أخر الاخبار

ترويض ادم للكاتبة بتول طه الفصل ٢٢

 

الفصل السابق اضغط هنا


ترويض ادم للكاتبة بتول طه


الفصل 22

الجزء الثاني والعشرون


::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


نظرت لهما شيرين وهما بالكاد يتفرقا من حضن جمعهما لتقتلها الغيرة مما رأته ولكن ما وجدته غريباً هو وجود اقنعة على وجه كل منهما كمن يحتفل بشيئاً ولتوها فهمت ما سمعته منذ قليل "يالا بقا ألبس ده عشان خاطري.."


تفحصت الفتاة التي أمامها فهي تبدو يافعة جداً وتصغره بكثير، ولكن هناك شيئاً ما يبدو مألوفاً بها لون شعرها البني الطويل الذي يصل لأسفل خصرها وعيناها تشبه عين أحد تعرفه وكأنها رأتها من قبل ولكن لم تسعفها ذاكرتها وخاصة أنها مازالت تريد تفسيراً لما تراه الآن وكأن لها الحق فيما يفعله هو، شعرت بالخداع التام من قبله فهو وبعد كل محاولاته للتقرب منها والجدال والصراعات واصراره على عدم مغادرتها يأتي ليخبر فتاة أنه يُحبها، هو حتى لم يخبرها هذه الكلمة مثلما أخبر تلك الفتاة!


فقط الآن تأكدت ظنونها بأنه قد يخونها يوماً ما مع احدى الفتيات!! كانت مُحقة في كل ما فكرت به، والآن أمام عسليتاها شعرت بأنها اتخذت القرار الصائب تجاهه!


"صباح الخير يا Mr آدم!!" صاحت موجهه نظرات التحفز له كمن وجدته يقيم علاقة مع أخرى وعقدت ذراعاها ونبرتها تحمل الكثير خلفها فتاستغرب


"صباح الخير يا شيرين" اجابها بإستغراب لطريقتها تلك وبدأ في خلع القناع ، وبمجرد قوله هذا أطلقت الفتاة صيحة دهشة ووسعت عيناها وخلعت القناع وتوجهت نحو شيرين فوراً وقامت بإحتضانها رغماً عنها بطريقة ودية للغاية لتندهش أكثر من فعلتها وهي لا تعلمها حتى ولم تقابلها من قبل


"أخيراً قابلتك..ده أنا كنت أموت وأقابلك وأشوف شيرين اللي بابي وآدم مبيبطلوش كلام عنها!" أخبرتها الفتاة لتملئ الحيرة شيرين وهي لا تعلم ماذا تقول.


نظرت لها الفتاة بإبتسامة ودودة ولا تدري هي لماذا انعقد لسانها فمن هي يا ترى تلك الفتاة التي تعرفها وسمعت عنها الكثير بينما لا تعلم هي عنها شيء؟ أدركت الفتاة أن الموقف أصبح غريباً من نظرات شيرين وآدم يراقب الموقف يريد أن يضحك ولكنه يرسم ذلك الوجه الصارم ويستمتع بالمشهد على مقربة منهم ولكن قررت ألا تصعب الموقف أكثر من هذا فقدمت يدها لتصافحها


"بجد Sorry، أنا Over اوي معلش.. زينة رأفت" ابتسمت لها بعذوبة وود ولم تدري شيرين ماذا تفعل فمدت يدها هي الأخرى لتصافحها وبرأسها مليون احتمال لمن تكون تلك الفتاة، هل هي أخته الصغيرة ولكن تتذكر أن والدته ماتت وهو بالثالثة ولم يكن لديه أخوة وزوجة أبيه لم تستطع الإنجاب..


هل هي ابنة عمه أو أحد أقربائه؟ فكرت كثيراً وكل هذا في ثوان ولكن سرعان ما فهمت زينة ونظرت نظرة خاطفة لآدم كمن تريد أن تقول له هذه المرأة التي أمامي تعشقك ولكن ليس الآن، وأخيراً قررت أن تنهي تلك الحيرة البادية على وجه شيرين "زينة مراد رأفت.." تبسمت مجدداً وأكملت "أظن أنتي تعرفي بابي بقا ده أول واحد قابلك وبعدين آدم مبيبطلش كلـ..."


"أظن إنك كنتي هتروحي عشان تخللي فاطمة تحضر الفطار؟!" قاطعها ببرود وقد اختفى الشخص الذي كان يقهقه معها منذ قليل وقد فعل ذلك حتى يوقف ثرثرتها التي يعلمها جيداً فبمجرد حديثهما معاً ستعرف شيرين الكثير وهو لا يريدها أن تعرف كل شيء عنه الآن.


"ممم.. Okay" أخبرته بنبرة لعوب ونطرت له وهي تفهم ما يحاول فعله ولكن لم تفهمها شيرين كأن بينهما لغز لا يستطيع أحد أن يفهمه


"خلاص أنا هخليها تحضر الفطار ونفطر سوا كلنا، وبعدين بقا نجهز للنهاردة!" اخبرتهما وتبسمت لشيرين التي أدركت لتوها كم كانت مخطئة بحقهما ولكنها لم تعرف عن ماذا تتحدث زينة وماذا تقصد أنهم أمامهم يوم طويل بعد أن غادرتهما للتو وتركتهما معاً، كما أنها لم تفهم تلك الغمزة التي غمزتها لآدم فقط!!


وقفت مكانها متوترة بعد أن كادت تصفعه وتغادره للأبد، شعرت أنها بمأزق بعد أن ساد الصمت الغريب بالغرفة وسمعت صوت أنفاسه وهو بالقرب من النافذة يشرد بنظره بعيداً عنها ويبدو عليه التحكم التام بأعصابه وتحولت وقفته ليقف منتصباً بغروره المعتاد ويداه بجيوبه ولكن بداخل رأسه الكثير..


لا يدري ماذا ستقول زينة لها وهي مثل أبيها تعلم عنه الكثير وخاصة بعد أن أخبرها بشعوره نحو شيرين فهو يعلم جيداً لطالما كانت زينة جريئة ولن تنتظر حتى تخبر شيرين كل شيء.


وفكر أيضاً بنظرة الغيرة التي رآها أول مرة على وجهها كمن تريد أن تقتلع رأس زينة بيديها المجردتان، رأى حديث عيناها كمن تريد الصراخ "ابتعدي عنه هو لي وحدي" وقد أثلجت صدره تلك النظرة.


توترت هي أكثر ولم تدري كيف تكسر ذلك الصمت بينهما بعد أن كانت طريقتها باقتحام الغرفة متهورة قليلاً ودفعها للباب ومناداته بسيد آدم ونبرتها المتحفزة.


نست تماماً ما قد آتت من أجله وبدأت تشعر بتورد وجنتيها رغماً عنها خاصة أنها أدركت أنه يتأكد الآن كم تبغض أن تراه مع إمرأة أخرى.. لم تتفوه بشء حتى بدأ هو


"جاية بدري اوي يعني النهاردة.. اشمعنى؟" سألها بكامل هدوء أعصابه دون أن ينظر إليها وقد أختفى تماماً الشخص الذي كان يقهقه منذ قليل


"ممم.. آآه.. الصورة اللي.." تلعثمت ولم تستطع أن تأتي بجملة مفيدة


"صورة ايه؟ بتتكلمي عن ايه بالظبط؟" قاطع تلعثمها بحزم لأنه يعلم أنها بمجرد دخولها في حالة التوتر تلك سيظلان هكذا لكثير من الوقت


"يعني.. الصورة اللي.. شوفتها.. لما كنا.."


