أخر الاخبار

ترويض ادم للكاتبة بتول طه الفصل ٢١

 لمشاهدة الفصل السابق. اضغط هنا

ترويض ادم للكاتبة بتول طه


الفصل الواحد و العشرون 

الجزء الحادي والعشرون


::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


زئرت مكابح سيارته ما إن سمع ما قالته للتو لتتوقف السيارة وعلت أصوات أنفاسه التي حاول أن يسيطر على غضبه من خلالها حتى لا يعرضها إلي ما لا تتخيله أو تتحمله فقد توعدها قبلاً وحذرها ولكنها تبدو أنها قد نسيت ما وعدته به هي الأخرى قبل شهرين. بدأ في تخليل شعره الطويل بيداه الإثنتان وكي ينفث عن غضبه شرع في تدخين السجائر التي كان يلتهمها وسط الصمت ودموع شيرين المنهمرة، لم يكترث لكي يفتح النوافذ بل ترك كل شيء كما هو وبرأسه مليون طريقة كي يقتل بها أمل على ما قالته فهي السبب لما هو به الآن.


تذكر قبل موت والده بقليل عندما كانت أمل فتاة جديدة لم يرها من قبل وبدأت بالعمل معه بأحدى أفلامه فهي كانت المسئولة عن مستحضرات التجميل الخاصة به، لم يهتم لوضع مستحضرات التجميل إلا قليلاً وكالعادة كان يفرض رأيه على الجميع، فأمضى بعض الوقت برفقتها ولم يحمل لها أي مشاعر فظنت أنها قد تغيره وتجعله يقع في حبها فلم تستطع..


بعد موت أبيه وعقد خطوبته على ميار حاولت الوصول له ولكنه عاملها بجفاء وابتعد عنها ولكنها لم تستسلم فعاملها بقسوة كي ينهاها عن تعرضها له.. وعند علمه بأنها ستكون الماكيير المسئول عنه لم يرد أن يثير العراك معها أو يجعلها تترك عملها، ففكر بعدم إثارة المشاكل فهو عموماً لن يتعامل معها كثيراً ولكن ما قالته منذ قليل دفعه لقتلها بيديه ولم يسيطر على نفسه إلا لعلمه أن شيرين لن تقبل بهذا فعلى الأقل لن يفعل شيئاً أمامها.


تذكر ما قالته عنها وقد استمع لحديثهما معاً، فلا تدري أحداهما ماذا تُعني له شيرين ولا كيف تمزق قلبه عندما سمع أمل تتحدث عنها هكذا.. والآن تأتِ من ينهار أمامها كلياً لتخبره بأنها راحلة مرة أخرى!!


تملك الغضب منه ولم يلاحظ كم السجائر الذي دخنه لينظر بالمنفضة ليعقد حاجباه متعجباً ويقطع تفكيره صوت سعالها من الدخان الذي قد ملئ السيارة لتفتح بابها وتخرج مبتعدة عن الرائحة التي جعلتها تشعر بالاختناق ثم رفعت شعرها من على وجهها وتركت هواء الشتاء كي يخفف قليلاً عنها.


تبعها آدم لخارج السيارة فقد تأجج عقله مجدداً بفكرة مغادرتها اياه، ألقى سيجارته بعيداً وتوجه نحوها ليحاول التحكم فيما تبقى من أعصابه ونظر لها متفحصاً اياها، نظر لعيناها الممتلئتان بالدموع لتتلألأ كما لم تفعل من قبل، شعر بأنها قد جُرحت بعد ما سمعته من تلك العاهرة منذ قليل، حدق لوجنتاها اللتان تحولتا للإحمرار الشديد ولا يدري لما عليها أن تكون بهذا الجمال وتلك البراءة عندما تبكي؟! وما إن لاحظ شفتاها الكرزيتان وهي تلتهمهما بين اسنانها حتى توقف نفسها عن البكاء فجن جنونه ولم يفكر إلا بتقبليها.


