل يخبرها أنه لم يذق طعم السعادة منذ أن غادرته، أم يخبرها أنه نادم ، ترى ما شكلها الأن ، هل إحتفظت برونقها أم أن الزمن قد رسم لوحاته على وجهها الخلاب ، أفكار متضاربة و عديدة كانت تدور بخلد خالد و هو يقود بسرعة جنونية نحو ذلك الفندق 

في ذلك الوقت كانت نجود جالسة فالمطعم التابع للفندق ترتشف قهوتها و تعيد الأحداث في ذهنها ، إبتسمت حين تذكرت كيف أوقع القدر مريم في طريقها حين ذهبت إلى جامعة إبنتها من أجل إستلام اشيائها ، حين جلست في مكتب المدير الذي كان يقول بعض كلمات ليعزيها، لكن عيناها وقعتا على ملف مريم و الذي كان مكتوب فيه بعثة إلى مصر ، و من هنا بدأ التخطيط ، اخدت رشفة أخرى و هي تتذكر ما حدث هذا الصباح حين ذهبت إلى ذلك النادي الذي لا يزوره إلا صفوة المجتمع ، و لقائها بتلك الموظفة التي عملت معها قديما في شركة البحيري ، و تفاجأ الموظفة بها و مبادلتها أطراف الحديث ثم الاعتذار و الذهاب و هي داخلها تعلم أنها ستخبر رئيسها بالتأكيد 

لحد الأن خطتها تسير على نحو رائع، كل شيء تحت السيطرة بقي فقط لقائها مع خالد ، مواجهة لابد منها و يجب أن تسير على النهج الصحيح ، لكي يقتنع خالد بكل شيء ، و يجب أن تكمل تدريب مريم على أكمل وجه كذلك ، بقي شيء واحد تحليل DNA الذي يجب أن يكون مطابقا ، و قد إستطاعت حل ذلك مسبقا ، الأن تستمتع بقهوتها في إنتظاره 

...............

في فيلا البحيري 

- لقد سئمت حقا من تحكمات هذه العجوز الشمطاء

صرخت سوزان بهذه العبارة و هي تحدث والدتها عبر الهاتف 

- أنا لم أعد أتحمل يا أمي ، تحمل الوضع لسنوات عديدة لكن الوضع يسوء أكثر، كم أتمنى لو تموت 

- عزيزتي تحملي ، اذا خرجت من ذلك سوف يحرمون زوجك من ميراثه، فعلوها في وقت سابق ، تلك العجوز لن تعيش أكثر مما عاشت ، و سيبقى كل شيء لك انت و أولادك 

- أسمع هذا الكلام منذ سنوات يا أمي، و قد طفح الكيل بي 

- لا تكوني غبية ، و إحمدي الله أنك متزوجة من خالد البحيري ، لديك كل شيء ، لا تضيعي مجهودات سنوات لمجرد موقف تافه 

-لكن ....

قاطعتها ناهد 

- لا يوجد لكن ، إذهبي الأن و إهتمي بزوجك و أولادك و لا تعيرها اي إهتمام 

أنهت سوزان مكالمتها مع والدتها 

تكره فكرة أنها مضطرة للعيش هنا ، لكي لا تفقد هذا المستوى المعيشي ، هي مدركة تماما أنها لن تستطيع العيش بدون أموال خالد ، و تذمرها من تحكمات ماجدة أصبح شيئا أصبح روتينا لها، تقضي ساعات تشتكي من معاملة ماجدة لوالدتها فتهدئها ناهد و تستمر الحياة 

و لو دققنا النظر سنجد أن ماجدة و عباس على حد سواء يريدان أن تضل العائلة كلها مع بعض في نفس البيت، لكن ماذا لو أن هذا أن القلوب بعيدة عن بعضها البعض ، البيت الحقيقي هو أن يكون أفراده متحابين حتى لو بينهم مسافات طويلة، فمسافات القلوب أكبر من مسافات الدروب 

قرع باب جناح سوزان 

- أدخل 

- هل انتي بخير ماما؟

- انا بخير عزيزتي ، تعالي 

لتدخل نرمين 

- أين اخوكي ؟

- خرج مع أصدقائه 

- أتمنى ألا يتأخر ، لا أريد أن أسمع قصيدة شعرية في التربية من جدتك 

- لا تقلقي، سيعود مع هشام 

إمتعضت ملامح سوزان 

- أخبرته مليون مرة أن يبتعد عن هشام ذلك 

إستغربت من ردة فعل والدتها المبالغ فيها، هي تعلم أنها لا تحب هشام كثيرا لكن ليس لدرجة الكره 

- لماذا يا ماما، هشام يعتبرنا مثل إخوته ، حتى أنه وعدنا بمكافأة عند نجاحنا في الثانوية العامة 

إبتسمت سوزان بطريقة مصطنعة 

- لا اقصد شيء عزيزتي لكن هشام أكثر منكم بكثير ، و لا أريد من أخيك أن يأخد صفات أكبر من عمره ، بالمناسبة لم تريني الفستان الذي سترتدينه في حفلة عيد ميلادك انت و اخيك

قفزت نرمين من جنبها 

- الفستان لم يجهز بعد ، لكن التصميم جميل جدا ، سأحضر هاتفي و أعود 

ذهبت نرمين ، لتزفر سوزان في حنق ، هي تكره ذلك هشام و أخيه لأنهم سيكون لهم حق في الشركة و الفيلا و الأملاك و كل شيء ، فالجد قد كتب لهم حقهم، لقد ظنت أنها بإخبارها قصة أمارا و سيف الدين لهشام و يوسف و المعاملة السيئة التي تلقتها أمارا من جدته سيكرهان عباس و ماجدة و يرحلان لكن ذلك لم يفعلا.