"شيرين.." صاح بها بقسوة ثم توجه ليمسك يداها ثم رأى الخوف بعسليتاها ونظرات عيناها المتوترة لا تتوقف عن مقابلة نظراته المتفحصة الحادة


"بطلي توتر، مفيش حاجة حصلت، زينة دي زي بنتي.. اهدي كده وقوليلي ايه اللي جابك بدري من غير سواق ومن غير حتى ما تقوليلي إنك جاية وفجأة أسمع من الـ security إنك سيبتي البيت وجيتيلي! ايه اللي حصل عشان تعملي كل ده؟!"


لانت حدة نبرته ثم خجلت هي من تفسيره لموقف زينة وتأكدت أن وجهها أصبح كالجمر فهو الآن يعطيها مبرراً لعلاقاته النسائية وكأنه تغير كلياً.


تنهدت ثم حاولت السيطرة على نفسها قليلاً "فيه صورة كده ليا أنا وأنت لما كنت.." لم تستطع أن تكمل وشعرت بيداه التي لا زالت ممسكتان بيديها قد قوت مسكتهما كمن يطمئنها لتتحدث


"لما كنت ايه؟ كملي.." سألها وقد فهمت أن صبره قد نفذ


"بتحضني" همست بهدء متحاشية رماديتاه اللتان تتفحصا كل شيء بها


"وفيها ايه؟"


"ده سؤال بجد ولا بتهزر معايا؟!" اندهشت من سؤاله وقد عادت جرأتها


"أنا بعمل اللي على مزاجي ومحدش ليه دعوة أنا بعمل ايه.. وعموماً أنا مش فارق معايا" أجابها بغروره وترك يديها وتجول بالغرفة بوقفته الشامخة وتعامل مع الموقف كأنه لا يعني له شيء نهائياً


"لا بجد!! طب إذا كنت أنت مش فارق معاك فأنا فارق معايا.." صاحت به بغضب وتبعته " دي سمعتي.. تفتكر الناس هتشوفني ازاي وتفكر فيا ازاي بعد صورة زي دي؟" سألته مستاءة من رد فعله فهي لم تتوقع أن يكون هكذا


"يفتكروا اللي يفتكروه" أجابها ببروده المعتاد الذي قد كرهته كثيراً مما زاد من غضبها وحدتها


"آدم أرجوك أنا مش هاقبل أن سمعتي حاجة تسوئها بالمنظر ده، ولازم نلاقي حل أو نصرح بـ.."


"مش هانعمل حاجة ومش هتتكلمي ولا تتناقشي معايا في الموضوع ده تاني" آمرها بنبرة لاذعة وشرد نظره لخارج النافذة وهي تكاد أن تجن من بروده وغروره بنفس الوقت فهو يتحدث كمن لديه الحق في فعل أي شيء وقتما شاء


"تمام اوي.. أنت مش فارق معاك ولا هامك.. حقك بردو!! مش فارق معاك تظهر قدام الناس مع واحدة ست ولا واحدة مش محترمة كل يومين، دي قراراتك وأسلوب حياتك وأنا محترماه أياً كان وماليش علاقة بيه ولا ليا حق اتدخل فيه ولا أقولك تعمل ايه ومتعملش ايه ولا تتصرف ازاي، ومظنش إنك عيل صغير عشان حد يقولك تتصرف ازاي!


أنا شايفة كويس إنك بتتعامل مع الموضوع زي ما اتعاملت مع إدعاءات الإغتصاب والتحرش قبل كده وبتتعامل ببرود وسلبية مع كل اللي بيقول أنك بتمثل أفلام محتواها تافه وتستهدف بس الستات والمراهقات ده كله حاجة تخصك ومليش حق اتدخل فيها..


لكن لما الموضوع يتطور لسمعتي ويتطور أنه يخصني فأنا مش هأقف متكتفة، مش هاسكت عن حقي ولا هاسكت قدام اللي يشوه سمعتي وصورتي في عين الناس.. ولو أنت يا آدم معملتش حاجة أو صرحت تصريح معقول ومنطقي عشان الصورة دي فأنا هتصرف ولوحدي وهاعمل اللي عايزاه ومش هاستنى اعتمد عليك في حاجة!!


دي حياتي الخاصة بعيد بقا عنك وعن جو الشهرة والكلام ده كله، وماظنش هكون مبسوطة لما حد يقول إن فيه علاقة تربطني بواحد زيـ.." توقفت فجأة بعد أن أنفجرت بالكلام وهو مازال موجهاً ظهره لها ثم همس ببروده المعتاد


"سكتي ليه؟ كملي! واحد ايه زي يا شيرين؟" قاطعها سائلاً بعد أن ألتفت إليها لينظر لها ويرى تعابير وجهها


"واحد ممم.. اللي أقصده إنك.. واحد.. " تلعثمت ثم أخبئت عينها اليسرى خلف شعرها الفحمي وحاولت أن تهرب من تحديقه بها لتجده يمسك بكتفاها رغماً عنها ويجبرها أن تنظر له بعينه


"اتكلمي" آمرها ولكن ليس بجفاء وقسوة مثلما يفعل دائماً، لم تدري ماذا هناك خلف تلك النبرة الجديدة مما دفعها للتهرب منه أكثر ولكنه أقترب منها رغماً عنها


"ليه اتوترتي فجأة؟؟ واحد زي ايه يا شيرين؟" صاح بها متسائلاً ولكن لم تعلم هي أكل ما يريده أن تُكمل حقاً أم يريد أن يعلم ماذا تظن به؟ ما هو بالنسبة لها؟ كيف تراه؟ ماذا تعتبره بالنسبة لها؟ فكرت شيرين بسرعة في أي إجابة ذكية حتى لا تعقد الأمور أكثر من هذا أو تجرحه بكلام قاسي


"واحد متربطنيش بيه غير علاقة شغل مش أكتر" أخبرته بعد عدة محاولات لإيجاد رد ذكي ولا يجرح مشاعره أو كرامتها أمامه سكتت ثم أشاحت بنظرها بعيداً وهي تتمنى ألا يغضب أو يقع في بؤرة صمته وهدوءه اللذان بمثابة الرياح التي تسبق العاصفة.


نظرت له نظرة خاطفة لتحاول فهم أي شيء من تعابير وجهه أو تستنج شيئاً ولكن هيهات! عندما يُصر على ألا يكون واضحاً فهو أكثر شخص بارع في هذا.


"مبتربطناش غير علاقة شغل!.. هو ده كل اللي مضايقك؟" سألها بهدوء بنبرة فارغة من المشاعر ومن كل شيء وعاد ليضع يده بجيوبه وقد لمحت القليل من غروره بوقفته


"ايوة يا آدم! الكل شايف إن مبيربطنيش بيك غير الشغل وبس! ومش كويس إن الناس تشوف إننا مـ.."