بالكاد سيطر على نفسه بعد أن تفحصها لدقائق ثم ابتعد عنها قليلاً ثم ركل الأرض بعصبية متمتماً "كفاية بقا!!" مما جعلها تفزع ولكنه هدأ نوعاً ما بعدها وخلل شعره الطويل مرة أخرى ليرفعه بعصبية ثم دنا منها ليبعد شعرها الفحمي الذي بدا كالليل وسط النهار ثم مسكها من ذراعاها ليحدق بعيناها


"عايزة تمشي وتروحي فين؟ احنا مش خلصنا من الموضوع ده؟" سألها بغضب بالرغم من ملامحها التي تمزق فؤاده وتقتله ببطئ


"أنا.. مقصدتش.. كل اللي عايزاه أن.. أرجع بيتي .. أنا هاكمل وكل حاجة هتفضل زي ما هي بس أرجوك أنا عايزة أرجع بيتي" همست بكلمات مرتجفة ثم أجهشت بالبكاء الشديد فقد تغيرت تماماً.. منذ قليل كانت تدمع فقط ولكن الآن لماذا تفعل هذا؟ زاد غضبه وحنقه ليهز كتفاها


"ما خلاص بقا أنتي بتعيطي كده ليه؟" صرخ بها بقسوة ولكنها قد تحملته بصعوبة وأقنعت نفسها أن عليها أن تتظاهر بالمزيد من التحمل حتى لا يشك أو يرتاب بما تفعله


"مش عارفة" همست لتجده يحتضنها ووجدت نفسها تبادله العناق هي الأخرى


"اهدي بس دلوقتي وهنشوف هتعمل ايه بعدين.. بطلي عياط" أخبرها بلين محاولاً أن يجعلها تهدأ ليشعر بإماءة رأسها وهي ملتصقة بصدره ولم يرد أن تبتعد عنه.. بدأ في المسح على رأسها بحنان وأغلق عينه رغماً عنه لا يعلم كيف حدث ذلك ولم يلاحظ أنهما بطريق عام يستطيع أي أحد أن يراهما هكذا ولكنه لم يكترث إلا بمن تقتله يومياً ألف مرة.


بصعوبة بالغة ابتعد عنها بعد أن لاحظ شهقاتها المنتظمة بعد بُكائها الشديد وشعر بجسدها يرتجف بين يديه ليدخلها إلي السيارة ويقود مبتعداً لتلاحظ هي أنه يتوجه لمنزله


"احنا مش هانروح الشركة؟!" سألته بهدوء ليهز رأسه بالإنكار وتنهدت هي ولم تريد أن تبدأ جولة أخرى من الجدال معه لتواجه موجة من موجات غضبه.


لم يلبثا الكثير حتى وصلا قصره وصف سيارته بالمرأب ثم توجها للداخل في صمتها وغموضه الذي دائماً ما يحمل أمراً خلفه. شرد عقلها بكيف ومتى قابل تلك الفتاة؟ وإلي أي حد وصلت بينهم العلاقة لتنزعج من مجرد الفكرة ولا تدري لماذا وهي كل ما يجول بخاطرها أن تغادره اليوم قبل غداً.


تمزق عقله بين محاصرة شيرين ببيته للأبد ولتكرهه حتى فهو لا يكترث بعد الآن إلا أنه يريد أن يراها أمامه كل يوم، يتنفس نفس الهواء الذي تتنفسه، تقع عيناه على كل ما تراه هي، لا يدري كيف ستبتعد عنه مرة أخرى وكيف سيصمد أمام هذا، وبين قتله لأمل التي قد دمرت الكثير بسبب التفاهات التي أخبرتها لشيرين.


توجه لمكتبه حاملاً زوبعة أفكاره الغاضبة بداخل رأسه وتبعته هي دون جدال، صب كأساً وتجرعه بسرعة فابتعدت عنه وجلست على الكرسي بجانب الأريكة وللحظة تذكرت كيف كان نائماً عليها من قبل وهي تتطلعه أول يوم أتت إلي منزله، لم تعلم حينها إلي أين ستؤول بها الأوضاع معه وشعرت بالحزن الممزوج بحيرتها من كل شيء يتعلق به، مشاعره تجاهها، شخصيته التي لن تتغير وعدم تنازله وعناده، وحتى مشاعرها هي فهي بمجرد سماعها إلي ما قالته أمل شعرت بالغيرة ولكنها ستتركه، لماذا تشعر هكذا الآن؟ أم تشعر بالخوف مما قد يقوله الناس وظنهم بها؟


لم تدري متى أتى وجلس على الأريكة بصمت تام، بدون أن ينظر إليها، ببروده المعهود ومظهره الذي تعرفه تماماً كلما كان غاضباً، لم تلاحظ متى خلع سترته وقميصه مرفوعاً أكمامه بإهمال ورائحة الخمر تفوح منه ممزوجاً برائحة دخانه التي لم تتوقف منذ أن غادرا، نظرت له ولشعره الفوضوي وملامحه التي تتحول لشكل مخيف عند غضبه لتسأل نفسها "لماذا أعشق هذا الوحش الجالس بجانبي؟ أين كان عقلي وقتها؟" شردت بأفكارها وتأرجحت مشاعرها بين خفقات قلبها له وفكرة مغادرته للأبد.