الفصل السادس 

العشق


كلمة لطالما تغنّت بها القصائد، الأغاني ، الروايات 

لكن لم يستطع أحد الاقتراب ولو قليلا من وصف لوعته، فخالد لم يدرك عشقه لنجود إلا عندما عاد إلى عائلته ، و إستعاد أمواله لكن بقي شيء ما ناقصا ، لم يكن سعيدا كما توقع ، بل وقع أسيرا لذكرياته مع نجود، كيف سيقابلها يا ترى، هل يعتذر ؟

لوى شفتيه في سخرية 

انت لم تدس على حذائها يا خالد ، انت تخليت عنها، في وقت كانت تحتاج إليك فيه 

كان يدرك خطئه، لكنه لم يكن شجاعا أبدا لكي يبحث عنها ، بل آثر البقاء مختبئا خلف أمواله، و مركزه الاجتماعي ، كان جبانا فعلا 

ترتشف قهوتها في صمت، و هي تفكر في خطواتها التالية ، يجب أن تكون مدروسة جدا ، لا تريد أن تخطىء ، أبلغها أحد الرجال بقدومه ، نهضت من مكانها 

في ذلك الحين دخل خالد الفندق و سأل عنها 

ليخبره أحد العمال بتواجدها في مطعم الفندق 

و قاده إلى هناك و أشار له بيده إلى السيدة التي الملتفتة إلى النافذة و التي كانت تتحدث في الهاتف ، أقترب منها في هدوء شديد ليصدم بما سمعه، أيعقل هذا !!!!!!!


..........

في إحدى الشقق 

- أعطيني قليلا ، و أعدك أن أدفع لك كل ما تريده

-تقول ذلك دائما لكن لا تدفع 

- أعدك سأحضر لك ما تريد ، فقط ما يكفي لسيجارة واحدة ، انا اموت 

قالها بشفاه مرتجفة و وجه شاحب و عيون جاحظة 

- حسنا ، لكن ستدفع لي الضعف

أخرج صديقه او من يسمي نفسه صديقه ، كيس به قطعة من الحشيش 

أخده أدهم 

منه بلهفة كمن وجد كنزا ،

قام بعملية لف سجاير الحشيش ، التي تعود على شربها ، و اخد نفسا عميقا من تلك السيجارة اللعينة ، يفترض أن يكون مع اولاد عمه فالشركة فبعد شهور قليلة سينضم إليها ، لكنه الأن في شقة مشبوهة في منطقة شعبية مع ياسر، ذلك الشاب الذي أدخله المستنقع القذر و تركه ليغرق فيه ، نفس وراء نفس ، ليذهب إلى عالم اخر، عالم لا يأنبه والده فيه على علاماته المتدنية و مقارنته الدائمة بأولاد عمه ، و لا تسمعه والدته قصائدها المعتادة عن أنه يجب عليه الانضمام إلى الشركة في أقصى وقت ، يريد فقط السلام ، و قد وجد السلام فقط في تلك اللعينة التي بين أصابعه ، المال ، الجاه ، كل هذا لا يهمه ، كل ما يهمه هو أن يحظى بقليل من الهدوء ، قليل من الراحة النفسية لكنه إختار الطريق الخاطئ

.


..........

في فيلا عائلة البحيري 

- حسنا عزيزتي ، الفستان يبدو رائعا ، يناسب تماما جمال إبنتي 

ضحكت نرمين في خجل 

- هذا لأنني إبنة أجمل أم في العالم 

ملست سوزان على شعر نرمين 

- أريدك أن تعريفي أن كل ما أفعله هو من أجلك أنتي و أخوك، من المستحيل أن أفعل شيء ليس في مصلحتكم 

إختفت ضحكت نرمين 

- لماذا تقولين هذا الكلام، هل هناك خطب ما ؟

- لا يا عزيزتي ، لا تقلقي ، لا يوجد أي خطب ، انا فقط أحسست أنه يجب أن أقول هذا ، الأن هيا إلى دروسك .

قبلت نرمين خد والدتها و ودعتها و خرجت 

و تركتها تفكر في خطة تزيح بها هشام و يوسف من طريقها 

...........