"وأنتي شايفة ايه؟"


"شايفة ايه؟!! تقصد ايه بالظبط؟"


"شايفة إن كل اللي بيربطنا ببعض الشغل وبس؟" سألها ليبعث التوتر بها ولم تستطع أن تتفوه بأي شيء وحاولت التهرب منه مجدداً فهي حقاً لا تدري هل تجيبه بنعم فإنها منذ قليل أرادت تفسيراً لكل ما يحدث بمجرد رؤيته مع فتاة أخرى لا تعلم عنها شيء، هل تجيبه بنعم وهي تفكر به كل ليلة وبما تكن له من مشاعر تكاد تقتلها عندما تتذكر أنها ستغادره عاجلاً أم آجلاً، أم تجيبه بلا حتى تعقد الأمور أكثر؟ وماذا عن رد فعله في كلا الحالتين؟ فهو كالعادة تصرفاته وردود أفعاله غير متوقعة فهي تعلم ذلك جيداً....


ساد الصمت ولم تقدر على مواجهة رماديتاه الثاقبتان فستقتلاها بطريقتهما المتفحصتان، ولكنه لن ينتظر أكثر من هذا


"مش هتردي؟" صاح متسائلاً ثم رفع ذقنها بأنامله ليجبر عسليتاها الهاربتان على مواجهته


"أنا مش.. مش شايفة.." تلعثمت وزاد توترها ثم هزت رأسها واعتصرت عيناها تغلقهما


"بصيلي وجاوبي عليا" آمرها بهدوء فنظرت له بتوتر ولا تدري بم تجيب أو ماذا عليها أن تفعل لتجده يقترب منها


"بصيلي في عينيا وقوليلي إن كل اللي بيننا مجرد شغل مش أكتر، متتردديش يا شيرين، متخفيش تقولي إن ما بيننا أكتر من شغل" آمرها مجدداً وزاد اقترابه منها وسمعت أنفاسه قد علت وأخذ يبحث بعيناه عن إجابه ولم تعلم بماذا يشعرالآن؟ هل سيبدي اهتمام أو سيتحلى بالعقلانية أم سيغضب ويتحول لذلك الوحش الذي تخشاه وحاولت تجنبه كثيراً منذ أن عادت!


"أرجوك.. أنا مش عارفـ.."


"أنا جيت.. خلاص فاطمـ.." صاحت زينة خلال دخولها الغرفة وقد قاطعتهما ولكنها أدركت أنها قد قاطعت شيئاً هاماً خاصة عندما رآت نظرة الغضب على وجه آدم وقد تعجبت عندما رآت شيرين قد فزعت وقامت بالابتعاد عنه بسرعة


"ايه ده، I'm so sorry بجد، أنا.."


"لاص يا زينة محصلش حاجة، يالا" قاطعها وخرج من الغرفة بعصبية


"ايه اللي حصل؟" سألت زينة بخفوت حتى لا يسمعها آدم


"حاجات كتير" أجابتها بعد أن تنهدت وتبعت آدم خارجاً في صمت تام وكذلك زينة.


التف الجميع حول المائدة بينما أكملت فاطمة اعدادها وتناول كل منهم الطعام في صمت ولاحظت زينة أن شيرين لم ترفع نظرها عن الصحن الخاص بها وتتحاشى النظر لآدم، بينما هو كان يبدو عليه الغضب وتأكدت أن هناك شيئاً ولكن ستعلمه عاجلاً أم آجلاً..


فكرت بكسر الصمت وهذا الجو المحيط بهم "هاخليه بقا يوم you'll remember it forever (ستتذكره للأبد) " صاحت زينة لينظر لها آدم بعدم أكتراث ثم نظر أمامه


"متعمليش حاجة.. كفاية إنك جيتي وافتكرتي"


"يا آدم!! مش هتقولي ازاي احتفل بيوم زي ده.. وأنت قولتلي إني Once I go to college (أول ما اروح الجامعة) هاقدر اعمل اللي عايزاه.. Do you remember (هل تتذكر)؟!"


"فاكر بس أنتي عارفة إن أنا مبحبـ.."


"آدم!! I won't take for an answer.. I wanna throw a big big party, ma dad should spend lotta money, I've prepared everything!!"


"لن أقبل برفضك هذا وسأحتفل كما يحلو لي.. ولأجعل أبي ينفق الكثير من المال أيضاً ستكون حفلة ضخمة ولقد أعددت كل شيء" قاطعته بسرعة مصرة على ما تريد فعله


"ماشي" تنهد بسأم "اعملي اللي أنتي عايزاه" أخبرها ثم تركهما وغادر للخارج وبمجرد تأكد شيرين من مغادرته سألت زينة


"حفلة ايه؟"


"بجد متعرفيش!! it's his Bday (ده عيد ميلاده).." نظرت لها في اندهاش


"هو مبيحبش يحتفل بيه، وأنا كنت عايزة أعمل Party السنة اللي فاتت، بس he hates parties!! (بيكره الحفلات) بس صدقيني هتبقا حفلة تجنن.."


أجابتها ثم سكتت قليلاً لتندهش شيرين كيف لها ألا تعلم يوم ميلاده "أنا نفسي أشوفه مبسوط.. آدم عملي حاجات كتيرة أوي عشان خاطري وياما وقف جنبي حتى وقف قدام بابي دايماً لما مش بيوافق على اللي عاوزاه، I dunno، هو صاحبي ولا اخويا الكبير، ولا حتى زي بابي!!.. I just love him so much and I don't care what my mom thinks of him (أنا أحبه للغاية ولا أكترث بما تظنه أمي عنه)


أنتي عارفة آدم ممثل مشهور وليه fans كتيرة وبالذات البنات، وده بيخلي مامي!! يعني.. Well!! مش عارفة أقول ايه بس محدش يعرفه زيي.. هو يستحق أنه يحس بسعادة حتى ولو بحفلة أو حاجة صغيرة.. مش فاكرة امتى شوفته مبسوط.. يمكن لما بيتكلم عنك sometimes"


"عني أنا؟ هو كلمك عني؟" تعجبت شيرين وعقدت حاجباها


"ممم.. بجد عايزة تعرفي؟" أرادت زينة أن تتلاعب بحديثهما قليلاً وترى الشوق بعيناها واللهفة لتعلم ماهية مشاعرها تجاهه


"أنا مش.. حقك لو.. أقصد.. يعني لو مش عايزة.." تلعثمت ولكنها أرادت بشدة أن تعلم ماذا أخبرها خاصة أنها رآت كيف هو معها


"ممم.. Okay" تبسمت زينة "أنت مش عايزة تقولي إنك هتموتي وتعرفي هو قاللي ايه عنك، وكمان شوفت الغيرة في عينيكي لما شوفتيني بحضنه من شوية.. هاقولك كل حاجة بس أنتي كمان هتقوليلي كل حاجة.. Deal؟" نظرت لها نظرة مشجعة ولكنها بدت ودودة ولطيفة للغاية


"أوك.. Deal" لم تجد شيرين إلا أن توافق، تبسمت لها هي الأخرى ولكن بخجل


"يالا نتمشى برا سوية وهاحكيلك"


ذهبتا للخارج وهما يحملان قهوتهما وبدأت زينة في الحديث


"آدم supported me (دعمني) كتير ووقف جنبي لما كنت عايزة أكمل دراستي بأمريكا وحتى جابلي Two Bodyguards وأقنع بابي بده وهو كان رافض خالص للمبدأ نفسه، بس آدم كان بيكلمني كل يوم ومخلنيش أحس إني لوحدي، even كان بيساعدني في الدراسة نفسها، أنا اخترت إدارة أعمال، عشان اشتغل معاه هو وبابي، بس هو كمان وعدني إنه يعملي شغل لوحدي..