"عايزة تمشي؟" همس بجمود لتفيق على صوته الرخيم ولكنها تعجبت من هدوءه الزائد عن اللازم الذي لم تعهده من قبل خاصةً عندما تناقشه بمغادرتها اياه فقد توقعت ثورة أخرى من ثورات غضبه ولكنها تعلم جيداً إن لم تنتقي ما ستجيب به سترى ذلك الوجه المخيف الذي حاولت أن تتجنبه بشتى الطرق الشهرين الماضيين.


"أنا هاقولك الحقيقة" اجابته ثم نظرت له بتوتر وتنهدت "كل الناس ملاحظة وشايفة إني قاعدة معاك في بيتك، وموجودة معاك في كل مكان بتروحه و..."


"أنتي مديرة أعمالي ومفيش أي سبب يمنع إنك تكوني موجودة معايا" قاطعها بعجرفته وكلماته المقتضبه


"أنت على حق، مديرة أعمالك تروح معاك في أي حتة أنت بتروحها، لكن مفيش أي سبب ولا مبرر أنها تكون موجودة معاك على طول في بيتك بعيد عن أنظار الناس، بليل، ومحدش يعرف ايه اللي بيحصل ما بيننا والناس بتتكلــ.. "


"ما يتحرقوا ولا يولعوا" قاطعها مرة أخرى بغضب وخشونة مما جعلها تخاف قليلاً.


"أنت مسمعتش اللي قالته البنت دي، دي فاكرة أنـ.. "


" أظن البنت مشكلتي وأنا هاتعامل معاها ومالكيش دعوة باللي هي قالته" وقف ليقاطعها مجدداً بشموخه وغروره واضعاً يداه بجيوبه ثم ابتعد عنها وإلي الآن لم ينظر لها ولو لمرة واحدة.


لحقته شيرين ثم وضعت يدها على كتفه من ورائه ولكنه أصر ألا ينظر لها وتفادى ملاقاة نظرة عيناها لخوفه من عدم تملك أعصابه بمجرد أن تتقابل نظراتهما "آدم.. " نادته بهدوء ولكنه لم يكترث لأن يواجهها


"أرجوك سيبني أرجع بيتي، لو أنت مش مهتم بكلام الناس عليا وعن سمعتي ومش فارق معاك، أنا فارق معايا، أرجوك أنا مش عايزة الناس تفتكرني واحدة مش محترمة ومجر..."


"اخرسيي" آمرها صارخاً ليلتف وينظر لها لتتقابل عيناهما. وجد دموعاً سجينة بعسليتاها لتتثاقل أنفاسه رغماً عنه من غضبه الذي اعتراه بسبب مما قالته للتو وتمنى أن يقول الكثير وأن يعترف لها كيف يراها وما هي مشاعره تجاهها لكي تطمئن ولكن ما الفائدة من كل هذا وهي تصمم مجدداً على المغادرة وتركه.


تطلع لها وملامحها تقتله ببطء وأصبح كالمشلول لا يدري ماذا يفعل! هل يثور بوجهها ويففد سيطرته ويفرض عليها أن تظل معه وليكن ما يكن، أم يحتضنها ولتبقى هكذا إلي أن ينتهي الوقت وليذهب كل ما تريده هي للجحيم!


تفحصها وهو يتذكر ما تفوهت به، حديثها سبب له الآلم فهو لا يريدها أن تظن أنها مجرد عاهرة لديه أو أنه يستمتع بهذا الوضع لمدة ثم سيبتعد عنها وقتما شاء.


لم يدري إلي أين سيأخذه الغضب ولا كيف سيواجه أيام أخرى بدونها ولكنه عليه أن يفعلها، عليه أن يرى إلي أين ستذهب بقرارتها تلك وهل سيستطيع أن يثق بها وهي بعيداً عنه.. هدأ من روعه قليلاً وتوجه لبار مكتبه ثم صب كأساً ليتجرعه وواحداً آخر، ثم آخر عسى أن يزيح الآلام التي أختلجت صدره لرؤيتها هكذا.