في مطعم الفندق 

- عليا المغادرة قبل أن يكتشف خالد أمري ، ماذا تقصد بهذا ، اذا إكتشف أنها إبنته سيأخدها مني 

همس خالد بصدمة و لكن بصوت واضح 

- إبنتي انا 

لتلتفت نجود و تصطنع الصدمة 

- خالد، ما الذي تفعله هنا ، و كيف عملت مكاني 

- أنتي قولتي إبنتي 

- لا، لم أقل شيئا، انت فقط تتخيل 

أردت أن تبتعد عنه ، فامسكها من ذراعها 

- أين هي ؟

- في أحلامك ، ماذا تظن نفسك ؟ تخيلت عني و انا حامل بها ، و تريدها الأن انت تحلم يا خالد ، ليست خائفة منك 

كانت تتحدث بعصبية مفرطة ، نسي للحظة كل شيء ، ظل متأملا تلك العيون التي غرق في عشقها منذ زمن طويل ، تلك الملامح التي لم تتغير سوى للأحسن فهي تبدوا فاتنة ، غيرت من لون شعرها لكنه يبدوا رائعا، تفاصيل صغيرة لم يلاحظها في البداية لكونه مصدوما بسماع أنها ربما كانت حاملا بإبنته عندما غادرت، 

- نجود ، أريد أن نتحدث ، فقط مجرد حديث لا أكثر ، مجرد بضع دقائق أرجوك 

توسلها بنبرة راجية 

- أتعلم شيئا ، انت لا تستحق حتى الثواني ، لكن موافقة ، نعم ماذا تريد ؟

- إجلسي 

- جلست ، نعم ، ماهي الأوامر الجديدة ، هل تريدني أن أغادر مرة أخرى 

قالتها بسخرية لاذعة 

- إسمعي يا نجود ، أنا فقط أريد معرفة شيء واحد ، هل كنت حاملا عندما غادرت مصر ؟

- أنت ، لم تهتم وقتها ، لماذا تهتم الأن؟

- أريد أن أعرف اذا كان لي إبنة منك 

قالها بعصبية مفرطة 

- نعم ، كنت حاملا 

- لماذا؟ لماذا ؟لماذا لم تخبرني ؟

- إنفصلت عني ، بعتني من أجل النقود، ماذا تراني ؟

ليس لدي كرامة 

- من أجل كرامتك تحرمنني من إبنتي 

- إبنتك، التي رميت والدتها من أجل الأملاك و الجاه و الأموال ، هذه إبنتي أنا ، انا من ربيتها و تعبت عليها ، انا من سهرت ليالي طويلة في العمل من أجل توفير لقمة عيشها ، انت ليس لديك أي حق فيها 

كانت كلماتها مثل السم القاتل، معها حق في كل كلمة قالها، رجل أرعن تركها و هي حامل و الأن يريد إبنته، لكن هذه هي الصلة الوحيدة التي تربطها بها ، عليه التمسك بها إلى أخر نفس ، خسرها مرة و خسر نفسه معها و لا يريد أن يخسرها مجددا ، نعم هو يحبها و لن ينكر أن عشقه لها تجدد عندما عرف أن له إبنة منها ، إبنه تحمل هذه الملامح الجميلة ،

سيثبث على موقفه بأنه يريد مقابلة إبنته ، إنه الحل الوحيد 

كانت تراقب نظراته له في لحظات الصمت التي سادت ، علمت أنها إستطاعت التغلغل إلى أعماقه ، فرحت كثيرا بإنجازها ، لكن هذه البداية فقط ،

إستعد يا خالد ، ستدفع الثمن غاليا ، انت و عائلة البحيري كلها 

- نجود ، الماضي قد مضى ، لن نستطيع تغيير شيء ، أعلم أنك لن تسامحني أبدا لكن لا تحرميها من والدها ، ألا يكفيكي عيشها طول هذه السنين من دون والد ، ها انا هنا الأن ، مستعد لعمل أي شيء من أجل سعادتها ، أريد تعويضها عن كل السنوات الماضية ، أرجوك أمنحني فرصة من أجل إبنتنا ، هي لا تستحق أن تعيش طول عمرها من دون أب 

- لم أشوه صورتك أمامها بشيء ، أخبرتها أنك طلقتني و سافرت و لا أعلم اي شيء عن وجهتك ، اتذكر أنها كانت تجلس لساعات طويلة أمام حاسوبها تبحث عن اي معلومة عنك ، بالطبع أعطيتها أسم خاطئ لكن قلبي كان يشتعل ، عندما كنت أراها تحاول بشتى الطرق الوصول إليك ، و انت لم تكلف نفسك عناء البحث عنا 

- اقسم أني كنت غبي وقتها ، و خسرتك و خسرت نفسي ، أريد تصليح و لو جزء صغير من خطئي، من أجل إبنتنا ، ما إسمها؟

- روح 

- من أجل روح ، من أجل سعادتها 

طأطأت نجود رأسها إلى أسفل فيما تابع خالد تحركاتها في سكون ، و هو متأهب من أجل قرارها ، لا يعلم كيف قال هذا الكلام كله ، لقد شعر برابطة الأبوة مع روح مع أنه عرف بأنها موجودة منذ نصف ساعة فقط ، لكن مجرد فكرة أنه له إبنة منها قد حفزته للتمسك أكثر

الفصل التالى


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-