مش عايزة أطول عليكي بكلام عن حياتي بس هو قريب اوي ليا، وأنا كمان كده بالنسباله، ولاحظت شوية تغيير عليه لما انتي جيتي، أنا كنت بعرف كل اللي بيحصل هنا، آدم Loves you شيرين! عمري ما شوفته متعلق اوي كده بحد زيك، هو عايزك معاه على طول، مجرد إنك تبعدي ده بيتعبه، أقصد الفكرة نفسها إنك تبعدي، do you remember لما سيبتيه واشتغلتي في الكلية؟ كان متضايق اوي ومتدمر خالص، و believe me (صدقيني) حاولت اخفف عنه وقولت هينساكي بس مش عمل كده! لكن لما رجعتي تاني حسيت إن آدم بيتنفس كده ورجع كويس، زي ما يكون the one who came back to life because of you، (الشخص اللي رجع للحياة بسببك)" سكتت قليلاً ثم نظرت لها


"أنا... مش عارفة بجد أقول ايه.. أنا.." تلعثمت واخفت عينها اليسرى خلف شعرها الفحمي المنسدل على جانب وجهها


"انتي كمان بتحسي زيه؟" سألتها بجرأة ونظرت لها وقد توقفتا عن السير ولم تجيبها شيرين وسكتت ونظرت بعيداً وفجأة احتبست الدموع بعسليتاها وابتلعت بصعوبة


"أأ.. أنا..بحبه بس.."


"بس What؟!"


"هو أحياناً.. لا دايماً بيتحكم في كل حاجة.. ساعات بحس إنه في يوم ممكن يتحكم في الهوا اللي بتنفسه.. بيفضل يقولي اعملي ومتعمليش.. يعرف ستات كتيرة... وأنا مش هاقدر أن.."


"مش هتقدري ايه؟!"


فكرت كثيراً هل تخبرها عن خوفها الذي يعيقها عن أن تظل مع آدم.. هل لها أن تخبرها بسهولة؟ زينة تبدو لها شخصية لطيفة ولكن بالكاد تعرفها، هي حتى لم تخبر حبيبة بكل شيء وحتى وإن أخبرت زينة الآن هل ستقدر خوفها وستفهمها أم ستظن أن هذا سبب تافه..


"أنا بس مش هاقدر ادخل في علاقة دلوقتي.. وأرجوكي متسألينيش ليه.. وبالذات آدم، أنا جوايا ليه مشاعر كتير بس الموضوع مش هيكون سهل! هو متحكم أوي وأنا معنديش استعداد إني..." لا تدري كيف تضاربت الكلمات هكذا وتوترها كان شديد للغاية لتجد زينة تنظر لها كمن يحاول فهم مسألة رياضية صعبة


"أنا مش فاهمة حاجة بس ليه متحاوليش؟ just give it a try"


"أنا حاولت كتير بس ده فوق طاقتي دلوقتي.. يمكن لو قابلته قبل ما.." سكتت عن الكلام مرة أخرى وأشاحت بنظرها بعيداً وقد تَلألأَت الدموع بعسليتاها


"شيرين.. Do you wanna talk later ؟ (أتريدين التحدث في وقت لاحق)" سألتها بعد أن أدركت أنها بمأزق ولم تريد أن تصعب عليها الموقف أكثر من هذا


"يا ريت لو سمحتي.. شكراً يا زينة"


"مش تشكريني بس Please, don't hurt him (لا تسببي له الآلم أرجوكي)!! ده كل اللي عايزاه.." أخبرتها زينة بإهتمام وقد تغيرت ملامحها


"هاعمل اللي هاقدر عليه عشان احنا الاتنين منتوجعش!"


"يالا عشان قدامنا يوم طويل.. هتلبسي ايه؟"


"مممم... مش عارفة.. مكنتش أعرف إن النهاردة فيه حفلة بس أظن هاروح اشتري فستان جديد"


"تمام.. بس محتاجاكي تساعديني في كام حاجة كده"


ذهبتا لتعدا للحفل ولم ترى شيرين آدم طوال اليوم وعقلها يكاد ينفجر من التساؤلات ماذا يظن الآن؟ إلي متى سيستمر غضبه هذا؟ ماذا عليها أن تفعل؟ هل تعطي نفسها فرصة وتعطي له فرصة مثلما اقترحت عليها زينة بأن تخوض التجربة أم أن هذه التجربة ستكون الأسوأ بحياتها؟


"شيرين.. I think احنا خلصنا كل حاجة خلاص، امتى هتروحي تجيبي الـ dress؟" سألتها زينة ونظرت لها ولكنها غرقت في شرود تام وكأنها لا تشعر بوجودها من الأساس "شيرين.. انتي معايا؟"


"معلش مخدتش بالي.. كنتي بتقولي ايه؟" همست سائلة وقد شعرت بالإحراج من زينة


"لا ده شكلك مش معايا خالص!! بس anyway كنت بقولك إننا خلصنا، وبسألك هتجيبي الـ dress امتى"


"هاروح دلوقتي اهو.. المفروض أكون موجودة الساعة كام؟"


"سبعة"


"تمام، هاروح اهو ولسه قدامي وقت كويس.. باي"


لم تلبث الكثير وتوجهت لمنزلها بعد أن قررت أن تذهب مع السائق المعين خصيصاً لها حتى لا تتعرض لجدال مع آدم خاصةً اليوم.. لم تدري هل عليها أن تُفكر الآن؟ اليوم؟ أم تدع كل شيء لوقت لاحق؟ هل عليها أن تقرر متى ستذهب للأبد أم أن كلام زينة الذي تأكدت من الكثير بسببه قد أدى إلي تغيير أي شيء بخطتها؟ تسارعت الأفكار برأسها وتملك الخوف من مشاعرها فهي تحبه ولكن ماذا عن علاقة طويلة الأمد معه؟ كيف ستنتهي وإلي أين ستأخذها؟ لماذا آدم كان مصراً على أن يجعلها تتحدث بشأن علاقتهما معاً؟ متى وكيف تغير هكذا؟!


حاولت البحث بين ثيابها لتجد شيئاً مميزاً ولكن لم تجد شيئاً حتى ترتديه وكأن كل ما أمامها أصبح فراغ تام..قررت التوجه كي تشتري ثوباً جديداً وبعد عناء تام وقع نظرها على ثوب حريري فضي اللون فقررت شراؤء وبعدها توجهت إلي أحدى صالونات التجميل وكانت تريد أن يراها الأفضل بين الجميع.. تمنت أن تسمع منه شيئاً طالما تاقت لأن يُخبرها به وهو بكامل وعيه، دون جدال أو صراعات.. أرادت أن تتمنى له يوم ميلاد سعيد وأن تحياه معه وحتى لو لبضع ساعات..


في نفس وقت انشغالها كان يتابعها آدم مثلما يفعل دائماً وعلى علم بجميع تحركاتها ولكن لم يعلم أحد أنه يراقبها حتى في منزلها فهو حتى لم يُخبر زينة بأنه يفعل هذا، وبينما كان يتابعها وقد اندهش تماماً عندما أخبره السائق أنهما سيتجهان لمنزلها أولاً ولم تأتيه الفرصة لإستكمال ما كان يفعله بعد أن حاول أن يتجنب زينة طوال الوقت ولكنه في النهاية باء بالفشل فقرر الذهاب لها بدلاً من أن تجده هي..


"روحت فين بقا وسيبتني هنا؟ أنا مش مديرة أعمالك Mr آدم" أخبرته محاولة أن تبدو كشيرين في طريقتها لتجده يتبسم رغماً عنه


"كان عندي معاد و..."