"اللي اسمها أمل دي تمشي خالص.. يا أنا يا هي.. والاختيار يرجعلك.." صاح بغرور وهدوء مهيب لتدرك شيرين أنه يتحدث مع شخصاً ما ثم سمعته يُكمل


"أنا مش عايز أشوف وشها تاني وإلا هموتها بإيديا، سمعتني؟" أخبر آدم الطرف الآخر ولم تتفاجأ هي حيث أنها تعلم جيداً أنه قد يفعل أي شيء في حالته تلك ولكن ما بدا غريباً هو تحكمه في غضبه وأعصابه وهو يتحدث مع أحد آخر سواها.


بعد دقائق من الصمت صاح بعلو صوته كي تسمعه "هيكون فيه سواق يجيبك هنا الساعة تمانية الصبح ويرجعك بيتك بليل، وهيكون عندك حراسة ومفيش نقاش!" آمرها بحزم لتعرف جيداً أنه ليس لديها الاختيار لتتمتم هي بخفوت


"تمام، زي ما تحب"


"حاجتك كلها هتفضل هنا زي ما هي!!" أخبرها بغضب وانتظر فلم يسمعها شيئاً ليلتفت إليها صارخاً "سمعتيني؟!"


أومأت بإنكسار بعد أن فزعت من صوته ولم تتمالك دمعة من عيناها إنسابت رغماً عنها ليغضب من نفسه لعلمه أنها تبكي بسبب غضبه اللازع.


:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


مَّرت الأيام على الوضع الجديد، تمكث شيرين بمنزلها تحت الحراسة التي قد فرضها عليها وهي لا تعلم حتى الآن أنه يراقبها منذ شهور، لم تعلم أنها أصبحت أحدى هوايته الجديدة أن يظل خلف بعض الشاشات يتطلع إلي كل حركة تتحركها ، يعترف وسط صمته بالكثير الذي لن يعترف به إليها أو إلي أي أحد آخر، وحده يتابع كل خطوة تخطوها ويتمنى أن يكون بالقرب منها كل ليلة ولكنه يعلم أنه ليس الوقت المناسب لكي يفعل ما يريده.


أعطى هذا الوضع القليل من الوقت لها كي تفكر بكل شيء، هي تدري جيداً أن آدم رأفت ليس فقط مجرد ممثل وسيم ومشهور، وليس مجرد رجل أعمال ناجح في الثلاثينات من عمره، فقد رآت هي ما خلف كل ذلك، رآت آدم الإنسان الذي لن يتعرف عليه أحد أبداً بسهولة، رآت هذا الكائن القابع بداخله عندما يثور ويغضب، واجهت معه لحظات إنكساره وخوفه، ولكن كيف لها أن تثق به أو بحياة دائمة معه ، لابد من أنها ستكون حافلة بالصراعات التي لن تنتهي أبداً، أعطاها كل ما حدث معه سبباً أقوى كي تصمم على مغادرته وترحل للأبد.


لم تنسى ما حدث أمس عندما آتت ميار لمنزلها وهي بالأحرى كانت تهددها أن تبتعد عنه وتتركه وشأنه فهو خطيبها وسيعود لها عاجلاً أم آجلاً، لم تنسى تصرف آدم حينما علم بالأمر وغضبه اللاذع تجاه ميار وأوشك أن يأتي بها أمامها حتى تعتذر لها بل وتحدث بالهاتف حتى يتخلص منها بطريقته ولولا توسلات شيرين أمامه لكان فعل بها ذلك، لم تستطع أن تحيد رأسه عما قرره سوى أنها أخبرته أنها ستتركه إذا أذى ميار!!


ما فعلته ليس ولعاً بها ولكن لا تريده أن يأذي كل من يتعرض لها بتلك الطريقة وكأنه قائد عصابة ما، عليه يوماً ما أن يتغير ولكن هي لا تريده أن يتغير من أجلها وحسب، بل من أجل نفسه أيضاً!