"النهاردة عيد ميلادك، مفيش بقا لا مواعيد ولا شغل.. وقولي بقا ايه رأيك، Do I look nice؟ (شكلي حلو)"


"مممم.. شايف إنك شكلك كده هتبتدي تجيبي مشاكل لمراد.. جميلة اوي وكبرتي بسرعة يا زينة.. وواضح إن أنا كمان هاخد نصيبي من المشاكل دي!" ابتسم لها في ود لتقترب هي نحوه ثم دفعته من كتفه برفق


"مشاكل، No no no!!.. أنا مش هجيب مشاكل لحد، يالا روح اجهز عشان الحفلة قربت تبتدي"


"حاضر يا حبيبتي" أخبرها ثم توجه لغرفته وحاول أن يبدو طبيعي أمامها قدر الإمكان ولكن كلاهما يعلمان أنه ليس بخير.


::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::


"أنا لازم أمشي بكرة الصبح.. محدش هيعرف .. الليلادي بس تعدي على خير وأنا مش هخليه يشك في تصرفاتي على قد ما أقدر" همست بينما أعدت ثلاثة حقائب كبيرة لتضع بهم أغلب أشيائها ثم تطلعت حاسوبها وقد علمت تماماً ما عليها فعله. أخرجت هاتفها ثم بعثت برسالة لحبيبة بكل التفاصيل فلم ترد أن تتحدث معها بذلك لأنها لن تجعل الموقف سهلاً عليها أبداً..


حاولت أن تتجنب التوتر والتفكير بما قد يحدث لاحقاً عندما يكتشف آدم هذا ولكن أرادت أن تكون الليلة من أسعد أيامهما معاً حتى ولو تترك له ذكرى سعيدة حتى يتذكرها بها.


وبمرور الوقت قد فرغت تماماً من إرتدائها لملابسها وتفقدت نفسها بالمرآة بعد أن تركت شعرها الأسود لينسدل على كتفها فهي تعلم كم يحبه منسدلاً هكذا، سعدت بإختيارها لثوبها الفضي الحريري الذي أضاف على قوامها طلة خلابة لم تكن تدري أنها ستبدو هكذا بالرغم من قلة الإختيارات أمامها ولكنها أحسنت الأختيار.. وبعد وضع القليل من ملمع الشفاة الوردي وظل العيون الرمادي الممزوجاً بالسواد ورموشها الطويلة السوداء التي أبرزت عسليتاها علمت أنها الآن جاهزة لأن تغادر.


توجهت للذهاب لبيته حتى تصل في تمام السابعة مثلما أخبرتها زينة مع السائق الخاص بها وتطلعت هاتفها لتجد حبيبة قد هاتفتها أكثر من عشر مرات ولكنها لم ترد أن تتلقى أياً من المحاضرات الآن.


وبمجرد دخولها وجدت أن كل شيء جاهز تماماً وأقبلت زينة عليها تهرول "ايه رأيك؟ كله تمام؟" سألتها بنبرة متوترة وقد أختفت الثقة التي كانت تتحدث بها صباحاً


"متقلقيش.. كل حاجة حلوة اوي، الورد والترابيزات شكلها classic اوي وحلوة وكمان الـ Band اللي جيبتيها جميلة، أنا كنت خايفة بصراحة تعملي حفلة تليق متليقش بآدم أو تناسب شاب صغير شوية بس بجد كل حاجة عملتيه لايقة اوي ومناسبة جداً برافو عليكي"


"طيب ممكن بس تشوفي الـ guests list ، أنا سيبتها مع الـ security" أخبرتها ثم عدلت وقفتها وعقدت ذراعيها "وبعدين برافو عليكي أنتي كمان، you look so beautiful .. وده بجد اللي هيبسط آدم " وبغضون ثوانٍ تحولت نبرتها للنبرة اللعوب وابتسمت لها بقليل من الخبث


تبسمت شيرين لها لا تدري ماذا تقول "شكراً" سكتت لبرهه ثم سألتها "وهو هيتم كام سنة؟؟"


"37 بس شكله اصغر مش كده؟!" سألتها لتومأ لها بسكوت "أنا أظن هو لسه في اوضته.. ليه متروحيلوش؟"


"ممم.. لأ، هستناه هنا"


"لا روحيله، هيتبسط اوي" أخبرتها لتجدها توجهها من كتفيها بأتجاه المنزل حتى تصعد له وبدأت في أن تجبرها على المشي لتضحك شيرين رغماً عنها


"خلاص خلاص.. أنا هاروحله اهو" ضحكا سوياً ثم أتجهت شيرين لتصعد لغرفته وقد تملك منها التوتر تماماً واعتصرت عيناها ثم فكرت بالذهاب للأسفل مجدداً وشعرت بدقات قلبها تتسارع كأنها ستراه لأول مرة بحياتها وفي الحقيقة هي آخر ليلة لها معه بعد اتخاذها لقرار مغادرته للأبد.


أخذت الكثير من الوقت مترددة بين طرق الباب وبين النزول ولكنها وجدت الباب قد تحرك فجأة لتجد قلبها على وشك الخروج من صدرها من كثرة ضرباته ليظهر هو برماديتان صافيتان تماماً مرتدياً بدلة رمادية وقميصاً أبيض ورابطة عنق كلاسيكية سوداء ولم تراه بتلك الوسامة هكذاا بالسابق لتتلعثم بينما تفقدها هو ولأول مرة يعجز عن التحدث تماماً.


لم يدري لماذا تبدو هي هكذا، لماذا عليها أن تبدو بمثل تلك البراءة والجمال الآخاذ في نفس الوقت؟ آدم رأفت الذي رأى الكثير من الجميلات تقف الآن أمامه إمرأة لا يستطيع أن يتفوه أمامها بأي حرف، لم يشعر بمرور الوقت بينما وقف كالشليل ينظر لها وكأن توقف الوقت ولم يلاحظ تفحصات شيرين لعيناه الرائقتان تماماً التي لم تراهما مثل هكذا من قبل وتناست مدى اقترابهما من بعضهما فهي كانت على وشك الدخول له بينما خرج هو "كل سنة وأنت طيب" أخبرته بعد محاولاتها للسيطرة على توترها قليلاً


لم يبادلها الحديث ولم يلاحظ حتى أنها قالت شيئاً بل ظل ينظر لها هكذا بينما شعرت هي بالغرابة من الموقف "آدم الساعة بقت تمانية ولازم تكون موجود دلوقتي مع الناس." أخبرته وأنتظرت أن يقول أي شيء ولكن دون جدوى


"أنت سمعتني؟ آدم!!" نادته بينما وجدته يعقد ذراعه ليستند بالحائط بجانبه وأحدى قدماه تعاكس الأخرى فتبدو وقفة غرور ولكن تعبيرات وجهه تناقض تلك الوقفة كثيراً. أومأ لها بالرفض وهناك ابتسامة تتلاعب على شفتاه لم ترى مثلها منذ أن عرفته


"يالا لازم ننزل عشان نستقبل الناس" أخبرته بتوتر وعسليتاها تتفادى مقابلة رماديتاه فقد صعب عليها هذا، كيف لها أن تنظر له وهو يبدو هائماً بها ولم يتبقى إلا بضع ساعات وستتركه للأبد.


أومأ لها بالرفض مجدداً لتستغرب من ردة فعله وبدأت في التململ ولكنها لا تريد أن تفقد هدوئها وألا تتسبب في جدال جديد بينهما


"آدم أرجوك، مش وقت سكوتك!" أخبرته بعد صمت دام الكثير وعيناه لا تفارق عيناها وابتسامته لم تغادر شفتاه للحظة فاقتربت منه لتمسك ذراعه بوهن "آدم.. يالا" همست ثم نظرت له لتجده يقترب منها فحاولت الابتعاد قدر الإمكان ولكنها بعد قليل وجدت الحائط بخلفها وكادت تنعدم المسافة بينهما


"بتعمل ايه؟" همست سائلة ولكن جاءت نبرتها مناقضة تماماً لما بداخلها، لم تدري لما صاحت بهذا الضعف وسرعان ما نست كل ما تفكر به عندما استنشقت رائحة النعناع خاصته التي طالما حاوطته دائماً.


تسارعت أنفاسها وأعتصرت عسليتاها ولم تعلم كيف عليها أن تقاومه أو أن تبتعد عنه وهو كل ما تريده الآن أن تظل هكذا قريبة منه للأبد.. أحست بأنفاسه قريبة منها وازداد توترها ولكنها فوجئت بقبلة بطيئة رقيقة قد طبعها على جبينها ففتحت عيناها مسرعة لتنظر له فقد هدأت ملامحه تماماً وأختفت ابتسامته وظل ينظر لعيناها وحتى الآن لم ينطق بحرف.


لم تدري بماذا عليه أن تفكر أو كيف تشعر! أهذا آدم رأفت الذي عهدت وقاحته وجرأته؟ أين ذهب ذاك الشخص؟ هل تغير هذا الشخص القاسي ليصبح إنساناً جديداً؟ ولماذا الآن؟ لماذا عليه أن يتغير الآن بعد أن قررت أن عليها تركه للأبد؟


بادلته النظرات لترى رماديتاه يبحثان عن رد فعل في وجهها، يريد تلك الملامح الملائكية أن تخبره بأي شيء، شعرت شيرين كيف كانت قاسية عليه وعلى نفسها، هي تريده أكثر من أي شيء، تريده هكذا وللأبد، ولكن لم ولن تمهد له الطريق حتى يتأكد من عشقها له، لن تدعه أن يمتلك قلبها، خوفها كان أكبر من كل شيء، أكبر من قسوته، من حبه لها، وحتى أكبر من الإنجذاب بينهما!


"مش المفروض ننزل دلوقتي؟" همست شيرين سائلة وعيناها تحمل شعارات الإستسلام "أنت أتأخرت اوي ولازم الناس تشوفك"


ابتعد عنها قليلاً ثم نظر لها بحيرة كمن يريد أن يسألها الكثير والكثير ولكنه يعلم أن هذا ليس الوقت المناسب.. مد ساعده لها فابتلعت ريقها ونظرت له بتوتر شديد "آدم.. أنا مش هاقدر أظهر قدام الناس وأنا.."


أومأ لها وعقد حاجباه ونظرته أخبرتها جيداً أنها لن تستطيع أن تناقشه بهذا وسيفعل ما يريده على كل حال..


أطلقت زفرة طويلة ولم تناقشه لأنها لا تريد أن تُفسد على أياً منهما هذه اللحظات، أرادت أن تجعل الليلة ذكرى بينهما لا يشوبها أي جدالات.. سارت نحوه وأمسكت بذراعه وقد قتلها الخجل من مدى قربه لها وتوجها للخارج حيث الحضور.


تحولت جميع أعين الناس إليهم بمجرد خروجهم من منزله وبينما أشتعلت رأسهم بملايين الأسئلة كان هناك سؤالاً واحداً يدور بخاطر آدم "يا ترى هتقبل ولا لأ؟!"


لم تدري شيرين لماذا ينظر لها هكذا وهناك الكثيرات من أجمل النساء حولها، لم تعهد تصرفاته اللينة اللائقة مؤخراً، ولكن لم يغادر عقلها تحولاته وعصيبته وتحكماته التي لن تتغير أبداً، كان هناك صوتاً يصرخ بعقلها أن تصرفاته الآن قد تكون الهدوء الذي يسبق العاصفة، شعوراً يحركها بألا تثق به أبداً فهو كاللغز الذي حاولت حله ولكنها فشلت.


حاولت هي أن تبتعد عنه قليلاً وحاولت الإنشغال بأي شيء فرآت زينة أمامها فتظاهرت بأنها تريد أن تتحدث معها حتى يتوجه آدم كي يحيي الحضور بهيبته وغروره فنظرت لذلك الممثل المشهور وقد تغير عن آدم اللين الذي كان معها منذ دقائق ولم يستطع أن ينطق حرفاً، التفتت كل الأنظار إليه وبداخلهم فضول أن يعرفوا ماذا سيقول، لم يفعلها من قبل كما أنه لا يجري مقابلات ولا يُصرح بأي شيء.


"شكراً لوجودكم، أتمنى تستمتعوا بالحفلة" تحدث بصوته العميق ثم غادر الجميع للداخل.


تعجب الجميع كما تعجبتا زينة وشيرين ولكن حاولتا التصرف وأستمرت الحفلة، صوت الموسيقى الكلاسيكي ورائحة الورود المنتشرة بالمكان والأحاديث الجانبية بين الحضوراستمر كل شيء على ما يُرام ولكنه لم يتواجد حيث الجميع فقررت شيرين أن تقنعه بالنزول مرة أخرى حتى لا يتأفف الحضور حيث أنه يوم ميلاده ولن يكون مقبولا إذا تركهم هكذا، توجهت لتبحث عنه بجميع أرجاء المنزل خاصة أنها تريد أن تظل بجانبه طوال الليلة حتى لا يعلم أنها سترحل


أكملت بحثها ووجدته يقف بهدوء خارج مكتبه عند البوابة المؤدية للحديقة


"آدم لازم تيجي مينفعـ..." صاحت ولكنها أنهت جملتها على الفور عندما وجدته قد تجرد من سترته وربطة عنقه فحمحمت قليلاً كي تحاول أن تستجمع الكلمات، لا يبدو بخير، شعره فوضوي واستنادته على الحائط خلفه ويداه بجيوبه وهناك شيئاً ما بتعابير وجهه غريب لم تعهده من قبل، نظرته بشرود للأسفل كأنه لا يشعر بوجود من حوله قد أثارت قلقها


"آدم، أنت كويس؟" سألته بنبرة مليئلة بالحيرة والقلق فلم يجيبها إلا بنصف ابتسامه بدون أن تتقابل نظراتهما فلم تدري هي ماذا عليها أن تفعل!


جاء صوت الموسيقى من بعيد ونسيم الشتاء يعبث بشعرهما وصمتها الغير مفهوم يثير الريبة بقلب شيرين، اقترابها منه الآن يُشكل خطراً جديداً شعرت به يأجج صدرها


"آدم.. لازم تخرج عشان تـ..."


"اسكتي" همس بنبرة حنونة وحزينة بآن واحد فلم تتوافق مع آمره الناهي لها بألا تتحدث ولم تتحرك رماديتاه عن الشرود فاستغربت شيرين هل عليها أن تنزعج أم عليها أن تصمت أم أن تحل اللغز الظاهر على وجهه


"ارجوكي اسكتي ومتتكلميش.." أخبرها ثم رفع نظره إليها "أنا بس.. عايز.." تلعثم ثم أسرع في الكلام بعد أن أستجمع قواه "عايزك جنبي يا شيرين"


"أنا جنبك، مش هاروح في حتة" رغماً عنها نطقت تلك الحروف وكأنها لم تعد للذهاب للأبد، وكأن حبيبة ليست الآن تعد أغراضها حتى تتركه.