استلقت على سريرها بعد يوم مُرهق من العمل وجدال وصراعات معه وتصرفاته وقرارته الغير مبررة وجفاء وقسوة طريقته تارة ولينه ونظراته التي تجعلها تجن تارة أخرى، أخذت نفساً عميقا لتخرجه بهدوء وتكورت على جسدها وبخلفها شعرها الفحمي ثم فكرت


"نفسي ممشيش وأسيبك، نفسي أفضل دايماً معاك، نفسي كل يوم الصبح أفتح عينيا وأشوف عنيك وأشم ريحتك وأنت جنبي، أنا بقيت بعشق كل حاجة فيك، حتى ريحة الدخان اللي مكنتش بطيقها بقيت بحبها عشان نفسك مليان بيها، عايزة أشوف نظراتك دي اللي بحس أنها بتدخل على قلبي على طول كل ما كنت مضايقة ومفيش غيرها بيهديني،


عايزة دايماً أحس بخوفك عليا كل ما بتشوفني مش كويسة، ده أنا حتى بقا نفسي أقف قدامك واتخانق معاك لما تتعصب ويبقا يحصل اللي يحصل، بس كفاية إني أكون معاك..


بس ايه اللي بفكر فيه ده؟ ده آدم رأفت مش كريم.. فيه ميار، وأمل وغيرهم وغيرهم!! وبعد ما أحبه ويحبني.. ايه اللي ممكن يحصل؟ هنعيش حياة كويسة ومستقرة لما يعرف إني بحبه ومجنونة بيه أكتر ما هو بيحبني، وبعدين، هافضل دايماً خايفة ومش واثقة فيه، هافضل حاسة إني هاصحى في يوم على كابوس خيانته ليا مع واحدة غيري..


أنا مش هاستنى لما أشوفه سكران وأعرف إنه كان مع واحدة غيري لما نيجي نتخانق أو لما نشد مع بعض، مش هاستنى أصحى في يوم ألاقيه سابني واختفى اسبوعين ولا شهرين كمان، مش هاقدر أضيع آخر مشاعر موجودة جوايا وآخر حبة ثقة في نفسي معاه..


يمكن ساعتها يفتكر إني مش قد ثقته، يمكن يفتكر إني مبحبوش، أو حتى يفكر اللي يفكره، بس عمره ما هيعرف الحقيقة، عمره ما هيعرف ولا هيحس أنا بحبه قد ايه، بس على قد الحب اللي بحبه ليه، على قد ما أنا خايفة، عمره ما هيحس إني خايفة أصحى في يوم لوحدي من غير عيلة، من غير حبيب، من غير أصحاب، من غير شغل، من غير اي حد.. هاكون أنا لوحدي وبعيط وموجوعة، هيبقالي ايه ساعتها؟ خوفي هيزيد، صدماتي هتزيد وهافضل أفكر في كل اللي حصلي، ويا ترى ساعتها هتكون ايه، خيانة؟ فتور؟ ملل؟ ولا جرح ووجع مقدرش أنساه؟!


آه لو يعرف قد ايه أنا عايزاه، لو يعرف إني نفسي أفضل جنبه لغاية آخر نفس، هو بس فاكر إن حبيبة ويوسف وشغلي كل اللي أنا عايزاه من الدنيا دي؟!


شغلي بكرة لما أعجز هينتهي وده مجرد ستارة بستخبى وراها سنين عشان يشغلني ويلهيني عن حقيقة إني ماليش حد في الدنيا دي، حبيبة عندها عيلتها وشغلها ويمكن في يوم تحب وتتجوز وتبعد عني، مش هاتفضل جنبي على طول، ولو ادتني وقت كبير دلوقتي فقدام مش هاقدر أكون عبء عليها أكتر من كده!


ويوسف كمان زيها، بكرة يتشغل عني وكفاية أوي لغاية كده اللي عملوه عشان خاطري، أنا مش عايزة أعملهم مصايب تاني بسببي، وحتى أنت كمان يا آدم لو كنت بتحبني بكرة الحب اللي جواك ليا يخلص وهافوق على صدمة جديدة، وساعتها أنا هتدمر وهنهار، مش هاستنى لما الوقت ده يجي، أنا ممكن ساعتها اتجنن بجد! ده الحل الوحيد قدامي إني ابعد عن الكل للأبد!


أنا بحب اصحاب، وبحبه هو كمان، بحبه اوي بس خايفة، والله العظيم خايفة.. خوفي مانعني وأنا مش هقدر استحمل اتجرح تاني، وبالذات منه!!"