"أنا مش عارف امتى او ازاي..أنا.. من.." حاول أن يستكمل حديثة ولكن لم يستطع فحاول غاضباً وسرعان ما تحول لوحش مجدداً يمشي حولها بعصبية ويخلل شعره ثم عبث بأسفل ذقنه بحنقة وتوجه إليها ممسكاً بكتفيها


"أناعايزك من ساعة ما شوفتك اول مرة في مكتبي، حاولت احارب اللي بحس بيه جوايا ليكي بس مقدرتش، حاولت أكون مع ستات تانية معرفتش، حاولت ابعد عنك يمكن أموت جوا مني احساسي بيكي ده اللي بيموتني كل يوم ألف مرة، حتى حاولت أركز في شغلي بس لاقيتك حواليا في كل مكان، جوا عقلي، جوا قلبي، قدام عينيا، ده أنتي حتى زي ما تكوني موجودة في كل نفس بتنفسه، كل حاجة بعملها بشوفك قدامي وقاعدة وبصالي وزي ما أكون بعمل اي حاجة عشانك وليكي، أنا مبقتش شايف غيرك يا شيرين، وكنت عايز أسألك على حاجة.."


قاطعته بوضع اصبعها على شفتيه وهي تحاول أن تتظاهر بالفرحة وهي سعيدة بالفعل ولكن الخوف يقتلها كل مرة


"متقولش حاجة يا آدم.. أنا سعيدة اوي بكل اللي سمعته منك، أنت كمان بالنسبالي حاجة مهمة اوي في حياتي، مبقتش أقدر أكون سعيدة غير بوجودك جنبي.. بس لسه قدامنا الليلة طويلة وقدامنا وقت نتكلم تاني في كل حاجة.. تعالى بس معايا دلوقتي عشان الناس اللي مستنياك بره وكمان كل حاجة عملتها زينة لازم تقول رأيـ.."


توقفت عن الحديث بعد أن عقد حاجباه بغضب ووجه لها ظهره وعاد لغروره وبروده مرة أخرى وكأنه تحول لمن رأته أول مرة بمكتبه، شعرت بإنزعاجه بعد أن حاول أن يخبرها بما يكنه صدره إليها ولكنها غضبته كثيراً وبالرغم من هذا علمت شيرين ما عليها فعله جيداً.


توجهت حتى تواجهه ونظرت لرماديتاه ثم أقتربت منه وهو لا يحرك ساكناً فقط ينظر لها نظرات باردة وقد اسودت رماديتاه


"متقلقش دقني لسه معانا وقت كتير وأنا مش هاروح النهاردة بدري" أخبرته ببسمة عذبه ثم قبلت وجنه بلطف وكوبته بيدها الرقيقة "يالا تعالى معايا" همست برقة ثم أمسكت بيداه كي يعودا للداخل وأخذت سترته وساعدته في إرتدائها مرة أخرى ثم أخذت ربطة عنقه ونظرت له بخجل بينما تعقدها له وهي تلاحظ نظراته بدأت أن تلين ويعتريه التعجب مما تفعله.


امسكت بيده ثم توجها للخارج وبعد محاولات من زينة كثيرة حتى يشرع في تقطيع كعكة ضخمة جعلته يفعلها، حاول التظاهر بأنه طبيعي وبخير ولكن زينة تعلم أن هناك شيئاً ما به، وكذلك شيرين كانت متأكدة أن هناك شيئاً ليس بخير..


حاول آدم الوقوف بجانب الحضور كي لا يفتعل أية جدالات مع زينة وكان مراد بجانبه ولكن لم يستمع لأحد، كان شارداً طوال الوقت حتى عندما علت الضحكات لم يستطع ملاحقة الحديث فقرر أن يتوارى عن الأنظار مرة أخرى.


شعر بالاختناق مثلما لم يفعل بحياته، لا يعلم ماذا يقول لأحد، كيف سيتحدث معها، لا يدري ماذا يحدث له، كل شيء غير مرتب بعقله مثلما تعود دائماً، يشعر أن هناك شيئاً ما سيحدث ولكن لا يعلمه، فكر بجواز السفر التي كانت ممسكة به عندما كان يراقبها، ما زال أيضاً متعجباً كيف قبلته هكذا، لماذا أصبحت لطيفة للغاية معه؟ وإذا تغيرت تجاهه لماذا أيضاً لم تجيب عليه هذا الصباح؟


تمزق عقله مفكراً في كل شيء متعلق بشيرين ولم يدري منذ متى كانت تقف أمامه بغرفته وبماذا تتحدث


"أنت كويس؟" سألته برقة فنظر لها ولم يدري بم يجيبها فابتسمت له ثم توجهت نحوه وسألته "ممكن أطلب منك حاجة؟" فأومأ لها بالموافقة "عايزة اتمشى معاك شوية، ممكن؟" أخبرته بينما الخجل يبدو عليها فتبسم لها ثم توجها للخارج وساد بينهم الصمت.


كان الوضع هذا جديداً عليهما فهي لم تراه هكذا من قبل، صمت تام بدون غضب، بدون نقاش أو جدال، الخوف يمزقها من أن يعلم شيئاً عن خطتها التي كانت تعد لها منذ شهور ولا تفصلها عنها إلا ساعات قليلة.


آدم لم يشعر هكذا من قبل، تملؤه الحيرة والإحباط في آن واحد ولكنه لن يتحدث لها بشيء مرة أخرى، سينتظرها هي أن تبدأ بالحديث، بعد تفكيره بما حدث صباح اليوم وما حدث منذ قليل قد كان هذا كافياً كي يجرح كبرياء آدم رأفت!


حاولت التفكير كيف عليها أن تتحدث له وكيف تبدأ بالحديث "عجبتك الحفلة؟" حمحمت ونبرتها متوترة فلم تجد منه إلا إماءة بالموافقة وصمته المعهود مازال قائماً.


"ممم.. ولكنك مسألتنيش انا جيبتلك ايه!" أخبرته بعد برهة من التفكير لكسر هذا الصمت


"مش عايز حاجة" أخبرها ببرود


"بس النهاردة عيد ميلادك وفيه حفلة و.."


"أنا عمري ما اهتميت بالحاجات دي.." قاطعها ولكنها كانت مصممة


"عموماً أنا جبتلك حاجة ونفسي تعجبك" بالرغم من بروده الذي تعودت عليه أخرجت صندوق هدايا صغير ثم قدمته له فتناوله منها ثم وضعه بجيب سترته بعد اهتمام


"مش هتشوف جواه ايه؟" سألته بعفوية بينما توقفا عن السير ولم تجد إلا رماديتها تخترق عيناها بغضب فبدأت بالتوتر والقلق من رد فعله الغريب وتعالت أنفاسها لا تعلم لماذا بينما اقترب منها ولم تستطع ملاحظة ماذا يفعله.


تناول الصندوق الصغير من جيبه بعصبية مبالغ بها ومزق الغلاف وما زال ينظر لها وهي لا تدري لماذا أصبحت خائفة هكذا وتمنت أن ينظر في اتجاه مخالف حتى نظر لهديتها فحاولت استجماع قوتها ثم تحدثت


"أأنا عارفة إن أكيد عندك ولاعات كتيرة بس أنا كان نفسي اجيبلك حاجة تفضل معاك على طول، ففكرت أنك دايماً مبتستغناش عن ولاعة معاك، و.. ممم... أنا بحب الدهب الأبيض وعملتها مخصوص ليك" أخبرته وأطلقت زفرة بتوتر وقلق بينما ينظر هو للقداحة المحفور عليها اسمه من الوجهان قد أعجبته كثيراً ولكنها لا تدري ما الدافع وراء غضبه هذا من الهدية وظنت أنها لا تعجبه فنظر لها مرة أخرى ثم وضعها بسترته ووجه له ظهرها وكاد أن يذهب ولكنها صاحت عن بُعد


"أيه معجبتكش؟!" سألته بحزن بينما هو توقف بمكانه لدقيقتان ولم يلتفت إليها محاولاً السيطرة على نفسه


"ليه كل العصبية دي؟ ليه بتعاملني كده؟ عملتلك ايه عشان المعاملة دي منك؟ أنا بحاول على قد ما أقدر إني معصبكش ولا أضايقك، بحاول أشوفك مبسوط، ليه يا آدم مصمم على طريقتك دي معايا؟!" صاحت به بعصبية هي الأخرى بنبرة امتلئت بالنحيب وبدأت في البكاء بعد أن أحست أنها لن تستطيع أن تتحمل أكثر من مزاجيته التي لم تستطع تفسيرها، مما جعله يغضب هو أكثر ولكنه يكره أن يراها هكذا فالتفت إليها ليواجهها وحاول السيطرة على غضبه قدر المستطاع


"المشكلة فيا أنا، دي مشكلتي أنا مالكيش دعوة بيها" أخبرها بضيق ولم تتوقف عن البكاء


"وايه هي المشكلة دي؟" صاحت بحرقة سائلة بين نحيبها


"عايزة تعرفي فعلاً؟" سألها بجدية


"ايوة عايزة أعرف"


"اللي بيجبلي أي حاجة بيسبني ويمشي، بتفضل معايا الحاجة ومش بلاقي اللي جابهالي، ودايماً بتفكرني باللي بيسبني ويمشي، مبقتش بحب اخد حاجة من حد عشان كده.." صاح بعد برهة بعصبية ثم توتر فجأة وأقترب منها


"دايماً حظي كده، دايماً ده بيحصل معايا.. وأنا مش عايزك تمشيي.. أرجوكي خليكي جنبي، خليكي معايا" انخفض صوته فجأة وقد لاحظت الضعف يبدو عليه وهو عاقداً لحاجبيه وينظر بعيداً عنها كأنه لا يُريدها أن تراه متوتروضعيف هكذا


"أنا معاك يا آدم.. أن معاك دلوقتي.. دي أهم حاجة، حاول متفكرش غير في كده!" توقفت عن ُبكائها ثم لامست ذقنه برقة حتى تتقابل نظراتهما، تُريد أن تجعله يشعر بالأمان والطمأنينة ولكن أنَى لها هذا وهي ستغادره بالفعل.


وبالرغم عنه نظر إليها ولم تشعر بعدها بأي شيء، قد توقف الوقت من حولهما، لم تسمع ولا ترى شيئاً غير الصدق بعيناه ونست كل شيء، نست علاقاته، وقاحته، غروروه وبروده وغضبه وسيطرته، نست أنها ستتركه الليلة وللأبد... لم ترى إلا رجل خائف ممزق القلب أمامها وبسببها، أدركت أن كل ما تفعله خطأ وبكل ما داخلها من شجاعة أرادت ألا تراه هكذا..


"أنتي كدابة، هتسبيني زيهـ.." صرخ بها ولكنها قاطعته ولأول مرة جذبته نحوها ثم قبلته.. لم تدري لماذا فعلتها وكيف فعلتها، لم يُميز أي منهما إلي متى دامت تلك القُبلة، لم يكترث أحد منهما إذا كان بإستطاعة أحد أن يلمحهما، لم يكترث هو كيف أصبحت تتحكم به وبكل مشاعره، ولم تكترث هي لخوفها ولا لما أعدته منذ ساعات.. بالرغم من أنهما لم يريدا أن يفترقا ولكن كان عليهما أن يلتقطا أنفاسهما..


وجدت نفسها بين ذراعيه ورماديتاه تحدق بها بطريقة جديدة عليها للغاية والمفاجأة تبدو عليه.. أدركت مدى جرأتها وما فعلته لتوها وتعجبت لعدم ندمها على ما فعلت..


كان ما فعلته بمثابة أمل له في الكثير..


اقترب من إجابة السؤال الذي كان يدور بعقله.. أصبح شبه متأكداً أنه يعني لها الكثير.. ما فعلته لتوها لم يتخيل ولو لمرة أن تفعله..


بينما هي فكرت في قرار مغادرتها له وعلمت جيداً ما عليها أن تفعله الآن..


"شيرين!! أنتي بوستيني؟" سألها وفجأة عاد ذلك الرجل الواثق بنفسه والجرأة طغت على تعبيراته وجذب خصرها نحوه أكثر حتى أصبحت قريبة منه للغاية، نظرت له ثم لم تستطع أن تمعن النظر برماديتاه أكثر من ذلك فأومأت له بنعم وهي تغمض عيناها تعتصرهما مثل الطفلة الصغيرة وقد تحول وجهها للون الأحمر بالكامل


"وليه عملتي كده؟" تعجب من رد فعلها بعد أن كانت جريئة منذ قليل عادت لخجلها بلحظة بل ودفنت رأسها بصدره تحتضنه كمن يريد أن يتوارى من هول ما فعله


"بصيلي وجاوبيني" أخبرها ملامساً أسفل ذقنها حتى يجعلها تنظر له وما إن نظر لعسليتاها وتقابلت مع رماديتاه ظلا يتبادلا النظرات ولم يعلم أي منهما ماذا يريد من الآخر فقط أراد كل منهما أن يبقى الآخر بجانبه لآخر حياته.


وبعد صمت دام لدقائق عديدة حاولت شيرين أن تتحدث "آآدم.." بالكاد تكلمت


"أنا أول مرة أحس إن اسمي حلو اوي كده" سألها ولم يغمض رمشاً بل ظل يحدق بعيناها


"آدم.. أنا.. عايزة أقول..مممـ" تلعثمت في الكلام وحاولت أن تختبأ وراء خصلاتها الفحمية السوداء ونظرت للأسفل لتجده يلامس ذقنها ويعيد خصلاتها خلف أذنها


"قولـ.."


"آدم أنا بحبك" قاطعته بسرعة ولا تعلم كيف تفوهت بهذا فوضعت يدها على شفتيها وصعقت مما قالته لتوها ليعجز هو عن النطق تماماً، حاول كثيراً وكثيراً ولكنع لم يستطع أن يتكلم.


ظلا يتبادلان النظرات حتى استعاد القليل من السيطرة على نفسه "شيرين تقبلي.." حمحم ثم حاول أن يكمل " تقبلي تتجـ.."


"باي" قاطعته مسرعة وطبعت قُبلة على خده ثم غادرت بسرعة إلي السيارة، بينما سمعت قهقهاته من خلفها بينما تعجبت لماذا يضحك هكذا وهي لا تدري من أين تبدل كل خوفها بداخلها لنوع جديد من السعادة لم تختبره في حياتها من قبل سوى معه هو دون غيره..

الفصل التالي اضغط هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-