انهالت دموعها لتنتحب في صمت وحدها وكل ما جال برأسها قد آلمها من مجرد التفكير بما ستفعله


"ياريت يا حبيبتي اقدر اعرف بتفكري في ايه.. لو بس اقدر اخدك في حضني وابعد عنك تفكيرك اي حاجة مضايقاكي!!.." همس آدم وهو يراها أمامه متكورة على جسدها ولكنه يعلم جيداً أنها مازالت مستيقظة.. لم ينم وكيف له أن يفعل وهي مستيقظة فأصبحت أحدى عاداته ألا يذهب للنوم إلا بعدما تفعل هي.


لم تستطيع النوم بعدها وبدأت في ترتيب بعض الأوراق بعد أن أخرجتهم من أحدى الأدراج بجانب سريرها وتنهدت ثم نظرت إلي ما بين يديها وجلست على السرير وهي لم تدري أنه يرى كل شيء تفعله بهدوء وصمت تام، بعيداً عنها ولكنه يعلم كل شيء، يعلم أنها ستفعل أمراً وسيكون السبب في جنونه يوماً ما وها قد أقترب هذا اليوم، تتطلع جيداً بما أمامها ليرى جواز السفر بين يديها وقد تأكد أنها ليست جديرة بثقته وأنها كاذبة!!


ستتركه مرة أخرى!!


:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


استيقظت شيرين في تمام السادسة وهي بالكاد استطاعت النوم فلم تلبث إلا ساعتين أو أقل، أعدت بعض القهوة وتوجهت للجلوس وتفقدت مواعيدهما لليوم ثم تقفدت بعض الأخبار لتصدم من وجود صورة لهما على أحد المواقع، آدم يحتضنها بأحدى الشوارع بالقرب من سيارته ليجن جنونها وتقرر الذهاب له على الفور.


لم تكترث للسائق المسئول عن إحضارها لمنزله كل يوم ولم تدري لماذا أرادت أن تتحدث معه؟ لماذا تريد أن تكون بجانبه؟ شعرت بالاحتياج له وكأن الوجود بجانبه هو كل ما تريد.


دخلت منزله وتفقدت الساعة لتجدها قبل السابعة بقليل فاتجهت لغرفته ظانة أنه قد يكون نائماً ولكنها لم تجده. توجهت لتفقد باقي الغرف لتسمع أصوات تأتي من غرفة بعيدة وبابها ليس مغلقاً بالكامل، أوشكت أن تطرقه ولكنها سمعت ما أوقفها..


"آدم... هو يعني عشان واثق إن مفيش في الدنيا حد شكله حلو زيك كده مكشر ومش فارق معاك!! أضحك بقا عشان خاطري" تحدث صوت أنثوي غريب لم تعرفه شيرين لتصدم خاصة عندما أجابها


"خلاص.. هاضحك عشان خاطرك.. اهو، مبسوطة كده؟!"


"مممم.. ايوة طبعاً مبسوطة، امال لو آدم رأفت مبسطنيش بضحكته مين بس يبسطني؟" أجابته مازحة وضحكت بصوت عالٍ وبالكاد شيرين توقف نفسها من الولوج بداخل الغرفة


"ايه رأيك بقا دلوقتي؟! أظن كده ده يخليك تضحك أكتر؟" سألته بطريقة لعوب ليضحك آدم كما لم تسمعه شيرين من قبل مما آثار حنقها وتوترها ولكن أوقفها الصوت مرة أخرى


"يالا بقا البس ده عشان خاطري!.." ضحكا معاً لتتعالى أصوات ضحكاتهما "يوووه بقا مش كده آدم.." همس الصوت مرة أخرى واستمرت الضحكات ولم تستطع شيرين أن تنظر أكثر من ذلك وعلمت أن كل ما فكرت به ليلة أمس كان صحيحاً وأن قرارها في محله..


مهما بدا حبه لها قوياً فلن تستطيع أن تثق بزير نساء مثله


"يااه.. كنتي وحشاني اوي، بجد عمرك ما هتعرفي أنا بحبك قد ايه.." تحدث آدم فلم تتمالك أعصابها أكثر من هذا ومدت يدها لتمسك بالمقبض ودفعت الباب


"وأنا كمان.." أجابته ولكنهما نظرا لمن بالغرفة معهما لتعقد شيرين حاجباها وتستغرب مما تراه أمام عيناها.

الفصل التالي اضغط هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-